محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
عدد: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31
هذا الإصحاح والإصحاح الذي يليه يحدثنا عن الأعياد والذبائح وهذا يناسب تمامًا مكانه حيث يأتي بعد أن تم التعداد، والله أعطى أوامره بتقسيم الأرض وتم تقسيم الشعب لعشائره وبنات صلفحاد رأيناهن بإيمان على ثقة أنهن سيدخلن ويرثن ويسألن عن حقوقهن. وموسى يعين قائد المسيرة فما الذي يمنع من الفرح فوعد الله لا يرجع أبدًا. إذًا هم بالتأكيد سيدخلون. . إذاً "إفرحوا في الرب كل حين وأقول أيضاً إفرحوا" (في 4: 4). فالله خلق آدم ليفرح، إذ خلقه في جنة عَدْنْ، وعدْنْ كلمة عبرية تعني الفرح والبهجة) وكان آدم وحواء في جنة الفرح هذه طالما كانت المحبة متبادلة بينهما وبين الله. فالله محبة وآدم مخلوق على صورة الله فكان يحب الله. وبعد الخطية إختبأ آدم من الله وضاعت المحبة فإختفى الفرح وهذا معنى أن آدم طرد من الجنة. وكان أن الله الذي يحب الإنسان ويريد أن يعود له الفرح ثانية فالقصد الإلهي لا يمكن أن يسقط. وكان هذا عن طريق تدبير الفداء. وذبيحة المسيح على الصليب كان يُرمز لها بعدة ذبائح.
بينما كان من المتوقع أن يأتي هنا أخبار الحروب لكن الله يود أن يركز على أن المسيح ذبيحتنا الحقيقية هو سر فرحنا خلال غربة هذا العالم وبإيمان نحيا في فرح إلى أن ندخل أورشليم السماوية. ولذلك هو يكرر الأعياد السابق ذكرها في سفر اللاويين ويذكر معها الذبائح التي تقدم في هذه الأعياد والتي لم تكن قد ذكرت في سفر اللاويين. والمعنى أن المسيح المذبوح هو حياتنا وسر فرحنا. وأكثر ما يفرح قلب الله هو المسيح الفادي الذي هو رائحة سرور لهُ، ففيه يعود البشر إلى أحضان الآب، وهذا هو طعام الله ووقائده. هذا ما يشبع الآب ويفرحه فيقول "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"، وهذا ما يشبع الابن أيضًا "من تعب نفسه يرى ويشبع" (إش53: 11) + "طعامي أن أصنع مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله" (يو4: 34). ولهذا ففي كل مناسبة تقيم الكنيسة قداسات ، لنقدم للآب ابنه المسيح في ذبيحة الإفخارستيا. فليس لنا ما نقدمه سواه وليس أغلى منه لنقدمه. فبذبيحة الإفخارستيا تغفر خطايانا ونثبت في المسيح فيعيدنا إلى حضن الآب.
الأعياد هي أفراح، فتزداد فيها المحرقات:
الذبائح نوعان هما *المحرقات *وذبائح الخطية.
وتُذكر المحرقة أولاً:- لأنها تخص الآب فهي رائحة سرور للرب، تعلن عن فرحة الآب بطاعة شعبه وثقتهم فيه وتسليم شعبه أنفسهم له بكل طاقاتهم (وكان هذا سيتم في المسيح الذي أطاع حتى موت الصليب، ولكنه كان يتم جزئياً أو رمزياً في تقديمهم ذبائح محرقات). وسمعنا عند تقديم نوح لمحرقته أن "الرب تنسم رائحة الرضا" (تك21:8). فلماذا تنسم الرب رائحة الرضا؟ ولماذا كان يقال عن ذبائح المحرقات أنها "وقود رائحة سرور للرب" (لا9:1)؟ المحرقات تعبر عن الطاعة الكاملة، لذلك قال إشعياء النبي عن طاعة المسيح "ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى ٱلذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ" (إش7:53). وتنبأ إرمياء النبي عن المسيح بنفس المعنى "وَأَنَا كَخَرُوفٍ دَاجِنٍ يُسَاقُ إِلَى ٱلذَّبْحِ" (إر19:11). وهذا ما عمله المسيح الذي أطاع حتى الموت موت الصليب" (فى8:2). وأنظر ماذا قال لبطرس عندما جاء يهوذا والجند لإلقاء القبض عليه "أَتَظُنُّ أَنِّي لَا أَسْتَطِيعُ ٱلْآنَ أَنْ أَطْلُبَ إِلَى أَبِي فَيُقَدِّمَ لِي أَكْثَرَ مِنِ ٱثْنَيْ عَشَرَ جَيْشًا مِنَ ٱلْمَلَائِكَةِ" (مت53:26). ولكنه لم يفعل بل إستسلم في هدوء وبدون مقاومة فهذه هي إرادة الآب، وهكذا قال لبطرس "ٱجْعَلْ سَيْفَكَ فِي ٱلْغِمْدِ! ٱلْكَأْسُ ٱلَّتِي أَعْطَانِي ٱلْآبُ أَلَا أَشْرَبُهَا" (يو11:18). وكان فرح الآب حقيقة أننا في المسيح سنحسب طائعين بل كاملين (كو28:1) وبهذا نعود كأبناء إلى حضن الآب. فالله خلق الإنسان لأنه يحب الإنسان وكان كصديق له فيقول "لَذَّاتِي مَعَ بَنِي آدَمَ" (أم31:8). وكان الله يريد أن يتبادل المحبة مع الإنسان. وكانت علامة محبة الله للإنسان الخليقة الجميلة التي خلقها الله للإنسان. وكانت علامة محبة الإنسان لله طاعته لله، فالطاعة علامة الثقة والمحبة. ولكن الإنسان لم يُطِع وكانت الخطية والتي عقوبتها الموت.
