محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
لاويين: |
+ يبدأ سفر التكوين "في البدء خلق الله السموات والأرض.... وروح الله يرف" ليعطي حياة. وهذه البداية تعطينا فكرة عن أن الله يريد أن يعطي حياة للبشر، ثم يعرض لنا سفر التكوين قصة السقوط، والسقوط معناه انفصال الإنسان عن الله فلا شركة للنور مع الظلمة، وكان هذا معناه الموت للإنسان، فالله هو مصدر الحياة. ولذلك ينتهي سفر التكوين بهذه النهاية" ثم مات يوسف... فحنطوه ووضع في تابوت في مصر". حقًا يقول القداس الغريغوري "أنا اختطفت لي قضية الموت" فلم يكن الله يريد للإنسان الموت. ولاحظ أن مصر تشير لأرض العبودية.
+ ثم يأتي سفر الخروج ليعلن أن الله لن يقبل بأن نظل عبيد فيعلن في هذا السفر خلاص الشعب من عبودية مصر وحريتهم رمزًا لخلاص البشر وتحررهم من عبودية إبليس. ويختم سفر الخروج القصة بأمرين غاية في الأهمية:-
الأول :- الوصايا العشر:- فليس لنا استمرارية في حياة الحرية إلا بالالتزام بالوصايا.
الثاني:- خيمة الاجتماع:- هذا ما يريده الله أن يجتمع مع شعبه ويقيم وسطهم. وحتى نرى أن هذا هو هدف الله راجع (رؤ 21: 3) "هوذا مسكن الله مع الناس".
+ ثم يأتي سفر اللاويين وهو سفر القداسة، وهذا السفر يعلن ماذا يعطي المسيح لشعبه حين يسفك دمه من أجلهم ويكون في وسطهم. هذا السفر هو سفر شرائع الكهنوت حيث نرى المسيح رئيس كهنتنا مقدمًا نفسه كذبيحة عنا حتى يقدسنا = نتصالح مع الله ونعود لنصير من خاصة الله ومن شعب الله وأبناء لله مخصصين له ومكرسين له.
+ ثم يأتي سفر العدد وهو سفر تجوال الشعب في البرية مشيرًا لانتصاراتهم وأيضًا سقطاتهم رمزًا لحياتنا في هذا العالم أو غربة هذا العالم.
+ أما سفر يشوع ودخوله مع الشعب لأرض الموعد كنعان فهو يشير لدخولنا إلى أورشليم السمائية في نهاية هذا العالم بعد الموت. فكنعان تشير لأورشليم السمائية وإن كان عبور البحر الأحمر يشير للمعمودية (1كو 10: 1، 2) فعبور الأردن يشير لانتقالنا من العالم. إذًا فأسفار موسى ثم يشوع هم إشارة لرحلة حياتنا على الأرض حتى عبورنا لحياتنا الجديدة في السماء بعد الموت. إذًا:-
1- سفر التكوين:- الله يريد حياة للبشر ولكن البشر يسقطون ويموتون.
2- سفر الخروج:- خطة الله لتحرير البشر من عبودية إبليس. وذلك بدم خروف الفصح الذي كان به الخلاص ثم المعمودية في البحر الأحمر ثم أكلهم من المن إشارة للمسيح الخبز الحقيقي الذي من يأكل منه يحيا ولا يموت (يو 6).
3- سفر اللاويين:- كان دم خروف الفصح هو الوسيلة لإنقاذ الشعب من العبودية أما هنا فنجد دم الذبائح إشارة لدم المسيح الذي يقدسنا ويقربنا إلى الله فنجد هنا طقوس هذه الذبائح ونظام الكهنوت. سفر اللاويين هو سفر حياة الكنيسة والمذبح، فإرادة الله قداستنا وأن نحيا كقديسين.
4- سفر العدد:- هو سفر التجوال في البرية، وهذا يرمز لرحلة حياتنا في غربة هذا العالم، وتنتهي رحلة حياتنا على الأرض بالموت، الذي رمزه عبور نهر الأردن. وكما عبر الشعب في نهاية رحلته نهر الأردن مع يشوع نعبر نحن أيضًا في المسيح لأرض الراحة كنعان السماوية في نهاية رحلة حياتنا على الأرض.
في ذبيحة خروف الفصح المذكورة في سفر الخروج نرى المسيح كفادي يحرر شعبه. أما في سفر اللاويين فنرى عمل المسيح لهؤلاء المفديين. المسيح في سفر الخروج أخرج شعبه من مصر لكن في سفر اللاويين نجد أن المسيح الذي يقدس شعبه ويأتي بهم ويقربهم لله ويحفظهم في فرح. فالله لم يقصد أن يخلصنا من العبودية ثم يتركنا لا نعرف شيئًا بل هو يريد لنا أن نحيا معه في فرح، ويسكن في وسطنا "ها أنا معكم كل الأيام وإلى إنقضاء الدهر" (مت28: 20). وكيف يسكن في وسطنا؟ كان لابد أن نتقدس. فلا شركة للنور مع الظلمة (2كو6: 14). وهنا نرى أوجه أخرى لذبيحة الصليب غير الحرية. فالصليب أعطانا حياة مقدسة وحياة شركة. في ذبيحة خروف الفصح نرى المسيح يعبر بنا من أرض مصر أما في اللاويين نرى المسيح هو قائدنا الذي يقدم نفسه أمام شعبه وكاهننا الذي يقدم نفسه ذبيحة حتى يقدسنا = يطهرنا ويخصصنا ويكرسنا لله.
حقًا نفهم أن خروف الفصح يرمز للصليب. والصليب أعطانا الحرية من العبودية. وسفر الخروج شرح هذه النقطة. ولكن هناك جوانب أخرى كثيرة قدمها الصليب يشرحها الوحي في بقية الذبائح. وكل ذبيحة تُذكَر في المكان المناسب تماما. والجدول الآتي يقدم ملخص للذبائح وأماكن ذكرها وكيف ترمز للصليب.
السفر |
الذبيحة |
الرمز في الذبيحة للصليب |
الخروج |
الفصح |
الحرية من العبودية (وهذا موضوع سفر الخروج) |
اللاويين |
المحرقة تقدمة الدقيق السلامة الخطية الإثم الكفارة |
الطاعة المسيح يعطينا حياته "لي الحياة هي المسيح" (في 1: 21). الإفخارستيا المسيح يغفر الخطية الجدية بدمه المسيح يغفر خطايانا الشخصية بدمه هي أصلًا ذبيحة خطية لكنها تشرح بدقة يوم الصليب |
العدد |
البقرة الحمراء |
التقديس خلال رحلة حياتنا بدم المسيح ومعونة الروح القدس. |
لا نجد هنا شيء تاريخي سوى أشياء بسيطة مثل طقس سيامة هرون (إصحاح 8، 9) وعقوبة ناداب وأبيهو (10) وغيرها. أما باقي السفر كله فهو طقوس الذبائح والتطهيرات وما يأكلوه وما يمتنعوا عنه. وبهذه الطقوس يخصصهم الله شعبًا له ويميزهم عن باقي الأمم.
