St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   04-Sefr-El-Adad
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

العدد 5 - تفسير سفر العدد

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب عدد:
تفسير سفر العدد: مقدمة سفر العدد | مقدمة أسفار موسى الـ5 | العدد 1 | العدد 2 | العدد 3 | العدد 4 | العدد 5 | العدد 6 | العدد 7 | العدد 8 | العدد 9 | العدد 10 | العدد 11 | العدد 12 | العدد 13 | العدد 14 | العدد 15 | العدد 16 | العدد 17 | العدد 18 | العدد 19 | العدد 20 | العدد 21 | العدد 22 | العدد 23 | العدد 24 | العدد 25 | العدد 26 | العدد 27 | العدد 28 | العدد 29 | العدد 30 | العدد 31 | العدد 32 | العدد 33 | العدد 34 | العدد 35 | العدد 36

نص سفر العدد: العدد 1 | العدد 2 | العدد 3 | العدد 4 | العدد 5 | العدد 6 | العدد 7 | العدد 8 | العدد 9 | العدد 10 | العدد 11 | العدد 12 | العدد 13 | العدد 14 | العدد 15 | العدد 16 | العدد 17 | العدد 18 | العدد 19 | العدد 20 | العدد 21 | العدد 22 | العدد 23 | العدد 24 | العدد 25 | العدد 26 | العدد 27 | العدد 28 | العدد 29 | العدد 30 | العدد 31 | العدد 32 | العدد 33 | العدد 34 | العدد 35 | العدد 36 | العدد كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

عزل الخطية لتقديس المحلة

لقد تحدد نسب وعدد شعب الله (ص1) , وأصبح لهم علامة وسمة مميزة (الرايات ص2) ولهم خدمة كهنوتية (ص3) , وهم راحلون سائرون من ارض العبودية متجهون لأورشليم السماوية والله بمقدساته في وسطهم (ص4) , وحتى تمضي الرحلة في طريقها يجب أن يستمر الشعب في حالة قداسة ويعزل أي خطية من وسطه، بل حتى الشك فيما هو خطية. والمسيحي يُحدد نسبه وبنوته بالمعمودية وأصبح لهُ سمة مميزة بالميرون وهو يحيا مسبحًا الله (كهنوت عام) سائرًا في طريقه نحو السماء ومجاهدًا ضد الخطية.

ووجود خطية يحرمنا من بركات وجود الله وسطنا، لهذا إنهزم الشعب أمام عاي (يش7).

وسمعوا قول الله: "فِي وَسَطِكَ حَرَامٌ يَا إِسْرَائِيلُ" [وراجع (1كو17،16:3 + 1كو13:5)]. وفي هذا الإصحاح يطالب الله بوجوب تطهير المحلة كلها على المستوى العام والشخصي والعائلي.

وبالرجوع لسفر اللاويين نجد أن البرص هو رمز للخطية فعزل الأبرص هنا هو رمز لعزل الشر. وكان للبُرص خيامهم الخاصة خارج المحلة كأول تطبيق في التاريخ لعمل مستشفى لعزل المرضى ولم يكن من المتصور إلقاء الأبرص في الصحراء. وهكذا على الكنيسة أن تعزل الشخص الخاطئ الذي يسبب عثرة للآخرين ويكون كخميرة فساد، كما يقول القديس بولس الرسول "فَٱعْزِلُوا ٱلْخَبِيثَ مِنْ بَيْنِكُمْ" (1كو13:5). فكما كان الله في وسط شعبه هكذا الله في وسط الكنيسة الآن ولا شركة للنور مع الظلمة (2كو14:6). وكان في عصر الناموس مثل هذه الأمراض لعنة ولكن بعد أن شفا المسيح كل أنواع المرض (البرص , ونازفة الدم... بل أقام الموتى), وكان كل هذا يعتبر نجاسة في العهد القديم، فلم يعد المرض نجاسة ولا الموت لعنة.

ويحتوي هذا الإصحاح على 3 أقسام يختص كل منها بنوع من الشر يجب أن يزال من المحلة حتى تستقر بركة الله عليها. الأول فيه تقديس للجماعة , والثاني تقديس للشخص , والثالث تقديس الأسرة

الأول :- يختص بأناس نجسين صحيًا أو طقسيًا وهذا يشير للشر الواضح تجاه الله والناس.

