محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
سفر رويا يوحنا الإنجيلي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17
نرى هنا صورة للعداء الدائم بين إبليس وبين الكنيسة، والحرب التي يثيرها دائمًا ضد الكنيسة. ولكنه عدو مهزوم ساقط مطرود من السماء بينما أن الكنيسة سمائية.
هنا نرى الكنيسة مشبهة بامرأة فهي عروس المسيح. وفي إصحاح 17 نرى امرأة أخرى أسماها الزانية العظيمة وهذه عروس الشيطان. إذًا نحن أمام صورتين في سفر الرؤيا:-
الأولى:- هي الكنيسة كعروس وعريسها المسيح (رؤ1:12 + رؤ2:21).
الثانية:- هي بابل الزانية العظيمة وعريسها الشيطان (رؤ1:17-7).
آية 1 "وَظَهَرَتْ آيَةٌ عَظِيمَةٌ فِي السَّمَاءِ: امْرَأَةٌ مُتَسَرْبِلَةٌ بِالشَّمْسِ، وَالْقَمَرُ تَحْتَ رِجْلَيْهَا، وَعَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا،"
امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها = هذه الصورة تذكرنا بسفر نشيد الأناشيد، الذي هو حوار بين العريس (المسيح) والعروس (الكنيسة) وفيه يصف العريس عروسه بأنها "جميلة كالقمر طاهرة كالشمس" وهي جميلة لأنها كالقمر، والقمر يعكس نور الشمس، والشمس إشارة للمسيح شمس البر. فكما هو نور للعالم (يو12:8) فهي نور للعالم (مت14:5) هي تستمد جمالها منه، بل هي تعكس جماله. هو سر جمالها. وهي طاهرة كالشمس لأنها متسربلة بالشمس. لا يظهر عريها ولا خطاياها، فهي طالما في عريسها المسيح لا يظهر منها سواه "قد صالحكم الآن في جسم بشريته بالموت ليحضركم قديسين وبلا لوم ولا شكوى أمامه" (كو22،21:1) لقد لبست الكنيسة عريسها المسيح شمس البر (رو14:13). وهذا معنى أن جلد الذبيحة ستر عُري أبوينا آدم وحواء.
آية عظيمة في السماء = فهذه العروس سماوية
1. تصلي أبانا الذي في السموات إذًا أباها سماوي.
2. سيرتها في السماوات (في 20:3). سيرتها أي أن مواطنتها سماوية.
3. عريسها أقامها معه وأجلسها معه في السماويات (أف6:2). وهي آية، فكيف تكون وهي أرضية. وتحيا في نفس الوقت في السماويات. هذا لأن عريسها في وسطها "ها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت20:28) وبحسب وعده "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" وهذا معنى"طأطأ السموات ونزل" (مز 18: 9)
والامرأة هي الكنيسة. وهناك من قال أنها العذراء ولا خلاف بين الرأيين، فالعذراء هي أم المسيح، وجسد المسيح هو كنيسته. والكنيسة ليست هي كنيسة العهد الجديد فقط، بل هي كنيسة العهد القديم والعهد الجديد. والمسيح أتى ليجعل الاثنين واحدًا (أف14:2). وعلينا أن نفهم أنه ليس هناك دين يهودي ودين مسيحي، فالدين المسيحي هو امتداد وتكميل للدين اليهودي والمسيح "ما أتى لينقض بل ليكمل" وكنيسة العهد الجديد هي امتداد لكنيسة العهد القديم. هما جسد واحد بلا انفصال. المدخل لهذا الجسد هو رقم 12:
12= 3 × 4
4 تشير إلى:- العمومية أي كل العالم.
3 تشير إلى:-
(1) المؤمنين بالله مثلث الأقانيم.
(2) الذين يعمل فيهم الروح القدس الأقنوم الثالث.
(3) الذين لهم قيامة من موت الخطية.
إذًا رقم 12 يشير لشعب الله في كل العالم.
ولذلك نلاحظ أن كنيسة العهد القديم مؤسسة على 12 سبطًا. وكنيسة العهد الجديد مؤسسة على 12 تلميذًا. وكلاهما جسد واحد تمثله هذه المرأة.
إذا كنيسة العهد الجديد هي امتداد لكنيسة العهد القديم، ولكن من رفض الإيمان بالمسيح من اليهود خرج من الكنيسة ولم يعد يحسب من شعب الله (رو11).
ولاحظ أن الكنيسة مكانها في السماء، تعيش غريبة على الأرض. والأرض أو العالم شُبِّه بالبحر، فمياهه (ملذاته) مالحة تصيب كل من يشرب منها بالعطش، وأمواج البحر تشبه العالم في أنه يرفع الإنسان يومًا ويخفضه يوما. والعالم مشبه بالبحر، فالإنسان لا يستطيع أن يعيش في البحر، بل هو سيموت.
