محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
عدد: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29
هذا الإصحاح يبدأ أحداث السنة الأربعين وأحداثها طويلة كالسنة الأولى.
وفي بداية رحلتهم لم يجدوا ماء وهكذا في نهاية رحلتهم فهذا العالم ينقصه أشياء كثيرة ولا يشبعنا فيه سوى مراحم الله.
ومن أحداث هذا الإصحاح المهمة موت مريم وهرون وحرمان موسى نفسه العظيم من دخول أرض الميعاد. ولم تكن كنعان الأرضية هي أفضل ما وعد الله به لمن أحبوه بدليل حرمان أحسن المؤمنين منها وهم موسى وهرون ومريم. ومريم كانت نبية عظيمة وقادت الشعب في التسبيح كما قاد موسى الشعب بعصاه وهرون قادهم بكهنوته. راجع (خر20:15 + ميخا4:6). ولكن هؤلاء القديسين كانوا رموزًا للعهد القديم فموسى رمزًا للناموس (وحسب الناموس فأي خطية مهما كانت بسيطة أو عن جهل تمنع من الحياة (لا 18: 5) = وضرب الصخرة في هذا الإصحاح خطية).
وهرون رمز للكهنوت اللاوي ومريم رمز لأنبياء العهد القديم. وكل هؤلاء لا يدخلون بدون نعمة المسيح. لذلك من دخل بالشعب كان يشوع رمزًا ليسوع.
آية 1:- "وَأَتَى بَنُو إِسْرَائِيلَ، الْجَمَاعَةُ كُلُّهَا، إِلَى بَرِّيَّةِ صِينَ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ. وَأَقَامَ الشَّعْبُ فِي قَادَشَ. وَمَاتَتْ هُنَاكَ مَرْيَمُ وَدُفِنَتْ هُنَاكَ."
في قادش = صدر الحكم على الشعب وهم في قادش بالتيه 40 سنة في البرية (عد 26:13) وهنا نجدهم أتوا إلى قادش أيضًا لتنتهي رحلة التيه فيها كما بدأت منها. ولا نسمع أن موسى بكى على مريم أو هرون وليس هذا لأنه لم يبكي فعلًا فالمسيح بكى على قبر لعازر ولكن موسى لا يسجل مشاعره الشخصية تجاه أسرته فاهتمامه الأول مجد الله. ولذلك كان يسجل صراخه على الشعب إذا أخطأ في حق الله حتى يتوب الشعب ويتمجد الله. وفي هذا شابه موسى السيد المسيح حين بكى على بنات أورشليم. ومريم أكبر من موسى وسنها كان حوالي 130 سنة حين ماتت فهي التي تابعت موسى وهو في السفط البردي.
الآيات 2-13:- "وَلَمْ يَكُنْ مَاءٌ لِلْجَمَاعَةِ فَاجْتَمَعُوا عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ. وَخَاصَمَ الشَّعْبُ مُوسَى وَكَلَّمُوهُ قَائِلِينَ: «لَيْتَنَا فَنِينَا فَنَاءَ إِخْوَتِنَا أَمَامَ الرَّبِّ. لِمَاذَا أَتَيْتُمَا بِجَمَاعَةِ الرَّبِّ إِلَى هذِهِ الْبَرِّيَّةِ لِكَيْ نَمُوتَ فِيهَا نَحْنُ وَمَوَاشِينَا؟ وَلِمَاذَا أَصْعَدْتُمَانَا مِنْ مِصْرَ لِتَأْتِيَا بِنَا إِلَى هذَا الْمَكَانِ الرَّدِيءِ؟ لَيْسَ هُوَ مَكَانَ زَرْعٍ وَتِينٍ وَكَرْمٍ وَرُمَّانٍ، وَلاَ فِيهِ مَاءٌ لِلشُّرْبِ!». فَأَتَى مُوسَى وَهَارُونُ مِنْ أَمَامِ الْجَمَاعَةِ إِلَى بَابِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ وَسَقَطَا عَلَى وَجْهَيْهِمَا، فَتَرَاءَى لَهُمَا مَجْدُ الرَّبِّ. وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «خُذِ الْعَصَا وَاجْمَعِ الْجَمَاعَةَ أَنْتَ وَهَارُونُ أَخُوكَ، وَكَلِّمَا الصَّخْرَةَ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ أَنْ تُعْطِيَ مَاءَهَا، فَتُخْرِجُ لَهُمْ مَاءً مِنَ الصَّخْرَةِ وَتَسْقِي الْجَمَاعَةَ وَمَوَاشِيَهُمْ». فَأَخَذَ مُوسَى الْعَصَا مِنْ أَمَامِ الرَّبِّ كَمَا أَمَرَهُ، وَجَمَعَ مُوسَى وَهَارُونُ الْجُمْهُورَ أَمَامَ الصَّخْرَةِ، فَقَالَ لَهُمُ: «اسْمَعُوا أَيُّهَا الْمَرَدَةُ، أَمِنْ هذِهِ الصَّخْرَةِ نُخْرِجُ لَكُمْ مَاءً؟». وَرَفَعَ مُوسَى يَدَهُ وَضَرَبَ الصَّخْرَةَ بِعَصَاهُ مَرَّتَيْنِ، فَخَرَجَ مَاءٌ غَزِيرٌ، فَشَرِبَتِ الْجَمَاعَةُ وَمَوَاشِيهَا. فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمَا لَمْ تُؤْمِنَا بِي حَتَّى تُقَدِّسَانِي أَمَامَ أَعْيُنِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، لِذلِكَ لاَ تُدْخِلاَنِ هذِهِ الْجَمَاعَةَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا». هذَا مَاءُ مَرِيبَةَ، حَيْثُ خَاصَمَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الرَّبَّ، فَتَقَدَّسَ فِيهِمْ."
مرة أخرى يتذمر الشعب على نقص الماء. والصخرة تشير للمسيح، كما كانت الصخرة الأولى تشير للمسيح أيضًا. لذلك يقول بولس الرسول "لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ (أي المرة الأولى وهذه المرة)، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ". في المرة الأولى ضرب موسى الصخرة بالعصا رمزًا لطعن المسيح في جنبه ورمزًا لصلبه، وخرج ماء من الصخرة مع الضربة رمزًا للماء والدم اللذان خرجا من جنب المسيح لتطهيرنا. أما في المرة الثانية فقد طلب الله أن يأخذ موسى معهُ العصا فقط دون أن يضرب الصخرة ويكلم الصخرة فتعطي ماءً. وهذا يرمز أنه باستحقاقات الصليب (العصا) حين نأتي للمسيح (الصخرة) ونصلي (نكلم الصخرة) يرسل لنا الروح القدس الْمُعَزِّي (يو37:7-39). وكان خطأ موسى أنه ضرب الصخرة ولم يستمع لكلام الله. والخطأ في هذا رمزيًا، لأن المسيح لا يُصلب مرتين ولا يُضرب مرتين. وربما صنع موسى هذا في غضبه منهم وانفعاله فسخط عليهم وهو الحليم (مز 33،32:106) وغالبا هو فعل هذا كما تعود لمدة 40 سنة إذ كان يضرب صخرة في أي مكان يحلوا فيه فتخرج ماء. وكلمة مريبة تعني مخاصمة. فالشعب خاصم موسى وخاصموا الله بدليل قولهم ليتنا فنينا فناء إخوتنا.
أمام الرب = أي مثل قورح وداثان وسائر المتذمرين. وعجيب أن يعتبروا أنفسهم جماعة الرب (آية4) ثم يشككون في أن الرب يعولهم.
آية 8:- "«خُذِ الْعَصَا وَاجْمَعِ الْجَمَاعَةَ أَنْتَ وَهَارُونُ أَخُوكَ، وَكَلِّمَا الصَّخْرَةَ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ أَنْ تُعْطِيَ مَاءَهَا، فَتُخْرِجُ لَهُمْ مَاءً مِنَ الصَّخْرَةِ وَتَسْقِي الْجَمَاعَةَ وَمَوَاشِيَهُمْ»."
فيها رمز لعمل الثالوث القدوس (كما حدث يوم عماد المسيح). فالآب من السماء يريد أن يسكب الروح القدس على كنيسته وعلى المؤمنين، بعد أن تم الصلح بدم المسيح. ولكن كيف يحدث هذا؟ نلاحظ أن الصخرة رمز للمسيح (1كو10: 4). والماء رمز للروح القدس. ونفهم أن الطريق لإنسكاب الروح القدس علينا هو الصلاة والطلب. وهذا ما يشير إليه أن يكلم موسى الصخرة. ونحن بصلاتنا وتوبتنا وإعترافنا نمتلئ بالروح القدس = "الآب يعطي الروح القدس لمن يسألونه" (لو11: 13). والكنيسة تمتلئ بالروح القدس حينما يصلي الشعب بنفس واحدة (أع2: 1-4 + أع4: 31).
