محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33
الآيات 1-7:- "«وَلكِنِ اسْمَعِ الآنَ يَا أَيُّوبُ أَقْوَالِي، وَاصْغَ إِلَى كُلِّ كَلاَمِي. هأَنَذَا قَدْ فَتَحْتُ فَمِي. لِسَانِي نَطَقَ فِي حَنَكِي. اِسْتِقَامَةُ قَلْبِي كَلاَمِي، وَمَعْرِفَةُ شَفَتَيَّ هُمَا تَنْطِقَانِ بِهَا خَالِصَةً. رُوحُ اللهِ صَنَعَنِي وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ أَحْيَتْنِي. إِنِ اسْتَطَعْتَ فَأَجِبْنِي. أَحْسِنِ الدَّعْوَى أَمَامِي. اِنْتَصِبْ. هأَنَذَا حَسَبَ قَوْلِكَ عِوَضًا عَنِ اللهِ. أَنَا أَيْضًا مِنَ الطِّينِ تَقَرَّصْتُ. هُوَذَا هَيْبَتِي لاَ تُرْهِبُكَ وَجَلاَلِي لاَ يَثْقُلُ عَلَيْكَ."
أليهو هنا يقنع أيوب، أنه إنما يتكلم لفائدته وليس لغرض شخصي. فتحت فمي= بعد أن سكت طويلًا، فأعطني فرصة لأشرح لك. استقامة قلبي كلامي= أي كلماتي تصدر من قلب مستقيم. ومعرفة شفتي هما تنطقان بها خالصة= شفتاي تتحدثان بإخلاص بما أعلم، وبما كشفه لي روح الله. ومعنى كلامه هنا أنه لن يكون منحازًا لأحد، ولا حتى لرأي شخصي، ولا لنظرية يحاول إثباتها أو تطبيقها على أيوب، كما حاول أليفاز وصاحبيه أن يطبقوا نظرية خاصة على أيوب، ربما كانوا هم أول المقتنعين بأنها لا تنطبق عليه، فهم بالتأكيد كانوا يعرفون بره. روح الله صنعني هذا مصدر حكمة أليهو، الإعلانات التي يعلنها الله له، فالله هو المصدر وليس خبرته الشخصية، ومعنى كلامه، لا تحتقروا ما سوف أقول بسبب صغر سني. وفي (5) انتصب= إن وجدت ردًا يا أيوب على ما أتكلم به فهيا قم وتحاور معي وفي (6) طلب أيوب من قبل أن يحاكم أمام الله (أي 3:13 + 21:16 + 3:23). وفي (أي 21:16) كان يتمنَّى أن يُحَاكَم عند الله كما يقف إنسان أمام إنسان. وهو طلب أن يحاكم أمام الله لكن بشرط أن لا يرعبه الله بمجده ونور بهائه (أي 20:13-22). وأليهو يقول له هنا ما تطلبه الآن موجود. فأنت عرضت قضيتك أمامي وسأرد عليك بالنيابة عن الله، وأنا إنسان مثلك، ولن أريعك فأنا أيضًا من الطين تقرصت= أي إنسان مخلوق من الطين مثلك، تقرصت= جُبِلْت. ولاحظ أيضًا أن طلب أيوب أن يتصالح أيضًا مع الله. وهنا أليهو يقوم بهذا الدور. وقوله أنا طين يشير لأن أليهو تحت الآلام مثل أيوب ويشعر بآلامه، وهكذا ينبغي أن الخادم يشعر بآلام الناس. وما قاله أليهو هنا عن نفسه يشير لعمل المسيح، كلمة الله الذي تجسد ليصالحنا على الله، ولكي نتكلم معه ولا نرتعب من جلاله فهو ابن الإنسان وهو يشعر بضعفاتنا ويرثي لنا فهو اجتازها من قبلنا (عب 17:2، 18).