ثم تأتي ذبيحة الخطية:- التي تهتم برفع الخطية عن البشر. وهذه الإصحاحات تتكلم عن الأعياد، فالتركيز فيها كان على المحرقات. فالأعياد كما أنها فرح للشعب فهي فرحة الله بشعبه، فنلاحظ أن الفرح متبادل بين الله وشعبه (إش65: 17-19). ونفهم من هذه الآية أن الله يفرح حين يفرح شعبه، وشعب الله يفرح حين يفرح الله. وإذا كانت الأعياد هي مناسبات للفرح أمر بها الله شعبه ليفرحوا فهذه هي إرادته. ورأينا أن فرح الله في طاعة الإنسان فبها نعود إلى حضن الآب، وهذا سوف يتم بتقديم المسيح نفسه ذبيحة محرقة على الصليب. ونجد الله يأمر موسى بالأعياد والتي يقدم فيها محرقات ترمز لذبيحة المسيح وبها يفرح الله لأنه يرى فيها أنه بالمسيح سيعود البشر إلى أحضانه. وحينما يفرح الله يفرح شعبه وتكون أعيادهم كلها أفراح. في الحالات العادية بالنسبة للفرد الخاطئ كان يقدم ذبيحة خطية أولًا ثم محرقة. فهو لن يكون مقبولا وسبب فرح للآب إن لم تغفر خطيته أولًا. أما في الأعياد فكان الاهتمام بالمحرقات فنحن في أيام أعياد وفرح. وفي الإصحاحين (29،28) نجد 71 عددًا تحدثنا عن الذبائح والتقدمات المستمرة منها 58 عددًا تتحدث عن رائحة سرور للرب. بينما هناك 13 عدد فقط تتحدث عن ذبيحة الخطية. فذبيحة الخطية تتحدث عن غفران الخطية، وهذا مهم ولكن الأهم هو رضا الآب وسروره فهو فرِحَ بذبيحة المسيح التي يتوحد فيها البشر مع المسيح إبن الله بالمعمودية فيصبحوا كاملين أي أيضاً طائعين (كو28:1) فيعودوا كأبناء إلى حضن الآب. فنسمع صوت الآب يوم معمودية المسيح يقول في فرح "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت". وأيضًا في المسيح نُقلنا من حالة العداوة لحالة فرح الآب بنا وسروره ورضاه عنا خلال إبنه. وهذا ما يريدنا الله أن نفرح به وليس بأفراح العالم الزائلة.
وراجع عاموس (عا 25:5) وتكرر هذا في (أع43،42:7) فيبدو أن الشعب أهمل خلال توهانه في البرية تقديم الذبائح. وهنا يشدد الرب على أهميتها في أرضهم ولا يعفيهم من هذا، سواء الحروب المُقبلة أو إستقرارهم في أرض تفيض لبنًا وعسلًا. لذلك يذكرهم بهذا قبل الدخول مباشرة، فالراحة التي هم داخلين إليها ليست هي راحة التكاسل والتراخي بل راحة فرح مُستمر خلال ذبائح المُصالحة والحب، التي تقدم صباحًا ومساءً يوميًا وأسبوعيًا وشهريًا وسنويًا. أراد الله أن تكون حياتهم أعياد بغير إنقطاع علامة الفرح الدائم.
والجديد هنا هو سكيب الخمر، فهو رمز لعمل المسيح في سكبه دمه، وبسكب دمه أعاد الحياة الأبدية والفرح للبشر. وهذا سر فرح الآب بعودة الحياة لأبنائه، والخمر يرمز في الكتاب المقدس إلى الفرح. وبعد الفداء إنسكب الروح القدس، روح القوة والفرح على شعبه بإستحقاقات دمه المسكوب، فعاد الفرح لشعب الله ثانية، بعد أن أضاعوا أفراح جنة عدْنْ (عدْنْ تعني فرح). ويرمز لدم الشهداء الذين سكبوا دماءهم في محبة للمسيح، والقديسين الذين سكبوا حياتهم في قوة وفرح.
أية (1):- "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: "
آية 2:- "«أَوْصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: قُرْبَانِي، طَعَامِي مَعَ وَقَائِدِي رَائِحَةُ سَرُورِي، تَحْرِصُونَ أَنْ تُقَرِّبُوهُ لِي فِي وَقْتِهِ."
