St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   06-Resalet-Romya
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

الرسالة إلى أهل رومية 3 - تفسير رسالة رومية

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية:
تفسير رسالة رومية: مقدمة رسالة رومية | مقدمة عن فكرة الخلاص في المسيحية | مقدمة عن الإيمان: أهمية الإيمان للخلاص | ملخص لمقدمة رسالة رومية مع إيضاحات أكثر لفكرة الخلاص | الرسالة إلى أهل رومية 1 | الرسالة إلى أهل رومية 2 | الرسالة إلى أهل رومية 3 | الرسالة إلى أهل رومية 4 | الرسالة إلى أهل رومية 5 | الرسالة إلى أهل رومية 6 | الرسالة إلى أهل رومية 7 | الرسالة إلى أهل رومية 8 | الرسالة إلى أهل رومية 9 | الرسالة إلى أهل رومية 10 | الرسالة إلى أهل رومية 11 | الرسالة إلى أهل رومية 12 | الرسالة إلى أهل رومية 13 | الرسالة إلى أهل رومية 14 | الرسالة إلى أهل رومية 15 | الرسالة إلى أهل رومية 16

نص رسالة رومية: الرسالة إلى أهل رومية 1 | الرسالة إلى أهل رومية 2 | الرسالة إلى أهل رومية 3 | الرسالة إلى أهل رومية 4 | الرسالة إلى أهل رومية 5 | الرسالة إلى أهل رومية 6 | الرسالة إلى أهل رومية 7 | الرسالة إلى أهل رومية 8 | الرسالة إلى أهل رومية 9 | الرسالة إلى أهل رومية 10 | الرسالة إلى أهل رومية 11 | الرسالة إلى أهل رومية 12 | الرسالة إلى أهل رومية 13 | الرسالة إلى أهل رومية 14 | الرسالة إلى أهل رومية 15 | الرسالة إلى أهل رومية 16 | الرسالة إلى أهل رومية كامل

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

لم يقل بولس في الإصحاح الثاني أن الناموس بلا نفع أو أن الختان بلا نفع، بل إن من يختتن ولا يعمل بالناموس فقد صار كالأغرل. إذًا هو لا يقلل من شأن الناموس، بل يفضح اليهود الذين لم يعملوا به. ولكن بولس الرسول حين قال أن الله سيعامل اليهودي كما الأممي، وأن الكل واحدًا أمام الله، تصوَّر أن اليهود في ثورتهم سيتساءلون. ألم يكرم الله اليهود ويعطيهم الختان كعلامة عضوية (تث29:33 + خر5:19 + أش8:41). والناموس أسماه الكتاب أقوال حية (أع38:7). والكتاب بلغتهم والأنبياء منهم. إذًا إن كان الله سيعامل اليهودي كالأممي فلماذا الناموس؟! وما فائدة الختان؟! وهذا هو ما بدأ الرسول به الإصحاح. السؤال الذي تصوَّر أن اليهود سيسألونه.

 

آية (1): "إِذًا مَا هُوَ فَضْلُ الْيَهُودِيِّ، أَوْ مَا هُوَ نَفْعُ الْخِتَانِ؟"

إذا كان الأممي قادرًا على أن يرضي الله إن عمل أعمالًا صالحة وذلك بواسطة الناموس الطبيعي المُعطَى له. وما دام الكل قد سقط في الدينونة سواء أمم (بمخالفتهم الناموس الطبيعي) أو يهود (بمخالفتهم لناموس موسى). فما فائدة الختان أو ماذا يميز اليهود؟

 

آية (2): "كَثِيرٌ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ! أَمَّا أَوَّلًا فَلأَنَّهُمُ اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ."

أول مزايا اليهود أن الله إستأمنهم على أقواله. إذًا هم كانوا أفضل من الأمم أمام الله، فالله لم يكن ليستأمن أحد على أقواله إن لم يكن جديرًا بذلك. وكان اليهود هم أول من يستأمنهم الله على كلامه.

وهنا الرسول يذكر ميزة واحدة لليهود وأكمل باقي مميزاتهم في (رو4:9) اسْتُؤْمِنُوا عَلَى أَقْوَالِ اللهِ = قيل أنهم صاروا أمناء مكتبة المسيحية. كانت التوراة فيها نبوات كاملة عن المسيح. كان الكتاب في أيديهم بنبواته عن المسيح شاهدًا أن خطة الله لخلاص العالم كانت خطة أزلية فالله غير متغير (أي أن الله خلق الإنسان حرا، وبسابق معرفته كان يعلم أنه سيسقط، ولمحبته كان مستعدا أن يدفع ثمن خلاصه على الصليب). وهم كانوا بلا شك أمناء على كتابهم وسلموه لنا دون تحريف. والله اختار إبراهيم المؤمن وحده وسط عالم وثني إنحرف عن الحق، كان إبراهيم أحسن الموجودين في العالم، وأعطاه الختان الذي كان علامة عهد الله معهم، فهم فعلًا كانوا مميزين عن باقي الشعوب المحيطة. والله اختارهم كشعب خاص له يخرج منهم المسيح والعذراء والرسل والأنبياء وكل أبرار العهد القديم، كل هؤلاء الأبرار خرجوا في ظل الناموس. ولنلاحظ أن الله أعطى الضمير لكل الناس شاهدًا للحق داخل قلوب البشر ولما فسد الضمير أعطى الله الناموس عونًا للبشر، لكنه أعطاه لمن يقدِّره، أي لأحسن الناس وكان هؤلاء هم اليهود. وكان هذا حتى يأتي المسيح وبنعمته يُقْبَلْ كل البشر، إذ بالنعمة سيتغير الجميع عن طبيعتهم القديمة الفاسدة ويصيروا خليقة جديدة (2كو17:5). أي أن الخلاص لهم ومنهم ولكنه ليس حكرًا لهم. ولكن فضل اليهود كان قبل مجيء المسيح، أما بعد المسيح فالكل واحد (غل28:3).

 

آية (3): "فَمَاذَا إِنْ كَانَ قَوْمٌ لَمْ يَكُونُوا أُمَنَاءَ؟ أَفَلَعَلَّ عَدَمَ أَمَانَتِهِمْ يُبْطِلُ أَمَانَةَ اللهِ؟"

الله فاض على اليهود من خيراته، ولكنه لما جاء يطلب الثمر لم يجد سوى العقوق وعدم الأمانة. ولكن عدم أمانتهم في المحافظة على عهود الله ووعوده لا تبطل أمانة الله في خطته لخلاص البشرية، عدم التزام اليهود بالناموس لن يعطل خطة الله في أن المسيح سيأتي من نسل اليهود. ذلك لأنه إذا وجد بعض من هؤلاء اليهود قد أظهروا عدم أمانة، فإن عدم أمانتهم لا تعطل أمانة الله ولا تبطل حب الله للحق، ولا تعطل صدق الله في وعوده. بولس هنا لا يسئ للناموس، بل لليهود مخالفي الناموس، بولس لم يقل أن الناموس بلا نفع، بل هو له نفع لو اقترن بعمل الصلاح. فماذا إن كان قوم= الرسول لم يقل الكل، بل إن كان قوم. فهو لا يعمم الخطية أمّا نحن فيوجد عندنا عيب أن ننسب الخطأ والعيب للكل.

 

آية (4): "حَاشَا! بَلْ لِيَكُنِ اللهُ صَادِقًا وَكُلُّ إِنْسَانٍ كَاذِبًا. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي كَلاَمِكَ، وَتَغْلِبَ مَتَى حُوكِمْتَ»."

