St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   03-Sefr-El-Lawyeen
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

اللاويين 4 - تفسير سفر اللاويين

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب لاويين:
تفسير سفر اللاويين: مقدمة سفر اللاويين | مقدمة أسفار موسى الخمسة | اللاويين 1 | اللاويين 2 | اللاويين 3 | اللاويين 4 | اللاويين 5 | اللاويين 6 | اللاويين 7 | اللاويين 8 | اللاويين 9 | اللاويين 10 | اللاويين 11 | اللاويين 12 | اللاويين 13 | اللاويين 14 | اللاويين 15 | اللاويين 16 | اللاويين 17 | اللاويين 18 | اللاويين 19 | اللاويين 20 | اللاويين 21 | اللاويين 22 | اللاويين 23 | اللاويين 24 | اللاويين 25 | اللاويين 26 | اللاويين 27

نص سفر اللاويين: اللاويين 1 | اللاويين 2 | اللاويين 3 | اللاويين 4 | اللاويين 5 | اللاويين 6 | اللاويين 7 | اللاويين 8 | اللاويين 9 | اللاويين 10 | اللاويين 11 | اللاويين 12 | اللاويين 13 | اللاويين 14 | اللاويين 15 | اللاويين 16 | اللاويين 17 | اللاويين 18 | اللاويين 19 | اللاويين 20 | اللاويين 21 | اللاويين 22 | اللاويين 23 | اللاويين 24 | اللاويين 25 | اللاويين 26 | اللاويين 27 | اللاويين كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مقدمة

 

ما بين ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم

هما ذبيحتان لهما شريعة واحدة تقريبًا نرى المسيح فيهما حاملًا خطايانا ولعنتنا.

ولكن لماذا شرح الوحي هذا النوع من الذبائح مستخدمًا ذبيحتين وليس ذبيحة واحدة؟

حينما أخطأ أبونا آدم وسقط انفصل عن الله، وهذا ما رأيناه عمليًا في موته، فالموت انفصال عن الله. وكانت هناك نتيجة أخرى لهذا الانفصال وهي أن طبيعة آدم اصبحت طبيعة ساقطة ومتمردة. هذا ما عناه داود النبي بقوله "هأنذا بالإثم صُوِّرت وبالخطية حبلت بي أمي" (مز51: 5) وهو نفس ما ردده بولس الرسول بقوله "الخطية الساكنة فيَّ" (رو7: 17)، ويقول أيضًا "فإني أعلم أنه ليس ساكن فيَّ أي في جسدي شيء صالح" (رو7: 18). والفرق بين العهد الجديد وبين العهد القديم النعمة التي فاض بها الله على شعبه في العهد الجديد، وهي قوة يعطيها لنا الروح القدس الساكن فينا، لكل من يجاهد، فتحفظنا من السقوط.

وكانت مظاهر سكن الخطية فينا، انفصال إرادتنا عن إرادة الله، أي ظهور الأنا = ماذا أريد أنا؟ ماذا أشتهي أنا؟ ولم يعد ما يريده الله هو هدفي، بل ما أريده أنا أو ما أشتهيه أنا.

والله أعلن إرادته في وصاياه، وظن الإنسان في انحرافه أن الله بهذه الوصايا يتحكم في حريته ويقيده، ولكن كان الهدف من وصايا الله حماية الإنسان من نتائج الانحراف الذي حدث في داخله. هذا الانحراف أو التمرد يعرض الإنسان لفقدان حريته الحقيقية، ويضيع منه الفرح الذي خلقه الله ليعيش فيه في جنة عدْنْ (عدْنْ كلمة عبرية עֵדֶן تعني "فرح") بل يؤدي لفقدانه الحياة الأبدية. ولقد خدع الشيطان الإنسان وما زال يخدعه بأن الفرح هو في الملذات العالمية الخاطئة، بينما أن هناك فروق كبيرة بينهما، ولكن للأسف فما زال الإنسان يصدق الشيطان ولا يصدق الله، تمامًا كما فعلت حواء ثم آدم.

  • الفرح هو عطية الله. واللذة هي عطية الجسد. وشتان الفارق بين هذا وذاك.

  • الفرح يكون مستمرًا كنور الشمس. بينما اللذة وقتية كنور البرق.

  • الفرح لا يمكن لأحد أن ينزعه منا (يو16: 22). بينما أن اللذة الحسية تضيع مع أول شدة أو مرض أو ضيق.

الله بالوصايا التي أعطاها لنا كان يريد أن يحمينا من عبودية الشيطان وذله لنا. فالشيطان يعرض علينا الخطية ويصور لنا لذتها مستغلا ضعفنا. ومن ينخدع فيسقط يذله ويستعبده ... وأنظر ما قاله للمسيح "أعطيك هذه جميعها .... إن خررت وسجدت لي". فالشيطان يعطي ملذات عالمية ولكن في مقابل ثمن وهو عبوديتنا له، وهذه العبودية مُرَّة وكلها أسى وحزن يعقب الخطية. أما الله فهو "يُعْطِي.. بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ" (يع1: 5).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بين الخطية والإثم

الخطية:- لغويًا في اللغة اليونانية تعني أن إنسان أخطأ في إصابة الهدف، فهذا لا تكون له مكافأة. فإذا فهمنا أنه لا بد أن يكون هدف أو إرادة الإنسان هو نفس إرادة الله، وذلك لصالحه، هنا على الأرض، وهناك في حياته في السماء (إرادة الله معلنة في الوصايا الإلهية)، ومن يصدق الله، أن الوصايا لصالحه ويطيعها تكون مكافأته هي أن يكون له نصيب في مجد الله. وبهذا نفهم قول بولس الرسول " الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله " (رو3: 23). والمسيح قدَّم نفسه ذبيحة خطية ليكون لنا نصيب في مجده (يو17: 5، 22 + رؤ3: 21).

الإثم:- لغويًا يعني أي تصرف خاطئ تجاه الله أو إنسان. وتصرفاتنا الخاطئة تنشأ من فساد طبيعتنا الخاطئة. والمسيح قدم نفسه كذبيحة إثم ليرفع عنا أثامنا.

كل إثم هو خطية (1يو5: 17):- والمقصود أن أي خطأ تجاه الله أو الناس يتسبب في ضياع الملكوت منا. ولهذا قدم المسيح نفسه عنا فهو لا يشاء موت الخاطئ "هل مسرة أسر بموت الشرير يقول السيد الرب. ألا برجوعه عن طرقه فيحيا" (حز18: 23).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

 نتائج الخطية وعمل المسيح بفدائه

 الخطية هي تمركز حول الذات، والقداسة هي وحدة مع الله، والله حياة، لذلك فأي انفصال عن الله هو موت. وهذه الوحدة في المشيئة والإرادة رأيناها في المسيح الإنسان، الذي يريد كإنسان أن لا يجتاز آلام الصليب فيطلب أن يرفع عنه أبوه الكأس... لكن نجده يقول: فلتكن إرادة الآب وليس إرادته: "وَلكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ". وهذا ما صنعه لنا المسيح بتجسده فقد أعطانا أن نكون واحدًا معه (يو17: 20 – 23). وبإتحادنا بالمسيح الحي صارت لنا حياة وإنكسرت شوكة الموت، وبإتحادنا بالمسيح الكلي القداسة أصبح لنا إمكانية القداسة، إذا كنا بحريتنا نسلك بحسب الروح وليس بحسب الجسد. فالسلوك بحسب الجسد وشهواته إرتداد للأنا والتمركز حول الذات، وبالتالي الانفصال عن الله فلا شركة بين النور والظلمة (2كو6: 14)، وبالتالي تكون نتيجة الانفصال عن الله هي الموت. أما السلوك بحسب الروح ففيه ثبات في المسيح وبالتالي حياة أبدية. وليشرح الوحي هذه الحقائق إستخدم ذبيحتان:-

  • الأولى ذبيحة الخطية لتشرح أن المسيح افتدى طبيعتي الخاطئة.

  • والثانية ذبيحة الإثم لتشرح كيف أن المسيح افتدى أيضًا أعمالي الآثمة التي نتجت عن طبيعتي الساقطة.

فالخطية ساكنة فيَّ، لأن طبيعتي أصبحت طبيعة خاطئة ومتمردة. أما الإثم فهو ثمار هذه الخطية، فالخطية في طبعنا. الإثم هو أعمالي الخاطئة الناشئة عن طبيعتي المتمردة التي أصبحت تطلب ما تريده وليس ما يريده الله.

  • وذبيحة الخطية تكفر عن الخطية الأصلية أو الجدية التي في طبيعتي. هذه الذبيحة تعبر عن وضعي أثناء الخطية، ماذا كنت أثناء فعل الخطية.

  • أما ذبيحة الإثم فهي تكفر عن الخطية التي صنعتها، أي عن ماذا فعلت كنتيجة لهذه الخطية التي صارت تسكن في داخلي. وهذه الطبيعة المتمردة التي وُلِدنا بها وورثناها من أبوينا الأولين هي ما نسميه الخطية الجدية أو الأصلية.

