St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   03-Sefr-El-Lawyeen
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

اللاويين 16 - تفسير سفر اللاويين

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب لاويين:
تفسير سفر اللاويين: مقدمة سفر اللاويين | مقدمة أسفار موسى الخمسة | اللاويين 1 | اللاويين 2 | اللاويين 3 | اللاويين 4 | اللاويين 5 | اللاويين 6 | اللاويين 7 | اللاويين 8 | اللاويين 9 | اللاويين 10 | اللاويين 11 | اللاويين 12 | اللاويين 13 | اللاويين 14 | اللاويين 15 | اللاويين 16 | اللاويين 17 | اللاويين 18 | اللاويين 19 | اللاويين 20 | اللاويين 21 | اللاويين 22 | اللاويين 23 | اللاويين 24 | اللاويين 25 | اللاويين 26 | اللاويين 27

نص سفر اللاويين: اللاويين 1 | اللاويين 2 | اللاويين 3 | اللاويين 4 | اللاويين 5 | اللاويين 6 | اللاويين 7 | اللاويين 8 | اللاويين 9 | اللاويين 10 | اللاويين 11 | اللاويين 12 | اللاويين 13 | اللاويين 14 | اللاويين 15 | اللاويين 16 | اللاويين 17 | اللاويين 18 | اللاويين 19 | اللاويين 20 | اللاويين 21 | اللاويين 22 | اللاويين 23 | اللاويين 24 | اللاويين 25 | اللاويين 26 | اللاويين 27 | اللاويين كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

يوم الكفارة العظيم

كان لهذا اليوم أهميته الخاصة عند اليهود، وله طقسه الفريد. وهو يقدم لنا مفاهيم رائعة عن ذبيحة المسيح وعملها الكفاري كما كشف لنا بولس الرسول في (عب9: 7) وما بعده. وعظمة هذا اليوم أنه كان رمزًا ليوم الفداء العظيم وشوق البشرية له. وهذا اليوم فريد لتميزه بالآتي:-

1- هو اليوم الوحيد الذي يدخل فيه رئيس الكهنة لقدس الأقداس.

2- هو اليوم الوحيد الذي يقوم فيه رئيس الكهنة بالعمل بمفرده.

3- هو اليوم الوحيد الذي يخلع فيه رئيس الكهنة ملابسه الفاخرة ويلبس ملابس بيضاء.

4- هو اليوم الوحيد الذي يصوم فيه الشعب حسب ناموس موسى.

وكان لأهمية هذا اليوم وشهرته عند اليهود أن علماء اليهود دعوه "اليوم" وربما لهذا أشار بولس الرسول في (عب7: 27). وربما كان الصوم المشار إليه في سفر الأعمال (أع 27: 9) فهو لا يحتاج لتعريف لشهرته. وكان اليهود ينظرون لهذا اليوم كما ننظر نحن ليوم الجمعة العظيمة.

بعض المفسرين حَسَبَ يوم عماد المسيح فكان هو نفس يوم عيد الكفارة أي اليوم العاشر من الشهر السابع. وقالوا إذًا يوم الكفارة يرمز لهذا اليوم الذي فيه قد إنشقت السموات وكان الصوت "هذا هو ابني الحبيب". وبعضهم أشار لأن هذا اليوم هو يوم صلب المسيح، وصار لنا رئيس كهنة أعظم يشفع بدمه الثمين عن العالم كله ليدخل كسابق لمؤمنيه إلى سماء السموات. ولكن يوم الكفارة مرتبط بالصليب بالأكثر. عموما فمعمودية المسيح هي إشارة لموته وقيامته، وبها أسس الرب سر المعمودية وفيه ندفن ونقوم معه.

وكان هذا اليوم هو العاشر من الشهر السابع. والشهر السابع كان عند اليهود هو شهر الاحتفالات والأعياد العظيمة عندهم. ففي يومه الأول احتفال الهتاف بالبوق، وفي العاشر منه يوم الكفارة، وفي الرابع عشر منه عيد المظال ومدته 8 أيام. ويأتي الشهر السابع خلال شهري سبتمبر وأكتوبر وترتيبه السابع في السنة الدينية والأول في السنة السياسية. ولاحظ أن رقمي 7، 10 هما رقمي الكمال. فيكون الاحتفال بيوم الكفارة في اليوم العاشر من الشهر السابع هو إعلان أن كفارة المسيح عنا كانت كاملة = "قَدْ أُكْمِلَ"

St-Takla.org Image: Ashkenazi Jews praying in the synagogue on Yom Kippur (Day of Atonement), painting by Maurycy Gottilieb, 1878, Oil on canvas, Tel Aviv Museum of Art, Tel Aviv. صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة يوم كيبور، عيد يوم الكفارة العظيم، يهود أشكينازي يحتفلون به في المجمع، الفنان موريسي جوتيليب، 1878، زيت على قماش، متحف تل أبيب للفنون، تل أبيب.

St-Takla.org Image: Ashkenazi Jews praying in the synagogue on Yom Kippur (Day of Atonement), painting by Maurycy Gottilieb, 1878, Oil on canvas, Tel Aviv Museum of Art, Tel Aviv.

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة يوم كيبور، عيد يوم الكفارة العظيم، يهود أشكينازي يحتفلون به في المجمع، الفنان موريسي جوتيليب، 1878، زيت على قماش، متحف تل أبيب للفنون، تل أبيب.

