محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
لاويين: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30
الآيات (1-7):- "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «إِذَا أَخْطَأَ أَحَدٌ وَخَانَ خِيَانَةً بِالرَّبِّ، وَجَحَدَ صَاحِبَهُ وَدِيعَةً أَوْ أَمَانَةً أَوْ مَسْلُوبًا، أَوِ اغْتَصَبَ مِنْ صَاحِبِهِ، أَوْ وَجَدَ لُقَطَةً وَجَحَدَهَا، وَحَلَفَ كَاذِبًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ كُلِّ مَا يَفْعَلُهُ الإِنْسَانُ مُخْطِئًا بِهِ، فَإِذَا أَخْطَأَ وَأَذْنَبَ، يَرُدُّ الْمَسْلُوبَ الَّذِي سَلَبَهُ، أَوِ الْمُغْتَصَبَ الَّذِي اغْتَصَبَهُ، أَوِ الْوَدِيعَةَ الَّتِي أُودِعَتْ عِنْدَهُ، أَوِ اللُّقَطَةَ الَّتِي وَجَدَهَا، أَوْ كُلَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَاذِبًا. يُعَوِّضُهُ بِرَأْسِهِ، وَيَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ. إِلَى الَّذِي هُوَ لَهُ يَدْفَعُهُ يَوْمَ ذَبِيحَةِ إِثْمِهِ. وَيَأْتِي إِلَى الرَّبِّ بِذَبِيحَةٍ لإِثْمِهِ: كَبْشًا صَحِيحًا مِنَ الْغَنَمِ بِتَقْوِيمِكَ، ذَبِيحَةَ إِثْمٍ إِلَى الْكَاهِنِ. فَيُكَفِّرُ عَنْهُ الْكَاهِنُ أَمَامَ الرَّبِّ، فَيُصْفَحُ عَنْهُ فِي الشَّيْءِ مِنْ كُلِّ مَا فَعَلَهُ مُذْنِبًا بِهِ»."
نجد فيها النوع الثاني أي الخطايا الموجهة للآخرين. ولاحظ تسمية الخطية هنا خيانة بالرب = نفس التسمية الخاصة بالخطية ضد الأقداس، فخطيتي تجاه الآخرين هي خطية تجاه الله أولًا. والخطايا المشار إليها معناها أن يودع إنسان أمانة أو وديعة عند شخص ويأتي ليستردها فينكر أن له شيئًا. ويدخل في هذا قطعًا من يستأمنوه على أموال اليتامى والقصر فيبتلعها. أو من لا يوفي لعامل حقه. يُعَوِّضُهُ بِرَأْسِهِ = يعوض بالشيء نفسه الذي إغتصبه، مثلا المبلغ المغتصب بالكامل وَيَزِيدُ عَلَيْهِ خُمْسَهُ.
وقد يدخل تحت هذه الخطية الاستهتار بما أودعه الله في روحي ومواهبي، فهي وديعة عليَّ أن استثمرها لمجد الله (1تى6: 20) الله يطلب صورته فينا فأي صورة سنقدمها له في اليوم الأخير. ويندرج أيضًا تحت هذا البند الوديعة التي سلمها الآباء لكنيستنا أعني التقليد، وحافظت عليه كنيستنا وبنعمة المسيح تحفظ الوديعة لليوم الأخير. هنا التقييم لا يكون بشاقل القدس فهذا بين إنسان وإنسان. وقوله في آية (7) فيصفح عنه في الشيء من كل ما فعله مذنبًا به = له ترجمة أخرى "فيصفح عنه في أي شيء يكون قد فعله" هذه فاعلية دم المسيح. وذبيحة الإثم دائمًا كبش. كما فدى الكبش إسحق هكذا فدانا المسيح. ولاحظ هنا أننا لا نرى الشخص الخاطئ من هو؟ أو ما هو مركزه ؟ لكننا نرى تصنيفًا للخطية بأنواعها. وفي أي خطية نجد ذبيحة الإثم نوع واحد. فأي خطية عقوبتها الموت مهما كانت صغيرة. والمسيح مات عن كل الخطايا فكل خطية تحتاج لنفس التكفير فهي موجهة لشخص الله الغير محدود (خيانة) فتحتاج لكفارة غير محدودة.
الآيات (8-13):- "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «أَوْصِ هَارُونَ وَبَنِيهِ قَائِلًا: هذِهِ شَرِيعَةُ الْمُحْرَقَةِ: هِيَ الْمُحْرَقَةُ تَكُونُ عَلَى الْمَوْقِدَةِ فَوْقَ الْمَذْبَحِ كُلَّ اللَّيْلِ حَتَّى الصَّبَاحِ، وَنَارُ الْمَذْبَحِ تَتَّقِدُ عَلَيْهِ. ثُمَّ يَلْبَسُ الْكَاهِنُ ثَوْبَهُ مِنْ كَتَّانٍ، وَيَلْبَسُ سَرَاوِيلَ مِنْ كَتَّانٍ عَلَى جَسَدِهِ، وَيَرْفَعُ الرَّمَادَ الَّذِي صَيَّرَتِ النَّارُ الْمُحْرَقَةَ إِيَّاهُ عَلَى الْمَذْبَحِ، وَيَضَعُهُ بِجَانِبِ الْمَذْبَحِ. ثُمَّ يَخْلَعُ ثِيَابَهُ وَيَلْبَسُ ثِيَابًا أُخْرَى، وَيُخْرِجُ الرَّمَادَ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ، إِلَى مَكَانٍ طَاهِرٍ. وَالنَّارُ عَلَى الْمَذْبَحِ تَتَّقِدُ عَلَيْهِ. لاَ تَطْفَأُ. وَيُشْعِلُ عَلَيْهَا الْكَاهِنُ حَطَبًا كُلَّ صَبَاحٍ، وَيُرَتِّبُ عَلَيْهَا الْمُحْرَقَةَ، وَيُوقِدُ عَلَيْهَا شَحْمَ ذَبَائِحِ السَّلاَمَةِ. نَارٌ دَائِمَةٌ تَتَّقِدُ عَلَى الْمَذْبَحِ. لاَ تَطْفَأُ."
