← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12
هذا المزمور هو تسبحة مفرحة، ودعوة لكل البشرية أن تفرح وتتهلل بالرب الذي يملك عليها، ويشرق بنوره فيها، فتستنير وتستريح. لا تعود تصرخ من عنف العدو، بل تنعم بالنصرة عليه. إنه أنشودة تتغنى بها النفس التي تتمتع بالرب كملكٍ مهوبٍ غالبٍ للشر. إنه تسبحة مملوءة فرحًا وتهليلًا، حيث تنعم النفس بملكها واهب القيامة والحياة السماوية والقداسة.
1. |
||
2. |
||
3. |
||
4. |
||
5. |
||
6. |
||
7 -9. |
||
10 -12. |
||
من وحي مز 97 |
جاء عن الترجمة السبعينية والقبطية: "لداود عندما ثُبتت أرضه (أي حين ارتدت إليه)".
*الأرض التي ارتدت هي قيامة الجسد. فإنه بعد قيامة (المسيح) كل ما يُرنم به في هذا المزمور قد تحقق. ليتنا نسمع مزمورًا مملوءًا بالفرح لقيامة الأرض. ليت الرب إلهنا يبعث فينا رجاءً ومسرة تليق بأمرٍ عظيمٍ كهذا. ليته يقود مقالنا حتى يتلاءم مع قلوبنا، حتى كل فرحٍ يحل بقلوبنا نشعر به، يقدمه لنا على لساننا، وبالتالي يقوده إلى أذانكم ثم إلى قلوبكم وإلى تصرفاتكم [1].
يرى القديس جيروم أن كلمة "داود" تعني قوة اليد، وأن داود سبَّح بهذا المزمور للرب، استرد لأرضه السلام، أي لليهودية، بعد أن هزم أعداءه بيدٍ قويةٍ. هذا من الجانب التاريخي، أما حسب التفسير الروحي فيقول:
*إن كان اسم داود يعني "قوة اليد"، فإن اليد القوية ليست إلا الغالب لكل الأمم، داودنا، الذي صرخت منه الشياطين، قائلة: "أجئت إلى هنا قبل الوقت لتعذبنا يا ابن داود؟" (راجع مت 8: 29) وُضعت هذه التسبحة بواسطته عندما استرد أرضه. ممتاز حقًا كاهننا المكرم، إذ يقارن الأرض المستردة بأجسادنا. بالتأكيد، عندما يعود السلام إلى أرضنا يكون قد حلّ الوقت للتسبيح لله...
لم يكن يوجد سلام في هذه الأرض قبل أن يحقق داودنا النصرة، بل كان الارتباك والخلاف في كل موضع. كانت أمة ما تعبد جوفًا Jova ، وأخرى ماركري Mercury، وأخرى يونو Juns؛ كان لكل أمة إله خاص. ولكن إذ رُفع علم الصليب، فيه اُستردت الأرض ورجعت إلى نظام سليم [2].
اَلرَّبُّ قَدْ مَلَكَ،
فَلْتَبْتَهِجِ الأَرْضُ،
وَلْتَفْرَحِ الْجَزَائِرُ الْكَثِيرَةُ [1].
على الصليب وسط الآلام التي لا تُحتمل، ووسط الإهانات المرة، تطلع اللص على السيد المسيح المصلوب، فأدرك أنه ملك الملوك الذي يملك على القلوب، ويقيم فيها مملكته التي هي ملكوت الفرح. هكذا تتحول الأرض إلى أشبه بالسماء، والجسد الترابي يتهلل ويبتهج منتظرًا الأمجاد الأبدية. "الرب قد ملك، فلتبتهج الأرض".
لقد اعتاد كثير من الآباء مثل القديسين أغسطينوس وجيروم والعلامة ترتليان وأوريجينوس أن يفسروا الأرض بمعنى "الجسد"، والسماء بمعنى "النفس". فالرب لا يملك على نفس المؤمن فحسب، بل وعلى الجسد، فيهبه بهجة في كيانه كله.
ربما يتساءل البعض: كيف يُمكن للأرض أن تبتهج وسط الضيقات والتجارب التي لا تنقطع والتي لا تُحتمل. لذلك يكمل المرتل تسبحته قائلًا: "ولتفرح الجزائر الكثيرة". يرى القديس جيروم أن هذه الجزائر الكثيرة هي المؤمنون الذين تهاجمهم أمواج التجارب من كل جانب، مثل الجزائر التي تحوط المياه من كل جانب، لا تتوقف الأمواج عن مقاومتها ليلًا ونهارًا.
ويرى القديس أغسطينوس أن هذه الجزائر هي الكنائس المحلية في كل بقاع العالم، وهي وسط متاعب لا تنقطع.
*تُفهم الجزائر بطريقة رمزية أنها كل الكنائس، لأن أمواج كل التجارب تهيج حولها. كجزيرةٍ قد تلطمها الأمواج من كل جانب لكنها لا تحطمها، بل هي التي تحطم الأمواج الثائرة. هكذا كنائس الله التي تنشأ في كل العالم، تعاني من اضطهادات الأشرار التي تثور حولها من كل جانب، ولكنها تقف ثابتة كالجزائر، وفي النهاية يهدأ البحر [3].
*كانت كل الأرض وجميع العالم تحت سيطرة الشياطين والأصنام. لتفرح الآن وهي تحت ملكية الرب. "الرب قد ملك". الرب الخالق الذي صنعكم هو نفسه الملك. يا من كنتم قبلًا خاضعين لسلطان سيادة الشيطان، الآن تخضعون لسلطان الخالق.
"لتفرح الجزائر الكثيرة" طبَّق الكاهن المكرم هذا حسنًا على نفوسنا التي تلطمها الأفكار المشتتة من هنا وهناك مثل أمواج كثيرة تضربنا وتقاومنا بشدة. لنتحدث أيضًا عن الكنائس بكونها مثل جزائر. في موضع آخر يقول الكتاب: "جزائر كثيرة رجعت إليّ" (راجع إش 42: 10، 12؛ حك 2: 11) [4].
* "الرب قد ملك، فلتبتهج الأرض" لتبتهج الأرض، الأرض التي كانت قبلًا في أيدي ملوك كثيرين وقد صار لها ملك واحد.
"ولتفرح الجزائر الكثيرة"... يمكننا القول أن جزائر كثيرة لولايات منفصلة أو دول المؤمنين، أو نفسرها بأنها كنائس فردية، أو جزائر، تُجلد وتُضرب من كل الجوانب وذلك بواسطة أمواج البحر العظيمة الصاخبة، هكذا فإن الكنائس تُصدم بعواصف تجارب متنوعة دون أن تُنزع من أساسها [5].