متسربلة بالشمس = المسيح هو شمس البر (ملا2:4). وبولس الرسول يقول البسوا المسيح (رو14:13). إذًا الكنيسة لها صورة عريسها أي صورة المسيح.
والقمر تحت رجليها = القمر إشارة للقديسين، فالقمر يعكس نور الشمس، ويستمد ضياءه من الشمس، وهكذا القديسين هم نور للعالم إذ يعكسون نور المسيح الذي فيهم. وكونهم تحت قدميها فهذا يشير لموت القديسين سواء باستشهاد أو موت طبيعي فالموت موضوع لكل إنسان (عب27:9).
على رأسها إكليل من إثني عشر كوكبًا = هم المؤمنين بالله في كل الأزمنة، وهم تاج جهاد الكنيسة دائما، هم يضيئون جبين الكنيسة وينشرون نورها في كل العالم بإيمانهم وقداستهم. وقد يكونوا هم الأسباط أو تلاميذ السيد المسيح (12).
ويمكننا فَهْم الصورة السابقة تاريخيًّا. فكون المرأة تلد ابنا ذكرا كما سيأتي في آية 5. فالابن الذكر هو المسيح، وتكون المرأة هنا هي كنيسة العهد القديم (الشعب اليهودي). وبعد أن تلد الابن الذكر لا يعود هناك يهودي وأممي، بل الكل كنيسة واحدة هي القمر. وكون القمر تحت رجلي المرأة فهذا يعني أنه بعد أن أدت كنيسة العهد القديم دورها وولد منها المسيح جاءت الكنيسة، بمعنى أن الكنيسة تاريخيًا تأتي بعد الشعب اليهودي، وهذا تم التعبير عنه بأنها تحت رجلي المرأة.
وعلى رأسها إكليل من إثنى عشر كوكبا = هناك رأي آخر وهو غالبًا الأدق أن هؤلاء هم قديسي وشهداء الكنيسة سواء من العهد الجديد أو العهد القديم، فكما اتفقنا أن كلا العهدين هما كنيسة واحدة. وهؤلاء الاثني عشر هم كواكب . والكواكب عالين في السماء. والقديس بولس الرسول قال عنهم " سحابة من الشهود " (عب12: 1) ولو قلنا أنهم الأسباط الاثني عشر فهل نضع رأوبين الذي أخطأ والإخوة العشر الذين دبروا المؤامرة على أخيهم يوسف ولا نضع الأنبياء، بل والآباء إبراهيم وإسحق ويعقوب. ولو قلنا هم تلاميذ المسيح فهل لا نضع بينهم بولس الرسول ومارجرجس وكل الشهداء.
وبهذا يصبح القمر هو كنيسة العهد القديم، ومنها وُلِدَ رب المجد المسيح شمس البر ليؤسس كنيسة واحدة من اليهود والأمم وهي المرأة المتسربلة بالشمس. وجاء القمر تحت رجليها فكنيسة العهد القديم تاريخيًّا تسبق الكنيسة. وعلى رأس الكنيسة شهدائها وقديسيها من كلا العهدين، فرقم 12 هو رقم يشير لمن هم من شعب المسيح = عَلَى رَأْسِهَا إِكْلِيلٌ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ كَوْكَبًا.
ولكن هل يمكن أن يُطلق على شعب العهد القديم أنه متسربل بالشمس والمسيح لم يكن قد تجسد بعد ولا صنع الفداء؟ قطعًا يمكن:-
1. بالرجوع لقصة حزقيا الملك وشفاءه (2مل20: 8-11)، رجعت الشمس لفترة ثم عادت لمسارها الطبيعي. ولأن حزقيا يشير للمسيح (راجع نقاط رموز حزقيا للمسيح في تفسير إش39) قيل أن رجوع الشمس للوراء يشير لتبرير المسيح شمس البر للمستحقين من شعب العهد القديم. وبهذا يكونوا قد تسربلوا بالشمس. ولنلاحظ أن الطريق الوحيد للتبرير هو بالمسيح. ونلاحظ أيضًا أن كنيسة المسيح هي كنيسة واحدة وحيدة سواء في العهد القديم أو العهد الجديد. هي كنيسة واحدة يبررها المسيح بدمه "غسلها وبيضها بدم الخروف" (رؤ7: 14).
2. لاحظ قول بولس الرسول "ٱلَّذِي قَدَّمَهُ ٱللهُ كَفَّارَةً بِٱلْإِيمَانِ بِدَمِهِ، لِإِظْهَارِ بِرِّهِ، مِنْ أَجْلِ ٱلصَّفْحِ عَنِ ٱلْخَطَايَا ٱلسَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ ٱلله (هذه عن تبرير المسيح لشعب العهد القديم) لِإِظْهَارِ بِرِّهِ فِي ٱلزَّمَانِ ٱلْحَاضِرِ، لِيَكُونَ بَارًّا وَيُبَرِّرَ مَنْ هُوَ مِنَ ٱلْإِيمَانِ بِيَسُوعَ" (وهذه عن تبرير المسيح لمن آمن به في العهد الجديد) (رو3: 25-26).