حتى لو وُجِدَ العالم كله خاطئ لكن الله سيظل صادقًا. والرسول لم يلجأ لتاريخ اليهود في كتابهم لإظهار خطاياهم وعدم أمانتهم في مقابل بر الله، بل لجأ لكلام داود النبي في المزمور لكي تتبرر في كلامك وتغلب متى حوكمت فبالرغم من خطيتي وخطايا البشر وخطايا اليهود، فالله لم يعبأ بها بل أرسل ابنه الوحيد لأنه وعد بذلك. هنا يثبت بولس بناء على كلام داود صدق الله وأمانته وأنه صنع كل شيء لتبريرهم ولم يؤمنوا. تغلب متى حوكمت= لو حاول خاطئ أن يبرر نفسه بأن له عذر، فالله سيظهر له أنه عمل كل شيء له حتى يخلص ولكنه هو الذي رفض. والله عمل لليهود كل شيء ولم ينتفعوا بأعماله.

ملحوظة: لا يصح أن نضطرب إذا رأينا أناسًا يتركون الإيمان، فهناك يهوذا الذي خان الرب بعد كل ما رآه. وأيضًا هناك الشهداء الأمناء للمسيح.

 

آية (5): "وَلكِنْ إِنْ كَانَ إِثْمُنَا يُبَيِّنُ بِرَّ اللهِ، فَمَاذَا نَقُولُ؟ أَلَعَلَّ اللهَ الَّذِي يَجْلِبُ الْغَضَبَ ظَالِمٌ؟ أَتَكَلَّمُ بِحَسَبِ الإِنْسَانِ."

بولس هنا يرد على بعض الذين فهموا كلامه واستغلوه بطريقة خاطئة، حينما قال "حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا" (رو20:5) وأيضًا يرد الرسول على من قال من الوثنيين "أنه بسبب خطية اليهود ظهر بر الله وتجسد. إذا فلنزداد في الخطية ليظهر بر الله بالأكثر" فهناك من يستغلون أي شيء لتبرير خطاياهم وللاستمرار فيها. ولقد تعود الإنسان منذ أخطأ آدم أول مرة على نفي الخطية عن نفسه بل وتحميلها لغيره. ومعنى الآية إذا كان إثمنا يظهر بر الله (بطريقة الـCONTRAST) فالله يصير ظالمًا لأنه يغضب على إثمنا وتصرفاتنا الخاطئة. أنا هنا (بولس يقول) أتكلم وأفكر كما يفكر الإنسان العادي الذي يحاول أن يبرر خطيته. فالشر لا يمكن أن يكون علّة للخير، لكن الله بحكمته يخرج من الشر خيرًا.. يخرج من الجافي حلاوة.

 

آية (6): "حَاشَا! فَكَيْفَ يَدِينُ اللهُ الْعَالَمَ إِذْ ذَاكَ؟"

حاشا= هذه مثل اذهب عني يا شيطان، هي طرد للفكر الرديء. فإنه من غير الممكن أن يكون الله ظالمًا. فهو إن كان بره يزداد ويظهر بخطيتي فكيف يدين وكيف يحكم على البشرية ويجازي كل واحد حسب أعماله. إذًا فهذا الفكر مرفوض.

 

آية (7): "فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ صِدْقُ اللهِ قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي لِمَجْدِهِ، فَلِمَاذَا أُدَانُ أَنَا بَعْدُ كَخَاطِئٍ؟"

معنى الآية:- أن الله لن يستطيع أن يدين العالم إن كانت خطيتي = كذبي... تزيد بره.

بكذبي = الرسول يَسَمِّي الخطية كذب فلماذا؟ كل خطية فيها شيء من الكذب (عدو الخير يمزج جزء من الحقيقة مع جزء من الكذب). والخطية هي سلوك يخالف وصية الله، والله أعطى الوصية لا ليتحكم في البشر بل ليحفظهم من الشرير ومن الهم والغم والذل الذي ينتج عن الخطية. ولكن الخطية مخادعة وكاذبة تَعِدْ باللذة، ولا تعطي سوى لذة للحظات يعقبها آلام الهم. وقوله هنا قَدِ ازْدَادَ بِكَذِبِي = أن خطيتي أو كذبي تظهر بالأكثر بر الله وصدقه.

والله هو الحق، والإنسان قد خُلِقَ ليحيا لله أي حسب الحق. فمن لا يعيش لله إنما يعيش لنفسه فقد ترك الحق وصار كاذبًا، لأنه صار يحقق إرادة نفسه، لا إرادة الله. صار يعيش بغير ما خُلِقَ ليعيش به. ولنلاحظ أن أي انحراف عن الحق هو كذب وضلال. ومن يجري وراء شهوته فهو في ضلال. إذًا فالخطية عمومًا هي كذب أي اللا حق.

 

آية (8): "أَمَا كَمَا يُفْتَرَى عَلَيْنَا، وَكَمَا يَزْعُمُ قَوْمٌ أَنَّنَا نَقُولُ: «لِنَفْعَلِ السَّيِّآتِ لِكَيْ تَأْتِيَ الْخَيْرَاتُ»؟ الَّذِينَ دَيْنُونَتُهُمْ عَادِلَةٌ."

أَمَا كَمَا يُفْتَرَى عَلَيْنَا = هناك قوم إفتروا وظلموا بولس ونسبوا له هذه الأقوال. وقد اتُّهِمْ رب المجد نفسه بأنه يتعاون مع بعلزبول. وإلقاء التهم على خدام الرب هي لعبة شيطانية قديمة. فهم إفتروا على بولس الرسول بأنه يدعو المؤمنين أن يفعلوا السيئات والأفعال الرديئة. وهؤلاء من العدل أن يدينهم الله فهم جعلوا من أنفسهم أداة في يد الشيطان.

لِنَفْعَلِ السَّيِّآتِ = هم يبررون أنفسهم فيما يفعلون.

 

الآيات 9-18: هي إدانة للكل يهود ويونانيين حتى يستد كل فم، ويطلب الكل الرحمة. الرسول يظهر هنا أن الكل أخطأ سواء يهودًا أم أمم، وصار البشر كلهم بأشد الاحتياج للمسيح فيتبرر الكل بالإيمان. والتبرير نعمة مجانية لا يسوغ معها الافتخار بأعمال الناموس، وليس لأحد فضل في هذا التبرير. حقًا الخلاص من اليهود (يو13:4) لأن لهم العهود ومنهم جاء المسيح. ومن آمن أو من يؤمن بالمسيح منهم حتى الآن يقبله الله.

 

فساد الطبيعة الإنسانية كلها يهودًا وأمم نتيجة لوراثة الخطية الأصلية

 

خلق الله الإنسان على غير فساد (القداس الباسيلى). وحينما أخطأ أبوينا آدم وحواء دخل ميكروب الخطية إليهما. وحالًا شعر أبوينا أنهما عريانين، لقد حدث تغيير داخلهما، وفقدا بساطتهما الأولى ودخلت الشهوة إليهما، وهذا هو ما يسمى بناموس الخطية. ناموس أي قانون يسرى على كل البشر. وإنتقل ميكروب الخطية هذا لنسل آدم كما قال القديس بولس الرسول "مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَأَنَّمَا بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ دَخَلَتِ ٱلْخَطِيَّةُ إِلَى ٱلْعَالَمِ، وَبِٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْتُ، وَهَكَذَا ٱجْتَازَ ٱلْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ ٱلنَّاسِ، إِذْ أَخْطَأَ ٱلْجَمِيعُ" (رو5: 12). ونقول عن الخطية التي دخلت إلى العالم  إذ أخطأ آدم الخطية الأصلية. ومعنى أن هذه الخطية دخلت إلى العالم أن كل البشر بنى آدم قد ورثوا هذه الخطية.