أَوْصِ هرون وبنيه = لأن هذا الكلام موجه للكهنة لا للشعب. لذلك لم يقل كلم بني إسرائيل. المحرقة تكون على الموقدة فوق المذبح كل الليل حتى الصباح = كان هناك محرقة صباحية وأخرى مسائية راجع )خر29 : 38، 39) . وكانت المحرقة المسائية توضع على المذبح حوالي الساعة السادسة مساءً لكي تظل على نار المذبح حتى الصباح. حيث كان يلزم أن تبقى النار مشتعلة بغير انقطاع. هي علامة تكريس إسرائيل لله وهذه كانت وظيفة الكاهن أن يحفظ الشعلة دائمًا بتغذيتها بالشحم والحطب. وهذه المحرقة تشير بإشتعالها على المذبح، نارًا متقدة هي نار غضب الله التي تأكل جسد الذبيحة. وهي النار التي إشتعلت في جسد المسيح على الصليب، لكن نرى فيها أيضًا حب المسيح الناري الذي قبل هذا لأجلنا، ومن هنا نفهم كيف أن المحبة قوية كالموت، المسيح في محبته وغيرته علينا قَبِلَ أن يحترق بنار حتى يحرق خطايانا، وكون أن هذه النار لا تطفأ فهذا يعني أن محبة المسيح لنا أزلية أبدية، وبفدائه صارت نار الحب هذه نارا تحرق خطايانا، وذلك لكل من بإرادته يجاهد أن يظل ثابتا في المسيح. وجهادنا المستمر أن نظل ثابتين في المسيح يمثله جهاد الكهنة ليلا في حفظ هذه النار مشتعلة لا تُطفأ، ألم يجعل المسيح شعبه "ملوكا وكهنة لله أبيه" (رؤ1: 6). ونفهم أن جهادنا حتى تظل النار مشتعلة هو قرار حياة التوبة مع الصلوات والتسبيح والإنسحاق والخدمة، "فلنقدم به في كل حين ذبيحة التسبيح...لا تنسوا فعل الخير والتوزيع لأنه بذبائح مثل هذه يسر الله" (عب13: 15، 16) + "ذبائح الله هي روح منكسرة" (مز51: 17) + "ليكن رفع يديَّ كذبيحة مسائية " (مز141: 2) + "قدموا أجسادكم ذبائح حية" (رو12: 1)، وهذا مفهوم الكهنوت العام. وهذا ما كان يعنيه بولس الرسول بقوله لتلميذه تيموثاوس "أذكرك أن تضرم أيضًا موهبة الله التي فيك بوضع يديَّ" (2تى1: 6). وهذا هو نفس تعليم بولس الرسول لكي نمتلئ بالروح، الروح الناري الذي حلَّ على التلاميذ على هيئة ألسنة نار (أف5: 18 – 21).
وهذه النار الإلهية تحرق أشواك الخطية من قلوبنا ثم تشعلها بنار المحبة. وفي هذا يقول بولس الرسول: مَنْ يفصلني عن محبة المسيح.... حسبنا كغنم سيقت للذبح...من أجلك نُمات النهار كله: "مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ..؟ إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ" (رو8: 35 – 39). ولماذا الإشارة هنا للمحرقة المسائية دون الصباحية؟
1- من المفهوم أن في النهار هناك كهنة كثيرين مستيقظين فلن تطفأ النار أمامهم. أما في الليل الذي يشير للنوم أو التراخي والكسل فالغالبية أنهم نيام ويشير أيضًا للخطية التي لا نهتم بمقاومتها. إذن هي دعوة أن يكونوا متيقظين "أنا نائمة وقلبي مستيقظ" وهذا واجب الكهنة السهر على الآخرين. ولاحظ مرة أخرى أن كل المسيحيين كهنة بالمفهوم العام فعلى الكل السهر "إسهروا وصلوا.."(مت26: 41).
2- تشير إلى أننا ينبغي أن نظل ساهرين على خلاص نفوسنا مجاهدين لكي نظل ثابتين في المسيح العمر كله، مشتعلين بالحب الإلهي طول ليل هذا العالم حتى يأتي شمس البر.
3- الليل يشير لفترة وجودنا على الأرض التي يجب أن نجاهد فيها ضد الخطية فتعمل نيران النعمة الإلهية على تنقيتنا بروح الإحراق (إش4 : 4).
4- هي نار مشتعلة في الليل يراها البار فينام في فرح شاعرًا بقبول الله له، ويراها الخاطئ فيرى فيها صورة لليل في جهنم (مر9: 44) حيث النار لا تطفأ.
ورفع الرماد = عمل مقدس، يستلزم الكاهن أن يلبس ثيابه الكهنوتية البيضاء. هذا فيه إشارة لقدسية الذبيحة، فحتى رمادها مقدس. وهذا ما حدث مع مخلصنا فقيل عن قبره "وَيَكُونُ مَحَلُّهُ مَجْدًا" (إش11: 10). والرماد يشير إلى أن الذبيحة لم تتلاشى بل هي تحولت لرماد (الرماد إشارة لجسد المسيح في القبر) لذلك فالمكان الذي يذهب إليه الرماد يسمى مكان طاهر = إشارة لقبر المسيح. وكما قام المسيح بجسده الممجد، سيعطينا نحن جسدا ممجدا مثله بعد أن نموت ونتحول لتراب ورماد (فى3: 21). وكان الكاهن يرفع الرماد من على المذبح ويضعه على جانب المذبح الشرقي، ثم يستبدل ملابسه البيضاء بملابسه العادية (فلا يصح أن يخرج خارج الخيمة بملابس الخدمة). ثم يخرج الرماد إلى خارج المحلة. وهكذا يفعل الكاهن القبطي فلا يظهر بملابس الخدمة البيضاء خارج الكنيسة، إشارة إلى أننا سنلبس ملابس البر والبهاء في السماء وليس على الأرض. وكانوا يلقون الرماد في مكان مقدس دُعِيَ مَرْمَى الرماد (لا 4: 12). وهو محاط بسور حتى لا تذريه الرياح، وما كان لأجنبي أن يمسه. هي صورة لجسد المسيح المقدس في القبر. وراجع (إر31: 40) "وادي الجثث والرماد يتحول لقدس"، وغالبًا كان هذا الوادي قريبًا جدًا من الجلجثة (يو19: 41) (ولاحظ أننا حينما نحمل الذبيحة فينا الآن نصير نحن التراب مقدسين). والمعنى أننا نحن الجثث والرماد بصليب المسيح نتحول إلى مقدسين. والنار على المذبح تتقد عليه = هذه جاءت من لدن الله مع مسح هرون وبنيه (لا 9: 24)، ثم إحتفظ بها اليهود (بالشحم والحطب). وكان يوجد على المذبح ثلاث شعلات واحدة منها وهي الكبيرة، هذه للتقدمات اليومية لحرقها، والثانية تسمى شعلة البخور يؤخذ منها لإحراق البخور صباحًا ومساءً، والثالثة كان يشعل منها الشعلتين السابقتين . وهذه الشعلة الثالثة كانت هي الشعلة الدائمة. وهنا نرى على المذبح نارًا متقدة هي نار غضب الله التي تأكل جسد الذبيحة. وهي النار التي إشتعلت في جسد المسيح على الصليب، وفيها أيضًا نرى حب المسيح الناري الذي قَبِل هذا لأجلنا، ومن هنا نفهم كيف أن المحبة قوية كالموت. راجع (2مك1: 19 – 36) لترى استمرار هذه الشعلة بعد هدم المذبح في أيام سبي بابل.