ولأن الإثم الظاهر هو الذي يَسْهُل ملاحظته بينما أن الطبيعة الساقطة لا يسهل إدراكها، إستخدم الوحي ذبيحتان للتعبير عن ذلك. ونلاحظ أن الإنسان الروحي المبتدئ يبكي على الخطايا الظاهرة التي يصنعها، أما الإنسان المتقدم روحيًا فهو يبكي أيضًا طبيعته الساقطة (وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). فما يؤلمه أنه حين يريد أن يفعل الصلاح يجد الشر أمامه، وهذا يتسبب في صراع داخلي يؤلمه. فالروح يشتهي ضد الجسد والجسد يشتهي ضد الروح. الروح يشتهي السماويات، أما الجسد المتمركز حول الأنا واللذة يجذب لأسفل، هذا ما جعل بولس يصرخ قائلًا "ويحيي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت" (رو7: 14 – 24). شكرًا للمسيح الذي صلب ليفدي طبيعتنا الخاطئة وأيضًا أعمالنا الخاطئة.

* ولأن الخطية والإثم متداخلان، تداخل الكلام عنهما مثل "ذبيحة لإثمه عن خطيته" (لا5: 5 ، 6) وهذه الآيات تشير كيف أن الإثم صادر عن الخطية الساكنة في الداخل.

* في ذبيحة الخطية نرى أشخاص الخطاة، رئيس الكهنة – الجماعة – الرئيس - فرد عادي من الشعب. ويأتي المخطئ بذبيحته التي تتدرج من ثور إلى تقدمة دقيق ويعترف المخطئ بخطيته وتُقدَّم الذبيحة. إذًا هنا نرى أشخاص فالكل أخطأ وهذا يشير لفساد الطبيعة البشرية (الخطيئة الأصلية أو الجدية).

أما في ذبيحة الإثم لا نرى أشخاص الخطاة بل نرى أفعالًا معينة، وصف لخطايا هي ثمر الطبيعة الساقطة. وهنا في ذبيحة الإثم لا نرى تدرجًا فالذبيحة هي هي لا تتغير، كبشًا صحيحًا، وهذا معناه ببساطة أن من أخطأ في واحدة فقد أخطأ في الكل "لان من حفظ كل الناموس وانما عثر في واحدة فقد صار مجرما في الكل" (يع2: 10)، وأي خطية مهما كانت صغيرة تؤدي لموت الخاطئ، وتحتاج لفداء متساوي.

* في ذبيحة الخطية نرى تدرج المسئولية الأدبية فرئيس الكهنة خطيته لا تساوي خطية فرد عادي من أفراد الشعب فهو قدوة وقد يعثر آخرين، وهو مسئول عنهم أيضًا لذلك تدرجت أنواع الذبائح في ذبيحة الخطية.

* في ذبيحة الخطية نرى شخصًا خاطئًا يأتي طالبًا التكفير عن نفسه كخاطئ (يمكن أن نقول أنه شاعرا باشمئزاز من نفسه ومن خطاياه الساكنة فيه).

* أما في ذبيحة الإثم نرى شخصا يأتي طالبا التكفير عن خطية معينة. لذلك نجد هنا بعض الخطايا التي تحتاج لتكفير، وهذه تم تقسيمها لخطايا ضد أقداس الله وأخرى ضد الناس، ولكن بينما هي ضد الناس فهي في حقيقتها ضد الله.

* إذًا ذبيحة الخطية تُقَيِّم الناس بالنسبة للخطية (كاهن – جماعة – رئيس – فرد).

أما ذبيحة الإثم فهي تقيم الخطية بالنسبة لله (خطية ضد أقداس الله – خطية ضد الناس) + ذبيحة الخطية تقدم تكفيرًا عن مقدم الذبيحة أكثر منها ذبيحة عن خطية معينة، حتى وإن قدمها الإنسان بمناسبة ارتكابه خطأ معين. لذلك نجد الذبائح العامة التي تقدم في الأعياد والمناسبات هي ذبائح خطية.

* أما ذبيحة الإثم فهي تقدم تكفيرًا عن إثم معين إرتكبه مقدم الذبيحة ضد الله أو ضد إنسان.

* ويتضح أيضًا من طقوس ذبيحتي الخطية والإثم أن ذبيحة الخطية تقدم عن إنسان إرتكب خطأ معين لا يحتاج معه إلى تعويض الآخرين عنه، فخطأه هذا لم يصب أحدًا بضرر سواه. أما لو كان خطأه هذا قد تسبب في إضرار الغير فعليه أن لا يكتفي بالذبيحة (وهنا تكون الذبيحة ذبيحة إثم) ولكن أن يصلح ما أفسده، أي يرد ما إغتصبه من أحد مثلا بل أيضًا عليه أن يدفع غرامة (لذلك يطلب أب الاعتراف من المعترف أن يذهب ليعتذر ويتصالح مع من أساء إليه أو أهانه قبل أن يتقدم للتناول وهذا بحسب تعليم الرب نفسه (مت 5: 23-24).

قبل الناموس قدم الآباء ذبائح محرقات وذبائح سلامة، ولم نسمع عن تقديم ذبائح خطية إلا نادرًا وحتى أيوب حين قدم محرقاته قال "ربما أخطأ بنيَّ" أما ذبائح الخطية فقد نص عليها الناموس. فبدون ناموس لا توجد معرفة الخطية (رو3: 20 + 5: 13) فالخطية هي تعدٍ على الوصية.

* ولذلك نسمع في ذبيحة الخطية تكرار قول الكتاب: وَإِنْ سَهَا أَحَدٌ.. والمعنى أنها خطية لا إرادية أو عن جهل، وهذا النوع من الخطايا يعبر عن فساد الطبيعة، والعَمَى الذي أصابها فصارت لا تدري الطريق الصحيح، يخطئ الإنسان مدفوعا برغبة منحرفة راجعة لطبيعته الساقطة، ونلاحظ أن هذه الرغبة تضعف مع الامتلاء من النعمة أي الامتلاء من الروح القدس (أف5: 18-21) ومع ضعف الجهاد يضعف عمل النعمة فيجد الإنسان نفسه مدفوعا للخطية.

ولكن هل يعني قول الكتاب " وإن سها أحد " أن نفهمها حرفيا؟ وهل نقول أن أي خطية يفعلها إنسان العهد القديم بإرادته لن يغفرها الله؟ ونقول قطعا لا يمكن فهم هذا حرفيا، فمثلا هل حينما أخطأ داود في موضوع زوجة أوريا ودبَّر قتله، كان كل هذا سهوًا؟ ومع هذا فهو حين ندم وإعترف قال له ناثان النبي الرب نقل عنك خطيتك لا تموت (2صم12 : 13). ونقول:

* من الذي يُحكم عليه بالموت؟ هو من يتحدى الله بتجبر وإستخفاف (لا10: 1، 2 + لا24: 10 – 16 + عد15: 32).

* ولم يكن كل من يتجبر يموت، ولكن كان هذا ليفهم الشعب أن عقوبة الخطية هي موت فيطيعوا الوصية .

* وكان هذا هو ما حدث في العهد الجديد في قصة موت حنانيا وسفيرة، فقد سمح الله بموتهما حتى لا يفهم أحد أن عهد النعمة وغفران الخطايا بدم المسيح معناه الاستهتار.

* يقول بولس الرسول " لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا بل مُجَرَّب في كل شيء مثلنا بلا خطية. فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة عونا في حينه " (عب4: 15، 16). يقصد بولس الرسول أن المسيح إذ إختبر ضعف طبيعتنا والتجارب التي نتعرض لها إذ تعرض هو أيضًا لها، سيرحم من يتقدم إليه طالبا الرحمة والغفران والمعونة. وبنفس المنطق كان الخاطئ الذي أخطأ متعمدا إذ هو مدفوع برغبة داخلية وضعف إرادي، ثم يذهب لرئيس الكهنة اليهودي، ومعه ذبيحة ليقدمها طالبا الغفران من الله، نجد رئيس الكهنة الذي يعاني من ضعف الطبيعة البشرية هو أيضا، نجده يتغاضى عن موضوع الإرادة والسهو، وهذا ما حدث في موضوع خطية داود. ونلاحظ أن الفرق بين المسيح كرئيس كهنة وبين رؤساء الكهنة اليهود، أن رئيس الكهنة اليهودي كان يخطئ أما المسيح فكان بلا خطية.

أما في ذبيحة الإثم فهي خطية إرادية. لذلك فالخاطئ في حالة الخطايا الإرادية يقدم ذبيحة الإثم وعليه أن يصلح خطأه بالإضافة إلى غرامة يقدمها. ولكن كلا النوعين ناشئ عن فساد الطبيعة الإنسانية.

ولذلك يمكن أن نقول أن ذبيحة الخطية هي عن الخطايا اللاإرادية، أما ذبيحة الإثم فهي عن الخطايا الإرادية. والشكر لله أن المسيح كفر عنا من كلاهما.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

بين ذبيحة الخطية وذبيحة المحرقة

1- لسان حال المسيح كذبيحة محرقة هو: الكأس التي أعطانيها الآب ألا أشربها: "الْكَأْسُ الَّتِي أَعْطَانِي الآبُ أَلاَ أَشْرَبُهَا". هذه هنا طاعة كاملة. أما لسان حاله كذبيحة للخطية: يا أبتاه إن أمكن أن تعبر عني هذه الكأس: "يَا أَبَتَاهُ، إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هذِهِ الْكَأْسُ"، فهو سيحمل خطايا العالم كله ولعنة البشر. فكيف يمكن تقديم ذبيحة واحدة لتعبر عن هاتين الحالتين، من هنا نرى أهمية تعدد الذبائح.

