محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21
نجد هنا خطاب بلدد وفيه يجدد الهجوم على أيوب بأكثر قسوة، ونلاحظ ملاحظة هامة في خطب أيوب نلمح تقدمًا من الظلمة إلى النور.... العكس في خطب الأصحاب نجدهم يزدادون قسوة.
الآيات 1-4:- "فَأَجَابَ بِلْدَدُ الشُّوحِيُّ وَقَالَ: «إِلَى مَتَى تَضَعُونَ أَشْرَاكًا لِلْكَلاَمِ؟ تَعَقَّلُوا وَبَعْدُ نَتَكَلَّمُ. لِمَاذَا حُسِبْنَا كَالْبَهِيمَةِ، وَتَنَجَّسْنَا فِي عُيُونِكُمْ؟ يَا أَيُّهَا الْمُفْتَرِسُ نَفْسَهُ فِي غَيْظِهِ، هَلْ لأَجْلِكَ تُخْلَى الأَرْضُ، أَوْ يُزَحْزَحُ الصَّخْرُ مِنْ مَكَانِهِ؟"
نجد بلدد يتهم أيوب بالتحدث بكلام فارغ لا نهاية له ولا خير فيه. إلى متى تضعون أشراكًا للكلام= بلدد يتهم أيوب بأنه يدخلهم في محاورات خيالية، هي كأشراك تضل السامعين، وهي ليست سوى مجرد ألفاظ لا تحوي شيئًا (كأنها شرك يأتي إليه الصياد ويظن أن في داخله صيدًا ثمينًا فيجده فارغًا). تعقلوا وبعد نتكلم= اتهمه بعدم الاهتمام بما قيل له، ويطلب منه أن يفكر فيما سمع قبل أن يرد بكلام فارغ. ثم اتهمه بالازدراء بأصحابه = لِمَاذَا حُسِبْنَا كَالْبَهِيمَةِ عندك = وأيوب لم يقل شيئًا كهذا ولكنها مبالغة والمعنى هل تحسبنا لا نفهم وكلامنا تافه كما لو كنا حيوانات. ثم اتهمه بالانفعال والتهور
يا أيها المفترس نفسه في غيظه= كان أيوب قد اتهم الله بأنه يفترسه وهنا بلدد يرد عليه بأنه هو الذي في غيظه يفترس نفسه أي يمزق نفسه. وهذا كلام صحيح فالغيظ خطية تحمل قصاصها في نفسها، فإن سريعي الانفعال والتهيج يمزقون أنفسهم. هَلْ لأَجْلِكَ تُخْلَى الأَرْضُ = هذا اتهام لأيوب بأنه في غطرسته وكبريائه يظن أنه لكي يهرب من النظام الأدبي للكون، والذي يحتم عقوبة الأشرار، فلينقلب العالم رأسًا على عقب ويفرغ العالم من سكانه ليبقي أيوب وحده ويضع نظامه الخاص ويفلت من عقوبته. أو يزحزح الصخر من مكانه= من المستحيل زحزحة الصخر، ولكن هل نغير قوانين الطبيعة من أجلك. وإذا كان تغيير القوانين الأرضية (زحزحة الصخر، وإخلاء الأرض) مستحيل فبالأولى من المستحيل تغيير قوانين الله وهو مالك السموات والأرض وهو صخر الدهور.
الآيات 5-10:- "«نَعَمْ! نُورُ الأَشْرَارِ يَنْطَفِئُ، وَلاَ يُضِيءُ لَهِيبُ نَارِهِ. النُّورُ يُظْلِمُ فِي خَيْمَتِهِ، وَسِرَاجُهُ فَوْقَهُ يَنْطَفِئُ. تَقْصُرُ خَطَوَاتُ قُوَّتِهِ، وَتَصْرَعُهُ مَشُورَتُهُ. لأَنَّ رِجْلَيْهِ تَدْفَعَانِهِ فِي الْمِصْلاَةِ فَيَمْشِي إِلَى شَبَكَةٍ. يُمْسِكُ الْفَخُّ بِعَقِبِهِ، وَتَتَمَكَّنُ مِنْهُ الشَّرَكُ. مَطْمُورَةٌ فِي الأَرْضِ حِبَالَتُهُ، وَمِصْيَدَتُهُ فِي السَّبِيلِ."