آية (12) هي عن المحرقة الصباحية. وإيقاد ذبائح السلامة عليها معناه أننا حصلنا على ذبيحة الإفخارستيا لغفران خطايانا ولنستمر أحياء حياة أبدية، بواسطة تقديم المسيح نفسه ذبيحة محرقة، أي بطاعته الكاملة للآب في تدبير الفداء. وذبائح السلامة تقدم على المحرقة الصباحية فلن يأتي أحد بذبيحة سلامة ليحتفل ليلًا. وإذا فهمنا أن ذبيحة السلامة تشير لسر الإفخارستيا وكانت تقدم نهارا، نعود للطقس القبطي فنجد أن القداسات تكون نهارًا.
الآية (12):- وَالنَّارُ عَلَى الْمَذْبَحِ تَتَّقِدُ عَلَيْهِ.. وتتكرر نفس العبارة في الآية (13) نَارٌ دَائِمَةٌ تَتَّقِدُ عَلَى الْمَذْبَحِ. لاَ تَطْفَأُ. فإذا فهمنا أن المحرقة المسائية تشير لصلب المسيح، والمحرقة الصباحية تشير للإفخارستيا التي تقدم يوميا على مذابح الكنائس، يصير المعنى أن المسيح قدَّم نفسه ذبيحة حب مشتعلة بدأت بالصليب وهي مستمرة حتى الآن في الإفخارستيا. رأى القديس يوحنا المسيح خروف قائم كأنه مذبوح (رؤ 5: 6) هو ذبيحة حية، محبة نارية قدمها المسيح يوم الصليب، والإفخارستيا هي إمتداد لها. نار حب مشتعلة دائمة تعطينا غفران للخطية وحياة أبدية. هي زاد للطريق يثبتنا في المسيح حتى نصل للسماء.
الآيات (14-18):- "«وَهذِهِ شَرِيعَةُ التَّقْدِمَةِ: يُقَدِّمُهَا بَنُو هَارُونَ أَمَامَ الرَّبِّ إِلَى قُدَّامِ الْمَذْبَحِ، وَيَأْخُذُ مِنْهَا بِقَبْضَتِهِ بَعْضَ دَقِيقِ التَّقْدِمَةِ وَزَيْتِهَا وَكُلَّ اللُّبَانِ الَّذِي عَلَى التَّقْدِمَةِ، وَيُوقِدُ عَلَى الْمَذْبَحِ رَائِحَةَ سَرُورٍ تَذْكَارَهَا لِلرَّبِّ. وَالْبَاقِي مِنْهَا يَأْكُلُهُ هَارُونُ وَبَنُوهُ. فَطِيرًا يُؤْكَلُ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ. فِي دَارِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ يَأْكُلُونَهُ. لاَ يُخْبَزُ خَمِيرًا. قَدْ جَعَلْتُهُ نَصِيبَهُمْ مِنْ وَقَائِدِي. إِنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ كَذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ وَذَبِيحَةِ الإِثْمِ. كُلُّ ذَكَرٍ مِنْ بَنِي هَارُونَ يَأْكُلُ مِنْهَا. فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً فِي أَجْيَالِكُمْ مِنْ وَقَائِدِ الرَّبِّ. كُلُّ مَنْ مَسَّهَا يَتَقَدَّسُ»."
ويأخذ منها بقبضته = الذراع واليد يشيران إلى كلمة الله المتجسد. فالمسيح هو قوة الله وحكمته (1كو 1: 24). وكون أحدهم يقول فلان ذراعي الأيمن يقصد أنه يعمل ما أريد كما أريد، بالإضافة لأن قوة الإنسان تظهر في عمل يديه. وهكذا المسيح تجسد لينفذ ما يريده الآب. ويقول إشعياء النبي عن تجسد المسيح وظهوره بالجسد أمام عيوننا "قد شمَّر الرب عن ذراع قدسه أمام عيون كل الأمم فترى كل أطراف الأرض خلاص إلهنا" ويقول إشعياء أيضًا "هل عجزت يد الرب عن أن تخلص" (إش51: 9 + 52: 10 + 59: 1، 16).
والأصابع تشير للروح القدس، قارن (مت12 : 28 مع لو11 : 20). فالمسيح يخرج الشياطين بسلطان الروح القدس الذي أسماه إصبع الله، لأن القوة في الذراع أما الذي ينفذ العمل فهو الأصابع. والروح القدس هو الذي يعمل في الأسرار ليؤسس كنيسة المسيح وذلك باستحقاقات وقوة دم المسيح. وقد بدأ الروح القدس عمله في تجسد المسيح في بطن العذراء حين حل على العذراء، وهذا يشير إليه قبضة اليد فأصابع القبضة تمسك الدقيق الذي يشير لحياة المسيح الإنسانية التي كونها الروح القدس من بطن العذراء، والروح الآن هو الذي يحول الخبز إلى جسد المسيح في سر الإفخارستيا. وكان جسد المسيح الذي تكون في بطن العذراء هو بداية تكون جسد الكنيسة.
