7 - ز
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 49 - 50 - 51 - 52 - 53 - 54 - 55 - 56
[49- 56]
في القطعة السابقة تحدث المرتل عن شهادته للوصية أو لكلمة الله، بالصلاة والكلمات كما بالعمل، خاصة باتساع قلبه أو حبه لمقاوميه بروح الشجاعة لا الخنوع. وقد ختم حديثه بالكشف عن لذته بالوصية وتمتعه بالصداقة والود الشديد معها. الآن إذ يدرك المرتل أنه غريب على الأرض، وساقط تحت المذلة والضعف فإنه يجد في الوصية الإلهية عزاءه. يجد في كلمة الله موضع استقرار له وسط الضيقات، ويجدها تسابيح لبيت غربته!
49، 50. |
||
51، 52. |
||
53. |
||
54 -56. |
||
تعزيات كلمة الله من وحي المزمور 119(ز) |
49 اُذْكُرْ لِعَبْدِكَ الْقَوْلَ الَّذِي جَعَلْتَنِي أَنْتَظِرُهُ. 50 هذِهِ هِيَ تَعْزِيَتِي فِي مَذَلَّتِي، لأَنَّ قَوْلَكَ أَحْيَانِي.
"أُذكر كلامك لعبدك الذي عليه اتكلتني.
هذا الذي عزاني في مذلتي،
لأن قولك هو أحياني" [49،50].
إن كنت أعيش في عالم الغربة وسط ضيقات شديدة، فإن سرّ تعزيتي هو وعودك التي ترفع المؤمن من المذلة وتهبه الحياة، إذ يفتح له الرب باب الرجاء في الحياة الأبدية.
*
لقد قلت أنك تعطي حافظي وصاياك خلاصًا، وتجازي مخالفيها بعقوبات. ونحن أيضًا نقول أنك يا ربنا قد وعدت أن تكون معنا إلى انقضاء الدهر. وبقولك هذا فديت همتنا واتكالنا. أذكر الآن وعدك لعبدك، وأُوفِ بما قد وعدتنا به. كنت أتعزى بهذا الوعد وقت شدائدي، وقولك أحياني. لأن قول الله إذا حفظه الإنسان وتممه بالعمل تحيا نفسه تلك الحياة الخاصة بالنفس، أعني الحياة الأبدية.* عندما ذكرت "كلام" الوعد، أعطيتنا أجنحة تسندنا فلا نبالي بالعالم الحاضر، لأنني اشتهيت الأمور السماوية وطلبت الأبديات. لقد جاهدت وقاومت مطالبًا بإصرار كلام هذا الوعد.
* ما هو "الكلام" الذي يطلب من الله أن "يتذكره" إلا الوعد الذي أعطاهم إياه أنه يكون معهم (مت20:28)، والذي كان بالنسبة لهم تعزية وسط الاضطهادات؟!
* ماذا يقصد ب "هذا" (الذي عزاني)؟
إنه الرجاء الذي نشأ فيَّ بكلامك. لقد عزاني وشجعني حتى إذا ما حلَّت بي شدة أو خطر أو توقع موت أو مرض أو فقدان رؤوس الأموال أو اضطهاد أو ما يُعتبر ضيقات بأي نوع، يكون رجائي فيك هو "تعزيتي". في اختصار يدعو كل هذه الضيقات: "في مذلتي".
إنه زمن الضيقات والتجارب، حيث مذلة النفس المتروكة والمستسلمة للمجرب لكي تجاهد ضد القوة المضادة، لذلك فإن "قولك هو أحياني". ليس ما يحيي النفس مثل كلام الله، فقدر ما يدرك الإنسان كلام الله وتتقبله نفسه تنمو فيه الحياة، يقصد الحياة الصالحة هنا، بعدها يعطي الله الحياة الأبدية.
