St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   20-Sefr-Ayoub
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

أيوب 14 - تفسير سفر أيوب

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب أيوب:
تفسير سفر أيوب: مقدمة سفر أيوب | أيوب 1 | أيوب 2 | أيوب 3 | أيوب 4 | أيوب 5 | أيوب 6 | أيوب 7 | أيوب 8 | أيوب 9 | أيوب 10 | أيوب 11 | أيوب 12 | أيوب 13 | أيوب 14 | أيوب 15 | أيوب 16 | أيوب 17 | أيوب 18 | أيوب 19 | أيوب 20 | أيوب 21 | أيوب 22 | أيوب 23 | أيوب 24 | أيوب 25 | أيوب 26 | أيوب 27 | أيوب 28 | أيوب 29 | أيوب 30 | أيوب 31 | أيوب 32 | أيوب 33 | أيوب 34 | أيوب 35 | أيوب 36 | أيوب 37 | أيوب 38 | أيوب 39 | أيوب 40 | أيوب 41 | أيوب 42 | التجارب: نظرة عامة على السفر

نص سفر أيوب: أيوب 1 | أيوب 2 | أيوب 3 | أيوب 4 | أيوب 5 | أيوب 6 | أيوب 7 | أيوب 8 | أيوب 9 | أيوب 10 | أيوب 11 | أيوب 12 | أيوب 13 | أيوب 14 | أيوب 15 | أيوب 16 | أيوب 17 | أيوب 18 | أيوب 19 | أيوب 20 | أيوب 21 | أيوب 22 | أيوب 23 | أيوب 24 | أيوب 25 | أيوب 26 | أيوب 27 | أيوب 28 | أيوب 29 | أيوب 30 | أيوب 31 | أيوب 32 | أيوب 33 | أيوب 34 | أيوب 35 | أيوب 36 | أيوب 37 | أيوب 38 | أيوب 39 | أيوب 40 | أيوب 41 | أيوب 42 | أيوب كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

يستمر أيوب هنا في التحدث مع الله، ومناجاة نفسه

الآيات 1-6:- "«اَلإِنْسَانُ مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ، قَلِيلُ الأَيَّامِ وَشَبْعَانُ تَعَبًا. يَخْرُجُ كَالزَّهْرِ ثُمَّ يَنْحَسِمُ وَيَبْرَحُ كَالظِّلِّ وَلاَ يَقِفُ. فَعَلَى مِثْلِ هذَا حَدَّقْتَ عَيْنَيْكَ، وَإِيَّايَ أَحْضَرْتَ إِلَى الْمُحَاكَمَةِ مَعَكَ. مَنْ يُخْرِجُ الطَّاهِرَ مِنَ النَّجِسِ؟ لاَ أَحَدٌ! إِنْ كَانَتْ أَيَّامُهُ مَحْدُودَةً، وَعَدَدُ أَشْهُرِهِ عِنْدَكَ، وَقَدْ عَيَّنْتَ أَجَلَهُ فَلاَ يَتَجَاوَزُهُ، فَأَقْصِرْ عَنْهُ لِيَسْتَرِيحْ، إِلَى أَنْ يُسَرَّ كَالأَجِيرِ بِانْتِهَاءِ يَوْمِهِ."

