محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27
آية 1:- "«اُدْعُ الآنَ. فَهَلْ لَكَ مِنْ مُجِيبٍ؟ وَإِلَى أَيِّ الْقِدِّيسِينَ تَلْتَفِتُ؟"
يشير هنا أليفاز إلى رؤيته السابقة للملاك الذي حمل له الرؤيا. فالملائكة يسمون قديسين (دا 13:8). وأليفاز وبلدد وصوفر اتفق ثلاثتهم على إدانة أيوب وأن الله يعاقبه بسبب شروره السابقة بل زاد عليها تذمره الذي اعتبروه تجديفًا على الله. وهم تصوروا أن بسبب شروره وتجديفه سينفض عنه الملائكة. وهنا أليفاز يحذره أنه لو استمر في هذا المسلك المتذمر لما وجد له صديق من الملائكة يتشفع له. ونلاحظ أن الكلمة قديسين تطلق أيضًا على البشر وهو يهدده بأنه إن لم يقدم توبة فسينفض عنه حتى البشر القديسين الذين يغيرون على مجد الله. وأليفاز هنا يتحدى أيوب أن يستجيب له الملائكة كما استجابوا له هو شخصيًا، وهو تصور أن كل القديسين يقفون إلى جانبه ولن يجد أيوب أي منهم يقف إلى جانبه بسبب شروره [نجد هنا فكرة الشفاعة واضحة].
أدع الآن فهل لك من مجيب= الملائكة لن يعودوا يسمعوك يا أيوب لأنك تذمرت على خالقهم ولأنك شرير ودليل شرك ما أنت فيه الآن. إلى أي القديسين تلتفت= التفت إلى من تحب فستجد كل القديسين (الملائكة) معي في رأيي ولن يتعاطف معك أحد منهم ومعنى كلام أليفاز أنه لو غير أيوب موقفه لالتفت إليه القديسين (قوة الشفاعة) ونلاحظ الصداقة بين أيوب وأليفاز مع الملائكة القديسين السماويين.
آية 2:- "لأَنَّ الْغَيْظَ يَقْتُلُ الْغَبِيَّ، وَالْغَيْرَةَ تُمِيتُ الأَحْمَقَ."
لأن الغيظ يقتل الغبي= خطية الخطاة تؤدي حتمًا لهلاكهم. فالغيظ والحسد والحقد والشر عمومًا حين يسكن إنسان يدمره صحيًا ويفقده سلامه، فالخطية عقوبتها فيها. وهذه النظرية صحيحة ولكن تطبيقها على أيوب خطأ وظلم. فأليفاز يتهم أيوب أنه في حالة غيظ من الله وأنه استسلم للغضب ضد الله وهذا الغضب ضد الله والغيظ منه ما هو إلا نار تحرق دم وعظام أيوب. والغيرة تميت الأحمق= الأحمق من يفسح صدره لمشاعر الغيظ. وغضب أيوب من الله سيقتله. والغيرة هنا بمعنى الغيظ.
آية 3:- "إِنِّي رَأَيْتُ الْغَبِيَّ يَتَأَصَّلُ وَبَغْتَةً لَعَنْتُ مَرْبِضَهُ."
إني رأيت الغبي يتأصل= هنا اتهام جديد لأيوب. فأليفاز يشير لنجاحه السابق. ومعنى كلام أليفاز لأيوب أننا لن ننخدع بنجاحك السابق وازدهارك قبل تجربتك فالشرير قد ينجح، ولكن إلى حين وسريعًا ما يفشل. بل إذا ظن الشرير أن نجاحه يستمر فهو غبي. وأليفاز كان يعرف أنه مهما نجح الأشرار فنجاحهم هو إلى حين. ولذلك يضيف وبغتة لعنت مربضه= هو لعن مسكنهم وحياتهم الخاطئة لأنه متأكد من خرابهم المفاجئ (هذا نفس ما عبر عنه كاتب مزمور 73). وأليفاز حين رأى نجاحهم وأنهم بدأوا يتأصلون رأى بعين الإيمان مقدمًا خرابهم وتنبأ عنه بينما هناك آخرين يرون الشر ونجاح الأشرار فيحسدونهم، هؤلاء هم من يظنون أن الأرض باقية. ولكن من ينظر للسماء لا يشتهي الأرض فهو يعلم أنها زائلة. وكلمة لعنت هنا تعني أنه رفض مسلك الأشرار حتى لو أدَّى هذا لنجاحهم.