وكلمة كفارة تعني تغطية أو ستر إذ في هذا اليوم تغفر الخطايا، ويستر على الإنسان بالدم الثمين. فيكفر رئيس الكهنة عن نفسه وعن الكهنة وعن كل الجماعة بل وعن الخيمة وكل محتوياتها تكفيرًا عامًا وجماعيًا، عن كل ما سقطت فيه الجماعة ككل أو كأعضاء طوال العام، لذلك إرتبط هذا اليوم بالصوم والتذلل. ولكن حسب شريعة اليهود كان من يرتكب ذنبًا ويعتمد على أنه سيغفر في هذا اليوم... ما كان هذا الذنب يغفر، لأن من يفعل ذلك يستهين بمراحم الله. كذلك لا يغفر لمن أساء لأحد ولم يصلح هذه الإساءة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الاستعداد ليوم الكفارة

كان يساعد رئيس الكهنة أكثر من 500 كاهن، لكن هو وحده يقوم بكل العمل. وكان رئيس الكهنة يقضي السبعة أيام السابقة ليوم الكفارة في حجرة داخل الهيكل خارج بيته، ويلازمه الشيوخ يقرأون عليه أوامر الرب الخاصة بهذا اليوم مرارًا وتكرارًا ليحفظها. وفي الليلة السابقة لليوم كان يظل مستيقظًا حتى الصباح حتى لا يتعرض لحلم أو عارض ليل يدنس جسده والشيوخ حوله حتى لا يغفل.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

طقوس يوم الكفارة

يقوم رئيس الكهنة بأربع خدمات:-

1- خدمة الصباح اليومية (المحرقة الصباحية) يقوم بها رئيس الكهنة بدلًا من الكهنة.

* يرفع الكهنة الرماد القديم عند منتصف الليل حتى لا تقدم ذبائح يوم الكفارة عليها.

* يأخذون رئيس الكهنة إلى المغسل لغسل جسده، ويلبس رئيس الكهنة الملابس الفاخرة ويدخل القدس ويصلح السرج ثم يقدم المحرقة الدائمة خروفًا حوليًا مع 1/10 من دقيق ملتوت ثم يرفع البخور.

2- خدمة يوم الكفارة العظيم.

3- تقديم ذبائح إضافية (عد 29: 7 – 11) محرقات وذبائح خطية.

4- خدمة المساء اليومية التي تماثل خدمة الصباح. ويقوم بها رئيس الكهنة بملابسه الفاخرة.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

السيد المسيح والكفارة

  • خلع الملابس الفاخرة إشارة إلى إخلاء المسيح لذاته.

  • ارتداء ملابس بيضاء والاغتسال المتكرر رمز لطهارة المسيح وبره.

  • كان هذا اليوم يتكرر كل عام، وكأن فترة العام تشير لفترة بقاء المسيح بالجسد على الأرض.

  • في نهاية العام أي نهاية حياة المسيح على الأرض قدم نفسه كفارة عن خطايانا.

  • دخول رئيس الكهنة إلى قدس الأقداس يرمز لأن المسيح يحملنا فيه إلى حضن أبيه.

  • شفاعة رئيس الكهنة عن الشعب هي شفاعة المسيح عنا شفاعة كفارية.

  • عند دخول رئيس الكهنة للأقداس يتطلع الشعب كله للأقداس منتظرين خروجه ثانية، وهكذا نحن نتطلع للسماء منتظرين ظهور المسيح في مجيئه الثاني.

 

أية (1):- "1وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى بَعْدَ مَوْتِ ابْنَيْ هَارُونَ عِنْدَمَا اقْتَرَبَا أَمَامَ الرَّبِّ وَمَاتَا.

بعد موت ابني هرون = ربما خافوا من الاقتراب من الله لئلا يموتوا. ويكون المقصود هنا، لا تخافوا واقتربوا إلى الله ولكن راعوا توقير المكان والشرائع التي أعطيها لكم فلا تموتوا بل أقبلكم. ولكن إذا حدث تهاون واستهتار عند الاقتراب مني فستموتوا كما حدث لهم.

 

أية (2):- " 2وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «كَلِّمْ هَارُونَ أَخَاكَ أَنْ لاَ يَدْخُلَ كُلَّ وَقْتٍ إِلَى الْقُدْسِ دَاخِلَ الْحِجَابِ أَمَامَ الْغِطَاءِ الَّذِي عَلَى التَّابُوتِ لِئَلاَّ يَمُوتَ، لأَنِّي فِي السَّحَابِ أَتَرَاءَى عَلَى الْغِطَاءِ."

إلى القدس = المقصود قدس الأقداس وهذا يتضح مما بعده داخل الحجاب أمام الغطاء. والسبب أن الله بمجده في هذا المكان وقوله في السحاب أتراءى على الغطاء = يعني أن السحاب يحجب مجده ولا يظهر سوى ما نحتمل رؤيته. والغطاء هو هنا رمز لعرش الله. وكان رئيس الكهنة يدخل مرة واحدة كل سنة بمصاحبة طقس طويل والسبب في هذا ليس إنحجاب الله بل السبب فسادنا كبشر فلن نستطيع أن نحتمل. ولأن هناك حجاب قال بولس الرسول "أن طريق الأقداس لم يظهر بعد" (عب9: 8). وطقس يوم الكفارة هو ظل لعمل المسيح وشق الحجاب يوم صلبه أعلن نزع العداوة وأصبحنا ندخل هيكل الله كل وقت نتناول جسده ودمه ولكن لنحذر من التهاون.