الثاني :- يختص بالنجاسة الناشئة بإيقاع الأذى بالآخرين كالسرقة وهذا يشير لشر لم يراه الناس بل الله.

الثالث :- يختص بالشك في الخطية (الغيرة الزوجية) وهذا يشير لأن الله لا يحتمل حتى شبه الشر.

ونلاحظ أن الله يطلب الاعتراف ودينونة الذات ورد المغتصب وعزل الشر.

 

الآيات 1-4:- "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «أَوْصِ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَنْفُوا مِنَ الْمَحَلَّةِ كُلَّ أَبْرَصَ، وَكُلَّ ذِي سَيْل، وَكُلَّ مُتَنَجِّسٍ لِمَيْتٍ. الذَّكَرَ وَالأُنْثَى تَنْفُونَ. إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ تَنْفُونَهُمْ لِكَيْلاَ يُنَجِّسُوا مَحَلاَّتِهِمْ حَيْثُ أَنَا سَاكِنٌ فِي وَسَطِهِمْ». فَفَعَلَ هكَذَا بَنُو إِسْرَائِيلَ وَنَفَوْهُمْ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ. كَمَا كَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى هكَذَا فَعَلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ."

كان البرص يسمى في العبرية صعرات أي كارثة لأنه جاء من قبل الرب كنتيجة لخطية الشخص ولا شفاء منه سوى بواسطة الرب (مريم أخت موسى...)

والبرص له مفهوم صحي, وعزل المريض كان حتى لا ينتشر المرض في المحلة. ولكن الله كان يهتم بأن يفهم الناس أن المهم أن لا يتلامسوا مع الخطية ويعزلوها. وما يقال عن البرص يقال عن ذي السيل أو التلامس مع ميت (فالموت نتيجة الخطية فهو معادل لها)

 

الآيات 5-10:- "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: إِذَا عَمِلَ رَجُلٌ أَوِ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ جَمِيعِ خَطَايَا الإِنْسَانِ، وَخَانَ خِيَانَةً بِالرَّبِّ، فَقَدْ أَذْنَبَتْ تِلْكَ النَّفْسُ. فَلْتُقِرَّ بِخَطِيَّتِهَا الَّتِي عَمِلَتْ، وَتَرُدَّ مَا أَذْنَبَتْ بِهِ بِعَيْنِهِ، وَتَزِدْ عَلَيْهِ خُمْسَهُ، وَتَدْفَعْهُ لِلَّذِي أَذْنَبَتْ إِلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لِلرَّجُلِ وَلِيٌّ لِيَرُدَّ إِلَيْهِ الْمُذْنَبَ بِهِ، فَالْمُذْنَبُ بِهِ الْمَرْدُودُ يَكُونُ لِلرَّبِّ لأَجْلِ الْكَاهِنِ، فَضْلًا عَنْ كَبْشِ الْكَفَّارَةِ الَّذِي يُكَفِّرُ بِهِ عَنْهُ. وَكُلُّ رَفِيعَةٍ مَعَ كُلِّ أَقْدَاسِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي يُقَدِّمُونَهَا لِلْكَاهِنِ تَكُونُ لَهُ. وَالإِنْسَانُ أَقْدَاسُهُ تَكُونُ لَهُ. إِذَا أَعْطَى إِنْسَانٌ شَيْئًا لِلْكَاهِنِ فَلَهُ يَكُونُ»."

خان خيانة بالرب = المقصود أنه إستولى على ما لغيره ولم يعرف صاحب الشيء ما حدث. أو أخذ أمانة لديه، ومات صاحب الأمانة، فاستولى على الأمانة ولم يدري أحد. أو يكون الخطأ في حق غريب وقد غادر هذا الغريب البلد ولم يمكن التوصل إليه. فهذه خيانة لله = خان خيانة بالرب. فالله يعتبر أن ما أعطاه للإنسان هو مقدس له، لا يحق لآخر أن يعتدي عليه، فيقول وَالإِنْسَانُ أَقْدَاسُهُ تَكُونُ لَهُ يعني أن الله خصصها له. ولاحظ أن ما حدث كان في الخفاء أو السر، والخطية هنا لم يراها إنسان بل الله. لكن الخطية عمومًا ناشئة عن قساوة القلب، فهي موجهة لله. لذلك طلب الله من الخاطئ الذي إستيقظ ضميره أن يلتزم بتقديم توبة صادقة وعملية، فالله هو من يملك على شعبه ويطلب أن يكون شعبه نقيًا طاهرًا. وشروط هذه التوبة:-