خذ العصا = هذه العصا (رمز الصليب) ضرب بها موسى النهر ليتحول إلى دم رمز للمسيح المضروب لأجلنا. ولكن لا يجب ضرب الصخرة مرتين فالمسيح لا يموت سوى مرة واحدة (رو10،9:6) + (عب 27،26:9). وربما كانت خطية موسى شكه أن الله سيعطي ماء بدون إستعمال العصا وهي الطريقة التي سبق وإختبرها مرارًا خلال رحلة الأربعين سنة ، لكن الله عنده طرق متنوعة وعديدة. أو أن موسى شك أن الله سيعطي ماء لهذا الجيل المتمرد . أو هو نسب العمل الإعجازي (خروج الماء) لنفسه = أمن هذه الصخرة نخرج لكم ماء. كان هذا بسبب الغضب ومع من ! مع موسى الحليم. فعلينا أن نخشى لأن حتى نقاط قوتنا قد تصبح سبب سقوطنا إن لم نحترس.
*ولكن كيف لموسى أن يفهم سر الصليب والفداء؟ موسى لم يفهم أنه حين يضرب الصخرة مرتين فهو يفسد الرمز اذ يجعل المسيح يصلب مرتين، وهذا هو الاحتمال الأكبر. ونلاحظ أنه ليس من المهم أن نفهم حكمة الله في وصاياه، لكن علينا أن ننفذ وصايا الله دون أن نسأل أو نفهم. لكن كان حرمان موسى بسبب هذا الخطأ البسيط إعلانًا أن هذه هي طريقة الناموس في محاسبة البشر، وموسى هو ممثل الناموس.
أما دخول كنعان (وهي رمز السماء كنعان السماوية) فهو بيشوع رمزا للمسيح يسوع (يسوع هو النطق اليوناني لإسم يشوع العبراني). وأقصى ما يمكن للناموس أن يعاين الأمجاد من بعيد، كما عاين موسى أرض الميعاد من فوق الجبل . هذا من الناحية الرمزية ، لكن من الناحية الواقعية فموسى أعظم الجميع بشهادة الله نفسه ، وظهر مع المسيح على جبل التجلي.
كانت المرة الأولى التي خرج فيها ماء من الصخرة في سفر الخروج (
خر 17)فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «مُرَّ قُدَّامَ الشَّعْبِ، وَخُذْ مَعَكَ مِنْ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ. وَعَصَاكَ الَّتِي ضَرَبْتَ بِهَا النَّهْرَ خُذْهَا فِي يَدِكَ وَاذْهَبْ. هَا أَنَا أَقِفُ أَمَامَكَ هُنَاكَ عَلَى الصَّخْرَةِ فِي حُورِيبَ، فَتَضْرِبُ الصَّخْرَةَ فَيَخْرُجُ مِنْهَا مَاءٌ لِيَشْرَبَ الشَّعْبُ». فَفَعَلَ مُوسَى هكَذَا أَمَامَ عُيُونِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ. "
المرة الأولى تشير لصلب المسيح:- الذي به تم الصلح مع الآب "لِأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ ٱللهِ بِمَوْتِ ٱبْنِهِ" (رو5: 10). وبعد المصالحة أرسل الله لنا الروح القدس، والذي يرمز الماء إليه. وهنا العصا في يد هارون تشير للصليب، والصخرة تشير للمسيح، وضرب الصخرة يشير لصلب المسيح. والشيوخ يشيروا لشيوخ إسرائيل والسنهدريم ورؤساء الكهنة الذين تآمروا لصلب المسيح.
وفي هذه الآيات من سفر العدد (الإصحاح العشرون) نجد المرة الثانية والأخيرة
«خُذِ الْعَصَا وَاجْمَعِ الْجَمَاعَةَ أَنْتَ وَهَارُونُ أَخُوكَ، وَكَلِّمَا الصَّخْرَةَ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ أَنْ تُعْطِيَ مَاءَهَا، فَتُخْرِجُ لَهُمْ مَاءً مِنَ الصَّخْرَةِ وَتَسْقِي الْجَمَاعَةَ وَمَوَاشِيَهُمْ»."