2- كانت النغمة التي تتردد في ذبيحة المحرقة أنها محرقة وقود رائحة سرور للرب، فهي تعبر عن الطاعة الكاملة أما في ذبيحة الخطية ولأنها تعبر عن خطايا فلم نسمع هذه الجملة إلا مرة واحدة (لا4: 31) لأن المسيح القدوس أطاع وقال: لتكن لا كإرادتي بل كإرادتك: "وَلكِنْ لِتَكُنْ لاَ إِرَادَتِي بَلْ إِرَادَتُكَ". وحينما تم تنفيذ إرادة الآب بالصليب رفع المسيح خطايا البشر فصاروا محل رضا وسرور الآب، وقال الآب "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت".

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

تنوع الذبائح يشرح جوانب ذبيحة الصليب

كيف يمكن شرح كل جوانب ذبيحة الصليب في ذبيحة واحدة؟ هذا مستحيل. ولذلك تعددت الذبائح، وكل ذبيحة تشرح وجه من أوجه الصليب:-

  • فذبيحة الفصح قُدِّمَت في مصر أرض العبودية وبها تحرروا وخرجوا للحرية. فهي تشير لأن بذبيحة الصليب تحررنا من عبودية إبليس.

  • وفي ذبائح سفر اللاويين نرى تقديس من تحرر وخرج من العبودية. تشير لأننا بذبيحة الصليب تقدسنا للمسيح.

  • في ذبيحة المحرقة لا يأكل منها أحد إطلاقا، كلها للمذبح. فهي تشير لإرضاء الله. المحرقة تشير للطاعة الكاملة للمسيح التي أرضت الله فنحسب طائعين فيه.

  • بينما ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم ففيهما إفتدى المسيح طبيعتنا الساقطة - الخطية الجدية - وخطايانا الناشئة عن هذه الطبيعة الساقطة. وفيهما يأكل الكاهن جزءًا من الذبيحة إعلانا عن رفع خطية الخاطئ، هذا تعبير عن أن المسيح ككاهن قدَّم ذبيحة نفسه وحمل خطيتنا وأماتها بموته وستر علينا.

  • أما ذبيحة السلامة فيأكل منها الجميع فهي تشير لذبيحة الإفخارستيا. تشير للشركة بين الله وبيننا، وبيننا بعضنا البعض كجسد واحد. وهي ذبيحة شكر على الحياة التي وهبها الله لنا، "فَإِنَّنَا نَحْنُ ٱلْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لِأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي ٱلْخُبْزِ ٱلْوَاحِدِ" (1كو17:10).

  • في تقدمة الدقيق نرى تجسد المسيح وأنه أعطانا حياته "لي الحياة هي المسيح".

  • أما البقرة الحمراء في سفر العدد. هذا السفر يشمل رحلة الشعب إلى كنعان. فهذه الذبيحة تشير لدم المسيح الذي به أرسل الله الروح القدس للكنيسة لكي يقدسنا خلال رحلة حياتنا على الأرض، وحتى وصولنا إلى كنعان السماوية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ذبيحة الخطية

" يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا. وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا. ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضًا " (1يو2: 1، 2).

* هذه الذبيحة هي التي يسهل فهمها على المسيحي المبتدئ، أن المسيح رفع خطاياه ولكن حين يبدأ في النمو يدرك أعماق الذبائح الأخرى مثل المحرقة والسلامة.

* هنا نرى المسيح حاملًا خطايانا على كتفيه ليدفع الثمن، أي حاملًا لعنة الناموس التي سقطنا نحن تحتها ، وكأنه وهو الابن المحبوب قَبِل أن يحتل مركزنا نحن الذين تحت الغضب الإلهي لكي يرفعنا. وهنا نرى الآب حاجبًا وجهه عن الابن مما جعله يصرخ "إلهي إلهي لماذا تركتني" فالآب أسلم ابنه الوحيد للآلام والعقوبات التي كانت من نصيب البشر، فهو هنا حامل خطاياهم، وهذا ما جعله يقول "نفسي حزينة جدًا حتى الموت".

* نجد هنا تقسيم لمن يقدم الذبيحة:

1- رئيس الكهنة أو الكاهن الممسوح.

2- كل الجماعة.

3- الرئيس أي الملك.

4- أحد أفراد الشعب

وإذا وضعنا أمامنا أن تقديم الذبيحة يستلزم:-

1- *مقدم الذبيحة؛ 2 – *كاهن؛ 3 – *ذبيحة.

وهذه العناصر إستوفاها المسيح فهو الذي قدم ذبيحة نفسه ككاهن. نرى أن التقسيم السابق يشير إلى أن المسيح قد 1-*قدم نفسه 2-*ذبيحة خطية 3 -*كرئيس كهنة ممسوح من الروح القدس (يوم العماد) ، بالنيابة عن كل الجماعة.

* لذلك فذبيحة 1- رئيس الكهنة 2- وذبيحة كل الجماعة هي ثور في الحالتين.

أي خطية رئيس الكهنة تساوي تمامًا خطية كل الجماعة.

والمسيح حمل خطية كل الجماعة كرئيس كهنتنا.

وفي هاتين الحالتين فقط كان رئيس الكهنة يدخل بدم ذبيحة الخطية للأقداس " وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديا " (عب9: 12).

* 3- وهو أيضًا الرئيس أو الملك. الله هو ملكنا وسيد الخليقة كلها. وبالخطية تمردنا على الله وصرنا "كلنا كغنمٍ ضللنا، ملنا كل واحدٍ إلى طريقه" (إش53: 6). والآن لسنا نرى الكل خاضعًا لله (عب2: 8). وكان أن مخلصنا فدانا بصليبه وملك على قلوبنا بصليبه وجعلنا أعضاء جسده الواحد، وبهذا الجسد الواحد يعيد خضوع الكل لله ملك الملوك. بل أيضًا ليجعلنا ملوكًا وكهنة، فأولاد ملك الملوك يكونون ملوكا، وكان ذلك بعد أن فقدنا مركزنا نتيجة للخطية. وهو قدم نفسه ذبيحة عن الكنيسة عروسه لتكون خاضعة لملك الملوك ومقبولة أمام الآب، وفي النهاية يقدم المسيح كرأس للكنيسة، جسده، الخضوع لله. ويخضع الكل لله، ويملك الله على شعبه الذي صار في المسيح (1كو15: 28). أما من أصر على التمرد أي الشيطان ومن تبعه فسيخضعون عند موطئ قدميه "أضع أعداءك موطئًا لقدميك" (مز1:110). الكل سيخضع إما عن حب أو في خضوع ذل في البحيرة المتقدة بالنار.

وللتعبير عن هذا كانت الذبيحة في الحالات الثلاث الأولى من الذكور (فهي تمثل العريس).

* 4- أما في الحالة الرابعة = أحد أفراد الشعب، فهي من الإناث فهي تمثل الكنيسة العروس. التي يجب أيضًا أن تقدم نفسها ذبيحة. ولنرى ماذا قدم المسيح لنا.

ففي الحالات الثلاث الأولى التي تمثل المسيح لم يذكر الكتاب أنها رائحة سرور، فهو قبل أن يحمل خطايا شعبه. أما في الحالة الرابعة التي تمثل الكنيسة فقد ذكر أنها رائحة سرور. فالمسيح ليجعلنا موضع سرور الآب: صار هو خطية لأجلنا حتى نصبح نحن بر الله فيه: "لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً، خَطِيَّةً لأَجْلِنَا، لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللهِ فِيهِ" (2كو5: 21 + إش53).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الآيات (1-2):- "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: إِذَا أَخْطَأَتْ نَفْسٌ سَهْوًا فِي شَيْءٍ مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي الرَّبِّ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَعَمِلَتْ وَاحِدَةً مِنْهَا:"

كلم الرب موسى = عبارة كانت تتردد حينما يريد الله أن يعرض لنا شيئًا جديدًا. والله الكلي المعرفة يريد لنا هنا أن نعرف ما لا نعرفه عن الخطية. فالخطية قاتلة للنفس حتى لو بجهل أو سهوًا، هذا يشبه إنسانًا يجهل أن التدخين يسبب أمراض القلب والسرطان، فهو سيموت بهما لو كان يدخن، مع أنه يجهل نتائجهما.. الله لم يضع الوصايا ليتحكم في الإنسان بقوله إفعل هذا ولا تفعل ذاك. بل الله في محبته يعرف أن الخطية قاتلة ومدمرة للإنسان فيعطيه الوصايا لحمايته (كما تفعل الأم حين تنبه طفلها.... لا تلعب بالنار – لا تأكل شيئًا غير نظيف....) وقوله سهوًا هنا يحمل هذا المعنى أنه دون أن يدري أن فعلته قاتلة له. راجع (مز19: 12). فطبيعتنا الساقطة تجعلنا نخطئ، والله المحب الذي يشعر بجهلنا يقدم الحل لنا. وهذا أيضًا معنى قول المسيح على الصليب "إغفر لهم لأنهم لا يعلمون". والله كان يقبل من يأتي تائبًا معترفًا بخطيته لكن الذي يخطئ في تحدي كان يأمر بقطعه.