آية 2 "وَهِيَ حُبْلَى تَصْرُخُ مُتَمَخِّضَةً وَمُتَوَجِّعَةً لِتَلِدَ."
وهي حبلى = الكنيسة أم ولود، ولكن ولادتها لأبنائها تكون بصعوبة = تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلد = هكذا قال بولس الرسول "يا أولادي الذين أتمخض بكم إلى أن يتصور المسيح فيكم" (غل19:4). وبالنسبة لكنيسة العهد القديم فقد كانت تصرخ لتلد المسيح قائلة ليتك تشق السموات وتنزل (أش1:64) والمسيح أتى فعلا منهم وبالذات من سبط يهوذا. واليهود كانوا فعلا متلهفين لمجيء هذا المخلص الذي وُعِدوا به زمنا طويلا، بل حتى السامريين كانوا ينتظرونه كما قالت السامرية للسيد "أنا أعلم أن مسيا الذي يقال له المسيح يأتي" (يو 4: 25). وراجع تفسير قول الملاك ليوحنا اللاهوتي "فإن شهادة يسوع هي روح النبوة" (رؤ19: 10).
آية 3 "وَظَهَرَتْ آيَةٌ أُخْرَى فِي السَّمَاءِ: هُوَذَا تِنِّينٌ عَظِيمٌ أَحْمَرُ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ."
آية أخرى في السماء = فالشيطان أصله من السماء وسقط (أش12:14-15) + (حز11:28-17) وقد يعني القول أن ما يلي هو إعلان سماوي يعلنه الله لنا.
هوذا تنين = إشارة لقوته الهائلة. أَحْمَر= فالسيد المسيح قال عنه كان قتالا للناس من البدء ((يو 44:8). وكان السبب بخداعه لأبوينا الأولين آدم وحواء في هلاك نسلهم من البشر. لذلك ففي نفس الآية (يو 44:8) التي يقول فيها السيد عن الشيطان أنه كان قَتَّالًا للناس من البدء، يضيف أنه كذاب وأبو الكذاب وأنه ليس فيه حق، فبخداعه أهلك البشر. ولكم أثار أيضًا اضطهادات دموية ضد المؤمنين سال فيها دم كثير. وهو لا يكف عن التخريب والتدمير محاولا إهلاك أولاد الله. فالرأس إشارة للفكر.
له سبعة رؤوس = رقم 7 هو رقم الكمال والمعنى أنه دائم التفكير في القتال وتدبير الشر والإضطهاد ضد الكنيسة. وقد تشير الرؤوس السبعة للسبعة الممالك التي يعمل فيهم إبليس ليضطهدوا شعب الله كما سيأتي ذكره في إصحاح 17، وما يؤيد هذا أن على رؤوسه سبعة تيجان = فهو يتحكم في ملوك هذه الدول ليثيروا اضطهادًا ضد شعب الله. وكون أن له 7 تيجان ففي هذا إشارة إلى أنه ينصب نفسه ملكا في قلوب الأشرار، ويسيطر على أفكارهم وتصرفاتهم. وحيث أن رقم 7 هو رقم الكمال فالمقصود أن الكنيسة مضطهدة كل الزمان. فإبليس عدو الله يحارب الله وكنيسته في كل زمان ومكان، ولا يكف عن الحرب. ولذلك هو يحرك الملوك ضد الكنيسة. لذلك يقول القديس بولس الرسول "وَجَمِيعُ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَعِيشُوا بِالتَّقْوَى فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ يُضْطَهَدُونَ" (2تى3: 12).
وَعَشَرَةُ قُرُونٍ = القرن رمز للقوة، فهو يُستخدم كل شدة قوته ضد شعب الله لإفساد الإيمان. وقد يُفهم رقم 10 على أن عمل الشيطان دائما هو الحث على كسر الوصايا العشر. وهو يحارب المؤمنين بكل قوة ليسقطهم في مخالفة الوصايا (أف6: 12).
وقد تعني العشرة قرون 10 ملوك يساندون الوحش عند ظهوره لتحطيم الإيمان (رؤ17: 12). ولكن هؤلاء الملوك العشرة لن يظهروا قبل ظهور الوحش في نهاية الأيام وسيتحالفوا معه.
آية 4 "وَذَنَبُهُ يَجُرُّ ثُلْثَ نُجُومِ السَّمَاءِ فَطَرَحَهَا إِلَى الأَرْضِ. وَالتِّنِّينُ وَقَفَ أَمَامَ الْمَرْأَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَلِدَ، حَتَّى يَبْتَلِعَ وَلَدَهَا مَتَى وَلَدَتْ."