الآيات 8-13:- "«إِنَّكَ قد قُلْتَ في مَسَامِعِي، وَصَوْتَ أَقْوَالِكَ سَمِعْتُ. قُلْتَ: أَنَا بَرِيءٌ بِلاَ ذَنْبٍ. زَكِيٌّ أَنَا وَلاَ إِثْمَ لِي. هُوَذَا يَطْلُبُ عَلَيَّ عِلَلَ عَدَاوَةٍ. يَحْسِبُنِي عَدُوًّا لَهُ. وَضَعَ رِجْلَيَّ فِي الْمِقْطَرَةِ. يُرَاقِبُ كُلَّ طُرُقِي. «هَا إِنَّكَ فِي هذَا لَمْ تُصِبْ. أَنَا أُجِيبُكَ، لأَنَّ اللهَ أَعْظَمُ مِنَ الإِنْسَانِ. لِمَاذَا تُخَاصِمُهُ؟ لأَنَّ كُلَّ أُمُورِهِ لاَ يُجَاوِبُ عَنْهَا."
هنا نجد أليهو يعاتب أيوب على الأقوال الصعبة التي فلتت منه في أثناء نقاشه وهي الخاصة بعدل الله وصلاحه تجاه أيوب. قلت في مسامعي= أي سمعتك بنفسي ولم ينقل لي أحد. فأنا متأكد من هذا. وفي (9-11) يكرر كلام أيوب الصعب واتهاماته لله وراجع (أي 21:9 + 7:10، 13 + 24:13، 27 + 11:19 + 23: 2، 10+ 5:27 + 21:30) فهو يصور نفسه أنه كامل وبرئ. فالله إذًا يعاديه بلا سبب، وهو غير قادر على الجدال مع الله ولا الهرب منه فرجله في المقطرة. والله كعدو يتصيد عليه أي خطأ ثم يعامله بجفاء وقسوة وهو يعلم أنه بريء.
وفي (12) الله أعظم من الإنسان= حتى وإن لم نعرف حكمة الله فيما يفعله فعلينا أن نعترف بأنه أعظم وأحكم ونعترف بأننا أضعف وأجهل من أن نفهم كل حكمة الله. وبالتالي لا يليق أن تشكو الله يا أيوب= ها إنك في هذا لم تصب= عليك أن تكف عن الشكوى من الله وتتواضع أمامه، لتصطلح معه. ونلاحظ الفرق بين تهمة أليهو ضد أيوب وتهم أصدقاء أيوب له. فأليهو يقول لأيوب قد أخطأت في قولك هذا بينما أصحاب أيوب قالوا له أنت مخطئ في كل شيء دون تحديد. وهذا هو الحوار المقبول ومعنى قول أو لوم أليهو أنه لا يصح أن ننسب لله تصرفات خاطئة فكل أعماله صالحة.
وفي (13) من يشتكي الله فهو يقاوم الله، لأن من يشتكي الله يظهر الله كأنه مخطئ فيما عمل. وهل نخاصم الله غير المحدود في محبته وقدرته، وهل يتخاصم الإناء الخزفي مع صانعه ولنلاحظ أن الله غير ملزم بتقديم تفسير عن كل عمل يقوم به، بل علينا نحن أن نثق في الله وأنه لا يخطئ، الأيام أن تدبير الله هو الذي كان صحيحًا.