 الإنسان... قليل الأيام= فالإنسان ضعيف يتألم على الأرض لفترة قليلة ثم يموت. أما الذي ولد من الله فله حياة أبدية (يو 13:1). ولاحظ قوله قليل الأيام فلأن الحياة قصيرة يقيسها بالأيام وليس بالسنين. أما في السماء فحياتنا أبدية وبلا آلام. يخرج كالزهر ثم ينحسم= هذه هي طبيعة الحياة البشرية، يولد الإنسان كزهرة ثم سريعًا ما يذبل (ينحسم= يقطع). ويبرح كالظل= الظل يسير بسرعة، ولا يترك وراءه أثرًا. فعلَى مثل هذا حدقت عينيك= هل تحضرني أنا الإنسان التافه للمحاكمة معك. من يخرج الطاهر من النجس. لا أحد= إن كان الإنسان يولد من امرأة خاطئة فهل يمكن أن يولد طاهر من أم خاطئة نجسة "بالخطايا ولدتني أمي" وهذا معنى أننا نرث الخطية الأصلية (خطية أبوينا الأولين). ولا أحد يمكنه أن يجعل مولودًا طاهرًا.... {لكن في العهد الجديد الروح القدس كوَّن جسدًا طاهرًا في بطن العذراء، جسد المسيح الذي صار خطية ليحمل خطايانا، ونولد طاهرين من أم طاهرة هي الكنيسة ومن الروح القدس بالمعمودية}. ولكن معنى كلام أيوب هنا، يا رب أنت تعرف ضعف طبيعتي فلا تحاسبني على خطاياي بهذا الشكل، فأنا خاطئ بطبيعتي. إن كانت أيامه محدودة = الله حدد أعمار كل البشر. والله يعرف أن أيام الإنسان قليلة، فهل تسمح يا رب بأن يقضي الإنسان أيامه القليلة في عذاب خاصة لو كان بارًا مثلي. فأقصر عنه = أرفع هذه الآلام. وحول نظرك عن تعذيب شخص ضعيف مثلي. اسمح لهذا الإنسان الضعيف أن يلتقط أنفاسه إلى أن يُسَر كالأجير بانتهاء يومه = أي امنحني فرصة لالتقاط الأنفاس قبل أن أموت. وهنا نلاحظ شعاع من رجاء في أجر سماوي بعد الموت فهو يصور حياة الإنسان هنا كيوم الأجير، بعد أن ينتهي يومه يحصل على أجرته.

 

St-Takla.org Image: Job meditates in life and death (Job 14:1-22) صورة في موقع الأنبا تكلا: أيوب يتأمل في الحياة والموت (أيوب 14: 1-22)

St-Takla.org Image: Job meditates in life and death (Job 14:1-22)

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيوب يتأمل في الحياة والموت (أيوب 14: 1-22)

الآيات 7-15:- "«لأَنَّ لِلشَّجَرَةِ رَجَاءً. إِنْ قُطِعَتْ تُخْلِفْ أَيْضًا وَلاَ تُعْدَمُ خَرَاعِيبُهَا. وَلَوْ قَدُمَ فِي الأَرْضِ أَصْلُهَا، وَمَاتَ فِي التُّرَابِ جِذْعُهَا، فَمِنْ رَائِحَةِ الْمَاءِ تُفْرِخُ وَتُنْبِتُ فُرُوعًا كَالْغِرْسِ. أَمَّا الرَّجُلُ فَيَمُوتُ وَيَبْلَى. الإِنْسَانُ يُسْلِمُ الرُّوحَ، فَأَيْنَ هُوَ؟ قَدْ تَنْفَدُ الْمِيَاهُ مِنَ الْبَحْرَةِ، وَالنَّهْرُ يَنْشَفُ وَيَجِفُّ، وَالإِنْسَانُ يَضْطَجِعُ وَلاَ يَقُومُ. لاَ يَسْتَيْقِظُونَ حَتَّى لاَ تَبْقَى السَّمَاوَاتُ، وَلاَ يَنْتَبِهُونَ مِنْ نَوْمِهِمْ. «لَيْتَكَ تُوارِينِي فِي الْهَاوِيَةِ، وَتُخْفِينِي إِلَى أَنْ يَنْصَرِفَ غَضَبُكَ، وَتُعَيِّنُ لِي أَجَلًا فَتَذْكُرَنِي. إِنْ مَاتَ رَجُلٌ أَفَيَحْيَا؟ كُلَّ أَيَّامِ جِهَادِي أَصْبِرُ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ بَدَلِي. تَدْعُو فَأَنَا أُجِيبُكَ. تَشْتَاقُ إِلَى عَمَلِ يَدِكَ."