ولنرى منظر الكاهن وهو يمسك في قبضته بالدقيق ويضعه في النار - الكاهن هنا يرمز للمسيح ككاهن يقدم حياته التي أخذها من العذراء ذبيحة لله. فالدقيق يمثل حياة المسيح الإنسانية قدمها لله وهذا بحسب ما كان يقوله "ينبغي أن أكون فيما لأبي" ، "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني" (لو2: 49 + يو4: 34). وبعد قيامته قدم حياته الأبدية المقامة من الأموات للكنيسة، أي لكل معمد له الكهنوت العام، وكرمز لذلك قيل = كل ذكر من بني هارون يأكل منها. المسيح بتجسده أصبح يمسك طبيعتنا (عب2: 16) أي صارت حياتنا نحن التي أخذناها من آدم، صارت حياته ليعيد تشكيلها أو بالأصح يعيد خلقتنا كخلقة جديدة فيه (أف2: 10 + 2كو5: 17-18).
وما يوضع في النار يشير للمسيح في ألامه التي عانى منها طوال حياته بالجسد على الأرض من اليهود وليس للصليب فالتقدمة ليس فيها دم . وَالْبَاقِي مِنْهَا يَأْكُلُهُ هَارُونُ وبنيه = الدقيق يشير لحياة المسيح الإنسانية التي أخذها من طبيعتنا البشرية وقدمها للآب ومات بها على الصليب، وقام بحياة أبدية أعطاها لنا وهي التي نحيا بها أبديا، وهذه لكل شعب المسيح الذين لهم الكهنوت العام، هؤلاء لهم حياة المسيح الأبدية.
فطيرًا = لأن المسيح بلا خطية والخمير يشير للشر.
في المكان المقدس ، فِي دَارِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ يَأْكُلُونَهُ = يشير للكنيسة جسد المسيح. أي لكي نستمر أحياء يجب أن لا ننفصل عن الكنيسة ورمزها هنا خيمة الاجتماع .
لا يخبز خميرا = أي يا من تأكلونه عليكم أن لا تدخلوا الشر في حياتكم لتستمروا أحياء. سبق وقال فطيرا ، والفطير يخبز بلا خمير، فلماذا التكرار؟ قوله فطير كان عن المسيح الذي بلا خطية. أما قوله خمير هنا فهذه لمن يأكل من الكهنة فهذا عليه أن يمتنع عن الخطية.
واللبان كله لله = فالله له وحده كل التسبيح والتمجيد، والكهنة لهم الدقيق والزيت أي لهم التعزية وعطايا الله الوفيرة... الحياة الأبدية والشبع الروحي والمعرفة حتى يستطيعوا أن يعلموا الشعب. والزيت كان على الدقيق المقدم على المذبح وعلى الدقيق نصيب الكاهن فالروح القدس حل على المسيح لحساب كنيسته ويرمز لمواهب وعطايا وتعزيات الروح.
رائحة سرور = هذه هي حياة المسيح على الأرض رائحة سرور لقداسته وكماله. وأكل الكهنة من تقدمة الدقيق تشير لتمتعنا بالإتحاد مع المسيح خلال جسده المبذول وهذا لا ينعم به سوى المعمدون أي من لهم الكهنوت العام، وكما كان الخبز يعطي حياة لأجساد الكهنة، صار المسيح المرموز له بالدقيق يعطينا حياته، نحيا بها أبديا، فنقول مع بولس الرسول "لي الحياة هي المسيح" (فى1: 21).
كل من يمسها يتقدس = أي كل من يمسها يصير قدسًا للرب أي مكرسًا له ولخدمته. وكان هناك مكان مخصص لأكل هذه التقدمة = يؤكل في مكان مقدس في داخل الخيمة. هذا يشير لتمتعنا بالحياة السماوية خلال هذه الذبيحة. ويشير هذا إلى أن معرفتنا بالمسيح تستلزم أن نعتزل شرور العالم، ونحيا في الكنيسة متمتعين بأسرارها. فريضة دهرية = بالنسبة لليهود يستمر هذا الطقس ما دام الكهنوت اللاوي قائم. وبالنسبة للكنيسة فهي فريضة حتى يوم القيامة " أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق " (مز110: 4) وفي هذا إشارة للحياة الأبدية التي وهبها لنا المسيح بجسده الذي من يأكله يحيا.
ملحوظة :- كان الكاهن الذي يأكل من هذه التقدمة خارج الخيمة يجلد 39 جلدة. وقوله كل من يمسها يتقدس ينطبق على الآنية فتصبح آنية مكرسة للرب لإستعمال الهيكل.
وهكذا قال القديس بولس الرسول "وَلَا تُقَدِّمُوا أَعْضَاءَكُمْ آلَاتِ إِثْمٍ لِلْخَطِيَّةِ، بَلْ قَدِّمُوا ذَوَاتِكُمْ لِلهِ كَأَحْيَاءٍ مِنَ ٱلْأَمْوَاتِ وَأَعْضَاءَكُمْ آلَاتِ بِرٍّ لِلهِ . فَإِنَّ ٱلْخَطِيَّةَ لَنْ تَسُودَكُمْ، لِأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَحْتَ ٱلنَّامُوسِ بَلْ تَحْتَ ٱلنِّعْمَة" (رو6: 13-14). أي بعدما صارت لنا حياة المسيح فلنستخدم جسدنا الذي يحيا بحياة المسيح لمجد المسيح الذي وهبنا حياته الأبدية. وأعضاءنا التي كنا نستخدمها بحياتنا السابقة كآلات إثم، فلنستخدمها كألات بر أي نترك المسيح يستخدمها لمجد إسمه. أعضاءنا هذه صارت أعضاء جسد المسيح، ونحن صرنا من لحمه ومن عظامه، وهذا معنى كل مَنْ يمسها يتقدس إذ صرنا أعضاء جسمه = (أف5: 30 + 1كو6: 15).