نجوم السماء = نفهم من هذا أن الشيطان، الملاك الساقط جذب معه ثلث الملائكة فصاروا شياطين (يه 6). وربما تشير لنجاحه في إسقاط عدد كبير من المؤمنين. فطرحها إلى الأرض = الشيطان وأتباعه من الملائكة الساقطين لم يعودوا بعد في السماء، وصار مجال عملهم الأرض. وهو حاول أن يبتلع المسيح الذي سيولد، ابتداء من إثارته لهيرودس ليقتل المسيح الطفل، فقتل أطفال بيت لحم. وحتى محاولته أن يقبض على نفس المسيح عند موته على الصليب كما تعود أن يمسك كل نفوس بني آدم ليأخذهم عند موتهم إلى الجحيم. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). لكن المسيح الذي بلا خطية انتصر عليه وأمسكه، وذلك شرحه السيد المسيح حينما قال "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء (يو30:14). فالمسيح لم يَقْبَل من يده أي خطية. ولذلك قام المسيح من الموت منتصرا على الموت وعلى إبليس. ونرى في الآية الآتية صعود المسيح بجسده للسماء ليعد لنا مكانا.
آية 5 "فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا عَتِيدًا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ. وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ وَإِلَى عَرْشِهِ،"
فَوَلَدَتِ ابْنًا ذَكَرًا
= هو المسيح وهو ذكر لأنه عريس الكنيسة. عَتِيدًا = مزمعا أَنْ يَرْعَى جَمِيعَ الأُمَمِ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ = رمز العدل والقوة والاقتدار، وهذا ما قيل في (مزمور 9،8:2) عن المسيح الذي أراد إبليس افتراسه، والمسيح هو الراعي الذي يضم إلى حظيرته جميع الأمم. أما الشيطان ومن يتبعه من كل قوى الشر يسحقهم بعصا من حديد. الأمم هنا يرمزون للشيطان وللوحش ومن يتبعهم. فالأمم في العهد القديم كانوا يعبدون الأوثان، والشيطان كان وراء هذه الأوثان.وَاخْتُطِفَ وَلَدُهَا إِلَى اللهِ = هذا إشارة لصعود المسيح بالجسد للسماء ليرفع البشرية الساقطة للأعالي. وقوله اخْتُطِفَ إشارة لأن لاهوته المتحد بناسوته هو الذي رفع الناسوت للسماء.
آية 6 "وَالْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا."
الْمَرْأَةُ هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ
= هي الكنيسة التي تعيش في العالم كأنه برية، حاسبة إياه أنه برية، غير مهتمة بملذاته، بعيدا عن ضجيج العالم، شاعرة بغربة في هذا العالم، كما نصلي في القداس قائلين "ونحن الغرباء في هذا العالم". وهذه الكنيسة التي تحيا في العالم حاسبة أنه خراب بالنسبة لها (شرور العالم) يلاطفها الله قائلا "لكن هأنذا أتملقها وأذهب بها إلى البرية وألاطفها" (هو14:2) وهذه عن تعزيات الله لمن يحيا في العالم كغريب.حيث لها موضع معد من الله = فالله يعد لكل منا مكانا يعيش فيه وله عمل يشهد به لله. لكي يعولها = روحيًا وماديا بل ورعاية كاملة، كما عال بني إسرائيل بالمن في سيناء وإحدى صور الهروب هي صورة هروب الرب يسوع مع أمه العذراء إلى ارض مصر. وقيل أنهم أقاموا في مصر ثلاث سنوات ونصف. فمن يريد أن يهرب من التنين يذهب إلى البرية.
الف ومئتين وستين يومًا = أي 3,5 سنة. وهذا الرقم يعني أنه وضع مؤقت لأن الهروب للبرية هو وضع مؤقت غير دائم، فالكنيسة ستحيا في صراع لكن ليس على الدوام، بل ستأتي النصرة في النهاية... وكأن المسيح ما زال يردد "أما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة" (مت40:26). ونلاحظ أن الـ1260 يومًا هي مدة سيطرة ضد المسيح أو مدة حكمه (رؤ2:11) لذلك قد تفهم هذه الآية أن الكنيسة ستهرب من وجه ضد المسيح فعلا إلى الجبال والبراري من شدة الضيق وهناك يعولها الله. ولكن هذا لن يتضح الآن وإنما سيعلن في وقته، ووقتها سنفهم ما علينا عمله، بل سنكتشف من كلمات سفر الرؤيا التي سيتضح معناها وقتها فهي مكتوبة الآن بصورة شفرية، وستنحل الشفرة وقتها وسنفهم إلى أين نهرب. وهناك في البرية سيعولوها = لأن في وقت الضيقة العظيمة الله سيعول كنيسته (بواسطة ملائكته) بطريقة ما. ولاحظ كما سنرى في إصحاح (13) أن أولاد الله لن تكون لهم سمة الوحش التي بها يبيعون ويشترون، فهم سيكونون غير قادرين على أن يحيوا وسط المجتمع. وهنا يظهر تدبير الله لطريقة بها يعول شعبه في البرية كما كان يعول القديس الأنبا بولا بواسطة غراب، فالله لا بُد أنه سيحفظ كنيسته وسط هذه الضيقة العظيمة. إذًا الآية تفهم بطريقتين:-
1. الـ3,5 سنة هي مدة رمزية تشير لكل أيام غربة الكنيسة على الأرض.