الآيات 14-16:- "لكِنَّ اللهَ يَتَكَلَّمُ مَرَّةً، وَبِاثْنَتَيْنِ لاَ يُلاَحِظُ الإِنْسَانُ. فِي حُلْمٍ فِي رُؤْيَا اللَّيْلِ، عِنْدَ سُقُوطِ سَبَاتٍ عَلَى النَّاسِ، فِي النُّعَاسِ عَلَى الْمَضْجَعِ. حِينَئِذٍ يَكْشِفُ آذَانَ النَّاسِ وَيَخْتِمُ عَلَى تَأْدِيبِهِمْ،"
لكن الله يتكلم= الله يكشف عن أسراره بقدر ما يحتمل الإنسان أن يعرف. وهذا رد على أيوب حين قال أن الله تركه في ظلمة، لا يعرف لماذا حدث كل ما حدث. لذلك تصور أيوب أن الله يتصرف معه كعدو. ولذلك يرد عليه أليهو بأن الله قد تحدث معك وأنت لم تفهم، أو لم تدرك ولكن عمومًا فكل تصرف من الله هو للخير. مرة وباثنتين= فالله من محبته يسر بحديثه مع الإنسان. والروح القدس داخلنا عمله أن يبكت ويرشد ويعلم ويذكر ويقود. والله له وسائله المختلفة، فإن لم نستمع لصوت الروح القدس الهادئ داخلنا، نسمع لصوت كلمة الله في الكتاب المقدس أو في عظة، أو من أي إنسان يرسله الله. وإن لم يسمع الإنسان فهناك وسائل أخرى يستعملها الله كإنذارات وتأديب، فإن فشل أحد الإنذارات في تنبيه الإنسان نجد الله يرسل إنذارًا آخر... وهكذا حتى يصير الإنسان بلا عذر. ولكن الإنسان لجهله لا يلاحظ طرق الله. وفي (15) نجد أليهو يحدد طرق اتصال الله بالإنسان، عن طريق الأحلام، وهناك أحلام من الله(يوسف النجار، فرعون، نبوخذ نصر) ويوجد أحلام من الشياطين وأحلام مصدرها خيال الإنسان، وهذه الأخيرة هي المصدر الأساسي للأحلام. وقد يسمع الإنسان صوت الله في خلوته مساءً وهو على سرير فراشه، في هدوء الليل. ولكن أليهو هنا يقصد الأحلام. وفي (16) حينئذ يكشف أذان الناس= أي يزيل من أذانهم ومن قلوبهم معطلات السمع، فحين يسمح الله أن تصل لإنسان رسالة من السماء سيزيل كل العوائق التي نصنعها نحن بخطايانا.
ويختم على تأديبهم= يجعلها الله تسكن في قلوبهم حتى لا ينسون إنذار الله.
الختم |
عمل الله |
1- يظهر من الختم من الذي وقع على الورقة. 2- يظهر على الختم صورة نقش. 3- الختم يوضع بعد أن تغلق الرسالة. |
1- يظهر من التأديب أن الله هو الذي يؤدب. 2- إذا استفاد الإنسان من التأديب تظهر فيه صورة الله (غل 19:4). 3- ثمار التأديب وعمل الله تكون داخلية. |
الآيات 17-22:- "لِيُحَوِّلَ الإِنْسَانَ عَنْ عَمَلِهِ، وَيَكْتُمَ الْكِبْرِيَاءَ عَنِ الرَّجُلِ، لِيَمْنَعَ نَفْسَهُ عَنِ الْحُفْرَةِ وَحَيَاتَهُ مِنَ الزَّوَالِ بِحَرْبَةِ الْمَوْتِ. أَيْضًا يُؤَدَّبُ بِالْوَجَعِ عَلَى مَضْجَعِهِ، وَمُخَاصَمَةُ عِظَامِهِ دَائِمَةٌ، فَتَكْرَهُ حَيَاتُهُ خُبْزًا، وَنَفْسُهُ الطَّعَامَ الشَّهِيَّ. فَيَبْلَى لَحْمُهُ عَنِ الْعَيَانِ، وَتَنْبَرِي عِظَامُهُ فَلاَ تُرَى، وَتَقْرُبُ نَفْسُهُ إِلَى الْقَبْرِ، وَحَيَاتُهُ إِلَى الْمُمِيتِينَ."
ما فائدة التأديبات، يجيب في (17) ليحول الإنسان عن عمله= أي يقوده للتوبة عن خطيته. ويكتم الكبرياء= وهذا ما يعمله الله الآن مع أيوب شخصيًا.
وفي (18) الله ينذر ويوبخ ليمنع عنا الخطايا حتى لا نهلك فالخطايا تؤدي للهلاك.