ربما التذكير هنا أيضًا بسبب موت الجيل الذي سبق وأخذ هذه الوصايا. ولاحظ تكرار طعامي - قرباني - وقائدي.. فالمسيح هو طعام الله وهو سروره وفرحه وهذه تعبيرات تكشف عن شوق الله إلى الإنسان، وسروره به خلال ابنه الحبيب الذبيح. وهذا من جانب ومن جانب آخر أن ما يقدمه الإنسان إنما ليس من عندياته بل من عطايا الله له.
طعامي = ما معنى أن المسيح هو طعام الله؟ الطعام هو ما يشبع به الإنسان. والمسيح كان طعامه أن يصنع مشيئة الآب الذي أرسله (يو34:4) أي أن ما يشبع المسيح هو أن يطيع الآب طاعة كاملة حتى الصليب ليأتي بالبشر كأولاد لله، هذا ما يشبع المسيح (إش11:53). وبنفس المفهوم فما يشبع الآب طاعة المسيح، فبطاعته حتى الصليب (فى8:2) سيعود البشر إلى حضن الآب. وهذا هو ما يفرح الآب. وكانت ذبيحة المحرقة هي الذبيحة التي تعبر عن طاعة المسيح التي من خلالها نصبح نحن طائعين بل كاملين فيه (كو28:1). ولذلك قيل عن الذبائح التي تقدم على المذبحة أنها "يُوقِدُهَا ٱلْكَاهِنُ عَلَى ٱلْمَذْبَحِ طَعَامَ وَقُودٍ لِلرَّبِّ" (لا11:3) + "مُقَدَّسِينَ يَكُونُونَ لِإِلَهِهِمْ، وَلَا يُدَنِّسُونَ ٱسْمَ إِلَهِهِمْ، لِأَنَّهُمْ يُقَرِّبُونَ وَقَائِدَ ٱلرَّبِّ طَعَامَ إِلَهِهِمْ" (لا6:21). فشحم الذبائح هو الذي يشعل نار المذبح. فإذا كان الشحم يشير لطاقة الحيوان. فكأن ما يشبع الله ويفرحه حقيقة هو إستعداد مقدم المحرقة لتقديم كل طاقاته لحساب مجد الله. وكأن مقدم ذبيحة المحرقة يقول لله اجعلني أقدم لك نفسي طائعًا هكذا مثل هذا الحيوان، فتفرح بي كما تفرح به فتقول عنه "وقود رائحة سرور للرب".
الآيات 3-8:- "وَقُلْ لَهُمْ: هذَا هُوَ الْوَقُودُ الَّذِي تُقَرِّبُونَ لِلرَّبِّ: خَرُوفَانِ حَوْلِيَّانِ صَحِيحَانِ لِكُلِّ يَوْمٍ مُحْرَقَةً دَائِمَةً. الْخَرُوفُ الْوَاحِدُ تَعْمَلُهُ صَبَاحًا، وَالْخَرُوفُ الثَّانِي تَعْمَلُهُ بَيْنَ الْعَشَاءَيْنِ. وَعُشْرَ الإِيفَةِ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِرُبْعِ الْهِينِ مِنْ زَيْتِ الرَّضِّ تَقْدِمَةً. مُحْرَقَةٌ دَائِمَةٌ. هِيَ الْمَعْمُولَةُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ. لِرَائِحَةِ سَرُورٍ، وَقُودًا لِلرَّبِّ. وَسَكِيبُهَا رُبْعُ الْهِينِ لِلْخَرُوفِ الْوَاحِدِ. فِي الْقُدْسِ اسْكُبْ سَكِيبَ مُسْكِرٍ لِلرَّبِّ. وَالْخَرُوفُ الثَّانِي تَعْمَلُهُ بَيْنَ الْعَشَاءَيْنِ كَتَقْدِمَةِ الصَّبَاحِ، وَكَسَكِيبِهِ تَعْمَلُهُ وَقُودَ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ."
تقديم خروفين حوليين كل يوم، خروف في الصباح وآخر بين العشائين كأننا في حاجة إلى محرقة بلا انقطاع لكي نكون في مصالحة مع الله ليل نهار بغير توقف. ونلاحظ أن تقديم محرقة صباحية وأخرى مسائية يشيران لذبائح العهد القديم وذبائح العهد الجديد. فكان العهد القديم هو مساء علاقتنا بالله أما العهد الجديد فهو صباح هذه العلاقة، بعد أن أشرق علينا نور شمس برنا المسيح. ولذلك نجد أن سفر حزقيال في الإصحاحات 40-48 والتي تحدثنا عن كنيسة المسيح أي جسده يقول في (حز13:46) "وتعمل كل يوم محرقة للرب حملًا حوليًا صحيحًا. صباحا صباحًا تعملهُ". فالآن لا توجد محرقة مسائية بعد أن قُدم المسيح في مساء يوم الجمعة ذبيحة مسائية. والآن الكنيسة تقيم قداسات صباحية فقط بهذا المفهوم.... صباحًا تعملهُ إشارة للمسيح النور وشمس البر الموجود دائمًا في كنيسته. وحتى لا يلغي طقس الذبيحة المسائية فتصلي الكنيسة صلاة رفع بخور العشية كرمز لهذا الطقس. ورفع بخور باكر كرمز للذبيحة الصباحية، ويصليه الكاهن بالملابس السوداء ومن خارج الهيكل كمن هو لا يزال في العهد القديم، وهو لا يدخل إلى الهيكل إلا ومعه الحمل.