بدأ المرتل تضرعه إلى الله واهب التعزية بتذكيره بوعوده الإلهية. فإن الله لن ينسى كلمته، لكنه يطلب منا أن نُذكِّره، ففي هذا تجديد لثقتنا فيه، وإيماننا بصدق مواعيده، وتجاوب مع محبته. إننا لا نُذكِّره بخدمتنا ولا بجهادنا ولا ببرنا وإنما بوعوده الصادقة وميثاقه معنا. بهذا الروح صرخ اللص التائب وهو على الصليب: "أُذكرني يا رب متى جئتَ في ملكوتك". هي صرخة الإنسان الواثق في حب مخلصه والمعترف بعدم استحقاقه الذاتي. وبنفس الروح يصلي داود النبي قائلًا: "والآن أيها الرب ليثبت إلى الأبد الكلام الذي تكلمت به عن عبدك وعن بيته وافعل كما نطقت" (أي23:17). وكأنه يقول له: "أنا أعلم أنك أمين في مواعيدك، ولا تنقض كلمتك، فلتعمل فيَّ حسب وعودك فإنني مؤمن بها ومتكل عليها. أنت وعدت، وأنا مملوء رجاءً في مواعيدك أنتَ قادر أن تخلص حتى الموت، وها أنا أحيا بكلمتك".
يجد المرتل شبعًا لكل احتياجاته في محبة الله ووعده الصادق، الذي يقيم من الموت، واهبًا الحياة. خارج الوعد الإلهي يشعر المرتل بالمذلة، إذ يقول: "هذا الذي عزاني في مذلتي"... ليس ما يرفع عني المذلة إلا وعدك الإلهي! ولعله يشير هنا إلى المذلة، لأن الله ينظر إلى المتواضعين ويرفع النفوس المتذللة.
* إننا نتسلم الرجاء من الله الذي نقول له: "الذي جعلت فيَّ رجاء" [49](61).
* أعني ذاك الرجاء الذي يُعطى للمتواضعين كما يقول الكتاب المقدس: "يقاوم الله المتكبرين ويُعطي نعمة للمتواضعين".
51 الْمُتَكَبِّرُونَ اسْتَهْزَأُوا بِي إِلَى الْغَايَةِ. عَنْ شَرِيعَتِكَ لَمْ أَمِلْ. 52 تَذَكَّرْتُ أَحْكَامَكَ مُنْذُ الدَّهْرِ يَا رَبُّ، فَتَعَزَّيْتُ.
إذ كانت الخطية تفقدني الرجاء في الحياة الأبدية، جاء كلمة الله يهبني الحياة الأبدية، لذلك لا أهاب متاعب هذا الزمان الحاضر وضيقاته.
أجد في كلامك تعزيتي، لكن المتكبرين يسخرون بي لأنهم يحسبون رجائي في وعدك واتكالي على قولك وإيماني بك أمورًا خادعة وواهية. إنني أكمل رحلة غربتي ولا أتوقف كمن يسير بقافلته ولايبالي بنباح الكلاب.
"إن المتكبرين تجاوزوا الناموس جدًا إلى الغاية،
وأنا عن ناموسك لا أملْ.
تذكرت أحكامك يا رب منذ الدهر فتعزيت" [51، 52].
* عندما كان المتكبرون يتجاوزون ناموسك يا رب إلى الغاية، كانوا ليس فقط يأثمون بل ويهزأون بحافظيه، فكنت أنا بالأكثر أعتصم به، متذكرًا أنك منذ القديم تسمح عادة بسقوط (مؤمنيك) في المحن، لكنك تسرع إلى نجاتهم منها، وتمجدهم بالأكثر؛ بهذه الذكرى تعزيت.
* استهزأ المتكبرون بناموسك، بل واستهزأوا به إلى الغاية، أما أنا فلم أملْ عن ناموسك قط. وأنت دبرت حياتي، وحفظت روحي، حتى لا يكون مع قلبي كلام لئيم مختبئ مضاد للشريعة (راجع تث9:15)...