آية 4:- "بَنُوهُ بَعِيدُونَ عَنِ الأَمْنِ، وَقَدْ تَحَطَّمُوا فِي الْبَابِ وَلاَ مُنْقِذَ."
بَنُوهُ.. تَحَطَّمُوا = الابن لا يرث خطية أبيه ولكن خطية الآباء تسبب خسائر زمنية للأبناء ولكن لا يؤثر هذا على حياتهم الأبدية. وهم قَدْ تَحَطَّمُوا فِي الْبَابِ = والباب مكان جلوس الأكابر والقضاة حيث المحاكمات. وأولاد الأشرار يكونون مكروهين من الجميع والكل يتهمهم ولا يسمع أحد لصوتهم. ولا منقذ= لن ينقذهم أحد من الخراب.
آية 5:- "الَّذِينَ يَأْكُلُ الْجَوْعَانُ حَصِيدَهُمْ، وَيَأْخُذُهُ حَتَّى مِنَ الشَّوْكِ، وَيَشْتَفُّ الظَّمْآنُ ثَرْوَتَهُمْ."
الذين يأكل الجوعان حصيدهم= أليفاز يشير لأن السبئيين والكلدانيين قد أكلوا كل ثروة أيوب وغلته بسبب شروره. وأنهم كانوا كالجوعَى الذين رأوا ثروة أيوب فانقضوا عليها يلتهمونها ولم يبقوا على شيء. ويأخذه حتى من الشوك= حتى وإن سيَّج الشرير ثروته بسور من الشوك فهذا الجوعان، أو هذا الإنسان الذي ينقض لنهب ثروة الشرير مثل جوعان ليلتهمها، لن يهتم بهذا الشوك. ويشتف الظمان ثروتهم= تصوير آخر أن من سمح الله له بتأديب الشرير (الذي مثل أيوب) يكون مثل ظمآن رأى كأس ماء بارد (ثروة أيوب) فيمتصها لآخر قطرة. فهو شبه السبئيين والكلدانيين بإنسان جائع ظمآن التهم وشرب كل ما لأيوب.
آية 6:- "إِنَّ الْبَلِيَّةَ لاَ تَخْرُجُ مِنَ التُّرَابِ، وَالشَّقَاوَةَ لاَ تَنْبُتُ مِنَ الأَرْضِ،"
لأن البلية لا تخرج من التراب= أي أن البلايا التي تصيب الإنسان لا تأتي مصادفة. بل نتيجة شره. وإن كان الناس أشرارًا فيجب أن لا يلقوا باللوم على التراب، والطقس، والأرض. بل على أنفسهم. هذه نظرية صحيحة ولكن في تطبيقها على أيوب ظلم كبير. وكان أليفاز في كلامه جارحًا جدًا لأيوب ويكفي أنه يذكره بموت أبنائه وبأن هذا نتيجة شره (أي 4:5).
آية 7:- "وَلكِنَّ الإِنْسَانَ مَوْلُودٌ لِلْمَشَقَّةِ كَمَا أَنَّ الْجَوَارِحَ لارْتِفَاعِ الْجَنَاحِ."
هذا القانون صحيح جدًا. أن الإنسان بسبب خطيته تسبب في دخول الألم والمشقة للعالم "أنا اختطفت لي قضية الموت" (القداس الغريغوري) وأيضًا قضية الألم وبسبب الخطية دخلت المشقة للعالم وصارت قانونًا مثل أن كل ذي جناح يطير (تك 19:3 + أي 1:14 + رو 12:5 + 1بط 12:4).