2. وتفهم حرفيا أنها مدة فعلية تهرب فيها الكنيسة للبراري أيام ضد المسيح.
آيات 8،7 "وَحَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ، وَحَارَبَ التِّنِّينُ وَمَلاَئِكَتُهُ وَلَمْ يَقْوَوْا، فَلَمْ يُوجَدْ مَكَانُهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي السَّمَاءِ."
قبل أن يبدأ الصراع بين الشيطان والكنيسة أي أبناء الله، دار صراع قديما قبل خلقة الإنسان بين الشيطان وبين الله نفسه واشترك الملائكة في هذا الصراع. وما صراع الشيطان مع الكنيسة الآن إلّا امتداد لذلك الصراع القديم. وهذا الصراع لن ينتهي سوى بإلقاء الشيطان في البحيرة المتقدة بالنار في نهاية الزمان (رؤ10:20) والشيطان كان ملاكا سماويا من طغمة الكاروبيم، ولكنه نسب جماله وقوته ونوره إلى نفسه وقال أصير مثل العَلي (أش14:14). فهو تصور أنه يمكنه أن ينير من نفسه، وذلك بالانفصال عن الله، ولكن الملاك ميخائيل قاومه قائلًا: مَنْ مَثل الله؟ Who is like God? = "مي كا ئيل" (بالعبرية) מִיכָאֵל ومن هنا أخذ اسمه ميخائيل الذي يعني "مَنْ مثل الله"؟
ولما ارتفع الشيطان في قلبه وتكبر وقاوم الله وحاول أن يتساوى مع الله انقطع تيار النور من حياته فإظلم كله وحصل على لقب سلطان الظلمة واستحالت توبته واستمرت ظلمته. وهناك فرق بين سقوط الإنسان وسقوط الشيطان. فالملائكة عمومًا مسئولين عن تصرفاتهم مسئولية كاملة وهم لا يترددوا في قرار يتخذونه. وهذا تم التعبير عنه في سفر حزقيال هكذا "أرجلها أرجل قائمة وأقدام أرجلها كقدم رجل العجل.. لم تدر عند سيرها" (حز9،7:1) والشيطان هو ملاك ساقط له هذه المواصفات نفسها فهو لا يتردد في قرار يتخذه، فلما اتخذ قراره بالانفصال عن الله لم يتردد ولم يندم ولن يقدم توبة مهما حدث، أما الإنسان فنجد كثيرين بعد أن يسقطوا يبكون ويندمون. أضف لهذا أن الشيطان بعد سقوطه هو الذي أغوى الإنسان على السقوط، أما الشيطان نفسه فلم يغوه أحد.
بل بعد السقوط استمر الشيطان في غواية الإنسان لإسقاطه ثم الشكاية ضده (أى9:1) وهو لم يكتفي بمضايقة الإنسان بل ضايق الملائكة أنفسهم (دا13:10). وكان يقبض على أرواح الأشرار والأبرار قبل المسيح ويلقيهم في الجحيم. وحاول استعمال نفس الأسلوب مع المسيح على الصليب إلا أن المسيح هزمه بقداسته المطلقة في حياته إذ لم يقبل من يده أي خطية وقال "من منكم يبكتني على خطية" لذلك استطاع أن يقول "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء". بل أن المسيح بموته هزم الشيطان تمامًا لذلك قال المسيح قبل ذلك "رأيت الشيطان ساقطا مثل البرق من السماء". وكل من هو ثابت في المسيح الآن يستطيع أن يقول "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء" لذلك يقول المسيح "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم". وواضح طبعا أن سبب تردد الإنسان وضعفه هو جسده أما الشيطان فهو روح بلا جسد فهو غير قابل للندم.
إذًا صراع الشيطان ليس قاصرا على العالم المادي بل هو صراع روحي قديم مكانه السماء. والشيطان سقط أولًا حين قال "أصير مثل العلي" فأسقطه الله من مكانته وارتفع ميخائيل الذي قال من مثل الله (راجع آية 4:13).
وبسقوط الشيطان لم يوجد مكانهم بعد ذلك في السماء = أي لم يوجد في دائرة الخضوع الإلهي. ولم يعد يحيا في السماء بنورها وفرحها ومجدها، بل صار ظلمة وفقد نوره وفرحته بالحضور الإلهي. ولكن الله في سماحته كان يسمح له بأن يوجد وسط بني الله أي الملائكة. ولكنه كان متى وجد أمام الله يشتكي ضد أولاد الله كما سمعنا في قصة أيوب.