ملحوظات:-

1) يدخل هرون مرة واحدة في السنة إلى قدس الأقداس، وهذا إشارة لأن المسيح رئيس كهنتنا دخل مرة واحدة إلى السماء، لكن المسيح دخل لا ليخرج ثانية.

2) من رأى مجد الله فوق تابوت العهد قال أنه مثل ضوء فسفوري أخضر يبعث في النفس سلاما وسكينة، فأسموه الشاكيناه.

3) الله لا يريد أن يحجب مجده عن البشر بل أن نراه في مجده (راجع إصحاح لا 9 + خر 19، خر 20) ولكن بسبب خطايانا لا يتراءى الله للبشر، فإلهنا نار آكلة تشتعل فينا بسبب الخطية فنموت، لذلك قال الرب لموسى "لا يراني الإنسان ويعيش" (خر 33). ولكننا في السماء "سنراه كما هو" (1يو3: 2).

 

أية (3):- " 3بِهذَا يَدْخُلُ هَارُونُ إِلَى الْقُدْسِ: بِثَوْرِ ابْنِ بَقَرٍ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَكَبْشٍ لِمُحْرَقَةٍ. "

بهذا يدخل هرون = يحتاج لمحرقة وذبيحة خطية عن نفسه حتى يستطيع الدخول فهو كرئيس كهنة خاطئ أيضًا. والكاهن المسيحي في القداس دائمًا يصلي قائلًا "عن خطاياي وجهالات شعبك". إذًا رئيس الكهنة يحتاج أن يقدم ذبائح عن نفسه كما عن الشعب. وذبيحة الخطية تشير لغفران الخطايا (جانب سلبي). والمحرقة تشير إلى تقديم حياتنا ذبيحة طاعة للرب (جانب إيجابي). والمحرقة كان الله يشتمها كرائحة سرور، لأن الله كان يرى فيها طاعة ابنه، والذي فيه سنحسب كلنا طائعين. فبتقديم المحرقة يُحسب رئيس الكهنة مقبولا طائعا فيكون رائحة سرور أمام الله.

وكان رئيس الكهنة يشتري الثور والكبش من ماله الخاص وليس من مال الهيكل.

 

أية (4):- " 4يَلْبَسُ قَمِيصَ كَتَّانٍ مُقَدَّسًا، وَتَكُونُ سَرَاوِيلُ كَتَّانٍ عَلَى جَسَدِهِ، وَيَتَنَطَّقُ بِمِنْطَقَةِ كَتَّانٍ، وَيَتَعَمَّمُ بِعِمَامَةِ كَتَّانٍ. إِنَّهَا ثِيَابٌ مُقَدَّسَةٌ. فَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ وَيَلْبَسُهَا."

إذ ينتهي رئيس الكهنة من الخدمة الصباحية الدائمة ليبدأ طقس يوم الكفارة يخلع ملابسه الذهبية التي للمجد (إشارة لتخلي المسيح عن صورة مجده آخذًا صورة عبد) ويرحض جسده بماء ويرتدي ملابس كتانية (إشارة لطهارة وبر المسيح) "من منكم يبكتني على خطية " (يو8: 46). وهو الذي رُفِع على الصليب عريانًا ليكسونا بثوب بره. وقد يشير هذا الطقس أيضًا إلى أن يشعر رئيس الكهنة أنه مثل الكهنة الكل يحتاج للتكفير. ولاحظ أن الكتان هو من نبات الأرض، لذلك هو يشير لجسد المسيح الذي لبسه، فقد قيل عن الجسد: من تراب وإلى تراب يعود: "لأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ" (تك3: 19). ولذلك نقول في التسبحة "هو أخذ الذي لنا ليعطينا الذي له".

 

أية (5):- " 5وَمِنْ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَأْخُذُ تَيْسَيْنِ مِنَ الْمَعْزِ لِذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا لِمُحْرَقَةٍ. "

من جماعة بني إسرائيل يأخذ تيسين = هذا من مال الجماعة (من صندوق الهيكل) فهو عن كل الجماعة.

 

أية (6):- " 6وَيُقَرِّبُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ، وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ."

يقرب هرون ثور الخطية = أي يقدمه ذبيحة فكلمة يقرب تستخدم بهذا المعنى. وكان هناك نص يقال كاعتراف بخطيته قبل أن يقدم الثور ذبيحة. وفي هذا النص كان يذكر اسم يهوه 10 مرات، وفي كل مرة يخر الجميع شعبًا وكهنة ساجدين قائلين "مبارك هو الاسم، المجد لملكوته إلى أبد الأبد".

 

الآيات (7-8):- "7وَيَأْخُذُ التَّيْسَيْنِ وَيُوقِفُهُمَا أَمَامَ الرَّبِّ لَدَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. 8وَيُلْقِي هَارُونُ عَلَى التَّيْسَيْنِ قُرْعَتَيْنِ: قُرْعَةً لِلرَّبِّ وَقُرْعَةً لِعَزَازِيلَ."

