محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31
وفي هذا الإصحاح نرى صورة معكوسة للإصحاح السابق، صورة نرى فيها آلام أيوب وحين نقارنها مع ازدهاره السابق، تزداد آلامه بؤسًا. فبينما كان العظماء يعظمونه، نجد المحتقرين الآن يسخرون منه. وبحسب تصور أيوب الخطأ فهم أن هذا سببه أن الله كان راضيًا عليه والآن غاضبًا منه، ولا انتظار له الآن سوى الموت. هذا كله جاء عليه بالرغم من كماله السابق.
الآيات 1-8:- "«وَأَمَّا الآنَ فَقَدْ ضَحِكَ عَلَيَّ أَصَاغِرِي أَيَّامًا، الَّذِينَ كُنْتُ أَسْتَنْكِفُ مِنْ أَنْ أَجْعَلَ آبَاءَهُمْ مَعَ كِلاَبِ غَنَمِي. قُوَّةُ أَيْدِيهِمْ أَيْضًا مَا هِيَ لِي. فِيهِمْ عَجِزَتِ الشَّيْخُوخَةُ. فِي الْعَوَزِ وَالْمَحْلِ مَهْزُولُونَ، عَارِقُونَ الْيَابِسَةَ الَّتِي هِيَ مُنْذُ أَمْسِ خَرَابٌ وَخَرِبَةٌ. الَّذِينَ يَقْطِفُونَ الْمَلاَّحَ عِنْدَ الشِّيحِ، وَأُصُولُ الرَّتَمِ خُبْزُهُمْ. مِنَ الْوَسَطِ يُطْرَدُونَ. يَصِيحُونَ عَلَيْهِمْ كَمَا عَلَى لِصٍّ. لِلسَّكَنِ فِي أَوْدِيَةٍ مُرْعِبَةٍ وَثُقَبِ التُّرَابِ وَالصُّخُورِ. بَيْنَ الشِّيحِ يَنْهَقُونَ. تَحْتَ الْعَوْسَجِ يَنْكَبُّونَ. أَبْنَاءُ الْحَمَاقَةِ، بَلْ أَبْنَاءُ أُنَاسٍ بِلاَ اسْمٍ، سِيطُوا مِنَ الأَرْضِ."
ما زاد آلامه أن المحتقرين وأصاغر الناس ضحكوا عليه = الذين كنت أستنكف أن أجعل آبائهم مع كلاب غنمي = والمعنى أنه كان لا يستأمنهم على حراسة غنمه بينما كان يستأمن كلابه على ذلك (هذا كلام صعب كله انتفاخ). وبينما كان يضحك لأمثال هؤلاء ليشجعهم ها هم الآن يسخرون منه. وهؤلاء الذين يسخرون منه كانوا بلا نفع إطلاقًا فهم بلا قوة ولا حكمة= قوة أيديهم أيضًا ما هي لي = لم أنتفع بأي منهم فلم يكن منهم فائدة. فيهم عجزت الشيخوخة = الشيخوخة تشتهر بالحكمة والمعنى أن حتى شيوخهم كانوا بلا حكمة.
ويكمل أوصاف من يسخرون منه قائلًا في العوز والمحل مهزولون= المَحْل أي المجاعة، فهم من عوزهم وفقرهم ومن المجاعة التي هم فيها هم في هزال. عارقون اليابسة = يعرقون ويكدون في الصحراء الخربة اليابسة منذ أمس = منذ زمان، لعلهم يجدون ما يأكلونه. وهذه الآية ترجمت هكذا في (اليسوعية) "وبراهم العوز والجوع وهم يعرقون القفر الخرب الغامر من قديم" أي هم في فقرهم ومجاعتهم يعملون بأيديهم في الخرب المهجورة اليابسة ينبشون فيها لعلهم يجدون ما يأكلونه. وفي ترجمة أخرى "فمن الحاجة والمجاعة عاشوا منعزلين هائمين في البرية الخربة". يقطفون الملاح= هو نبات غير معروف على وجه الدقة، ومن الاسم يتضح أنه نبات حمضي وكانوا يأكلون جذوره. المهم هذا إشارة لحقارة طعامهم. وكانوا مرفوضين من المجتمع بسبب شرورهم وتصرفاتهم المخزية (كذب/ سرقة..).