أ‌- أن يعترف = فلتقر بخطيتها التي عملت (آية 7) فالإعتراف يجعل القلب القاسي يلين ونلاحظ أن الاعتراف يكون أمام الله والكاهن والشخص الذي أخطأ نحوه. "مَنْ يَكْتُمُ خَطَايَاهُ لَا يَنْجَحُ، وَمَنْ يُقِرُّ بِهَا وَيَتْرُكُهَا يُرْحَمُ " (أم13:28).

ب‌- يرد ما أذنب به أو إغتصبه فلا يستفيد من خطأه ويُظلم البريء. بل يدفع ما سلبه ويزيد عليه الخُمْس كعقوبة ليعرف أن الخطية لا تفيد. وإن كان صاحب الشيء قد مات يذهب التعويض للولي، أو من يرثه.

ت‌- فإن لم يمكن الاستدلال على صاحب الحق يذهب التعويض (ما سلبه + الخمس) للكاهن أو الهيكل= فَالْمُذْنَبُ بِهِ الْمَرْدُودُ يَكُونُ لِلرَّبِّ لأَجْلِ الْكَاهِنِ. ويكون للكاهن لو أراد المذنب ذلك = إِذَا أَعْطَى إِنْسَانٌ شَيْئًا لِلْكَاهِنِ فَلَهُ يَكُونُ.

ج- تقديم ذبيحة إثم = كبش كفارة. لأن الخطية موجهة لله نفسه أولًا ولا حل إلا بتقديم ذبيحة.

ويوجد في هذا التشريع جزء زائد عن ما ورد في سفر اللاويين أن الولي يمكن أن يقبل الغرامة، إن لم يمكن الاستدلال على الشخص المذنب في حقه، أو في حالة موته. وإن لم يمكن الإستدلال على الولي يذهب التعويض للكاهن أو للهيكل. فلا يكون غياب الشخص أو كونه غريبًا عذر لعدم السداد. ويظهر هنا أنه لا تسامح في حالة أن يكون الخطأ في حق الغرباء. وإن كان الله قد طلب أن يُرَدَّ الشيء المنهوب للهيكل فهو قادر أن يعوِّض المظلوم بطريقة أو بأخرى.

 

وفي الآيات 10،9: وَكُلُّ رَفِيعَةٍ مَعَ كُلِّ أَقْدَاسِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الَّتِي يُقَدِّمُونَهَا لِلْكَاهِنِ تَكُونُ لَهُ. وَالإِنْسَانُ أَقْدَاسُهُ تَكُونُ لَهُ. إِذَا أَعْطَى إِنْسَانٌ شَيْئًا لِلْكَاهِنِ فَلَهُ يَكُونُ.

نجد النص على حقوق الكهنة. وأعتقد أن إضافتها هنا لهُ معنى متصل بما سبق أن ما يخصصه أحد للكاهن فله يكون. مثل باقي حقوقه من الذبائح التي يقدمونها والتي تسمى رفيعة وأقداس. والرفيعة تتضمن ساق الرفيعة وصدر الترديد. والأقداس هي الأشياء التي يقدسها الشعب للرب مثل النذور والنوافل وأجزاء الذبائح المقررة.

والإنسان أقداسه تكون له = أي الأشياء المملوكة لأحد وينذر أن يعطيها لله تكون للهيكل أو للكاهن إذا كان قد نذرها للكاهن = إذا أعطى شيئًا للكاهن فله يكون.

