محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
لاويين: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36
هو تنفيذ لإصحاحيّ 28، 29 من سفر الخروج. وقد قام موسى بتقديس هرون وبنيه، فموسى كان هو الكاهن للشعب. وكهنوت موسى هو الاتصال بين الكهنوت القديم (كهنوت الآباء البطاركة) الذي كان يكهن فيه رأس الأسرة أو العشيرة، وبين الكهنوت اللاوي الذي حدد الله فيه هرون وأولاده فقط ليكونوا كهنة. ولذلك قيل "موسى وهرون بين كهنته"(مز99: 6). ولم يكن موسى كاهنًا فقط بل كان ملكًا في يشورون (تث33: 5 + عد12: 7). لذلك يكون موسى هنا ممثلًا للرب لأمانته في كل بيته بما فيه من كهنة وشعب. وهو أيضًا رمز للمسيح الذي كان كاهنًا وملكًا ومخلصًا. ولكن بعد سيامة هارون نجد أن من يقدم البخور هو هارون وليس موسى مثلا في تمرد قورح وداثان وأبيرام (عد46:16).
الآيات (1-5):- "1وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: 2«خُذْ هَارُونَ وَبَنِيهِ مَعَهُ، وَالثِّيَابَ وَدُهْنَ الْمَسْحَةِ وَثَوْرَ الْخَطِيَّةِ وَالْكَبْشَيْنِ وَسَلَّ الْفَطِيرِ، 3وَاجْمَعْ كُلَّ الْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ». 4فَفَعَلَ مُوسَى كَمَا أَمَرَهُ الرَّبُّ. فَاجْتَمَعَتِ الْجَمَاعَةُ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 5ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِلْجَمَاعَةِ: «هذَا مَا أَمَرَ الرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ». "
إلى باب خيمة الاجتماع = خيمة الاجتماع هي المكان الذي يجتمع الله فيه مع شعبه، لذلك فالباب هو المكان المناسب لتكريس الوسيط بين الله وشعبه، فعن طريق الباب يكون الدخول. والوسيط هنا هم هرون وأبناء هرون الكهنة، يأخذون من الله ويعطون الشعب. ولماذا تكون السيامة عند الباب؟ هذا لأنه لا يحق لهم الدخول إلا بعد طقس السيامة فيصبحوا كهنة يشفعون في الشعب. ونلاحظ أن المسيح هو باب الخراف (يو10: 7)، وهو الوسيط الواحد بين الله والناس " لأنه يوجد إله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان يسوع المسيح " (1تى2: 5 + عب8: 6). وهو صار وسيطًا حينما قدَّم ذبيحة نفسه على الصليب. فالمسيح هو الباب والوسيط، ولكنه يكلف وكلاء له للقيام بالعمل الذي يراه الناس بعيونهم، ففي العهد القديم اختار الله هرون وبني هرون ونسل بني هرون من بعده. واختار في العهد الجديد الرسل وخلفائهم للعمل كوظيفة يقومون بها "كوكلاء لسرائر الله " (1كو4: 1). " ولا يأخذ أحد هذه الوظيفة لنفسه بل المختار من الله كما هرون أيضًا " (عب5: 4).
وكما كان لا يمكن لإنسان أن يكون كاهنًا إلا من كان من صلب هرون، هكذا فالكهنوت المسيحي هو كهنوت المسيح، والكهنة يأخذون كهنوتهم في المسيح، فالمسيح هو الذي يقدم ذاته على المذبح ذبيحة حية، ولكن بيد من إختاره المسيح لهذه الوظيفة. ورأينا في معجزة الخمس خبزات مثالا لهذا، فالبركة من يد المسيح ويعطيها لوكلائه لتوزيعها. ونرى نفس ما حدث في العهد القديم هو هو نفسه في العهد الجديد:
فالله اختار موسى ليصير مخلصا للشعب ورمزا للمسيح، وموسى هو الذي يسكب الزيت على هرون ويستمر الكهنوت من خلال البنوة لهرون.
