محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16
الآيات 1-8:- "فَأَجَابَ أَلِيهُو وَقَالَ: «أَتَحْسِبُ هذَا حَقًّا؟ قُلْتَ: أَنَا أَبَرُّ مِنَ اللهِ. لأَنَّكَ قُلْتَ: مَاذَا يُفِيدُكَ؟ بِمَاذَا أَنْتَفِعُ أَكْثَرَ مِنْ خَطِيَّتِي؟ أَنَا أَرُدُّ عَلَيْكَ كَلاَمًا، وَعَلَى أَصْحَابِكَ مَعَكَ. اُنْظُرْ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَأَبْصِرْ، وَلاَحِظِ الْغَمَامَ. إِنَّهَا أَعْلَى مِنْكَ. إِنْ أَخْطَأْتَ فَمَاذَا فَعَلْتَ بِهِ؟ وَإِنْ كَثَّرْتَ مَعَاصِيَكَ فَمَاذَا عَمِلْتَ لَهُ؟ إِنْ كُنْتَ بَارًّا فَمَاذَا أَعْطَيْتَهُ؟ أَوْ مَاذَا يَأْخُذُهُ مِنْ يَدِكَ؟ لِرَجُل مِثْلِكَ شَرُّكَ، وَلابْنِ آدَمٍ بِرُّكَ."
أليهو هنا يعاتب أيوب على خطأين له في كلامه:-
1. أنا أبر من الله = هذه قام أليهو بالرد عليها فيما سبق . ويكررها هنا لأنه يتهم أيوب أنه يبرر نفسه أكثر من الله، بمعنى أن أيوب تصور أنه قدم لله الكثير إذ عاش بارًا، بل أكثر كثيرًا مما قدمه الله له، وفي الموازين أصبح أيوب دائنًا لله، وأن أعمال أيوب البارة كافأه الله عليها بأقل مما يستحق، وجازاه على شروره بأكثر مما يستحق. وكان معنى كلام أيوب أنه لو كان أيوب هو الذي في يده الحكم ما كان يحكم هكذا.
2. إعتباره أن علاقته بالله لا تفيده شيئًا فهو عاش بارا بلا خطية ولم ينتفع بهذا بل أتى عليه كل هذه الآلام.
بماذا أنتفع أكثر من خطيتي.. نقطة (2) وراجع (أي 30:9، 31+ 15:10).
بماذا أنتفع أكثر من خطيتي= قلت ماذا يفيدني وأي شيء أنفع لي من أن أخطئ. (حسب ترجمة اليسوعيين). أي ماذا سيعود عليَّ بالنفع لو تطهرت من خطيتي، وإن كنت خاطئًا فالويل لي، ولكن إن كنت بارًا فماذا أستفيد (مز 13:73، 14) والمقصود بالنفع هنا، النفع المادي كالصحة والثروة. ولكن هنا خطأ في الحساب، فعطايا الله ليست كلها مادية، بل عطاياه أساسًا روحية. وهذا ما توصل إليه كاتب مزمور 73 (راجع مز 23:73-26). ولكن خطأ أيوب في حساباته أنه نظر إلى الخيرات الجسدية ورأَى أنها تُعْطَى أحيانًا للأشرار وليس للأبرار فحسب هذا ظلمًا وليس بحكم عادل. وعمومًا فمثل هذا التفكير أي وجوب مجازاة البار على الأرض بخيرات مادية هو تفكير يهودي بعيد عن الروح المسيحية. وأنها لأنانية أن يظل الإنسان يطلب خيرات مادية، فالمسيحي يجب أن يكون صورة للمسيح الذي جاء يبذل نفسه ويطلب ما للآخرين ولا يطلب لأجل نفسه. بل المسيحي الفاهم طرق الله، هذا يفهم أن كل الأعمال التي يعملها الله معه سواء كانت عطايا مادية (وهذه يسميها الناس خير) أو تجارب تأديب (وهذه يسميها الناس شر) إنما هي طريق هذا الإنسان للسماء ولكن أولاد الله الفاهمين يعتبرون أن كلاهما خير، وهذا كما قال بولس الرسول "كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله" (رو8: 28). بل كان هذا فكر أيوب أولًا (أي2: 10).
وفي (4) أليهو يرد على كل من يقول هذا أيوب أو أصحابه.
وفي (5) أليهو يثبت أن الله أعلَى من الجميع فالسموات فوق الجميع، فالله أعظم من جميع خلائقه ولا يحتاج لأحد منهم، ولا يطمع في أحد منهم، لذلك لن يظلمهم. أما ملوك الأرض فهم قد يظلمون رعاياهم ليربحوا منهم.