اعتاد اليهود أن يطلقوا على الأسفار المقدسة أول كلمة في السفر. وهنا أول كلمة هي " ودعا " وبالعبرية "ويقرأ" أما السبعينية أي الترجمة اليونانية للعهد القديم فقد أسمته اللاويين لأن كل الأوامر التي أتت به سينفذها الكهنة واللاويين أي الذين هم سبط لاوي. وأما التلمود فأسماه " ناموس الكهنة " والسفر له طابع نبوي وبالذات إصحاح 26 وهي النبوة التي تحققت بتشتيت اليهود في العالم كله. أما باقي الطقوس والرموز فهي تعتبر كأنها نبوات عن عمل السيد المسيح الكفاري. ويوجد في العهد الجديد حوالي 40 إشارة لهذا السفر.
يقول بولس الرسول " إذ يوجد الكهنة الذين يقدمون قرابين حسب الناموس، الذين يخدمون شبه السمويات وظلها " (عب8: 4 ، 5). فالعهد القديم كان "ظل الخيرات العتيدة" (عب 10: 1). والمسيح كان هو النور الذي كشف كل شيء كان مذخرًا لنا، هو النور الإلهي الساطع. واليهود حتى الآن قد إكتفوا بالظل يحيون فيه غير مدركين أن هناك نورًا قد ظهر. والسؤال هنا، إذا كان النور قد ظهر فلماذا نحن كمسيحيين ما زلنا نبحث في العهد القديم عهد الظلال؟ في الحقيقة أن العهد القديم بما يحمله من رموز فهو شرح وافي جدًا وبتصوير رائع لما قام به المسيح. وربما من شدة ضوء النهار تخفى بعض الملامح الهامة مثل ملامح الوجوه أو بعض المناظر الطبيعية التي يكون لها تأثير أوضح في الظلال، ولم يكن هذا واضحًا في نور النهار الساطع هكذا رموز العهد القديم تشرح لنا بوضوح كل جوانب ذبيحة المسيح وعمله وفداءه، هذه التي تغيب عنا في نور العهد الجديد الساطع. فنحن نرى شرحا وافيا لكل البركات التي حصلنا عليها بالصليب عند دراسة موضوع الذبائح في هذا السفر. وهناك أسباب جوهرية أيضًا لدراسة العهد القديم مثل الوصايا الأخلاقية، والرموز للمسيح والنبوات الخاصة بالمسيح والتي إستشهد بها كتاب العهد الجديد، بل هناك نبوات لم تتحقق بعد. بل الأحداث نفسها لهي شرح لروحيات العهد الجديد، فالحروب هي إشارة للحروب الروحية بين الإنسان والشيطان.
وهناك سؤال آخر، إذا كنا نحن المسيحيين قد فهمنا هذه الحقائق بعد مجيء المسيح فماذا كان موقف اليهودي في العهد القديم وكيف كان يتعامل معها ويستفيد منها؟
لنأخذ أمثلة لذلك:-
أ) كان لحم الخنزير نجسًا في العهد القديم. فكان اليهودي الصالح يطيع دون أن يفهم معنى هذا ولكن كان فيما يفعل هذا يتأمل في تصرفات الخنازير ويراها ترتمي دائمًا في الطين تتمرغ فيه حتى بعد غسلها وتنظيفها. وقد يفهم هذا اليهودي الصالح الرمز كما فهمه بطرس الرسول أن الله يمنعه من أن يكون مثل الخنزيرة المغتسلة التي تعود لمراغة الحماة (أي تتمرغ في الطين) أي بعد أن يتوب يعود للخطية مرة أخرى "قَدْ أَصَابَهُمْ مَا فِي ٱلْمَثَلِ ٱلصَّادِقِ: «كَلْبٌ قَدْ عَادَ إِلَى قَيْئِهِ»، وَ«خِنْزِيرَةٌ مُغْتَسِلَةٌ إِلَى مَرَاغَةِ ٱلْحَمْأَةِ" (2بط 2: 22). ولاحظ قوله أن هذا أصبح مثلًا أي كثيرين فهموا الرمز.
ب) موضوع الذبائح :- كان اليهودي يرى هنا ذبيحة بريئة تموت عوضًا عنه فيتأمل ويعرف أن عقوبة الخطية لا بُد وأن تكون الموت وقد يدفعه هذا للتوبة.وانطبع في ذهنه أنه لا غفران ولا تقديس إلا بالدم.
+ عمومًا فالرموز هي مدرسة قصد الله بها أن يعمق ويوسع دائرة الأفكار والرغبات فتسموا الأفكار الروحية وتنشأ رغبات مقدسة. والقصص الرمزية أو الرموز ليس مثلها في أن تطبع الحقائق في ذهن الإنسان، لذلك فإن المسيح استخدم الأمثال كثيرًا. والرموز في هذا السفر كشفت بوضوح الخطية والخاطئ، النعمة والمخلص، وكيف أن الله في محبته يتنازل ويظهر للإنسان الخاطئ أن هناك وسيلة يتخلص بها من الخطية التي دخلت إليه وهذه الوسيلة هي عطية مجانية بل أن هذه العطية المجانية تؤدي للقداسة، وهذه الوسيلة هي الذبائح رمز ذبيحة المسيح.
في (لا 1: 1، 2) يقول الرب لموسى "كلم بني إسرائيل " فإن كان السفر يختص بشرائع الكهنة واللاويين فهو من أجل تقديس الشعب. فالكهنة واللاويون ليسوا إلا أداة إلهية لخدمة الجماعة الذين هم أعضاء فيها، خدمتهم غرضها أن تقترب الجماعة من الله ويقطنون في شركة معه. فالكهنة حقًا هم وسطاء وعاملون باسم الرب لكنهم يعملون لحساب الجماعة. في هذا السفر يَعْرِف الشعب ماذا عليه أن يفعل ليتقدس، ولكن الذي ينفذ الطقس هم الكهنة المختارون من الله من هرون وأبناءه.
هي إعلان أن القداسة هي الخط المميز لشعب الله لأن الله إلهنا قدوس (لا11: 44). والقداسة كما يرسمها هذا السفر لها شقين. الشق الأول هو دم الذبائح. وهذا ما قام به المسيح. والشق الثاني ما هو دور الشعب حتى يتقدس، أي كيف يستفيد من دم المسيح المذبوح على الصليب؟ فمثلا عليه أن يمتنع عن الخطايا ويلتزم بالوصية المقدسة..... وينتهي السفر بالأعياد والأفراح. فمن يحيا في القداسة لا بُد وأن يفرح، ويلتزم الله بكل احتياجاته الزمنية وسلامة كل ممتلكاته مثل البيوت بل والملابس (شريعة تطهير المنازل والملابس) بالإضافة لأكلهم وشربهم. والله حين يعطي، يعطي بسخاء ولا يُعيِّر وتكون هناك بركة في كل شيء. ولكن هناك شرط نجده في إصحاح 26!!