وهذا ما عمله السيد المسيح إذ اختار رسله ونفخ فيهم ليعطيهم نفخة الروح، فيصير لهم كهنوت يسلمونه لآخرين بوضع اليد (يو20: 22، 23 + أع13: 2، 3). ولاحظ فمع أن الله هو الذي اختار برنابا وشاول إلا أن الكنيسة وضعت عليهما الأيادي.
حقًا الله: "هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ" (عب13: 8).
نلاحظ هنا التسبحة المتكررة هذا ما أمر الرب أن يفعل = من يتبع أوامر الرب تكون له حياة. ونلاحظ أن موسى لم يكن له حق في اختيار الكهنوت أو طقس تكريسهم إلا حسب خطة الله وتدبيره. وهذا يشير إلى أن ما تحقق بمجيء السيد المسيح إلى العالم كان بحسب خطة الآب الأزلية ومن تدبير الآب "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد... (يو3: 16). وقطعًا فخطة الآب لا تعني أن المسيح لم يكن له دور، إذ يقول بولس الرسول في (أف5: 2، 25) "أحبنا المسيح أيضًا وأسلم نفسه لأجلنا...". الآب والابن والروح القدس إله واحد، ثلاثة أقانيم ولهم إرادة واحدة، لكن لكل عمله ، الآب يريد والابن يقدم الفداء والروح القدس يثبتنا في الابن فنصير أولادا لله ، ونعود إلى حضن الآب ونحن في المسيح ثابتين فيه. قيام الابن بالتجسد والفداء كان بحسب ما يقال عنه المشورة الثالوثية، فهناك إتفاق بين الإقانيم الثلاثة أن من يتجسد هو الابن الذي به كل شيء، فهو من يقوم بالخلقة الثانية فيه (أف2: 10). ولاحظ قول الوحي "مُنْذُ وُجُودِهِ أَنَا هُنَاكَ. وَٱلْآنَ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ أَرْسَلَنِي وَرُوحُهُ" (إش48: 16). وبعد أن أنهى المسيح الابن الفداء أرسل الآب والابن الروح القدس ليكمل عمل التجديد (تى3: 5). فالثلاثة أقانيم لهم رأي واحد، ولكن لكل أقنوم عمله.
واجمع كل الجماعة = هنا تتم سيامة الكهنة وسط الجماعة، فهم قد أُقيموا من أجل الجماعة. لذلك تتم سيامات الكهنة وسط شعب كنيستهم وهكذا الأساقفة والبطريرك، ونسمع في نص السيامة "بِفِعْل الروح القدس وإتفاق منا كلنا وطيب قلب، وإتفاق رأي الجماعة". وكانت أول مرة تأتي فيها كلمة الجماعة في (خر12: 3) وفي مناسبة تقديم خروف الفصح (رمز للمسيح)، وتأتي هنا في تقديم الكاهن (رمز المسيح) فالمسيح هو الكاهن وهو الذبيحة. ولاحظ أن الذي قدم المسيح كذبيحة هم جماعة إسرائيل.
وتترجم كلمة الجماعة باليونانية إككليسيا ἐκκλησία = الكنيسة.
أية (6):- "6فَقَدَّمَ مُوسَى هَارُونَ وَبَنِيهِ وَغَسَّلَهُمْ بِمَاءٍ."
لم يحدد هنا الأجزاء التي تُغْسَل (الأيدي أو الأقدام) لأنه في المرة الأولى عند التكريس كان يُغسل الجسد كله. وهذا كان يتم وراء حجاب وليس أمام الشعب، وكذلك السروال والقميص. وهذا رمز للمعمودية التي تُصْنَع لمرة واحدة. أما في طقوس الخدمة بعد ذلك فكان الكهنة يغسلون أيديهم وأرجلهم قبل دخول الخيمة أو قبل تقديم ذبيحة، وهذا يرمز للتوبة والاعتراف قبل التناول من سر الإفخارستيا. وقطعًا الالتزام بقطع أي علاقة بالشر وهذا ما نسميه الإماتة: أن نقف أمام الخطية كأموات "كَذلِكَ أَنْتُمْ أَيْضًا احْسِبُوا أَنْفُسَكُمْ أَمْوَاتًا عَنِ الْخَطِيَّةِ" (رو6: 11). وغسل الكهنة إشارة إلى أن الله القدوس يعمل في كهنته المقدسين فيه، المغتسلين من كل ضعف. وهو إشارة إلى أنه مهما كانت رتبة الكاهن فهو تحت الضعف محتاج أن يغتسل هو أولًا، حتى يغسل أقدام الآخرين. وهذا ما عمله المسيح مع تلاميذه إذ غسل أقدامهم قبل تأسيس سر الإفخارستيا، ثم قال لهم ما صنعته بكم إصنعوه مع الآخرين (يو 13).