المرة الثانية تشير لكيفية إنسكاب الروح القدس علينا وعلى الكنيسة الآن:- يقول رب المجد "فَكَمْ بِٱلْحَرِيِّ ٱلْآبُ ٱلَّذِي مِنَ ٱلسَّمَاءِ، يُعْطِي ٱلرُّوحَ ٱلْقُدُسَ لِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ" (لو11: 13). أي أن الروح القدس ينسكب الآن علينا كأفراد وعلى الكنيسة بالصلاة = كلما الصخرة. ويأخذ موسى معه العصا لأن فاعلية الصليب مستمرة، أي شفاعة دم المسيح والتي بها أرسل الآب الروح القدس، وهذا ما قاله رب المجد "وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ ٱلْآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى ٱلْأَبَدِ، رُوحُ ٱلْحَقِّ" (يو14: 16-17) ويطلب من الآب تعني شفاعته الكفارية.
لكن لماذا طلب الله من موسى أن يأخذ معه هارون؟
طلب الله من موسى في المرة الثانية أن يأخذ معه هارون ممثلًا لكهنوت المسيح الذي قدَّم ذبيحة نفسه على الصليب. وكهنوت المسيح هذا ممتد عبر الكهنوت المسيحي، كهنوت الخبز والخمر والمستمر لنهاية الزمان. الذي قال عنه المزمور "أَقْسَمَ الرَّبُّ وَلَنْ يَنْدَمَ: «أَنْتَ كَاهِنٌ إِلَى الأَبَدِ عَلَى رُتْبَةِ مَلْكِي صَادَقَ»" (مز110: 4). وجود هرون كان شرحًا لعمل الكهنوت في حلول الروح القدس في الكنيسة:
فالروح القدس يحل ويقدس مياه المعمودية بصلوات الكهنة، وفي سر الميرون يسكن الروح القدس في المعمد بنفخة الروح القدس في فم المعمد. وفي سر الاعتراف ينقل الروح القدس خطايا المعترف إلى المسيح بصلاة التحليل التي يصليها الكاهن. وفي سر الإفخارستيا وبصلاة الكاهن يحول الروح القدس الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه (الخروف القائم كأنه مذبوح) والذي يُعطَى لغفران الخطايا وحياة أبدية لكل من يتناول منه. والرتب الكهنوتية (سيامة الأساقفة والكهنة والشمامسة) تكون بالصلاة ووضع اليد (أع13: 2-3 + 1تى5: 22). وهكذا سر الزواج فالكاهن كوكيل عن الله في تتميم الأسرار الكنسية، يصلي والله يجمع الزوجين في جسد واحد (مت19: 6 + 1كو4: 1-2).
وإجمع الجماعة = وحينما نجتمع بنفس واحدة وفي محبة ونصلي ينسكب الروح القدس ويملأنا (مز133 + أع2: 1-4 + أع4: 31). ولا يصح إقامة قداس إلا بوجود شعب لذلك طلب الرب من موسى إجمع الجماعة.
وتسقي الجماعة ومواشيهم = هناك من سكن الروح القدس فيه ويحاول أن يجذبه للسماويات لكنه يقاوم صوت الروح القدس مفضلا حياة الملذات الحسية. كما قال الملاك رافائيل لطوبيا "استمع فأخبرك من هم الذين يستطيع الشيطان أن يقوى عليهم. أن الذين يتزوجون فينفون الله من قلوبهم ويتفرغون لشهوتهم كالفرس والبغل اللذين لا فهم لهما أولئك للشيطان عليهم سلطان" (طو6: 16-17). وكذلك نجد أن هناك من يتناول عن إستحقاق وهناك من يتناول بغير توبة وهو مستمر في حياته الشهوانية غير مبالٍ بقدسية هذا السر، ومثل هؤلاء قال عنهم مواشيهم وهكذا قال الملاك رافائيل لطوبيا.
آية 13:- هذا ماء مريبة حيث خاصم بنو إسرائيل الرب فتقدس فيهم.
فتقدس فيهم = الله تقدس بنزول الماء رغم عدم استحقاقهم. وتقدس بحرمان موسى وهرون من دخول أرض الميعاد فالله لا يقبل أي خطأ.
