محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22
الإصحاحات (32، 33، 34، 35، 36، 37) هي خطاب أليهو:-
تكلم أليهو بعد أن انتهى حوار أيوب مع أصحابه. فلا أيوب اعترف بأنه أخطأ ولا أصحابه تنازلوا عن قضيتهم، وكان أليهو أصغر الموجودين سنًا، واعتذر عن كونه أصغرهم ومع هذا يبدي رأيًا، وهو تكلم للأسباب الآتية:-
1. لأن أصحاب أيوب عجزوا عن الرد على أيوب.
2. لأن أيوب برر نفسه في كل شيء وألقَى باللوم على الله.
3. هو لم يدين أيوب كالأصحاب، بل أدخل اعتبارًا جديدًا في المناقشة، وهو أن الآلام هي تأديب من الله. والتأديبات علامة محبة.
4. وهو تكلم لأنه وجد الرد في داخله ولم يستطع أن يكتمه.
5. لأنه ثار غاضبًا على عدم إعطاء الله كرامته، لذلك قد يفهم كثيرًا من كلماته أنها صادرة عن غرور أو كبرياء ولكن بالعكس نجد أليهو متواضعًا مملوءًا حكمة وفطنة ومعرفة لله، لم يقاطع الشيوخ وهم يتكلمون، بل تكلم أخيرًا، لكن ثورته كانت على الكلمات الصعبة التي قالها أيوب ضد الله مبررًا نفسه، وعلى منطق أصحاب أيوب أنهم لم يجدوا ردًا على أيوب في تبرير سبب النكبات سوى اتهاماتهم له بأنه شرير مما جعله يثور ثورة عارمة ضدهم بل ضد الله نفسه.
وكان كلام أليهو مقنعًا جدًا، وتكلم ولم يخطئ ولذلك لم يرد عليه أيوب كما رد على أصحابه الآخرين، ولم يرد عليه الأصحاب. بل بينما أن الله حين تكلم وجه اللوم إلى الأصحاب الباقين لم يوجه أي لوم لأليهو (أي 7:42).
آية 1:- "فَكَفَّ هؤُلاَءِ الرِّجَالُ الثَّلاَثَةُ عَنْ مُجَاوَبَةِ أَيُّوبَ لِكَوْنِهِ بَارًّا فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ."
كف أصحاب أيوب عن الحوار لأنهم وجدوا أيوب بارًا في عيني نفسه. وإنه من المستحيل النقاش مع مثل هذا الإنسان. ولقد رأَى أصحاب أيوب أنه من العبث الاستمرار في النقاش، لا هم قادرين على إقناعه ولا هو قادر على إقناعهم.
الآيات 2-5:- "فَحَمِيَ غَضَبُ أَلِيهُوَ بْنِ بَرَخْئِيلَ الْبُوزِيِّ مِنْ عَشِيرَةِ رَامٍ. عَلَى أَيُّوبَ حَمِيَ غَضَبُهُ لأنَّهُ حَسَبَ نَفْسَهُ أَبَرَّ مِنَ اللهِ. وَعَلَى أَصْحَابِهِ الثَّلاَثَةِ حَمِيَ غَضَبُهُ، لأَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا جَوَابًا وَاسْتَذْنَبُوا أَيُّوبَ. وَكَانَ أَلِيهُو قَدْ صَبَرَ عَلَى أَيُّوبَ بِالْكَلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَكْثَرُ مِنْهُ أَيَّامًا. فَلَمَّا رَأَى أَلِيهُو أَنَّهُ لاَ جَوَابَ فِي أَفْوَاهِ الرِّجَالِ الثَّلاَثَةِ حَمِيَ غَضَبُهُ."