الآيات (7-13):- "7وَجَعَلَ عَلَيْهِ الْقَمِيصَ وَنَطَّقَهُ بِالْمِنْطَقَةِ وَأَلْبَسَهُ الْجُبَّةَ وَجَعَلَ عَلَيْهِ الرِّدَاءَ، وَنَطَّقَهُ بِزُنَّارِ الرِّدَاءِ وَشَدَّهُ بِهِ. 8وَوَضَعَ عَلَيْهِ الصُّدْرَةَ وَجَعَلَ فِي الصُّدْرَةِ الأُورِيمَ وَالتُّمِّيمَ. 9وَوَضَعَ الْعِمَامَةَ عَلَى رَأْسِهِ، وَوَضَعَ عَلَى الْعِمَامَةِ إِلَى جِهَةِ وَجْهِهِ صَفِيحَةَ الذَّهَبِ، الإِكْلِيلَ الْمُقَدَّسَ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. 10ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى دُهْنَ الْمَسْحَةِ وَمَسَحَ الْمَسْكَنَ وَكُلَّ مَا فِيهِ وَقَدَّسَهُ، 11وَنَضَحَ مِنْهُ عَلَى الْمَذْبَحِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَمَسَحَ الْمَذْبَحَ وَجَمِيعَ آنِيَتِهِ، وَالْمِرْحَضَةَ وَقَاعِدَتَهَا لِتَقْدِيسِهَا. 12وَصَبَّ مِنْ دُهْنِ الْمَسْحَةِ عَلَى رَأْسِ هَارُونَ وَمَسَحَهُ لِتَقْدِيسِهِ. 13ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ وَأَلْبَسَهُمْ أَقْمِصَةً وَنَطَّقَهُمْ بِمَنَاطِقَ وَشَدَّ لَهُمْ قَلاَنِسَ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى."
التقديس:- راجع مقدمة سفر اللاويين لتفسير معنى كلمة التقديس.
الملابس الكهنوتية تشير للمسيح الذي تجسد ليقدم جسده ذبيحة، فيصير رئيس كهنتنا العظيم. فالكاهن هو من يقدم ذبيحة لله. وهكذا هرون وأولاده إذ وضعوا الملابس الكهنوتية عليهم صاروا كهنة يقدمون ذبائح عن الشعب فيقبل الله شعبه (أي صاروا وسطاء بين الله وشعبه). وبهذا صارت الملابس الكهنوتية رمزًا لتجسد المسيح.
والاغتسال في المفهوم اليهودي يشير للتطهير. أما في المعمودية فنحن نموت مع المسيح ونقوم متحدين به. فنلبس المسيح ونختفي فيه بكونه الكاهن الأعظم. [والإغتسال هو رمز المعمودية (تي 3: 5)].
ومسح موسى المسكن وقدسه = مسح الأشياء يشير لتخصيصها لله. وموسى مسح كل آنية المسكن فهي بذلك صارت مخصصة للرب، لذلك كانت خطية بيلشاصر عظيمة إذ إستعمل آنية بيت الرب لنفسه بينما هي مكرسة للرب (دا 5).
وفي طقس المعمودية كل/مَنْ/ما ينزل لماء المعمودية يصير مُكَرَّسًا لحساب الله فمياه المعمودية تحوي زيت الميرون.