الآيات 14-21:- "وَأَرْسَلَ مُوسَى رُسُلًا مِنْ قَادَشَ إِلَى مَلِكِ أَدُومَ: «هكَذَا يَقُولُ أَخُوكَ إِسْرَائِيلُ: قَدْ عَرَفْتَ كُلَّ الْمَشَقَّةِ الَّتِي أَصَابَتْنَا. إِنَّ آبَاءَنَا انْحَدَرُوا إِلَى مِصْرَ، وَأَقَمْنَا فِي مِصْرَ أَيَّامًا كَثِيرَةً وَأَسَاءَ الْمِصْرِيُّونَ إِلَيْنَا وَإِلَى آبَائِنَا، فَصَرَخْنَا إِلَى الرَّبِّ فَسَمِعَ صَوْتَنَا، وَأَرْسَلَ مَلاَكًا وَأَخْرَجَنَا مِنْ مِصْرَ. وَهَا نَحْنُ فِي قَادَشَ، مَدِينَةٍ فِي طَرَفِ تُخُومِكَ. دَعْنَا نَمُرَّ فِي أَرْضِكَ. لاَ نَمُرُّ فِي حَقْل وَلاَ فِي كَرْمٍ، وَلاَ نَشْرَبُ مَاءَ بِئْرٍ. فِي طَرِيقِ الْمَلِكِ نَمْشِي، لاَ نَمِيلُ يَمِينًا وَلاَ يَسَارًا حَتَّى نَتَجَاوَزَ تُخُومَكَ». فَقَالَ لَهُ أَدُومُ: «لاَ تَمُرُّ بِي لِئَلاَّ أَخْرُجَ لِلِقَائِكَ بِالسَّيْفِ». فَقَالَ لَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ: «فِي السِّكَّةِ نَصْعَدُ، وَإِذَا شَرِبْنَا أَنَا وَمَوَاشِيَّ مِنْ مَائِكَ أَدْفَعُ ثَمَنَهُ. لاَ شَيْءَ. أَمُرُّ بِرِجْلَيَّ فَقَطْ». فَقَالَ: «لاَ تَمُرُّ». وَخَرَجَ أَدُومُ لِلِقَائِهِ بِشَعْبٍ غَفِيرٍ وَبِيَدٍ شَدِيدَةٍ. وَأَبَى أَدُومُ أَنْ يَسْمَحَ لإِسْرَائِيلَ بِالْمُرُورِ فِي تُخُومِهِ، فَتَحَوَّلَ إِسْرَائِيلُ عَنْهُ."
أدوم في عداوته لإسرائيل شعب الله عداوة تقليدية، وفي هذا هو يرمز للشيطان. وكون أدوم يرفض مرور إسرائيل فهذا يرمز للشيطان الذي يضع عراقيل في طريقنا لأورشليم السماوية ليمنعنا من الوصول. آدوم تعني دموي فهم تحالفوا مع شعوب أخرى ضد شعب الله وألحقوا بهم كثيرًا من الأذى بعد ذلك.
طريق الملك = ويسمى الطريق السلطانية. وغالبًا هو طريق رئيسي يشقه الملك عبر أراضيه (عد22:21). وبالرغم من معاملة آدوم السيئة لإسرائيل نرى محبة موسى وتسامحه فقد أوصى الشعب أن لا ينتقموا من أدوم (تث7:23).
آية 21:- "وَأَبَى أَدُومُ أَنْ يَسْمَحَ لإِسْرَائِيلَ بِالْمُرُورِ فِي تُخُومِهِ، فَتَحَوَّلَ إِسْرَائِيلُ عَنْهُ."
فتحول إسرائيل عنه = إذا كان هناك طريق آخر غير المواجهة فلماذا لا نستعمله ونهرب من البشر. وهكذا هرب المسيح وهو طفل من هيرودس.
آية 22:- "فَارْتَحَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ، الْجَمَاعَةُ كُلُّهَا، مِنْ قَادَشَ وَأَتَوْا إِلَى جَبَلِ هُورٍ."
الرحلة بدأت بقادش وتنتهي بقادش، رحلة التيه حوالي 39 سنة وكانوا يرحلون غالبًا وراء الماء والكلأ وبأمر الله (السحابة). ومن هنا بدأت الرحلة ثانية.