أليهو= هو إلهي. برخئيل= بركة الله. البوزي= من نسل بوز بن ناحور أخو إبراهيم (تك 21:22) وهم من قبائل العرب (أر 23:25). فهو قريب لإبراهيم وهو شاب صغير لكنه حار في الروح. وتكلم ليعرف كل واحد خطأه ويقدم توبة. وهو أدان أيوب لأنه لم يتكلم عن الله بوقار كما يجب ولأن أيوب برر نفسه أكثر من الله، فهو أجهد نفسه ليثبت بره ولكنه لم يهتم أن يثبت بر الله ولم يبرر الله من الخطأ في تجربته (فيفهم من كلام أيوب أن الله قد أخطأ حين أصابه بهذه التجربة). فهو اهتم بكرامته أكثر من كرامة الله. والطريق الصحيح في التعامل مع الله أن نبحث نحن عن مجد الله والله هو الذي يبررنا. وأدان أليهو الأصحاب لأنهم لم يقدموا ردودهم برفق لأيوب وإصرارهم على أنه شرير مرائي وأيضاً لضعف حججهم. وأدان الجميع بسبب أن كل طرف أصر على أن الطرف الأخر خاطئ، كل منهم كان يبحث عن خطأ في كلام الآخر ويضخم هذا الخطأ دون أن يبحث في النقاط الإيجابية التي قالها. ونلاحظ تصرف أليهو الصائب فهو لم يتدخل في المناقشة حتى أنهى الأكبر سنًا كلامهم، فهو احترمهم بسبب تقدمهم في الأيام بالرغم من أنه كان يرى أخطاءهم في المناقشة. وهذا يشير لتواضعه. وتكلم أليهو لأن الله أعلن له فكان سكوته بعد ذلك تردد في الشهادة لله.
الآيات 6-22:- "فَأَجَابَ أَلِيهُو بْنُ بَرَخْئِيلَ الْبُوزِيُّ وَقَالَ: «أَنَا صَغِيرٌ فِي الأَيَّامِ وَأَنْتُمْ شُيُوخٌ، لأَجْلِ ذلِكَ خِفْتُ وَخَشِيتُ أَنْ أُبْدِيَ لَكُمْ رَأْيِيِ. قُلْتُ: الأَيَّامُ تَتَكَلَّمُ وَكَثْرَةُ السِّنِينِ تُظْهِرُ حِكْمَةً. وَلكِنَّ فِي النَّاسِ رُوحًا، وَنَسَمَةُ الْقَدِيرِ تُعَقِّلُهُمْ. لَيْسَ الْكَثِيرُو الأَيَّامِ حُكَمَاءَ، وَلاَ الشُّيُوخُ يَفْهَمُونَ الْحَقَّ. لِذلِكَ قُلْتُ: اسْمَعُونِي. أَنَا أَيْضًا أُبْدِي رَأْيِيِ. هأَنَذَا قَدْ صَبِرْتُ لِكَلاَمِكُمْ. أَصْغَيْتُ إِلَى حُجَجِكُمْ حَتَّى فَحَصْتُمُ الأَقْوَالَ. فَتَأَمَّلْتُ فِيكُمْ وَإِذْ لَيْسَ مَنْ حَجَّ أَيُّوبَ، وَلاَ جَوَابَ مِنْكُمْ لِكَلاَمِهِ. فَلاَ تَقُولُوا: قَدْ وَجَدْنَا حِكْمَةً. اَللهُ يَغْلِبُهُ لاَ الإِنْسَانُ. فَإِنَّهُ لَمْ يُوَجِّهْ إِلَيَّ كَلاَمَهُ وَلاَ أَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَا بِكَلاَمِكُمْ. تَحَيَّرُوا. لَمْ يُجِيبُوا بَعْدُ. انْتَزَعَ عَنْهُمُ الْكَلاَمُ. فَانْتَظَرْتُ لأَنَّهُمْ لَمْ يَتَكَلَّمُوا. لأَنَّهُمْ وَقَفُوا، لَمْ يُجِيبُوا بَعْدُ. فَأُجِيبُ أَنَا أَيْضًا حِصَّتِي، وَأُبْدِي أَنَا أَيْضًا رَأْيِيِ. لأَنِّي مَلآنٌ أَقْوَالًا. رُوحُ بَاطِنِي تُضَايِقُنِي. هُوَذَا بَطْنِي كَخَمْرٍ لَمْ تُفْتَحْ. كَالزِّقَاقِ الْجَدِيدَةِ يَكَادُ يَنْشَقُّ. أَتَكَلَّمُ فَأُفْرَجُ. أَفْتَحُ شَفَتَيَّ وَأُجِيبُ. لاَ أُحَابِيَنَّ وَجْهَ رَجُل وَلاَ أَمْلُثُ إِنْسَانًا. لأَنِّي لاَ أَعْرِفُ الْمَلْثَ. لأَنَّهُ عَنْ قَلِيل يَأْخُذُنِي صَانِعِي."