وبهذا نفهم قول المسيح "ولأجلهم أقدس أنا ذاتي ليكونوا هم مقدسين في الحق" (يو17: 19). ومفهومها أن المسيح كان مكرسًا لله بالكامل مخصصًا لهذا العمل الكهنوتي أي تقديم نفسه ذبيحة ليأتي بنا إلى حضن الآب. ومسح كل شيء يشير لأن الخدمة كلها وكل أنشطتها ممسوحة بالروح القدس أو هكذا يجب أن تكون، والمسح معناه تخصيص الإنسان أو الشيء الممسوح لغرض خدمة الله ومجد اسمه. ونلاحظ أننا كلنا كمسيحيين مسحنا بالميرون أي حل فينا الروح القدس. ويقول القديس بولس الرسول أننا ختمنا بالروح القدس "ٱلَّذِي فِيهِ أَيْضًا أَنْتُمْ، إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ ٱلْحَقِّ، إِنْجِيلَ خَلَاصِكُمُ، ٱلَّذِي فِيهِ أَيْضًا إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ ٱلْمَوْعِدِ ٱلْقُدُّوسِ" (أف1: 13). وكان السادة يختمون عبيدهم علامة ملكيتهم لهؤلاء العبيد. والعبد يخدم سيده ولا يذهب لخدمة سيد آخر، وهذا معنى التكريس الكامل لله. فليكن هدفنا الوحيد هو أن تكون كل أعمالنا لمجد اسم الله القدوس. فكما رأينا فإن المسح بالزيت يشير للمسح بالروح القدس. هكذا كان رئيس الكهنة يمسح بصب الزيت على رأسه ومسح جبهته بعلامة "حرف الكاف" إشارة لأنه كاهن. أما الآن فالمسح يكون بعلامة الصليب. والمسيح لم يمسح بزيت بل بالروح القدس بعد العماد. فمن مِن البشر يقدر أن يقدس المسيح ابن الله بسكب زيت عليه. المسيح هو الذي قَدَّس ذاته أي كرس ذاته ليكون ذبيحة (يو17: 19)، والآب أرسل الروح القدس ليحل على جسده يوم معموديته على هيئة حمامة. وحينما يمسح هرون بالزيت يسيل على لحيته وثيابه (مز 133). وهذا ما حدث مع المسيح حين حل الروح القدس عليه بالجسد فانسكب الروح على الكنيسة جسده (لحيته) لأن اللحية ملتصقة بالرأس، (وثيابه) فالثياب تلتصق بالجسم وتلتف حوله، والرأس هو المسيح. وحين ينسكب هذا الزيت الذي يحمل أربعة أنواع من الأطياب، تفوح رائحة الأطياب التي تشير للمسيح. وهذا معنى: أنتم رائحة المسيح الذكية: "لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ للهِ" (2كو 2: 15) أننا يظهر فينا رائحة المسيح، بل يرى الناس فينا صورة المسيح فيمجدوه، (راجع تفسير مزمور 133 وموضوع زيت المسحة في موضوع خيمة الاجتماع في سفر الخروج).
الآيات (14-36):- "14ثُمَّ قَدَّمَ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ، وَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ ثَوْرِ الْخَطِيَّةِ. 15فَذَبَحَهُ، وَأَخَذَ مُوسَى الدَّمَ وَجَعَلَهُ عَلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا بِإِصْبَعِهِ، وَطَهَّرَ الْمَذْبَحَ. ثُمَّ صَبَّ الدَّمَ إِلَى أَسْفَلِ الْمَذْبَحِ وَقَدَّسَهُ تَكْفِيرًا عَنْهُ. 16وَأَخَذَ كُلَّ الشَّحْمِ الَّذِي عَلَى الأَحْشَاءِ وَزِيَادَةَ الْكَبِدِ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَشَحْمَهُمَا، وَأَوْقَدَهُ مُوسَى عَلَى الْمَذْبَحِ. 17وَأَمَّا الثَّوْرُ: جِلْدُهُ وَلَحْمُهُ وَفَرْثُهُ، فَأَحْرَقَهُ بِنَارٍ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.