الآيات 23-29:- "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ فِي جَبَلِ هُورٍ عَلَى تُخُمِ أَرْضِ أَدُومَ قَائِلًا: «يُضَمُّ هَارُونُ إِلَى قَوْمِهِ لأَنَّهُ لاَ يَدْخُلُ الأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، لأَنَّكُمْ عَصَيْتُمْ قَوْلِي عِنْدَ مَاءِ مَرِيبَةَ. خُذْ هَارُونَ وَأَلِعَازَارَ ابْنَهُ وَاصْعَدْ بِهِمَا إِلَى جَبَلِ هُورٍ، وَاخْلَعْ عَنْ هَارُونَ ثِيَابَهُ، وَأَلْبِسْ أَلِعَازَارَ ابْنَهُ إِيَّاهَا. فَيُضَمُّ هَارُونُ وَيَمُوتُ هُنَاكَ». فَفَعَلَ مُوسَى كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ، وَصَعِدُوا إِلَى جَبَلِ هُورٍ أَمَامَ أَعْيُنِ كُلِّ الْجَمَاعَةِ. فَخَلَعَ مُوسَى عَنْ هَارُونَ ثِيَابَهُ وَأَلْبَسَ أَلِعَازَارَ ابْنَهُ إِيَّاهَا. فَمَاتَ هَارُونُ هُنَاكَ عَلَى رَأْسِ الْجَبَلِ، ثُمَّ انْحَدَرَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ عَنِ الْجَبَلِ. فَلَمَّا رَأَى كُلُّ الْجَمَاعَةِ أَنَّ هَارُونَ قَدْ مَاتَ، بَكَى جَمِيعُ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ عَلَى هَارُونَ ثَلاَثِينَ يَوْمًا."
صعد موسى وهرون والعازار فوق الجبل ليستلم جيل جديد الكهنوت من جيل قديم وكان هذا أمام كل الجماعة حتى لا
يطمع أحد في كهنوت العازار. وموت هرون على جبل هو موت القديسين. تسليم الكهنوت بموسى من هرون لألعازار هو تسليم الكهنوت من المسيح للرسل لخلفائهم ونجد هنا هرون رئيس الكهنة يموت على جبل، وداثان وأبيرام ينزلون تحت الأرض. فموت الأبرار صعود وارتفاع ونهاية الأشرار انهيار وانحدار إلى أسفل. وموسى خلع ثياب هرون قبل أن يموت لأنه لو مات وثيابه عليه تتنجس ولا يلبسها العازار. وحضور الجماعة أيضًا هذه المراسم فيها تزكية من الجماعة لرئيس الكهنة الجديد.
لماذا كان شرط الكاهن اليهودي أن يكون من نسل هارون؟
شرط الكاهن اليهودي أن يكون من نسل هارون أي كأنه إستمرار لكهنوت هارون. والكهنوت المسيحي الذي على طقس ملكي صادق هو في المسيح، هو إستمرارية لكهنوت المسيح. فكما لا يوجد كهنوت يهودي خارج عن صُلب هارون أي جسد هارون لا يوجد كهنوت مسيحي خارج كهنوت المسيح. فالمسيح رئيس كهنتنا الحقيقي قدم نفسه ذبيحة على هيئة خبز وخمر، والكاهن المسيحي يقدم ذبيحة الإفخارستيا، ذبيحة الخبز والخمر بعد أن يحول الروح القدس الخبز والخمر إلى جسد المسيح ودمه. ذبيحة الإفخارستيا هي نفسها ذبيحة الصليب. المسيح قدم نفسه على الصليب ذبيحة وهو الآن كما رآه القديس يوحنا "خروف قائم كأنه مذبوح" وبصلوات الكاهن يحول الروح القدس الخبز والخمر إلى صورة المسيح "الخروف القائم كأنه مذبوح" (رؤ6:5). وهكذا قال القديس بولس الرسول عن الكهنوت المسيحي أنه وظيفة. وظيفة يكلفه بها المسيح لا ليذبح المسيح أو يصلبه ثانية بل يصلى فيتحول الخبز والخمر إلى صورة الخروف القائم كأنه مذبوح، صورة المسيح الموجودة حالياً فهكذا رآه القديس يوحنا في رؤياه. فالكهنوت المسيحي هو كهنوت المسيح الذي صار ذبيحة حية (ذبيحة = كأنه مذبوح أي فيه فعل الموت) و (حية = قائم أي فيه فعل الحياة). والكاهن المسيحي يصلي فيحول الروح القدس الخبز والخمر إلى هذه الذبيحة الحية. ثم يقوم بتوزيعها على المتناولين ليتحدوا بالجسد المذبوح فتغفر خطاياهم (إذ يتحدوا بفِعْل الموت الذي في جسد المسيح المذبوح) ويتحدوا بالجسد الحي فيحصلوا على حياة أبدية (إذ يتحدوا بفعل الحياة في المسيح القائم من الأموات. لذلك يصلى الكاهن في القداس ويقول "يُعْطَى لغفران الخطايا وحياة أبدية لِمَن يتناول منه".
← تفاسير أصحاحات العدد: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير العدد 21 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير العدد 19 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7wrb55c