الآيات 8-16:- "« لكِنْ كُنْتُ أَطْلُبُ إِلَى اللهِ، وَعَلَى اللهِ أَجْعَلُ أَمْرِي. الْفَاعِلِ عَظَائِمَ لاَ تُفْحَصُ وَعَجَائِبَ لاَ تُعَدُّ. الْمُنْزِلِ مَطَرًا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، وَالْمُرْسِلِ الْمِيَاهَ عَلَى الْبَرَارِيِّ. الْجَاعِلِ الْمُتَوَاضِعِينَ فِي الْعُلَى، فَيَرْتَفِعُ الْمَحْزُونُونَ إِلَى أَمْنٍ. الْمُبْطِلِ أَفْكَارَ الْمُحْتَالِينَ، فَلاَ تُجْرِي أَيْدِيهِمْ قَصْدًا. الآخِذِ الْحُكَمَاءَ بِحِيلَتِهِمْ، فَتَتَهَوَّرُ مَشُورَةُ الْمَاكِرِينَ. فِي النَّهَارِ يَصْدِمُونَ ظَلاَمًا، وَيَتَلَمَّسُونَ فِي الظَّهِيرَةِ كَمَا فِي اللَّيْلِ. الْمُنَجِّيَ الْبَائِسَ مِنَ السَّيْفِ، مِنْ فَمِهِمْ وَمِنْ يَدِ الْقَوِيِّ. فَيَكُونُ لِلذَّلِيلِ رَجَاءٌ وَتَسُدُّ الْخَطِيَّةُ فَاهَا."
لكن كنت أطلب إلى الله= أي لو كنت مكانك يا أيوب ووقعت عليَّ مثل هذه الآلام لرجعت إلى الله وطلبت المغفرة وخضعت لما سمح به من عقاب وهذا توبيخ غير مباشر لأيوب لأنه لم يفعل ذلك. وعلى الله أجعل أمري أي إذا بسطت أمري أمامه يجب أن أتركه له وأنتظر بالصبر. ثم يورد أليفاز أوصاف رائعة عن الله تشير لإيمانه السليم ورؤيته الواضحة لله.
الفاعل عظائم= هو قادر على كل شيء وسلطانه مطلق. لا تفحص= لا يمكن أن ندرك عمقها، مثل أعمال الطبيعة الغامضة. عجائب لا تعد= هي عجائب لأننا لا ندرك كنهها ومن كثرتها لا يمكن عدها. المنزل مطرًا= هو مصدر كل البركات.
الْجَاعِلِ الْمُتَوَاضِعِينَ فِي الْعُلَى = الله قادر أن يرفع المتواضعين. وهذه تشبه تسبحة العذراء (لو 51:1-53). المبطل أفكار المحتالين= الله يفعل عظائم في شئون البشر، لينقذ عبيده من شرور من يحتال عليهم المحتالين. فلا تجري أيديهم قصدًا= أي لا يترك الله أياديهم تتمم حيلهم التي قصدوها. الآخِذ الحكماء بحيلتهم= أروع مثال لهذا الصليب الذي أعده هامان ليصلب مردخاي عليه، فصلب عليه هامان نفسه. بل المثال الذي كان صليب هامان رمزًا له هو الصليب الذي أعده إبليس للمسيح بمؤامرات اليهود فسمر به الشيطان (كو 13:2-15) وخلص بهذا أولاد الله. وكل المؤامرات التي دبرها أعداء الكنيسة بقصد إبادتها كثيرًا ما آلت إلى إبادتهم فتتهور مشورة الماكرين= يستطيع الله بكل سهولة أن يهدم كل مؤامراتهم كما أفشل الله مؤامرات هامان وأخيتوفل... وكلمة تتهور معناها تتلاشَى أو تفشل في النهار يصدمون ظلامًا= يسلب الله عقل الناس فصيرون بلا حكمة لأنهم أشرار ويصيبهم عمي القلب فيتحيرون حتى في الأمور التي تبدو واضحة جدًا وسهلة جدًا "وبينما هم يزعمون أنهم حكماء صاروا جهلاء رو 22:1". والله يفعل هذا لينجي أولاده المظلومين= المنجي البائس من السيف. من فمهم= الله القادر أن ينجي أولاده المساكين المظلومين من السيف قادر أيضًا أن ينجي أولاده من الفم الذي يتكلم كلامًا قاسيًا ضدهم. وبهذا يعزي الله أولاده= فيكون للذليل رجاء. وتسد الخطية فاها= يخزي الخطاة إذ يذهلون من غرابة الإنقاذ للبار.