كان التيسين واحد منهم يُقَدَّم ذبيحة خطية، والآخر يطلق في البرية إعلانًا عن حمل الخطايا ورفعها. وكانت تلقى عليهم قرعة، مَنْ يُقَدَّم ذبيحة ومَنْ يُطْلَق حيًا. ولنلاحظ أن من يموت يشير للمسيح الذي صلب ومات بسبب خطايانا. والذي يطلق حيًا يشير له من حيث أنه قام غافرًا خطايانا. ويمكن القول أن الأول الذي مات يشير لأنه بموته يعطي المجد للرب الإله القدوس، الذي لا يحتمل ولا يرضَى بالخطية. والثاني يعطي راحة للشعب بأن خطاياهم رفعت. الذي يُذبح تتم به المصالحة، والذي يطلق حيا يشير لحياة المسيح التي أصبحنا نحيا بها كما قال القديس بولس الرسول "لِأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ ٱللهِ بِمَوْتِ ٱبْنِهِ، فَبِٱلْأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ" (رو10:5). فالأول الذي يموت هو نصيب الرب لمجده، فمجد الله يظهر في إعلان قداسته ورفضه للخطية وموت الخطية مع التيس الذي مات كما ماتت الخطية مع المسيح الذي مات على الصليب حاملا خطايانا. والآخر خاص بالشعب يرمز لغفران خطاياهم فتصير لهم حياة ولا يموتوا. وكان التيسين يجب أن يكونوا متشابهين في الحجم والشكل والقيمة وإن أمكن يشتريان في وقت واحد. وهناك عدة أراء في كلمة عزازيل:=

1- يرى البعض أن عزازيل إسم شخص علم، ويعني به الشيطان. وأن انطلاق التيس في البرية يشير إلى قوة الذبيحة التي تتحدى الشيطان، الخطية حملها التيس المذبوح، والتيس الحي الذي يمثل المسيح الحي القائم من بين الأموات يتحدى سلطان الموت، ويغلبه مانحا الحياة لمن يتبعه "لِكَيْ يُبِيدَ بِٱلْمَوْتِ ذَاكَ ٱلَّذِي لَهُ سُلْطَانُ ٱلْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ" (عب14:2). لذلك ترتل الكنيسة قائلة "بالموت داس الموت، والذين في القبور أنعم عليهم بالحياة الأبدية". قوة الحياة التي في المسيح ابتلعت الموت. وكأن المسيح قد جاء ليحطم إبليس في عُقْر داره. ولاحظ أن الشيطان يُنْسَب له السكن في الأماكن الخربة المهجورة (راجع إش13:21 + مت12: 43 + لو11: 24 + رؤ18: 12). وهذا ما حدث يوم معمودية المسيح أنه إنطلق إلى البرية وإنتصر على إبليس يوم التجربة. (راجع أن بعضهم حسب يوم عماد المسيح أنه العاشر من الشهر السابع). وهذا التفسير يوافق قوله قرعة للرب وقرعة لعزازيل.

2- يرى آخرين أن قوله عزازيل من أصل "عزل" العبرية تعني أفرز أو أبعد (وهي نفسها في العربية). بمعنى الإقصاء التام أو العزل الكامل. ومغفرة الخطايا عبر عنها بإقصائها إلى أقاصي الأرض أو أعماق البحر "يَعُودُ يَرْحَمُنَا، يَدُوسُ آثَامَنَا، وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ ٱلْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ (مز103: 12؛ مي 7: 19) . وكأن ذبح التيس الأول يشير لحمل السيد للخطية للتكفير عنها، أما إطلاق الثاني فيشير إلى إنتزاعها تمامًا وإقصائها بعيدًا عن الشعب فيحيا الشعب ولا يموت ، وهذا ما قاله القديس بولس الرسول "... صولحنا مع الله بموت إبنه... ونخلص بحياته" (رو5: 10).

والرأيين هما شيء واحد إذا تذكرنا أن الشيطان إسمه المشتكي. فالمسيح يواجهه بأنه حمل خطايانا وطرحها وعزلها بأن مات نيابة عنا وقام ليحيينا معه. وها تيسٌ حمل الخطايا ومات فأماتها معه. والآخر ها هو حي ويعلن أن خطايا الشعب قد عزلت وتبرروا أمام الله. وهذا يرمز لأن المسيح بصليبه مات وقام ليحيينا. وها هو المسيح حي ونحن أحياء فيه، بينما كان الشيطان يريد موت المسيح، وموتنا كبشر. أصبح الشيطان الآن غير قادر أن يشتكي علينا فقد رفعت عنا خطايانا وعزلت (رو24:3 + رو8: 33-34). ويكمل المعنى بقول المرتل "ترَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ" (مز5:23)، فخطايانا الحالية لها حل وهو سر التوبة والإعتراف وسر الإفخارستيا = مائدة تجاه مضايقينا من الشياطين الذين يشتكون علينا.

 

الآيات (9-10):- 9وَيُقَرِّبُ هَارُونُ التَّيْسَ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِلرَّبِّ وَيَعْمَلُهُ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ. 10وَأَمَّا التَّيْسُ الَّذِي خَرَجَتْ عَلَيْهِ الْقُرْعَةُ لِعَزَازِيلَ فَيُوقَفُ حَيًّا أَمَامَ الرَّبِّ، لِيُكَفِّرَ عَنْهُ لِيُرْسِلَهُ إِلَى عَزَازِيلَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ."

حتى هذه الآية شرح ماذا سيقدمه هرون ولكن حتى هذه الآية لم تقدم ذبيحة واحدة. والذبائح أو الحيوانات المشار إليها حتى الآن كلها واقفة أمام الرب لدى باب خيمة الاجتماع وهي:-

ثور (ذبيحة خطية) وكبش (المحرقة) آية 3، 6 عن هرون وبنيه.