 فكرة القيامة بعد الموت غير واضحة عند القدماء. وأيوب هنا يقول أن الشجرة لها أمل، فحتى أن قطعت (جزء من جسمها) تخلف أيضا= تنبت ثانية أغصاناً صغيرة. ولا تُعدم خراعيبها= الخراعيب هي الأغصان. والشجرة سيكون لها ثانية أغصان نابتة من الجذع الموجود في الأرض. ومهما بدا أن الشجرة ذبلت وماتت= ولو قدُم في الأرض أصلها= ومهما كان عمرها. فلها رجاء في خروج أغصان جديدة. فمن رائحة الماء تفرخ= فالموت هو انقطاع الماء عن الشجرة. أما الرجل فيموت ويبلَى= يموت ويتحول جسده إلى تراب ولا رجاء له في عودة أخرى بعكس الشجرة. ولكن بعد المسيح تغير المفهوم. فهناك شجرة قطعت هي شجرة عائلة داود ولكن نبت غصن منها هو المسيح ابن داود. (أش 1:11) وهذا رمز لما حدث لكل البشرية، التي كانت الشجرة الأصلية التي قطعت بالموت، حتى خرج منها غصن ليحييها ثانية. وكيف عادت الحياة لشجرة أيوب؟ بالماء آية (9). وكيف عادت الحياة للإنسان؟ كان هذا بالروح القدس الذي انسكب على الكنيسة باستحقاق دم المسيح، والروح القدس رمزه الماء الذي أحيا الشجرة المائتة القديمة التي قدُم في الأرض أصلها ومات في التراب. وشرح بولس الرسول الموت الآن بأنه البذرة (الجسد الميت) التي توضع في التراب حتى تكون هناك شجرة (1كو 35:15-38) وهذا بسبب حياة المسيح التي فيه. قد تنفذ المياه من البحرة = البحرة هي مستنقع الماء المنخفض عن الأرض. وهنا يشبه أيوب حياة الإنسان بالمياه التي تطفو فوق الأرض، سرعان ما تجف ويبتلعها التراب ثانية. هكذا الإنسان يضطجع ولا يقوم والنهر هنا... النهر ينشف ويجف = ليس نهر كبير كنهر النيل ولكنه ما سبق وأسماه غدير (أي 15:6). والآية (12) لاَ يَسْتَيْقِظُونَ حَتَّى لاَ تَبْقَى السَّمَاوَاتُ = حسب الترجمة اليسوعية "الإنسان يضجع فلا يهب إلى أن تزول السموات". أي هو موت نهائي بلا أمل في رجوع، حتى لو زالت السموات (في رأي أيوب السموات لا تزول فيكون قصده أن الموت هو نهاية بلا أمل في حياة أخرى). وعاد بعد ذلك أيوب يطلب الموت= لَيْتَكَ تُوارِينِي فِي الْهَاوِيَةِ = هو يطلب مخبأ في القبر من عذاب آلامه. والهاوية تعني في نظر الأقدمين المكان الذي يذهب له الأموات. وهناك مكانين كهاوية، أولهما للأبرار وثانيهما للأشرار ولكن الأشرار في الهاوية الخاصة بهم لا صلة بينهم وبين الله أو بين الأبرار في هاويتهم. وتخفيني إلى أن ينصرف غضبه = (ما زالت الأفكار متضاربة، ففكر أيوب هنا أن الله يميته لكن يحفظ روحه في الهاوية) أيوب يتصور أن الله في غضبه جلب عليه كل هذه الآلام، وهنا يطلب منه أن يكمل غضبه بأن يميته حتى ينصرف غضبه. ونحن نعلم أن الموت هو آخر عدو يبطل وطالما نموت فهناك غضب. فوجود أجساد القديسين في القبور معناه أن هنالك بقية من الغضب الذي كانوا أبناء له بالطبيعة، وهنالك يبقون خاضعين لبعض نتائج الخطية، ولكن عندما يقوم الجسد ينتهي كل غضب الله، حين ينتهي آخر عدو ويبطل. وتعين لي أجلًا فتذكرني= كما ذكر نوح في الفلك الذي خبأه الله فيه، ليس فقط لإهلاك العالم القديم، بل حفظه فيه لإعداد عالم جديد وهنا نجد إشراقة ثانية في إيمان أيوب بحياة بعد الموت فيها يذكر الله أيوب بعد أن عاقبه على خطاياه [أيوب إذا عبر في كلامه عن فناء الإنسان بعد الموت يكون متكلمًا بلسان الإنسان أيوب الذي هو محدود في معلوماته، وإن نطق بأقوال نجد فيها رجاء القيامة يكون الروح القدس هو الذي ينطق على لسانه لتكون كلماته كنور يشرق في ظلمات العهد القديم، فيرَى الناس بصيصًا من ضوء يعزيهم بأن هناك رجاء في حياة بعد الموت. ولولا هذه الكلمات وأمثالها ما فهم الفريسيين أن هناك قيامة] ولكن لاحظ الأفكار المتضاربة عن الموت لعدم وضوح الفكرة في العهد القديم.

