← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23
هذا الإصحاح يشير لطهارة يوسف رمز المسيح الذي كان بلا خطية ولم تستطع امرأة سيده أن تدنسه بالرغم من ظروفه الصعبة في مقابل يهوذا الذي دنس نفسه مع الكنعانية ثم في زنا.
آية 1: "وَأَمَّا يُوسُفُ فَأُنْزِلَ إِلَى مِصْرَ، وَاشْتَرَاهُ فُوطِيفَارُ خَصِيُّ فِرْعَوْنَ رَئِيسُ الشُّرَطِ، رَجُلٌ مِصْرِيٌّ، مِنْ يَدِ الإِسْمَاعِيلِيِّينَ الَّذِينَ أَنْزَلُوهُ إِلَى هُنَاكَ."
آية 2: "وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يُوسُفَ فَكَانَ رَجُلًا نَاجِحًا، وَكَانَ فِي بَيْتِ سَيِّدِهِ الْمِصْرِيِّ."
ظهرت بركة الرب مع يوسف في ألمه وهو كعبد محروم من حنان أبيه فصار بركة.
لاحظ أن الله كان يُعِّدْ يوسف لعمل عظيم من خلال آلام شديدة (كما يُقال(1) "علشان عظمه يِنْشَف"). ولكن الله يعطي مع التجربة المنفذ (1كو10: 13). وهنا وسط التجربة يحيط الله يوسف بمحبة من حوله ليتعزَّى.
آية 3: "وَرَأَى سَيِّدُهُ أَنَّ الرَّبَّ مَعَهُ، وَأَنَّ كُلَّ مَا يَصْنَعُ كَانَ الرَّبُّ يُنْجِحُهُ بِيَدِهِ."
آية 4: "فَوَجَدَ يُوسُفُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْهِ، وَخَدَمَهُ، فَوَكَّلَهُ عَلَى بَيْتِهِ وَدَفَعَ إِلَى يَدِهِ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ."
فوكله= في اليونانية جعله أسقفًا أي ناظرًا. ولاحظ أمانته فلم يتكاسل ويقول أنا ابن يعقوب المحبوب، أو أنا ابن إبراهيم. والمسيح صار عبدًا ليخدم ويعمل.
آية 5: "وَكَانَ مِنْ حِينِ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْتِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ، أَنَّ الرَّبَّ بَارَكَ بَيْتَ الْمِصْرِيِّ بِسَبَبِ يُوسُفَ. وَكَانَتْ بَرَكَةُ الرَّبِّ عَلَى كُلِّ مَا كَانَ لَهُ فِي الْبَيْتِ وَفِي الْحَقْلِ،"
آية 6: "فَتَرَكَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ فِي يَدِ يُوسُفَ. وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ يَعْرِفُ شَيْئًا إِلاَّ الْخُبْزَ الَّذِي يَأْكُلُ. وَكَانَ يُوسُفُ حَسَنَ الصُّورَةِ وَحَسَنَ الْمَنْظَرِ."
إلا الخبز = أي ترك البيت كله ليوسف ولم يهتم إلا بما يأكله فقط. حسن الصورة والمنظر لقد كشفت الضيقة عن جماله وسلام قلبه الداخلي، كل هذا (البركة والجمال) لم يظهرا في بيت أبيه. وهذا ما حدث مع يعقوب أبيه فهو لم يتمتع برؤيا السلم إلا وهو محروم من أبويه. وقد ظهر جمال محبة المسيح في تجسده وإحتماله الآلام لأجلنا.