18ثُمَّ قَدَّمَ كَبْشَ الْمُحْرَقَةِ، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ الْكَبْشِ. 19فَذَبَحَهُ، وَرَشَّ مُوسَى الدَّمَ عَلَى الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. 20وَقَطَّعَ الْكَبْشَ إِلَى قِطَعِهِ. وَأَوْقَدَ مُوسَى الرَّأْسَ وَالْقِطَعَ وَالشَّحْمَ. 21وَأَمَّا الأَحْشَاءُ وَالأَكَارِعُ فَغَسَلَهَا بِمَاءٍ، وَأَوْقَدَ مُوسَى كُلَّ الْكَبْشِ عَلَى الْمَذْبَحِ. إِنَّهُ مُحْرَقَةٌ لِرَائِحَةِ سَرُورٍ. وَقُودٌ هُوَ لِلرَّبِّ، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى.
22ثُمَّ قَدَّمَ الْكَبْشَ الثَّانِي، كَبْشَ الْمَلْءِ، فَوَضَعَ هَارُونُ وَبَنُوهُ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ الْكَبْشِ. 23فَذَبَحَهُ، وَأَخَذَ مُوسَى مِنْ دَمِهِ وَجَعَلَ عَلَى شَحْمَةِ أُذُنِ هَارُونَ الْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ يَدِهِ الْيُمْنَى، وَعَلَى إِبْهَامِ رِجْلِهِ الْيُمْنَى. 24ثُمَّ قَدَّمَ مُوسَى بَنِي هَارُونَ وَجَعَلَ مِنَ الدَّمِ عَلَى شَحْمِ آذَانِهِمِ الْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَيْدِيهِمِ الْيُمْنَى، وَعَلَى أَبَاهِمِ أَرْجُلِهِمِ الْيُمْنَى، ثُمَّ رَشَّ مُوسَى الدَّمَ عَلَى الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. 25ثُمَّ أَخَذَ الشَّحْمَ: الأَلْيَةَ وَكُلَّ الشَّحْمِ الَّذِي عَلَى الأَحْشَاءِ، وَزِيَادَةَ الْكَبِدِ وَالْكُلْيَتَيْنِ وَشَحْمَهُمَا، وَالسَّاقَ الْيُمْنَى، 26وَمِنْ سَلِّ الْفَطِيرِ الَّذِي أَمَامَ الرَّبِّ، أَخَذَ قُرْصًا وَاحِدًا فَطِيرًا، وَقُرْصًا وَاحِدًا مِنَ الْخُبْزِ بِزَيْتٍ، وَرُقَاقَةً وَاحِدَةً، وَوَضَعَهَا عَلَى الشَّحْمِ وَعَلَى السَّاقِ الْيُمْنَى، 27وَجَعَلَ الْجَمِيعَ عَلَى كَفَّيْ هَارُونَ وَكُفُوفِ بَنِيهِ، وَرَدَّدَهَا تَرْدِيدًا أَمَامَ الرَّبِّ. 28ثُمَّ أَخَذَهَا مُوسَى عَنْ كُفُوفِهِمْ، وَأَوْقَدَهَا عَلَى الْمَذْبَحِ فَوْقَ الْمُحْرَقَةِ. إِنَّهَا قُرْبَانُ مَلْءٍ لِرَائِحَةِ سَرُورٍ. وَقُودٌ هِيَ لِلرَّبِّ. 29ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى الصَّدْرَ وَرَدَّدَهُ تَرْدِيدًا أَمَامَ الرَّبِّ مِنْ كَبْشِ الْمَلْءِ. لِمُوسَى كَانَ نَصِيبًا، كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى. 30ثُمَّ أَخَذَ مُوسَى مِنْ دُهْنِ الْمَسْحَةِ وَمِنَ الدَّمِ الَّذِي عَلَى الْمَذْبَحِ، وَنَضَحَ عَلَى هَارُونَ وَعَلَى ثِيَابِهِ، وَعَلَى بَنِيهِ وَعَلَى ثِيَابِ بَنِيهِ مَعَهُ. وَقَدَّسَ هَارُونَ وَثِيَابَهُ وَبَنِيهِ وَثِيَابَ بَنِيهِ مَعَهُ. 