طلب الله من موسى أن يقدم يوميا على المذبح تقدمة صباحية وتقدمة مسائية. كل منهما خروف محرقة + دقيق + خمر (عد28: 1 - 8). وكان هذا رمزا لذبيحة المسيح على الصليب. ولكن لماذا تقدم واحدة في الصباح وواحدة في المساء؟ لأن المسيح قُدِّم على الصليب مساءً، وكما نعلم أن الإفخارستيا هي إمتداد لذبيحة الصليب. وذبيحة الإفخارستيا تقدم نهارا. ونلاحظ أنه مع تقديم الخروف يقدم دقيق وخمر (الإفخارستيا خبز وخمر). ويسمى الله التقدمة في (آية 2) طعامي وكأنه يقول جسدي فالإفخارستيا هي طعام يقدمه الله لنا لنحيا. ونلاحظ أيضا أننا نحيا الآن في اليوم السابع للخليقة. وهذا اليوم السابع بدأ بسقوط آدم في الخطية، وينتهي اليوم السابع بالمجيء الثاني للسيد المسيح، ليبدأ اليوم الثامن (الأبدي). وليل اليوم السابع ينتهي بظهور المسيح شمس البر ليبدأ نهار اليوم السابع. والمسيح قَدَّم نفسه ذبيحة دموية على الصليب -على الطقس الهاروني- في نهاية مساء اليوم السابع ليكون بهذا ذبيحة مسائية. ومع بداية نهار اليوم السابع نجد المسيح يقدم ذاته ذبيحة حية -على طقس ملكي صادق- على شكل خبز وخمر أي الإفخارستيا. هو قدم نفسه ذبيحة حية دائمة فهكذا رآه القديس يوحنا في رؤياه "خروف قائم كأنه مذبوح" (رؤ6:5).
خروف + ⅒ دقيق ملتوت بـ¼ هين زيت + ¼ هين خمر
الخروف يشير للمسيح الذي قدم نفسه محرقة، والدقيق يشير للحياة التي أعادها لنا المسيح وهي حياته المقامة من بين الأموات وهي حياة أبدية فالمسيح لن يموت مرة ثانية (رو6: 9)، ويثبتها فينا الروح القدس (الزيت) المرسل لكل العالم (4)، فيفرح الله بنا كأولاده الذين عادوا إليه (الخمر)، ويطلب الله سَكِيبَ مُسْكِرٍ أي خمر قوي، ففرح الله بنا فرح قوي وهكذا فرحنا بالله، ونفرح نحن بعودتنا لله (الخمر) وتكرار رقم ¼ مع الزيت والخمر فهذا راجع لأنه بقدر الامتلاء من الروح القدس يكون الفرح. وكون الدقيق ملتوت بالزيت فهذا يشير للوحدة الأقنومية بين الابن والروح القدس وهي بلا انفصال. أما رقم ⅒ فهو يشير إلى أن من إتحد بالمسيح وأصبحت حياة المسيح هي حياته يصير في المسيح كاملًا (كو28:1). بل الكنيسة كلها صارت في وحدة واحدة في جسد المسيح الواحد، وهذا معنى رقم (1) فرقم (10) يشير للكمال التشريعي فالوصايا عشرة.
ومحرقة المساء هي تكرار لمحرقة الصباح.
الآيات 10،9:- "«وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ خَرُوفَانِ حَوْلِيَّانِ صَحِيحَانِ، وَعُشْرَانِ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ تَقْدِمَةً مَعَ سَكِيبِهِ، مُحْرَقَةُ كُلِّ سَبْتٍ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَسَكِيبِهَا."
الله يريد أن تكون أيامنا كلها أعيادًا له يفرح فيها بنا خلال ذبيحة ابنه الوحيد. وأيضًا ها هو يقيم لنا عيدًا أسبوعيًا هو عيد السبت أو عيد الراحة هو عربون الراحة الحقيقية في العيد الأبدي "إذا بقيت راحة لشعب الله" (عب9:4) وأيضًا يقدم كل سبت ذبائح.
خروفان + عشران دقيق ملتوت بزيت + سكيب.
