← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18
آية 1: "فَصَعِدَ أَبْرَامُ مِنْ مِصْرَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَكُلُّ مَا كَانَ لَهُ، وَلُوطٌ مَعَهُ إِلَى الْجَنُوبِ."
إلى الجنوب: أي جنوب أرض فلسطين. وصعود إبراهيم من أرض مصر يشير لقيام كل خاطئ من سقطته وعدم استسلامه (مي 8:7). ودائما نعود محملين بالبركات.
الآيات 2-5: "وَكَانَ أَبْرَامُ غَنِيًّا جِدًّا فِي الْمَوَاشِي وَالْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ. وَسَارَ فِي رِحْلاَتِهِ مِنَ الْجَنُوبِ إِلَى بَيْتِ إِيلَ، إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَتْ خَيْمَتُهُ فِيهِ فِي الْبَدَاءَةِ، بَيْنَ بَيْتِ إِيلَ وَعَايَ، إِلَى مَكَانِ الْمَذْبَحِ الَّذِي عَمِلَهُ هُنَاكَ أَوَّلًا. وَدَعَا هُنَاكَ أَبْرَامُ بِاسْمِ الرَّبِّ. وَلُوطٌ السَّائِرُ مَعَ أَبْرَامَ، كَانَ لَهُ أَيْضًا غَنَمٌ وَبَقَرٌ وَخِيَامٌ."
إلى بيت إيل: الله أعاده إلى المكان الذي كان فيه في البداية والله لا يستريح إلا بهذا.
وعودته لبيت إيل :-
1. تعيد له الذكريات الأولى الحلوة مع الله وهذا مفيد جدًا.
2. ربما عودته لبيت إيل كانت لتقديم الشكر لله على عودته هو وسارة سالمين.
3. هو عاد إلى مذبحه القديم.
غنيًا جدًا: هو خرج من التجربة منتفعًا وغنيًا جدًا وهكذا أولاد الله لا يتوقفوا في نموهم المستمر والدخول إلى الغنى الروحي حتى لو تعرضوا لضعفات أو سقطات. وكون إبراهيم كان غنيًا جدًا هذا يعطي رجاء للأغنياء. فالأغنياء لا تكون السماء مغلقة أمامهم إذا لم يتكلوا على أموالهم وإذا لم تكن أموالهم قد سببت لهم كبرياء. أو أن حب أموالهم دخل إلى قلوبهم وأربك فكرهم. الفارق بين إبرام ولوط هنا أن أبرام كان له ذهبًا وفضة= والذهب يشير للسماويات أو الحياة السماوية والفضة تشير إلى كلمة الله. فكأن إبرام كان يحيا حياة سماوية متمتعًا بكلمة الله أو الوصية كسر غنى داخلي. فغناه الحقيقي كان داخله وليس خارجه. أما لوط فيمثل الإنسان المتدين الذي له معرفة نظرية بالله ويصاحب من هم في الكنيسة ولكن قلبه مع العالم(غنم وبقر وخيام). وما يكشف كلاهما (قلب إبراهيم وقلب لوط) هو التجارب (النار هي التي تمتحن القش أو الذهب). وهذا ما سنراه بعد ذلك.
الآيات 6-13: "وَلَمْ تَحْتَمِلْهُمَا الأَرْضُ أَنْ يَسْكُنَا مَعًا، إِذْ كَانَتْ أَمْلاَكُهُمَا كَثِيرَةً، فَلَمْ يَقْدِرَا أَنْ يَسْكُنَا مَعًا. فَحَدَثَتْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنَ رُعَاةِ مَوَاشِي أَبْرَامَ وَرُعَاةِ مَوَاشِي لُوطٍ. وَكَانَ الْكَنْعَانِيُّونَ وَالْفَرِزِّيُّونَ حِينَئِذٍ سَاكِنِينَ فِي الأَرْضِ. فَقَالَ أَبْرَامُ لِلُوطٍ: «لاَ تَكُنْ مُخَاصَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَبَيْنَ رُعَاتِي وَرُعَاتِكَ، لأَنَّنَا نَحْنُ أَخَوَانِ. أَلَيْسَتْ كُلُّ الأَرْضِ أَمَامَكَ؟ اعْتَزِلْ عَنِّي. إِنْ ذَهَبْتَ شِمَالًا فَأَنَا يَمِينًا، وَإِنْ يَمِينًا فَأَنَا شِمَالًا». فَرَفَعَ لُوطٌ عَيْنَيْهِ وَرَأَى كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ أَنَّ جَمِيعَهَا سَقْيٌ، قَبْلَمَا أَخْرَبَ الرَّبُّ سَدُومَ وَعَمُورَةَ، كَجَنَّةِ الرَّبِّ، كَأَرْضِ مِصْرَ. حِينَمَا تَجِيءُ إِلَى صُوغَرَ. فَاخْتَارَ لُوطٌ لِنَفْسِهِ كُلَّ دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ، وَارْتَحَلَ لُوطٌ شَرْقًا. فَاعْتَزَلَ الْوَاحِدُ عَنِ الآخَرِ. أَبْرَامُ سَكَنَ فِي أَرْضِ كَنْعَانَ، وَلُوطٌ سَكَنَ فِي مُدُنِ الدَّائِرَةِ، وَنَقَلَ خِيَامَهُ إِلَى سَدُومَ. وَكَانَ أَهْلُ سَدُومَ أَشْرَارًا وَخُطَاةً لَدَى الرَّبِّ جِدًّا."