مناهي الرب = الوصايا (التي ينهي فيها الرب عن عمل خطية معينة).

 

أية (3):- "إِنْ كَانَ الْكَاهِنُ الْمَمْسُوحُ يُخْطِئُ لإِثْمِ الشَّعْبِ، يُقَرِّبُ عَنْ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ ثَوْرًا ابْنَ بَقَرٍ صَحِيحًا لِلرَّبِّ، ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ."

الكاهن الممسوح = هو رئيس الكهنة فهو الذي يُمسح وحده أما الكهنة فكانوا لا يُمسحون راجع (لا8: 12، 13). ورئيس الكهنة هو المسئول الأول والقدوة الأولى وهو الذي يَعْلم ويُعَلِّم الشريعة، وهو الذي يشفع في المخطئ، فلو هو أخطأ فمن يشفع فيه.

ولاحظ أنه لم يقال وإن سها الكاهن الممسوح، فهو لا يصح أن يقال عنه هذا وهو المعلم والقدوة، بينما قيلت هذه العبارة عن باقي الحالات. ومن ناحية أخرى فهو يرمز للمسيح والمسيح لا يسهو ولا يغفل بل هو ضابط الكل، كما يقول المرنم "إنه لَا يَنْعَسُ وَلَا يَنَامُ حَافِظُ إِسْرَائِيلَ" (مز4:121).

وكانت غلطة أيوب أنه قدم ذبيحة عن أولاده ولم يقدم عن نفسه. ويتضح مسئولية رئيس الكهنة من قوله يخطئ لإثم الشعب = أي خطيته تكون عثرة للشعب وتجعل الشعب يخطئ، ربما في أنهم سيقومون بمحاكاة خطيته، وقد تعني أنه يخطئ كما يخطئ الشعب. وكونه يبدأ برئيس الكهنة فيها درس له أنه ليس بمعصوم من الخطأ (1تى1: 15). ولذلك يصلي الكاهن في القداس "إقبل هذه الذبيحة عن خطاياي وجهالات شعبك". ولذلك تصلي الكنيسة دائمًا لرئيس الكهنة وللكهنة حتى لا يُفتح باب للشيطان. ولأن رئيس الكهنة معرض للخطأ وهو يعرف ضعفه فهو يشعر بضعفات شعبه ويقبل أن يقدم ذبائح عنهم ليرفع الله خطاياهم ولا يأمر بقطعهم ببساطة وهذا مفهوم قول بولس الرسول في (عب2: 17، 18 + 4: 14، 15).

ثورا ابن بقر = أي ثور هو ابن بقر، فما معنى هذا التشديد أو التنبيه؟ هذا يشير أن الثور المقدم هو من نفس جنس البقر، وفي هذا إشارة إلى أن المسيح الذي قدم نفسه ذبيحة عنا هو من نفس جنس البشر = تجسد وتأنس (قانون الإيمان).

صحيحا = أي بلا عيب فهو إشارة للمسيح القدوس البار الذي بلا عيب أي بلا خطية.

 

أية (4):- "يُقَدِّمُ الثَّوْرَ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ الثَّوْرِ، وَيَذْبَحُ الثَّوْرَ أَمَامَ الرَّبِّ."

باب خيمة الاجتماع = يتكرر هذا التعبير مع الذبائح ، لأنه لا دخول لأحد إلى الأقداس إلا بالمسيح " أَنَا بَابُ الْخِرَافِ.... إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى" (يو10: 7، 9). فلا أحد يدخل ويخلص سوى بالمسيح ذبيحة المحرقة وذبيحة الخطية....

فطالما لم تذبح الذبيحة بعد فهو غير مقبول ولا يدخل. وهذا يرمز إلى أنه بدون ذبيحة المسيح فنحن غير مقبولين.

وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ = ويعترف بخطيته فتنقل الخطية إلى الثور البريء ، ويذبح بدلًا منه. وكتعبير عن هذا يأخذ الكاهن القبطي لفافة من على المذبح ويضعها في كُمّ ملابسه، ثم يُخرجها ليمسح بها قربانة الحمل بعد إختيارها. وهذا تعبيرًا عن أنه يضع خطاياه وجهالات الشعب على الحمل الذي يقدم على المذبح ذبيحة حية عن الجميع. ووضع اللفافة داخل كم الكاهن هو تعبير عن الخطية الساكنة في أجسادنا كما يقول القديس بولس الرسول (رو7: 17-20). وكأن اللفافة حملت الخطايا التي في داخل الكاهن، وبمسح الحمل باللفافة كأن الخطايا إنتقلت إلى الحمل.

وهذا ما يحدث أيضًا في سر التوبة والإعتراف، فالمعترف يعترف بخطاياه للروح القدس في حضور الكاهن. ويصلي الكاهن صلاة التحليل بعد الإعتراف، فينقل الروح القدس خطايا المعترف إلى المسيح الذي سيقدم ذبيحة على المذبح في سر الإفخارستيا. والتناول من جسد المسيح ودمه يُعطَى غفرانًا للخطايا وحياة أبدية.

 

الآيات (5-6):- "وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ الْمَمْسُوحُ مِنْ دَمِ الثَّوْرِ وَيَدْخُلُ بِهِ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، وَيَغْمِسُ الْكَاهِنُ إِصْبَعَهُ فِي الدَّمِ وَيَنْضِحُ مِنَ الدَّمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى حِجَابِ الْقُدْسِ. "

كان الكاهن ينضح = يرش الدم قبل الحجاب. فهو لم يكن مسموحًا له أن يدخل إلى قدس الأقداس سوى مرة واحدة في السنة، في يوم الكفارة. والبعض يرجح أنه كان يرش هذه الدماء على الحجاب والبعض يعتقد أنها كانت ترش على الأرض. ولو كانت ترش على الأرض أو على الحجاب فالمعنى واحد. لكن الأكثر وضوحًا في المعنى أنه كان يرش على الحجاب ويسقط منه على الأرض فكل الخيمة كانت غارقة في الدماء ليُحفر في ضمير الشعب أن كل شيء يتطهر بالدم. ووجود الدماء على الأرض في طريق قدس الأقداس معناه أن الدم هو الطريق لفتح الأقداس. ورش الدماء على الحجاب له معنى آخر. فالحجاب يشير لجسد المسيح (عب10: 20). والدماء المرشوشة على الحجاب تشير لجسد المسيح المخضب بالدماء. وأخيرًا إنشق هذا الحجاب يوم الصليب لتفتح الأقداس بواسطة دم المسيح الذي هو "أفضل من دم هابيل" (عب12: 24).

فدم هابيل كان يطلب الانتقام أما دم المسيح فكان يطلب الشفاعة والغفران.

سبع مرات = رقم 7 يشير للكمال، أي أن رش الدم معناه أن الذبيحة كفارة كاملة، وهكذا كانت ذبيحة المسيح كفارة كاملة لكل الناس في كل العصور (وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). ومعنى هذا أيضًا أن خطيتنا هي كاملة تحتاج لكفارة كاملة وخطيتنا هي التي صنعت الحجاب بين الله والناس. ودم المسيح وجسده المكسور فتح الحجاب، لذلك إنشق الحجاب فإنفتحت الأقداس بموت المسيح على الصليب. ولنرى تطبيقًا عمليًا من الطقس القبطي في القداس... ففي صلوات القسمة نقسم الجسد إلى أجزاء، ثم بعد ذلك نضع من الدم على الجسد المكسور فيتغطى بالدم، ونرى في هذه الصورة صورة جسد المسيح المكسور المصلوب (الحجاب المشقوق) المخضب بالدم. وهذا يشرح معنى التكفير، فجسد المسيح هو كنيسته التي تغطت (covered) بدمه. ورش الدم يعني التطهير " طهرني بالزوفا فأطهر" (مز51: 7) = وجاءت الآية في السبعينية "تنضح عليَّ بزوفاك فأطهر" فكان الكاهن ينضح بالدم ليُطَهِّر، وهذا ما شرحه القديس بولس الرسول "لأَنَّ مُوسَى.. أَخَذَ دَمَ الْعُجُولِ وَالتُّيُوسِ، مَعَ مَاءٍ، وَصُوفًا قِرْمِزِيًّا وَزُوفَا، وَرَشَّ الْكِتَابَ نَفْسَهُ وَجَمِيعَ الشَّعْبِ... وَكُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ.. بِالدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ..."(عب9: 19 – 23) . وكون رئيس الكهنة يدخل بنفسه ليرش دم ذبيحة خطيته. فهذا لأنه مسئول أمام الله عنها، أما المسيح فصنع نفس الشيء حين دخل بدمه للأقداس السماوية كحامل لخطايانا.

