محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22
نجد هنا خطاب بلدد، وهو استمر في نفس منهج أليفاز في محاولة إثبات شر أيوب وبينما بَنَى أليفاز رأيه على الرؤى والإعلانات الإلهية بنَى بلدد رأيه على حكمة بني المشرق والتقاليد المسلَمَّة من الآباء الأولين. وأيضًا كان كلام بلدد كلام رائع ولكنه أخطأ في التطبيق، بل كان كلامه بلا أي عطف أو شفقة على أيوب المسكين.
الآيات 1-7:- "فَأَجَابَ بِلْدَدُ الشُّوحِيُّ وَقَالَ: «إِلَى مَتَى تَقُولُ هذَا، وَتَكُونُ أَقْوَالُ فِيكَ رِيحًا شَدِيدَةً؟ هَلِ اللهُ يُعَوِّجُ الْقَضَاءَ، أَوِ الْقَدِيرُ يَعْكِسُ الْحَقَّ؟ إِذْ أَخْطَأَ إِلَيْهِ بَنُوكَ، دَفَعَهُمْ إِلَى يَدِ مَعْصِيَتِهِمْ. فَإِنْ بَكَّرْتَ أَنْتَ إِلَى اللهِ وَتَضَرَّعْتَ إِلَى الْقَدِيرِ، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ زَكِيًّا مُسْتَقِيمًا، فَإِنَّهُ الآنَ يَتَنَبَّهُ لَكَ وَيُسْلِمُ مَسْكَنَ بِرِّكَ. وَإِنْ تَكُنْ أُولاَكَ صَغِيرَةً فَآخِرَتُكَ تَكْثُرُ جِدًّا."
قال أيوب كلام كثير صحيح، أما بلدد فاحتد وهاجمه. أقوال فيك ريحًا شديدة= هو شبه كلام أيوب بريح شديدة لأنه كان يتكلم بحدة، ولكنها أقوال تافهة بلا قيمة كالهواء. هل الله يعوج القضاء= أيوب لم يقل هذا. ولكن بلدد يظهر أنه يدافع عن الله لكنه في الواقع يحاول إثبات شر أيوب وأنه يستحق ما هو فيه من آلام. إذ أخطأ إليه بنوك دفعهم إلى يد معصيتهم= هذا القول فظيع. حتى وإن كان أولاد أيوب أشرار، فما كان يجب على بلدد أن يزيد جروح أيوب هكذا بينما هو قد أتى ليعزيه. ثم يدعو أيوب للتوبة فيعيده الله أحسن مما كان. فإن بكرت أنت= لا تكن شريرًا مثل أولادك الذين فاتتهم فرصة التوبة فهلكوا بل أسرع وانتهز الفرصة وتب. ويسلم مسكن برك= إن كنت تقدم توبة حقيقية وترضي الله في طرقك ويكون بيتك مسكن بر لا مسكن ظلم، ولا يكون في بيتك غنيمة غنمتها بدون وجه حق حينئذ يستمع لك الله.
الآيات 8-10:- "«اِسْأَلِ الْقُرُونَ الأُولَى وَتَأَكَّدْ مَبَاحِثَ آبَائِهِمْ، لأَنَّنَا نَحْنُ مِنْ أَمْسٍ وَلاَ نَعْلَمُ، لأَنَّ أَيَّامَنَا عَلَى الأَرْضِ ظِلٌّ. فَهَلاَّ يُعْلِمُونَكَ؟ يَقُولُونَ لَكَ، وَمِنْ قُلُوبِهِمْ يُخْرِجُونَ أَقْوَالًا قَائِلِينَ:"
نظرية بلدد هي أن نكبة الأشرار أكيدة حتى وإن كانت فترة من حياتهم مزدهرة فبالتأكيد ستكون فترة قصيرة بعدها يأتي عليهم الشر. ويبرهن على ذلك بأن يلجأ لحكمة الآباء الأولين الذي سجلوا هذا الرأي= اسأل القرون الأولى= وهذا ما تفعله كنيستنا التي تهتم بأقوال الآباء. والفلسفة تعلمنا بأن الإنسان يبدأ من حيث انتهى آباؤه، أي هو ينتفع بخبراتهم ويضيف عليها. بينما الحيوان يبدأ من حيث بدأ آبائه. لذلك يتقدم الإنسان في المعرفة ويبقَى الحيوان على ما هو عليه. لأننا نحن من أمس= أي خبرتنا هي لا شيء. بجانب خبرة وحكمة الآباء الأولين لذلك فأنا آخذ وأقتبس من حكمتهم. وكأنه يقول لأيوب أنت لا تصدقنا ولا تريد أن تعترف بنظريتنا، هب أننا لا نعرف شيء وخبرتنا قليلة بسبب نقص أيامنا= أيامنا على الأرض ظل= أي قصيرة، لكن حاول أن تستفيد من خبرة الأولين الذين من قلوبهم يخرجون أقوالًا= أي أن ما يقوله الآباء يقولونه بصدق من كل قلبهم حسب ما يؤمنون به وما اختبروه.
هذه الآيات غالبًا هي قطعة شعر قالها الحكماء القدماء ويرددها هنا بلدد متهمًا أيوب بأنه مرائي شرير وكان نجاحه وقتيًا.