تيسين ماعز (ذبيحة خطية) وكبش (المحرقة) آية 5 عن الشعب.

 

أية (11):- " 11«وَيُقَدِّمُ هَارُونُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ، وَيَذْبَحُ ثَوْرَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لَهُ،"

هنا يقدم هرون الثور ذبيحة خطية عن نفسه وعن بيته.

 

الآيات (12-13):- 12وَيَأْخُذُ مِلْءَ الْمَجْمَرَةِ جَمْرَ نَارٍ عَنِ الْمَذْبَحِ مِنْ أَمَامِ الرَّبِّ، وَمِلْءَ رَاحَتَيْهِ بَخُورًا عَطِرًا دَقِيقًا، وَيَدْخُلُ بِهِمَا إِلَى دَاخِلِ الْحِجَاب 13وَيَجْعَلُ الْبَخُورَ عَلَى النَّارِ أَمَامَ الرَّبِّ، فَتُغَشِّي سَحَابَةُ الْبَخُورِ الْغِطَاءَ الَّذِي عَلَى الشَّهَادَةِ فَلاَ يَمُوتُ."

هنا يدخل هرون للمرة الأولى إلى داخل قدس الأقداس ومعه المجمرة الذهبية (تُسْتَخْدَم في هذا اليوم فقط) وبخورًا. وكان يدخل بجنبه كي لا يتطلع بعينيه إلى تابوت العهد. ويضع البخور في المجمرة، ويقدم صلاة خاصة يسترضي بها الله ويطلب عن الشعب. ويخرج رئيس الكهنة من قدس الأقداس بظهره حتى يكون وجهه متجهًا أمام الرب فلا يصح أن يعطي ظهره للرب، وهكذا يفعل الكاهن القبطي الآن فهو يخرج من الهيكل ووجهه ناحية المذبح.

والبخور يشير لتجسد المسيح. فالنار في المجمرة تشير للمسيح بلاهوته في بطن العذراء. والمسيح حياته كانت رائحة طيبة سواء للآب أو لنا نحن شعبه، هو رائحة زكية أمام الله.

فلا يموت = هذا يشير لشفاعة المسيح عنا شفاعة كفارية فلا نموت.

ملحوظة:- في رسالته إلى العبرانيين أشار بولس الرسول إلى المجمرة الذهبية ولم يذكر مذبح البخور (عب9: 4). وهذه المجمرة هي المذكورة في هذه الآية (لا16: 12). وكلا المجمرة ومذبح البخور يشيران لشفاعة المسيح الكفارية. وكان غرض الرسول من عدم ذكر مذبح البخور وذكر المجمرة بدلا منه أن يشير لأن المسيح يشفع فينا الآن في السماء. فقدس الأقداس يشير للسماء وغطاء تابوت العهد يشير لعرش الله. ولاحظ أن المجمرة تدخل مع رئيس الكهنة إلى قدس الأقداس.

ولاحظ أن البخور كان يقدم بعد تقديم الذبيحة، وهذا ما عمله المسيح تمامًا، أنه دخل إلى الأقداس ليشفع فينا بعد أن قدم نفسه ذبيحة على الصليب.

كل ما يشير للمسيح كان من خشب مغشى بالذهب. فالخشب يشير لناسوت المسيح، أما الذهب فيشير للاهوته. ولكن المجمرة كانت من ذهب فقط. فماذا كان يمثل ناسوت المسيح؟ هنا كان رئيس الكهنة الحامل للمجمرة الذهبية هو الذي يمثل ناسوت المسيح. وأيضًا فالجمر المشتعل يشير لناسوت المسيح المتحد بلاهوته، الجمر يشير لناسوته والنار تشير للاهوته. أما البخور المتصاعد فهو يشير لحياة المسيح ومحبته التي وصلت للصليب ولشفاعته فينا، هذا كما نراه نحن. والآب يرى الطاعة الكاملة والمحبة الكاملة وبها نصير نحن شعبه مقبولين وكاملين فيه (كو28:1). هذه هي شفاعة المسيح = فَتُغَشِّي سَحَابَةُ الْبَخُورِ الْغِطَاءَ الَّذِي عَلَى الشَّهَادَةِ فَلاَ يَمُوتُ = الذي سيحملنا مقبولين فيه فلا نموت بل سيحملنا فيه إلى أحضان أبيه السماوي.

 

أية (14):- "14ثُمَّ يَأْخُذُ مِنْ دَمِ الثَّوْرِ وَيَنْضِحُ بِإِصْبَعِهِ عَلَى وَجْهِ الْغِطَاءِ إِلَى الشَّرْقِ. وَقُدَّامَ الْغِطَاءِ يَنْضِحُ سَبْعَ مَرَّاتٍ مِنَ الدَّمِ بِإِصْبَعِهِ."

يتسلم رئيس الكهنة إناء الدم من الكاهن ويدخل للمرة الثانية إلى قدس الأقداس، وينضح بأصابعه مرة واحدة على غطاء التابوت من ناحيته التي للشرق أي التي للخارج (وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). ورش الدم على الغطاء يعني الكفارة، فداخل تابوت العهد لوحي الشريعة وعليهما الوصايا، ولوحي الشريعة يطلبان الموت للجميع، فالكل أخطأ، والناموس يقول " فتحفظون فرائضي وأحكامي التي إذا فعلها الإنسان يحيا بها" (لا18: 5). ولكن برش الدم فوق الغطاء، نجد الدم يطلب الرحمة والغفران، لذلك ترجمت النسخة اليونانية المعروفة باسم السبعينية الغطاء بكرسي الرحمة أي (عرش الرحمة).