*فالآن إذ ذُبح الشيطان، ذاك الطاغي على العالم كله، فإننا لا نقترب من عيدٍ زائلٍ يا أحبائي، بل من عيدٍ خالدٍ سمائي، لسنا في ظلال نتبين العيد، بل نأتي إليه في الحق. لأنهم إذ شبعوا بلحم حمل أبكم أكملوا العيد، وإذ دهنوا قوائم أبوابهم بالدم، طلبوا العون ضد المهلك، لكننا نحن الآن إذ نأكل كلمة الآب، ولنا أعتاب قلوبنا مختومة بدم العهد قال: "انظروا لقد أعطيتكم أن تدوسوا على الحيات والعقارب وعلى كل قوة العدو" (لو 19:10). لأن الموت لن يسود فيما بعد، بل منذ الآن عوضًا عن الموت توجد الحياة، بل إن ربنا قال: "أنا هو الحياة" (يو 6:14) حتى أن كل شيءٍ قد أُفعم بالفرح والسرور. وكما هو مكتوب: "الرب يملك، فلتفرح الأرض" (مز 1:97). حين ملك الموت بكينا إذ كنا جالسين على أنهار بابل. بكينا إذ شعرنا بمرارة السبي "للموت". لكن الآن وقد بطل الموت ومملكة الشرير، فإن كل شيءٍ مملوءٍ بالتمام والفرح والمسرة. يجب علينا أن نقترب إلى هذا العيد لا بملابس قذرة، إذ ألبسنا عقولنا "ثيابًا" نقية، نلبس ربنا يسوع (رو 14:13) حتى نستطيع أن نحتفل بالعيد معه.
*إنني أفضل أن أفهمه أنه يهب الجسد وعدًا، كما جاء في عبارة داود: "الرب قد ملك. فلتبتهج الأرض"، قاصدًا أجساد القديسين، التي تختص بالتمتع بمملكة الله [6].
*الآن، لتفرح السماوات، ولتصفق الملائكة!
الآن لتبتهج الأرض (مز 96: 11،؛ 97: 1)، ولتهتز البشر فرحًا!
ليدوِّ الجو بأناشيد البهجة، وليُطرح الليل الحالك الظلام الكئيب ومعطفه الحدادي، لا بل بما أنه تلألأ، فليقتدِ بلمعان النهار، بومضات النور.
ها إن المدينة الحية التي للرب إله القوات قد رُفعت إلى الأعالي، والملوك يأتون بتقدمة مُتعذر تقديرها من هيكل الرب، من صهيون الشهيرة (مز 68:30) في أورشليم العليا، التي هي حرة، وهي أمهم (غل 4: 26).
وأولئك الذين أقامهم المسيح رؤساء على كل الأرض، أي الرسل، يواكبون والدة الإله الدائمة البتولية [7].
السَّحَابُ وَالضَّبَابُ حَوْلَهُ.
الْعَدْلُ وَالْحَقُّ قَاعِدَةُ كُرْسِيِّهِ [2].
إن كانت الشركة مع ذاك الذي صلب وقام من الأموات تهبنا خبرة الحياة المُقامة وسط كل الظروف التي تبدو قاسية، حتى وإن كان الإنسان أشبه بجثة هامدة وسط الأموات داخل القبر، فإنه من جانب آخر يتهلل، لأنه يصير أشبه بسحابة نيرة حاملة للسيد المسيح ينبوع الفرح. يقول المرتل: "السحاب والضباب حوله". يتشبه المؤمن بالسيدة العذراء التي يتنبأ عنها إشعياء النبي قائلًا: "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة (بهية)" (إش 19: 1). لقد حملت السيد المسيح وانطلقت به إلى مصر، فارتجفت أوثان مصر من وجهه.
في لحظات التجلي ظهرت سحابة منيرة. هكذا يليق بالمؤمنين أن يصيروا أشبه بسحابة منيرة تعكس بهاء السيد المسيح القادم في يوم الدينونة على سحابة منيرة. بمعنى آخر يصير المؤمنون الحقيقيون سحابًا منيرًا حاملًا المسيح النور الحقيقي.
أما الضباب الذي حوله فلا يعني أن الظلمة في الرب، وإنما هي في عيون الأشرار كالقشور التي سقطت من عيني شاول الطرسوسي عند قبوله الإيمان (أع 9: 18).
عدم الإيمان كما الشر يحجبان الرؤية، فلا يرون المسيح النور، بل ولا يطيقان رؤيته، كمريض العينين الذي لا يطيق رؤية الشمس.
"العدل والحق قاعدة كرسيه" [2]. ليس ما يجعل من المؤمن أشبه بالسحابة المنيرة مثل السيد المسيح الذي هو البرّ والحق.
*المجد لذاك الذي نثر نوره في الظلمة، ووجه إليه اللوم في حاله المخفي، وغطى مقدساته [8].
*الرب نفسه يقول: "أتيت أنا إلى هذا العالم، حتى يبصر الذين لا يبصرون، ويعمي الذين يبصرون" (يو 9: 39). أولئك الذين يظنون في أنفسهم أنهم يبصرون، الذين يحسبون أنفسهم حكماء، الذين يرون أنهم لا يحتاجون إلى شفاءٍ، هؤلاء يصيرون عمي، لا يفهمون. والذين لا يبصرون يبصرون، إذ يعترفون بعماهم، فينالون استنارة. "السحاب والضباب حوله" بالنسبة للذين لا يفهمونه. وأما بالنسبة للذين يعترفون ويتواضعون فإن "البرّ والحكم قاعدة كرسيه".
إنه يدعو الذين يؤمنون به كرسيه، إذ يجعل منهم كرسيًا له، تجلس الحكمة عليهم، لأن ابن الله هو حكمة الله. إننا نسمع من عبارة أخرى في الكتاب المقدس تأكيدًا قويًا لهذا التفسير: "نفس البار كرسي الحكمة" (أم 12: 23؛ 1 كو 1: 24) [9].
* (على جبل التجلي) نطق الآب بصوتٍ خارجٍ من السحابة. لماذا من السحابة؟ لأنه هكذا يظهر الله. إذ "السحاب والضباب حوله" (مز 97: 2). إنه يجلس على سحابة منيرة، ويجعل السحاب مركبته (مز 104: 3). "أخذته سحابة عن أعينهم" (أع 1: 9)... يأتي ابن الإنسان في السحاب (دا 7: 13) [10].
* "السحاب والضباب حوله" دون شك السحاب والضباب الذي حوله هو الجسم الذي أخذه الرب المخلص، بالرغم مما قيل في إنجيل يوحنا أنه "أُظهر لنا" (1 يو 1: 2). حقًا لقد ظهر للرسل، لكنه كان محتجبًا عن اليهود. ظهر للأولين على الجبل، والآخرين في الوادي المنخفض. إنه مخفي، يحدث الأولون بالتطويبات، ويتكلم مع الآخرين بالأمثال، ناظرًا إلى أنهم لا يرون بسبب غدرهم.