وفي (6، 7) يطلب أليهو من أيوب أن يغير طريقة تفكيره، فأيوب يتصور أن الله يراقب الإنسان وحين يخطئ يعاقبه. وأليهو يقول إن أخطأ الإنسان فالله لن ينقص. ولو كان الإنسان بارًا فهذا لا يزيد الله شيئًا. وهذا رد من أليهو على تفكير أيوب ماذا أنتفع لو تطهرت من خطيتي. فالله يهتم بأن الإنسان يتوب، ليس لأن هذا في مصلحة الله، بل لأن في هذا خير الإنسان والله يحب البشر.
وفي (8) شرورنا وبرنا لا يتأثر بهما الله، بل نحن نتأثر بهما، فالله أسمَى من أن نَصِل إليه سواء بشرورنا أو ببرنا. والله كقاضٍ عادل يكافئ الأعمال البارة ويجازي على الأعمال الشريرة. فالخطية عقوبتها فيها ومن يخطئ كمن يلعب بالنار، والنار سوف تؤذيه. ومن يحيا في البر سيتمتع بحماية وبركة الله. والله حين أعطى الوصايا للإنسان لم يكن يريد أن يتحكم فيه، بل كان يطلب الخير له.
الآيات 9-13:- "«مِنْ كَثْرَةِ الْمَظَالِمِ يَصْرُخُونَ. يَسْتَغِيثُونَ مِنْ ذِرَاعِ الأَعِزَّاءِ. وَلَمْ يَقُولُوا: أَيْنَ اللهُ صَانِعِي، مُؤْتِي الأَغَانِيِّ فِي اللَّيْلِ، الَّذِي يُعَلِّمُنَا أَكْثَرَ مِنْ وُحُوشِ الأَرْضِ، وَيَجْعَلُنَا أَحْكَمَ مِنْ طُيُورِ السَّمَاءِ؟ ثَمَّ يَصْرُخُونَ مِنْ كِبْرِيَاءِ الأَشْرَارِ وَلاَ يَسْتَجِيبُ. وَلكِنَّ اللهَ لاَ يَسْمَعُ كَذِبًا، وَالْقَدِيرُ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ."
كان أيوب قد قال إن المظلوم يصرخ والله لا يستجيب له. وأليهو هنا يقدم تفسير رائع لماذا لا يستجيب الله لصراخ بعض المظلومين. وربما يشرح معلمنا يعقوب نفس المنطق بقوله "تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون رديًا" (يع 3:4). فأليهو يبرر الله في أنه لا يستجيب بأن الخطأ ليس في الله ولكن فيمن يصرخ. والسؤال الآن هل هناك صراخ بطريقة صحيحة، وصراخ آخر بطريقة خاطئة؟ وهنا نقول أن الله سمح بالألم لأن هناك خطية ما في هذا الشخص، ويريد الله من هذا الشخص أن يتوب عنها فتكون له حياة، فإذا صرخ الخاطئ المتألم طالبًا أن يرفع الله عنه التجربة دون أن يقدم توبة عن خطاياه، فالله لا يستجيب لأن الألم أو التجربة التي سمح بها الله لم تؤتي ثمارها بعد = وَلكِنَّ اللهَ لاَ يَسْمَعُ كَذِبًا = أي أن من في تجربة يصرخ من الشفتين لرفع الضيقة، والقلب مبتعد عن الله بعيدا لا يريد أن يتوب. وهذا ما قاله هوشع النبي (هو 14:7) "ولا يصرخون إليَّ بقلوبهم حينما يولولون على مضاجعهم، يتجمعون لأجل القمح والخمر ويرتدون عني" أي هم يصرخون في المجاعة، وحينما يتوفر لهم القمح والخمر يرجعون عن الله مرتدين كما قال أحدهم "صام وصلَّى لأمر ما، فلما انقضَى الأمر لا صام ولا صلَّى". فالله بحكمته طالما يرى الإنسان مازال بعيدًا غير تائب إذ هو فاحص القلوب، لا يرفع الألم عنه حتى يتوب. وإلا فماذا كانت فائدة التجربة. الله مستعد دائمًا أن يسمع وينقذ، إذا كان المظلوم يصرخ في قلبه طالبًا الله= أين الله صانعي. ولنلاحظ أن المظلوم لو عاد لله بقلبه وصلَّى بأمانة لوجد تعزية كافية حتى تُرفع الضيقة، والضيقة تُرفع حين تؤتي ثمارها. فالتائب حين يذكر أن الله صانعه يذكر أن الله مسئول عنه، عينه عليه دائمًا:-
1- عينه عليه ليدبر أموره.. فيطمئن. 2- عينه عليه يراه وهو يخطئ.... فيتوب.