إن مات رجل أفيحيا= هذا تساؤل من عقل التبس عليه الفهم، فأيوب لم يرى في حياته رجل قام بعد أن مات. لكنه يشعر بإيحاء من الله أن هناك رجاء في ذلك وهو لا يفهم كيف. كل أيام جهادي أصبر إلى أن يأتي بدلي= هو تساءل مثلًا إن مات رجل أفيحيا، وهو هنا يقول لو ثبت هذا لكنت أصبر إلى أن يأتي بدلي = يتبدل حالي من حال الشقاء الذي أعاني منه الآن إلى حال المجد الذي أنتظر أن أجده بعد ذلك. والمسيح أجاب هذا السؤال قائلًا "من آمن بي ولو مات فسيحيا (يو 25:11) وهذا الإيمان الراسخ بالقيامة الآن هو الذي يدفع القديسين على احتمال آلامهم بصبر ويدفع الشهداء على احتمال عذاباتهم بصبر. أما أيوب فكان في مرحلة التساؤل؟ هل ما أشعر به بأن هناك تبديل لحالي بعد الموت، هل هذا الشعور حقيقة أم خيال؟! إذا كان حقيقة فبالتأكيد سوف أصبر. وحين وصل أيوب لهذا صرخ بفرح تدعو فأنا أجيبك= إن كنت ستبدل حالي فأنا أجيبك إلى أي مكان تأخذني إليه، إذا سمحت بألم أو موت فأنا مستعد أن أجيبك إلى أي مكان تأخذني إليه، إذا سمحت بألم أو موت فأنا مستعد أن أجيبك. ولقد توصل أيوب لهذا بعد أن شعر بصوت في داخله يكلمه عن محبة الله واشتياقه له= تشتاق إلى عمل يدك ولنلاحظ تضارب المشاعر داخل نفس أيوب، فالله لم يتركه في ضيقته بل كان يعطيه مشاعر معزية أبوية وأن الله في اشتياق إليه، ومن ناحية أخرى كان إبليس يصيب أيوب بضربات متلاحقة ويُصور له قسوة الله وتخليه. وكم من مرة كان الله يريد أن يغمرنا بمشاعر محبته الأبوية في ضيقتنا ونحن نرفض بسبب إصرارنا على أن الله سبب مصائبنا فنخاصمه، فنحرم أنفسنا من تعزياته أثناء ضيقنا.

 

St-Takla.org Image: Footprints, Footsteps, my steps. صورة في موقع الأنبا تكلا: آثار أقدام تمشي على الرمال، خطواتي.

St-Takla.org Image: Footprints, Footsteps, my steps.

صورة في موقع الأنبا تكلا: آثار أقدام تمشي على الرمال، خطواتي.

الآيات 16-22:- "أَمَّا الآنَ فَتُحْصِي خَطَوَاتِي، أَلاَ تُحَافِظُ عَلَى خَطِيَّتِي! مَعْصِيَتِي مَخْتُومٌ عَلَيْهَا فِي صُرَّةٍ، وَتُلَفِّقُ عَلَيَّ فَوْقَ إِثْمِي. «إِنَّ الْجَبَلَ السَّاقِطَ يَنْتَثِرُ، وَالصَّخْرَ يُزَحْزَحُ مِنْ مَكَانِهِ. الْحِجَارَةُ تَبْلِيهَا الْمِيَاهُ وَتَجْرُفُ سُيُولُهَا تُرَابَ الأَرْضِ، وَكَذلِكَ أَنْتَ تُبِيدُ رَجَاءَ الإِنْسَانِ. تَتَجَبَّرُ عَلَيْهِ أَبَدًا فَيَذْهَبُ. تُغَيِّرُ وَجْهَهُ وَتَطْرُدُهُ. يُكْرَمُ بَنُوهُ وَلاَ يَعْلَمُ، أَوْ يَصْغِرُونَ وَلاَ يَفْهَمُ بِهِمْ. إِنَّمَا عَلَى ذَاتِهِ يَتَوَجَّعُ لَحْمُهُ وَعَلَى ذَاتِهَا تَنُوحُ نَفْسُهُ»."