في الآية (7) "قلت الأيام تتكلم وكثرة السنين تظهر حكمة". يعترف أن الأكثر أيامًا أكثر حكمة. وفي الآية (8) "و لكن في الناس روحا ونسمة القدير تعقلهم". في الناس روحًا المقصود أن مصدر المعرفة للإنسان ليس فقط خبرته، بل إرشاد الروح القدس للإنسان، فهناك مصدر إلهي للمعرفة داخل الإنسان. وأليهو كان يعرف أنه خاضع لله وبالتالي فإن روح الله يرشده، وفي هذا يستوي الكبير والصغير وفي الآية (9) "ليس الكثيرو الأيام حكماء ولا الشيوخ يفهمون الحق". المقصود أن الخبرة التي يكتسبها الشيوخ بالسن هي لا شيء بجانب الإعلان الإلهي الذي تكلم عنه في آية (8). بل لو ابتعد الإنسان عن الله لفقد حكمته تمامًا بالرغم من سنه. وفي الآية (10) "لذلك قلت اسمعوني أنا أيضًا أبدي رأيي". إسمعوني= لأنني أعلم أن الروح القدس هو الذي علمني ما أقول. وفي الآيات (11، 12) "هانذا قد صبرت لكلامكم اصغيت إلى حججكم حتى فحصتم الأقوال، فتأملت فيكم واذ ليس من حج أيوب ولا جواب منكم لكلامه". هو سكت منتظرًا من الأصحاب أن يجدوا ردًا على أيوب لكنهم لم يردوا، والسبب أنهم ما كانوا يبحثون عن مجد الله، ولا عن الرد الصحيح ولا عن الحكمة الإلهية بل كان كل همهم منصبًا على محاولة إثبات شر أيوب ليثبتوا صحة نظريتهم. وكان خطأ أيوب أيضًا أنه لم يحاول أن يبحث عن حكمة إلهية ترشده عن سبب آلامه، بل انصبت كل محاولاته في تبرير نفسه. لقد تحولت المناقشة إلى منافسة شخصية. وحينما يكون لنا غرض مخالف عن البحث عن مجد الله نفقد حساسية الاستماع لصوت روح الله فينا، وفي هذا لم يخطئ أليهو.
وفي الآية (13) "فَلاَ تَقُولُوا: قَدْ وَجَدْنَا حِكْمَةً. اَللهُ يَغْلِبُهُ لاَ الإِنْسَانُ."
لا تقولوا قد وجدنا حكمة= لا تقولوا إننا وجدنا في كلام أيوب حكمة لا تقاوم، ولا تقولوا أننا لنا حكمة بسبب تقدمنا في الأيام، فبسكوتكم سيظن أيوب فعلًا أنه بار وأن الله أخطأ في تجربته لأيوب. الله يغلبه لا الإنسان= سيكون الرد عليه بحكمة إلهية، بصوت أسمعه من الله، لا بخبرات إنسانية وحكمة بشرية.