الآيات 7-15: "وَحَدَثَ بَعْدَ هذِهِ الأُمُورِ أَنَّ امْرَأَةَ سَيِّدِهِ رَفَعَتْ عَيْنَيْهَا إِلَى يُوسُفَ وَقَالَتِ: «اضْطَجعْ مَعِي». فَأَبَى وَقَالَ لامْرَأَةِ سَيِّدِهِ: «هُوَذَا سَيِّدِي لاَ يَعْرِفُ مَعِي مَا فِي الْبَيْتِ، وَكُلُّ مَا لَهُ قَدْ دَفَعَهُ إِلَى يَدِي. لَيْسَ هُوَ فِي هذَا الْبَيْتِ أَعْظَمَ مِنِّي. وَلَمْ يُمْسِكْ عَنِّي شَيْئًا غَيْرَكِ، لأَنَّكِ امْرَأَتُهُ. فَكَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟». وَكَانَ إِذْ كَلَّمَتْ يُوسُفَ يَوْمًا فَيَوْمًا أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ لَهَا أَنْ يَضْطَجعَ بِجَانِبِهَا لِيَكُونَ مَعَهَا. ثُمَّ حَدَثَ نَحْوَ هذَا الْوَقْتِ أَنَّهُ دَخَلَ الْبَيْتَ لِيَعْمَلَ عَمَلَهُ، وَلَمْ يَكُنْ إِنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ هُنَاكَ فِي الْبَيْتِ. فَأَمْسَكَتْهُ بِثَوْبِهِ قَائِلَةً: «اضْطَجعْ مَعِي!». فَتَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ. وَكَانَ لَمَّا رَأَتْ أَنَّهُ تَرَكَ ثَوْبَهُ فِي يَدِهَا وَهَرَبَ إِلَى خَارِجٍ، أَنَّهَا نَادَتْ أَهْلَ بَيْتِهَا، وَكَلَّمَتهُمْ قَائِلةً: «انْظُرُوا! قَدْ جَاءَ إِلَيْنَا بِرَجُل عِبْرَانِيٍّ لِيُدَاعِبَنَا! دَخَلَ إِلَيَّ لِيَضْطَجعَ مَعِي، فَصَرَخْتُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ. وَكَانَ لَمَّا سَمِعَ أَنِّي رَفَعْتُ صَوْتِي وَصَرَخْتُ، أَنَّهُ تَرَكَ ثَوْبَهُ بِجَانِبِي وَهَرَبَ وَخَرَجَ إِلَى خَارِجٍ»."
لَيْسَ هُوَ فِي هذَا الْبَيْتِ أَعْظَمَ مِنِّي = يستحسن ترجمتها "لا يوجد في هذا البيت من هو أعظم مني".
عدو الخير لم يكتف بأن يهيج إخوته ضده، بل أثار زوجة فوطيفار ضده فهجمات عدو الخير متنوعة (كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى). ولكن الله من بعيد ينظر ويحول كل الأمور للخير لمن يحبون الله ويوسف أحب الله ولم يسقط فتحولت كل الأمور للخير. وكان يوسف له أعذار قوية ليسقط في الخطية.
1. هو شاب في سن صغيرة وغير متزوج وفاقد لحنان أبويه.
2. هو مظلوم في عبوديته شاعرًا بخيانة من حوله حتى إخوته (أي ظروف نفسية سيئة).
3. زوجة سيده هي التي تطلبه وهي قادرة أن تلحق به الأذى وقد حدث.
4. إلحاحها المستمر فهي لم تطلب الخطية مرة واحدة بل مرات: كلمت يوسف يومًا فيومًا.
5. كانا وحدهما في المنزل.
6. ترك الثوب فيه خطورة عليه ويعرض حياته للخطر.
7. كانت شريعة موسى " لا تزن" لم تأتي بعد. بل كانت وصايا توارثها الناس أبًا عن جد، وهو ما يُسَمَّى بالتقليد. ويوسف إحترم هذا التقليد. بل كانت وصايا الله مكتوبة في قلبه، فالله طبع وصاياه على قلوب البشر فيما يُسَمَّى الضمير أو الناموس الطبيعي. وهناك من أطاع هذا الناموس الطبيعي وخاف الله وهناك من تبع شهوته وتمرد على هذا الناموس الطبيعي وتقسَّى قلبه. أما يوسف فقد أحب الله وكان شاعرًا أنه يقف أمام الله اليوم كله، والله يراه ويرى كل تصرفاته.