هناك نص قانوني "أن العقد شريعة المتعاقدين" Pacta sunt servanda، وَمَنْ لا يلتزم بالعقد فهناك شروط جزائية. فالله التزم بأن يبارك شعبه لكن بشرط أن يلتزم الشعب بالوصايا المقدسة وإن لم يلتزم فهناك عقوبات أي لعنات. فلا يصح أن نلوم الله عن خسارتنا لبركاته إن لم نلتزم بوصاياه فالخطية بالنسبة لله شيء شنيع.
كاتب الأسفار الخمسة هو موسى النبي. ويبدأ هذا السفر بقوله " ودعا " وحرف العطف هنا يشير أن هذه الدعوة الإلهية جاءت بعد إقامة خيمة الاجتماع كما شرح في سفر الخروج ويشير حرف العطف لاتصال سفري الخروج واللاويين وأن كاتبهما واحد.
أفرز الله اللاويين (سبط لاوي) لخدمته بدلًا من أبكار بني إسرائيل (عد3: 44، 45). وكان الله قد أفرز أبكار بني إسرائيل لخدمته، فأبكار بني إسرائيل قد نجوا من الموت يوم الخروج من مصر بدم خروف الفصح، وكأن الله إشتراهم بدم خروف الفصح فصاروا له. وكان دم خروف الفصح رمزا لدم المسيح الذي اشترانا به كما قال القديس بطرس الرسول "عالمين أنكم افتديتم لا بأشياء تفنى بفضة أو ذهب من سيرتكم الباطلة التي تقلدتموها من الآباء. بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح " (1بط1: 18، 19). فاختيار الأبكار ليصيروا مخصصين لله كان ليشرح فكرة أننا كمسيحيين صرنا أبكارا إشترانا المسيح بدمه، فصرنا مخصصين له، مكرسين أنفسنا لخدمته وهذا معنى كلمة مُقَدَّسين. ولاحظ أن البِكْر كان له إمتيازات كثيرة: 1* فهو له نصيب الضعف في الميراث، 2* وهو الذي يَرِث الكهنوت عن أبيه 3* ويكون رأسًا لعائلته بعد أبيه (وذلك في عهد الآباء البطاركة قبل اختيار هرون ونسله ليكونوا هم كهنة الله). فالمسيح لم يشترنا بدمه ليستعبدنا بل ليحررنا ويجعلنا ملوكا وكهنة، ويعطينا ميراث السماء.
وكان أبونا آدم بكر الخليقة وكان له أن يرث الأمجاد لو التزم بالوصية. وعندما سقط آدم فقد بكوريته. وجاء المسيح آدم الأخير ليصبح هو البكر الجديد الوارث لكل شيء (عب1: 2) وهذه تعني أنه صار له مجد أبيه بجسده الإنساني ، ليعطينا نحن ميراث هذا المجد (راجع تفسير يو17: 5 + يو17: 22). فنحن في المسيح صرنا أبكارا أي وارثين للمجد، وهذا لمن يغلب، وراجع تفسير (رؤ3: 21) . وعبر الكتاب المقدس شرح الله من خلال الكثيرين أن البكورية بالطبيعة يمكن أن يفقدها الإنسان فيفقد ميراثه كبكر ليأخذ غيره البكورية وبالتالي الميراث: أمثلة لذلك إسمعيل يفقدها وتذهب لإسحق / عيسو يفقد البكورية ويأخذها يعقوب / رأوبين يفقد البكورية وتذهب البكورية الروحية ليهوذا ويأتي من نسله المسيح، وذهبت البكورية المادية ليوسف فورث نصيب الضعف بالنسبة لإخوته. وأخيرا جاء المسيح بالجسد ليأخذ البكورية من آدم والكنيسة من اليهود.
لذلك تُسمَّى الكنيسة كنيسة أبكار " بل قد أتيتم إلى جبل صهيون وإلى مدينة الله الحي أورشليم السماوية وإلى ربوات هم محفل ملائكة. وكنيسة أبكار مكتوبين في السموات وإلى الله ديان الجميع وإلى أرواح أبرار مكملين " (عب12: 22، 23). وبعد اختيار الأبكار ليكونوا مخصصين لله، وبعد أن شرح الوحي فكرة أن الكنيسة كلها هي كنيسة مقدسة أي مخصصة لله، عاد الله ليخصص سبط لاوي للخدمة ونسل هرون للكهنوت، وهذا كوظيفة قال عنها بولس الرسول " لا يأخذ هذه الوظيفة أحد بنفسه بل المدعو من الله كما هرون أيضًا " (عب5: 4). وبنفس الفكرة أيضًا فالكنيسة الآن هي بكل أفرادها المؤمنين هي كنيسة ملوك وكهنة (رؤ1: 6) ولكن بمفهوم الكهنوت العام (تقديم ذبائح التسبيح والصلاة والانسحاق.. إلخ.، وراجع سر الكهنوت في موضوع الأسرار المقدسة). أما الكهنوت كوظيفة فهو لأشخاص دعاهم الله لخدمته ليقدم الله نعمته لشعبه من خلالهم في الأسرار المقدسة.
وقد أفرز الله من سبط لاوي هرون وبنيه ليكونوا كهنة. أما بقية السبط فهم اللاويين وهؤلاء يساعدون الكهنة في خدمتهم (وعملهم يناظر الشمامسة الآن في الكنيسة). وكان عملهم هو الاهتمام بخيمة الاجتماع وحملها عند ترحالهم في سيناء، أما بعد بناء الهيكل فكانوا يعتنون به. كما كان منهم معلمين وكتبة وقضاة وموسيقيين (1أى23: 3- 6).
حَدَّد الله أن يكون هرون كاهنًا، والكهنة يكونون من نسله. وكان هرون رمزًا للمسيح رئيس كهنتنا الذي قدَّم ذبيحة نفسه. وكون أن الكهنة يكونون من صلب هرون، أي لا كهنوت خارج عن هرون، أو أن الكاهن اليهودي كان في هرون فهو من صلبه. وكان ذلك ليشرح أن الكهنوت المسيحي هو كهنوت في المسيح، كهنوت مستمد من كهنوت المسيح. المسيح قدَّم نفسه ذبيحة، ووظيفة الكاهن المسيحي الذي يقدم ذبيحة الإفخارستيا، مهمته أن يصلي فيحول الروح القدس القرابين (الخبز والخمر) إلى ذبيحة المسيح التي رآها القديس يوحنا في السماء خروف قائم كأنه مذبوح. فالكاهن الحقيقي الذي قدَّم الذبيحة هو المسيح. والكاهن المسيحي يستمد كهنوته أي يقدم ذبيحة المسيح الحية من كهنوت المسيح الذي قدم ذبيحة نفسه يوم الصليب.