يصيحون عليهم كما على لص. يهربون إلى البرية من وجه الناس ويحتموا بالعوسج وكله شوك فيجرحهم وهم هاربون من مطارديهم. ينهقون= شبههم في صراخهم وهروبهم إلى البرية بالفرا (الحمار الوحشي). هم بلا اسم = أي سمعتهم رديئة فالاسم يشير للشخصية، فهم مرفوضين من كل الناس سيطوا من الأرض= طردوا من الأرض بعد أن ضربوهم بالسياط ليؤدبوهم. والضرب بالسياط هو للحقراء من الناس. وكم هو مؤلم أن إنسان حقير كهؤلاء، يزدري بمن هو عظيم كأيوب. ولكن أليس هذا ما حدث مع المسيح الذي ضربه عبد رئيس الكهنة، فعبد العبيد يلطم القدوس البار. حقًا هو كلام منتفخ من أيوب ولكننا لو نظرنا له ككلام نبوة نرى صورة لبشاعة ما حدث مع المسيح القدوس.
الآيات 9-15:- "«أَمَّا الآنَ فَصِرْتُ أُغْنِيَتَهُمْ، وَأَصْبَحْتُ لَهُمْ مَثَلًا! يَكْرَهُونَنِي. يَبْتَعِدُونَ عَنِّي، وَأَمَامَ وَجْهِي لَمْ يُمْسِكُوا عَنِ الْبَصْقِ. لأَنَّهُ أَطْلَقَ الْعَنَانَ وَقَهَرَنِي، فَنَزَعُوا الزِّمَامَ قُدَّامِي. عَنِ الْيَمِينِ الْفُرُوخُ يَقُومُونَ يُزِيحُونَ رِجْلِي، وَيُعِدُّونَ عَلَيَّ طُرُقَهُمْ لِلْبَوَارِ. أَفْسَدُوا سُبُلِي. أَعَانُوا عَلَى سُقُوطِي. لاَ مُسَاعِدَ عَلَيْهِمْ. يَأْتُونَ كَصَدْعٍ عَرِيضٍ. تَحْتَ الْهَدَّةِ يَتَدَحْرَجُونَ. اِنْقَلَبَتْ عَلَيَّ أَهْوَالٌ. طَرَدَتْ كَالرِّيحِ نِعْمَتِي، فَعَبَرَتْ كَالسَّحَابِ سَعَادَتِي."
صِرْتُ أُغْنِيَتَهُمْ.. أَصْبَحْتُ.. مَثَلًا = صار في أفواههم مادة للسخرية يتندرون بها. وأحقر شيء أن يحول أحد آلام الناس لتصبح مادة للسخرية.
يكرهونني= ربما كان قد أصدر حكمًا على أحد منهم حينما كان يجلس في الباب. يبتعدون عني= هم الآن يزدرون بي ويهربون مني من رائحتي. وأمام وجهي لم يمسكوا عن البصق وقارن مع (مت 67:26). لأنه أطلق العنان= الله هو الذي أطلق العنان لهم فهو الذي نزع قوسه وقوته التي كانوا يخشونها، وتركني الله في ألامي وهم فهموا أن هذا علامة غضب الله فليفعلوا ما شاءوا بعد أن أزال الله كرامته. فنزعوا الزمام قدامي= نزعوا الزمام أي ما عاد لهم حدود يقفوا عندها في سخريتهم مني فما أرادوا أن يفعلوه فعلوه. عن اليمين الفروخ يقومون= الفروخ هم الصغار سنًا. وهذا آلم أيوب جدًا أن حتى صغارهم احتقروه (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). بل كانوا يزيحونه لكي يمروا هم، وربما فعلوا هذا لكراهيتهم السابقة أو لازدرائهم من منظره، وهم لم يراعوا سنه أو كرامته السابقة. (كل هذا رمز لما لاقاه سيدنا من إحتقار عبيده). يعدون عليَ طرقهم للبوار= أفعالهم هذه ستقودني للبوار أي الخراب الكامل. أفسدوا سبلي= بسبب أحقادهم عليَّ بسبب أحكامي العادلة السابقة، يحاولون الآن في ضعفي أن يمرروا حياتي بمؤامراتهم. ولاَ مُسَاعِدَ عَلَيْهِمْ ليس من يصدهم عني، فلا يمكنني الخلاص منهم. ولنذكر أنه طالما أنصف من كان مظلومًا منهم وأرشده، والآن يزدرون به (رمز للمسيح الذي جال يفعل خيرًا ثم صلبوه) يأتون كصدع عريض، تحت الهدة يتدحرجون= كنت بمركزي وثروتي السابقة كمن هو في حماية سور مدينته، والآن بما سمح به الله كأن السور تكسر. كصدع = الصدع هو شق في الأرض نتيجة زلزال مثلا، والمعنى أن أفعال هؤلاء ضدي أصابتني بإنكسار شديد كما لو كان هناك زلزال قد شق الأرض شق عريض، وهم كانوا خارجًا كجيش منتظر هذه اللحظة، فحالما إنهدم السور اندفعوا ضدي. والهدة = حطام السور، وقوله يتدحرجون أي يدخلون من كسر السور بكثرة مندفعين في فرح وكأنهم انتصروا عليه (لننظر الآن تفاهة المراكز العالمية وأنها لا تستطيع حماية أحد). وعاد أيوب للصراخ بمرارة طردت كالريح نعمتي= الأهوال طاردت كل أمل لي في الراحة، كالريح حملت كل شيء وكانت الأهوال كريح طردت السحاب الموجود. فكانت نعمته كسحابة زالت سريعًا.