وفي (19) مفهوم أليهو رائع أن الله يسمح بالألم للتأديب، وهو نفس مفهوم بولس الرسول (عب 5:12-11). وهو هنا يرفض فكر أيوب وفكر أصحابه.
فكر أيوب:- لماذا أتألم وأنا بار؟!
فكر الأصحاب:- الألم علامة غضب الله على الأشرار، ولذلك فأيوب قطعًا شرير.
وأليهو بهذا الكلام يوجه نظر أيوب أن التأديب فيه محبة ورحمة من الله. فالتأديب أفضل بما لا يقاس من الهلاك في هوة الموت. وهنا نرى إحدى وسائل التأديب التي يستخدمها الله ألا وهو المرض= يؤدب بالوجع. وهنا نرى صورة مؤلمة لمرض مؤلم للعظام = مخاصمة عظامه دائمة = فالمرض شبهه بعدو يخاصم الإنسان فلا يتركه ليلًا أو نهارًا. وفي (20) أحد مظاهر المرض فقدان الشهية. وفي (21) يتحول المريض إلى هيكل عظمي. لـ تنبري عظامه = أي تتلاشى وهي مبالغة شعرية والمعنى الضعف العام.
وفي (22) يصل المريض لحافة اليأس وتظهر عليه كل علامات الموت. المميتين = هم إما آلام المرض التي تؤدي للموت أو هم الملائكة المرسلون من الله ليميتوا ويهلكوا، (2صم 16:24). وهنا الأمراض والآلام تجعل الإنسان قريبًا جدًا من القبر.
آية 23:- "إِنْ وُجِدَ عِنْدَهُ مُرْسَلٌ، وَسِيطٌ وَاحِدٌ مِنْ أَلْفٍ لِيُعْلِنَ لِلإِنْسَانِ اسْتِقَامَتَهُ،"
بعد أن تكلم عن الملائكة المميتين، نجده هنا يتكلم عن ملاك مرسل لينقذ الإنسان من أيديهم. والآن الله يؤدب أيوب، لكن كيف يفهم أيوب فيكون هذا التأديب لتبريره وتقديسه، ولا يكون سبب خصام مع الله؟ يكون هذا بأن يرسل الله وسيطًا كأليهو ليشرح لأيوب ولِيُعْلِنَ لِلإِنْسَانِ اسْتِقَامَتَهُ = أي استقامة الله، أي يبرر الله فيما سمح له به من آلام للتأديب. وتفهم كلمة استقامته أنها عائدة على أيوب فالمرسل يشرح لأيوب أنه مستقيم ومقبول من الله وليس شريرًا وعدوًا مرفوضًا من الله، وأن هذه الآلام سبب تأديب له. وإذا فهم أيوب يكون التأديب له فائدة. وهذا الوسيط هنا يعزي ويرافق ويشرح له تدبير الله لخلاص نفسه، الوسيط هو رجل حكيم يفهم معنى القضيب المؤدب الذي يستخدمه الله. وهذا عمل خدام الله دائمًا. واحد من ألف= تفهم بمعنيين:-
(1) الله له 1000 وسيط يمكنهم أن يشرحوا لأيوب، والله أرسل واحد منهم هو أليهو.
(2) أن الوسيط أو الخادم الذي يفهم أساليب الله هو عينة نادرة وسط الخدام. فكل أصحاب أيوب فشلوا في شرح المعاني التي شرحها أليهو.
والمرسل الذي انتظرته البشرية هو المسيح، وهو الوسيط بين الله والإنسان. وهو وحده الذي يرافقنا في رحلة الألم في هذه الحياة، ولو قبلنا الآلام كشركة صليب معه نتعزّى، وهو وحده الذي شرح معنى الألم. فهل تألم المسيح لأنه شرير؟! حاشا (و في هذا رد على منطق الأصحاب). بل فهمنا الآن بالمسيح معنى الألم، وبالوسيط يسوع المسيح نتبرر. وكان أيوب مخطئًا حين ظن نفسه بارًا فلا تبرير سوى بدم المسيح. ودمه هو الذي يحمينا من الهبوط في الحفرة والهلاك. ونجد الآن معنى ثالث لقول واحد من ألف:-
فرقم 1000 يشير للسماء. والمسيح أتى من السماء كوسيط من السماء (يو 13:3).