* لنتأمل أيضًا سلوك البار، فإنه يقول بأنه يتذكر أحكام الله التي هي منذ الدهر وإلى الدهر تظهر لكل واحدٍ فتعزيه، فلا يعود يعرف الحزن ولا القلق، إذ يقول: "إن آلام الزمان الحاضر لا تُقاس بالمجد العتيد أن يُستعلن فينا" (رو18:8).
* أراد أن يُفهم المتكبرون أنهم مضطهدوا الأتقياء، لذلك أضاف "وأنا عن ناموسك لم أمل"، لأن المضطهدين المتكبرين حاولوا أن يلزموه بذلك.
* يصنع الهراطقة لأنفسهم مجدًا بمخالفتهم للناموس، لكنني لهجت في حفظه كله دون أن أضعف ولو جزئيًا، وفي قبولي له بدون تردد.
* تذكرت الأحكام التي اتخذتها قديمًا ضد مضطهدي إسرائيل فتعزيت، إذ عرفت أنني لن أصير متروكًا في الاضطهادات، وأن كل ما يحدث للإنسان إنما هو وفق أحكام الله.
لم يطلب المرتل إبادة المتكبرين المقاومين له من أجل حفظه وصايا الله، إنما يطلب أن يحفظه الله كي لا ينحرف بسببهم أو يميل عن الطريق الملوكي يمينًا أو يسارًا، بل ينشغل بتعزية الروح له، ويهتم بأحكام الله. كأنه يقول: لا أريد أن أنشغل بالسلبيات، أي بالهجوم الموجه ضدي، وإنما أهتم بالإيجابيات أي بالتأمل في أحكامك والتمتع بتعزياتك. بهذا لا يعطي للأشرار فرصة تحقيق رغبتهم من جهته.
لقد حاول سنبلط وجشم الشريرين أن يشغلا نحميا عن العمل الإيجابي في مجادلات نظرية، وأن يفسدا وقته في الحوار عوض بناء السور، "فأرسل إليهما رسلًا قائلًا: إني أنا عامل عملًا عظيمًا فلا أقدر أن أنزل؛ لماذا يبطل العمل بينما أتركه وأنزل إليكما؟! نح3:6. فأرسلا إليه بمثل هذا الكلام أربع مرات وجاء بهما بمثل هذا الجواب.
ليفعل الأشرار ما يريدون، وليستخدموا كل طرق العنف الظاهر أو التهديدات أو الخداع والكلمات المعسولة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ففي هذا كله يبقى المؤمن في طريقه الملوكي، طريق الوصية لا يحيد عنها. أما سنده في هذا فهو معاملات الله مع أولاده منذ بداية التاريخ البشري: "تذكرت أحكامك يا رب منذ الدهر فتعزيت" [52]. منذ طفولتنا لم يتخلَّ الله عنا، بل ومنذ وُجد الإنسان بقى الله أمينًا في مواعيده ووعوده لشعبه ومؤمنيه، وأيضًا لم يدع عصا الأشرار تستقر على نصيب الصديقين. لقد أغرق الأشرار بالطوفان، وبلبل ألسنة أهل بابل، وأغرق فرعون وجنوده في البحر الأحمر... وباختصار: "الساكن في السموات يضحك بهم، والرب يستهزئ بهم؛ حينئذ يكلمهم بغضبه وبرجزه يرجفهم" (مز4:2، 5)؛ وأيضًا يقول المرتل: "أسنان الخطاة سحقتها" (مز7:3).
التأمل في معاملات الله في العهدين القديم والجديد وفي تاريخ الكنيسة عبر كل الأجيال يعطي تعزيات ليست بقليلة، فلا نخاف من مؤامرات المتكبرين وتهديداتهم.
53 الْحَمِيَّةُ أَخَذَتْنِي بِسَبَبِ الأَشْرَارِ تَارِكِي شَرِيعَتِكَ.