31ثُمَّ قَالَ مُوسَى لِهَارُونَ وَبَنِيهِ: «اطْبُخُوا اللَّحْمَ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، وَهُنَاكَ تَأْكُلُونَهُ وَالْخُبْزَ الَّذِي فِي سَلِّ قُرْبَانِ الْمَلْءِ، كَمَا أَمَرْتُ قَائِلًا: هَارُونُ وَبَنُوهُ يَأْكُلُونَهُ. 32وَالْبَاقِي مِنَ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ تُحْرِقُونَهُ بِالنَّارِ. 33وَمِنْ لَدُنْ بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، لاَ تَخْرُجُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إِلَى يَوْمِ كَمَالِ أَيَّامِ مَلْئِكُمْ، لأَنَّهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَمْلأُ أَيْدِيَكُمْ. 34كَمَا فَعَلَ فِي هذَا الْيَوْمِ، قَدْ أَمَرَ الرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ. 35وَلَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ تُقِيمُونَ نَهَارًا وَلَيْلًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَتَحْفَظُونَ شَعَائِرَ الرَّبِّ فَلاَ تَمُوتُونَ، لأَنِّي هكَذَا أُمِرْتُ». 36فَعَمِلَ هَارُونُ وَبَنُوهُ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ عَلَى يَدِ مُوسَى."
راجع تفسير ما سبق في سفر الخروج إصحاحي (28، 29) فلا داعي للتكرار. ولكن هناك بعض الملحوظات فقط.
الذبائح المذكورة هنا سبق الحديث عنها بالتفصيل. ولكن هناك ملحوظة بالنسبة لذبيحة الخطية . فنجد في هذا الطقس أن موسى سكب الزيت على هرون قبل تقديم ذبيحة الخطية، فهرون هنا يرمز للمسيح كرئيس كهنة والمسيح رئيس كهنتنا لم يحتاج أن يقدم ذبيحة عن نفسه فهو بلا خطية، وأيضًا فالمسيح حلَّ عليه الروح القدس قبل أن يقدم نفسه على الصليب (وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). ولكن هرون كإنسان له خطاياه ومحتاج لدم الذبيحة لتقديسه. وذبيحة كبش المحرقة قدموها إظهارًا لاستعدادهم تقديم أنفسهم بالكامل لله، وهذا هو التكريس الكامل للكهنة، وقدموها بعد تقديم ذبيحة الخطية أي بعد تطهيرهم من خطاياهم فصاروا مقبولين أمام الله وصاروا كرائحة سرور أمام الله.
أما ذبيحة كبش الملء فهي ذبيحة سلامة مع بعض الفروق:-
1) الله حين يدعو أحد لخدمته فهو لا بد وأن يزوده بكل ما يحتاجه، بل كل مسيحي له مواهبه لخدمة باقي الكنيسة (1بط4: 10). وهذه المواهب نسميها الوزنات التي نتاجر بها لنربح . ولكن من يتكرس لخدمة الرب فالله يعطي له كثيرًا (يملأه) ليعطي مما أخذ لشعب الله (الخمس خبزات). ولكن على هذا المكرس أن يجاهد لينمي موهبته، وهذا ما قاله بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس (1تى4: 13 – 16 + 2تى1: 6).
2) في ذبيحة السلامة العادية لا نسمع أن أحدًا يمسح من دمها في يديه أو أذنيه. ولكن هذا المسح هو لتقديس كل طاقات وحواس الكاهن المكرس لخدمة الله. الله يضع كلماته في أذن خادمه ليوصلها هو لشعب الله.