الآيات 17-27:- "« هُوَذَا طُوبَى لِرَجُل يُؤَدِّبُهُ اللهُ. فَلاَ تَرْفُضْ تَأْدِيبَ الْقَدِيرِ. لأَنَّهُ هُوَ يَجْرَحُ وَيَعْصِبُ. يَسْحَقُ وَيَدَاهُ تَشْفِيَانِ. فِي سِتِّ شَدَائِدَ يُنَجِّيكَ، وَفِي سَبْعٍ لاَ يَمَسُّكَ سُوءٌ. فِي الْجُوعِ يَفْدِيكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَفِي الْحَرْبِ مِنْ حَدِّ السَّيْفِ. مِنْ سَوْطِ اللِّسَانِ تُخْتَبَأُ، فَلاَ تَخَافُ مِنَ الْخَرَابِ إِذَا جَاءَ. تَضْحَكُ عَلَى الْخَرَابِ وَالْمَحْلِ، وَلاَ تَخْشَى وُحُوشَ الأَرْضِ. لأَنَّهُ مَعَ حِجَارَةِ الْحَقْلِ عَهْدُكَ، وَوُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ تُسَالِمُكَ. فَتَعْلَمُ أَنَّ خَيْمَتَكَ آمِنَةٌ، وَتَتَعَهَّدُ مَرْبِضَكَ وَلاَ تَفْقِدُ شَيْئًا. وَتَعْلَمُ أَنَّ زَرْعَكَ كَثِيرٌ وَذُرِّيَّتَكَ كَعُشْبِ الأَرْضِ. تَدْخُلُ الْمَدْفَنَ فِي شَيْخُوخَةٍ، كَرَفْعِ الْكُدْسِ فِي أَوَانِهِ. هَا إِنَّ ذَا قَدْ بَحَثْنَا عَنْهُ. كَذَا هُوَ. فَاسْمَعْهُ وَاعْلَمْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ»."
نجد هنا كلمات تحذير حلوة ونصائح حكيمة رائعة يوجهها أليفاز لأيوب. وأليفاز وهو يقول هذا لم يكن يتصور أنه يتكلم عن أيوب نفسه الذي يحبه الله ولذلك يؤدبه. وذلك لأن أليفاز كان قد قرر أن أيوب رجل شرير. وكانت كلمات أليفاز الرائعة هي لتمجيد الله ولكنه لم يتصور أنه يصف حالة أيوب الذي طوبه الله.
آية 17:- "« هُوَذَا طُوبَى لِرَجُل يُؤَدِّبُهُ اللهُ. فَلاَ تَرْفُضْ تَأْدِيبَ الْقَدِيرِ."
هوذا طوبى لرجل يؤدبه الله= لأن من يحبه الله يؤدبه. ومن يؤدبه الله يجرحه ثم يعصبه ويشفيه بيديه (18). والله يحرس من يؤدبه وسط التجربة (21، 20) ويباركه (23، 24) وحينما يكمل تأديبه ينقله بالموت (26) كأن من يحبه الله يكمله بالآلام كل أيام عمره فيكون له مجد أكثر لمعانًا في السماء. لذلك لا ترفض تأديب القدير. فالتأديب علامة محبة الله الأبوية مهما كان قاسيًا، فالدواء المر نافع فلا يجب أن ننفر منه. والله قادر أن يخرج من الآكل أُكل، ومن الآلام تأديب وخير للإنسان. لذلك على الإنسان المتألم أن لا يعتبر الألم مصادفة بل يبحث عن السبب كأن الألم صوت من الله ورسالة من السماء. وإذا ما احتمل الإنسان تصير آلامه بركة له= طوبى.
آية 18:- "لأَنَّهُ هُوَ يَجْرَحُ وَيَعْصِبُ. يَسْحَقُ وَيَدَاهُ تَشْفِيَانِ."
يجرح ويعصب= هذا مثل ما يفعله الجراح يفتح ليشفي ثم يغلق الجرح. والله يجرح بتوبيخات أعمال عنايته الإلهية ثم يعصب بتعزيات روحه القدوس وهذه التعزيات تزداد كلما ازدادت الضيقات. وعن زيادة التعزيات كلما ازدادت التجارب راجع قول بولس الرسول في (2كو 1: 1-10) وبنفس المفهوم يقول سفر النشيد شماله (التجربة التي يسمح بها الله) تحت رأسي، ويمينه تعانقني (تعزياته). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ويَسْحَقُ وَيَدَاهُ تَشْفِيَانِ = ينجي في الوقت المناسب ويسحق هنا كما حدث لأيوب ولكن الله سحقه بالآلام ليشفيه (هو 14:5؛ 1:6). والموت مثال ينسحق فيه الإنسان بالكامل ولكن هذا أيضًا لشفائه ويقوم بجسد ممجد عوضًا عن جسدنا الضعيف لذلك قال بولس الرسول "ويحي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت (رو 24:7).