أحكام الله ضد المتكبرين المصرّين على اضطهاد خائفي الرب المتمسكين بتنفيذ وصيته تملأ قلب المرتل تعزيات إلهية، لكنه لا يقف موقف الشامت بل موقف الحزين على نفوسهم الساقطة. إنه يئن في كآبة لأنهم يهينون الله مصدر الخلاص ويمجدون إبليس المضل والمهلك كما يحطمون أنفسهم. في كآبته يترجى لعلهم يرجعون بالتوبة إلى الله، لذلك يقول:
"الكآبة ملكتني من أجل الخطاة الذين تركوا عنهم ناموسك" [53].
* إذا رأى الصديقون إنسانًا من أبناء الشريعة يخالفها يغتمون ويكتئبون، لأن ألم عضوٍ واحدٍ يجعل جميع الأعضاء تتألم.
* يوجد بين الخطاة من يخطئ بدون الناموس (رو12:2)، لأنهم لم يعرفوا الناموس، وآخرون يخطئون في الناموس لأنهم إذ يخالفونه يستهينون به. فالكآبة ملكتني من أجل الخطاة الذين تركوا عنهم ناموسك. حقًا إن كان عضو يتألم (بتركه الناموس) فجميع الأعضاء تتألم معه؛ وإن كان عضو واحد يُكرم فجميع الأعضاء تفرح معه" (1كو26:12). إذن يليق بنا أن نتألم من أجل إخوتنا الخطاة لأنهم يخطئون، وأن نتخذ نفس موقف هذا القديس (المرتل).
* من يسكب دموعًا ساخنة على أخطاء قريبه يبرأ بحزنه على أخيه(62).
* لنبكِ عليهم لا يومًا ولا يومين، بل كل أيام حياتنا(63).
54 تَرْنِيمَاتٍ صَارَتْ لِي فَرَائِضُكَ فِي بَيْتِ غُرْبَتِي. 55 ذَكَرْتُ فِي اللَّيْلِ اسْمَكَ يَا رَبُّ، وَحَفِظْتُ شَرِيعَتَكَ. 56 هذَا صَارَ لِي، لأَنِّي حَفِظْتُ وَصَايَاكَ.
كلما تطلع المرتل إلى المتكبرين المصرّين على عدم التوبة يمتلئ قلبه حزنًا وكآبة، ليس خوفًا منهم بل عليهم. إنه يشتاق أن يتمتعوا معه بالمجد الداخلي وتعزيات كلمة الله وعذوبتها. وسط هذه الآلام التي تجتاز نفسه الخادمة لكل إنسان، والمشتاقة إلى خلاص الكل. يدرك المرتل أن الدخول إلى أعماق الوصية يرد له فرحه وتهليله وسط شعوره بالغربة. يجد الوصية تتحول إلى تسبحة حب تقوده إلى الفرح الداخلي مع تهليلات القلب وتسابيح الفم.
ربما يقصد بالمزامير هنا رثاءً مملوء رجاءً، كما يقول في (المزمور 39): "لا تسكت عن دموعي، لأني أنا غريب عندك، نزيل مثل جميع آبائي" (مز12:39). على أي الأحوال لم يشعر داود الملك أنه في قصر ملوكي فخم، بل في موضع غربته يترقب رحيله من هذا العالم. هذا الشعور يحول آلامه إلى مزامير.
"حقوقك كانت لي مزامير في موضع غربتي" [54].
* يُدعى هذا العالم موضع غربة بالنسبة للصديقين، لأنهم يعيشون فيه كغرباء يهتمون برجوعهم إلى الوطن الحقيقي في الآخرة حيث يرتلون حقوق الله.
يرى القديس أغسطينوس أن هذه العبارة ينطق بها المؤمن وهو في أرض الغربة حيث رحل من الفردوس ومن أورشليم العليا ونزل إلى أريحا فسطا عليه اللصوص وجرحوه. لكن مسيحنا "السامري الصالح" عبر به وقدم له الوصايا الإلهية تسبحة مراحم إلهية تفرح قلبه وهو في بيت غربته. فمع حزنه على الذين يتركون ناموس الله لكن نفسه تتهلل وتترقب يوم المكافأة، حيث تُفصل الحنطة عن الزوان.