3) في ذبيحة السلامة العادية كان نصيب الكهنة الساق والصدر وبعض الخبز، ولكن نجد هنا أن الساق والخبز تذهب للمذبح، والصدر يذهب ليكون نصيب موسى. وكأن الكاهن يعطي نصيبه لله، الله وضع الساق نصيبا للكاهن، وهنا الله ملأ يده شبعا ماديا، لكن نجد الكاهن يفرغ يده ويعطي ما في يده لله، فلا يترك الله يد الكاهن فارغة بل يملأ يده بركات مادية وروحية، وهذه كما نقول في التسبحة "أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له". هو أخذ جسد بشري من البشر، وأنظر ماذا أعطى للبشر. الله أخذ لحم ذبيحة وخبز بزيت وفطير ورقاقة، وأعطى امتلاء روحي لمن كرَّس نفسه لخدمته، وهكذا كل من أعطى الله شيئا يعوضه الله أضعافًا. وهذا يرمز لما نعمله نحن في القداس الإلهي إذ نقدم لله خبزًا وخمرًا فيعطينا جسده ودمه غفرانا لخطايانا وحياة أبدية وإمتلاءً من الروح. وهذه هي العلاقة بين التكريس وذبيحة الملء ، وتسمى " يملأ الله يده".
4) ونلاحظ أن الوحي في سفر الخروج بعد أن نصَّ على حَرْق ساق الرفيعة (خر29: 25) وإعطاء القص لموسى كوكيل عن الله في سيامة هرون وبنيه (خر29: 26)، أي أن القص والساق اليمنى صاروا من نصيب الله، القص لموسى وساق الرفيعة للمذبح. يعود ويكرر أن يُعطَى القص وساق الرفيعة لهرون وبنيه فريضة أبدية (خر29: 28)، ويعود ويقول من ذبائح السلامة. فنفهم أن الله يعطي الكهنة الساق اليمنى والصدر من ذبائح السلامة كفريضة أبدية. ولكن لماذا يذكرها هنا؟ الله يعطينا، ولكنه يفرح حينما نعطيه مما أعطانا وهذا ما قاله داود النبي" لأن منك الجميع ومن يدك أعطيناك" (2أى29: 14).
5) وموسى كرمز للمسيح الابن المحبوب كان له الصدر حيث القلب والحب. وأيضا لأن موسى هنا وكيل عن الله في طقس السيامة.
6) في ذبيحة السلامة كان الله (نار المذبح) يشترك مع الكاهن ومقدم الذبيحة وأصدقاءه، ولكن هنا نجد الله (ويمثله هنا نار المذبح) والكهنة فقط، حتى المتبقي من اللحم والخبز يحرق بالنار. فهذه ليست ذبيحة شركة بين الله ومقدم الذبيحة والكاهن الذي يقدمها، بل هي شركة عمل بين الله ووكلاءه الكهنة، الله يعطيهم ويملأهم وهم يعطوا الشعب. هي شركة خاصة بين الله والكهنة كما يقول بولس الرسول عن نفسه وعن أبلوس "فَإِنَّنَا نَحْنُ عَامِلَانِ مَعَ ٱللهِ" (1كو3: 9). ولذلك لا يأكل من هذه الذبيحة سوى الكهنة وأبناءهم (آية 31).
7) ولأنها لا تشير للإفخارستيا التي كان يقدم فيها خبز مختمر مع الذبيحة، نجد هنا أنه يقدم فطير غير مختمر فقط، فلا حديث هنا عن غفران للخطايا، بل عن ملء.
8) رش ثياب هرون وأبناءه بدهن المسحة والدم هو لتقديسهم وملؤهم بالمواهب الروحية (الدم للتقديس والمسحة للمواهب). ولاحظ أن الروح إنسكب على هرون كرئيس كهنة قبل تقديم الذبائح. وبعد تقديم الذبائح الدموية، رش موسى الدم مع دهن المسحة على الكهنة ، ولكن لم يسكب الدهن عليهم كما فعل مع هرون. وهذا يشير لأن هرون كرمز للمسيح حل عليه الروح القدس قبل أن يصلب ويقدم ذبيحة. وأيضًا فسكب الدهن على هرون، بينما كان نصيب الكهنة الرش فقط، وهذا يشير لأن نصيب هرون كرئيس للكهنة من الامتلاء بالروح أكثر جدًا من نصيب الكهنة. وهذا كان رمزًا لأن الروح القدس حل على جسد المسيح حلولا أقنوميا كاملًا، بينما حلول الروح القدس على الرسل وعلى الكنيسة هو حلول مواهب، ولذلك نجد أن الروح القدس قد حل على المسيح بشكل كامل (حمامة كاملة)، بينما كان حلوله على التلاميذ على هيئة ألسنة نار منقسمة (أع 2). وهذا ما تنبأ به المرنم أيضًا في المزمور "مسحك الله إلهك بدهن الابتهاج أكثر من رفقائك" (مز45: 7 + عب2: 9). وحينما نقول أن الروح القدس قد حل على الكنيسة فهذا يعني حلوله على كل فرد معمد وممسوح بالميرون، فكل الشعب المسيحي هم كهنة بالمفهوم العام.