الآيات (16-24):- "«فَالآنَ انْهَالَتْ نَفْسِي عَلَيَّ، وَأَخَذَتْنِي أَيَّامُ الْمَذَلَّةِ. اللَّيْلَ يَنْخَرُ عِظَامِي فِيَّ، وَعَارِقِيَّ لاَ تَهْجَعُ. بِكَثْرَةِ الشِّدَّةِ تَنَكَّرَ لِبْسِي. مِثْلَ جَيْبِ قَمِيصِي حَزَمَتْنِي. قَدْ طَرَحَنِي فِي الْوَحْلِ، فَأَشْبَهْتُ التُّرَابَ وَالرَّمَادَ. إِلَيْكَ أَصْرُخُ فَمَا تَسْتَجِيبُ لِي. أَقُومُ فَمَا تَنْتَبِهُ إِلَيَّ. تَحَوَّلْتَ إِلَى جَافٍ مِنْ نَحْوِي. بِقُدْرَةِ يَدِكَ تَضْطَهِدُنِي. حَمَلْتَنِي، أَرْكَبْتَنِي الرِّيحَ وَذَوَّبْتَنِي تَشَوُّهًا. لأَنِّي أَعْلَمُ أَنَّكَ إِلَى الْمَوْتِ تُعِيدُنِي، وَإِلَى بَيْتِ مِيعَادِ كُلِّ حَيٍّ. وَلكِنْ فِي الْخَرَابِ أَلاَ يَمُدُّ يَدًا؟ فِي الْبَلِيَّةِ أَلاَ يَسْتَغِيثُ عَلَيْهَا؟"
انهالت نفسي عليَّ= من شدة آلامه النفسية إنهالت أي إنسكبت نفسه بلا أمل في رجوع، وهذا ما يسمى الإنهيار النفسي، كماء منسكب على الأرض، وهذا دليل على عدم احتماله أي شيء آخر (مز 14:22). والعرب يشبهون الإنسان الخائف بأن قلبه ذاب كالماء. ومعنى كلام أيوب هنا أن ألامي جعلتني مستهلكًا تمامًا. أخذتني أيام المذلة = إمتلكتني وقبضت عليَّ تمامًا لدرجة الإختناق. الليل ينخر عظامي= في الليل تنتخر عظامي (ترجمة يسوعية) ألامه وصلت لعظامه تنخر فيها كسيف فلا يستطيع النوم ليلًا. وآلامه لا تهجع أي لا تنام، أي لا تهدأ= عارقيَّ لا تهجع (عارقيَّ أي ألامي) ويقول البعض أن كلمة عَارِقِيَّ تشير للأضراس وآلامها ولكن كلمة عارقيَّ مترجمة آلام في الإنجليزية. ومن ترجمها أضراس قال أن آلام الأضراس من أعراض مرض البرص. بكثرة الشدة تنكر لبسي= جبته صارت واسعة عليه من شدة هزاله. مِثْلَ جَيْبِ قَمِيصِي حَزَمَتْنِي = أي أحاطت بي ألامي من كل جهة كما يحيط القميص (الجلباب) بالإنسان. قد طرحني في الوحل= إختلط التراب بقروحه. وأكثر ما آلمه عدم استجابة الله له= فما تستجيب لي ولكن كثرة الشكوى تزيد المرارة في القلب، وهذا ما حدث له هنا، فنجده بعد هذه الشكوى من ألامه يوجه لله كلمة صعبة جدًا تحولت إلى جاف من نحوي= أي قلبك صار بلا رحمة من نحوي. بقدرة يدك تضطهدني= يضع كل قوته ضد أيوب ليحاربه.