ثم ينضح 7 مرات على أرضية قدس الأقداس أمام التابوت. فالطريق لقدس الأقداس لا يفتح سوى بالدم. ورقم 7 يشير لكمال الغفران وقوله للشرق يشير للمسيح شمس البر الذي ظهر نجمه في المشرق وبه كانت الكفارة. لاحظ أن الخيمة كانت متجهة للغرب، وهذا يعني أن رئيس الكهنة كان يدور حول تابوت العهد وينظر للشرق ويرش الدم. وهذا يعني أن العبادة التي يقدمها لله في العهد القديم كانت رمزا للمسيح الآتي الذي ينتظر الكل مجيئه، أي متى تشرق يا شمس البر، وعبَّر إشعياء النبي عن هذا فقال "ليتك تشق السموات وتنزل" (إش64: 1).

* طقس تقديم الثور لرفع خطايا هرون وبيته كان ليؤهله لتقديم التيس عن الجماعة.

 

أية (15):- " 15«ثُمَّ يَذْبَحُ تَيْسَ الْخَطِيَّةِ الَّذِي لِلشَّعْبِ، وَيَدْخُلُ بِدَمِهِ إِلَى دَاخِلِ الْحِجَابِ. وَيَفْعَلُ بِدَمِهِ كَمَا فَعَلَ بِدَمِ الثَّوْرِ: يَنْضِحُهُ عَلَى الْغِطَاءِ وَقُدَّامَ الْغِطَاءِ،"

يذبح تيس الخطية (التيس الأول) الذي وقعت قرعته أنه ليهوه، ويفعل بدمه كما فعل بدم الثور. وهنا لا يضع يديه ويعترف بالخطايا. فهو مقدم عن خطايا الكل بصفة عامة. وهو يقدم لمجد الله.

 

أية (16):- " 16فَيُكَفِّرُ عَنِ الْقُدْسِ مِنْ نَجَاسَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَمِنْ سَيِّئَاتِهِمْ مَعَ كُلِّ خَطَايَاهُمْ. وَهكَذَا يَفْعَلُ لِخَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ الْقَائِمَةِ بَيْنَهُمْ فِي وَسَطِ نَجَاسَاتِهِمْ."

يكفر عن القدس بالدم لئلا يكون قد أساء إليه أحد من بني إسرائيل كهنة أو شعبًا. طالبًا مراحم الله حتى لا يترك الرب البيت بسبب خطاياهم. فبسبب خطاياهم ترك الرب التابوت ليد الفلسطينيين. بل وغادر الهيكل كله (حز11: 23). ونرى في (حز 8) كيف أساء الكهنة إلى هيكل الله وعبدوا الأوثان داخله، لذلك غادر الله الهيكل فصار ليس سوى حجار وإخشاب فهدمه البابليون فهو صار بلا حماية إذ غادره الله.

 

الآيات (17-19):- 17وَلاَ يَكُنْ إِنْسَانٌ فِي خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ مِنْ دُخُولِهِ لِلتَّكْفِيرِ فِي الْقُدْسِ إِلَى خُرُوجِهِ، فَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ بَيْتِهِ وَعَنْ كُلِّ جَمَاعَةِ إِسْرَائِيلَ. 18ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الْمَذْبَحِ الَّذِي أَمَامَ الرَّبِّ وَيُكَفِّرُ عَنْهُ. يَأْخُذُ مِنْ دَمِ الثَّوْرِ وَمِنْ دَمِ التَّيْسِ وَيَجْعَلُ عَلَى قُرُونِ الْمَذْبَحِ مُسْتَدِيرًا. 19وَيَنْضِحُ عَلَيْهِ مِنَ الدَّمِ بِإِصْبَعِهِ سَبْعَ مَرَّاتٍ، وَيُطَهِّرُهُ وَيُقَدِّسُهُ مِنْ نَجَاسَاتِ بَنِي إِسْرَائِيلَ."

ولا يكن إنسان في خيمة الاجتماع = فلا أحد من البشر يقوم بدور ما في عمل الكفارة. العمل كله عمل المسيح رئيس الكهنة الذي يقوم بدوره هرون الآن. بل أن في عدم وضع يد هرون على تيس الخطية واعترافه، معنى أن المسيح جاء إلينا ليكفر عن خطيتنا دون أن نسأله أو نعترف بخطايانا. بل هو أتى لنا دون أن نشعر أننا في احتياج إليه وقام بالعمل كله بمفرده كما قيل في سفر إشعياء " دست المعصرة وحدي " (اش 63: 3).

والتكفير هنا عن الكهنة ورئيسهم والشعب والخيمة بمشتملاتها. ولذلك يكفر بدم ثور ودم التيس معًا. (دم الثور هو تكفير عن رئيس الكهنة ودم التيس عن الشعب كله). الكل أخطأ والكل محتاج للتكفير. وكما قلنا فإن رئيس الكهنة وحده في الأقداس يشير للمسيح الذي دخل وحده للأقداس السماوية ودمه الآن يقدسنا ويكفر عنا. ثم يخرج إلى المذبح = غالبًا هو مذبح المحرقة لأنه سبق وكفر عن القدس الذي يشمل مذبح البخور.