تعتبر الرسالة إلى العبرانيين خير مفسر لهذا السفر، إذ تقارن بين ذبائح العهد القديم وبين ذبيحة المسيح الكفارية، وأظهر الرسول كيف أن دم التيوس مهما كثرت لا تستطيع أن ترفع الخطية، أما يسوع فقد قدم نفسه مرة واحدة حاملًا خطايا العالم في جسده. كذلك نجد في الرسالة مقارنة رائعة بين الكهنوت اللاوي وكهنوت السيد المسيح الذي على رتبة ملكي صادق.
وسط كل عقوبة الله يعطي رجاء. ففي وسط عقوبة أبوينا الأولين أعطانا رجاء بمجيء المسيح الذي يسحق رأس الحية. وبدأ الله يعلم الناس الذبائح، أي عقيدة بدون سفك دم لا تحدث مغفرة. وكانت أول ذبيحة عرفها الناس ذبيحة قدمها الله نفسه، لأنه بعد أن تعرى آدم وحواء وتغطى كل منهما بأوراق الشجر، يقول الكتاب أن الله صنع لهما أقمصة من جلد، أي أن الله علَّم آدم كيف يتقرب (ومنها قربان) إلى الله (الله لم يذبح الحيوان بنفسه، بل علَّم آدم أن يقدم ذبيحة ليسترضي الله بدم الذبيحة، وستر الله آدم بجلد الذبيحة. وكان هذا رمزًا لأن كهنة اليهود أولاد آدم سيقدمون المسيح ذبيحة على الصليب، وبذبيحة المسيح يستر الله على البشر – اليهود والرومان إشتركوا في تقديم المسيح إلى الصليب، ولكن المسيح هو الذي أسلم روحه بسلطانه في يد أبيه [يو10: 18]). وبدأ الإنسان يأخذ فكرة أنه بالخطية يتعرى ويفتضح وبالذبيحة يكتسي من عريه. وهابيل تعلم من أبيه فقدم ذبائح حيوانية فقبلها الله، بينما لم يقبل الله تقدمة قايين فهو بتقديمه من ثمار الأرض خالف التقليد المُسَلَّم من أبيه بضرورة سفك دم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وسفك الدم معناه نفس توضع عن نفس. وهكذا بعد الطوفان قدم نوح ذبائح محرقات فتنسم الرب رائحة الرضا وقال في قلبه لا أعود ألعن الأرض أيضًا من أجل الإنسان. ولهذا أخذ نوحًا سبعة أزواج من البهائم والطيور الطاهرة حتى يستطيع أن يقدم ذبائح. وكانت الذبائح يجب أن تكون طاهرة بلا عيب إشارة للمسيح الذي بلا خطية. فالخاطئ يموت عن نفسه أما البار فيموت عن غيره
وهناك نوعان من الذبائح:
أ) ذبائح المحرقات - ب) ذبائح الخطية
أ) المحرقات:- تذبح وتوضع على النار فتأكلها النار جميعها حتى تتحول إلى رماد ولا يأكل منها الكاهن ولا الإنسان الذي قدمها ولا أحد من البشر على الإطلاق، كلها للنار، أي كلها للرب. هذه تمثل غرضًا معينًا ليس هو فداء الإنسان إنما إرضاء الله الغاضب على الخطية. ومظهر الطاعة الكاملة يظهر في قول إشعياء النبي "ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى ٱلذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ" (إش53: 7).
ب) ذبائح الخطية:- هذه تقدم فداء عن الإنسان حتى لا يموت الإنسان.
+ وذلك لأن الخطية كان لها نتيجتان:
(1) إحزان قلب الله - (2) هلاك الإنسان.
لماذا حزن قلب الله؟ خلق الله الإنسان لأنه يحب الإنسان. الله أحب الإنسان فخلقه. وكانت علامة محبة الله لآدم، أنه خلقه في جنة عَدْنْ (مكان جميل جدًا، وفيه يفرح آدم فكلمة "عَدْنْ" تعني فرح وبهجة). وكان الله يتمنى أن آدم يبادله المحبة، فنسمع أن "لَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمَ" (أم8: 31). كانت علامة محبة الله لآدم هذه الجنة المملوءة فرحًا. وكانت علامة محبة آدم لله هي ثقته في الله وطاعته، والطاعة تكون نتيجة الثقة. وهذا لم يحدث وحزن قلب الله:-
1. لعدم طاعة آدم لله، الذي صدَّق الحية ولم يثق في الله.
2. لموت آدم حبيبه.
وكانت الذبائح نوعان:-
ذبائح محرقات: هذه تشير لطاعة المسيح حتى موت الصليب (فى2: 8).
ذبائح خطية: تشير لفداء المسيح وحمله لخطايانا.
إذًا المحرقات كانت لإرضاء قلب الله الغاضب، إذ أنها تتكلم عن الطاعة. أما ذبائح الخطية فهي لفداء الإنسان. ولذلك فعندما قدم نوح محرقاته "تنسم الرب رائحة الرضا" . وعمل أول ميثاق مع الإنسان (تك9: 9) وهو وعد بالحياة وأنه لن يكون هناك موت شامل. وفي نهاية الزمان بعد أن يكمل جسد المسيح، يأتي المسيح يسوع كرأس للجسد الواحد، جسده أي كنيسته، ويقدم الخضوع للآب (1كو15: 28).
قيل عن محرقة نوح أن الله "تنسم رائحة الرضا" ويقال عن ذبائح المحرقة أنها "محرقة وقود رائحة سرور للرب" (لا1: 13). فما معنى هذا؟ المحرقات تشير للطاعة الكاملة للمسيح حتى الصليب. وهنا يأتي سؤال.. وهل كان من المتصور أن المسيح يرفض الصليب؟! بينما أن إرادته وإرادة أبيه واحدة. قطعًا المسيح كان لا يمكن أن يرفض، فهو قال "وَمَاذَا أَقُولُ: أَيُّهَا ٱلْآبُ نَجِّنِي مِنْ هَذِهِ ٱلسَّاعَةِ؟ وَلَكِنْ لِأَجْلِ هَذَا أَتَيْتُ إِلَى هَذِهِ ٱلسَّاعَةِ" (يو12: 27). إذًا كان هذا متفق عليه ومنذ الأزل داخل المشورة الثالوثية "تَقَدَّمُوا إِلَيَّ. ٱسْمَعُوا هَذَا: لَمْ أَتَكَلَّمْ مِنَ ٱلْبَدْءِ فِي ٱلْخَفَاءِ. مُنْذُ وُجُودِهِ أَنَا هُنَاكَ. وَٱلْآنَ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ أَرْسَلَنِي وَرُوحُهُ" (إش48: 16). فما الذي جعل الآب يفرح بطاعة المسيح إذًا؟ في الواقع كان فرح الآب بعودتنا نحن كأبناء له إلى حضنه. فنحن في المسيح نحسب كاملين أي طائعين (كو1: 28). لذلك كان صوت الآب يوم المعمودية "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت". فبالمعمودية التي أسسها المسيح يوم معموديته نعود كأبناء ثابتين في المسيح إلى حضن أبينا السماوي. إذًا فرحة الآب بالمحرقات لأنه رأى فيها عودة البشر إلى حضنه بطاعة المسيح.