"السحاب والضباب حوله"، ظهر عندما أراد أن يظهر، وليس بحسب طبيعته الإلهية. "جعل الظلمة سترة حوله" (مز 18: 11). إن كان الله نورًا، فكيف يمكن للنور أن يسكن في الظلمة؟ في هذه العبارة "الظلمة" تمثل المعرفة غير الكاملة، وضعفنا، إذ لا نستطيع أن نحملق في جلاله. إن كانت الأعين البشرية في الحقيقة تعجز عن أن تتطلع في أشعة شمس هذا العالم المخلوقة والشريكة معنا في العبودية، كم بالأكثر تكون الظلال والظلمة حول شمس البرّ حيث لا يُمكننا إدراكه ولا التطلع إليه؟ نقرأ عن القديس موسى: اقترب من السحابة (خر 20: 21) لكي يرى الله، هذا لم يكن قادرًا أن يراه خارج السحابة. ويقول إشعياء: "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم إلى مصر" (إش 19: 1)، أي مع مريم القديسة. "على سحابة سريعة"، لأنها لم تكن مثقلة ببذور بشرية [11].
* أمران يحيطان بالرب: السحاب والضباب (الظلام)...
أظن إنها ذات السحابة التي وردت في الإنجيل "وسحابة نيرة ظللتهم" (مت 5:17). هذا حدث عندما تجلي الرب وسقط التلاميذ على وجوههم أمامه، وجاءت سحابة نيرة ظللتهم.
أظن أنها تشبه السحاب الذي قيل عنه في موضع آخر: "حقك إلى السحاب" (مز 5:36)، أي حق الرب الذي قيل عنه في الإنجيل: "أنا هو الطريق والحق والحياة" (يو 6:14). حق الله هو المسيح؛ يبلغ حتى إلى السحاب، أي إلى الرسل والأنبياء، هؤلاء الذين كانوا كالسحاب الذي أمره ألا يمطر على إسرائيل (إش 6:5). هذا يتفق مع ما ورد في سفر القضاة حيث جزة الغنم كانت جافة بينما كان المطر ينزل على بقية العالم. هذا يعني أن إسرائيل صار جافًا بينما كان المطر ينزل على العالم كله.
"السحاب والضباب حوله"، "هوذا الرب راكب على سحابة سريعة، وقادم إلى مصر" (إش 1:19). لتعرف ماذا يعني هذا؟ الرب قادم، الرب المخلص قادم إلى مصر حيث نعيش. قادم إلى أرض الظلمة حيث فرعون، لكنه لا يأتي إلا قادمًا على سحابة سريعة. ما هي هذه السحابة السريعة؟ أظنها القديسة مريم التي حملت الابن بغير زرع بشر. جاءت هذه السحابة السريعة إلى العالم، وأحضرت معها خالق العالم. ماذا يقول إشعياء؟ "الرب قادم إلى مصر، فترتجف أوثان مصر من وجهه. الرب قادم، فترتعب أوثان مصر جدًا، ويرتطم بعضها ببعض وتتحطم. هذه هي السحابة التي حطمت معبد سيرابيس في الإسكندرية، إذ لم يحطمه قائد، بل حطمته السحابة القادمة إلى الإسكندرية (الحاملة للمسيح)...
لقد عرفنا السحاب، فلنبحث الآن عن الضباب.
الرب في الضباب، هو في النور وفي الضباب أيضًا. هو في النور بالنسبة للمبتدئين الذين يتحدث معهم بوضوح، لكنه بالنسبة للمتقدمين يحدثهم بطريقة سرائرية mystically فهو لا يتحدث مع الرسل كما مع الجماهير، إذ يتحدث مع الرسل بطريقة سرائرية. ماذا يقول؟ "من له أذنان للسمع فليسمع" (لو 8:8). هذا هو معني "وضباب حوله"، أي حوله أسرار. لهذا يقول في سفر الخروج عن كل الشعب كانوا واقفين أسفل، وأما موسى وحده فصعد على جبل سيناء في ضباب سحابة ثقيل، لأن كل شعب الله غير قادر على التعرف على الأسرار، أما موسى فكان وحده يقدر أن يفهم. لهذا يقول الكتاب: "جعل الظلمة سترة حوله" (مز 12:18) [12].
*لا يمكن أن تتحقق الرؤية في ذلك النور الذي تشكل أشعته الساطعة مانعًا، يقولون إنك غمام وضباب، وإن غمامًا منيرًا يحيط بك (مز 2:97)، وإنك تمنع نظر محبيك عن التطلع بإفراط لرؤية طبيعتك المخفية*.
*إنك، أيها الصالح في كل محبيك، لأنهم يجدونك في الدهش الذي لا يُوصف، في مجد بهاء جمالك، وفي قوة طبيعتك، وفي معرفتك التي هي أعلى من الكل.
أنت موجود بكلك في كل محبيك، بكل ما لك، وفي كل واحدٍ منهم.
أنت بكليتك له الكمال بغير نقصان، مع أنه لا يقدر أحد أن يمتلكك كليًا.
المجد لكمالك الذي يضبط كل الكمالات، ولا يستطيع أحد منها أن يحدَّك*.
الشيخ الروحاني (يوحنا الدّلياتي)
قُدَّامَهُ تَذْهَبُ نَارٌ،
وَتُحْرِقُ أَعْدَاءَهُ حَوْلَهُ [3].
منذ سقوط أبوينا الأولين آدم وحواء، فقد الإنسان حياة التهليل الدائمة والصادقة بسبب رعبه من عدو الخير. يقول ابن سيراخ: "بحسد إبليس دخل الموت إلى العالم". وعندما جاء آدم الثاني -السيد المسيح- ظن عدو الخير أنه قادر أن يحطم ذاك الذي هو ينبوع الفرح ومصدر السلام الأبدي. دخل معه في معارك كثيرة وفشل، وأخيرًا قرر الخلاص منه بالصلب، فإذا بعدو الخير يفقد سلطانه. يقول الرسول: "إذ جرَّد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا، ظافرًا بهم فيه" (كو 2: 15). هذا ما سبق فتنبأ عنه المرتل هنا، قائلًا: "قدامه تذهب نار. وتحرق أعداؤه حوله" [3]. إذ نحمل في داخلنا الله الكلي الحب، بل الحب ذاته، يتقدمنا روح الله القدوس، ويحوط بنار كسورٍ من نار (زك 2: 5). يحرق سهام إبليس الملتهبة نارًا، المملوء عداوة، القتّال. بهذا لا يكون له فينا موضع. ينزع الله عنا روح العداوة، أي روح قوات الظلمة، لتحتل الصداقة الإلهية قلوبنا، فنصير أيقونة المسيح، ويتسع قلبنا بالحب للسماوي وخدامه السماويين كما لكل البشر، إن أمكن!
هذا هو سرّ فرحنا وتهليل قلوبنا، لم تعد العداوة تسيطر علينا، بل الحب الحقيقي والسلام السماوي والفرح الدائم.
* "قدامه تذهب نار". الرب طاهر "القدوس يسكن في القداسة" (راجع إش 57: 15). لا نقدر أن نكرس أنفسنا له ما لم تبيد النار رذائلنا. "ستمتحن النار عمل كل واحدٍ" (1 كو 3: 13)، "وتحرق أعداءه حوله". لا يبيد الله أعداءه كأعداء بل كأصدقاء، إذ يحرق رذائل أعدائه، فيجعل منهم أصدقاء له [15].