يفرح الأشرار بأذية الغير ويتهللون إلى حين، لكن فرحهم يتحول إلى مرارةٍ. أما القديسون فيحزنون لهلاك الأشرار ويترنمون لعمل الله معهم وتحويل الضيق إلى أمجاد.
إن كانت حياتنا الزمنية إن قورنت بالحياة الأبدية تُحسب ليلًا مظلمًا، بسبب ما نعانيه من ضيقات وضعفات وعدم تلاقينا مع الرب -شمس البر- وجهًا لوجه، فإن تذكّرنا لوصية الله ووعوده وأحكامه يبعث فينا البهجة الداخلية، حيث ننعم ببرّ المسيح.
"ذكرت في الليل اسمك يا رب،
وحفظت شريعتك.
هذه كانت مسرة لي،
لأني لحقوقك ابتغيت" [55،56].
بينما كان الكل نائمين بالليل اعتاد داود النبي أن يسهر متذكرًا اسم الرب كسندٍ له وموضوع بهجته.
إن كان العالم الشرير قد حوَّل حياة داود إلى ليلٍ مظلمٍ خلال الألم لكنه عرف كيف يجتاز هذا الليل بسلام بتمسكه باسم الرب.
بينما ينشغل الأشرار بوضع خطط ومكائد في الظلام، يهتم داود النبي باسم الرب المخلص من كل تجربة.
* في الواقع نحتاج أن نتذكر تعاليم الله في كل وقت، خاصة عندما تكون الظلمة حولنا والحوائط تسترنا (ابن سيراخ26:23)؛ أي عندما تدخل شهوة دنسة إلى نفوسنا، وتفقدنا صوابنا، عندئذ يلزمنا أن نتذكر تعاليم الله الخاصة بضبط النفس.
من جهة أخرى يلزمنا تقديم تفسير رمزي لما سبق، فنحسب الأوقات المناسبة (أوقات الفرح) نهارًا والضيق ظلمة.
* الليل هو حالة انحطاط حيث متاعب الفساد. الليل بالنسبة للمتكبرين هو ممارسة الشر بمبالغة. الليل هو الخوف على الأشرار الذين يتركون شريعة الرب. أخيرًا الليل هو بيت الغربة، حتى يأتي الرب وينير خفايا الظلام ويعلن مشورات القلوب ويكون لكل إنسان مدحه من الله. لذلك ففي هذا الليل يليق بالإنسان أن يذكر اسم الرب حتى من يفتخر فليفتخر بالرب.
* لا يكفي لمنفعتكم الروحية أن تنصتوا إلى الدروس الإلهية في الكنيسة بل أيضًا وسط جماعتكم في البيت تشتركون في القراءات المقدسة، لعدة ساعات ليلًا حيث النهار مقصر، حتى أنكم في مخازن قلوبكم تقدرون أن تجمعوا الحنطة الروحية، وتخزنوا جواهر الكتاب المقدس في كنوز نفوسكم. وحينما نأتي أمام المحكمة التي يعقدها الديان الأبدي في اليوم الأخير كما يقول الرسول: "نوجد لابسين لا عراة!"(64)
1. لا تقوم على استحقاقاتنا الذاتية بل على وعود الله وكلمته الواهبة الحياة [49،50]، قائلين مع الرسول: "لأنني عالم بمن آمنت" (2تي12:1)، واثقين في قول المخلص: "لا أترككم يتامى" (يو18:14).
2. لا نرتبك بمقاومة الأشرار المتكبرين بل في إيجابية نهتم ألا نميل عن أحكام الله يمينًا (بالبر الذاتي) أو يسارًا (بالسقوط في الخطايا)، بل نفكر في تعزيات الله المفرحة [51].