نفس الفكرة السابقة، مع إضافة أنه حين نجد رقم 2 يكون هذا للإشارة للتجسد الذي به صالح الآب مع البشر (2كو18:5)، ونتيجة هذا الصلح إستراح الله وإستراح الإنسان. الله إستراح حين أراح الإنسان. والمسيح بجسده جعل الإثنين واحدًا في جسده الواحد، قطعا هذا لمن هو ثابت في المسيح (أف2: 14-16). وهذه هي راحة الآب (الراحة) برجوع البشر في وحدة كجسد واحد في المسيح، وكان هذا هو القصد الإلهي أولًا. وفي نفس الوقت هذه هي راحة الإنسان حين يجتمع مع إخوته في جسد واحد تربطهم المحبة. وهذا معنى قول المسيح ليوحنا المعمدان "اسْمَحِ ٱلْآنَ، لِأَنَّهُ هَكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرٍّ" (مت15:3). وقد يشير رقم 2 لأنه ستكون لنا راحة في الأرض كعربون لراحة أخرى أبدية في السماء لذلك يقول القديس بولس الرسول" لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يَشُوعُ قَدْ أَرَاحَهُمْ لَمَا تَكَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ يَوْمٍ آخَر. إِذًا بَقِيَتْ رَاحَةٌ لِشَعْبِ ٱللهِ" (عب 4: 8-9). إذًا كانت هناك راحة لهم في أرض الميعاد ولهم راحة أخرى في السماء.
الآيات 11-15:- "«وَفِي رُؤُوسِ شُهُورِكُمْ تُقَرِّبُونَ مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ: ثَوْرَيْنِ ابْنَيْ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ حَوْلِيَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَثَلاَثَةَ أَعْشَارٍ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ تَقْدِمَةً لِكُلِّ ثَوْرٍ. وَعُشْرَيْنِ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ تَقْدِمَةً لِلْكَبْشِ الْوَاحِدِ. وَعُشْرًا وَاحِدًا مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ تَقْدِمَةً لِكُلِّ خَرُوفٍ. مُحْرَقَةً رَائِحَةَ سَرُورٍ وَقُودًا لِلرَّبِّ. وَسَكَائِبُهُنَّ تَكُونُ نِصْفَ الْهِينِ لِلثَّوْرِ، وَثُلْثَ الْهِينِ لِلْكَبْشِ، وَرُبْعَ الْهِينِ لِلْخَرُوفِ مِنْ خَمْرٍ. هذِهِ مُحْرَقَةُ كُلِّ شَهْرٍ مِنْ أَشْهُرِ السَّنَةِ. وَتَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ لِلرَّبِّ. فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ يُقَرَّبُ مَعَ سَكِيبِهِ."
السبت يشير لخلقة الله للعالم والراحة. أما ذبيحة رأس الشهر فهي تنظر للعناية الإلهية. فالقمر يحدد الفصول التي تتوالى. فالقمر في دورته يحدد فصول. ولذلك ونحن نراقب دورة القمر يجب أن لا ننسى أعمال الله وعنايته التي تتوالى من جيل إلى جيل كما تتوالى دورات القمر كل شهر، ونشكره عليها. وكأن القمر شاهد أمين في السماء على رعاية الله وعنايته (مز 89: 37). هذا هو العيد الشهري وأيضًا تقدم فيه ذبائح. ومن أجل أن السبت رمز للراحة فالله يقول سبوتي، أما هنا فيقول رؤوس شهوركم لأن الشهر يشير إلى الزمن المتغير من شهر إلى شهر، وهذا سينتهي بنهاية العالم حيث لا يعود شيء إلا نهار شمسه لا تغيب، يوم سبت غير منقطع يوم راحة أبدية. والقمر يرمز للكنيسة فالمسيح شمس البر ينعكس نوره من على كنيسته. وهي ممتلئة من نوره فكأن الاحتفال الشهري بهذا العيد يشير لاحتفال الكنيسة بلبسها الإنسان الجديد وتركها العتيق.
الله يريدنا أن نحتفل دائمًا ونفرح دائمًا. فالله يطلب محرقات كل يوم (والمحرقات هذه تكون للرضا والفرح). وهكذا كل أسبوع (السبت). وكل شهر. وكل سنة. وكل سبع سنين. (السنة السبتية) وكل سبع سبعات سنين (اليوبيل في السنة الخمسين). مع كل مشرق للشمس نفرح ببداية يوم جديد ومع كل أسبوع جديد نفرح ببداية أسبوع جديد وهكذا نفرح بكل بداية، فهذه البداية بداية جديدة لحياتنا، فنحن نفرح لأن الله أعطانا فرصة حياة جديدة. وهذا يذكرنا دائما أن فرحنا الحقيقي سيكون مع بداية حياتنا في السماء في الأبدية. والله يريدنا أن نتطلع دائمًا لهذه الأبدية السعيدة ولا نتعلق بالأرضيات الزائلة. ومع كل بداية جديدة تقدم محرقات وهذا يشير لتقديم الحياة كلها لله بكل طاقاتنا، وهذا يشمل التوبة المستمرة وتقديم حياتنا وكل طاقاتنا لله، والله يردها لنا فرح حقيقي. وتكرار رقم7 فهو إشارة للكمال بمعنى أن الله يريد الكل، ويريد الفرح للكل ويريده دائما للكل. ويريد القلب كله ودائما، "يا ابني أعطني قلبك، ولتلاحظ عيناك طرقي" (أم26:23) = أعطني ولن تندم، ولاحظ ماذا أرده لك.