ولاحظ الصرخة التي يسمعها الله أين الله صانعي مؤتي الأغاني في الليل= في الترجمة اليسوعية " أين الله الذي صنعني الذي ينعم بالترنيم ليلًا "= أي وسط ليل ألامنا وأحزاننا، إلهنا قادر أن يعطي تعزيات سماوية فنسبحه بأغاني وتسبيح. والليل فيه إشارة للحزن والخوف والضيق. وفي وسط الضيقة الله قادر أن يعزي (أع 25:16) فأليهو يصور الله هنا أنه إله خَيِّر صنع الإنسان وأعطاه أن يفرح ويتعزَّى حتى في الضيقة.
الذي يعلمنا أكثر من وحوش الأرض ويجعلنا أحكم... = الوحش أو الطير إذا تألم فهو يصرخ ويعوي ولكنه لا يقول أين الله صانعي، ومن يصرخ بدون أن ينتبه لله صانعه، أي دون أن يقدم توبة يشابه صراخ الوحوش والطيور، ولكن الله أعطانا حكمة أكثر من كل الخليقة، وبهذه الحكمة يجب أن ندرك أن الله صانع خيرات ولا يمكن أن يسمح بألم أو ضيقة إلا لو كان بعدها بركة وخير. لذلك فمن له هذه الحكمة فليصرخ لله تائبًا، مسبحًا وشاكرًا. وهذه هي الصرخة المقبولة. ومهما صرخ المظلوم من كبرياء الأشرار دون أن يكون تائبًا فالله لا يستجيب هذا مفهوم آية (13). فالله لا يسمع كذبًا (لكِنَّ اللهَ لاَ يَسْمَعُ كَذِبًا) = الله لن يستجيب لصراخ غير التائب الذي يصرخ لرفع التجربة دون توبة.
الآيات (14-16):- "فَإِذَا قُلْتَ إِنَّكَ لَسْتَ تَرَاهُ، فَالدَّعْوَى قُدَّامَهُ، فَاصْبِرْ لَهُ. وَأَمَّا الآنَ فَلأَنَّ غَضَبَهُ لاَ يُطَالِبُ، وَلاَ يُبَالِي بِكَثْرَةِ الزَّلاَّتِ، فَغَرَ أَيُّوبُ فَاهُ بِالْبَاطِلِ، وَكَبَّرَ الْكَلاَمَ بِلاَ مَعْرِفَةٍ»."
بعد هذا الدرس من أليهو، يوجه أليهو الكلام لأيوب مقدمًا له نصيحة ذهبية= فأصبر له= وعلى كل مَنْ يصلي أن لا ييأس من رحمة الله بل بصبر ينتظر يوم يرفع عنه هذه التجربة. وأليهو هنا يوبخ أيوب على قوله أنه لا يرى عدل الله= إنك لست تراه= هنا أيوب قد تسرع فعدل الله يأتي ولكن علينا أن نصبر فالله ليس متسرعًا كالبشر بل هو طويل الأناة، وهو وحده الذي يعرف الوقت المناسب لرفع التجربة وأيضًا الوقت المناسب لمجازاة الأشرار. وطول أناة الله ليست فقط في طول المدة التي بعدها ترفع التجربة، بل أيضًا تظهر طول أناة الله في أنه إحتمل الكلام الصعب الذي قاله أيوب= فلأن غضبه لا يطالِب بينما لو كان الله متسرعًا كما يطلب البشر لجازَى أيوب وعاقبه عقابًا شديدًا على كل ما تَفَوَّه به. وكثيرًا ما نطالب الله في أن يجازي ويعاقب من سبب لنا ألمًا وظلمًا، على أن يكون هذا على وجه السرعة. ولكن هل بنفس السرعة سنقبل أن يعاقبنا الله لو أخطأنا في حق الآخرين. يجب أن نعلم أن الله ليس كالبشر. ولكن أيوب إستغل طول أناة الله وأن الله لم يعاقبه فتطاول عليه وتكلم كلامًا صعبًا= فغر أيوب فاه بالباطل. وكبَّر الكلام= قال كلامًا صعبًا بلا معرفة.
حكمة الله تتضح في أنه يسمح للأشرار أن يضربوا أولاد الله ليؤدبوهم، وحينما يتوب أولاد الله يعاقب الله هؤلاء الأشرار، وهذا ينطبق على كل الضيقات التي يصيبنا بها الشيطان الذي هو أداة تأديب لنا الآن. وحينما ينتهي زمان التأديب سيلقى الشيطان في البحيرة المتقدة بالنار (رؤ20: 10).
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 36 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أيوب 34 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/bzvc7tb