حَمَلْتَني أركبتني الريح= هنا يصور أن ضرباته كانت شديدة وأنها كالريح وأن الله ألقاه كريشة في مهب الريح، أو عصافة يلقيها الريح هنا وهناك. والله يظل يقسو عليه بلا أمل في إستجابة حتى الموت= لأني أعلم أنك إلى الموت تعيدني. ثم يقول، وأنا في ألامي هذه أصرخ طالبًا القبر= ولكن في الخراب ألا يَمُد يدًا= فهو يطلبه ولكن الله لا يعطيه له. وفي اليسوعية مترجمة= "ويكون في هلاك الإنسان خلاصه". وأيوب يقصد بهذا تصوير حالة اليأس من استجابة الله له، وأن الله سيتركه في عذابه هذا حتى يموت، إذا فليقصِّر الله مدة حياته في هذا العذاب ويأتي له بالموت سريعا، ويكون هذا كأن الله يمد له يده ليريحه.
الآيات (25-31):- "«أَلَمْ أَبْكِ لِمَنْ عَسَرَ يَوْمُهُ؟ أَلَمْ تَكْتَئِبْ نَفْسِي عَلَى الْمِسْكِينِ؟ حِينَمَا تَرَجَّيْتُ الْخَيْرَ جَاءَ الشَّرُّ، وَانْتَظَرْتُ النُّورَ فَجَاءَ الدُّجَى. أَمْعَائِي تَغْلِي وَلاَ تَكُفُّ. تَقَدَّمَتْنِي أَيَّامُ الْمَذَلَّةِ. اِسْوَدَدْتُ لكِنْ بِلاَ شَمْسٍ. قُمْتُ فِي الْجَمَاعَةِ أَصْرُخُ. صِرْتُ أَخًا لِلذِّئَابِ، وَصَاحِبًا لِرِئَالِ النَّعَامِ. حَرِشَ جِلْدِي عَلَيَّ وَعِظَامِي احْتَرَّتْ مِنَ الْحَرَارَةِ فِيَّ. صَارَ عُودِي لِلنَّوْحِ، وَمِزْمَارِي لِصَوْتِ الْبَاكِينَ."
ألم أبك لمن عَسَر يومه= لقد أظهرت مراحمي للمسكين أفلا تظهر مراحمك عليَّ. حِينَمَا تَرَجَّيْتُ الْخَيْرَ جَاءَ الشَّرُّ = بسب كمالي ومراحمي ترجيت أن تزيد بركاتك عليَّ، وإذا بكل هذه الشرور تأتي عليَّ. أمعائي تغلي ولا تكف قد تفهم حرفيًا بمعنى آلام أحشائه وقد تفهم بمعنى هياج عواطفه وإنفعالاته. فالأمعاء والأحشاء تشير للعواطف (إش 11:16 + 15:63) + (في 1:2). تقدمتني أيام المذلة= لقد جاءت أيام المذلة دون سابق إنذار، أيام المذلة تقدمت أيام السرور الذي انتظرته فما جاء، بل جاء بدله المذلة والألم. إسوددت= نتيجة لمرضي وليس نتيجة لفحة شمس. قمت في الجماعة أصرخ= حتى في وسط أصحابه لم يستطع أن يمنع نفسه من البكاء، أي كان بكاؤه مستمرًا. صرت أخًا للذئاب= من كثرة صراخه شابه الذئاب والنعام وهذه لا تكف عن العواء وهي تحيا في البرية وحيدة. حرش جلدي عليَّ= إسود لونه وخشن ملمسه. وعظامي إحترت= كَمَنْ هو في حُمَّى مستمرة وجسده يكون ساخنًا. صار عودي للنوح= تحولت أفراحي لأحزان. عودي = آلة طرب رمز للفرح.
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 31 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أيوب 29 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/c2mkxtz