ولكن ما معنى تطهير المذبح ولماذا ينص عليه مستقلًا؟ سبق وعرفنا من دراسة خيمة الاجتماع أن مذبح المحرقة يشير للمسيح حامل خطايانا، وتطهير المذبح يشير إلى أن المسيح بالرغم من حمله لخطايانا فهي لم تنجسه بل ظل كما هو القدوس الذي بلا شر.

 

الآيات (20-22):- 20«وَمَتَى فَرَغَ مِنَ التَّكْفِيرِ عَنِ الْقُدْسِ وَعَنْ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَعَنِ الْمَذْبَحِ، يُقَدِّمُ التَّيْسَ الْحَيَّ. 21وَيَضَعُ هَارُونُ يَدَيْهِ عَلَى رَأْسِ التَّيْسِ الْحَيِّ وَيُقِرُّ عَلَيْهِ بِكُلِّ ذُنُوبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَكُلِّ سَيِّئَاتِهِمْ مَعَ كُلِّ خَطَايَاهُمْ، وَيَجْعَلُهَا عَلَى رَأْسِ التَّيْسِ، وَيُرْسِلُهُ بِيَدِ مَنْ يُلاَقِيهِ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، 22لِيَحْمِلَ التَّيْسُ عَلَيْهِ كُلَّ ذُنُوبِهِمْ إِلَى أَرْضٍ مُقْفِرَةٍ، فَيُطْلِقُ التَّيْسَ فِي الْبَرِّيَّةِ."

هنا يعترف رئيس الكهنة بكل ذنوب الشعب وذنوبه. وكأنه يلقي بكل الخطايا عليه، ويعترف عن خطاياه وخطايا الشعب بنصوص محددة. ويرسل التيس مع أحد الكهنة.

(يعينه رئيس الكهنة) ليطلقه في البرية = ويرسله بيد من يلاقيه = أي بيد أي كاهن. ولكن اليهود خوفًا من أن يأخذ أحد هذا التيس صاروا فيما بعد يلقون هذا التيس من فوق صخرة، ولكن هذا الأسلوب لم يأمر به الكتاب، فهم غيروا تعاليم الله بحسب أقوال معلميهم "أبطلتم وصية الله بسبب تقليدكم" (مت15: 6). وقد عُرِفَ أسلوب قتل التيس الثاني في مدة الهيكل الثاني.

ولكن بحسب تعاليم الكتاب كان يجب إطلاقه حيًا ليرمز هذا لقيامة المسيح غافرًا ذنوبنا. وكان عند إطلاق هذا التيس يشعر الشعب براحة فقد غفرت ذنوبهم.

 

الآيات (23-28):- 23ثُمَّ يَدْخُلُ هَارُونُ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَيَخْلَعُ ثِيَابَ الْكَتَّانِ الَّتِي لَبِسَهَا عِنْدَ دُخُولِهِ إِلَى الْقُدْسِ وَيَضَعُهَا هُنَاكَ. 24وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ، ثُمَّ يَلْبَسُ ثِيَابَهُ وَيَخْرُجُ وَيَعْمَلُ مُحْرَقَتَهُ وَمُحْرَقَةَ الشَّعْبِ، وَيُكَفِّرُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنِ الشَّعْبِ. 25وَشَحْمُ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ يُوقِدُهُ عَلَى الْمَذْبَحِ. 26وَالَّذِي أَطْلَقَ التَّيْسَ إِلَى عَزَازِيلَ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ يَدْخُلُ إِلَى الْمَحَلَّةِ. 27وَثَوْرُ الْخَطِيَّةِ وَتَيْسُ الْخَطِيَّةِ اللَّذَانِ أُتِيَ بِدَمِهِمَا لِلتَّكْفِيرِ فِي الْقُدْسِ يُخْرِجُهُمَا إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ، وَيُحْرِقُونَ بِالنَّارِ جِلْدَيْهِمَا وَلَحْمَهُمَا وَفَرْثَهُمَا. 28وَالَّذِي يُحْرِقُهُمَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ يَدْخُلُ إِلَى الْمَحَلَّةِ."

يعود هرون ويلبس ثياب البهاء كما عاد المسيح وجلس عن يمين الآب ويقوم بتقديم المحرقات عن نفسه وعن الشعب بعد أن يرحض جسده بماء. ولم يكن ممكنًا لرئيس الكهنة أن يقدم المحرقات التي هي موضع سرور الله إلًا بعد التكفير عن نفسه وعن كل الشعب خلال ذبيحة الخطية.

وكان هناك ذبائح إضافية (راجع عد 29: 7 – 11) مع تقدماتها وسكائبها (عد28: 12–14) ويرى بعض الدارسون أن هذه الذبائح كانت تقدم بعد المحرقة الصباحية. ويقدم رئيس الكهنة أيضًا ذبيحة خطية إضافية هي تيس من المعز (عد29: 10، 11) خشية أن تكون هناك أخطاء ارتكبت سهوًا أثناء خدمة اليوم سواء من جانب الكهنة أو رئيس الكهنة أو أحد من الشعب، وأما الذي أطلق التيس الحي والذين حملوا لحم ذبائح الخطية فيغسلوا ثيابهم ويرحضوا جسدهم بماء، فهم قد تنجسوا بلمسهم للتيس حامل الخطايا أو بذبائح الخطية. وأليس عجيبًا أن يتنجس من حمل ذبيحة الخطية هذه ولا يتنجس الكاهن الذي يأكل من ذبائح الخطية؟! هذا لا يُفهم إلا لو فهمنا أن الكاهن الذي يأكل من ذبيحة الخطية يرمز للمسيح الذي حمل خطايانا دون أن يتنجس.