وفي الآية (14) "فَإِنَّهُ لَمْ يُوَجِّهْ إِلَيَّ كَلاَمَهُ وَلاَ أَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَا بِكَلاَمِكُمْ."
فإنه لم يوجه إليَّ كلامه= كانت المشكلة بين أيوب وأصحابه أن الحوار انقلب ليصبح صراعًا شخصيًا بينهم. وأليهو يقول أنا خارج هذا الصراع ولا خصومة بيني وبين أيوب، وهو لم يوجه لي في خطاباته أي اتهام. وَلاَ أَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَا بِكَلاَمِكُمْ = فأنا لن أتهم أيوب بأنه مرائي وشرير كما فعلتم. وفي الآيات (15، 16) "تحيروا لم يجيبوا بعد انتزع عنهم الكلام، فانتظرت لأنهم لم يتكلموا لانهم وقفوا لم يجيبوا بعد". ما دفع أليهو للكلام أنهم سكتوا بينما يجد هو القضية واضحة جدًا. والكلام هنا بصيغة الغائب فربما كان أليهو يتكلم أمام حاضرين آخرين ووجه لهم الكلام، أو هو يناجي الله ويتكلم عنهم.
وفي الآيات (18 - 20) "لأَنِّي مَلآنٌ أَقْوَالًا. رُوحُ بَاطِنِي تُضَايِقُنِي. هُوَذَا بَطْنِي كَخَمْرٍ لَمْ تُفْتَحْ. كَالزِّقَاقِ الْجَدِيدَةِ يَكَادُ يَنْشَقُّ. أَتَكَلَّمُ فَأُفْرَجُ. أَفْتَحُ شَفَتَيَّ وَأُجِيبُ". لقد إنتظر أليهو أن يقول أحدهم رأيًا صحيحًا يحسم القضية فلم يجد، بينما هو وجد الرد الصحيح داخله، ولم يستطع أن يكتمه، فهو كان كنار في داخله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهكذا كل من يكلفه الله بكلمات يشهد بها، فهو لا يستطيع أن يكتمها وإن كتمها تكون كنار في داخله (مز 3:39 + أر 9:20). ملآن أقوالًا= فحين صمت الشيوخ ملأ الله أليهو الشاب، فالله لا يُبْقِي نَفْسَهُ بِلاَ شَاهِدٍ. والله ملأه فكان لا بُد أن يتكلم، وإن لم يفعل يشعر أنه يكاد ينفجر هوذا بطني... كالزقاق... يكاد ينشق ولا طريقة يهدأ بها سوى أن يتكلم= أتكلم فأفرج. فالروح القدس يعطيه ما يتكلم به ويدفعه دفعًا أن يتكلم، فهو يعطي الكلمة والقوة على الكلام.
[راجع (مت 17:9) فالزقاق القديمة لو وضعوا فيها خمرًا جديدة تتشقق لأنهم يغلقونها جيدًا، ومع تفاعلات الخمر الجديدة يكون هناك غازات وأبخرة تمزق الزقاق القديمة، فلا بُد من وضع الخمر الجديدة في زقاق جديدة لتتحمل ولا تتمزق. وأليهو هنا يشبه نفسه بالزقاق الجديدة المملوءة خمرًا جديدة وبداخلها ضغوط حتى لتكاد تنفجر].
وفي الآيات (22،21) "لاَ أُحَابِيَنَّ وَجْهَ رَجُلٍ وَلاَ أَمْلُثُ إِنْسَانًا. لأَنِّي لاَ أَعْرِفُ الْمَلْثَ. لأَنَّهُ عَنْ قَلِيل يَأْخُذُنِي صَانِعِي.". هو في كلامه لن يرائي ولن يبحث كيف يرضي البشر السامعين بل كيف يشهد لله، فلن يحابي أيوب بسبب آلامه ولن يحابي الأصحاب بسبب مراكزهم.
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 33 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أيوب 31 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/4phs5sx