هل كان فرح الله الآب بأن نيران غضبه تحرق جسد ابنه؟! نفهم أن الله محبة (1يو4: 8) هذه طبيعة الله. ونفهم أن الله إلهنا نار آكلة (عب12: 29). وبهذا نفهم أن محبة الله محبة نارية. فكانت نيران غضب الله التي تحرق جسد ابنه الذي يحمل خطايا العالم فتحترق الخطايا وتموت، كانت هذه النيران حقيقة هي نيران محبة الله الذي يريد موت الخطية لعودة أبنائه إلى حضنه. وهذا ما جعل الآب يفرح، أن خطايا الإنسان قد ماتت. وكيف تموت خطايا الإنسان؟ يكون هذا في المعمودية التي فيها نموت مع المسيح فتموت خطيتنا، ثم نقوم مع المسيح متحدين بالمسيح فنكون أبناء لله (رو6: 3-9). نعود إلى حضن الآب كأبناء محبوبين. لذلك قال الآب يوم معمودية الابن "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت.
ثم يأتي إبراهيم الذي كان عنده عنصران أساسيان في حياته أولهما الخيمة فهو غريب على الأرض وثانيهما المذبح. وفي تقديم إسحق ذبيحة ارتقى الله بالفكر البشري، فهناك إنسان سيقدم ذبيحة. فإسحق كان الابن الوحيد المحبوب وكان بلا خطية يموت عنها لذلك فهو رمز للمسيح البار والابن الوحيد الجنس (أف 1: 6) الذي مات عن غيره.
+ ثم قدم يعقوب ذبائح. فكانت هذه الذبائح حسب التقليد المُسَلَّم من الآباء عن آدم.
+ واستمر هذا حتى سلم الله لموسى شرائع الذبائح الواردة في سفر اللاويين.
+ الذبائح الواردة في سفر اللاويين هي:-
1- المحرقة وهذه لا يأكل منها الإنسان. كلها للنار
2- الخطية والإثم وهذه يأكل منها الكاهن فقط
3- السلامة وهذه يأكل منها الكاهن ومقدمها وأحباؤه
هذا فضلًا عن تقدمة الدقيق وذبيحة يوم الكفارة التي هي أصلًا ذبيحة خطية.
+ جاءت ذبيحة المحرقة الأولى في الذبائح فإرضاء الله الغاضب يأتي أولًا قبل فداء الإنسان وكما سيرد شرحه بعد ذلك فهذه الذبيحة تشير لطاعة المسيح الكاملة التي بدونها لم يكن هناك فداء ولا غفران للخطية لذلك فذبيحة المحرقة أو الطاعة هي أولًا.
+ كان الله يطبع في ذهن شعبه أنه بدون سفك دم لا تحدث مغفرة. وتَصَوَّر منظر خيمة الاجتماع وهي مغطاة بالدماء ورائحة شواء الذبائح. هذه تعطي انطباعًا بأن عقوبة الخطية موت ولكن تعطي رجاء بأن هذه الخطية لها فداء بدم ذبيحة.
+ والعهد القديم قدم لنا الخطية على أنها انفصال عن الله. ولذلك أصبح هناك حاجز بين الله والإنسان (رمزه حجاب بين قدس الأقداس والقدس في الهيكل والخيمة) وكان هناك مثال آخر فالأبرص رمز للخاطئ كان يعزل عن الجماعة.
+ والفداء كان 1) عمل من أعمال محبة الله ورحمته..... وهو أيضًا،
2) عمل من أعمال عدل الله.
فلم تكن المغفرة تنازلًا من الله عن الخطية. فمبدأ الغفران في المسيحية هو أن يكون هناك ثمن يدفع للخطية. وفي الفداء دفع الله الثمن واشترانا بدمه
+ في الذبائح تنقل الخطية إلى الذبيحة التي تموت فأجرة الخطية موت. والله لو تنازل عن ثمن الخطية يصبح غير كاملًا في عدله وصلاحه وقداسته. وكان عدل الله في أنه نقل الخطية للمسيح وغفرها بالدم وهذا أيضًا أظهر رحمته.
+ كان الدم كفَّارة عن الخطية. وكلمة كَفَّر من الفعل يُكَفِّر. وهذا الفعل كان في العربية قبل القرآن يعني يغطي (قاموس مختار الصحاح)، والفلاح كان يسمَّى كافر لأنه يضع البذور في التربة ويغطيها. وهي نفس الكلمة في الإنجليزية cover أما بعد أن حدد القرآن معاني بعض الكلمات فأصبح كافر يعني مُشْرِك بالله. وكان غطاء تابوت العهد يسمى كافورت. إذًا فكلمة كفارة هي كلمة عبرية. وكان رئيس الكهنة يوم الكفارة يضع دم تيس الخطية على غطاء تابوت العهد فيكفر عن خطايا الشعب. إذًا التكفير معناه تغطية الخطية بالدم فلا تظهر. وجاء مترجمو السبعينية الذين ترجموا العهد القديم من العبرية إلى اليونانية فترجموا كلمة كافورت = كرسي الرحمة (الكرسي هنا هو عرش الله). وبهذه الترجمة إتضح معنى التكفير.
وفي محاولة لشرح المعنى، حينما نأتي بورقة بيضاء لنكتب عليها خطابًا هامًا، فإذا حدث خطأ في الكتابة كانوا يلقون بالورقة ويمزقونها. إلى أن تم إختراع الـcorrector الذي يغطي الخطأ فتعود الورقة بيضاء وصالحة للكتابة مرة أخرى.
+ وفي كل ذبيحة كان الخاطئ يأتي بالذبيحة إلى باب خيمة الاجتماع ساعيًا بنفسه لله طالبًا المغفرة، فالله لا يرغم أحدًا أن يسير في طريقه بل هو ينتظر رجوعنا إليه كما إنتظر الأب رجوع ابنه الضال. ومن يأتي لله شاعرًا أنه خاطئ ويستحق الموت، وأنه محتاج لدم الذبيحة لتكفر عنه فيحيا، ويأتي مؤمنًا بمبدأ الفداء أي أن يموت عنه غيره. ويأتي بالفدية لباب الخيمة شاعرًا أنه خاطئ لا يستحق الدخول داخل الخيمة لنجاسته وبالدم تنزع نجاسته. وكان مقدم الذبيحة يضع يده على رأس الذبيحة ممسكا بها ويعترف بخطيته أمام الكاهن الذي سيقدم الذبيحة، شاعرًا أنها تنوب عنه إذ إنتقلت خطيته إليها فصارت حاملة لخطيته.
