محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20
نجد هنا خطاب صوفر وهو استمر في نفس الخط، بل زاد في اتهام أيوب بدون رأفة.
الآيات 1-6:- "فَأَجَابَ صُوفَرُ النَّعْمَاتِيُّ وَقَالَ: «أَكَثْرَةُ الْكَلاَمِ لاَ يُجَاوَبُ، أَمْ رَجُلٌ مِهْذَارٌ يَتَبَرَّرُ؟ أَصَلَفُكَ يُفْحِمُ النَّاسَ، أَمْ تَلِخُّ وَلَيْسَ مَنْ يُخْزِيكَ؟ إِذْ تَقُولُ: تَعْلِيمِي زكِيٌّ، وَأَنَا بَارٌّ فِي عَيْنَيْكَ. وَلكِنْ يَا لَيْتَ اللهَ يَتَكَلَّمُ وَيَفْتَحُ شَفَتَيْهِ مَعَكَ، وَيُعْلِنُ لَكَ خَفِيَّاتِ الْحِكْمَةِ! إِنَّهَا مُضَاعَفَةُ الْفَهْمِ، فَتَعْلَمَ أَنَّ اللهَ يُغْرِمُكَ بِأَقَلَّ مِنْ إِثْمِكَ."
أكثرة الكلام لا يُجاوَب= هل تكسب يا أيوب قضيتك بأن تكثر من الكلام، وتظن بهذا أننا لن نستطيع أن نفحمك. أبكثرة كلامك تظن أنك تغلبنا فلا نستطيع أن نجاوبك.
أم رجل مهذار لا يتبرر= مهذار أي كلامه فارغ لا يساوي شيء، فمهما تكلم فلا قيمة لكلامه. والمعنى أن كلامك الكثير له إجابات، بل كلامك هو فارغ ولن يبررك.
أصلفك يفحم الناس= هنا يتهم أيوب بالكبرياء وأنه يستهزئ بكل الناس، ويعرف كيف يصور كل شيء تصويرًا كاذبًا. أم تلخ وليس من يخزيك = لخ في كلامه= جاء به ملتبسًا (القاموس المحيط). وكلمة تلخ جاءت في (اليسوعية) تتهكم وفي الإنجليزية (تستهزئ).
ولنلاحظ أن صوفر نجد في كلامه حكمة يجب أن نتأمل فيها. فمن يتكلم كثيرًا مستهزئًا بآراء الآخرين من المؤكد أنه سيفقد الأذن الحساسة التي يستفيد بها ويضيف إلى حكمته وخبرته من خبرات وحكمة الآخرين. بل سيفقد الأذن الحساسة لصوت الله الذي يوبخه، بل سيفقد أيضًا الحساسية للتوبيخات الصادرة من الطبيعة حولنا والتي تشهد لعدل الله ورحمته وطوبَى لمن له أذنان للسمع وليس لمن له لسان مستهزئ. ولكن عيب صوفر أنه حاول تطبيق حكمته على أيوب بطريقة خاطئة، والسؤال الآن هل هذه كلمات تعزية لإنسان متألم؟! فإننا وجدنا صوفر وقد انقض بلا رحمة على أيوب وبمنتهَى العنف وكال له الشتائم والاتهامات، وكان صوفر أفظع الأصحاب الثلاثة وأقلهم رحمة وأدبًا، بل نفهم أن هذا دليل كبرياؤه هو وليس أيوب. وربما تصور صوفر أنه يدافع عن كرامة الله، ولكن الله لا يحتاج لمن يدافع عنه بهذا الأسلوب، فحتى لو كان أيوب قد أخطأ في حق الله فأسلوب صوفر الهجومي لن يقنعه بأن يتوب بل سيثيره بالأكثر، بل يدفعه وهو في ضيقه للثورة ضد الله.
إذ تقول تعليمي زكي= وصوفر يحاول إثبات كبرياء أيوب وصلفه بأن اتهمه بأنه يقول تعليمي زكي، وحقًا كان تعليم أيوب أي إيمانه نقيًا. وأنا بار في عينيك أيوب قال أنا كامل وقال كلامًا يفهم منه هذا فعلًا. ولكن المشكلة أن أيوب كان ربما يشعر أن له خطايا وهو ليس كامل كمالًا مطلقًا.... لكن هو أيضًا لم يجدف على الله ولا فرط في حق الله، وأيوب وحده هو الذي يعرف قلبه وأنه فعلًا يحب الله فكان يدافع عن هذا بينما أصحابه مصرين على أن تدينه كان ظاهريًا وأن قلبه مملوء شرًا.