 

الآيات 11-31:- "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: إِذَا زَاغَتِ امْرَأَةُ رَجُل وَخَانَتْهُ خِيَانَةً، وَاضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ اضْطِجَاعَ زَرْعٍ، وَأُخْفِيَ ذلِكَ عَنْ عَيْنَيْ رَجُلِهَا، وَاسْتَتَرَتْ وَهِيَ نَجِسَةٌ وَلَيْسَ شَاهِدٌ عَلَيْهَا، وَهِيَ لَمْ تُؤْخَذْ، فَاعْتَرَاهُ رُوحُ الْغَيْرَةِ وَغَارَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ نَجِسَةٌ، أَوِ اعْتَرَاهُ رُوحُ الْغَيْرَةِ وَغَارَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ لَيْسَتْ نَجِسَةً، يَأْتِي الرَّجُلُ بَامْرَأَتِهِ إِلَى الْكَاهِنِ، وَيَأْتِي بِقُرْبَانِهَا مَعَهَا: عُشْرِ الإِيفَةِ مِنْ طَحِينِ شَعِيرٍ، لاَ يَصُبُّ عَلَيْهِ زَيْتًا وَلاَ يَجْعَلُ عَلَيْهِ لُبَانًا، لأَنَّهُ تَقْدِمَةُ غَيْرَةٍ، تَقْدِمَةُ تَذْكَارٍ تُذَكِّرُ ذَنْبًا. فَيُقَدِّمُهَا الْكَاهِنُ وَيُوقِفُهَا أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مَاءً مُقَدَّسًا فِي إِنَاءِ خَزَفٍ، وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنَ الْغُبَارِ الَّذِي فِي أَرْضِ الْمَسْكَنِ وَيَجْعَلُ فِي الْمَاءِ، وَيُوقِفُ الْكَاهِنُ الْمَرْأَةَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَكْشِفُ رَأْسَ الْمَرْأَةِ، وَيَجْعَلُ فِي يَدَيْهَا تَقْدِمَةَ التَّذْكَارِ الَّتِي هِيَ تَقْدِمَةُ الْغَيْرَةِ، وَفِي يَدِ الْكَاهِنِ يَكُونُ مَاءُ اللَّعْنَةِ الْمُرُّ. وَيَسْتَحْلِفُ الْكَاهِنُ الْمَرْأَةَ وَيَقُولُ لَهَا: إِنْ كَانَ لَمْ يَضْطَجعْ مَعَكِ رَجُلٌ، وَإِنْ كُنْتِ لَمْ تَزِيغِي إِلَى نَجَاسَةٍ مِنْ تَحْتِ رَجُلِكِ، فَكُونِي بَرِيئَةً مِنْ مَاءِ اللَّعْنَةِ هذَا الْمُرِّ. وَلكِنْ إِنْ كُنْتِ قَدْ زُغْتِ مِنْ تَحْتِ رَجُلِكِ وَتَنَجَّسْتِ، وَجَعَلَ مَعَكِ رَجُلٌ غَيْرُ رَجُلِكِ مَضْجَعَهُ. يَسْتَحْلِفُ الْكَاهِنُ الْمَرْأَةَ بِحَلْفِ اللَّعْنَةِ، وَيَقُولُ الْكَاهِنُ لِلْمَرْأَةِ: يَجْعَلُكِ الرَّبُّ لَعْنَةً وَحَلْفًا بَيْنَ شَعْبِكِ، بِأَنْ يَجْعَلَ الرَّبُّ فَخْذَكِ سَاقِطَةً وَبَطْنَكِ وَارِمًا. وَيَدْخُلُ مَاءُ اللَّعْنَةِ هذَا فِي أَحْشَائِكِ لِوَرَمِ الْبَطْنِ، وَلإِسْقَاطِ الْفَخْذِ. فَتَقُولُ الْمَرْأَةُ: آمِينَ، آمِينَ. وَيَكْتُبُ الْكَاهِنُ هذِهِ اللَّعْنَاتِ فِي الْكِتَابِ ثُمَّ يَمْحُوهَا فِي الْمَاءِ الْمُرِّ، وَيَسْقِي الْمَرْأَةَ مَاءَ اللَّعْنَةِ الْمُرَّ، فَيَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللَّعْنَةِ لِلْمَرَارَةِ. وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنْ يَدِ الْمَرْأَةِ تَقْدِمَةَ الْغَيْرَةِ، وَيُرَدِّدُ التَّقْدِمَةَ أَمَامَ الرَّبِّ وَيُقَدِّمُهَا إِلَى الْمَذْبَحِ. وَيَقْبِضُ الْكَاهِنُ مِنَ التَّقْدِمَةِ تَذْكَارَهَا وَيُوقِدُهُ عَلَى الْمَذْبَحِ، وَبَعْدَ ذلِكَ يَسْقِي الْمَرْأَةَ الْمَاءَ. وَمَتَى سَقَاهَا الْمَاءَ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَنَجَّسَتْ وَخَانَتْ رَجُلَهَا، يَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللَّعْنَةِ لِلْمَرَارَةِ، فَيَرِمُ بَطْنُهَا وَتَسْقُطُ فَخْذُهَا، فَتَصِيرُ الْمَرْأَةُ لَعْنَةً فِي وَسَطِ شَعْبِهَا. وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْمَرْأَةُ قَدْ تَنَجَّسَتْ بَلْ كَانَتْ طَاهِرَةً، تَتَبَرَّأُ وَتَحْبَلُ بِزَرْعٍ. «هذِهِ شَرِيعَةُ الْغَيْرَةِ، إِذَا زَاغَتِ امْرَأَةٌ مِنْ تَحْتِ رَجُلِهَا وَتَنَجَّسَتْ، أَوْ إِذَا اعْتَرَى رَجُلًا رُوحُ غَيْرَةٍ فَغَارَ عَلَى امْرَأَتِهِ، يُوقِفُ الْمَرْأَةَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَعْمَلُ لَهَا الْكَاهِنُ كُلَّ هذِهِ الشَّرِيعَةِ. فَيَتَبَرَّأُ الرَّجُلُ مِنَ الذَّنْبِ، وَتِلْكَ الْمَرْأَةُ تَحْمِلُ ذَنْبَهَا»."