+ كان دم الذبيحة يرش أولًا على المذبح الذي لدى باب خيمة الاجتماع الذي هو مذبح المحرقة. وكان الكاهن فقط هو الذي يرشه، فرش الدم للتكفير للمغفرة من عمل الكاهن فقط (لأن كهنوت الكاهن هو رمز لكهنوت المسيح، فالكاهن يقدم ذبائح حيوانية أما المسيح فهو رئيس كهنتنا الذي قدَّم ذبيحة نفسه على الصليب). ويرش الدم على حائط المذبح. وفي بعض الذبائح يرش الدم على الحجاب وأسفل المذبح إشارة إلى أن المذبح تأسس بالدم ولولا الدم ما كان هناك مذبح، وإشارة إلى أن الصلوات التي تُصَلَّى على المذبح تأخذ قوتها من الدم.
+ في ذبيحة الخطية كانوا ينضحون من الدم على الحجاب سبع مرات إشارة إلى أنها كفارة كاملة فرقم 7 يشير للكمال. ورش الدم على الحجاب إشارة لدم المسيح الذي بواسطته إنفتحت السماء للبشر. ولهذا إنشق حجاب الهيكل عندما أسلم المسيح روحه على الصليب.
ولنرجع لجمال الطقس القبطي، فهناك حجابا أمام الهيكل مغلق دائما أمام الشعب رمزا للخصومة التي كانت بين السماء والأرض، ويأتي الكاهن وفي يده الصليب ليفتح ستر الهيكل الذي يرمز للحجاب الذي كان في الهيكل، وذلك رمزا للمسيح الذي بكهنوته إذ قدم نفسه ذبيحة على الصليب، تم الصلح بين السماء والبشر بموته. وهكذا قال بولس الرسول " لأنه إن كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه، ...." (رو5: 10) + " ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح... " (2كو5: 18).
+ كان الدم يشير للنفس فإذا سُفِك دم إنسان أهدرت حياته والحياة ملك للرب، ولذلك مُنِع شرب الدم في العهد القديم. أما في العهد الجديد فقد أعطانا المسيح دمه أي حياته نشربه فنحيا به.
1- شعور الإنسان أنه أخطأ:- فلولا خطيته لما أتى بذبيحة، وهذا الشعور لازم كخطوة أولى في روحيات هذا الإنسان أي الإقرار بالخطية، فالشعور بالخطية يدفع الإنسان لأن يحاول التوبة عنها، كما أن المريض لا يذهب للطبيب إن لم يشعر أولًا بمرضه.
2- اعتراف بأن أجرة الخطية موت:- فلولا خطيته ما ماتت الذبيحة البريئة.
3- إيمان بمبدأ الفداء:- أي نفس تفدي نفس. وكأن مقدم الذبيحة يقول في نفسه أنا الذي أستحق الموت وليس هذا الحيوان البريء.
4- إحساسه بأن الذبيحة تحمل الخطية:- بإقراره بخطاياه على رأسها يرى الخاطئ أن الذبيحة البريئة تموت إذ إنتقلت خطيته إليها.
5- شعوره بعمل الدم وقوته:- فبدون سفك دم لا تحدث مغفرة.
فالخروف المذبوح ليس خاطئًا ولكنه حامل خطية. مثل السيد المسيح الذي وضع عليه إثم جميعنا وهو البار القدوس.
إقرار مقدم الذبيحة بخطيته على رأس الذبيحة هو رمز لسر الاعتراف الذي فيه أقول للأب الكاهن هذه هي خطيتي خذها ضعها على رأس الذبيحة.
إقرار مقدم الذبيحة بخطيته على رأس الذبيحة هو رمز لسر الاعتراف. فالخاطئ في العهد القديم كان يذهب للكاهن ليقول له " هذه هي خطيتي خذها ضعها على رأس الذبيحة ". أما في العهد الجديد فالروح القدس هو العامل في سر الاعتراف، يسمع اعتراف الخاطئ وينقل خطيته إلى المسيح الذي سيُقَدَّم ذبيحة حية على المذبح المسيحي كامتداد لذبيحة الصليب فتغفر خطايا المعترف. لذلك نقول في القداس "يُعْطَى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه".
حدد سفر اللاويين أنواعًا للذبائح (محرقات وخطية..... إلخ.) والسبب أن ذبيحة واحدة كانت عاجزة عن شرح ذبيحة المسيح. وأيضًا من داخل الذبيحة الواحدة تعددت أنواع الحيوانات التي يمكن إستعمالها (عجول – خراف – طيور....) وما هذا إلا للإشارة لعمل المسيح المتنوع فهي مظاهر متعددة لذبيحة المسيح الواحدة. وكمثال على ذلك فإن هناك أربعة أناجيل لشرح حياة المسيح ولم يكن ممكنا أن يقوم إنجيل واحد بشرح كافة الجوانب فإنجيل لوقا يقدم المسيح كابن آدم = ابن الإنسان. ويوحنا يقدمه كابن الله. لذلك لوقا يتحدث عن ميلاد المسيح بالجسد ونموه في الحكمة والقامة.. وخضوعه لأبويه ومعموديته، وتجربة البرية. أما يوحنا فيحدثنا عن أن " الكلمة كان الله ". وفي إنجيل لوقا نجد مشهد بستان جثسيماني هكذا:- المسيح المتألم الباكي الذي يريد للكأس أن تعبر عنه وملاك يشجعه. أما في إنجيل يوحنا فحين أتى يهوذا وجماعته ليمسكوه قال لهم أنا هو فسقطوا. ثم يسلم نفسه بشرط أن لا يؤذوا تلاميذه. هنا نجد المسيح بسلطان لاهوته تسقط الجموع ثم بإرادته يسلم نفسه ليخلص تلاميذه.
+ كما تشير كثرة الذبائح وتكرارها إلى أن الخطية بشعة جدًا، وأن هذه الذبائح لا تستطيع أن تصالحنا مع الله فقيمتها في كونها رمزًا للذبيحة الكفارية يسوع المصلوب. كما أن من المفيد لمقدمها طاعة أوامر الله والتأمل في معاني الذبيحة.
+ لكل ذبيحة ثلاث جوانب 1- التقدمة 2- الكاهن 3- مقدم الذبيحة. والمسيح هو التقدمة أي الذبيحة وهو الكاهن الذي قدمها وهو مقدم الذبيحة، فهو الذي قدم نفسه بسلطانه. ونلاحظ قول الكتاب " إذا قَرَّب إنسان منكم " (لا1: 2 + لا2: 1....) فلفظ قرَّب مقترن بتقديم ذبيحة (ومنها كلمة قربان)، والمسيح قدم نفسه ذبيحة ليقربنا لله. راجع (دا7 : 13) " مثل ابن إنسان أتى وجاء إلى القديم الأيام فقربوه قدامه " وواضح أن المعنى، أن ابن الإنسان قربوه ذبيحة ليقربنا نحن من الله. هو قدم جسده وهو بلا خطية كمن يريد أن يكمل لنا كل بر. وصار لنا الكاهن والوسيط والشفيع، التقدمة والمقدم. الآب يرى دمه يغطينا فيقبلنا.