محرقات رؤوس الشهور
ثورين + 10/3 دقيق ملتوت بزيت + ½ هين سكيب خمر
كبش + 10/2 دقيق ملتوت بزيت + ⅓ هين سكيب خمر
7 خراف + ⅒ دقيق ملتوت بزيت + ¾ هين سكيب خمر
ذبيحة خطية
تيس واحد من المعز.
ثورين:- وهذه هي نفس التقدمات التي تقدم يوم الفصح ويوم الباكورة. أما في يوم الهتاف في أول الشهر السابع، وفي العاشر من الشهر (الكفارة) وفي يوم عيد المظال تقدم نفس التقدمات مع فارق واحد وهو تقديم ثور واحد بدلًا من ثورين (لا 29). فلماذا الفرق؟
مجموعة أعياد (لا 28) خاصة بعمل المسيح على الأرض (الصليب والقيامة حتى حلول الروح القدس أي تأسيس الكنيسة يوم الخمسين). وقبل أن يتم المسيح عمله كان هناك يهود وأمم، وهذا يشير له تقديم ثورين ، فالمسيح قدم نفسه عن اليهود والأمم.
أما مجموعة أعياد (لا 29) (الأبواق والكفارة والمظال) فهي تتكلم عن جهاد الكنيسة بعد أن أتم المسيح عمله وجعل الاثنين واحدا. عروس المسيح التي يعدها الروح القدس الآن على الأرض لتذهب لعريسها المسيح في السماء، هي كنيسة واحدة وحيدة مقدسة جامعة رسولية. لذلك مع المجموعة الثانية يقدم ثور واحد.
والكبش:- عادة يقدم كذبيحة إثم ، ولكننا هنا نتكلم عن المحرقات وأنها ذبيحة سرور فما المعنى من وراء ذلك؟ المسيح قدم نفسه غفرانا لخطايانا لنحسب كاملين فيه وبلا لوم (أف1: 4 + كو1: 28) . وهذا معنى قول الآب "هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت" ويقول الآب هذا يوم معمودية المسيح التي بها أسس سر المعمودية ، والذي به ننال غفران الخطايا . والمعمودية مبنية على موت المسيح كذبيحة إثم (إش53: 10) وقيامته . ولاحظ قول إشعياء في نفس الآية أن "الرب سُرَّ بأن يسحقه بالحزن" . صار ذبيحة إثم سُرَّ بها الرب . راجع تفسير الآيات (لا4: 27-35) لترى أن ذبيحة الخطية ذُكِر لمرة واحدة أنها رائحة سرور للرب. والمعنى أن الله فرح بحل مشكلة الخطية وأنه صار هناك رجاء لأسوأ الخطاة.
والسبع الخراف:- الخِراف ترمز للطاعة الكاملة، لذلك قيل عن المسيح حمل الله، فالخراف رمز للمسيح الذي أطاع حتى الموت: موت الصليب "ظلم أما هو فتذلل لم يفتح فاه كشاة سيقت للذبح وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه" (إش53: 7) . + "وأنا كخروف داجن يساق إلى الذبح" (إر11: 19) . هذا هو المسيح ، ونحن فيه نحسب طائعين كاملين ، ولاحظ رقم 7 هو رقم الكمال . ومرة ثانية فهذا لمن هو ثابت في المسيح، السَّالِكِ "لَيْسَ حَسَبَ الْجَسَدِ بَلْ حَسَبَ الرُّوحِ" (رو8: 1) لذلك يقول لنا الرب "إثبتوا فيَّ وأنا فيكم" (يو15: 4) .
تيس واحد من الماعز:- هو قائد لقطيع الماعز ويقدم ذبيحة خطية وبالذات يوم الكفارة، وهنا يكلمنا عن المسيح الذي قدم نفسه ذبيحة خطية، وكقائد يدعونا أن نقدم ذواتنا كذبيحة حية وكأموات عن الخطية ونصلب الجسد الأهواء مع الشهوات (رو6: 11, 12: 1 +غل 5: 24 + كو3: 5). والتيس يحب تسلق الأماكن العالية، فمن يتبع المسيح ويحسب نفسه كميت عن الخطية، يقوده المسيح إلى السماء فهو الطريق.
الدقيق الملتوت بالزيت:- إشارة للإتحاد الأقنومي بين الابن والروح القدس، والروح القدس هو الذي يثبتنا في المسيح فتثبت حياة المسيح فينا.
أرقام 10/3، 10/2،
⅒ :- رقم 10 يمثل الكمال التشريعي، وفي السماء الكمال الحقيقي، فلذلك فالرقم الذي يمثل السماء والسمائيين هو 1000 = 10 × 10 × 10. لذلك فالملائكة ألوف ألوف وربوات ربوات. ولكننا على الأرض نحن في المسيح حقيقة ولكننا بسبب أننا في الجسد نخطئ، فالكمال التام في السماء. وأما رقم 3 فيشير للقيامة الأولى من موت الخطية، ورقم 2 يشير للصلح الذي عمله المسيح بتجسده، فلا خلاص سوى بالمحبة بيننا وبين الله وبيننا وبين الآخرين، ورقم 1 يشير لشخص المسيح الواحد الذي نثبت فيه فتكون لنا حياة أبدية في المسيح (الدقيق) .والخمر :- هو علامة الفرح، فرحة الآب بنا وفرحتنا بالعودة لحضن الآب.