هل ينمي البردي في غير الغمقة. أو تنبت الحلفاء بلا ماء= البردي والحلفاء ينميان على ضفاف النيل في مصر. وهما يحتاجان للماء الكثير وحينما يقطعان وينفصلان عن الماء سريعًا ما يجفوا. أو إذا انقطع عنهم الماء= وهو بعد في نضارته لم يقطع ييبس بسرعة جدًا بالمقارنة مع العشب ويفقد نضارته. وهكذا الإنسان المرائي حين يترك الله يموت ويهلك ويذهب عنه بهاؤه. قد يستمر بهاؤه ونجاحه فترة ولكن سريعًا سيزول عنه كل ازدهار بسبب شره لأن الله سيتخلى عنه مثلما يبس البردي بسرعة حين انقطع عنه الماء. ولذلك لأن جذور البردي ضعيفة جدًا فإن لم يُروَ جيدًا ييبس بسرعة جدًا مهما بدا في خضرة وجمال وقتي.
ورجاء المرائين خداع شديد لأنفسهم، فالشرير إذا نجح وقتيًا يمني نفسه بأن نجاحه سيستمر، وهو يثق في نفسه بغرور وربما في كفاءته. ولكن ما نجاحه إلا كبيت العنكبوت= ولكن نجاحه هذا لا بُد وسيزول كما يزول بيت العنكبوت بسهولة جدًا بالمكنسة أي عندما يأتي الله ليطهر بيته. إن العنكبوت يبني بيته ويعجب به جدًا ولا يدري أنه واهي جدًا وفي لحظة ينتهي. بل هناك مقارنة تعقد بين العنكبوت والنحلة فكلاهما يكد ويعمل بجد، ولكن بينما النحلة تتغذى على الندي السماوي، أو على ثمار الندي السماوي فتنتج عسلًا (ثمار الندي السماوي أي كلمة الله) والعسل الناتج يكون فيه غذاء وفائدة للجميع، نجد العنكبوت يتغذى على إصطياد الحشرات وافتراسها. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهكذا الشرير ينهب بيوت المظلومين وحين يزول نجاح الشرير وينهدم كل ما بناه. ينقطع اعتماده= أي رجاؤه.
ثم شبه المرائي بشجرة تنمو وسط أحجار، والشجرة أقوى من البردي ولها جذور تمتد لتبحث عن الماء. لكنها لوجودها وسط الأحجار لا تعيش طويلًا لأن جذورها تصطدم بالأحجار. وهذه الشجرة مهما كان جمالها فأي دودة أو حشرة زراعية تجعلها تجف. وما حدث مع يقطينة يونان مثل واضح فلا يوجد شيء ثابت في هذا العالم. رطب تجاه الشمس= أي تخضر تجاه الشمس وعلى جنته تنبت خراعيبه= الخراعيب هي الأغصان. أي أن أغصان هذه الشجرة ممتدة وتظلل البستان المزروعة فيه. ولكن مشكلة هذه الشجرة وجود حجارة كثيرة (راجع مثل الزارع) وأصوله مشتبكة في الرجمة= أي جذور الشجرة مصطدمة مع الحجارة. مثل هذه الشجرة أي آفة تقتلها سريعًا وتتلاشَى حتى إن إقتلعه من مكانه يجحده قائلًا ما رأيتك= كلام بأسلوب شعري بمعنى أنه بعد اختفاء الشجرة وهلاكها، لو ظهرت مرة أخرى فمكانها يقول لها لا أعرفك. وهكذا الشرير فكل نجاحه ينتهي (طريق الأشرار تهلك مز 6:1). ولا يترك شيئًا لنسله ينتفعون به. هذا هو فرح طريقه= نهاية أفراح الشرير خراب كل شيء. هذا هو الدرس الذي تعلمنا الحياة إياه. ولكن هل يستفيد الناس؟ أبدًا فبعد أن ينتهي شرير ويخرب يقوم آخر مكانه من التراب ينبت آخر. ربما قوله من التراب يعني الشجرة التي يمكن أن تنبت مكان الشجرة القديمة ولكن سيكون لها نفس المصير فالأحجار ما زالت موجودة. وربما يشير للخاطئ الذي مات وذهب للتراب وسيأتي بعده أناس ترابيون (عالميون، دنيويون، شهوانيون) يكونون في مثل شره وحماقته، وأيضًا سيكون لهم نفس مصيره.
"«هُوَذَا اللهُ لاَ يَرْفُضُ الْكَامِلَ، وَلاَ يَأْخُذُ بِيَدِ فَاعِلِي الشَّرِّ. عِنْدَمَا يَمْلأُ فَاكَ ضِحْكًا، وَشَفَتَيْكَ هُتَافًا، يَلْبِسُ مُبْغِضُوكَ خَزْيًا، أَمَّا خَيْمَةُ الأَشْرَارِ فَلاَ تَكُونُ»."
بلدد في ختام حديثه يضع أمام أيوب طريقا الحياة والموت، البركة واللعنة. بمعنى أن نصيبه البركة لو كان كاملًا مستقيمًا، فالله لا يرفض الكامل. بل يملأ فاه ضحكًا. ويلبس مبغضوه خزيًا: اللهُ لاَ يَرْفُضُ الْكَامِلَ، وَلاَ يَأْخُذُ بِيَدِ فَاعِلِي الشَّرِّ. عِنْدَمَا يَمْلأُ فَاكَ ضِحْكًا، وَشَفَتَيْكَ هُتَافًا، يَلْبِسُ مُبْغِضُوكَ خَزْيًا = قد يخزي أعداء البار هنا في الأرض ولكن من المؤكد أن خزيهم سيكون كاملًا في السماء حينما يرونه متوجًا بالمجد. والعكس فالله لا يأخذ بيد فاعلي الشر. ويهدم مسكنهم= أما خيمة الأشرار فلا تكون.
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 9 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أيوب 7 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ydk9gqs