الآيات (19-23):- "وكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «هذَا قُرْبَانُ هَارُونَ وَبَنِيهِ الَّذِي يُقَرِّبُونَهُ لِلرَّبِّ يَوْمَ مَسْحَتِهِ: عُشْرُ الإِيفَةِ مِنْ دَقِيق تَقْدِمَةً دَائِمَةً، نِصْفُهَا صَبَاحًا، وَنِصْفُهَا مَسَاءً. عَلَى صَاجٍ تُعْمَلُ بِزَيْتٍ، مَرْبُوكَةً تَأْتِي بِهَا. ثَرَائِدَ تَقْدِمَةٍ، فُتَاتًا تُقَرِّبُهَا رَائِحَةَ سَرُورٍ لِلرَّبِّ. وَالْكَاهِنُ الْمَمْسُوحُ عِوَضًا عَنْهُ مِنْ بَنِيهِ يَعْمَلُهَا فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً لِلرَّبِّ. تُوقَدُ بِكَمَالِهَا. وَكُلُّ تَقْدِمَةِ كَاهِنٍ تُحْرَقُ بِكَمَالِهَا. لاَ تُؤْكَلُ»."
العجيب أن الكاهن وهو يتمتع بنصيب من هذه التقدمة، إذ به يلتزم هو أيضًا أن يقدم للرب تقدمة. وكان الكاهن يقدم هذه التقدمة يوم تكريسه فقط ككاهن، وهذا ما تم مع أبناء هارون يوم سيامتهم مع هارون (خر29: 23-25) = يوم مسحته.
أما الكاهن الممسوح = رئيس الكهنة فيقدم هذه التقدمة يوميًا صباحًا ومساءً (هذه الآيات) = فريضة دهرية . ويقول يوسيفوس أن رئيس الكهنة كان يأتي كل صباح بِعُشْر إيفة دقيق = 75,1 كيلوجرام ويقدسه، ثم يقسمه قسمين بمكيال محفوظ في القدس، ثم يأتي بثلاثة مكاييل زيت ويعرف مكيال الزيت باللج وهو يساوى 110 درهم، ولكن الوحي لم يحدد كمية الزيت ، إنما هذه الكمية بحسب يوسيفوس المؤرخ اليهودي، وكما عرفنا فإن الزيت يرمز للروح القدس والكتاب يقول "أنه ليس بكيل يعطي الله الروح" (يو3: 34) لذلك فالوحي لم يذكر كمية الزيت. ليس بكيل يعطي الله الروح" هذه عن المسيح فقط، قالها يوحنا المعمدان خلال حديثه عن المسيح. فالروح القدس حلَّ على المسيح أقنوميا لذلك ظهر على شكل هيئة متكاملة (حمامة)، أما على التلاميذ فقد حل عليهم على شكل ألسنة نار منقسمة على كل واحد منهم، كلٌ بحسب القوة والمواهب التي يحتاجها في خدمته. وهذا يتضح في أمثال الوزنات والأمناء. فما يحصل عليه كل واحد يختلف عن الآخر. ويعجن الدقيق بالزيت ويقسم العجين إلى 12 قرص ويخبزها قليلًا ويحترس ألا تيبس بل تستمر رخوة. ثم يقسمها إلى قسمين فيقرب 6 أقراص صباحًا و6 أقراص مساءً. ولاحظ أن عطية الكهنة هنا تحرق كلها.
ماذا يعني هذا الطقس؟ الدقيق يعني الحياة، وحرقه بالكامل إشارة لتكريس الحياة بالكامل لله. وفي حالة رئيس الكهنة نجد هذه التقدمة يومية، فالكاهن الممسوح يرمز لرئيس كهنتنا الحقيقي المسيح الذي كانت كل حياته على الأرض لمجد الله، فقال في نهاية حياته على الأرض " أيها الآب... أنا مجدتك على الأرض. العمل الذي أعطيتني لأعمل قد أكملته " (يو17: 1 – 4). ورمز ذلك هنا أن رئيس الكهنة كان يقوم بتقديم هذا الدقيق (رمز حياته) أي كل أيام عمره . ولاحظ قول الوحي أنها فريضة دهرية.
رئيس الكهنة هو رمز للمسيح رئيس كهنتنا العظيم أي المسيح. وكون أن رئيس الكهنة يقدم خبزا صباحا ومساء، والخبز يرمز للحياة، وبمقارنة هذا الطقس بطقس المحرقة الصباحية والمحرقة المسائية، نفهم أن تقديم رئيس الكهنة لهذا الخبز صباحا ومساءً يشير لتقديم المسيح حياته على الصليب (مساءً) ويقدمها (صباحًا) يوميا على مذابح الكنائس في سر الإفخارستيا. ثَرَائِدَ تَقْدِمَةٍ، فُتَاتًا تُقَرِّبُهَا = رأينا قى تقدمة الدقيق أن الفتات يشير للمؤمنين الذين يتناولون وهم ملتفون حول المسيح الرأس. هؤلاء جعلهم المسيح أعضاء جسمه من لحمه وعظامه (أف5: 30). والمسيح وأعضاء جسمه مقدمين حياتهم للآب= تُوقَدُ بِكَمَالِهَا وتكريس الحياة لله هو رَائِحَةَ سَرُورٍ لِلرَّبِّ.
أما الكهنة وهم يشيرون للشعب المسيحي بكهنوته العام فكانوا يقدمون الدقيق يوم تكريسهم فقط . وهذا يشير لأننا عندما يسكن الروح القدس فينا نمتلئ بالروح، ولو كان المعمد ناضجا فهو يبدأ حياته بوعد تكريس حياته كلها لله، وهذا معنى حرق الدقيق يوم سيامة الكاهن. وعلينا كشعب الله أن نحاول تقديم حياتنا كلها لله، ولكن قد نضعف فترات نبحث فيها عما يرضينا، أما المسيح فلم يعمل شيئا سوى ما يمجد الله. وكون أن الدقيق مربوك بالزيت أي مخلوط ومعجون بالزيت، والزيت يشير للروح القدس، فهذا يعني أننا بالميرون قد سكن فينا الروح القدس، وما عدنا نجاهد وحدنا بل بمعونة الروح.