وعبَّر القداس الباسيلى عن وراثة الخطية إذ نصلى ونقول "وعندما خالفنا وصيتك بغواية الحية، سقطنا ونفينا من فردوس النعيم..". نحن لم نكن في الجنة ولا أكلنا من شجرة معرفة الخير والشر، ولكننا كنا في آدم جزءًا منه حين سقط. وبنفس المفهوم نصلى في القداس الغريغوري قائلين "غرسٌ واحد نهيتنى أن آكل منه.. فأكلت بإرادتى.. أنا إختطفت لي قضية الموتض". فيكون معنى وراثة الخطية أننا كنا في آدم حين أخطأ، فورثنا خطيته (الخطية الأصلية) ونتائجها وعقوبتها كالموت مثلا، وفساد طبيعتنا بل وفساد الطبيعة حولنا. ولذلك نصلى في أوشية الراقدين ونقول "ليس أحدٌ طاهرا من دنس ولو كانت حياته يوما واحدا على الأرض".

 

فساد الجنس البشرى كله

حدث فساد للجنس البشرى كله، وإتضح هذا الفساد فورًا وظهر هذا في قتل قايين لأخيه هابيل. وهذا الفساد إمتد لكل نسل آدم "رَأَى ٱلرَّبُّ أَنَّ شَرَّ ٱلْإِنْسَانِ قَدْ كَثُرَ فِي ٱلْأَرْضِ، وَأَنَّ كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إِنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ" (تك6: 5) + "وَرَأَى ٱللهُ ٱلْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ قَدْ فَسَدَتْ، إِذْ كَانَ كُلُّ بَشَرٍ قَدْ أَفْسَدَ طَرِيقَهُ عَلَى ٱلْأَرْض. فقال الله لِنُوحٍ: «نِهَايَةُ كُلِّ بَشَرٍ قَدْ أَتَتْ أَمَامِي، لِأَنَّ ٱلْأَرْضَ ٱمْتَلَأَتْ ظُلْمًا مِنْهُمْ. فَهَا أَنَا مُهْلِكُهُمْ مَعَ ٱلْأَرْض" (تك6: 12-13) + (إش53: 6). وحكم الله بموت كل الخليقة. وظهر هذا في حكم الله بموت كل الخليقة في الطوفان. وأبقى الله على نوح وعائلته لتستمر الحياة على الأرض وليكونوا كخليقة جديدة.

ولقد شرح الطوفان والفُلْكْ فكرة الخليقة الجديدة بالمعمودية (1بط3: 21). فالمعمودية هي موت مع المسيح، وحياة مع المسيح رأس الخليقة الجديدة. وهذا ما حدث في الطوفان والفلك، إذ ماتت الخليقة القديمة وخرجت الخليقة الجديدة مع نوح الرأس الجديد للخليقة.

والله أبقى على نوح وعائلته ولم يهلكهما لأن الله لايريد هلاك كل الخليقة بل تجديدها كخليقة جديدة. إذ أن الله خلق آدم لأنه يحبه "فالله إن لم يكن يحب شيئا ما كان قد خلقه" (سفر الحكمة11: 22-27).

لقد فسد الجنس البشرى كله إذ كان الكل في آدم حين أخطأ، لكن يذكر الكتاب أحيانًا أن هناك إنسان يوصف بأنه بار أو كامل، لكن هذا بر نسبى أو كمال نسبى ويعنى أنه أفضل بالنسبة لمن حوله. ورأينا هذا مثلا في لوط (2بط2: 7) وفي أيوب (أى1: 8). فقد كان لكل منهما خطاياه، لكن هما كانا أبرارا بالنسبة للوسط الذي يعيشون فيه. وكان قصد الله من ذكر الكتاب المقدس لخطايا الآباء الأبرار مثل إبراهيم وإسحق ويعقوب وداود:-

1. لكى نفهم أنه ليس بار ليس ولا واحد، إذًا لا يوجد إنسان قادر أن يقدم الفداء للبشر.

2. ولذلك كان لا بد أن يأتي الخلاص من السماء وليس من الأرض. ولشرح أن الإنسان عاجز عن أن يتخلص من الخطية الأصلية التي ورثها من آدم يقول الوحى "هَلْ يُغَيِّرُ ٱلْكُوشِيُّ جِلْدَهُ أَوِ ٱلنَّمِرُ رُقَطَهُ؟ فَأَنْتُمْ أَيْضًا تَقْدِرُونَ أَنْ تَصْنَعُوا خَيْرًا أَيُّهَا ٱلْمُتَعَلِّمُونَ ٱلشَّرَّ" (إر13: 23). فالكوشي مولود هكذا أسود اللون وهكذا النمر، وكلاهما غير قادر أن يغير لون جلده. ونحن أيضا هكذا، لا نقدر أن نغير طبيعتنا بأنفسنا بدون تدخل إلهى.

3. وأيضًا حتى لا نيأس نحن، فإن كان هؤلاء يخطئون، إذًا فنحن لنا رجاء. رجاءنا في المسيح، فكما ورثنا الخطية والموت والعقوبة من آدم، هكذا ورثنا بالميلاد الجديد في المعمودية كل ميزات المسيح كالحياة الأبدية والسلطان على الخطية بل والمجد الأبدي.

 

الإنسان يولد وارِثًا الخطية من بطن أمه

يقول داود النبى "هَأَنَذَا بِٱلْإِثْمِ صُوِّرْتُ، وَبِٱلْخَطِيَّةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي" (مز51: 5) +  أَحَقًّا بِٱلْحَقِّ ٱلْأَخْرَسِ تَتَكَلَّمُونَ، بِٱلْمُسْتَقِيمَاتِ تَقْضُونَ يَا بَنِي آدَمَ؟ بَلْ بِٱلْقَلْبِ تَعْمَلُونَ شُرُورًا فِي ٱلْأَرْضِ ... زاغَ ٱلْأَشْرَارُ مِنَ ٱلرَّحِمِ. ضَلُّوا مِنَ ٱلْبَطْنِ، مُتَكَلِّمِينَ كَذِبًا" (مز58: 1-3) + "وَمِنَ ٱلْبَطْنِ سُمِّيتَ عَاصِيًا" (إش48: 8).

ولاحظ قول يوحنا المعمدان "وَفِي ٱلْغَدِ نَظَرَ يُوحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلًا إِلَيْهِ، فَقَالَ: «هُوَذَا حَمَلُ ٱللهِ ٱلَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ ٱلْعَالَمِ" (يو1: 29). هنا يوحنا يقول الخطية بالمفرد، فما هي الخطية الموجودة في العالم كله والتي يشترك فيها كل البشر الذين على الأرض إلا الخطية الأصلية التي ورثها العالم كله، أو الخليقة كلها، من آدم.