بعد أن أثبت بلدد سابقًا استحالة تغيير القوانين، يذكر هنا القانون الذي إستمات الكل في الدفاع عنه وهو حتمية هلاك الأشرار، وهذا ينطبق على أيوب.
نعم. نور الأشرار ينطفئ= نعم فيها رد على شكوى أيوب والمعنى وإن اعترضت يا أيوب على هذا لكنه صحيح. ونور الأشرار أي حتى ما هو منير وصالح فيهم سينطفئ سريعًا. فقد يكون للشرير نجاح بعض الوقت، كنور في حياته ولكنه سريعًا ما سينطفئ. ونجاحه هذا شيء وقتي كأنه نار مشتعلة وسريعًا ما ستنطفئ= ولا يضيء لهيب ناره. النور يظلم في خيمته. وسراجه فوقه ينطفئ= كانت العادة وضع السراج أعلى الخيمة حتى يضيء الخيمة كلها. والتشبيه معناه، أن نجاحه كسراج سريعًا ما ينتهي زيته وينطفئ وإذا فهمنا التشبيه الكتابي بأن الخيمة تشير للجسد، فهكذا الحياة ستنتهي سريعًا.
تقصر خطوات قوته= بمعنى الارتباك والتردد في اتخاذ قرار وتعني أيضًا ضعف الجسد مما يجعل الخطوات متثاقلة والإنسان غير قادر على السير. وتصرعه مشورته = يسلمه الله لمشورته فهذا ما يستحقه، وتدفعه مشورته الفاسدة لهلاكه (فرعون وهلاكه). أما أولاد الله المملوئين من الروح القدس، فالروح القدس ليس روح ضعف بل روح قوة ومحبة ونصح (2تى1: 7) وكلمة نصح جاءت في الترجمة الإنجليزية SOUND MIND أي اتخاذ القرار السليم. لأن رجليه تدفعانه في المصلاة = المصلاة تعني الشرك. والمعنى أنه هو صاحب قرار هلاكه فهو الذي قرر هذا الطريق المهلك لنفسه، وحين ينزع الله نوره أي الحكمة من الشرير فهذا يحدث فعلًا، وتكون قرارات الشرير كلها خاطئة وتقوده عبر طريق مظلم من خراب إلى خراب، ولا يستطيع أن يتمم مقاصده. ويفشل في النجاة= ويمسك الفخ بعقبه وبينما هو يدبر الشر للآخرين سيقع هو في شبكة شره. مطمورة في الأرض حبالته = الحبالة أو الأنشوطة هي نوع من الأشراك تُخْفَى في الأرض، وتمسك برجل الفريسة فتتعلق الفريسة من رجلها في شجرة. ومصيدته في السبيل = أي وهو في طريقه تمسك به هذه المصيدة، وهكذا نفهم أن إبليس يضع هذه الشراك في طريقنا، لكن من ينير الله عينيه يرى هذه الشراك ويهرب فينجو كما يقول المرنم في (المزمور 124) "مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لأسنانهم انفلتت أنفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين، الفخ انكسر ونحن انْفَلَتْنَا (ونحن نجونا)".