وتعني أن الكهنة ملزمون بينما هم متمتعون بخيرات الله أن يقدموا شكرهم لله هم أيضًا. وكيف يقدمون شكرهم للرب؟ بتكريسهم الكامل هم أيضًا وأنهم يعطوا الله كل حياتهم. هذا وحده يملأهم من عطايا الله. لذلك قيل في عطايا الكهنة وتملأ يد هرون وأيدي بنيه (خر29: 9). والله يملأ يد خدامه روحيًّا ليخدموا شعبه، وماديًّا أيضًا.
والسؤال هنا كيف تكرس الحياة كلها لله، وكيف نرضي الله في حياتنا؟ حينما سأل ناموسي الرب عن ماذا يعمل ليرث الحياة الأبدية، سأله الرب عن ماذا يقول الناموس، فقال الناموسي: أن "تُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ... وَقَرِيبَكَ مِثْلَ نَفْسِكَ". ووافقه الرب على كلامه، وقال له "اِفْعَلْ هذَا فَتَحْيَا" (لو 10: 27، 28) وبهذا نلخص القول أن الناموس يتلخص في وصية المحبة . فإذا كانت وصايا الناموس 10 وصايا، فهذه العشر الوصايا يمكن أن يتلخصوا في وصية واحدة هي المحبة، محبة الله ومحبة الناس (وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). وقد يعني هذا تفسير رقم 1/10 الإيفة = 1 هي الوصية الواحدة، التي تلخص الـ10 وصايا الناموس أو هي وصية واحدة تلخص كل الناموس. وتنفيذ المحبة عمليا هو تكريس القلب بالكامل لله ولخدمة شعب الله ونراجع الآيات الآتية فقط:-
1) "إني مديون لليونانيين والبرابرة... " (رو1: 14) فبولس لمحبته لله يريد أن يخدم الله ويأتي له بكل العالم ليؤمنوا به ويمجدوا اسمه. وظهرت في قوله "مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ...؟" (رو8: 35 – 39). وإتضح عمليًّا محبة بولس لله وظهرت فعلا في خدمته إذ قال "تعبت أكثر منهم جميعهم" (1 كو 15: 10).
2) يقول القديس يعقوب الرسول "الديانة الطاهرة النقية عند الله الآب هي هذه إفتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم وحفظ الإنسان نفسه بلا دنس من العالم " (يع1: 27). ويعطي بولس الرسول علامة للمحبة العملية وهي التعب (1تس1: 3).
ثرائد تقدمةٍ. فتاتًا = هذه هي الأرغفة الاثني عشر التي يقدمها رئيس الكهنة (هذا لو صحّ العدد الذي ذكره يوسيفوس) وهذا يشير لرئيس كهنتنا المسيح وحوله شعبه (12 تلميذ في العهد الجديد و12 سبط شعب العهد القديم) وهذا يشير لأن المسيح الرأس قدم نفسه كرأس للكنيسة، لله الآب (1كو15: 28).
تُحرق بكمالها. لا تُؤكل = هذه تساوي "يا ابني أعطني قلبك" بالكامل غير منقسم بين الله والعالم (أم23: 26) . وإذا كان الدقيق يرمز للحياة، يصبح المعنى أن الله يطلب حياة الكاهن كلها في تكريس كامل.
الآيات (24-30):- "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «كَلِّمْ هَارُونَ وَبَنِيهِ قَائِلًا: هذِهِ شَرِيعَةُ ذَبِيحَةِ الْخَطِيَّةِ: فِي الْمَكَانِ الَّذِي تُذْبَحُ فِيهِ الْمُحْرَقَةُ، تُذْبَحُ ذَبِيحَةُ الْخَطِيَّةِ أَمَامَ الرَّبِّ. إِنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ. الْكَاهِنُ الَّذِي يَعْمَلُهَا لِلْخَطِيَّةِ يَأْكُلُهَا. فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ تُؤْكَلُ فِي دَارِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ. كُلُّ مَنْ مَسَّ لَحْمَهَا يَتَقَدَّسُ. وَإِذَا انْتَثَرَ مِنْ دَمِهَا عَلَى ثَوْبٍ تَغْسِلُ مَا انْتَثَرَ عَلَيْهِ فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ. وَأَمَّا إِنَاءُ الْخَزَفِ الَّذِي تُطْبَخُ فِيهِ فَيُكْسَرُ. وَإِنْ طُبِخَتْ فِي إِنَاءِ نُحَاسٍ، يُجْلَى وَيُشْطَفُ بِمَاءٍ. كُلُّ ذَكَرٍ مِنَ الْكَهَنَةِ يَأْكُلُ مِنْهَا. إِنَّهَا قُدْسُ أَقْدَاسٍ. وَكُلُّ ذَبِيحَةِ خَطِيَّةٍ يُدْخَلُ مِنْ دَمِهَا إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِلتَّكْفِيرِ فِي الْقُدْسِ، لاَ تُؤْكَلُ. تُحْرَقُ بِنَارٍ."
نلاحظ أنه في (25) ينص على أن ذبيحة الخطية تذبح في نفس المكان الذي تذبح فيه المحرقة:-
1- لأن كل الذبائح تشير لشخص المسيح المصلوب الواحد.
2- غفران الخطية يتبعه قبول الله لنا.