 قلنا أن مشاعر أيوب كانت متضاربة مثل كل واحد منا في ضيقته وللأسف استجاب لصوت إبليس، وعاد يكرر الشكوى من الله ثانية. وبهذا خسر صوت التعزية الذي كان قد بدأ يسمعه، وعاد يتألم ويصرخ ثانية. هو شيء يدعو للأسف أن الله كان يحيطه بهذه المشاعر، مشاعر اشتياق الله له ثم يستجيب لصوت التذمر على الله ثانية. أما الآن فتحصي خطواتي = أنت يا رب تتتبع كل خطوة لي لعلك تجد لي خطية تعاقبني بسببها.

ألا تحافظ على خطيتي= ترصد خطاياي (الترجمة اليسوعية والإنجليزية). معصيتي مختوم عليها في صرة= أنت حفظت خطاياي السابقة والحالية ووضعتها في صرة، كان يحفظ دليل الاتهام ضد المجرم. وَتُلَفِّقُ عَلَيَّ فَوْقَ إِثْمِي = أي بعد أن وضعت خطاياي في صرة خَيَّطت عليها حتى لا تضيع خطية. والمعنى أنك لا تقبل أن تغفر أبدًا بل تعاقب على كل خطية وتحاسبني على كل شيء. وحسنًا فعل أيوب هنا حين اعترف بأن له خطايا يمكن أن يعاقب عليها، ولكنه أساء إلى صلاح الله إذ حسبه قاسيًا مترصدًا لكل خطية رافضًا أن يغفر وهو لم يعرف أن الله يعاقبنا، إن عاقب، بأقل مما نستحق وحفظ العقوبة كلها لتقع على المسيح، وأما ما يسمح به ضدنا فهو للتأديب والتنقية فقط. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى).

وتصل قمة غضب أيوب للآية 18، 19. فإذا بدأ الإنسان الشكوى والتذمر لا يوقفه شيء وقد يصل الأمر للصدام مع الله كما حدث هنا. فأيوب قال هنا كلام في منتهَى القسوة عن الله "أنت تبيد رجاء الإنسان... تتجبر عليه أبدًا فيذهب... وأن الله في قسوته يبيد رجاء الإنسان كما لو كان غضبه سيول تجرف تراب الأرض (تَجْرُفُ سُيُولُهَا تُرَابَ الأَرْضِ). هو هنا ينظر لثروته التي ذهبت نتيجة غضب الله (في نظره) وقال أن غضب الله أضاع كل رجائي (ثروتي/ أولادي/ صحتي. .. كل ما كان لي). والله عمل ما عمله بتجبره بلا رحمة. فلو كنت جبلًا لما احتملت، ولو كنت صخرًا لكانت مياه الآلام التي أصابتني قد جعلت هذا الصخر يبلي ويتزحزح عن مكانه... إن الجبل الساقط ينتثر= أي كما يتفتت الجبل الساقط ويبلي الحجر، هكذا ما حدث لي. غضبك القاسي فتتني كما تفتت الجبل من السيول. فلا شيء يقف أمام جبروت غضبك يا رب الذي هو كالسيول التي تجرف أمامها حتى الجبال. تغير وجهه وتطرده= لقد غضبت عليَّ يا رب فغيرت وجهي (حتى أصحابه لم يعرفوه من نتائج مصائبه). ثم تطرده من هذا العالم نهائيًا. يكرم بنوه ولا يعلم أو يصغرون ولا يفهم بهم. إنما على ذاته يتوجع من شدة الألم الذي يلحق بالإنسان الذي يغضب الله عليه يتوجع، ولا ينشغل بشيء حوله سوى ألمه، فإن أكرم أحد بنيه لن يفرح بسبب غمه، وإن أهان أحد بنيه فلن يغتم بأكثر مما هو مغتم، فغمه وصل إلى حد التشبع.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/20-Sefr-Ayoub/Tafseer-Sefr-Ayoob__01-Chapter-14.html

تقصير الرابط:
tak.la/cwbywp5