ثم سقط ثانيا في معركة الصليب، بل أعطى للمؤمنين أن يدوسوه (لو19،18:10) + (رو20:16). وبعد معركة الصليب تم تقييد الشيطان. وسيكون تقييده لمدة ألف سنة رمزية (رؤ1:20-3).
ونلاحظ أن بعد سقوطه من السماء حاول بكل طاقاته أن يبث سمومه لإفساد البشر، ولكن بعد تقييده فقد سلطانه، إلا أن الله سيطلقه في نهاية الأيام، وعند ذلك سيطلق كل طاقاته للانتقام فيما تبقى له من وقت ليجذب معه للجحيم أكبر عدد ممكن. وسيكون هذا بأن الشيطان يضع كل قوته فيمن يسمى الوحش.
آية 9 "فَطُرِحَ التِّنِّينُ الْعَظِيمُ، الْحَيَّةُ الْقَدِيمَةُ الْمَدْعُوُّ إِبْلِيسَ وَالشَّيْطَانَ، الَّذِي يُضِلُّ الْعَالَمَ كُلَّهُ، طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، وَطُرِحَتْ مَعَهُ مَلاَئِكَتُهُ."
التنين = نظرا لقوته الهائلة وقسوته فالتنين ضخم ومرعب
الحية القديمة = له خبرة طويلة في الخداع بمكر وخبث وفي عداوة للبشر.
إبليس = المفتري ظلمًا.
الشيطان = المعاند.
آية 10 "وَسَمِعْتُ صَوْتًا عَظِيمًا قَائِلًا فِي السَّمَاءِ: «الآنَ صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا وَقُدْرَتُهُ وَمُلْكُهُ وَسُلْطَانُ مَسِيحِهِ، لأَنَّهُ قَدْ طُرِحَ الْمُشْتَكِي عَلَى إِخْوَتِنَا، الَّذِي كَانَ يَشْتَكِي عَلَيْهِمْ أَمَامَ إِلهِنَا نَهَارًا وَلَيْلًا."
الآن بعد الصليب تكشف للسمائيين ضعف إبليس. وسمعت صوتا عظيما = تعبيرًا عن صوت تسابيح السمائيين لعظم أفراحهم بسقوط الشيطان. صار خلاص إلهنا = بالدم الثمين سيخلص البشر. إخوتنا = الملائكة قيل عنهم بني العَلي ونحن البشر صرنا بالفداء أبناء الله، وبذلك صرنا إخوة للملائكة، والمسيح صار رأسًا للسمائيين والأرضيين (كنيسته التي مازالت تُجاهِد على الأرض (أف1: 10)).
الذي كان يشتكي = فهو كان يضل ثم يشتكي.
صَارَ خَلاَصُ إِلهِنَا = الخلاص من الشيطان يتم على مرحلتين:-
1. الصليب كان بداية الخلاص، وفيه أعطانا المسيح سلطانا أن ندوس عليه " فَرَجَعَ ٱلسَّبْعُونَ بِفَرَحٍ قَائِلِينَ: «يَارَبُّ، حَتَّى ٱلشَّيَاطِينُ تَخْضَعُ لَنَا بِٱسْمِك. فَقَالَ لَهُمْ: «رَأَيْتُ ٱلشَّيْطَانَ سَاقِطًا مِثْلَ ٱلْبَرْقِ مِنَ ٱلسَّمَاءِ. هَا أَنَا أُعْطِيكُمْ سُلْطَانًا لِتَدُوسُوا ٱلْحَيَّاتِ وَٱلْعَقَارِبَ وَكُلَّ قُوَّةِ ٱلْعَدُوِّ، وَلَا يَضُرُّكُمْ شَيْءٌ" (لو10: 17-19).
2. في نهاية الأيام وبعد المجيء الثاني للسيد المسيح يذهب أولاد الله للمجد، ويذهب الشيطان إلى البحيرة المتقدة بالنار (رؤ20: 10 + مت25: 41 ، 46). وأورشليم السماوية قيل عنها "لن يدخلها شيء دنس" (رؤ21: 27) فلن يعانى المخلصون في السماء من حروب إبليس. هناك نلبس الأجساد الممجدة فنحصل على البنوة الكاملة (رؤ8: 23 + أف1: 14). وقال القديس يوحنا عن البنوة الكاملة "أن أبناء الله لا يستطيعون أن يخطئوا" (1يو3: 9) أما ما حصلنا عليه الآن فهو عربون البنوة. وهذا هو الخلاص النهائي، فيه نتخلص من حروب إبليس وحروب الجسد تمامًا.
الخلاص إذًا يتم على مرحلتين، *الأولى سلطان على الشيطان وعلى الخطية. لكن أهواء الخطية ما زالت تضايقنا. *والثانية نهاية هذه الحروب في أورشليم السماوية وهناك نفرح الفرح الكامل في مجد أبدى.
آية 11 "وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ."
وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْخَرُوفِ = الشيطان كان بمكر يُسقط البشر، ثم يشتكى علينا طالبا هلاكنا معه في البحيرة المتقدة بالنار. ولكن دم المسيح كَفَّرَ عنا أي غطانا فصرنا مقبولين أمام الله وقد سامحنا الله في المسيح. وبدم المسيح بعد أن تم الصلح، أرسل المسيح روحه القدوس وملأنا من نعمته فأصبح لنا القوة على الصمود ضد حرب إبليس. وإن سقطنا في خطية فأمامنا سرى الإعتراف، والإفخارستيا الذي يُعْطَى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه". وهذا معنى ما قيل في المزمور "تُرَتِّبُ قُدَّامِي مَائِدَةً تُجَاهَ مُضَايِقِيَّ" (مز23: 5) والمائدة هي مذبح العهد الجديد مذبح الإفخارستيا.
لم يحبوا حياتهم حتى الموت = هم آثروا الموت على الحياة محبة في المسيح.
وهذه هي أنشودة بولس الرسول (رو35:8-39)، ورأينا الشهداء الذين لم يحبوا حياتهم حتى الموت بالملايين عبر تاريخ الكنيسة. وهذا هو أعظم انتصار على إبليس، فإبليس سلاحه هو محبة العالم وملذاته. أما من أحب حياة الأرض فسيهلك "فويل لساكني الأرض" آية 12 فإبليس سيدمر الأرض (إصحاح 18).
وبكلمة شهادتهم = أي يشهدوا للمسيح في حياتهم، أي مسيحيين قلبًا وقالِبًا.
آية 12 "مِنْ أَجْلِ هذَا، افْرَحِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَالسَّاكِنُونَ فِيهَا. وَيْلٌ لِسَاكِنِي الأَرْضِ وَالْبَحْرِ، لأَنَّ إِبْلِيسَ نَزَلَ إِلَيْكُمْ وَبِهِ غَضَبٌ عَظِيمٌ! عَالِمًا أَنَّ لَهُ زَمَانًا قَلِيلًا»."
من أجل هذا افرحي = الفرح بالخلاص الذي تم، والفرح لأن الأيام قد اقتربت، ووصولنا للسماء صار قريبا. ولاحظ فرح السمائيين بأننا نحن الأرضيين سنصير معهم في السماء، حقًا لقد صرنا كنيسة واحدة، وهذا ما عمله المسيح بفدائه، لقد جمع فيه كل شيء، ما في السموات وما على الأرض (أف10:1). وبهذا نفهم قول السيد المسيح. "يصير فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب" ونفهم لماذا حملت الملائكة نفس لعازر المسكين حين مات، فهم فرحون بوصوله للسماء... ولكن ويل لساكني الأرض = فالشيطان لن يكف عن صراعه مع الكنيسة المجاهدة التي على الأرض، وعلينا أن نفهم أننا لا بُد وسنجتاز هذا الصراع. ولكن لنفهم أن الذي يحارب فعلا هو المسيح، هو يحارب فينا، وما نحن سوى فرس أبيض، ما علينا سوى الالتصاق به والثبات فيه وعدم رفض قيادته. فكل ما هو مطلوب من الفرس أن يظل ملتصقا بالفارس. لذلك يقول السيد المسيح "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم". وبهذا مع الآلام التي سنراها لا بُد وسننتصر لأن المسيح قال ثقوا أنا قد غلبت العالم (يو33:16). وذروة هذه الآلام التي ستعاني منها الكنيسة ستكون في أيام ضد المسيح.
آية 13 "وَلَمَّا رَأَى التِّنِّينُ أَنَّهُ طُرِحَ إِلَى الأَرْضِ، اضْطَهَدَ الْمَرْأَةَ الَّتِي وَلَدَتْ الابْنَ الذَّكَرَ،"
هنا نرى التنين يشن هجوما شيطانيا ضد الكنيسة. والمسيح هو الابن الذكر.
آية 14 "فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ لِكَيْ تَطِيرَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَوْضِعِهَا، حَيْثُ تُعَالُ زَمَانًا وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفَ زَمَانٍ، مِنْ وَجْهِ الْحَيَّةِ."