قال الرب على الصليب " يا أبتاه إغفر لهم.." وقال إسطفانوس عند رجمه " يا رب لا تقم لهم هذه الخطية " فهل يحمل القولين نفس المعنى؟ كلاّ.. فإسطفانوس يطبق قول السيد " إن لم تغفروا لا يغفر لكم ". أما الرب يسوع فقوله هذا على الصليب، وجسده مغطى بالدم، فهو يعلن بدء الكفارة، أي أن جسده وهو كنيسته تم تغطيته بالدم (أف1: 22، 23 + أف5: 30) وبالتالي بدأ غفران خطايا البشر. (كفارة = تغطية = وهي نفسها بالإنجليزية cover . وهذا يمكن تشبيهه بخطأ حدث في الكتابة على ورقة بيضاء، وبدلا من أن نمزق الورقة، نغطيها بالـــ corrector، فتعود الورقة بيضاء صالحة للكتابة مرة أخرى وكأنها صارت جديدة). وراجع (رؤ7: 14) تجد أن اللابسين ثيابا بيضاء " قد غسَّلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف " . وهذا ما يشير إليه طقس القداس في تغطية الجسد في الصينية بالدم قبل الاعتراف الأخير.

 

أية (7):- "وَيَجْعَلُ الْكَاهِنُ مِنَ الدَّمِ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ الْبَخُورِ الْعَطِرِ الَّذِي فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ أَمَامَ الرَّبِّ، وَسَائِرُ دَمِ الثَّوْرِ يَصُبُّهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ الَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ."

الدم على قرون مذبح البخور العطر = مذبح البخور هذا كان في القدس داخل الخيمة. والقرون عليه تشير للقوة، وهكذا كان يفهمها اليهود كمجتمع رعوي (القرن أقوى شيء عند الكبش لذلك يأخذ الرعاة القرن كرمز للقوة). فيقول داود راعي الغنم " إِلهِي صَخْرَتِي بِهِ أَحْتَمِي. تُرْسِي وَقَرْنُ خَلاَصِي وَمَلْجَإِي" (مز18: 2) أي إلهي يحميني بقوة جبارة. وهم كانوا يفهمون هذا أنهم كانوا يقتربون لله بقوة عن طريق المذابح التي لها قرون. والبخور يرمز للصلاة والتسبيح ويرمز لشفاعة المسيح الكفارية. وكون أن الدم يوضع على قرون المذبح، فهذا إشارة لقوة شفاعة المسيح الكفارية، التي ترجع لدمه الذي سال على الصليب. والصليب هنا نراه في مذبح المحرقة الذي يقدم عليه المحرقات. لذلك كان رئيس الكهنة يخرج بعد ذلك ليصب باقي الدم أسفل مذبح المحرقة = هذا هو الرباط بين صليب المسيح وشفاعته الكفارية. مذبح المحرقة يمثل الصليب، وسكب الدم تحته يشرح أن الدم هو أساس الكفارة.

لاحظ في ترتيب الآية قرون مذبح البخور = شفاعة المسيح الكفارية...أمام الرب = فالمسيح يشفع فينا أمام الآب. بماذا؟ الدم أسفل مذبح المحرقة = رأينا في وضع الدم على قرون مذبح البخور إشارة لشفاعة المسيح الكفارية أمام الآب، فمن أين جاءت قوة الشفاعة هذه؟ هنا يشرح الوحي أن الكاهن يخرج من الخيمة ثانية، ليتجه إلى مذبح المحرقة، ليسكب باقي الدم أسفل مذبح المحرقة. فإن كان مذبح البخور يشير لشفاعة المسيح في السماء أمام الآب، فمذبح المحرقة يشير للصليب. ونفهم بهذا أن قوة شفاعة المسيح راجعة لدم صليبه. هذا الدم هو الذي يغطينا (كفارة) فلا يرى الله خطايانا، فدم المسيح على الصليب غطى (covered) كل جسده، وجسد المسيح هو كنيسته، ومن الذي يكفر عنه دم المسيح؟ هو من يأتي إلى المسيح مؤمنا معتمدا (تم عماده... ممارسًا للأسرار الكنسية) تائبا نادما معترفا مجاهدا، مثل هذا يكون ثابتًا في المسيح فيغطيه دم المسيح. لذلك يطلب منا الرب قائلا "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم" (يو15: 4).

ومع أن شريعة ذبيحة الخطية تقريبا هي نفسها شريعة ذبيحة الإثم، لكن نجد فارق مهم، فنجد الكاهن في شريعة الخطية يسكب الدم تحت المذبح، ولكن في شريعة ذبيحة الإثم نجده يرش دم الذبيحة مستديرا حول المذبح. فماذا يعني هذا الفرق في الشريعتين؟

نقول مرة أخرى أن الخطية الجدية تسببت في فساد الطبيعة البشرية، ونتيجة لهذا أصبح الإنسان ضعيفا في مواجهة الخطية. صار الإنسان يرتكب خطايا ناتجة عن ضعف طبيعته الساقطة. وكانت ذبيحة الخطية لتفتدي طبيعتي الساقطة، لترفع عني الخطية الجدية. وكانت ذبيحة الإثم لترفع عني الخطايا التي أرتكبها نتيجة لطبيعتي الساقطة.

معنى طقس كل ذبيحة منهما: كان دم ذبيحة الخطية يسكب تحت المذبح للتعبير عن أن الخطية الجدية هي السبب والأساس في طبيعتنا الساقطة، والتي تتسبب في سقوطنا المستمر. وأما دم ذبيحة الإثم فكان يُرَّش مستديرًا حول المذبح، إعلانا عن لا نهائية قوة دم صليب المسيح في غفران الخطية لكل زمان ومكان.

نفهم أن ذبيحة الخطية قد إفتدت طبيعتي الساقطة، لكن ما زالت هناك خطية ساكنة في جسدي (رو7: 14 – 23). وهذه ترجع وتفصلني عن المسيح والثبات فيه، والحل هو فيما يُسمَّى حياة التوبة، أي كلما أخطئ عليَّ أن أذهب للمسيح تائبا معترفا ناويًا أن لا أعود للخطية ثانيا، وتستمر حياتي في جهاد مستمر العمر كله. وفي هذا يقول عريس سفر النشيد (المسيح) مناديًا عروسه (الكنيسة أو نفسي البشرية) "اِرْجِعِي، ارْجِعِي يَا شُولَمِّيثُ. ارْجِعِي، ارْجِعِي فَنَنْظُرَ إِلَيْكِ" (نش6: 13). فحياتنا على الأرض هي رحلة رجوع دائم للمسيح بالتوبة. ولكن لاحظ قول العريس فننظر...فمن الذي ينظر؟ الثالوث. الآب يريد رجوعها، والروح يبكت ويعين ليعيدها إلى المسيح فتثبت فيه. وهذا ما شرحته شريعة ذبيحة الإثم، إذ نجد الكاهن يرش الدم مستديرا حول المذبح وهذا يعني الغفران الكامل للخطية لكل من أتى تائبا مستجيبا لصوت تبكيت الروح، فيعينه الروح ويغفر له ويعيده للثبات في المسيح ويفرح به الآب. وبهذا تتكامل شريعتي ذبيحتي الخطية والإثم. وكأن شريعة ذبيحة الخطية تشير لأن المسيح قام بكل العمل وإفتدى طبيعتي الخاطئة أما شريعة ذبيحة الإثم، فهي تتكلم عن جهادي أنا في أن أظل ثابتًا في المسيح، وكلما أخطئ آتي تائبًا ودم المسيح قادر أن يغفر لي بل ولكل من أتى تائبًا من كل العالم. فذبيحة الصليب غير محدودة تغفر للكل عبر كل زمان وفي كل مكان. هذا معنى رش الدم مستديرًا، فالدائرة تشير إلى اللانهاية والغير محدود.

الذي لدى باب خيمة الاجتماع = المسيح بصليبه صار لنا باب الدخول للأقداس، صار هو الباب والطريق.

St-Takla.org Image: Valley of Jehosaphat - from Popular Bible Encyclopedia (Volumes 1-4), of Archimandrite Nicephorus, 1891, 1892. صورة في موقع الأنبا تكلا: وادي يهوشافاط - من كتاب موسوعة الكتاب المقدس المبسطة (الأجزاء 1-4)، للأرشمندريت نيسيفوروس، 1891، 1892 م.

St-Takla.org Image: Valley of Jehosaphat - from Popular Bible Encyclopedia (Volumes 1-4), of Archimandrite Nicephorus, 1891, 1892.

صورة في موقع الأنبا تكلا: وادي يهوشافاط - من كتاب موسوعة الكتاب المقدس المبسطة (الأجزاء 1-4)، للأرشمندريت نيسيفوروس، 1891، 1892 م.

ولنتصور رئيس كهنة يهودي شعر بخطيته وقدم ذبيحة خطية. ودخل بالدم للقدس، وسجد وبكى أمام الحجاب ثم رش الدم ، ثم ذهب أمام مذبح البخور ووضع الدم على القرون صارخًا لله أن يغفر له.