1- التيس :- وهو ذكر الماعز. هو يتكلم عن يسوع المصلوب لكي نفهم المعنى فلنبحث المواقف التي ذكر فيها التيس في الكتاب المقدس. نجده مثلًا في قصة خديعة يعقوب لأبيه إسحق وخديعة أولاد يعقوب له، والمسيح يصف الذين لم يقدموا الحب لإخوته الأصاغر بأنهم جداء. ومن هنا نفهم بأن هناك ارتباط بين الماعز والخطية (بسبب لون الماعز الأسود). والمسيح "صار خطية لأجلنا" (2كو5: 21). فهو تحمل ثقل دينونة الله للخطية حتى نصير نحن بر الله فيه.
والتيس كان يقدم ذبيحة كفارة (لا16). والتيس من صفاته أنه يتقدم القطيع في عظمة ويقود القطيع. وبنفس المعنى يقول إرمياء النبي "كونوا مثل كراريز أمام الغنم" (إر50: 8). بل من صفاته أنه يتسلق الأماكن العالية رافضًا الوديان المنخفضة (مز18:104). وبهذا يكون التيس إشارة للمسيح السماوي الذي قدم نفسه ذبيحة وكان سابق لنا ويقودنا للسماء. وعلى كل مؤمن من قطيع المسيح أن يقدم نفسه ذبيحة حية ويحيا بفكر سماوي (كو1:3-3).
2- الثور :- لنرجع إلى (إش 53: 4) " لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها ". الثور هو أقوى حيوان في الحيوانات المسموح بتقديمها، ويتميز بقوة التحمل وله قدرة واضحة على تحمل عناء العمل الشاق. وإستخدمه الرسول بولس ليشبه به الخدام الذين يتعبون (1كو9: 9). وهنا الثور يشير للمسيح الذي أتى ليَخدِم لا ليُخدَم، متحملًا حمل الصليب وصلبه، هذا بالنسبة لألام الجسد. أما بالنسبة لألام النفس التي تحملها فلا يعبر عنها. فهو تعرى أمام الجميع وحمل الخطايا كمذنب وإحتمل السخرية والهزء والرفض ممن أتى لأجلهم. ولم يتراجع ولا تذمر وهو إحتمل كل هذا في صمت ليحمل عنا ألامنا وأحزاننا وليعطينا نحن سلام يفوق كل عقل، ألم يقل الكتاب أنه " في كل ضيقهم تضايق وملاك حضرته خلصهم " (إش63: 9) + لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحملها.
3- الخروف :- الخروف هو أكثر الحيوانات خضوعًا وإستسلامًا لصاحبه وأقلها عنادًا وتمردًا. ولذلك فالخروف يتكلم عن الطاعة والخضوع والاستسلام كما قال إرمياء النبي "وأنا كخروف داجن يساق إلى الذبح " (إر11: 19). فالمسيح إستسلم لجلاديه ولصالبيه ولم يدافع عن نفسه ولا تكلم أمام من يحاكمه كما قال إشعياء النبي " كشاة تساق إلى الذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه " (إش 53: 7). ولم يدافع عن نفسه، وهو القوي بلا حدود. خضوع المسيح لم يظهر فقط في صلبه ولكن في حياته فهو الذي قال " طعامي أن أصنع مشيئة الذي أرسلني " (يو4 : 32، 34). وكانت مشيئة الآب أن يريح المسيح الخطاة ويخلصهم، " فالله يريد أن الجميع يخلصون " (1تى2: 4). وخلاص البشر ورجوعهم لله يمجد الله، وهذا ما عمله المسيح بطاعته حتى الصليب.
4- الحمامة :- في قصة معمودية المسيح إنشقت السماء لينزل الروح القدس على هيئة حمامة. فالمسيح بصلبه إنشقت السماء وإنشق حجاب الهيكل معلنًا الصلح بين الله والإنسان وليحل الروح القدس على الإنسان. فهو مات لكي يعطينا الروح القدس (الحمامة) الذي يحلق بنا عاليًا في أجواء السماء. والحمام رمز للطهارة والبساطة والوداعة التي في المسيح. أيضًا فالحمام معروف برجوعه دائما لبيته كما عادت حمامة نوح للفلك، هكذا الروح القدس يجعلنا نرجع للمسيح مهما إبتعدنا عنه، بالتبكيت ثم بالمعونة . وكلمة البساطة تترجم في العهد الجديد في الترجمة الإنجليزية إما:- simplicity أو singlehearted . وعلاقة هذا المعنى بالحمام أن الحمامة دائما لها اتجاه واحد هو بيتها (الحمام الزاجل وحمامة فلك نوح مثلا). فقول السيد المسيح " إن كانت عينك بسيطة فجسدك يكون كله نيرا " (مت 6: 22)، فهذا يعني أن من يكون له هدف وحيد هو البحث عن ما يمجد اسم الله، يكون جسده منيرًا، لأن المسيح النور الحقيقي يسكن فيه فينير. وبالنسبة للمسيح فهو " أطاع حتى الموت.." (فى2: 8) وقدم نفسه ذبيحة ليمجد الله (يو17: 1 – 4). فالمسيح على الأرض بجسده كان له هدف واحد هو مجد الله، وهذا هو ما كان يشبعه " .......ينبغي أن أكون فيما لأبي" (لو 2: 49) + " طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله " (يو4: 34). وكما قلنا سابقا أن مشيئة الآب هي أن الجميع يخلصون فكان هذا هو هدف المسيح الوحيد أن يخلص البشر ويعيدنا فيه إلى حضن أبيه، يعلن لنا الآب فنحب الآب لأنه أحبنا أولًا. ولذلك كان خلاص الناس وتحقيق مشيئة الآب هو ما يشبع المسيح "من تعب نفسه يرى ويشبع" (إش53: 11).
5- اليمامة :- راجع (نش2 : 12، 13) "صوت اليمامة سمع في أرضنا" فاليمام إذًا يشير للتسبيح بصوته ، وهذا يشير للمسيح الذي كان في مجده وأخذ للذبح كما تؤخذ هذه اليمامة المغردة للذبح. واليمام يشير للانعزال عن العالم بخطاياه. واليمامة تشير للكنيسة المنعزلة عن الخطية التي في العالم فتحيا كمن صُلِبت عن العالم وصُلِب العالم لها كما قال القديس بولس الرسول (غل6: 14). وهذا أحد معاني تقديم أجسادنا ذبيحة حية أمام الله (رو12: 1 + غل5: 24). وهكذا عاش المسيح في حياته بالجسد على الأرض رافضا لكل خطية " من منكم يبكتني على خطية " (يو8: 46). وفي التجربة على الجبل رفض كل أمجاد العالم. هنا اليمامة ترمز للمسيح الذي إعتزل خطايا العالم وأمجاده.