ونلاحظ أن سكب الدم على المذبح ووضعه على قرونه يقدسه كله (عب9: 13-14). ويؤخذ جزء لمسح الكهنة به إشارة للشركة بين الله والكاهن، وإشارة لعمل الله القوي في ذبيحته على الصليب (القرون إشارة للقوة). وهذه القوة تكون قادرة أن تعمل في الكاهن الذي يكرس نفسه لله بالكامل ويصير شريكا لله في عمله. وبقدر التكريس ما يكون كاملًا بقدر ما يكون الامتلاء كاملًا. وكان مسح الأذن يشير لتقديس حواسهم، ولكي تكون لهم أذان للسمع. وتقديس أياديهم الروحية للعمل بلا رخاوة في حقل الرب. وتقديس أرجلهم الروحية للانطلاق مع الشعب في طريق الرب نحو السماويات. وتقديم الشحم يشير لأنهم يجب أن يقدموا كل قوتهم وطاقاتهم لله. وبقدر ما يعطون ويكرسون ذواتهم لله ولخدمته ولمجد اسمه بقدر ما يمتلئوا.
أية (32):- " 32وَالْبَاقِي مِنَ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ تُحْرِقُونَهُ بِالنَّارِ."
لا يأكل منه أحد لأن هذا خاص بالكهنة وليس لعائلاتهم، هي ذبيحة لملء الكهنة فقط. غير أن هذا الطقس سيتكرر لمدة 7 أيام (آية 33)، فكل يوم لهم طعام روحي ومادي أي شبع روحي ومادي مدى الحياة (رقم 7 هو رقم كامل) فالله يتكفل بخدامه.
الآيات (33-34): "وَمِنْ لَدُنْ بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، لاَ تَخْرُجُونَ سَبْعَةَ أَيَّامٍ إِلَى يَوْمِ كَمَالِ أَيَّامِ مَلْئِكُمْ، لأَنَّهُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ يَمْلأُ أَيْدِيَكُمْ. كَمَا فَعَلَ فِي هذَا الْيَوْمِ، قَدْ أَمَرَ الرَّبُّ أَنْ يُفْعَلَ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ."
الآيات (35-36):- "35وَلَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ تُقِيمُونَ نَهَارًا وَلَيْلًا سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَتَحْفَظُونَ شَعَائِرَ الرَّبِّ فَلاَ تَمُوتُونَ، لأَنِّي هكَذَا أُمِرْتُ». 36فَعَمِلَ هَارُونُ وَبَنُوهُ كُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ الرَّبُّ عَلَى يَدِ مُوسَى."
سبعة أيام هذه تعني:-
1- كانت الذبائح تقدم 7 أيام، إذًا هي غير كافية لرفع الخطية في ذاتها ولكن لأن الرقم 7 يشير للكمال، إذًا هذه الذبائح لمدة 7 أيام تشير للمسيح الذبيحة الكاملة عنا.
2- وسيامتهم ككهنة للرب يعني في جوهره تخصيص كل حياتهم الداخلية وتصرفاتهم الظاهرة لحساب الرب نفسه. لذا قيل ولدى باب خيمة الاجتماع تقيمون نهارًا وليلًا سبعة أيام = أي لا راحة لهم سوى عند الرب كل أيام حياتهم فرقم 7 رقم كامل. ويعني هذا أيضًا أن الكاهن لا يجب أن يبتعد عن بيت الله فامتلاءه هو في وجوده في بيت الله.
← تفاسير أصحاحات اللاويين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير اللاويين 9 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير اللاويين 7 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/p4hq32c