الله خلق الإنسان على غير فساد، واخطأ الإنسان وفسدت صورته الأولى، وسكنت فينا الخطية = أي صار إنساننا العتيق منفتحًا على الشر، متمردًا على وصايا الله التي أعطاها الله للإنسان لكي يحيا، وكان هذا بخداع الحية التي صورت له إن الخطية فيها لذته، فكان الألم، والموت. فماذا يفعل الله الذي يحب البشر؟ "حول لي العقوبة (الألم والموت) خلاصا".
يجرح: أي يسمح بالتجربة التي تؤلم لكنه يخرج منها نقاوة وخلاص = فهو يخرج من الجافي حلاوة.
يعصب: وسط التجربة يعطي تعزيات تساندنا = يعطي مع التجربة المنفذ (1كو 10:13).
يسحق: هذا الجسد الساكن فيه الخطية (رو 7) لا يمكنه أن يرى الله ويعيش، فإلهنا نار آكلة (خر 33: 20) نار تحرق الخطاة. والحل أن يسحق الله هذا الجسد أي نموت بالجسد الذي سكنت فيه الخطية فحرمته من رؤية الله.
يداه تشفيان= الله يسحق ويميت أجسادنا تمهيدا لكي نحصل على الجسد الممجد (2 كو5: 1).
وهذا هو الشفاء الحقيقي، أي نكون بجسد ممجد في فرح أبدي ومجد حقيقي.
آية 19:- "فِي سِتِّ شَدَائِدَ يُنَجِّيكَ، وَفِي سَبْعٍ لاَ يَمَسُّكَ سُوءٌ."
في ست شدائد ينجيك وفي سبع لا يمسك سوء = هذا وعد بأنه بقدر ما تتكرر الضيقات والمتاعب تتكرر المعونة والإنقاذ. وعلينا أن نتوقع الشدائد ولا نيأس من أن الله سيتدخل لينقذ. والأرقام 6، 7 هي عادة يهودية في الكتابة. فهم يضعوا رقمًا لجذب الانتباه وهو هنا رقم 6 ثم يزيدوه واحدًا فيصبح 7 ليعني العمومية. والمعنى أنه مهما كانت عدد الشدائد فالله يعد بأن ينجيك ولا يمسك سوء. خصوصًا استخدام رقم 7 رقم الكمال للتدليل على كمال وعد الله.
والوعد لا يمسك سوء= أي لن يصيبك سوءًا أو ضررًا حقيقيًا. بل الله سوف ينتزع منها شرها وشوكتها حتى لا تضر، بل العكس يكون لها فائدة التأديب.
آية 20:- "فِي الْجُوعِ يَفْدِيكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَفِي الْحَرْبِ مِنْ حَدِّ السَّيْفِ."
في الجوع يفديك من الموت= عندما تعم الأحكام المدمرة يحمي الرب أولاده من أثارها السيئة (الله أرسل إيليا أثناء المجاعة لأرملة صرفة صيدا). ولنفهم أن الضربات ليست عامة بل يد الله تتدخل لتنقذ أولاده في الوقت المناسب.
[مثل إنسان يخرج من مكان صدفة فينهار المكان في كارثة وينجو هذا الإنسان، فلا نقول أنها صدفة، بل أن يد الله هي التي أنقذته].
آية 21:- "مِنْ سَوْطِ اللِّسَانِ تُخْتَبَأُ، فَلاَ تَخَافُ مِنَ الْخَرَابِ إِذَا جَاءَ."
من سوط اللسان تختبأ = مهما قيل عنك بخبث لا يضرك. فسوط اللسان مؤلم لكنه لا يقتل، فإن كان الله قادر أن ينجيك من الموت في الحرب أو من الجوع فهو من المؤكد قادر أن ينجيك من الشر الأقل وهو سوط اللسان. فلا تخاف من الخراب= سيكون لك أمان واطمئنان ناشئ من رجائك في الله حتى في أسوأ الأوقات.
آية 22:- "تَضْحَكُ عَلَى الْخَرَابِ وَالْمَحْلِ، وَلاَ تَخْشَى وُحُوشَ الأَرْضِ."
تضحك على الخراب= أي تسخر من الخراب القادم إذ تثق أن لا سلطان له عليك.
المحل = الفاقة (ترجمة اليسوعيين). المجاعة (الترجمة الإنجليزية). والمحل بحسب مختار الصحاح هو الجدب أو انقطاع المطر ويبس الأرض من الكلأ.