الآيات 11-21:- "تُرْهِبُهُ أَهْوَالٌ مِنْ حَوْلِهِ، وَتَذْعَرُهُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ. تَكُونُ قُوَّتُهُ جَائِعَةً وَالْبَوَارُ مُهَيَّأٌ بِجَانِبِهِ. يَأْكُلُ أَعْضَاءَ جَسَدِهِ. يَأْكُلُ أَعْضَاءَهُ بِكْرُ الْمَوْتِ. يَنْقَطِعُ عَنْ خَيْمَتِهِ، عَنِ اعْتِمَادِهِ، وَيُسَاقُ إِلَى مَلِكِ الأَهْوَالِ. يَسْكُنُ فِي خَيْمَتِهِ مَنْ لَيْسَ لَهُ. يُذَرُّ عَلَى مَرْبِضِهِ كِبْرِيتٌ. مِنْ تَحْتُ تَيْبَسُ أُصُولُهُ، وَمِنْ فَوْقُ يُقْطَعُ فَرْعُهُ. ذِكْرُهُ يَبِيدُ مِنَ الأَرْضِ، وَلاَ اسْمَ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْبَرِّ. يُدْفَعُ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلْمَةِ، وَمِنَ الْمَسْكُونَةِ يُطْرَدُ. لاَ نَسْلَ وَلاَ عَقِبَ لَهُ بَيْنَ شَعْبِهِ، وَلاَ شَارِدَ فِي مَحَالِّهِ. يَتَعَجَّبُ مِنْ يَوْمِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَيَقْشَعِرُّ الأَقْدَمُونَ. إِنَّمَا تِلْكَ مَسَاكِنُ فَاعِلِي الشَّرِّ، وَهذَا مَقَامُ مَنْ لاَ يَعْرِفُ اللهَ»."
بلدد يستمر ويسترسل في شرح نظريته. ترهبه أهوال من حوله، وتذعره عند رجليه= إذا أمسكت الحبالة (المصيدة) بقدميه يرتعب، ولن يجد ضميره راحة، بل يظن أن الخليقة كلها تحاربه، والسماء غاضبة عليه وهو وحده في رعب. تكون قوته جائعة ما اعتمد عليه من قوة وثروة وسلطان يخزيه يوم بليته، ولا يفيده كل ما عنده. البوار مهيأ بجانبه= أي يرى خرابه يقترب. ويرى موته يقترب يأكل أعضاءه بكر الموت، يأكل أعضاء جسده= المرض الذي فيه تتآكل أعضاء الجسد هو مرض البرص المخيف. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وأسماه بكر الموت، فالبكر هو الأقوى والأغنى فله نصيب الضعف، وبكر الموت هو أقوى الأمراض المميتة. ينقطع عن خيمته، عن اعتماده= يؤخذ كل ما كان له الذي كان معتمدًا عليه، ويذهب عنه حتى خيمته التي كان يسكن فيها. يساق إلى ملك الأهوال= ملك الأهوال هو الموت، فكأنه في حياته أحاطت به الأهوال، وأعظم الأهوال هو الموت فهو ينهي سعادة الأشرار في هذه الدنيا ولا أمل لهم في العالم الآخر. يسكن في خيمته من ليس له= حسب ترجمة (الإنجليزية) لأنها ليست له = أي أملاكه يرثها غيره فهو لا يستحق ما أخذه من الأبرياء بالظلم. يذر على مربضه كبريت= إذا لم يأخذه أحد يحرقه الله بنار كما أحرق سدوم وهنا إشارة مؤلمة أوجع بها بلدد قلب أيوب لما حدث لأيوب حين احترقت أملاكه بنار.
من تحت تيبس أصوله ومن فوق يقطع فرعه = أي كل ما له سوف يباد، فبيت الشرير هنا مشبه بشجرة لها جذور(أملاكه/ صحته/ أمانه) ولها فروع (أولاده/ أحفاده/ أصهاره) والشرير كل ماله يزول. حتى أن ذكره يبيد من الأرض ولا اسم له على وجه البر = حينما يموت وتموت عائلته كلها لا يوجد من يذكره (والبر هو الشارع في الإنجليزية) أي أن الناس في حياتهم العادية سوف ينسونه تمامًا. يدفع من النور إلى الظلمة = النور في عرف الناس هو النجاح والازدهار والشهرة، والظلمة هي الخراب والموت في النهاية.
ومن المسكونة يطرد = رسل الموت يطردونه من العالم. لاَ نَسْلَ وَلاَ عَقِبَ لَهُ = إشارة مرعبة لهلاك أولاد أيوب (هل هذا كلام تعزية) ولا شارد= فأسرته كلها تهلك يتعجب من يومه المتأخرون= ينذهل الجميع مما حدث له ذهولًا تمامًا (المتأخرون= الذين سمعوا بقصته من آبائهم، أي أتوا بعده، والأقدمون من عاشوا في وقته).
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 19 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أيوب 17 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/gr8b5rx