*إنسان القداسة لا يحتاج أن يخاف من هذه النار. ليخف الخاطي منها. هذه النار تطهر القديسين، وتحرق الخطاة.
"قدامه تذهب نار". "الصانع ملائكته رياحًا، وخدامه نارًا ملتهبة" (مز 104: 4). أظن أن رسله الملائكة هم النار. إنهم ناره، يذهبون قدامه. من الذين يحرقهم الملائكة بالنار؟ هؤلاء الذين هم من خشب، وقش، وجذامة (بواقي الزرع). أما الذي هو ذهب أو فضة أو حجارة كريمة، فيذهب إلى النار لكنه يخرج أكثر نقاوة [16].
*يقول الرب نفسه: "جئت لألقي نارًا على الأرض" (لو 12: 49). النار هنا بنفس المعنى مثل السيف في عبارة أخرى، إذ يقول إنه لم يأتِ ليلقي سلامًا بل سيفًا على الأرض (مت 10: 34). السيف لكي يقسم، والنار لكي يحرق. كلاهما مفيدان. فإن سيف كلمته في حكمة يفيد حيث يفصلنا عن العادات الشريرة. فقد أحضر سيفًا وعزل كل مؤمنٍ عن أبيه الذي لم يؤمن بالمسيح أو عن أمه غير المؤمنة... السيف يعزل لكنه لا يقتل، إنه يفصل بيننا.
بنفس المعنى النار أيضًا... المؤمنون به يجلسون على نارٍ، يتقبلون لهيب الحب. ولهذا السبب فإن الروح القدس نفسه حلّ على الرسل، ظهر ألسنة منشقة كأنها نار (أع 2: 3). إذ التهبوا بهذه النار انطلقوا إلى العالم لكي يحرقوا ويشعلوا نارًا في أعدائه من كل جانب [17].
*أعرف النار المطهرة التي يبعثها المسيح على الأرض. هو نفسه يُدعى النار بطريقة تأويلية...
أنا أعلم أيضًا إنه توجد نار ليست مطَّهره بل منتقمة... يسكبها الله على كل الأشرار، أو تلك المُعدة للشيطان وملائكته (مت 25: 41). وأيضًا النار التي تصدر عن وجه الرب وتحرق أعداءه الذين حوله [18].
أَضَاءَتْ بُرُوقُهُ الْمَسْكُونَةَ.
رَأَتِ الأَرْضُ وَارْتَعَدَتْ [4].
يجعل الله منا سحابًا روحيًا، لهذا إذ نتعامل مع بعضنا البعض، نصير كالسحاب الذي يسبب رعودًا وبرقًا. خلال معاملاتنا نعلن نور المسيح مخلصنا كالبرق الذي يشرق على المسكونة وينيرها، فنسمع الصوت الإلهي: "أنتم نور العالم".
إن كان العالم قد صار ترابًا وأرضًا، فإن هذه الأرض ترى عمل الله فينا فترتعب، أما نحن فنتهلل من أجل نوره المشرق فينا ليبدد الظلمة.
*هذه البروق تبرق فتنير المؤمنين، لكنها تحرق غير المؤمنين [19].
* "أضاءت بروقه المسكونة"... الآن، حقك للسحاب (مز 36: 5) هو بالتأكيد رمز للأنبياء والرسل، فإنه إن لم تصطدم هذه السحب معًا لا تقدر أن تعطي بهاءها، ولكن إن التقت في رعدٍ معًا، في تعليمٍ واحدٍ، فإن برقها يضيء في العالم.
أتريدون أن تروا كيف أن المؤمنين يدعون سحابًا في الكتاب المقدس؟ يقول إشعياء: "وأوصي الغيم أن لا يمطر عليه مطرًا" (إش 5: 6). كان موسى سحابة، لذلك قال: "يهطل كالمطر تعليمي" (تث 32: 2). رسائل الرسل هي مطر روحي لنا. في الحقيقة ماذا يقول بولس في رسالته إلى العبرانيين؟ "لأن أرضًا قد شربت المطر الآتي عليها مرارًا كثيرة" (عب 6: 7). وأيضًا: "أنا غرست، وأبلوس سقى" (1 كو 3: 6) [20].
* "رأت الأرض وارتعدت" قبل أن تثمر الأرض وتتقبل كلمة الرب، شعرت ببروق كلماته فارتعدت. تطلع الرب إلى الأرض: "الناظر إلى الأرض فترتعد" (مز 104: 32). ماذا يفيد "ارتعدت"؟ "وإلى هذا أنظر، إلى المسكين والمنسحق الروح، والمرتعد من كلامي" (إش 66: 2) [21].
*بروقه أضاءت العالم كله: أعداؤه صاروا على نارٍ واحترقوا. كل تلك المقاومة احترقت وبروقه أضاءت العالم؛ كيف أضاءت؟ العالم أخيرًا آمن. من أين جاءت البروق؟ من السحب. ما هي سحب الله؟ الكارزون بالحق. لكنك ترى السحابة غامضة ومظلمة في السماء، وكما أعرف أنا لا تحمل شيئًا مخفيًا فيها. إن كان يحدث برقًا من السحاب، فيشرق بهاء من ذاك الذي تستخف به، يصدر منه ما يخيف.
ربنا يسوع المسيح أرسل رسله ككارزين مثل السحاب، ظهروا كبشرٍ وُاحتقروا؛ ظهروا كسحابٍ وأستخف بهم، حتى تتعجب من يومض منهم [22].
ذَابَتِ الْجِبَالُ مِثْلَ الشَّمْعِ قُدَّامَ الرَّبِّ،
قُدَّامَ سَيِّدِ الأَرْضِ كُلِّهَا [5].
كثيرًا ما يقف الإنسان أمام سطوة الخطايا، فيراها كالجبال الثابتة، من يقدر أن يزعزعها؟! لكننا إذ نحمل مسيحنا القائم من الأموات في داخلنا تذوب هذه الجبال قدامه، ويدرك الكل أنه هو الخالق سيد الأرض كلها، لن يقدر الموت ولا كل قوات الظلمة أن تقف أمامه.
خبرتنا الجديدة في المسيح يسوع، وتمتعنا بنور قيامته الغالبة للموت تهبنا فرحًا داخليًا مجيدًا.
*من هم الجبال (التلال)؟ المتكبرون. فإنه حتى كل شيء عالٍ يقف ضد الله، ضد أعمال المسيح وضد المسيحيين، يرتعب ويخضع. وحينما أقول ما قد قيل فعلًا "ذابت" فلا أجد كلمة تفوقها [23].