8. وكان حب زوجة فوطيفار له لا يسمى حبًا بل هو شهوة وهذا النوع من السهل أن ينقلب إلى عداوة، وقد حدث ووضعته في السجن. ونرى كيف يتحول هذا النوع من الحب الشهواني إلى بغضة في قصة خطية أولاد داود، أمنون وثامار، فقد قيل أن أمنون أحبها فزنى معها ثم أبغضها بغضة شديدة جدًا "ثُمَّ أَبْغَضَهَا أَمْنُونُ بُغْضَةً شَدِيدَةً جِدًّا، حَتَّى إِنَّ ٱلْبِغْضَةَ ٱلَّتِي أَبْغَضَهَا إِيَّاهَا كَانَتْ أَشَدَّ مِنَ ٱلْمَحَبَّةِ ٱلَّتِي أَحَبَّهَا إِيَّاهَا" (2صم13: 1-15).
سؤال: هل كان في داخل يوسف شهوة تجاه تلك المرأة؟ قطعًا كان هناك شهوة تجاهها فهو شاب صغير وهي تغريه كل يوم. ولكن هو نَفَّذ قول بولس الرسول "فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ أَيُّهَا ٱلْإِخْوَةُ بِرَأْفَةِ ٱللهِ أَنْ تُقَدِّمُوا أَجْسَادَكُمْ ذَبِيحَةً حَيَّةً مُقَدَّسَةً مَرْضِيَّةً عِنْدَ ٱللهِ" (رو12: 1). وقوله أيضًا أن ثمار الروح القدس "محبة فرح سلام ..." (غل5: 22-23). لكن من الذين لهم هذه الثمار؟ يُكمِل بولس الرسول ويقول "وَلَكِنَّ ٱلَّذِينَ هُمْ لِلْمَسِيحِ قَدْ صَلَبُوا ٱلْجَسَدَ مَعَ ٱلْأَهْوَاءِ وَٱلشَّهَوَاتِ" (غل5: 24). وهذا ما نفذه يوسف الشاب أنه صلب شهواته وأهواءه وقدَّمَ نفسه ذبيحة حية أمام الرب. حقا صار يوسف مثالًا للطهارة. لقد خاطر بكل شيء ثمنًا لطهارته وعلاقته بالله. لقد ترك شهواته تحترق كما فعل طوبيا وسارة زوجته. وتصاعد دخان حريق شهواته ولكنه كان أمام الله معطرًا بعطور الطهارة واحترام وصية الله. وراجع تفسير الآية "مَنْ هَذِهِ ٱلطَّالِعَةُ مِنَ ٱلْبَرِّيَّةِ كَأَعْمِدَةٍ مِنْ دُخَانٍ، مُعَطَّرَةً بِٱلْمُرِّ وَٱللُّبَانِ وَبِكُلِّ أَذِرَّةِ ٱلتَّاجِرِ" (نش3: 6).
9. أما يوسف فقد أحبها حبًا حقيقيًا فهو الذي أحب إخوته بالرغم مما فعلوه. ودليل هذا:-
أ. إنه لم يفضحها.
ب. ولم ينتقم منها بعد أن صار في مجده.
ج. لم يجرح مشاعرها بكلمة، بل كان يذكرها بمركزها ومركز زوجها ويسدي لها النصح وفي تواضع يذكرها بأنها سيدته.
لَيْسَ هُوَ فِي هذَا الْبَيْتِ أَعْظَمَ مِنِّي = يُستحسن ترجمتها "لا يوجد في هذا البيت من هو أعظم مني".