 

الخطية الأصلية كانت السبب في خطايا كثيرة

فسد الجنس البشرى بسبب الخطية الأصلية، وهذا تسبب في خطايا كثيرة. صار كل إنسان يخطئ نتيجة الفساد الذي حدث لطبيعته. ونتيجة لكل هذا الفساد وكل هذه الخطية ساد الموت على الجميع. وكان فداء المسيح عن *الخطية الأصلية، *وأيضًا عن الخطايا الشخصية الناشئة عن الخطية الأصلية. يقول الرب "لِأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ ٱللهُ ٱلْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ٱبْنَهُ ٱلْوَحِيدَ، لِكَيْ لَا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ ٱلْحَيَاةُ ٱلْأَبَدِيَّةُ" (يو3: 16). "لِأَنَّ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ" (لو19: 10).

أخطأ آدم خطية واحدة فحدث الفساد ودخل الموت، ونتج عن هذا خطايا كثيرة من كل البشر. وكان فداء المسيح عن *خطية آدم، الخطية الأصلية وأيضًا عن *خطايا كل البشر الكثيرة كما يقول القديس بولس الرسول "وَلَيْسَ كَمَا بِوَاحِدٍ قَدْ أَخْطَأَ هَكَذَا ٱلْعَطِيَّةُ. لِأَنَّ ٱلْحُكْمَ مِنْ وَاحِدٍ لِلدَّيْنُونَةِ، وَأَمَّا ٱلْهِبَةُ فَمِنْ جَرَّى خَطَايَا كَثِيرَةٍ لِلتَّبْرِيرِ" (رو5: 16). ونعود للآية (إر13: 23) "هَلْ يُغَيِّرُ ٱلْكُوشِيُّ جِلْدَهُ أَوِ ٱلنَّمِرُ رُقَطَهُ؟ فالكوشي مولود هكذا، كل لون جلده أسود. وهذا يشير للخطية الأصلية التي ولدنا بها. أما رُقَط النمر فهذه تشير للخطايا الشخصية الناشئة عن فساد الطبيعة بسبب الخطية الأصلية التي ولدنا بها. وكلا الخطيتين الأصلية المولودين بها أو خطايانا التي نخطئ بها نحن بإرادتنا، لا يمكن لنا أن نتخلص من كليهما إلا بتدخل سماوي. وكان هذا بفداء المسيح الذي حمل العقوبة عنا وحمل كلاهما حبًا فينا.

 

كيف شرح العهد القديم فكرة أن المسيح قدم الفداء عن الخطية الأصلية والخطايا الناشئة عنها؟

والمسيح قدَّم الفداء عن *الخطية الأصلية التي ورثناها عن أبينا آدم، *وعن الخطايا الناشئة عن فساد طبيعتنا. وتم شرح ذلك بأنه كان هناك ذبيحتين يقدمهما اليهود عن خطاياهم وهما *ذبيحة الخطية *وذبيحة الإثم. فذبيحة الخطية تقدم عن الخطية الأصلية أو قل عن طبيعتنا التي فسدت بسبب الخطية الأصلية. أما ذبيحة الإثم فهي تقدم عن الخطايا الناشئة عن فساد طبيعتنا (راجع لا4: 1 – لا6: 7).

 

آية (9): "فَمَاذَا إِذًا؟ أَنَحْنُ أَفْضَلُ؟ كَلاَ الْبَتَّةَ! لأَنَّنَا قَدْ شَكَوْنَا أَنَّ الْيَهُودَ وَالْيُونَانِيِّينَ أَجْمَعِينَ تَحْتَ الْخَطِيَّةِ،"

أنحن= يقصد اليهود الذين دخلوا الإيمان ومنهم بولس نفسه. وهو هنا يتساءل هل نحن أفضل من الوجهة الروحية والأخلاقية من الأمم. وهو يجيب بلا. لأنه سبق وأوضح إدانة الكل سواء يهود أم أمم.

شكونا= إتهمنا وأقمنا الحجة.

 

الآيات (10، 11): "كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ."

لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ (مقتبسة من جا20:7) لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ (مقتبسة من مز2:14، 2:53) وأيضًا لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ = لا يوجد شخص بار، ولا واحد. لا يوجد إنسان ما له فكر نقي غير ملتصق بالظلام، ظلام الخطيئة، أو قادر أن يدرك ويتفهم الحقائق الأخلاقية والدينية. ليس هناك إنسان ما يبحث بشوق ورغبة شديدة لكي يعرف الله ويطلب من قلبه أن يرضي الله بأن يحفظ وصاياه رافضا شهوات قلبه الخاطئة. وليس من يَجِّد ويبحث في طلب معرفة الله. وهذا ناتج عن التعلق بالشهوات الخاطئة.

وحينما يخطئ الإنسان تنطمس عيون ذهنه فلا يعود قادرًا أن يرى ويدرك الأسرار الإلهية. مثال ذلك آدم إذ أخطأ لم يعد قادرًا أن يدرك محبة الله فإختبأ وهرب من وجه الله. وحتى الآن ليس من يفهم وليس من يطلب الله، فكم من المؤمنين يجدوا لذتهم وفرحتهم في الجلوس مع الله، من الذي اكتشف هذا؟ ليس كثيرين للأسف. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولكن الكثيرين للأسف أيضًا لا يعرفون سوى ملذات العالم وإغراءاته. لكن كلما يتنقى القلب يستطيع الإنسان أن يبصر ويدرك لذة الله (أنقياء القلب يعاينون الله) وهذا ما تفعله التوبة.

 

آية (12): "الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ."

راجع (مز3:14 + 3:53). حينما تركوا الله وتركوا طريق الفضيلة فسدوا.

 

آية (13): "حَنْجَرَتُهُمْ قَبْرٌ مَفْتُوحٌ. بِأَلْسِنَتِهِمْ قَدْ مَكَرُوا. سِمُّ الأَصْلاَلِ تَحْتَ شِفَاهِهِمْ."

راجع (مز9:5) (سبعينية) + (مز3:140) حنجرتهم قبر مفتوح= حنجرة هؤلاء الأشرار تشبه قبرًا مفتوحًا فهم يدبرون الموت للقريب. والكلام خارج منهم له رائحة عفونة. بألسنتهم قد مكروا= يتكلمون كلمات معسولة لأجل أغراض خبيثة. ولاحظ قول السيد عن الشيطان أنه الكذاب وأبو الكذاب، فهؤلاء يتاجرون بالكذب والخداع، وكلامهم الرديء يقطر من شفاههم الخاطئة كالسم. وفي هذا إشارة لأنهم بكلامهم يسيئون للناس ويشهرون بهم فيقتلونهم أدبيًا، وربما إساءة السمعة تؤدي للقتل الجسدي. أصلال= جمع صل وهي الأفعى السامة.

 

الآيات (14-18): "وَفَمُهُمْ مَمْلُوءٌ لَعْنَةً وَمَرَارَةً. أَرْجُلُهُمْ سَرِيعَةٌ إِلَى سَفْكِ الدَّمِ. فِي طُرُقِهِمِ اغْتِصَابٌ وَسُحْقٌ. وَطَرِيقُ السَّلاَمِ لَمْ يَعْرِفُوهُ. لَيْسَ خَوْفُ اللهِ قُدَّامَ عُيُونِهِمْ»."

فمهم مملوء لعنة ومرارة (مز7:10) كلمات لعنة على الله والبشر. (راجع أش7:59 + أم16:1 + أش7:59، 8 + مز1:36) بالترتيب. ومن ليس عنده خوف الله يرتكب أي شر.

 

آية (19): "وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَا يَقُولُهُ النَّامُوسُ فَهُوَ يُكَلِّمُ بِهِ الَّذِينَ فِي النَّامُوسِ، لِكَيْ يَسْتَدَّ كُلُّ فَمٍ، وَيَصِيرَ كُلُّ الْعَالَمِ تَحْتَ قِصَاصٍ مِنَ اللهِ."