3. لا نحزن على هزء المتكبرين الأشرار بنا، إنما نحزن لإدراكنا مصيرهم وهلاكهم [53]. أما من جهة أنفسنا فنحن ندرك أن سخريتهم تتحول لمجدنا، لهذا تصير أحكامه بالنسبة لنا تسابيح مفرحة، تسندنا في أيام غربتنا [54].
4. إذ صار العالم كليلٍ مظلمٍ بسبب الظلم الذي يبثه الأشرار، فإنه يليق بنا أن نستيقظ ولا ننام كالآخرين، نذكر اسم الرب ونحفظ شريعته [55]. بينما يلهو الأشرار في حفلات صاخبة طوال الليل، يتعزى القديسون بالسهر الروحي والشركة مع الله وحياة التسبيح المستمر.
* أذكرك يا إلهي بوعودك
أنك تكون معي إلى انقضاء الدهر.
وعودك هي أجنحة تطير بها نفسي لاستقر في سمواتك،
لا أبالي بالضيقات،
بل واتعزى بالموت،
فإنني أشتاق إلى الالتقاء معك.
ماذا يمكن أن يذلني ما دمت تحقق وعودك لي؟!
* تعزياتك تشغلني،
تسندني فلا أشتهي للأعداء شرًا،
وترفعني فوق كل الأحداث.
لا أطلب انتقامًا للخطاة،
بل تئن نفسي لأجل خلاصهم.
أبكيهم لا يومًا ولا أيامًا بل كل أيام حياتي.
* تعزياتك تؤكد لي غربتي،
فلا استقر تمامًا حتى أجد لي مكانًا في الأحضان الإلهية.
إني جريح في الطريق،
تعال أيها السامري الصالح واحملني على منكبيك،
اعبر بي إلى كنيستك التي هي فندقك.
هناك تهتم بكل احتياجاتي حتى تجيء في اليوم العظيم.
* لأذكر اسمك بالليل فتتعزى نفسي،
في الليل يضع الأشرار خططهم للظلم،
وفي الليل أترقب مجيئك يا سرّ تعزيتي.
باسمك القدوس يعبر ليل حياتي لأدخل في نهار بلا ليل،
وأتمتع بأورشليم المستنيرة بشمس البرّ بلا غروب!
بينما يلهو المستهترون بحفلاتهم في الليل،
أجد فيه فرصة السهر وترقب مجيئك أيها العريس الأبدي.
_____
(61) Sermons N.T. Lessons, 55:5.
(62) PG 31:257 D.
(63) In Epis, ad Phil. 3:4.
(64) Sermon 7:1.
← تفاسير أصحاحات مزامير: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42 | 43 | 44 | 45 | 46 | 47 | 48 | 49 | 50 | 51 | 52 | 53 | 54 | 55 | 56 | 57 | 58 | 59 | 60 | 61 | 62 | 63 | 64 | 65 | 66 | 67 | 68 | 69 | 70 | 71 | 72 | 73 | 74 | 75 | 76 | 77 | 78 | 79 | 80 | 81 | 82 | 83 | 84 | 85 | 86 | 87 | 88 | 89 | 90 | 91 | 92 | 93 | 94 | 95 | 96 | 97 | 98 | 99 | 100 | 101 | 102 | 103 | 104 | 105 | 106 | 107 | 108 | 109 | 110 | 111 | 112 | 113 | 114 | 115 | 116 | 117 | 118 | 119 | 120 | 121 | 122 | 123 | 124 | 125 | 126 | 127 | 128 | 129 | 130 | 131 | 132 | 133 | 134 | 135 | 136 | 137 | 138 | 139 | 140 | 141 | 142 | 143 | 144 | 145 | 146 | 147 | 148 | 149 | 150 | 151
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مزمور 119 (قطعة 8) |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص تادرس يعقوب ملطي |
تفسير مزمور 119 (قطعة 6) |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/32qqrrf