الآيات 16-19: "فَوَضَعَتْ ثَوْبَهُ بِجَانِبِهَا حَتَّى جَاءَ سَيِّدُهُ إِلَى بَيْتِهِ. فَكَلَّمَتْهُ بِمِثْلِ هذَا الْكَلاَمِ قَائِلَةً: «دَخَلَ إِلَيَّ الْعَبْدُ الْعِبْرَانِيُّ الَّذِي جِئْتَ بِهِ إِلَيْنَا لِيُدَاعِبَنِي. وَكَانَ لَمَّا رَفَعْتُ صَوْتِي وَصَرَخْتُ، أَنَّهُ تَرَكَ ثَوْبَهُ بِجَانِبِي وَهَرَبَ إِلَى خَارِجٍ». فَكَانَ لَمَّا سَمِعَ سَيِّدُهُ كَلاَمَ امْرَأَتِهِ الَّذِي كَلَّمَتْهُ بِهِ قَائِلَةً: «بِحَسَبِ هذَا الْكَلاَمِ صَنَعَ بِي عَبْدُكَ»، أَنَّ غَضَبَهُ حَمِيَ."
آية 20: "فَأَخَذَ يُوسُفَ سَيِّدُهُ وَوَضَعَهُ فِي بَيْتِ السِّجْنِ، الْمَكَانِ الَّذِي كَانَ أَسْرَى الْمَلِكِ مَحْبُوسِينَ فِيهِ. وَكَانَ هُنَاكَ فِي بَيْتِ السِّجْنِ."
من (مزمور 18:105) نعرف أن يوسف عذب أولًا في السجن، ويبدو أنهم عرفوا براءته فيما بعد لكنهم لم يطلقوه:
1. منعًا للفضيحة.
2. ربما خاف فوطيفار أن تخونه زوجته معه ثانية.
لكن صار له مكانة مميزة في السجن. ولاحظ أن هذا السجن كان يوضع فيه أسرى الملك وهذه تدبيرات الله:
1. فهو يباع لفوطيفار.
2. يسجن في سجن الملك ليتقابل مع الساقي. لأن الله كان واضعًا في خطته أن يتمجد يوسف وينقذ العالم من المجاعة.
والله كان مع يوسف في بيت فوطيفار وفي السجن. كما كان مع الفتية الثلاث في أتون النار وإذ كان الله معنا فحتى النار تتحول إلى سماء والسجن يتحول إلى سماء وبيت العبودية يتحول إلى سماء. ونلاحظ أن الفريسي حرم من اللقاء مع الله وهو داخل الهيكل فالله ينظر للقلب. ويوسف كان متضعًا والله يسكن عند المتضعين (أش 15:57) فتتحول قلوبهم أينما كانوا إلى سماء. ويتحول السجن إلى طريق للمجد. وما كنا نظنه شرًا إذا هو بعينه الذي يكون لنا الخير.
الأيات (21- 23):- "وَلكِنَّ الرَّبَّ كَانَ مَعَ يُوسُفَ، وَبَسَطَ إِلَيْهِ لُطْفًا، وَجَعَلَ نِعْمَةً لَهُ فِي عَيْنَيْ رَئِيسِ بَيْتِ السِّجْنِ. فَدَفَعَ رَئِيسُ بَيْتِ السِّجْنِ إِلَى يَدِ يُوسُفَ جَمِيعَ الأَسْرَى الَّذِينَ فِي بَيْتِ السِّجْنِ. وَكُلُّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ هُنَاكَ كَانَ هُوَ الْعَامِلَ. وَلَمْ يَكُنْ رَئِيسُ بَيْتِ السِّجْنِ يَنْظُرُ شَيْئًا الْبَتَّةَ مِمَّا فِي يَدِهِ، لأَنَّ الرَّبَّ كَانَ مَعَهُ، وَمَهْمَا صَنَعَ كَانَ الرَّبُّ يُنْجِحُهُ."
وَكُلُّ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ هُنَاكَ كَانَ هُوَ الْعَامِلَ = في ترجمة أخرى أنه "كان هو المسئول عن أي أعمال تُعمل" أو "هو المدبر لكل عمل يعمل". فكان تدبيره سببًا في نجاح كل عملٍ يعمل = وَمَهْمَا صَنَعَ كَانَ الرَّبُّ يُنْجِحُهُ.".
← تفاسير أصحاحات التكوين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير التكوين 40 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير التكوين 38 |
_____
(1) توضيح من الموقع: في العاميَّة العربية المصرية.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/tqa8jhv