كل ما يقوله الناموس فهو يقوله للخاضعين للناموس أي اليهود، وهو بهذا يفضحهم ليكسر كبريائهم. أي أن الناموس الذي يفتخرون به ها هو يدينهم (لكن الناموس يفتح الجرح ويظهر مدى سوء الداخل دون أن يقدم العلاج). وبهذا ينتهي بولس بأن الجميع قد أغلق عليهم في العصيان يهودًا وأمم. اليهودية بناموس موسى، والوثنية بناموس الضمير عجزتا عن خلاص أتباعهم، وصار العالم في حاجة لاستعلان بر الله في البار الوحيد يسوع المسيح.

نلاحظ في الآيات السابقة أن بولس استخدم آيات الناموس لِيَسْتَد فم اليهود المتكبرين ولا يعترضوا.

 

آية (20):- "لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ."

يقول القديس يعقوب أن "من أخطأ في واحدة فقد صار مجرمًا في الكل" (يع10:2). فمَن مِن البشر لم يخطئ في واحدة. فالناموس وضع ليحكم على الخطايا ويدين الخطاة، ولكنه عاجز أن يبرر أحد ليقف أمام الله بلا لوم. وكان وضع الناموس لمحاصرة الخطية والخطاة تمهيدًا لظهور بر الله الذي وحده له القدرة على محو الخطية وتبرير الخاطئ بأن يولد من جديد. لأَنَّ بِالنَّامُوسِ مَعْرِفَةَ الْخَطِيَّةِ = الناموس ليس علَّة الخطية ولكن بواسطة الناموس تكشف وضعنا في الحياة الروحية. الناموس هنا كالمرآة أظهر ما عليه البشرية من خطية وفساد (فالمرآة تظهر عيوب الوجه ولكنها لا تصلح هذه العيوب). ولم يستطع الناموس أن يبرر الإنسان، لأن البشر عجزوا عن أن يتمموا وصاياه. وهكذا بالناموس تأكد ما يستحقه البشر جميعًا من قصاص الله نتيجة الخطية. ومن المنطقي أن المجرم لا يستطيع أن يلجأ لقانون العقوبات (أي الناموس) الذي يدينه طالبًا العفو، أمّا المنطقي أن يطلب الرحمة والغفران.

 

آية (21): "وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ، مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ،"

فشل الإنسان في أن يتبرر بناموس موسى وبالناموس الطبيعي وصار العالم في ظلام دامس وفقد الكل البر، كان هذا ليل اليوم السابع للخليقة. وَأَمَّا الآنَ = أشرق شمس البر أي أتى المسيح ليقدم لنا بر الله بإتحاده بنا فنحمل سمات الابن فينا ويصير بره برًا لنا.

بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ = بر الله أي الله مصدر كل بر فيَّ.

بِدُونِ النَّامُوسِ =

1. لأن اليهود استغلوا الناموس ليثبتوا بر أنفسهم (رو9: 31، 32 +10: 3، 4) فانتفخوا. ومثال لذلك نرى بولس نفسه يقول عن نفسه أنه من جهة الناموس بلا لوم، أما في ظل النعمة فقال عن نفسه أنه أول الخطاة. ولنفهم أن علامة التوبة أن نمقت أنفسنا (حزقيال43:20). ولماذا يمقت التائب نفسه، لأن التائب تنفتح عينه فيرى كم هي نجسة خطاياه التي يفعلها، وأيضًا تنفتح عينه ليرى نقاوة الله ونور الله، وفي نور المسيح الشديد يرى خطاياه أوضح فيمقت نفسه، وهذا النور جعل بولس الرسول يقول "الخطاة الذين أولهم أنا". ولكن هذا يتحول لمحبة وتسبيح للمسيح، الذي قبلني مع كل قذارتي مع أنني لا أستحق. ومن يُغفر له أكثر يحب أكثر. وهذا عكس بر الناموس الذي يسبب الكبرياء.

2. بر الله بدون الناموس ليكون للأمم كما لليهود، فبر الله كان بالإيمان والمعمودية التي فيها يموت الإنسان العتيق مع المسيح، ويقوم مع المسيح، يعطيه المسيح حياته ليكون خليقة جديدة. وهذا للكل يهود وأمم.

3. الناموس هدفه أن نصل للمسيح وطالما ظهر المسيح انتهى دور الناموس إذ قد وصل إلى غايته العظمى. إذًا دون عمل الناموس ظهر البر الذي يهبه الله.

4. الأمم لا يعرفون الناموس = البر الذي للمسيح هو للكل يهودًا وأممًا، فكان لا بُد أن يكون بدون الناموس ليتبرر الأمم الذين لا يعرفون ناموس موسى.

مَشْهُودًا لَهُ مِنَ النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ = أي سبق الناموس والأنبياء وأخبروا عن المسيح والبر الذي بالمسيح (إش46 : 12، 13؛ 51: 4، 5؛ 1:61-11؛ 1:64؛ دا 24:9). إذًا كان البر الذي بالمسيح في فكر الله الأزلي وظهر في ملء الزمان.

وكان على اليهودي أن يلتزم بالناموس محاولا قدر إمكانه أن يطهر نفسه، وذلك إلى أن يظهر المسيح ويدرك الناس البر الذي بالمسيح كما قال هوشع النبي "اِزْرَعُوا لِأَنْفُسِكُمْ بِٱلْبِرِّ. ٱحْصُدُوا بِحَسَبِ ٱلصَّلَاحِ. ٱحْرُثُوا لِأَنْفُسِكُمْ حَرْثًا، فَإِنَّهُ وَقْتٌ لِطَلَبِ ٱلرَّبِّ حَتَّى يَأْتِيَ وَيُعَلِّمَكُمُ ٱلْبِرَّ" (هو10: 12).

 

آية (22): "بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ، إِلَى كُلِّ وَعَلَى كُلِّ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ. لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ."

هذا البر يُعطَى من الله بواسطة الإيمان بالمسيح يسوع (الإيمان هو المدخل وراجع المقدمة للتبرير). ولكن هناك خطوات متعددة. "فبدون المسيح لا نقدر أن نفعل شيئًا" (يو5:15). ولاحظ أن الإيمان ليس هو الإيمان النظري بأن الله واحد مثلث الأقانيم... لكن الإيمان بأن المسيح قادر أن يعطيني حياة، وأن عمله في حياتي هو عمل قوي، وأنه إله حنون كل ما يسمح به للخير. وهذا معناه أن الخبرات الإيمانية تزداد يومًا فيوم (راجع تفسير رو17:1) والإيمان يزداد:-

1. بالصلاة = يا رب أعن عدم إيماني.

2. بالعشرة مع الله (صلاة/ تسبيح/ كتاب مقدس) وبهذا يفتح الروح القدس عيني فأعرف المسيح (يو16: 14) فتزداد محبتي له وثقتي فيه أي يزداد إيماني به.

3. بالشكر وسط الضيقات وبلا تذمر (كو7:2).

وهذا البر يُعطَى إلى كل الذين يؤمنون.. النعمة ستصل إِلَى كُل من يؤمن ومنسكبة من السماء عَلَى كل من يؤمن من اليهود والأمم بلاَ فَرْقَ = ولهذا لا معنى أن يرفضوا بعضهم بعضًا أو يحتقروا بعضهم أو يتفاخروا على بعضهم البعض. وهناك من فسر قول الرسول عَلَى كُل أن البر سيكون كتاج وإكليل يوضع على رأس المؤمن. بل هو كرداء يلبسه (راجع إش 61: 10-11) والبر هو المسيح الذي نلبسه (رو13: 14)، أي يرى الناس فينا صورة المسيح البار.