وبالنسبة للحم ذبائح الخطية العادية وجلدها كانوا من نصيب الكاهن ولكنهم يحرقونهم في هذا اليوم.

 

أية (29):- "29«وَيَكُونُ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً، أَنَّكُمْ فِي الشَّهْرِ السَّابعِ فِي عَاشِرِ الشَّهْرِ تُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ، وَكُلَّ عَمَل لاَ تَعْمَلُونَ: الْوَطَنِيُّ وَالْغَرِيبُ النَّازِلُ فِي وَسَطِكُمْ. "

 تذللون أنفسكم = تصومون (إش58: 3، 5، 10 + مز35: 13). وهذا الصوم هو الوحيد الذي سَنَّه موسى. وكانوا يصومون من مساء اليوم التاسع حتى مساء اليوم العاشر. وكانوا يمتنعون عن الأكل والشرب وغسل الرأس ودهنها والعلاقات الزوجية ولبس الأحذية وكل ما يدل على الفرح. وكانوا يمتنعون عن أي عمل. وعبارة تذللون أنفسكم تعني تقديم توبة وتعويض الآخرين عن ما أخطأوا به في حقهم. وقوله فريضة دهرية = أي يلتزمون بها حتى يأتي رئيس الكهنة الأعظم ربنا يسوع فيتممه في جسده.

 

أية (30):- "30لأَنَّهُ فِي هذَا الْيَوْمِ يُكَفِّرُ عَنْكُمْ لِتَطْهِيرِكُمْ. مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاكُمْ أَمَامَ الرَّبِّ تَطْهُرُونَ. "

 

أية (31):- "31سَبْتُ عُطْلَةٍ هُوَ لَكُمْ، وَتُذَلِّلُونَ نُفُوسَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً. "

سبت عطلة = أي هو يوم عطلة وراحة. وإذا جاء يوم سبت يسمى سبت السبوت أو راحة الراحات.

 

أية (32):- " 32وَيُكَفِّرُ الْكَاهِنُ الَّذِي يَمْسَحُهُ، وَالَّذِي يَمْلأُ يَدَهُ لِلْكَهَانَةِ عِوَضًا عَنْ أَبِيهِ. يَلْبَسُ ثِيَابَ الْكَتَّانِ، الثِّيَابَ الْمُقَدَّسَةَ،"

كان الكاهن الأعظم يمسح ابنه ليكهن مكانه ويقوم بشريعة يوم الكفارة وكانوا يختارون ابن رئيس الكهنة بشرط كمالات صفاته. هنا يشير لأنه بموت رئيس الكهنة يأخذ ابنه مكانه ليقدم رئيس الكهنة الجديد ذبيحة الكفارة عنه وعن الشعب، وفي هذا قال بولس الرسول "وَأُولئِكَ قَدْ صَارُوا كَهَنَةً كَثِيرِينَ من أَجلِ مَنْعِهِمْ بِالْمَوْتِ عَنِ الْبَقَاءِ، وَأَمَّا هذَا فَمِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَبْقَى إِلَى الأَبَدِ، لَهُ كَهَنُوتٌ لاَ يَزُولُ" (عب7: 23، 24). وهنا نجد الرسول يقارن بين عظمة كهنوت المسيح الحي للأبد، بالنسبة لرؤساء الكهنة اليهود الذين كانوا يموتون ويقوم غيرهم ليرث منهم كهنوتهم. ويضاف لهذا أن رؤساء الكهنة اليهود كانوا يقدمون ذبائح عن أنفسهم إذ هم بشر يخطئون أما المسيح فكان بلا خطية.

 

ملحوظة:- كان هذا العيد يختلف عن عيد المظال وباقي الأعياد فهذا اليوم هو يوم تذلل وأما باقي الأعياد فأيام فرح. ولذلك أفرد ذكر طقسه في إصحاح مستقل وليس في إصحاح (23) وهو إصحاح الأعياد. وكان هذا ليشعر الشعب أنه طقس منفرد ليس له مثيل. وكان لهم طقوس ممتعة جدًا في هذا اليوم، وإكتفى في (لا 23) بأنه يوم عطلة. ولا نجد هنا طقس تقدمة دقيق فموضوعنا ليس حياة المسيح والشركة معه بل هو تقديم المسيح ذبيحة كفارة عنا.

 

الآيات (33-34):- "33وَيُكَفِّرُ عَنْ مَقْدِسِ الْقُدْسِ. وَعَنْ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَالْمَذْبَحِ يُكَفِّرُ. وَعَنِ الْكَهَنَةِ وَكُلِّ شَعْبِ الْجَمَاعَةِ يُكَفِّرُ. 34وَتَكُونُ هذِهِ لَكُمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً لِلتَّكْفِيرِ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ جَمِيعِ خَطَايَاهُمْ مَرَّةً فِي السَّنَةِ». فَفَعَلَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى."

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات اللاويين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/03-Sefr-El-Lawyeen/Tafseer-Sefr-El-Lawieen__01-Chapter-16.html

تقصير الرابط:
tak.la/9s7yvmz