*"ذابت الجبال مثل الشمع قدام الرب". يدعو الحكام العظماء والقديرين جبالًا. هؤلاء الذين قاموا قبلًا مثل السماء في كبريائهم ينحطون عند مجيء المسيح. أولئك الذين كانوا قساة بشدة بتشامخ باطل، صاروا في ليونة بحرارة الحكمة الإلهية [24].
*بالنسبة لي، يبدو أن هذه الجبال هي قوات الشيطان. سواء كانوا جبالًا أم لا، فهم بالتأكيد أناس متكبرون. هذه النار لا تُهلك المتواضعين، وإنما المتكبرين وحدهم.
كحقيقة واقعة، يندر أن تصيب البروق الذين في الوادي، لكنها تضر الذين في أعلى الجبال [25].
*أرجو أن تلاحظوا أيضًا الجلال الذي لا يُقارن في ذاك الذي يفوق الكل، أي المسيح. فبقدرةٍ لا تُقاوم وسلطانٍ ليس له مثيل يسحق الشيطان بمجرد أن يريد أن يكون الأمر كذلك. وهو لا يسمح له أن يحاول أن يعطي نظرة معارضة لأوامره. إن إرادة المسيح كانت نارًا ولهيبًا بالنسبة له، حتى أنه يصدق قول المرنم المبارك: "إن الجبال تذوب مثل الشمع أمام وجه الرب" (مز 97: 5). وأيضًا في مكانٍ آخر، يقول: "يمس الجبال فتدخن" (مز 104: 32). لأنه يقارن قوات الشر العالية والمنتفخة بالجبال. وهذه القوات رغم اتصالها بالنار تذوب مثل الشمع أمام قدرة وسيادة مخلصنا. وإلى جانب ذلك يدخنون، والدخان يشير إلى نارٍ على وشك أن تنفجر إلى لهيب. وهذا هو النصيب الذي تعاني منه الأرواح النجسة [26].
أَخْبَرَتِ السَّمَاوَاتُ بِعَدْلِهِ،
وَرَأَى جَمِيعُ الشُّعُوبِ مَجْدَهُ [6].
بقيامة مسيحنا ومخلصنا نتغنى مع الرسول بولس بروح التهليل والغلبة، قائلين: "وكما لبسنا صورة الترابي، سنلبس أيضًا صورة السماوي" (1 كو 15: 49). نصير أشبه بالسماء، نخبر بإنجيل الخلاص وبرّ المسيح، ونشهد بالحياة المقامة أمام الشعوب عن بهجة قيامته. هكذا تخبر السماوات ببرّه، وترى جميع الشعوب مجده.
*الكنيسة كلها تكرز بالمسيح، والسماء تخبر ببرّك. لأن كل المؤمنين الذين يهتمون بكسب غير المؤمنين لله، يفعلون هذا عن حبٍ، إنهم سماوات! من هؤلاء يرعد الله برهبة حكمة، فيرتعب غير المؤمن ويحذر فيؤمن. إنه يُظهر خلال البشر ما هي قوة المسيح في العالم، في مرافقة ومحاججة معهم، يقودهم إلى حب المسيح [27].
* "أخبرت السماوات بعدله، ورأى جميع الشعوب مجده". هاتان العبارتان تنقلان تعليمين: السماوات تخبر بعدل الرب، وجميع الشعوب ترى مجده. إن لم تكن السماوات شخصًا ما كانت تستطيع أن تخبر بعدل الرب. بجانب هذا يُقال للخاطي: "أنت تراب وإلى تراب تعود" (تك 3: 19). فلماذا لا يُقال عن البار: "سماء أنت وإلى سماء تعود"؟ إننا لا نحمل شبه الترابي بل السماوي (1 كو 15: 49)، لأن "مواطنتنا هي في السماوات" (في 3: 20).
تبعًا لهذا، الإنسان سائح على الأرض، بالتأكيد وهو في الجسد، لكن ليس حسب الجسد، بهذا يخبر بعدل الرب. الآن، إن كان أحد يعاني من الحاجة بسبب نقص المعرفة والشكوى: "لماذا نرى في هذه الحياة الأبرار في عوزٍ وانسحاقٍ تحت ثقل المتاعب، بينما الخطاة في فيض الغنى وكل الأمور المريحة؟ إن لم يتعلم الرجل الكنسي في الكتاب الإلهي المقدس، كيف أنه في مثل هذه الحالات يكون قادرًا على البرهنة على عدل الله؟ إن كان يلهج في الناموس ليلًا ونهارًا، يكون مستعدًا أن يجيب بأن الفترة القصيرة في الضيق في العالم الحاضر يلزم مقارنتها بالمكافاءات الأبدية فيما بعد. إنه من الأفضل جدًا أن يًحتمل الفقر الاختياري من أجل الرب لفترة هذه الحياة القصيرة من أجل التمتع بغنى الحياة المقبلة، عن التنعم بالرفاهيات هنا، وتكون العذابات فيما بعد بعقوبات غير محتملة.
"ترى جميع الشعوب مجده". هؤلاء الذين تعثروا أولًا في صليب الرب، فكانوا عاجزين عن التعرف عليه، حاليًا بعد أن أخبرت السماوات بعدله صارت تمجده [28].
*الإنسان الذي في السماوات لا يخاف عدل الله؛ الإنسان من السماء لا يخشى أن يعلن عدل الله. الإنسان المقدس والذي من السماء لا يخشى إله العدل. أما الخاطي فيطلب إله الرحمة [29].
*اسمع لكلمات ذاك الذي لا يخدع: "الرب إلهنا رب واحد" (تث 6: 4). وأيضًا: "الرب إلهك تتقي، وإياه تعبد، ولا تسير وراء آلهة أخرى" (تث 6: 13). "لا تصنع لك تمثالًا منحوتًا، ولا صورة ما ممّا في السماء من فوق، وما على الأرض من تحت" (خر 4: 20). "يخزى كل عابدي تمثال منحوت، المفتخرين بالأصنام" (مز 97: 7). ومرّة أخرى: "الآلهة التي لم تصنع السماوات والأرض تبيدُ من الأرض ومن تحت السماء" (إر 10:11). بهذه الطريقة وبأساليب مماثلة تكلّم الله في الزمن الماضي إلى الآباء عن طريق الأنبياء، ولكن أخيرًا في هذه الأيام تكلّم معنا عن طريق ابنه الوحيد، الذي به صنع الدهور. إنه يقول: "هذه هي الحياة الأبديّة، أن تعرفوا الإله الحقيقي ويسوع المسيح الذي أرسله". أومن بإلهٍ واحدٍ، مصدر كل الأشياء بدون بداية، غير مخلوق، غير مائت، لا يمكن مهاجمته، أبدي، دائم، غير مفهوم، لا شكل له [30].
7 يَخْزَى كُلُّ عَابِدِي تِمْثَال مَنْحُوتٍ، الْمُفْتَخِرِينَ بِالأَصْنَامِ. اسْجُدُوا لَهُ يَا جَمِيعَ الآلِهَةِ. 8 سَمِعَتْ صِهْيَوْنُ فَفَرِحَتْ، وَابْتَهَجَتْ بَنَاتُ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ أَحْكَامِكَ يَا رَبُّ. 9 لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ عَلِيٌّ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ. عَلَوْتَ جِدًّا عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ.