أليس هذا هو منظر المسيح وهو يبكي ليلة القبض عليه في البستان "الذي في أيام جسده إذ قدم بصراخ شديد ودموع طلبات وتضرعات للقادر أن يخلصه من الموت (أي يقيمه ويقيمنا من موت الخطية فنخلص) . وسمع له لأجل تقواه" (عب5: 7). (وبعد صعوده يشفع في كنيسته إلى الأبد = مذبح البخور يرمز لشفاعة المسيح عنا، لذلك كان الكاهن اليهودي بعد تقديم ذبيحة المحرقة على مذبح المحرقة يدخل للقدس ليرفع البخور). ولكن المسيح كان يبكي من أجل الآخرين، أي من أجل كنيسته، فهو بلا خطية ولكن كأن خطيتهم خطيته هو، فهو لمحبته في كنيسته عروسه حملها بالنيابة عنها. ثم ينتقل رئيس الكهنة إلى مذبح المحرقة ويسكب باقي الدم. ويقال أن تحت مذبح المحرقة كانت توجد قناة تحمل الدم إلى وادي قدرون. ووادي قدرون هو وادي يهوشافاط ومعنى يهوشافاط الله يقضي. والمعنى لكلمة قدرون هو أسود. والمعنى أن عمل المسيح أعطى حياة بعد موت (يشير له اللون الأسود) وتم هذا بأن قُضِىَ أي حُكِم على المسيح بالصلب. راجع (يو18: 1) " خرج يسوع مع تلاميذه إلى عبر وادي قدرون حيث كان هناك بستان دخله هو وتلاميذه" وهناك سلمه يهوذا. هكذا أرتبط الطقس بالمرموز إليه.

 

الآيات (8-10):- "وَجَمِيعُ شَحْمِ ثَوْرِ الْخَطِيَّةِ يَنْزِعُهُ عَنْهُ. الشَّحْمَ الَّذِي يُغَشِّي الأَحْشَاءَ، وَسَائِرَ الشَّحْمِ الَّذِي عَلَى الأَحْشَاءِ، وَالْكُلْيَتَيْنِ وَالشَّحْمَ الَّذِي عَلَيْهِمَا الَّذِي عَلَى الْخَاصِرَتَيْنِ، وَزِيَادَةَ الْكَبِدِ مَعَ الْكُلْيَتَيْنِ يَنْزِعُهَا، كَمَا تُنْزَعُ مِنْ ثَوْرِ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ. وَيُوقِدُهُنَّ الْكَاهِنُ عَلَى مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ."

كما رأينا في دراسة ذبيحة السلامة في الإصحاح السابق أن حرق الشحم يعني تقديم وتكريس كل الطاقات الإنسانية لله "يا ابني أعطني قلبك" فهذه الآية أتت بعد تقديم الذبيحة، والمعنى أنه بعد أن قدم المسيح نفسه ذبيحة على الصليب، علينا نحن أن نكرس أنفسنا لله بالكلية، وهذا معنى قول بولس الرسول " لأن فصحنا أيضًا المسيح ذبح لأجلنا. إذًا لنعيد ليس بخميرة عتيقة ولا بخميرة الشر والخبث بل فطير الإخلاص والحق" (1كو5: 7 ، 8).

كما أن وضع الشحم على النار يشير إلى أن الله يقبل مقدم الذبيحة وعطاياه. فكون النار الإلهية تأكل الشحم فهذا علامة قبول الله لمقدم الذبيحة وغفران خطيته والمصالحة بين الله وبينه. ولذلك نرى جزء من الذبيحة يعامل على أنه ذبيحة سلامة. وبقبول الله للخاطئ نجد صوت سلام يرتفع على المذبح.

الكليتين يوضعوا على المذبح دونا عن باقي لحم الذبيحة الذي يحرق خارجا، فالذبيحة حملت خطايا مقدمها. وقد يكون السبب أن الكليتين عملهم تنقية الدم وهذا يشير لتنقية الحياة من الخطية، فالكليتين عكس باقي الذبيحة التي حملت خطايا مقدمها.

 

الآيات (11-12):- "وَأَمَّا جِلْدُ الثَّوْرِ وَكُلُّ لَحْمِهِ مَعَ رَأْسِهِ وَأَكَارِعِهِ وَأَحْشَائِهِ وَفَرْثِهِ فَيُخْرِجُ سَائِرَ الثَّوْرِ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ إِلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ، إِلَى مَرْمَى الرَّمَادِ، وَيُحْرِقُهَا عَلَى حَطَبٍ بِالنَّارِ. عَلَى مَرْمَى الرَّمَادِ تُحْرَقُ."

باقي الذبيحة كلها تُحرق إشارة لكره الله للخطية، فالجلد يشير للمظهر الخارجي، والرأس إشارة للأفكار، والأكارع إشارة للتصرفات والتوجهات الخاطئة، والأحشاء إشارة للنيات والمشاعر. الكل تلوث بالخطية فالكل لا بُد أن يحرق. ومن هذا ينبغي أن نفهم مقدار كراهية الله للخطية فلا بد أن نكرهها ونرفضها (عب13: 11 – 13). الفرث = بقايا الطعام التي في أحشاء الحيوان وهذا يشير لإدمان الخطايا. وحرق جسد الذبيحة لم يكن يتم على مذبح المحرقة، فهذه لا تحرق بجانب الأقداس، مكان وجود الله. وكان ينبغي أن يتم في مكان بعيدًا عن المكان المقدس خارج المحلة. ربما في هذا إشارة للقول عَسِر الفهم بل هو مستحيل أن نفهمه كبشر، وهو أن المسيح على الصليب حاملا لكل خطايا البشر قد " حجب الآب وجهه عنه " وكان هذا هو أقسى ما إحتمله المسيح. فألام المسيح على الصليب التي قال عنها لأبيه " إن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس " لم تكن آلام الصلب والمسامير ولا تخلي كل الناس بل حتى تلاميذه عنه، فهذه قد إحتملها الشهداء عبر العصور بفرح شديد، ربما الأصعب أنه وهو القدوس البار الذي بلا خطية يحمل كل الخطايا على رأسه، بل صار خطية ولعنة (2كو5: 21 + غل3: 13). والأصعب والأعجب من الكل أن الآب حجب وجهه عنه، والمعبر عن هذا، بأن ذبيحة الخطية تحرق بعيدا عن الأقداس.

ولكن مرة أخرى فهذا المكان الذي سيتم فيه الحرق يسمى طاهرًا = فهناك سيحرق كل ذنب وكل خطية مهما كانت صغيرة، لأن كل شيء في الذبيحة سيحرق هناك. الذي لم يصنع خطية صار خطية لتحترق كل خطية فينا. وهو طاهر لأنه مخصص لعمل مقدس. وهذا المكان يشير لقبر المسيح (إش11: 10) "ويكون محله مجدًا " وفي ترجمة أخرى "يكون قبره مجدًا".

وكما أن هذه الذبيحة كانوا يحرقونها خارج المحلة فهي ذبيحة خطية، هكذا المسيح صلب خارج أورشليم في عار. ولذلك من روعة طقس كنيستنا أن تصلي في أسبوع البصخة بعيدًا عن الهيكل (قدس الأقداس) لتذكر ما صنعه لها المسيح. ولاحظ أن التدمير الذي حدث لهذه الذبيحة كان تدميرًا كاملًا، لم يبق منها شيء وهذا إشارة لقتل المسيح للخطية "قتلت خطيئتي بقبرك".

تصور صورة المسيح وما إحتمله على الصليب مرتديًا قناع المجرمين لمدة ثلاث ساعات، والآب يحجب وجهه عنه، وتلاميذه تخلوا عنه وشعبه يهزأ به. هذا هو الغضب في قمته. هذه صورة من سيرمى في جهنم مرفوضًا من الله بلا تعزية، هذه الصورة إحتملها المسيح لأجلنا. ومن سيلتصق بالمسيح سيحمل عاره فلا نخجل إذا طردونا وعيرونا فصرنا مثارًا للسخرية. وفي خروج المسيح إلى خارج المحلة معنى آخر للمسيح الذي أدخلنا للملكوت بعد أن أخرجنا آدم الأول بخطيته من الفردوس.

حطب = أي خشب إشارة لخشبة الصليب. هنا تحرق الذبيحة بالنار. أليس هذا منظر آخر يراه الخاطئ الذي لا يريد أن يثبت في المسيح فيستحق نار جهنم. ولعل في قوله ثورًا ابن بقر أو تيسًا من الماعز إشارة للمسيح ابن الإنسان فهو صار إنسان ابن إنسان. أي إنسان من نفس جنسنا. خارج المحلة = تحرق الذبيحة خارج المحلة لأنها حاملة خطية. أما ذبائح المحرقة والدقيق فتقدما على المذبح فهما لا يشيران للخطية.

لاحظ أن شريعة ذبيحة الخطية " الكاهن الذي يعملها للخطية يأكلها " (لا6: 26) ، وذلك لأن الكاهن هنا بكهنوته يمثل المسيح رئيس كهنتنا الذي حمل خطيتنا ومات بها فأماتها، وكرمز لذلك يأكل الكاهن من لحم ذبيحة الخطية، وكأنه بأكله من الذبيحة التي حملت خطية الخاطئ قد شفع في الخاطئ وإبتلع خطيته، فإختفت إلى غير رجعة، فيذهب الخاطئ مقدم الذبيحة إلى بيته هادئ البال إذ غفرت خطيته. وهذا الطقس يشرح معنى شفاعة المسيح الكفارية في الخطاة، وهنا فالله يشرح المعنى لشعبه عن طريق الكاهن وكأن الكاهن يشفع في الخاطئ فترفع خطيته.

ولكن لو أخطأ رئيس الكهنة نفسه ، كان لا يأكل من لحم ذبيحة الخطية، بل تحرق كلها.