الآيات 24-33:- "يَتَرَاَءَفُ عَلَيْهِ وَيَقُولُ: أُطْلِقُهُ عَنِ الْهُبُوطِ إِلَى الْحُفْرَةِ، قَدْ وَجَدْتُ فِدْيَةً. يَصِيرُ لَحْمُهُ أَغَضَّ مِنْ لَحْمِ الصَّبِيِّ، وَيَعُودُ إِلَى أَيَّامِ شَبَابِهِ. يُصَلِّي إِلَى اللهِ فَيَرْضَى عَنْهُ، وَيُعَايِنُ وَجْهَهُ بِهُتَافٍ فَيَرُدُّ عَلَى الإِنْسَانِ بِرَّهُ. يُغَنِّي بَيْنَ النَّاسِ فَيَقُولُ: قَدْ أَخْطَأْتُ، وَعَوَّجْتُ الْمُسْتَقِيمَ، وَلَمْ أُجَازَ عَلَيْهِ. فَدَى نَفْسِي مِنَ الْعُبُورِ إِلَى الْحُفْرَةِ، فَتَرَى حَيَاتِيَ النُّورَ. «هُوَذَا كُلُّ هذِهِ يَفْعَلُهَا اللهُ مَرَّتَيْنِ وَثَلاَثًا بِالإِنْسَانِ، لِيَرُدَّ نَفْسَهُ مِنَ الْحُفْرَةِ، لِيَسْتَنِيرَ بِنُورِ الأَحْيَاءِ. فَاصْغَ يَا أَيُّوبُ وَاسْتَمِعْ لِي. اُنْصُتْ فَأَنَا أَتَكَلَّمُ. إِنْ كَانَ عِنْدَكَ كَلاَمٌ فَأَجِبْنِي. تَكَلَّمْ. فَإِنِّي أُرِيدُ تَبْرِيرَكَ. وَإِلاًّ فَاسْتَمِعْ أَنْتَ لِي. اُنْصُتْ فَأُعَلِّمَكَ الْحِكْمَةَ»."
آية (24) يبدأ من هنا شرح نتائج التجاوب الصحيح لتأديبات الله. الله الإله العطوف الذي تكلم في حلم وأدب بالمرض وأرسل وسيط ليتصالح مع أيوب. بل مع أي إنسان. فإذا تخلص الإنسان من خطيته التي جلبت عليه التأديب شُفِيَ من مرضه ويتبرر أمام الله، ويكون هذا الإنسان شهادة أمام الآخرين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ومعنى كلام أليهو أن المتألم لو تجاوب مع عمل الله يقبله الله ويتراءف عليه، وينجو من الهلاك الأبدي= أطلقه عن الهبوط إلى الحفرة. قد وجدت فدية= أي حينما قدم توبة شفاه الله ورحمه. كأن الله هو الذي يقول قد وجدت فدية، فتوبة هذا الشخص كانت فداءً له، فسأعطيه أن ينجو من الموت. والتأديب لا يتوقف إلا إذا أتى بثماره. ولكن نرى في آية (24) عجبًا. فأليهو بروح النبوة انفتحت عيناه. ورأَى أنه لا خلاص من الهبوط للحفرة، أي الموت الأبدي، إلا بوجود فدية. وليس من فدية تعطينا الخلاص إلا دم المسيح، الذي سبق وأسماه المرسل والوسيط. والمسيح هو نفسه الفادي وهو نفسه الفدية، هو الكاهن وهو الذبيحة، هو الشاري وهو الثمن (هو اشترانا وَحَرَّرَنَا من يد إبليس بثمن هو دم نفسه)، وهو الذي بررنا وهو الذي صالحنا مع الآب.