يا ليت الله يتكلم... ويعلن لك خفيات الحكمة = يقول صوفر أن الله لو تكلم لكان في جانبنا (هو وأليفاز وبلدد) وهو سيظهر شرك الخفي الذي عاقبك بحكمته عليه، حكمته التي تعرف الخفيات.. ولكن بعد ذلك حين تكلم الله فعلًا وقف في صف أيوب وليس في صف أصحابه. مضاعفة الفهم= أي أن حكمة الله لا يمكن إدراكها. وما نعرفه عن الله لا يقاس بجانب مالا نقدر أن نعرفه. والخفيات أكثر من ضعف المعلنات. الله يغرمك بأقل من إثمك = أي أن الله لو أعلن لك خطاياك ستجد أنه عاملك بالرأفة. وأن النكبات التي تشكو منها هي أقل بكثير مما تستحق [وحقًا لو عاملنا الله كما نستحق نهلك] لكن هذا الكلام لا يقال لمتألم مثل أيوب.
الآيات 7-12:- "«أَإِلَى عُمْقِ اللهِ تَتَّصِلُ، أَمْ إِلَى نِهَايَةِ الْقَدِيرِ تَنْتَهِي؟ هُوَ أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ، فَمَاذَا عَسَاكَ أَنْ تَفْعَلَ؟ أَعْمَقُ مِنَ الْهَاوِيَةِ، فَمَاذَا تَدْرِي؟ أَطْوَلُ مِنَ الأَرْضِ طُولُهُ، وَأَعْرَضُ مِنَ الْبَحْرِ. إِنْ بَطَشَ أَوْ أَغْلَقَ أَوْ جَمَّعَ، فَمَنْ يَرُدُّهُ؟ لأَنَّهُ هُوَ يَعْلَمُ أُنَاسَ السُّوءِ، وَيُبْصِرُ الإِثْمَ، فَهَلْ لاَ يَنْتَبِهُ؟ أَمَّا الرَّجُلُ فَفَارِغٌ عَدِيمُ الْفَهْمِ، وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ."
هنا شهادة طيبة من صوفر عن الله. ثم عن غرور الإنسان وحماقته أَإِلَى عُمْقِ اللهِ تَتَّصِلُ = الله لا يمكن إدراكه فهو لا نهائي وغير محدود، ومداركنا المحدودة لا تدركه، لذلك نعجز على الحكم على مشورته وأعماله، وعندما ننتقد تصرفات الله فنحن نتحدث عما لا نفهم. أم إلى نهاية القدير تنتهي= حسب الترجمة الإنجليزية "أتستطيع بالبحث أن تكتشف الله، أتستطيع أن تكتشف القدير اكتشافًا كاملًا فإذا كانت العين لا تدرك نهاية المحيط أفندرك أعماق الله. فالله أَعْلَى مِنَ السَّمَاوَاتِ... = ولنلاحظ أنه حتى الآن لم يكتشف الإنسان السماء والأرض والبحر اكتشافًا كاملًا. وهنا صوفر يستخدم ألفاظ (أعلَى/ أعمق/ أطول/ أعرض) لإثبات أن طبيعة الله غير مدركة ولا نهائية، وبولس الرسول في (أف 18:3، 19) استخدم نفس الألفاظ لندرك أن محبة الله غير محدودة وغير مدركة ولا نهائية. والله له السلطان المطلق... إن بطش= بأن يسمح بموت إنسان أو أذيته. أو أغلق= أي سجن إنسان أو سمح بوضع إنسان في شبكة مصائب كما يقبض الصياد على فريسته (ولقد سبق أيوب واشتكَى بأن الله كأسد وقد اصطاد أيوب).
أو جَمَع= مترجمة في ترجمات أخرى "جَمَع قضاته" ليحكموا على المذنب فمن يرده= أي من يمنعه. لأنه هو يعلم= نحن لا نعلم سوى القليل عنه لكنه هو يعلم كل شيء. ومعرفته كاملة. والعكس... أما الرجل ففارغ عديم الفهم= ما هو الإنسان بالمقارنة مع الله. ولقد خلق الله آدم وله الحكمة النسبية ولكنه بالخطية فقد كثيرًا من حكمته وكلما ازداد الإنسان حمقًا في طريق الخطية يفقد حكمته بالأكثر ويصير مخلوق عنيد مثل حمار الفرا (جَحْشِ الْفَرَا) وهو حيوان بري يتميز بأنه لا يمكن إخضاعه. وقوله كجحش الفرا يولد الإنسان= صحيح ويدل على الطبيعة المتمردة للإنسان "بالخطية ولدتني أمي" ولكن الله قادر على تغيير طبيعتنا (موسى الأسود) جحش الفرا = حمار الوحشي ومع طبيعة الإنسان الفارغة فهو متكبر... وهل يصلح لمثل هذا الإنسان أن يناقش الله.