أرقام ½، ⅓، ¼:- فهي تشير لفرحة الله بهذا التصالح والمحبة التي عملها المسيح بتجسده (رقم 2). وفرحة الله بانتصار البشر على الخطية وقيامتهم من موت الخطية (رقم 3). وأن هذا صار متاحا لكل من يريد من البشر من كل العالم (رقم 4) .
وإذا كنا نتكلم عن فرحة الله، فالله يفرح بأن كنيسته عادت كما أرادها منذ البدء كنيسة واحدة. فقد خلق الله آدم، ومن آدم كوَّن جسد حواء والأولاد جاءوا منهما، أي الكل جسد آدم الواحد، والمعنى أن الله أراد أن البشرية تكون في وحدة، ولما حدث الانقسام بسبب الخطية إنقسم قايين على هابيل، وجاء المسيح ليجعل الاثنين واحدا (أف2: 14 – 16 + يو17: 20 – 23) وهذه الوحدة هي المشار لها برقم 1 هنا. فالله يفرح بهذه الكنيسة الواحدة التي صالح فيها المسيح أي اثنين (اليهود والأمم / أي اثنين متخاصمين / السماء والأرض كما فهمتها كنيستنا القبطية ورنمتها) ويصبح هذا معنى رقم ½ . وهذه الكنيسة الواحدة قامت من الموت وصارت حية، فالله خلق الإنسان ليحيا أبديا ولا يموت، وهذا معنى رقم ⅓ . وهذه الحياة والوحدة متاحة لكل من يريد من كل العالم وهذا معنى رقم ¼.
صحيحة = فهذه الذبائح تشير للمسيح الذي بلا خطية وبلا عيب.
الآيات 16-25:- "«وَفِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ، فِي الْيَوْمِ الرَّابعَ عَشَرَ مِنَ الشَّهْرِ فِصْحٌ لِلرَّبِّ. وَفِي الْيَوْمِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ هذَا الشَّهْرِ عِيدٌ. سَبْعَةَ أَيَّامٍ يُؤْكَلُ فَطِيرٌ. فِي الْيَوْمِ الأَوَّلِ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلًا مَا مِنَ الشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا. وَتُقَرِّبُونَ وَقُودًا مُحْرَقَةً لِلرَّبِّ: ثَوْرَيْنِ ابْنَيْ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ حَوْلِيَّةٍ. صَحِيحَةً تَكُونُ لَكُمْ. وَتَقْدِمَتُهُنَّ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ: ثَلاَثَةَ أَعْشَارٍ تَعْمَلُونَ لِلثَّوْرِ، وَعُشْرَيْنِ لِلْكَبْشِ، وَعُشْرًا وَاحِدًا تَعْمَلُ لِكُلِّ خَرُوفٍ مِنَ السَّبْعَةِ الْخِرَافِ، وَتَيْسًا وَاحِدًا ذَبِيحَةَ خَطِيَّةٍ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ. فَضْلًا عَنْ مُحْرَقَةِ الصَّبَاحِ الَّتِي لِمُحْرَقَةٍ دَائِمَةٍ تَعْمَلُونَ هذِهِ. هكَذَا تَعْمَلُونَ كُلَّ يَوْمٍ، سَبْعَةَ أَيَّامٍ طَعَامَ وَقُودِ رَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ يُعْمَلُ مَعَ سَكِيبِهِ. وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلًا مَا مِنَ الشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا."
فبدأ من هنا بالأعياد السنوية. وهذا هو العيد الأول في الشهر الأول من السنة، ويشير هنا لسبعة أيام الفطير أي لنبدأ سنة جديدة لا ترتبط بالخمير العتيق (1كو8:5) + (أف24،22:4) فيكون لنا الحياة الجديدة والتسبيح الجديد رافضين الشر الذي مضى، والشر رمزه الخمير (مت 16: 6، 11).
7 أيام يؤكل فطير = الخمير رمز للشر، فبعد الفصح أي صلب المسيح لا يصح أن يعود المسيحي للشر مرة أخرى، ورقم 7 إشارة لكل أيام العمر فرقم 7 رقم كامل (1كو5: 6 – 8). وطوال الأسبوع تقدم نفس الذبائح والتقدمات إشارة لأن ذبيحة المسيح عملها وفاعليتها كل الزمان .
والتقدمات والذبائح هي نفس التقدمات والذبائح التي تقدم في رؤوس الشهور (راجع تفسير الآيات 11 – 15).