كانت التجربة التي كشفت قلبيهما هي المشاجرة بين الرعاة فماذا اختار الاثنين:-
لوط اختار ما يرفع ذاته ويلذذه ولم يهتم بأن يكون جيرانه من الأشرار: فكان أهل سدوم أشرارًا وخطاة لدى الرب جدًا. أما إبراهيم الذي تجرد من كل شيء فقد ترك لوط يختار لنفسه معتمدًا على الله الذي يختار له، فكان نصيبه سلام قلبي داخلي بل هو امتلك في نسله كل الأرض (مت 40:5). لوط سار مع إبراهيم في رحلة الخروج من أور لكن بقلب مغلق حمل في داخله محبة العالم لكن في خارجه كان يبدو رفيقًا لرجل الإيمان. ودعوة إبرام للوط أن يعتزلا كانت من أجل السلام بينهما فيبدو أن لوط لم ينهر رجاله بل ناصرهم وأيدهم وعند الاختيار كان المفروض أن لوط يترك لإبرام الأكبر والأقوى إيمانًا أن يختار لكن إذ بأدب وتواضع وإنكار ذات طلب منه إبرام أن يختار. لم يرد أن يخسر الفرصة فاختار أحسن الأرض. فهذه التجربة كشفت عن قلب إبرام المتغرب عن العالم وقلب لوط المادي. ولقد احترقت كل سدوم وعمورة وذهبت امرأة لوط وفسدت إبنتيه. هذا هو مصير محبة العالم ولكن لا يمكن لنا أن ننكر أنه كانت هناك جوانب طيبة في لوط (2بط 6:2-8) ولقد أثبتت الآثار فعلًا خصوبة أرض سدوم أيام إبراهيم وعجيب أن يكون سكانها بهذا الشر فحين يتنعم الإنسان جدًا ينجذب للشر جدًا، لذلك تكثر كنيستنا من أصوامها.
وكان الكنعانيون والفرزيون حينئذ ساكنين في الأرض = بنفس المفهوم السابق. والسؤال هل كان يليق هذا الخلاف بين الأخوة أمام هؤلاء. والسؤال موجه لكل منا. هل يصح أن نتخاصم مع أخوتنا ويشمت فينا الشياطين. لأننا نحن أخوان: إبرام عينه كانت على الله أما لوط فانغلق على أنانيته. حينما تجيء إلى صوغر: جاءت في بعض الترجمات صوعن وهي في مصر على ضفاف النيل فإن كانت هكذا يكون المعنى أن الأرض جيدة كأرض مصر. وإذا كانت صوغر فهي بلدة تبعد عن سدوم عدة كيلومترات ذهب لوط لها قبل الحريق ويكون المعنى أنه امتلك في الأرض ما بين سدوم وصوغر.
الآيات 14-17: "وَقَالَ الرَّبُّ لأَبْرَامَ، بَعْدَ اعْتِزَالِ لُوطٍ عَنْهُ: «ارْفَعْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ شِمَالًا وَجَنُوبًا وَشَرْقًا وَغَرْبًا، لأَنَّ جَمِيعَ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتَ تَرَى لَكَ أُعْطِيهَا وَلِنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ. وَأَجْعَلُ نَسْلَكَ كَتُرَابِ الأَرْضِ، حَتَّى إِذَا اسْتَطَاعَ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّ تُرَابَ الأَرْضِ فَنَسْلُكَ أَيْضًا يُعَدُّ. قُمِ امْشِ فِي الأَرْضِ طُولَهَا وَعَرْضَهَا، لأَنِّي لَكَ أُعْطِيهَا»."
نجد هنا بركة الله لإبرام الذي تنازل عن حقه في الاختيار فأعطاه الله الأرض كلها هو ترك قسم فأخذ الكل. ومن اختار لنفسه وسط الأشرار خسر كل شيء. التجارب تزيد المؤمنين قوة وبركة وتكشف أعمال المرائين وتفضحها. وقد يكون النظر للاتجاهات الأربعة إشارة للصليب الذي به سيملك المسيح الخارج من نسل إبرام على كل الشعوب وقوله قم إمش: يشير لقيامة المسيح، ولشعبه الذي يعمل ولا يتراخ بل يمشي دائمًا في اتجاه السماء.
أجعل نسلك كتراب الأرض: قال له الله هذا في النهار أما وهو يكلمه في المساء فيقول كنجوم السماء (تك 5:15). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). عموما فإبراهيم أب للمؤمنين كلهم يهودًا وأمم. واليهود يشار لهم بنجوم السماء (هم كانوا قبل أن يأتي المسيح شمس البر)، وأب للمؤمنين بالمسيح من الأمم ، ويشار لهم هنا برمل البحار، الذي يمكن رؤيته في نور الشمس.
آية 18: "فَنَقَلَ أَبْرَامُ خِيَامَهُ وَأَتَى وَأَقَامَ عِنْدَ بَلُّوطَاتِ مَمْرَا الَّتِي فِي حَبْرُونَ، وَبَنَى هُنَاكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ."
بلوطات ممرا: ممرا كان رجلًا أموريًّا كان إبرام ضيفًا عنده ثم اتحد معه بعد ذلك.
بنى مذبحًا للرب: كأنه يقول للرب أنت نصيبي وإن تركني أقربائي "معك لا أريد شيئًا على الأرض" فهو في الله يمتلك كل شيء. وعند بلوطات ممرا تقابل مع الله واستضافه مع الملاكين. وعاش في شركة مع الله. حياته كانت رحيل مستمر نحو شركة أعمق مع الله. وأما لوط فكان رحيله إلى سدوم حيث الهلاك وخسارة كل شيء.
← تفاسير أصحاحات التكوين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير التكوين 14 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير التكوين 12 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/82htds9