وفي نبوة واضحة عن المسيح أسماه إرمياء النبي "الرب برنا" (إر23: 5- 8). وهذا معنى الثياب البيضاء التي رآها يوحنا في رؤياه (رؤ7: 9 – 14).

بر الانسان: ليس بار ليس ولا واحد.

بر الانسان بالناموس :الله أعطى الناموس كمعين وإرشاد ولكن من حاول الالتزام به فشل، وحينما نفذ بعض الوصايا إغتر وحسب نفسه بارًا (وهذا ما يسمى البر الذاتي).

بر الله: لا يوجد بار بلا خطية سوى الله. ولا عادل سوى الله. كلمة بر وعدل هما لهما نفس المعنى.

نصير نحن بر الله فيه: (2كو5: 21) نحن في المسيح البار نحسب أبرارًا إن ثبتنا فيه (كو1: 28). والمسيحي الحقيقي يفهم أن كل بر يعمله راجع لحياة المسيح فيه وعمل النعمة معه.

 

آية (23): "إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللهِ،"

ليس هناك تمييز لأن الجميع قد أخطأوا وافتقروا للمجد الذي يمنحه الله. ولقد لمع وجه موسى حين رأى جزءًا من مجد الله، فماذا كان عليه مجد آدم في الفردوس. ونحن بالخطية خسرنا صورة هذا المجد وخسرنا نعمة الله، بل فقدنا رؤية الله (أش15:45). ولنفهم أن المجد هو وجود الله وسطنا (زك5:2). فمجده يظهر وسط أولاده، لا بل ينعكس عليهم (1يو2:3). هذا هو مجدنا الحقيقي أن يكون الله وسطنا ويسكن فينا. والمسيح أتى ليعيد لنا صورة المجد (يو22:17)، ويسكب علينا من نعمته وبره. نحن الآن في مجد غير ظاهر لسكنى الله فينا ولكن هذا المجد سيستعلن فينا في الأبدية (رو18:8).

إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا = نحن فقدنا صورة المجد بسبب الخطية، بل صرنا لا نحتمل أن نرى مجد الله بسبب الضعف الذي حدث في طبيعتنا بسبب الخطية، فآدم لم يحتمل أن يرى الله بعد أن أخطأ، لذلك اختبأ، واستمر الضعف، حتى أن موسى حينما طلب أن يرى مجد الله، قال له الله لا يراني الإنسان ويعيش (خر20:33) هذه مثل من يريد أن ينظر للشمس ولكن ضعف عينيه لن يحتمل نور الشمس. ولذلك قال بولس الرسول أن لحمًا ودمًا لن يرثا ملكوت الله (1كو50:15). فكيف نرث المجد ونحن غير قادرين على أن نراه. هذا لن يكون إلا بعد أن نلبس الأجساد الممجدة.

 

آية (24): "مُتَبَرِّرِينَ مَجَّانًا بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ،"

متبررين: راجع المقدمة.

مَجَّانًا = ليس لأن الثمن رخيص، بل لأنه لا يُقَّدر بمال. يُقال (ربما قصة رمزية للشرح) أنهم صنعوا دواء للسرطان تكلف مئات الملايين من الجنيهات الإسترلينية وأرادوا أن يجربوه. وكانت امرأة هناك لها ابن مصاب بمرض خطير، وذهبت إلى هذا المستشفى طالبة العلاج لابنها. فقالوا لها عندنا دواء تحت التجربة فقالت لهم فلنستعمله، وشفي الولد، فسألت عن ثمن العلاج، ولما كان الثمن باهظًا، وهي لا تتصور الثمن، قالوا لها أن هذا الدواء مجانًا. لذلك قال السيد "من يرد فليأخذ ماء الحياة مجانًا" (رؤ17:22؛ إش 55: 1-5). فقط علينا أن نؤمن فنخلص بالنعمة (الإيمان مدخل وهناك خطوات أخرى. راجع المقدمة).

 

آية (25): "الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ، لإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ."

كَفَّارَةً = من COVER أي غطاء. فالمسيح غطانا بدمه، ولم يعد الآب يرى مَنْ هو ثابت في المسيح، في وضعه الضعيف، بل يرى المسيح نفسه فيرضي على من هو ثابت فيه. ويشرح هذا تمامًا تابوت العهد في العهد القديم فكان موضوعًا في التابوت لوحي الشريعة وهما يناديان بالموت لكل من خالف وصية مكتوبة فيهما، ومن هو الذي لم يخالف؟ ولكن كان التابوت له غطاء (كافورت من COVER) والغطاء مغطى بدم ذبيحة الكفارة، وكان الله يرضى على الشعب ويغفر خطاياهم حين يرى الدم. كان هذا رمزًا لما عمله المسيح بصليبه، وهذا معنى أن المسيح حيُّ ليشفع فينا (عب25:7) + ليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديًا (عب22:9). الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ = بمعنى أن الله الآب قَدَّمَ ابنه ليكون ذبيحة ويكون قُدّامه دائمًا، فيغفر برحمته لمن يكون ثابتا فيه، ويعطي بره لمن يؤمن، وليكون وساطة للصلح بينه وبين الإنسان، والمدخل لكل ذلك هو الإيمان لإظهار بره= بسفك دمه أظهر المسيح عدل الله، الله الذي لا يحتمل الخطية، ولا بُد للخطية من عقاب، هذا العقاب تحمله المسيح. بره= عدله. السَّالِفَةِ = السابقة. مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ = لقد أمهل الله الآباء ولم يعاقبهم على خطاياهم. وكان هذا بِإِمْهَالِ اللهِ = فالله لم يُرِد أن يهلك البشرية حتى يأتي المسيح لِيُصْلِح حال البشر. ونفهم من هذه الآية أن دم المسيح وفدائه شمل الآباء الأبرار من آدم للمسيح بأثر رجعي.

 

آية (26): "لإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ بِيَسُوعَ."

لإِظْهَارِ بِرِّهِ = لإظهار عدله، فالله لم يُسامح البشر مجانًا بل تحمل هو عقوبة الخطية. فالعدل والرحمة تلاقيا على الصليب. فِي الزَّمَانِ الْحَاضِرِ = أن المسيح بذل دمه كفارة، لكي يظهر عدله في الوقت الحاضر الذي هو ملء الزمان (غل4:4). لِيَكُونَ بَارًّا = لا يوجد بار سوى الله، ولقد ظهر بره في فداء المسيح [1] عدله في عقاب الخطية إذ هو قدوس. [2] في تحقيق وعوده التي وعد بها البشر أنه سيخلصهم ويفديهم (إش44: 22 ، 24). [3] في كون المسيح يعطينا حياته فتكون لنا إمكانية أن نحيا في البر = وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ الإِيمَانِ. ولاحظ أن الآية السابقة تظهر أن المسيح برر الآباء الذين أتوا من قبله، بدمه، وهذه الآية تظهر أن التبرير بدمه سيكون لكل من يؤمن حتى انقضاء الدهر. لأنه هكذا هو بار، ورحمته ستشمل كل البشرية وهذا التبرير سهل المنال لكل من يؤمن (هذا هو المدخل) ويكون شاعرًا بالاحتياج لهذا التبرير.