الآيات (26-31):- "«وَفِي يَوْمِ الْبَاكُورَةِ، حِينَ تُقَرِّبُونَ تَقْدِمَةً جَدِيدَةً لِلرَّبِّ فِي أَسَابِيعِكُمْ، يَكُونُ لَكُمْ مَحْفَلٌ مُقَدَّسٌ. عَمَلًا مَا مِنَ الشُّغْلِ لاَ تَعْمَلُوا. وَتُقَرِّبُونَ مُحْرَقَةً لِرَائِحَةِ سَرُورٍ لِلرَّبِّ: ثَوْرَيْنِ ابْنَيْ بَقَرٍ، وَكَبْشًا وَاحِدًا، وَسَبْعَةَ خِرَافٍ حَوْلِيَّةٍ. وَتَقْدِمَتُهُنَّ مِنْ دَقِيق مَلْتُوتٍ بِزَيْتٍ: ثَلاَثَةَ أَعْشَارٍ لِكُلِّ ثَوْرٍ، وَعُشْرَيْنِ لِلْكَبْشِ الْوَاحِدِ، وَعُشْرًا وَاحِدًا لِكُلِّ خَرُوفٍ مِنَ السَّبْعَةِ الْخِرَافِ. وَتَيْسًا وَاحِدًا مِنَ الْمَعْزِ لِلتَّكْفِيرِ عَنْكُمْ، فَضْلًا عَنِ الْمُحْرَقَةِ الدَّائِمَةِ وَتَقْدِمَتِهَا تَعْمَلُونَ. مَعَ سَكَائِبِهِنَّ صَحِيحَاتٍ تَكُونُ لَكُمْ."
عيد الباكورة هو اليوم الذي كانت تردد فيه حزمة الشعير. لكن نلاحظ أن الوحي هنا دمج عيد الباكورة مع عيد الأسابيع أو اليوم الذي يأتي بعد الباكورة بخمسين يومًا (يوم حصاد القمح) = وَفِي يَوْمِ الْبَاكُورَةِ، حِينَ تُقَرِّبُونَ تَقْدِمَةً جَدِيدَةً لِلرَّبِّ فِي أَسَابِيعِكُمْ،... في (Okjv) جاءت الترجمة "وفي يوم الباكورة، حينما تأتون بتقدمة المحصول الجديد للرب في عيد الأسابيع، يكون لكم محفل مقدس". فواضح هنا ضم العيدين معًا. وفي هذا العيد عيد الأسابيع (الخمسين) يقدم للرب أبكار الغلات بمناسبة عيد الحنطة.
الآن نحن في حصاد الحنطة ولاحظ أنه لأجل تقديس الزمن، لتكون أيام الإنسان كلها مقدسة للرب، جعل الرب عند اليهود اليوم السابع سبت للرب، فبتقديس اليوم السابع يتقدس الأسبوع كله، لأن كلمة أسبوع تأتي من رقم سبعة خاصة في العبرية إذ يُدعى (شبوع) أي سبعة.
ثم قَدَّسَ الرب الأسابيع، بإقامة عيد الأسابيع الذي هو عيد الخمسين لأنه بعد 7 أسابيع من بدء الحصاد ، ويحسب سبتًا للرب. وكان عيدًا مرتبطًا بالزراعة.
ولما كان من الصعب تحديد بدء يوم الحصاد، لهذا استقر الأمر أن يُحسب من عيد الفصح، فصار اليوم الخمسين من عيد الفصح. وفيه يقربون لله من الحصاد الجديد. (مثل من لا يذهب للكنيسة إلا ومعه إخوته) وفي هذا اليوم قدم بطرس 3000 نفس. هو دخل بالنفوس المُتعبة لتستريح في أحضان الرب. وكذلك قدس الرب الشهر السابع المملوء بالأعياد وقدس الرب السنة السابعة وهي بعد 7 سنوات، والسنة الخمسون بعد 7×7 سنوات ليكون العمر كله مقدس.
ولكن هنا سؤال هام... لماذا دمج الوحي عيديّ الباكورة والخماسين في يوم واحد أسماه يوم الباكورة؟
يوم عيد الباكورة في اليوم الثالث للفصح، هو رمز ليوم قيامة المسيح في اليوم الثالث من الصلب (ورمزه يوم الفصح) . يوم الباكورة هذا كانت قيامة المسيح بكر الراقدين.
ويوم الخمسين رمز ليوم تأسيس الكنيسة، يوم عمَّد القديس بطرس 3000 نفس فكانت الباكورة، باكورة البشر الذين قاموا في المسيح من موت الخطية، وهذه نسميها القيامة الأولى.
ونلاحظ أن من قام من موت الخطية بالقيامة الأولى فله نصيب في القيامة الثانية في مجيء المسيح الثاني بجسد ممجد، لذلك نسمع في سفر الرؤيا "مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الأولى . هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم..." (رؤ20: 6).
ولهذا دمج الوحي عيد الباكورة مع عيد الأسابيع أو الخماسين في يوم واحد:
فقيامة المسيح كانت قيامة للكنيسة فيه.
وحياة المسيح الأبدية التي قام بها من الأموات صارت للكنيسة
حياة المسيح هي حياة واحدة للكنيسة الواحدة الوحيدة المقدسة
والتقدمات والذبائح هي نفس التقدمات والذبائح التي تقدم في رؤوس الشهور، راجع تفسير الآيات (11-15).
← تفاسير أصحاحات العدد: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير العدد 29 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري (اقرأ إصحاح 28 من سفر العدد) |
تفسير العدد 27 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/q2af577