الملخص:-
التيس :- يرمز للمسيح الذي صار خطية ليبررنا فيه ويقودنا للسماويات.
الثور:- يرمز للمسيح الذي حمل أحزاننا وآلامنا وخطايانا وإحتمل آلام لن نستطيع أن نفهمها. وإحتمل كل هذا بقوة، فقدم لنا خلاصا وفداءً قويا.
الخروف:- الاستسلام الكامل دون مقاومة لصالبيه.
الحمامة :- ترمز للمسيح الذي كان له هدف واحد هو مجد الله.
اليمامة :- ترمز للمسيح الذي كان بلا خطية رافضا كل أمجاد العالم.
1) الفقير لا يستطيع أن يقدم ثورا أو خروف كذبيحة، إذًا فليقدم حمامة أو يمامة وهذا ما عملته العذراء مريم. الله لا ينظر إلى الكم لكن إلى الكيف. راجع قصة الأرملة الفقيرة التي وضعت فلسين في الصندوق (مر12: 41-44). فمن ليس له، فالله يقبل عطاياه البسيطة التي تعبر عن محبته.
2) تتناسب حجم الذبيحة مع قيمة الخاطئ الدينية أو الاجتماعية، فالذبيحة التي يقدمها رئيس الكهنة لو أخطأ، أو الرئيس (الملك) لو أخطأ، تختلف عن ذبيحة الفرد العادي. وهذا يعني من ناحية اللاهوت الأدبي: أنه كلما إرتفعت درجة الشخص زادت بشاعة خطيته. فخطية الكاهن أصعب كثيرًا من خطية الفرد العادي.
1- كان مقدم الذبيحة يقدم ذبيحته التي بلا عيب ويقف أمامها معترفًا بخطاياه ويده على رأسها فيحس ويقتنع أن الله ينظر إليه في عدم عيب ذبيحته التي يقدمها عن نفسه وأن خطاياه انتقلت للذبيحة وخرج هو مبررًا أمام الله معتوقًا من حكم الموت.
2- كان يجب أن تكون الذبيحة طاهرة، أي من الحيوانات المسموح بأكلها، إشارة إلى أن المسيح أعطانا جسده لنأكله "مَنْ يأكلني يحيا بي". وهي بلا عيب إشارة للمسيح القدوس البار الذي بلا خطية وحده.
3- كانت الذبائح ذبائح حيوانية أي غير عاقلة؟ أي غير قابلة للخطية والتعدي إشارة للمسيح الذي بلا خطية. وإن كانت الذبيحة لها إمكانية الخطية فكيف يمكن أن توضع بديلًا عن الخاطئ. ولو تأمل اليهودي التقى في معاني الذبائح التي تقدم لكان ارتقى روحيًا ولقدم توبة حقيقية وهذا ما كان يريده الله ولكن للأسف انحصر اهتمام الأشخاص بالطقوس وأهملوا التوبة. وكان هذا دور الأنبياء أن يشرحوا لهم ما هو المقصود بالذبائح والطقوس عمومًا. فأكد صموئيل لشاول أن الطاعة أفضل من الذبيحة (1صم 15: 22 وراجع أش 1: 10-20 + هو 6: 6 + مز 51: 16، 17).
التقديس هي كلمة عبرية تعني تخصيص الشيء أي تكريسه لله. ونلاحظ أن الشعب العبراني في هذا الوقت كان هو شعب الله. وقطعا من كان يخطئ لا يعتبر من شعب الله. وكان تقديم الذبيحة لغفران الخطية، فيعود مقدم الذبيحة ليصبح من شعب الله. أما في اليونانية فيقال أن الله قدوس = والمعنى المتعالي عن الأرضيات، وهذا يعني السماوي. أما البشر يقال عنهم قديسين، والقداسة درجات كل بحسب تكريس قلبه للسماويات. فنجد بولس الرسول يسمي المسيحيين عمومًا "قديسين" في رسائله.
وبقدر ما تتقدس أفكارنا وطاقاتنا وأعضائنا وحواسنا... إلخ أي تتخصص لله ولا تخدم سوى ما يمجد اسمه، نعلو في درجة قداستنا.
ولفهم أكثر لبولس الرسول نجده يطلب من شعب كولوسي أن يطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله (كو3: 1 – 4)، إذًا هو يطلب التكريس القلبي لله. وهذا معنى قول الكتاب " يا ابني اعطني قلبك ". والمعنى اليوناني للكلمة يجعل المعنى يتكامل، ليكون الاهتمام والانشغال بالسماويات، وبتخصيص الحواس لله، نسمع صوته ونعرفه ونتذوق حلاوته، وندرك مع بولس الرسول أن كل ما في الأرض لهو نفاية بجانب معرفة الرب يسوع المسيح (في3: 8). ونأتي إلى معاني الكلمات:-
1 ) قدِّس: أي خصص كما في (خر13: 2) " قدس لي كل بكر". وراجع الشواهد الآتية لترى أن التقديس معناه تخصيص الشيء لله (خر16: 23 + خر25: 8 + لا11: 44 + لا22: 2 + تث14: 2 + تث15: 19 + تث22: 9).
2) قدوس: هي باليونانية أجيوس وهذه تتكون من 3 مقاطع (جي: بمعنى أرض)+ (يوس : ليصبح المعنى أرضي) + (أ: وهذه للنفي) وبهذا يصبح المعنى اللاأرضي أي الذي يتسامى عن الأرضيات = السماوي. وقدوس تقال عن الله فقط.
3) قديس : هو الإنسان الذي يسعى لتخصيص نفسه لله وللانشغال بالسماويات، وبقدر ما يكرس نفسه يرتقي في درجة قداسته.
لا يغفر الخطايا سوى دم المسيح، ولكن نفهم أن هذا كان حلًا مؤقتًا إلى أن يأتي المسيح. فكانت هذه الذبائح الدموية هي للرضا عن الخاطئ إذ قدَّم توبة وأطاع وقدَّم ذبيحة معترفا بخطيته فتنقل خطيته إلى رأس المسيح الذي سيأتي، لذلك كان غفران الخطية كان مؤجلًا إلى حين يأتي المسيح. إذًا كان هدف الذبائح الحيوانية نقل الخطايا إلى رأس المسيح.
ويتم تشبيه هذا بمن يستلف مبلغ من شخص، ثم يُعطيه شيك ويُظَهِّر الشيك أي يكتب على ظهره تاريخا ليُصرف فيه الشيك، فصاحب المال حصل على حقه لكنه لن يستطيع صرف المبلغ إلاَّ في التاريخ المكتوب على ظهر الشيك. وبذلك فالخاطئ نقلت خطيته إلى رأس المسيح، وسوف تغفر يوم الصليب. ونلاحظ قول النبي ناثان لداود إذ إعترف داود بخطيته " الرب نقل عنك خطيتك. لا تموت " (2صم12: 13) وهذا يعني أن الله نقل خطيته إلى المسيح.
← تفاسير أصحاحات اللاويين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/rm6wxb9