يَخْزَى كُلُّ عَابِدِي تِمْثَالٍ مَنْحُوتٍ،
الْمُفْتَخِرِينَ بِالأَصْنَامِ.
اسْجُدُوا لَهُ يَا جَمِيعَ الآلِهَةِ [7].
إذ انحرف الإنسان عن الحب الحقيقي، وفقد فرحه وسلامه، ظن في عبادة الأوثان وممارسة رجاستها بهجة وتهليل القلب. لكن الإيمان بالمخلص رد لنا أكثر مما فقدنا.
أ. صارت لنا العبادة الروحية المتهللة [7].
ب. صرنا صهيون الجديدة الروحية المبتهجة [8].
ج. صارت نفوسنا بنات يهوذا، أي بنات الاعتراف بالإيمان، تتعرف على خطة الرب وأسراره وأحكامه فتبتهج به [8].
د. تدرك سمو الله الفائق، فتتمسك به وحده كمصدر الغنى والسلام والفرح [9].
يرى القديس أغسطينوس أن عبدة الأصنام الحجرية في خزي لأنهم يسجدون لحجارة ميتة. أما نحن فمسيحنا حجر الزاوية الحي الذي مات لأجلنا وقام، فأحيانا معه. أما الآلهة التي تسجد له، فهي الملائكة. وكما قال ملاك للقديس يوحنا الذي خرّ أمام ملاكٍ عند رجليه ليسجد له متعبدًا: "أنظر، لا تفعل. أنا عبد معك ومع إخوتك الذين عندهم شهادة يسوع. أسجد لله" (رؤ 19: 10).
*ليت أولئك الذين هم حجارة يخزون. لأن هذه الحجارة ميتة، أما نحن فلنا الحجر الحي. بالحق تلك الحجارة لم تعش قط، أما حجرنا فحيّ، يحيا دومًا مع الآب، وإن كان قد مات لأجلنا فهو حي، ويحيا الآن، وليس للموت سلطان عليه (رو 6: 9) [31].
* "يخزي كل عابدي تمثال منحوت". إن كان النبي إنسانًا مطوَّبًا، فهو يعلم أن المطوَّب لا يلعن. لذلك عندما يقول: "يخزي" فهو لا يصلي ضد الذين صاروا في خزي، وإنما لأجلهم. إنه يصلي ألا يصيروا في خزي بخطئهم، بل يتحولون إلى الله الحقيقي الخالق الوحيد [32].
*رأى بطرس مجد قيامة المسيح ولم يرغب في النزول (من الجبل)، قائلًا: "يا رب جيد أن نكون ههنا". كم بالأكثر، فوق كل مقارنة، مجد اللاهوت والنور الذي لا يُقترب منه بالنسبة لأي أمر آخر يمكن أن يُرى ويُشتهي؟ فإن الممالك لا تُقارن به ولا الغنى ولا الكرامات ولا المجد ولا السلطة، ففي استخدام هذه لا توجد تطويبات، أما من ينعم بتلك الخيرات الفائقة فمطوَّبة. يمكن للإنسان إن تطلع عليها يصير صالحًا ويبقى فيها. بهذا إذ يحمل أيقونة جميلة يدخل إلى الأعماق، ولا يهتم بشكل الجسم الخارجي [33].
سَمِعَتْ صِهْيَوْنُ فَفَرِحَتْ،
وَابْتَهَجَتْ بَنَاتُ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ أَحْكَامِكَ يَا رَبُّ [8].
تشير "صهيون" إلى كنيسة العهد الجديد، و"بنات يهوذا" إلى النفوس التي تعترف بالمسيا المخلص وتؤمن به.
إن كان الخزي يحل بغير المؤمنين، فالتهليل هي سمة المؤمنين، إذ يجدوا في أحكام الله بهجة ومسرة.
*ماذا سمعت صهيون؟ إن كل ملائكته تسجد له... لأن الكنيسة في ذلك الوقت لم تكن بين الأمم. في اليهودية اليهود أنفسهم الذين آمنوا، ظنوا أنهم هم وحدهم ينتمون للمسيح. أُرسل الرسل إلى الأمم، وبُشر أيضًا كرنيليوس. آمن كرنيليوس واعتمد، والذين معه اعتمدوا (أع 10: 47)...
"وابتهجت بنات يهوذا من أجل أحكامك يا رب" [8]. ماذا يعني: "من أجل أحكامك؟" لأن في كل أمةٍ وفي كل شعبٍ، من يخدمه مقبول لديه، لأنه ليس إله اليهود وحدهم، بل هو إله الأمم أيضًا (رو 3: 29) [34].
* "ابتهجت بنات يهوذا من أجل أحكامك يا رب" هل هذا يعني أن بنات يهوذا دون أبنائها يبتهجن؟ ليتنا نتأكد أولًا من معنى اسم "يهوذا"، وعندما نعرف هذا نأخذ في اعتبارنا تفسير "بنات". "يهوذا" بديل لإعلان الإيمان. كل نفسٍ تعرف الله هي بنت يهوذا. لهذا يمكننا القول بأن بنات يهوذا هي نفوس المؤمنين التي تفرح بأحكام الله. فإنه إن لم يكن للشخص إيمان لن يفرح بأحكام الله. بيتي سقط، وفقدت كل ثروتي في دمار، وابني مات، وخادمي أخذ ممتلكاتي وهرب. أنا الذي كنت غنيًا صرت مُدمرًا بالعوز. إن لم أكن ابنة يهوذا لن افرح بأحكام الله.
كانت نفس أيوب ابنة ليهوذا. ففي فقدان ممتلكاته تعزى هكذا: "الرب أعطى، الرب أخذ. مبارك اسم الرب! عريانًا خرجت من رحم أمي، وعريانًا أعود إلى التراب" (راجع أي 1: 21). تحول من إنسانٍ ثريٍ إلى فقيرٍ، فقد ممتلكاته مع أبنائه، وتحطم تحت ثقل العوز، والسلب. أخيرًا بلغ قمة البؤس وضُرب بالقروح عديمة الشفاء بالنسبة للإنسان، لكن يُمكن شفاؤها بواسطة الله. ما يعجز الدواء البشري عن تقديم الشفاء يمكن للصبر والإيمان أن يشفياه [35].
*هل لا تجدين ملبسًا؟ ضعي الزنابق أمام عينيكِ. هل لحق بكِ جوع؟ تذكري الكلمات التي يُطوب بها المساكين والجائعون. هل أصابكِ ألم؟ لتقرأي: "لذلك أسر بالضعفات"، و"لئلا ارتفع بفرط الإعلانات، أُعطيت شوكة في الجسد، ملاك الشيطان ليلطمني لئلا ارتفع" (2 كو 12: 7، 10). افرحي بأحكام الله؛ ألم يقل المرتل: "ابتهجت بنات يهوذا من أجل أحكامك يا رب" (مز 97: 8) [36].