 بالنار، فكيف يشفع في نفسه وهو نفسه خاطئ. لكن كان يدخل بدم الذبيحة إلى خيمة الاجتماع وينضح من الدم طالبا الغفران من الله (لا4: 5 – 7). وراجع (لا10: 18 – 20) لترى كيف فهم هرون هذا الطقس.

وبنفس الطريقة نجد أنه لو أخطأت كل الجماعة كان رئيس الكهنة يفعل نفس الشيء ويحرق كل الذبيحة، وكأنه هو المسئول ، فكيف يشفع في الشعب وهو المسئول عن فساد الشعب.

وقد لخص بولس الرسول هذا الطقس فقال " فإن الْحَيَوَانَاتِ الَّتِي يُدْخَلُ بِدَمِهَا عَنِ الْخَطِيَّةِ إِلَى «الأَقْدَاسِ» بِيَدِ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ تُحْرَقُ أَجْسَامُهَا خَارِجَ الْمَحَلَّةِ " (عب13: 11). فهنا نجد رئيس الكهنة اليهودي غير قادر على أن يشفع في نفسه أو في شعبه إذ أنه هو نفسه خاطئ، فلا يأكل من لحم الذبيحة بل يحرقه. ويذهب بدم الذبيحة إلى داخل الخيمة طالبا الغفران من الله لنفسه وعن الشعب.

أما المسيح الذي بلا خطية وحده فلقد قدم نفسه كرئيس كهنتنا، وأكلته نيران العدالة الإلهية، بل قل نيران المحبة الإلهية ليرفع خطايانا ويدخل بدمه إلى الأقداس السمائية لا ليطلب غفرانا لنفسه بل ليشفع فينا شفاعة أبدية " وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداءً أبديا " (عب9: 12).

 

أية (13):- "«وَإِنْ سَهَا كُلُّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ، وَأُخْفِيَ أَمْرٌ عَنْ أَعْيُنِ الْمَجْمَعِ، وَعَمِلُوا وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي الرَّبِّ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمُوا، "

وإن سها كل جماعة إسرائيل = هذا يعني أن خطية معينة تفشت وسط الشعب كما حدث وإنتشرت العبادة الوثنية بينهم. وقد يحدث هذا إذا أخطأ رئيس الكهنة فأعثر كل الجماعة وحينئذ يقدم رئيس الكهنة ذبيحة. لكن هذا ليس عذرًا للجماعة فينبغي على الجماعة أن تقدم ذبيحة خطية. فقيافا رئيس الكهنة أخطأ بأن أسلم المسيح للصليب. لكن هذا لا يعفى الشعب الذي صرخ "دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلاَدِنَا" راجع (هو4: 6 – 9).

ولكن المعنى الحقيقي وراء هذا النص أن المسيح ذبيحة خطيتنا مات لأجل كل العالم حاملا كل خطايا العالم = وهذا معنى كل جماعة إسرائيل، " فالجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد " (رو3: 12). فالكنيسة هي "إسرائيل الله" (غل6: 16). ونلاحظ أن كلمة الجماعة تترجم باليونانية "إككليسيا" εκκλησία وتعني بالعربية "كنيسة".

 

أية (14):- "ثُمَّ عُرِفَتِ الْخَطِيَّةُ الَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا، يُقَرِّبُ الْمَجْمَعُ ثَوْرًا ابْنَ بَقَرٍ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. يَأْتُونَ بِهِ إِلَى قُدَّامِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ،"

ثم عرفت الخطية = لم تقال هذه الجملة عن رئيس الكهنة فهو مفروض أنه يعرف كل شيء. ونرجع للطقس القبطي، فحين يقدم الكاهن الحمل في القداس، يصلي ويقول أنه مقدم عن خطاياه هو وجهالات الشعب، فالكاهن مفروض أنه المعلم ويعلم الشريعة.

 

أية (15):- "وَيَضَعُ شُيُوخُ الْجَمَاعَةِ أَيْدِيَهُمْ عَلَى رَأْسِ الثَّوْرِ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَذْبَحُ الثَّوْرَ أَمَامَ الرَّبِّ."

ويضع شيوخ الجماعة أيديهم على رأس الثور = هذا نجد فيه إشارة لوجوب التوبة والاعتراف قبل تقديم الذبيحة. لكن أليس هذا هو ما فعله شيوخ إسرائيل تمامًا مع رب المجد يسوع. وكل هذا ويسميه "وإن سها" (آية 13) لأنهم كانوا " لا يعرفون ماذا يفعلون" هكذا قال المسيح على الصليب. ولاحظ أن من يقدم هذه الذبيحة هو الكاهن الممسوح، هذا ما حدث مع المسيح، فقد حكم عليه قيافا (الكاهن الممسوح أي رئيس الكهنة) حين أشار على اليهود أنه " خير أن يموت إنسان واحد عن الشعب " (يو18: 14). هو الذبيحة التي قدمت حقًا عن الشعب. وفي هذه الذبيحة نرى الطقس يتكرر كما في الذبيحة الأولى. وهنا أيضًا فرئيس الكهنة يدخل بالدم إلى القدس لأن رئيس الكهنة مسئول عن خطية الجماعة كلها أمام الله، ولأن هذا العمل يشير لدخول المسيح بدمه إلى الأقداس ليعطينا فداء أبديًا.

 

الآيات (16-21):- "وَيُدْخِلُ الْكَاهِنُ الْمَمْسُوحُ مِنْ دَمِ الثَّوْرِ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، وَيَغْمِسُ الْكَاهِنُ إِصْبَعَهُ فِي الدَّمِ، وَيَنْضِحُ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى الْحِجَابِ. وَيَجْعَلُ مِنَ الدَّمِ عَلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ الَّذِي أَمَامَ الرَّبِّ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ، وَسَائِرَ الدَّمِ يَصُبُّهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ الَّذِي لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يَنْزِعُهُ عَنْهُ وَيُوقِدُهُ عَلَى الْمَذْبَحِ. وَيَفْعَلُ بِالثَّوْرِ كَمَا فَعَلَ بِثَوْرِ الْخَطِيَّةِ. كَذلِكَ يَفْعَلُ بِهِ. وَيُكَفِّرُ عَنْهُمُ الْكَاهِنُ، فَيُصْفَحُ عَنْهُمْ. ثُمَّ يُخْرِجُ الثَّوْرَ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ وَيُحْرِقُهُ كَمَا أَحْرَقَ الثَّوْرَ الأَوَّلَ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةِ الْمَجْمَعِ."

ولاحظ أن الوحي لم يذكر في الحالة الأولى، حالة تقديم رئيس الكهنة ذبيحة عن خطيته تعبير فيصفح عنه ... لأن رئيس الكهنة يرمز للمسيح الذي بلا خطية. أما هنا فقيل في آية (20) فيصفح عنهم . فرئيس كهنتنا قدم لنا فداء وغفرانًا.

 

أية (22):- "«إِذَا أَخْطَأَ رَئِيسٌ وَعَمِلَ بِسَهْوٍ وَاحِدَةً مِنْ جَمِيعِ مَنَاهِي الرَّبِّ إِلهِهِ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمَ،"

رئيس = هو الملك فهو كقائد مسئول عن شعبه فخطيته تعثر كثيرين، ولكن ليس كرئيس الكهنة قطعًا. ولكن الرئيس يشير للمسيح (حز37: 25 + 44: 3) ملك الملوك.

الخطية كان من نتائجها التمرد على الله. وما عاد البشر خاضعين لله. والمسيح أتى بحب عجيب، ليملك علينا بالحب، فيعيدنا في النهاية خاضعين لله الآب؛ ملك الملوك.

المسيح كرئيس كهنة قدم نفسه ذبيحة على الصليب ليغفر خطايانا، وبتقديم نفسه على الصليب ملك على قلوبنا "وتكون الرياسة على كتفه" (إش9: 6). فهو حمل الصليب على كتفه، وبالصليب ملك علينا إذ رأينا حبه العجيب. ثم يحملنا في النهاية، فيه، خاضعين للآب (1كو15: 28).

 

الآيات (23-26):- "ثُمَّ أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا، يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ تَيْسًا مِنَ الْمَعْزِ ذَكَرًا صَحِيحًا. وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ التَّيْسِ وَيَذْبَحُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ الْمُحْرَقَةَ أَمَامَ الرَّبِّ. إِنَّهُ ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ. وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ بِإِصْبَعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ، ثُمَّ يَصُبُّ دَمَهُ إِلَى أَسْفَلِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ. وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يُوقِدُهُ عَلَى الْمَذْبَحِ كَشَحْمِ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ، وَيُكَفِّرُ الْكَاهِنُ عَنْهُ مِنْ خَطِيَّتِهِ فَيُصْفَحُ عَنْهُ."