لقد سبق ورأينا أيوب قد انفتحت عيناه ورأَى الولي الحي، وكانت شركة الصليب هي السبب في فتح عينيه. وهنا نرى أليهو تنفتح عينيه بسبب آخر هو الإيمان القوي ومحبته وغيرته على مجد الله.
وفي آية (25) التخلص من نتائج الخطية، أي شفاء المرض (مثال نعمان السرياني) لكن ليس في كل مرة يعود اللحم كلحم صبي صغير. ولكن هذا سيحدث في الجسد الممجد بعد القيامة.
وفي (26) تسترد النفس سلامها وعلاقتها بالله، فالتائب يصلي والله يقبل صلاته، ويرتد غضب الله عنه، ويظهر على وجهه نور رضا الله ويعيش في سلام داخلي... وهذا ما قاله المسيح "سلامي أترك لكم... " ويعاين وجهه= "طوبَى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله". فبعد أن كان الخاطئ غير قادر أن يرى وجه الله، يراه ويفرح به. ويقول فم الذهب "الذين يعاينون وجه الله وهو راض عنهم يذوقون أفراح السماء وهم على الأرض. فيرد على الإنسان بره= الله يعيد للتائب بره بأن يغفر خطاياه.
وفي (27، 28). يغني بين الناس فيقول قد أخطأت. يغني إشارة لأفراح التائب الذي نال الغفران. وماذا يقول التائب في فرحه قد أخطأت. هذه تسبحة التائب الحقيقي، فالتائب لا ينكر خطيته أبدًا. وسبب فرحه غفران الله له = لَمْ أُجَازَ عَلَيْهِ. فَدَى نَفْسِي مِنَ الْعُبُورِ إِلَى الْحُفْرَةِ = فبالتأديب انتقل من الموت إلى الحياة = "ابني هذا كان ميتًا فعاش" فَتَرَى حَيَاتِيَ النُّورَ = وينتقل من الظلمة إلى النور. لكن من الذي يستفيد من الفداء؟ التائب. ولنرَى هنا مفهوم أليهو أن فرح التائب يكون بغفران خطاياه، فهو يعترف أنه أخطأ وهو فرح بالغفران وهذا عكس ما كان أيوب يحاول إثباته، أنه بار ولا حاجة له لفداء فكان منطق أيوب سببًا لتعاسته ولنقارن قول داود "لَمْ يَصْنَعْ مَعَنَا حَسَبَ خَطَايَانَا، وَلَمْ يُجَازِنَا حَسَبَ آثامِنَا" (مز 103: 10). فهو يشبه تمامًا قول أليهو هنا يغني... قد أخطأت وهو عكس قول (أيوب 14:16-17).
وفي (30، 29). الله يفعل هذا دائمًا، فهو لا يفرح بموت الخاطئ، بل بأن يفدي نفسه فيرجع ويحيا، وفي سبيل هذا يستخدم الإنذارات والآلام. مرتين وثلاثًا= إن لم يستجب الإنسان للإنذار الأول يكون هناك إنذار ثانٍ.. وكل إنذار أصعب من الذي قبله.
وفي (31، 32):- أليهو يتمنَّى أن أيوب يفهم أن أليهو ليس خصمًا له، فهو ليس مثل الأصحاب يحاول إثبات شره، بل هو يسعى وراء الحق ليتوب أيوب فيتبرر= أريد تبريرك.
وفي (33) إنصت فأعلمك الحكمة= من يتعلم أن ينصت في هدوء وليس بروح الجدل سيسمع وسيتعلم الحكمة، وأي حكمة أروع من التي قالها أليهو أن الله في محبته يسعى وراء الإنسان ليفتديه من الحفرة، وينقذه من الموت، ولا ينتظر من الإنسان إلا أن يعود إليه بالتوبة، ويظل الله وراء أولاده بالتأديبات حتى لا يهلكوا، بل يظلوا في طريق الخلاص. إستمع أنت لي= ما سيقوله بعد ذلك.
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 34 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أيوب 32 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7765ckv