وهذا هو تفسير رجوع الشمس أيام حزقيا الملك، فهذا يعني أن بر المسيح شمل أبرار العهد القديم، ثم تعود الشمس لمسارها الطبيعي فيشمل بر المسيح من يؤمن لنهاية الزمان.

 

آية (27): "فَأَيْنَ الافْتِخَارُ؟ قَدِ انْتَفَى. بِأَيِّ نَامُوسٍ؟ أَبِنَامُوسِ الأَعْمَالِ؟ كَلاَّ. بَلْ بِنَامُوسِ الإِيمَانِ."

إين الافتخار = بعد ما فهمناه أن التبرير يكون بالإيمان بدم المسيح فبماذا نفتخر، أنفتخر بناموس موسى؟ هذا الذي يحكم علينا بالموت!! أو نفتخر بناموس الأعمال؟ هل نفتخر بأعمالنا؟ وهل أعمالنا كانت تعطي لنا حياة؟! بل نفتخر بعمل المسيح الذي أعطانا حياة نحصل عليها بالإيمان ناموس الإيمان = ناموس أي قانون. فالإيمان ليس فوضى، بل له قانون نلتزم به، هو ناموس الحب والحرية، هو إيمان عامل بمحبة (غل6:5). وهو تدبير الروح الجاد المدقق.

ولاحظ أن قول بولس هذا هو قول رجل عيناه مفتوحتان، فهو كان يقول "من جهة الناموس أنا بلا لوم" (في6:3) وبعد النعمة انفتحت عيناه، فقال "الخطاة الذين أولهم أنا" (1تي15:1) وإذ شعر بخطاياه فهم أن أعماله لا تخلِّص ولا تعطي حياة.

 

آية (28): "إِذًا نَحْسِبُ أَنَّ الإِنْسَانَ يَتَبَرَّرُ بِالإِيمَانِ بِدُونِ أَعْمَالِ النَّامُوسِ."

لأنه لو كان للناموس فاعلية لظهرت قبل مجيء المسيح. والناموس هنا أي التطهيرات والغسلات والختان. ولكن هذا لا يُفهم منه أن الرسول يريد أن يبطل الوصايا الأخلاقية كالوصايا العشر مثلًا.

 

آية (29): "أَمِ اللهُ لِلْيَهُودِ فَقَطْ؟ أَلَيْسَ لِلأُمَمِ أَيْضًا؟ بَلَى، لِلأُمَمِ أَيْضًا."

بولس يوضح لليهود أن احتقارهم للأمم يهين مجد الله، لأنهم يريدونه إلهًا لهم وحدهم، ولا يريدونه إلهًا للجميع، فإن كان إلهًا للجميع، يحاسب الجميع ويضبط الجميع وخالق الجميع، فهو كإله للجميع فإنه عليه أن يهتم بالجميع ويخلِّص الجميع بذات الطريق أي الإيمان. أم الله لليهود= بولس هنا يكلم اليهود الذين آمنوا بالمسيح قائلًا، إذا كنتم قد فهمتم أن الخلاص ليس بالناموس ولا بالأعمال، بل بالإيمان، فالأمم أيضًا يمكنهم الخلاص بنفس الشرط أي الإيمان.

 

آية (30): "لأَنَّ اللهَ وَاحِدٌ، هُوَ الَّذِي سَيُبَرِّرُ الْخِتَانَ بِالإِيمَانِ وَالْغُرْلَةَ بِالإِيمَانِ."

الله واحد لليهود وللأمم، وسيبرر كليهما بالإيمان بالمسيح يسوع.

 

آية (31): "أَفَنُبْطِلُ النَّامُوسَ بِالإِيمَانِ؟ حَاشَا! بَلْ نُثَبِّتُ النَّامُوسَ."

هذه الآية تظهر ارتباط العهدين، فالله أوحى بهما كليهما. والسيد المسيح قال "ما جئت لانقض بل لأكمل" (مت17:5، 18). وكما فهمنا فإن الناموس يعجز عن تحقيق الخلاص. ولكن بولس يثبته فلماذا؟

1. لأنه بالإيمان تتحقق غاية الناموس في أن يتبرر الإنسان (رو4:8) ولكن ليس بالناموس وحده بل بالمسيح. بل إن غاية الناموس هو المسيح (رو4:10). فمن يتبع الناموس لا بُد وسيصل للمسيح، وأكبر دليل على ذلك هم تلاميذ المسيح، الذين عاشوا في بساطتهم متبعين وصايا الناموس بلا كبرياء لذلك عرفوا المسيح، أمّا الكهنة والفريسيين فهم عاشوا ليثبتوا بر أنفسهم فلم يعرفوا المسيح لأن عينهم كانت مثبتة على أنفسهم وليس على الله.

2. الناموس يفضح خطايانا ويظهر ضعفاتنا وعدم قدرتنا أن نحفظ وصاياه فنلجأ للمسيح، الناموس يعلن احتياجنا الدائم للمسيح.

3. بالمسيح نكون كاملين كما أراد الناموس.

4. الناموس سبق وتحدث عن المواعيد التي حققها المسيح.

5. المسيح صلب ليصفح عن خطايا تعدياتنا ضد الناموس.

6. الناموس مرشد لنا في جهادنا. فعلينا أن نتبع الوصايا الأخلاقية فيه.

نفهم مما سبق أن العكس هو الصحيح، فعدم الإيمان بالمسيح يبطل الناموس لأن الناموس يشهد للمسيح. بل نفهم أننا نثبت الناموس فشهادة الناموس بنبواته عن المسيح هي إثبات لفكر الله الأزلي عن الفداء الذي بالمسيح. وهي شهادة لليهود وللجميع عن المسيح فالنبوات تحمل صورة واضحة عن المسيح منذ ميلاده حتى صعوده.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله (رو3: 23)

 

ماذا تعني كلمة خطية؟

خطية باليونانية هي من يخطئ الهدف ولا يصيبه فتضيع منه المكافأة.

وروحيًا فكل من يخالف وصايا الله فهذا خطية عليه لذلك تضيع منه المكافأة.

وما هي المكافأة؟ هي مجد الله. وهذا معنى أعوزهم مجد الله، أي حرموا أنفسهم من مجد الله، والوجود في حضرته، إذ لا شركة للنور مع الظلمة. (كلمة معوز أي فاقد للشيء أو فقير إليه).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

لماذا أعطى الله الوصية؟

الله لا يريد أن يتحكم في الناس بل يريد للناس أن يتمتعوا بالمجد الذي يريده لهم. ولما كان الله قد خلقنا أحرارًا على صورته كان لا بُد أن يعطينا الوصية كإرشاد لنا حتى لا نفقد هذا المجد، فالوصية هي أفضل ما أعده الله للإنسان وبها نصل للمجد، فلا نعود معوزين للمجد ( حز20: 11). الله لم يقل أنه شق لهم البحر أو حررهم من مصر.... إلخ بل الله يرى أن أفضل ما أعطاه لهم هو الوصية إذ هي طريق الحياة والمجد. إذًا إن قلنا أن الهدف هو أن نحصل على ما يريده الله لنا، فلنرى كيف خلقنا الله:

1- لنحيا أبديا: الله أعطانا حياة لنحيا إلى الأبد. هذا إن أكلنا من شجرة الحياة، وشجرة الحياة معناها الإتحاد بالله.

2- لنكون في مجده: كنا في حضرة الله في مجد منعكس علينا من مجد الله.

3- لنفرح: الله خلقنا في جنة عَدْن وكلمة عَدْن تعني فرح، فالله يريد لنا أن نفرح.