الآيات 13-20:- "«إِنْ أَعْدَدْتَ أَنْتَ قَلْبَكَ، وَبَسَطْتَ إِلَيْهِ يَدَيْكَ. إِنْ أَبْعَدْتَ الإِثْمَ الَّذِي فِي يَدِكَ، وَلاَ يَسْكُنُ الظُّلْمُ فِي خَيْمَتِكَ، حِينَئِذٍ تَرْفَعُ وَجْهَكَ بِلاَ عَيْبٍ، وَتَكُونُ ثَابِتًا وَلاَ تَخَافُ. لأَنَّكَ تَنْسَى الْمَشَقَّةَ. كَمِيَاهٍ عَبَرَتْ تَذْكُرُهَا. وَفَوْقَ الظَّهِيرَةِ يَقُومُ حَظُّكَ. الظَّلاَمُ يَتَحَوَّلُ صَبَاحًا. وَتَطْمَئِنُّ لأَنَّهُ يُوجَدُ رَجَاءٌ. تَتَجَسَّسُ حَوْلَكَ وَتَضْطَجِعُ آمِنًا. وَتَرْبِضُ وَلَيْسَ مَنْ يُزْعِجُ، وَيَتَضَرَّعُ إِلَى وَجْهِكَ كَثِيرُونَ. أَمَّا عُيُونُ الأَشْرَارِ فَتَتْلَفُ، وَمَنَاصُهُمْ يَبِيدُ، وَرَجَاؤُهُمْ تَسْلِيمُ النَّفْسِ»."
هنا صوفر يطلب من أيوب أن يتوب ليرَى أوقاتًا أفضل. إن أعددت أنت قلبك = بداية التوبة أن ينظر الإنسان إلى داخله ويغير تفكيره بأن يتخذ قرارًا بالتغيير. ثم بَسَطْتَ إِلَيْهِ يَدَيْكَ = صلاة وتضرع بلجاجة. إن أبعدت الإثم = هنا عمل إيجابي في تغيير طريق الإنسان بأن يرجع عن طريق شره ويتركه.
ولا يسكن الظلم في خيمتك = هذا ما قاله زكا: إن كنت ظلمت أحدًا أرد له أربعة أضعاف: "إِنْ كُنْتُ قَدْ وَشَيْتُ بِأَحَدٍ أَرُدُّ أَرْبَعَةَ أَضْعَافٍ"(1). فالمال الذي حصلت عليه بالظلم أو النهب هو نار في بيتي وتجعل صلاتي وتوبتي غير مقبولة. حينئذ ترفع وجهك بلا عيب = أي تكون صلاتك وتوبتك مقبولة عند الله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وتكون ثابتًا ولا تخاف = يملأ السلام قلبك. لأنك تنسى المشقة = فالله بعد توبتك سيرفع عنك آلامك وتنساها. كمياه عبرت تذكرها= لن تترك وراءها آلامًا كمياه انسكبت من كوب فلا تجد فيه شيئًا. وفوق الظهيرة يقوم حظك = وتكون مدتك أشرق من الظهيرة حسب الترجمة اليسوعية. أي لو كانت أيامك السابقة في مثل سواد الليل فبعد أن تتوب ستكون أيامك مشرقة أكثر من إشراق الشمس في الظهر.
تتجسس حولك وتضطجع أمنًا = بسبب عدم الأمان في تلك الأيام كان الرجل يطمئن بأن يتجسس المكان حوله قبل أن ينام لعله يجد عدوًا كامنًا. وإذا كان الله معنا ونشعر بهذا ننام آمنين. ولن نشعر بوجود الله معنا إلا لو كنا في حالة توبة.
وتربض وليس من يزعج = وترقد حسب الترجمة الإنجليزية. أي تنام آمنًا ولا من يضايق. ولكن كلمة تربض تقال عن الأسد وفي هذا إشارة للقوة التي سيعطيها الله له.
ويتضرع إلى وجهك كثيرون = إن كان قد ازدرى بك من قبل كثيرين، فبعد أن يتغير الحال سيأتي إليك كثيرون يستعطفونك.
وكلام صوفر هنا رائع عن التوبة وهكذا قال الكتاب "ارجعوا إليَّ أرجع إليكم"
(زك 3:1) أما عيون الأشرار فتتلف = هنا تحذير لأيوب حتى لا يرفض
التوبة. ومناصهم يبيد من كثرة الضيقات لن يجدوا المهرب منها.
ورجاؤهم تسليم النفس = من كثرة ضيقهم سيترجون الموت. ولنلاحظ أن الأبرار
لهم رجاء، والرجاء يعطي حياة. بينما الأشرار يكون رجاؤهم تسليم النفس. وعندما
تفارق الروح الجسد يموت الجسد وبالمثل عندما يفارق الرجاء النفس، تموت
النفس، فيشتهي الإنسان الموت ويكون الموت رجاؤه.
_____
(1) إضافة الشاهد من الموقع: (لو 19: 8).
الحواشي والمراجع
لهذه الصفحة هنا في
موقع الأنبا تكلاهيمانوت:
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 12 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير أيوب 10 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/ntrkm4x