قدس أقداس = هناك فرق بين الخاطئ وحامل الخطية. فالذبيحة ليست خاطئة لكنها حاملة خطية فهي قدس أقداس، ولأنها تمحو خطايا الآخرين وهي ترضي العدل الإلهي. هي تشير للمسيح الذي مع أنه حمل خطايا البشر إلا أنه قدوس. وفي (26) الكاهن الذي يعملها للخطية يأكلها = الله الذي يرفع خطية الخاطئ، لذلك يقبل جزء من الذبيحة على المذبح (الشحم). والكاهن أيضًا يأكل كعلامة للصلح بين الله ومقدم الذبيحة فالله غفر خطيته وقبل ذبيحته. والكاهن أيضًا يأكل كعلامة للصلح والكاهن بكهنوته يرمز لرئيس كهنتنا السيد المسيح الذي حمل خطايانا ومات بها فأماتها، وكتعبير عن ذلك يأكل الكاهن جزء من الذبيحة فكأنها إختفت فيه. والجزء الذي يأكله الكاهن يسميه الكتاب قدس أقداس، فهو يشير للمسيح الذي حمل خطايانا ومات بها على الصليب فأماتها. ولكن مُقدم الذبيحة لا يأكل، فهو لا دَخْل له في الكفارة ولم يعمل شيئًا سوى اعترافه بالخطية. الدم الذي يغفر هو دم المسيح والكاهن واسطة المغفرة؛ إذًا هو له عمل. وهو كوسيط يأكل من الذبيحة. ومُقَدِّم الذبيحة ينصرف ويعود لبيته فَرِحًا، فقد غفر الله خطيته، بدليل: 1) نار المذبح أكلت شحم ذبيحته الحاملة لخطيته. أي أن الله قبل ذبيحته. 2) الكاهن أكل جزء منها فاختفت خطيته. 3) الكاهن لن يقبل أن يأكل من لحم الذبيحة لو كانت الخطية ما زالت فيه.
وتعتقد كنيستنا أن الله والمذبح والكاهن يشتركوا في مغفرة خطاياي. المسيح ذبح من أجلي والكاهن خادم للأسرار، لكن خطاياي غُفِرَت بدم المسيح.
الْكَاهِنُ الَّذِي يَعْمَلُهَا لِلْخَطِيَّةِ يَأْكُلُهَا. فِي مَكَانٍ مُقَدَّسٍ تُؤْكَلُ فِي دَارِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ = الكاهن سيأكل جزءًا من الذبيحة داخل خيمة الاجتماع. ولكن ماذا عن بقية لحم الذبيحة، من يأكله أو ماذا يعملون به؟ يصمت الكتاب عن الإجابة عن هذا السؤال، **وحين يصمت الكتاب عن قول شيء فهو يريد أن يقول شيء مهم:-
1. أكل الكاهن من ذبيحة الخطية هو إشارة للمسيح رئيس كهنتنا الذي حمل خطيتنا ومات بها فأماتها. والكاهن اليهودي يأكل جزءًا من ذبيحة الخطية إشارة لأن خطية الخاطئ قد غفرت وإبتلعت تمامًا، إذ ماتت الذبيحة حاملةً خطية الخاطئ مقدمها وقد إعترف على رأسها بخطيته التي فعلها. والكاهن ما كان سيأكل منها لو كانت الخطية ما زالت فيها. فيرجع الخاطئ المعترف مقدم الذبيحة إلى بيته مستريحا وضميره مطمئن، وقد شعر أن خطيته قد غفرت تماما.
2. صمت الكتاب عن ذكر من يأكل بقية الذبيحة. وهناك حكمة في ذلك. فماذا يريد الكتاب توضيحه وشرحه من ذلك؟
3. المسيح وحده هو الذي حمل خطايا العالم ولم يشترك معه أحد، هو وحده الذي غلب الشيطان والموت والخطية "قَدْ دُسْتُ ٱلْمِعْصَرَةَ وَحْدِي، وَمِنَ ٱلشُّعُوبِ لَمْ يَكُنْ مَعِي أَحَدٌ. فَدُسْتُهُمْ بِغَضَبِي" (إش3:63). فكيف يشير الكتاب لهذا؟ كان ذلك بأنه لا يذكر أن أي إنسان له الحق أن يأكل من ذبيحة الخطية. فالمسيح وحده قدَّمَ الفداء عن الإنسان، والمسيح وحده هو الذي غفر خطايانا. فهنا لا يذكر الكتاب أن أحدًا يأكل من بقية الذبيحة، فقط الكاهن، ليشير إلى أن المسيح وحده هو الذي قدَّم الفداء.
4. ثم يعود الكتاب في (لا22: 1-13) فنجد أن أهل بيت الكاهن مسموح لهم من الأكل من الأقداس.
5. والجزء الذي يأكله الكاهن من ذبيحة الخطية يسميه الكتاب قدس أقداس (آية25) لأن هذا يرمز للمسيح رئيس كهنتنا الذي قدَّم ذبيحة نفسه ليحمل خطايانا ويميتها فيه بموته. فهي تشير لفداء المسيح وغفران خطايانا. وبعد أن يأكل الكاهن ويتم الرمز بأن المسيح وحده هو حامل الخطايا وغافرها، يصير اللحم الباقي من الذبيحة لحما يسميه الكتاب الأقداس (لا3:22) ويأكل منه باقي الكهنة (لا29:6)، وأهل بيت الكاهن مقدم الذبيحة.
** من العهد القديم: ذُكِر مرة واحدة أن موسى ضرب الصخرة بالعصا فأخرجت ماءً، بينما كان موسى يضرب صخرة في كل مكان يذهبون إليه ليشربوا، كما قال القديس بولس الرسول "كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَٱلصَّخْرَةُ كَانَتِ ٱلْمَسِيحَ" (1كو4:10). والكتاب صمت عن ذكر أن موسى كان يضرب صخرة في كل مكان يذهبون إليه. وكان ذلك رمزًا لأن المسيح يُصلب مرة واحدة.
** وأيضا من العهد القديم: كيف هلك أعداء يهوشافاط (2أى20) الذين أتوا يحاربون جيش وشعب يهوذا؟ لا نعرف ماذا حدث تماما إذ وجدوهم جثث ولم ينفلت أحد. كيف؟ صمت الكتاب وكل ما فهمناه أن الله له وسائل متعددة يبعد بها أعداءنا عنا، فلا ننتظر وسيلة بعينها بل نصبر وننتظر خلاص الرب بطرق لا نتوقعها.
