الهذيذ

كلمة الهذيذ⁽¹⁾ تُتَرْجَم في الكتاب المقدس "اللهج" (يش 1: 8؛ مز 1: 2؛ 35: 28؛ 37: 30؛ سي 8: 9)... إلخ.، والتي تعني: الولع بأمرٍ ما به والمثابرة عليه واعتاده.  وفي اللغة العربية، معنى الهَذّ والهَذَذُ: أي سرعة القطع وسرعة القراءة.

وقد يكون الهذيذ إيجابي أو سلبي..  فالإيجابي في الحياة الروحية هو ما نتناوله هنا، أما السلبي فهو في الافتتان بالخطية والتفكير فيها والاعتياد عليها (أم 24: 2؛ إش 59: 3، 13).

فمن الممكن أن تحمل الكلمة معانٍ عدة في التدبير الروحي:

• تِكرار كلمة الله (صلوات، آيات، وصايا، الوعود الإلهية...)، بمنتهى الهدوء وعلى مهل مرات متعددة، بتواتُر، وبصوت مسموع، مع تذوُّق الكلمات... لكي تستقر في الأعماق ليشتعل القلب بمحبة الله.

• لا يعني مجرد القراءة المسموعة عدة مرات، لكنه يمتد ليشمل ترديد القراءة بعمق بالفم والذهن والقلب (1 كو 14: 15)، لكي يتغذَى المرء بكلمة الله، وتنطبِع في ذاكرته... لتجديد عواطفه وإشعالها روحيًّا، وتنمية أفكاره الروحية وتصوُّراته المقدسة وميوله للحياة الفُضْلَى...

• صلاة يسوع تعتبر نوع من الهذيذ، حيث أن الحالة المُثلَى فيها أن تصبح جزءًا لا يتجزَّأ من ذهن الإنسان في مختلف أوقات اليوم...  إلى تُقال مع كل نَفَس (شهيق وزفير) بصورة تلقائية...

• قراءة الكتاب المقدس قراءة قلبية عميقة.

• في العبرية הִגָּיוֹן (هيجايون) المذكورة في (مز 19: 14): "فِكْرُ قَلْبِي" تعطي معنى: صوت الغمغمة بالتأمل meditation...  وفي الأصل اليوناني μελετη (والفِعل هو μελετάω "ميليتاو" تُفيد معنى التدارُس والتعمُّق في الفهم والتمرين الفكري والقلبي. فالهذيذ بالحكمة μελετάω σοφίαν، يعني درسها باجتهاد وتعمق مع الممارسة العملية⁽²⁾.  وحسب التقليد الآبائي، اقتصرت هذه الكلمة على كيفية تسليم العقل والقلب لكلمة الله بكل اجتهاد حتى يتغير بواسطتها الفكر والقلب.