 إذًا الله يريد لنا: 1- حياة أبدية؛ 2- مجد؛ 3- فرح.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ولما أخطأنا أي اخترنا اختيارًا خاطئًا فقدنا الهدف:

1. حين انفصلنا عن الله إذ لا شركة للنور مع الظلمة، والله حياة، خسرنا الحياة ودخل الموت إلى العالم. وهذا معنى شجرة معرفة الخير والشر، فتذوُقنا للخطية جعلنا ننفصل عن الله ونموت، لأن الله حياة. وكان هذا اختيارًا حرًا لكنه خاطئ إذ ضاعت المكافأة، إذ ضاع الهدف الذي أراده الله.

2. فقدنا المجد إذ ما عدنا نرى الله، ولا عاد مجده ينعكس علينا.

3. طُردنا من جنة الفرح وصرنا في حزن في العالم.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

فماذا حدث حين ضاع الفرح من الإنسان؟

استبدل الإنسان الفرح الحقيقي الذي يعطيه الله بشيء آخر هو الملذات الحسية وأسماها عن طريق الخطأ فرح، لذلك فبعد الخطية مباشرة نسمع " فانفتحت أعينهما وعَلِما أنهما عريانان" (تك3: 6، 7) لكن مع الملذات الحسية دخل الحزن والشقاء

 

إذًا الخطية هي أن نبحث عما نريده نحن لا ما يريده الله فننفصل عن الله،

ويضيع منا كل ما أعده لنا الله.

 

وما يريده الله هو القداسة ومعناها أن نرتفع عن كل ما هو خاطئ في الأرض طالبين الحياة السماوية(1تس4: 3)

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ولم يتركنا الله.......... وتجسد المسيح

1. ليتحد بطبيعتنا، ولكن ما زالت لنا الحرية، لذلك يقول "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم" (يو15: 4). ولأن المسيح حياة، فسنحيا للأبد.

2. إذ صار المسيح فينا، عاد لنا المجد "أكون مجدًا في وسطها" (زك2: 5). ولكنه مجد غير مُعلن الآن (رو8: 18). والمسيح بتجسده تمجد بالجسد ليعطينا نحن أن نتمجد بهذا المجد قارن الآيتين (يو 17: 5) و(17 : 22).

3. أعاد المسيح لنا الفرح بالرغم من الحزن الذي في العالم (يو16: 22) وهذه إرادة الله أن نفرح لذلك يقول بولس الرسول "افرحوا في الرب كل حين وأيضًا أقول لكم افرحوا" (في4:4) يقول هذا وهو في السجن مقيد بسلاسل. وهذه هي النصرة في المسيحية أن ينتصر الفرح الذي فينا بالرغم من الآلام الخارجية = الفرح ينتصر على الآلام الخارجية مهما كانت شدة هذه الآلام. بل صارت الآلام سبب تعزية وفرح إذ أن المتألم يجد المسيح يحتضنه "شماله تحت رأسي ويمينه تعانقني" (نش2: 6)، وما أحلاها من شركة، ومن حلاوة هذه الشركة قال بولس الرسول "وهب لكم من أجل المسيح لا أن تؤمنوا به فقط بل أن تتألموا لأجله" (فى1: 29).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وأرسل المسيح لنا الروح القدس

1. ليثبتنا فيه بأن يُبكتنا لو أخطأنا (يو16: 8) ويُعيننا (رو8: 26) وبهذا يظل إتحادنا بالمسيح الذي يبدأ بالمعمودية ثم الأسرار التي هي عمل الروح القدس ثم المساعدة على الثبات في المسيح عن طريق التبكيت والمعونة.

2. وجود المسيح فينا وثباتنا فيه يجعلنا أحياء، ولو وُجدت الحياة يوجد ثمار، ومن ثمار الروح القدس الفرح.

3. الروح القدس يوجهنا للمسيح ويحكي لنا عنه (يو16: 14) فندرك حلاوته إذ عرفناه، فنبحث عنه عن حب إذ عرفناه. وهذا معنى ظهور الروح القدس يوم المعمودية على هيئة حمامة التي تشير للبساطة.

4. كلمة بساطة بالإنجليزية = SINGLE HEARTED.

أي يكون لنا هدف واحد هو أن نتجه إلى المسيح كما يعود الحمام الزاجل إلى بيته. بقلب واحد غير منقسم بين البحث عن المسيح والبحث عن الخطية " يا ابني أعطني قلبك" (أم23: 26). وبهذا نثبت في المسيح. ولا نطلب سواه، والمسيح نور، فنستنير ونكون نورًا (مت6: 22).

ولكن هذا يتطلب أن لا نقاوم الروح القدس...... فهل نسمع له؟!

فالإنسان كان وما يزال حُرًا تمامًا.

فهل تريد أن تبرأ (يو5: 6).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

تسلسل عمل الله مع البشر:

1- خلق الله آدم عل صورته والله محبة، فكان قلب آدم مملوء محبة.

2- الله يقول لذاتي في بني آدم (أم 8: 31) لذلك كان آدم الذي على صورة الله يحب الله، ويجد لذته في الله.

3- والفرح كان نتيجة هذا. لذلك كان آدم في جنة عَدْن و"عَدْن" كلمة عبرية עֵדֶן تعني "فرح". أي كان آدم يحيا في فرح.

4- كان آدم يطيع الله عن حب، والقلب المملوء حبًا يُسمى قلب لحم. هكذا جبل الله الإنسان والوصايا مطبوعة على قلبه اللحمي وهذا ما يُسمى الضمير أو الناموس الطبيعي.

5- سقط آدم، وبدأ يهرب من الله بل بدأ حُب العالم يدخل لقلب البشر (بني آدم). ولكثرة الإثم تبرد المحبة (مت 24: 12).

6- وتحول القلب إلى قلب حجر، وما عاد البشر يحبون الله واختفى الفرح، وحلت اللذة الخادعة مكان الفرح. واعتاد الإنسان الخطية. وصار يشرب الإثم كالماء (أي 15: 16).

7- الله المحب للبشر يعلم أن الخطية تُهلك. وكان أن أعطى الله للإنسان (الناموس عونًا). ولكنه أعطاه الناموس على لوحيّ حجر كطبيعة قلب الإنسان الحجرية.

8- وعَدَ الله الإنسان أنه سيأتي يوم ويحول له قلب الحجر إلى قلب لحم (حز36: 26). ووعد آخر بأن يعود ويكتب الوصية على القلب (إر31: 33) والمعنى واحد فالقلب اللحم هو قلب مملوء محبة، ويطيع الله لأنه يحب الله (يو14: 23).

9- وكان الفداء، وحل الروح القدس على المؤمن المُعمَّد، ليسكب محبة الله في القلوب ويحولها لقلوب لحم. وصار تنفيذ الوصية سهلًا (عب12: 1). فكل من يحب المسيح يطيعه (يو14: 15، 23).

10- مَن له ثمار الروح فهو مملوء من حب الله لذلك لا يحتاج لوصايا الناموس، فهي مطبوعة على قلبه اللحمي كما قال بولس الرسول (غل5: 22 ، 23). والمقصود ليس أن يلغي الناموس، ولكن الناموس هو مُرشد لكل واحد. ولكن ليس خوفًا من عقوبات ينفذ الوصايا بل محبة لله.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات رومية: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/06-Resalet-Romya/Tafseer-Resalat-Romia__01-Chapter-03.html

تقصير الرابط:
tak.la/pkcj4m2