النسر العظيم = راجع (خر4،3:19) + (تث12،11:32) لترى أن النسر العظيم هو الله الذي حمل شعبه من مصر إلى برية سيناء. والنسر من عاداته أنه يضع أفراخه على جناحيه ويطير بهم عاليا ثم يتركهم ليسقطوا فيتعلموا الطيران، ولكنهم إذا تعبوا يستقروا على جناحي وجسم الأب الطائر تحتهم ليحميهم ولا يتركهم يسقطون. وهكذا في حربنا مع إبليس قد يتظاهر الله بأنه تركنا ولكن ذلك حتى نتعلم وسائل وفنون الحرب ضد إبليس، لكن الله دائمًا هو هناك، عينه علينا دائمًا ويعطينا جناحيه ليسندنا ويرفعنا للسماء عاليا، ويظلل علينا وقت التجارب. والله يجدد كالنسر شباب أولاده (أش31:40). والمؤمن بالمسيح يعلمه المسيح محبة السماويات والاستهانة بالأرضيات، ويعلمه الهروب للبرية، أي يحيا غريبا على الأرض زاهدا فيها متلذذا بالسماويات. ومرة ثانية وثالثة نسمع عن الزمان والزمانين والنصف زمان أي (3,5) بمعنى أن هذا الوضع هو وضع مؤقت علينا احتماله بصبر. وربما هو أيضا إشارة لفترة الـ1260 يومًا التي ستهرب فيها الكنيسة إلى البرية من وحشية ضد المسيح. فنحن الآن ومنذ صعود المسيح نعيش في غربة برية هذا العالم، نحارب الشيطان بتقشفنا وزهدنا في ملذات هذا العالم، ثم في نهاية الأيام قد نهرب فعلا إلى مكان يعده لنا الله.
آية 15 "فَأَلْقَتِ الْحَيَّةُ مِنْ فَمِهَا وَرَاءَ الْمَرْأَةِ مَاءً كَنَهْرٍ لِتَجْعَلَهَا تُحْمَلُ بِالنَّهْرِ."
كَنَهْرٍ = النهر يشير لنعم وخيرات الروح القدس
(يو37:7-39) ولكن ما يلقيه إبليس يقال عنه كَنَهْرٍ = أي تعاليم
زائفة مخادعة يخدع بها الأبرياء = وهذا النهر المخادع هو لذات وشرور هذا
العالم، ومن ينخدع يموت. وهو تعاليم الهراطقة والفلسفات المخادعة وهذه تبدو
كنهر ولكنها مرة كالإفسنتين وقاتلة كالسم. ويضاف لذلك ما سيحدث أيام ضد
المسيح أي الوحش فالـكنهر هذا سيشمل سهولة الحياة والبيع والشراء
بواسطة السِمَة الموضوعة على أيدي أتباعه (إصحاح
13)، والملذات والإغراءات الحسية التي ستعرض على أتباعه. وهو كنهر
لأن أتباع الوحش سيظنون أن فيه شبعهم وملذاتهم الحسية. ولكن هذا قال عنه
السيد المسيح "كل من يشرب من هذا الماء يعطش" (يو4: 13).
وهذا الـ"كنهر" لن يضر المرأة فلها جناحي النسر العظيم أي تحيا
في
السمائيات والروحيات. النسر أعطاها إمكانية أن تهرب من فم التنين وتحيا في
السماويات بينما هي في وسط الضيقة العظيمة (مت24: 21) محتقرة إغراءاته.
آية 16 "فَأَعَانَتِ الأَرْضُ الْمَرْأَةَ، وَفَتَحَتِ الأَرْضُ فَمَهَا وَابْتَلَعَتِ النَّهْرَ الَّذِي أَلْقَاهُ التِّنِّينُ مِنْ فَمِهِ."
فأعانت الأرض المرأة = هذه تعني أن هناك أحداثًا تجري على الأرض أي في العالم خارج الكنيسة وهي بسماح من الله، وبسببها ينقذ الله الكنيسة. أمثلة:- انتصار فارس على بابل وقيام دولة الفرس، كان سببًا في تحرر شعب الله من يد بابل ورجوعه لأورشليم وبناء الهيكل.
مثال آخر من العصر الحديث. فلقد اضطهدت الدول الشيوعية المسيحية اضطهادًا رهيبًا. وفي السنوات الأخيرة سمح الله بأحداث بسببها سقطت الشيوعية وأنقذ الله شعبه وكنيسته. وقد تنقذ الأرض المرأة من ملذات العالم بإثارة حروب ينسى معها الناس ملذات هذا العالم ويلجأون لله وهكذا. وقد يكون انتشار الأوبئة والأمراض في الأرض هو بسماح من الله، هذه الأرض قدمت هذه الأمراض لشعب الله ليزهد في أمور هذه الدنيا ويرجع لله. وكم من مريض رجع لله وتحول إلى قديس وخلصت نفسه. وهذا ما قاله بطرس الرسول " فإن من تألم في الجسد كُفَّ عن الخطية (1بط1:4). وربما في أيام ضد المسيح تكثر الحروب مما يضعف ويفسد قوة ضد المسيح.
آية 17 "فَغَضِبَ التِّنِّينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَذَهَبَ لِيَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ بَاقِي نَسْلِهَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ، وَعِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ."
التنين يغضب ممن يحفظ وصايا الله. ولكن بحفظنا وصايا الله نثبت في المسيح، وحينما يثير التنين حربًا علينا، يغلبه المسيح الذي نحن ثابتون فيه.
← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الرؤيا 13 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير الرؤيا 11 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/3r8dya2