*يُقال لنا إن بنات يهوذا ابتهجن من أجل كل أحكام الرب. لذلك فإنه إذ "يهوذا" معناها "اعتراف"، وإذ كل نفسٍ مؤمنة تعترف بإيمانها، فإن ذاك الذي يدعي أنه يؤمن بالمسيح يلزمه أن يفرح بكل أحكام المسيح [37].
لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ عَلِيٌّ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ.
عَلَوْتَ جِدًّا عَلَى كُلِّ الآلِهَةِ [9].
يرى القديس أغسطينوس أن صهيون فرحت وبنات صهيون ابتهجن، لأنه وإن كانت الأمم لم تتمتع بالنبوات، لكنها اكتشفت أن السيد المسيح عالٍ، واحد ومساوي للآب. إنه ليس عالٍ فوق الأصنام فحسب، بل وفوق الأبرار. هذا لا يكفي، وإنما هو عالي فوق الملائكة أيضًا.
10 يَا مُحِبِّي الرَّبِّ، أَبْغِضُوا الشَّرَّ. هُوَ حَافِظٌ نُفُوسَ أَتْقِيَائِهِ. مِنْ يَدِ الأَشْرَارِ يُنْقِذُهُمْ. 11 نُورٌ قَدْ زُرِعَ لِلصِّدِّيقِ، وَفَرَحٌ لِلْمُسْتَقِيمِي الْقَلْبِ. 12 افْرَحُوا أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ بِالرَّبِّ، وَاحْمَدُوا ذِكْرَ قُدْسِهِ.
يَا مُحِبِّي الرَّبِّ أَبْغِضُوا الشَّرَّ.
هُوَ حَافِظٌ نُفُوسَ أَتْقِيَائِهِ.
مِنْ يَدِ الأَشْرَارِ يُنْقِذُهُمْ [10].
أفسدت الخطية حياتنا، وحول الشر أعماقنا كما إلى جحيمٍ لا يُطاق. صرنا عبيدًا للشر، وقد جاء المخلص يمرر الخطية في أفواهنا، فنبغضها. يشرق بنور برَّه فينا، فنفرح ونتهلل. يقيم مقدسه في داخلنا، فتتحول حياتنا إلى حمدٍ لا ينقطع.
*لا يستحق المسيح أن تحبوا الطمع بجانب حبكم له. إنكم تحبون المسيح، ابغضوا ما يبغضه هو...
أنصتوا، أنتم تحبون المسيح، والطمع عدو المسيح، فلماذا تتكلمون مع الطمع؟ لست أقول لماذا تتكلمون معه، بل ولماذا تخدمونه؟ فإن المسيح يوصيكم أن تفعلوا أشياء كثيرة، وأنتم لا تفعلونها. الطمع يوصيكم بشيءٍ، وأنتم تفعلونه [38].
* "يا محبي الرب أبغضوا الشر". لا يمكن أن يوجد نوعان متناقضان من الحب في إنسانٍ واحدٍ. كما أنه لا يوجد اتفاق بين المسيح وبليعال، وبين العدل والظلم (راجع 2 كو 6: 14-15)، هكذا من المستحيل على النفس الواحدة أن تحب الخير والشر. يا محبي الرب، أبغضوا الشر، الشيطان؛ في كل عملٍ يوجد حب لواحدٍ وبغضة للآخر. "الذي عنده وصاياي ويحفظها، فهو الذي يحبني" (يو 14: 21). ومن الجانب الآخر، ماذا يُقال عن الشيطان؟ "بحسد إبليس دخل الموت إلى العالم، وتبعه الذين يؤيدونه" (حك 2: 24). بأسلوب بسيط: يا من تحبون الأمور الصالحة ابغضوا الأمور الشريرة. لا تستطيعون أن تحبوا الصلاح ما لم تبغضوا الشر [39].
* "هو حافظ نفوس أتقيائه". يا لها من نتيجة رائعة! من يحب الصلاح ويبغض الشر، ماذا يستحق من قبل الرب سوى حفظه له؟ "من يد الأشرار ينقذهم". هنا يثور السؤال: إن كان الرب يحفظ نفوس أتقيائه وينقذهم من يد الأشرار، فكيف يهلك الشهداء في الاضطهاد؟ كيف حكم نيرون الظالم بالموت على بطرس وبولس في يومٍ واحدٍ، إن كان الرب يحفظ نفوس أتقيائه؟ لتصغوا بانتباه الآن. فإن الرب يحفظ نفوس أتقيائه؛ يقول نفوس، وليس أجساد. "لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد، ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها. بل خافوا بالحري من الذي يقدر أن يهلك النفس والجسد كليهما في جهنم" (مت 10: 28)... أقول إنه في الاستشهاد يُسفك الدم لكي تخلص النفس من التجارب، لكي تهجر فترة الحياة القصيرة وتدخل الأبدية؛ تترك الاضطهاد خلفها، وتسرع إلى ربنا يسوع المسيح لتتويجها [40].
*يبدو غريبًا أن نجد البغضة ضمن قائمة الفضائل، لكنها توضع هنا بواسطة الرسول (رو 12: 9) عن ضرورة. لا يشك أحد أن للنفس مشاعر بغضة في داخلها، بها تكره الخطية (مز 97: 10؛ أم 8: 13؛ عا 5: 15) فإنه ما لم يبغض الإنسان الشر لا يقدر أن يحب ولا أن يقتني الفضائل. كمثال إن كان أحد يود أن يحفظ الطهارة لا يقدر أن يحتفظ بها في آمان ما لم يكره الفساد ويحتقره [41].
*قال شيخ: حياة الراهب وسلوكه يكونان هكذا: الطاعة، الهذيذ، عدم الدينونة، عدم تشويه سُمعة أحد، عدم التذمُّر، ففي الحقيقة مكتوب: "يا محبِّي الرب ابغضوا الشر" (مز 97: 10). حياة الراهب هي: عدم أخذ شيء من الإثم، عدم النظر إلى ما هو شرير، عدم التدخُّل في كل شيءٍ، عدم الإصغاء إلى الكلام غير اللائق، عدم السرقة بل بالحري العطاء، ألاّ يكون منتفخًا في قلبه، ألاّ تكون له أفكار زنى، ألاّ يكون جشعًا، ألاّ يملأ بطنه، أن يفعل كل شيء بإفراز. مِنْ كل هذه الأمور يُعرَف الراهب.
فردوس الآباء
نُورٌ قَدْ زُرِعَ لِلصِّدِّيقِ،
فَرَحٌ لِلْمُسْتَقِيمِي الْقَلْبِ [11].
يظن الأشرار في ممارستهم للشر أنهم يتمتعون بالحياة السعيدة والبهجة والفرح، وكأنهم يقتنون النور. ولا يدركون أنهم في الحقيقة يفقدون بالشر النور والسعادة.