لا تخشَى وحوش الأرض= فمن يحميه الله لا تؤذيه وحوش الأرض.
بل المؤمن لا يخشَى الموت نفسه (رو 35:8 + 1كو 55:15).
آية 23:- "لأَنَّهُ مَعَ حِجَارَةِ الْحَقْلِ عَهْدُكَ، وَوُحُوشُ الْبَرِّيَّةِ تُسَالِمُكَ."
لأنه مع حجارة الحقل عهدك= إذا كان للإنسان سلام مع الله يصير له عهد صداقة بينه وبين كل الخليقة وعندما يسير على أرضه لا يخاف من أن يتعثر بأحد الأحجار. وهناك رأي آخر في الآية. أن الحجارة إذا وجدت في أرض تفسدها فلا ينمو الزرع. ومن يحميه الله يضمن له خصوبة حقله [وروحيًا من هو في سلام مع الله ينقيه الله من خطاياه ليثمر ثمرًا روحيًا]. وحوش البرية تسالمك راجع (هو 18:2). ولنلاحظ أن من يصطدم بالله تصطدم معه خليقة الله.
آية 24:- "فَتَعْلَمُ أَنَّ خَيْمَتَكَ آمِنَةٌ، وَتَتَعَهَّدُ مَرْبِضَكَ وَلاَ تَفْقِدُ شَيْئًا."
خيمتك آمنة = تسافر وأنت مطمئن أنك تعود لتجد خيمتك آمنة فالله كان يحرسها لك، الله يحرسها في غيابك وفي وجودك. فالله يهيئ مسكنًا آمنا لشعبه.ً ويعطيهم سلام ويرعاهم فيدبرون حياتهم باستقامة = مربضك = منزلك تدبره.
آية 25:- "وَتَعْلَمُ أَنَّ زَرْعَكَ كَثِيرٌ وَذُرِّيَّتَكَ كَعُشْبِ الأَرْضِ."
أيوب فقد كل بنيه. وأليفاز هنا يقول لو تبت عن شرك يكثر الله لك البنين.
آية 26:- "تَدْخُلُ الْمَدْفَنَ فِي شَيْخُوخَةٍ، كَرَفْعِ الْكُدْسِ فِي أَوَانِهِ."
كرفع الكدس في أوانه= التشبيه هنا أن المرء في آخر أيامه إن كان صالحًا يموت في الوقت المناسب ويختم أيامه أخيرًا بالفرح والكرامة بعد عمر طويل، يموت شيخًا وشبعان أيامًا فالحياة الطويلة كانت علامة بركة ورضا من الله، ذلك في العهد القديم (مز 16:91). وأما الشرير يموت صغيرًا في نظرهم (مز 23:55) وهنا يشبه الإنسان الصالح في موته بالحنطة التي تجمع إلى المخازن (الكدس) والله يجمعنا الآن في الفردوس حتى المجيء الثاني. ومن ينتقل الآن ينضم لأحبائه الذين سبقوه.
الكدس= (ما يكدس فوق بعضه). أما الأشرار فهم كالشوك للحريق.
آية 27:- "هَا إِنَّ ذَا قَدْ بَحَثْنَا عَنْهُ. كَذَا هُوَ. فَاسْمَعْهُ وَاعْلَمْ أَنْتَ لِنَفْسِكَ»."
ما قلته لك يا أيوب هو ما تعلمناه من أبائنا لكنننا بحثنا في صحته وتأكدنا من أنها أقوال صحيحة = ها إن ذا قد بحثنا عنه. كذا هو. فإسمعه= يجب أن تنتفع أنت منه أيضًا لتزداد حكمة وطبقه على نفسك وعلى حالتك.
ولنلاحظ أن أليفاز هو إعرابي عاش منذ أكثر من 3000 سنة فكيف توصل لهذه المعلومات عن الله، وهي مملوءة حكمة عجيبة. هذه الحكمة هي التي يسكبها الله على عبيده منذ قديم الزمان. وكان كل خطأ أليفاز هو في تطبيق المعلومات الصحيحة التي عنده على أيوب لمحاولة إثبات أن أيوب رجل شرير، وبسبب شره صار لما هو عليه من آلام وخسارة، فكانت كلماته قاسية جدًا على أيوب المتألم.
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 6 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أيوب 4 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/f98x2ng