**ومن العهد الجديد نتساءل كيف عرفت المرأة الخاطئة (لو7) أن المسيح قد غفر لها فأتت إلى بيت الفريسي ومعها الطيب لتسكبه على المسيح لتشكره على أنه سامحها. فلماذا صمت الكتاب عن ذكر الطريقة التي بها أعلن الرب يسوع للمرأة أنه قد غفرت خطيتها؟ هذا لأنه لو أعلن عنها الرب، سيتوقع كل واحد أن المسيح سيعلن له بنفس الطريقة، غير أن الله له طرق متعددة يعلن بها غفرانه وقبوله للخاطئ التائب.
لاحظ أن بعض الدم كان يوضع على قرون مذبح المحرقة، وباقي الدم يسكب عند قدمي المذبح إشارة إلى أنه لا يمكن إرضاء الله إلا بالدم. وإشارة إلى أن حياتنا كان ينبغي أن تسكب سكيبًا تامًا أمام الله من أجل خطايانا. وحينما نتأمل هذه الصورة ونحن لا نستطيع أن نسكب دمائنا من أجل خطايانا، ينبغي أن نسكب أنفسنا في إنسحاق أمام الله على مذبح الصلاة.
وفي (27) مَنْ مس لحمها يتقدس = لأن هذه الذبيحة هي قدس أقداس فهي ترمز للمسيح حامل خطايانا. وأيضًا لا يجوز أن يأكل منها إلا من كان مستعدًا، ومن جانب آخر أن من يمسها يحسب في ملكية الرب نفسه. وقارن هذه الآية مع (رؤ7 : 14) فنحن نلبس الثياب البيض ثياب البر بواسطة دم المسيح.
ويغسل الثوب الذي إنتثر عليه الدم في مكان مقدس = فالدم هو قدس أقداس، هو حياة الذبيحة التي قُدِّمت عن الخاطئ. الدم هو أساس الكفارة وبدونه لا تحدث مغفرة، وذلك حسب قول القديس بولس الرسول "كُلُّ شَيْءٍ تَقْرِيبًا يَتَطَهَّرُ حَسَبَ ٱلنَّامُوسِ بِٱلدَّمِ، وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لَا تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ" (عب22:9). وبعد سكب الدم تحت مذبح المحرقة (لا4: 25 ، 30 ، 34) وبعد أن يأكل الكاهن جزء من الذبيحة (قدس الأقداس) يكون المتبقي من لحم الذبيحة وجلدها أقداس يأخذها الكاهن الذي قدَّم الذبيحة لبيته للأكل.
آية (28) الإناء الخزف الذي تطبخ فيه يكسر = فهو يمتص الدم. وهو خزف فهو رخيص الثمن. وهذا يشير لجسدنا المأخوذ من طين الأرض وهو إناء خزف (2كو4: 7) ونحن إمتصصنا دمه في تناولنا من جسده ودمه.
وإن طبخت في إناء نحاس يجلى ويشطف بماء هذا يشير لطبيعتنا الجديدة التي حصلنا عليها بالمعمودية. وهذه الطبيعة طبيعة جديدة ، كأنها جليت وذهب عنها صدأها وأصبحت منيرة، وهي ثابتة فالنحاس رمز للثبات. قطعًا هذا الثبات اختياري بدليل قول المسيح "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم" وقارن مع "وأما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد" (1يو2: 17).
ولاحظ الآن أن الإناء الخزفي يشير لطبيعتي القديمة التي لم تتجدد، هكذا ولدتني أمي، هذا يُكسر. أما النحاسي فلا يكسر بل يُجلى، ويعود للمعانه. وهذا إشارة للإنسان الذي لا تتجدد طبيعته ويمثله الإناء الخزفي، مثل هذا حتى لو تلامس مع دم الذبيحة أي آمن وعرف المسيح دون أن تتجدد طبيعته يكسر أي يهلك، أما من تجددت طبيعته (وهذا يمثله الإناء النحاسي) فهو حتى لو أخطأ يعود لامعا بالتوبة والاعتراف " إن إعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم " (1يو1: 9).
آية (30) كل ذبيحة يدخل بدمها إلى خيمة الاجتماع... لا تؤكل = وهذه الذبائح هي الذبائح التي يقدمها رئيس الكهنة عن نفسه أو عن الجماعة، وهذه لا يأكل منها رئيس الكهنة فهو هنا إما خاطئ أو مسئول عن خطية الشعب كله، فلا يصلح أن يقوم هنا بدور الشفاعة. وهذا ما قاله القديس بولس الرسول "فَإِنَّ ٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلَّتِي يُدْخَلُ بِدَمِهَا عَنِ ٱلْخَطِيَّةِ إِلَى «ٱلْأَقْدَاسِ» بِيَدِ رَئِيسِ ٱلْكَهَنَةِ تُحْرَقُ أَجْسَامُهَا خَارِجَ ٱلْمَحَلَّةِ" (عب13: 11). تحرق بالنار = والذبيحة تحرق كلها فالخطية لوثت الإنسان كله، وهذا المعنى يوضحه إشعياء (إش1: 5، 6) " كل الرأس مريض وكل الجسم سقيم" = جلد الذبيحة يرمز لمظهرنا وكبريائنا والرأس يمثل الأفكار الخاطئة والشريرة. والأكارع تمثل الأقدام التي تسعى للخطية والأحشاء تمثل القلب الذي يشتهي من الداخل وباقي الأعضاء تشترك في الخطية.
تأمل :- الثوب الذي إنتثر عليه الدم وغُسِل بالماء، يشير لحياتي التي تلوثت بالخطية وأصبحت لا تليق بالسماء مثل عرس ابن الملك (مت22: 12، 13). وكيف تتطهر ثيابي؟ بدم المسيح (رؤ7: 14) وفي طقس غسل الثياب التي إنتثر عليها الدم نرى الدم الذي يقدس مع ماء (هذا ما خرج من جنب المسيح) فالدم يقدس والماء إشارة للروح القدس الذي يعمل في الأسرار (المعمودية والاعتراف) حتى يظل الثوب طاهرا. والدم هو الذي أعطى للماء في سر المعمودية القوة على الغفران وعلى الولادة الثانية.
← تفاسير أصحاحات اللاويين: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير اللاويين 7 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير اللاويين 5 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/z2ajzz5