*أي نور تخشون أنكم تفقدونه (بالحياة المقدسة)؟ ألا تخشون أنكم تصيرون في الظلمة؟ ألا تخشون أنكم تفقدون النور؟ بلى لتخشوا لئلا وأنتم تخشون فقدان هذا النور تفقدون النور الحقيقي [42].
افْرَحُوا أَيُّهَا الصِّدِّيقُونَ بِالرَّبِّ،
وَاحْمَدُوا ذِكْرَ قُدْسِهِ [12].
*يليق بنا أن نفرح فقط مع أولئك الذين نراهم يمارسون عملًا يستحق تسجيله في السماء، سواء كان عمل برٍّ، أو عمل محبة أو عمل رحمة... هكذا متى رأينا الناس يتحولون عن الخطأ، ويتركون ظلمة الجهل وراءهم، ويأتون إلى نور الحق وغفران الخطايا، يلزمنا أن نفرح معهم (مز 13: 5-6؛ 40: 16؛ 68: 3)... بنفس الكيفية "بكاء مع الباكين" يلزمنا ألا نبكي مع الذين يحزنون على ميتهم أو على خسائر هذا العالم... فلا تلتصق دموعنا بدموعهم، بل بالحري نبكي مع ذاك الذي يبكي على خطاياه، هذا الذي بعدما يفعل خطأ يرجع إلى التوبة ويغسل خطأه بدموعه. يليق بنا أن نبكي مع من يتنهد ليجد نفسه في هذا الوضع، ويطلب العودة إلى المسيح، وتتعزى رغبته المقدسة بسكب الدموع [43].
في النهاية يدعونا المرتل أن نفرح ونتهلل، لا بمباهج العالم، بل بالرب، والتسبيح له.
يقول القديس أغسطينوس أن الذين يبتهجون بأمور العالم يفرحون في الربيع حيث الثمار الكثيرة ومباهج العالم، أما من يبتهج بالرب، فلا يعرف فصلًا معينًا من فصول السنة، بل يفرح على الدوام.
*الفرح الذي بحسب شكل العالم ليس فرحًا حقيقيًا. اسمعوا النبي إشعياء: "ليس سلام قال إلهي للأشرار" (إش 57: 21) [44].
*لتملك يا رب على أعماقي كما على جسدي.
بقيامتك أعلنت ملكوتك.
إنك قد حررت جسدي الذي أسره ملك الظلمة.
عدت بكل كياني إلى مملكتك.
ليتهلل جسدي مع نفسي بك.
*صرتُ كجزيرة تلطمني أمواج الضيقات من كل جانب.
لكنك ما دمت حالًا فيّ،
أية تجارب يمكن أن تقتحمني،
وأي عدو يقدر أن يحطمني؟
*بقيامتك سكن برَّك في جسدي كما في نفسي.
قتلت الموت الذي قتل حياتي.
أزلت العمى الذي حلّ ببصيرتي.
حللت يا حكمة الآب فيّ،
وجعلت مني كرسيًا وعرشًا لك!
لم يعد السحاب والضباب
قادران أن يحجبانك عن بصيرتي.
لك المجد يا من أنرت عيني،
فأراك وأتهلل بجلالك!
تقيم مني سحابة منيرة وسريعة،
تحملك كما حملتك والدتك إلى أرض مصر!
أحملك يا نور العالم إلى إخوتي،
ليستنيروا معي بك.
*لست أخشى النار التي تسير قدامك.
فإنها تحرق شروري ورذائلي لكي تقدسني لك.
إنك نار حب عجيبة.
بنارك تجتذب القلوب إليك،
فهي تطهر وتقدس إلى التمام.
*لتلهب قلبي بنار روحك القدوس.
فلن تستريح نفسي حتى يستريح الكل فيك.
ويتمتع الكل بنار حبك!
*بعثت برسلك كالسحب التي تبدو كأنها بلا قوة.
اخترت جهال العالم الذين بلا حكمة بشرية.
صدرت عنهم بروق بهية،
أضاءت المسكونة كلها.
كانوا سخرية العالم،
لكنهم صاروا كواكب منيرة في وسط عالم معوج ومظلم.
ها أنا بين يديك،
اعترف لك بجهلي وضعفي،
أرشدني: ماذا تريد يا رب أن أفعل؟
*هوذا كنيستك الحقيقية صارت سماءً ثانية،
إنها تخبر ببرّك، وتعلن مجدك.
متى يصير العالم كله سماءً مقدسة؟!
لترعد وتبرق يا رب خلال أنبيائك ورسلك ومؤمنيك.
فيختبر غير المؤمنين نورك الإلهي وغني نعمتك الفائقة!
*إذ تسمع صهيون الحقيقية عن قبول الأمم للإيمان تفرح،
وإذ تدرك بنات يهوذا أحكامك تبتهج بخلاص العالم.
هب لي روح والبهجة، إذ أسمع عن قبول الكل لك،
وتمتع الجميع بخلاصك.
_____
[1] On Ps. 97 (96).
[2] On Psalms, homily 24.
[3] On Ps. 97 (96)..
[4] On Psalms, homily 24.
[5] On Psalms, homily 73.
[6] On the Resurrection of the Flesh, 26.
[7] عن دير سيدة حماطورة بكوسبا لبنان، عظات في ميلاد السيدة ورقادها للقديس يوحنا الدمشقي، 1997، ص 72.
[8] Hymns on Nativity, 2.
[9] On Ps. 97 (96).
[10] Homilies on Matt., hom. 56: 5.
[11] On Psalms, homily 73.
[12] St. Jerome: On Psalms, hom 24.
[13] رسالة8:51.
[14] رسالة10:51.
[15] On Psalms, homily 73.
[16] On Psalms, homily 24.
[17] On Ps. 97 (96).
[18] Oration on Holy Baptism, 40: 36..
[19] On Psalms, homily 24.
[20] On Psalms, homily 73.
[21] On Psalms, homily 73.
[22] On Ps. 97 (96).
[23] On Ps. 97 (96).
[24] On Psalms, homily 73.
[25] On Psalms, homily 24.
[26] مؤسسة القديس أنطونيوس: تفسير إنجيل لوقا للقديس كيرلس الكبير، عظة 44.
[27] On Ps. 97 (96).
[28] On Psalms, homily 73.
[29] On Psalms, homily 24.
[30] عن الصور المقدّسة، الدفاع الأول، 4.
[31] On Ps. 97 (96).
[32] On Psalms, homily 73.
[33] Isaac or the Soul, 8:78.
[34] On Ps. 97 (96).
[35] On Psalms, homily 73.
[36] Letter 22 to Eustachium, 31.
[37] Epistle 39: 2.
[38] On Ps. 97 (96).
[39] On Psalms, homily 73.
[40] On Psalms, homily 73.
[41] Commentary on Rom. 12: 9..
[42] On Ps. 97 (96).
[43] Commentary on Rom. 12:15.
[44] On Ps. 97 (96).
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 98 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير مزمور 96 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/jk83j4t