هنا يقدم تيس من الماعز ذكرًا فهو يمثل المسيح الملك الذي صلب ليملك علينا بصليبه ويعيدنا خاضعين للآب ملك الملوك. وليُعيد لنا صورة الملك بعد أن إستُعبِدنا للشياطين. وهنا لا يدخل الكاهن بالدم للأقداس. فهنا نرى هارون يشفع في الرئيس وهذا هو عمل الكهنوت ونجد الكاهن يأخذ من دم ذبيحة الخطية بإصبعه ويجعل على قرون مذبح المحرقة . مذبح المحرقة يمثل الصليب. والقرون تشير للقوة، والمعنى أن عمل المسيح على الصليب كان قويًا جدًا ضد الشياطين فأفقدهم قوتهم ليحررنا. ولاحظ تكرار كلمة مذبح المحرقة في آية (25) للتشديد على عمل الصليب القوي [وراجع (لو11: 20 – 22)] لترى أن مسيحنا قوي والخلاص بدم صليبه كان خلاصًا قويًا، وحقًا "كانت الرياسة على كتفه". ولاحظ هنا أنه لا يحرق الجلد واللحم بل يكونا من نصيب الكهنة (لا6: 26)، لأن الكاهن حينما يأكل منها يعطي طمأنينة لمقدم الذبيحة أن الله غفر خطاياه. فالله لن يسمح لخدامه بأن يأكلوا ويشتركوا في الذبيحة لو لم يكن قد نزع الخطية وغفرها تمامًا (فيلون اليهودي). ولكن من ناحية الرمز فالكاهن يمثل كهنوت المسيح، فالمسيح كحامل لخطايانا مات بها على الصليب فأماتها، وهذا يشير إليه اختفاء لحم الذبيحة إذ أكلها الكاهن الذي قدمها. وأيضًا عدم حرق الجلد يشير لأن الذبيحة الأولى بعد أن أخطأ أبونا آدم، كان أن بجلد الذبيحة ستر الله عري آدم وحواء. وبهذا فإن الإبقاء على الجلد يعني أن ذبيحة الخطية تستر على الخاطئ.

 

الآيات (27-35):- "«وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ مِنْ عَامَّةِ الأَرْضِ سَهْوًا، بِعَمَلِهِ وَاحِدَةً مِنْ مَنَاهِي الرَّبِّ الَّتِي لاَ يَنْبَغِي عَمَلُهَا، وَأَثِمَ، ثُمَّ أُعْلِمَ بِخَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ بِهَا، يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ عَنْزًا مِنَ الْمَعْزِ أُنْثَى صَحِيحَةً عَنْ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ. وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ، وَيَذْبَحُ ذَبِيحَةَ الْخَطِيَّةِ فِي مَوْضِعِ الْمُحْرَقَةِ. وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنْ دَمِهَا بِإِصْبَعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ، وَيَصُبُّ سَائِرَ دَمِهَا إِلَى أَسْفَلِ الْمَذْبَحِ. وَجَمِيعَ شَحْمِهَا يَنْزِعُهُ كَمَا نُزِعَ الشَّحْمُ عَنْ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ، وَيُوقِدُ الْكَاهِنُ عَلَى الْمَذْبَحِ رَائِحَةَ سَرُورٍ لِلرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ الْكَاهِنُ فَيُصْفَحُ عَنْهُ. «وَإِنْ أَتَى بِقُرْبَانِهِ مِنَ الضَّأْنِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، يَأْتِي بِهَا أُنْثَى صَحِيحَةً. وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى رَأْسِ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ، وَيَذْبَحُهَا ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَذْبَحُ فِيهِ الْمُحْرَقَةَ. وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ بِإِصْبَعِهِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ مَذْبَحِ الْمُحْرَقَةِ، وَيَصُبُّ سَائِرَ الدَّمِ إِلَى أَسْفَلِ الْمَذْبَحِ. وَجَمِيعَ شَحْمِهِ يَنْزِعُهُ كَمَا يُنْزَعُ شَحْمُ الضَّأْنِ عَنْ ذَبِيحَةِ السَّلاَمَةِ، وَيُوقِدُهُ الْكَاهِنُ عَلَى الْمَذْبَحِ عَلَى وَقَائِدِ الرَّبِّ. وَيُكَفِّرُ عَنْهُ الْكَاهِنُ مِنْ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ فَيُصْفَحُ عَنْهُ."

هنا نجد خطأ واحد من عامة الشعب، وهنا نجد الذبيحة أنثى من المعز أو الضأن وهي أرخص على حسب مقدرة مقدم الذبيحة. والسبب في أن الذبيحة من الإناث أنها تشير للكنيسة عروس المسيح التي يجب أن تقدم نفسها ذبيحة مع عريسها (الذكر) الذي يتشفع عنها وأعطاها حرية (رو12: 1 + غل2: 20). المسيح مقدم الذبيحة هنا يقوم بدور الكنيسة، فالكنيسة عروس المسيح صارت جسد المسيح من لحمه ومن عظامه.

رَائِحَةَ سَرُورٍ لِلرَّبِّ = هذه هنا هي المرة الوحيدة في ذبائح الخطية التي يذكر فيها هذا التعبير، إشارة لفرح الله بغفران خطايا كنيسته ورجوعها إليه.

 

نلاحظ قول الوحي:-

  • يُقَرِّبُ عَنْ خَطِيَّتِهِ الَّتِي أَخْطَأَ ثَوْرًا ابْنَ بَقَرٍ (آية 3).

  • يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ تَيْسًا مِنَ الْمَعْزِ ذَكَرًا صَحِيحًا (آية 23).

  • يَأْتِي بِقُرْبَانِهِ عَنْزًا مِنَ الْمَعْزِ أُنْثَى صَحِيحَةً عَنْ خَطِيَّتِهِ (آية 28) هنا قيل رائحة سرور.

  • وَإِنْ أَتَى بِقُرْبَانِهِ مِنَ الضَّأْنِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ، يَأْتِي بِهَا أُنْثَى صَحِيحَةً (آية 32).

نتكلم هنا عن ذبيحة الخطية، وهذا التشديد أن الثور يكون ابن بقر، والعنزة تكون من الماعز، هو إشارة أن المسيح حتى يُكَفِّر عن خطايا الإنسان كان يجب أن يكون ابن إنسان. ونفس الكلام قيل في ذبيحة الإثم فكلا الذبيحتين يقال عنهم نفس الكلام "إذَا خَانَ أَحَدٌ خِيَانَةً وَأَخْطَأَ سَهْوًا فِي أَقْدَاسِ ٱلرَّبِّ، يَأْتِي إِلَى ٱلرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لِإِثْمِهِ: كَبْشًا صَحِيحًا مِنَ ٱلْغَنَمِ" (لا5: 15). فهذا التعبير يشير لأن من يرفع عنا الخطية أو الإثم يجب أن يكون من جنسنا البشري. وراجع أيضًا تفسير الآية (تك28: 11) فهي لها نفس المعنى.

ولكن هذا التعبير لم يُقال عن ذبيحة المحرقة التي تُعَبِّر عن إرضاء الله بطاعة المسيح التي كانت حتى موت الصليب (فى2: 8)، فقيل عن ذبيحة المحرقة "إِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ مُحْرَقَةً مِنَ ٱلْبَقَرِ، فَذَكَرًا صَحِيحًا يُقَرِّبُهُ" (لا1: 3). "وَإِنْ كَانَ قُرْبَانُهُ مِنَ ٱلْغَنَمِ ٱلضَّأْنِ أَوِ ٱلْمَعْزِ مُحْرَقَةً، فَذَكَرًا صَحِيحًا يُقَرِّبُهُ" (لا1: 10). هنا لم تَرِدْ كلمة ("ابن" أو "من") كما حدث مع ذبيحة الخطية. فذبيحة المحرقة تشير لإرضاء الله، والله يُسَّر ويرضى بكل خليقته التي لم تعصاه وليس فقط بالإنسان الذي يطيعه، فالله حين خلق الخليقة قال أنه وجد أن كل شيء حسن جدًا.

 

الفرق بين الآيتين (28)، (32):

كلا الآيتين يتكلمان عن الذبيحة التي تقدم عن خطية فرد عادي من عامة الأرض، فلماذا التكرار؟ وما الفارق بين الآيتين.

• الأولى تشترط تقديم عنزة من الماعز ذبيحة، وهنا يقال أنها رائحة سرور للرب.

• والثانية تشترط تقديم أنثى من الضأن ولا يذكر أنها رائحة سرور للرب.

الفارق أنه مع الماعز قيل أنها رائحة سرور للرب، ولم يقال هذا عن الضأن.

والسبب أن الماعز لونه أسود، واللون الأسود يشير للخطية. والأشرار يشار لهم بالجداء (الجدي هو ذكر الماعز)، ومكانهم عن اليسار، مكان الرفض في الأبدية. بينما الخراف (الضأن) لونهم أبيض ويشيروا للأبرار ومكانهم مكان القبول "وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ ٱلشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ ٱلرَّاعِي ٱلْخِرَافَ مِنَ ٱلْجِدَاءِ، فَيُقِيمُ ٱلْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَٱلْجِدَاءَ عَنِ ٱلْيَسَارِ" (مت25: 32). ولكن بذبيحة الصليب ينتقلوا إلى اليمين ويخلصوا.

وسبب سرور الله أن الأشرار صار لهم رجاء في الخلاص. و(الآية 28) هدفها إعلان فرحة الآب بأن الخطاة صار لهم رجاء في الخلاص بدم المسيح.

ولكن الكل يُخطئ (الآية 28 ، والآية 32) والكل محتاج للفداء.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات اللاويين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/03-Sefr-El-Lawyeen/Tafseer-Sefr-El-Lawieen__01-Chapter-04.html

تقصير الرابط:
tak.la/jr8pshr