 

شريعة الغيرة

الأسرة هي صورة مصغرة للجماعة. والله أراد بقداسة الأسرة قداسة الجماعة كلها.

والزنا هو أبشع خطية خلالها ينحل البيت ويفقد الرجل والمرأة وحدتهما في الرب. والزنا العائلي قد يصير مصدر لتهديد السلام في المحلة كلها. فهو موضوع دقيق وشائك وقد يقتل الرجل زوجته أو من شك في أنها خانته معه. ولذلك وضع الله هذه الشريعة وفيها تظهر يد الله بإعجاز إلهي. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فكما أن الله تدخل بإعجاز في موضوع المن والسلوى والماء والانتصار على كل العقبات (البحر - جيش فرعون - عماليق....) وكما حدث في بدء المسيحية حتى لا يمحو الشيطان المسيحية سادت المعجزات، هكذا حتى يحفظ الله سلام المحلة وقداستها كان يتدخل بصورة معجزية في هذه الشريعة. فكما مات حنانيا وسفيرة حينما كذبا على الروح القدس هكذا كانت تمرض بل تموت الزوجة الخائنة إذا هي أصرت على إنكار خطيتها.

 

المحاكمات الدينية العالمية

في اللغة الإنجليزية كلمتان وكلاهما يعنيان محاكمة. الأولى هي المحاكمة العادية TRIAL والثانية هي المحاكمات الدينية ORDEAL ويعتقد منفذو هذا النوع من المحاكمات الدينية أن هناك قوى خارقة للطبيعة سوف تكشف براءة المتهم أو ثبوت التهمة عليه.

وكلمة ORDEAL تنقسم إلى OR وهي تعني باللاتينية الكبير أو المقدس أو الأكبر وكلمة DEAL أيضًا لاتينية وتعني محاكمة. وربما انتشرت هذه المحاكمات كتقليد للطقس اليهودي في شريعة الغيرة ولكن شتان الفرق فهنا الله يتدخل دون تعذيب أو وسائل مرعبة لكن في الطقوس العالمية الوثنية كانت توجد وسائل تعذيب مثل أن يسير المذنب على فحم مشتعل فإن نجا ولم يحترق كان بريئًا (وهذا غالبًا ما إتبع مع البابا المصري ديمتريوس الكرام) , أو يمسك المذنب بحديد مشتعل أو يجوز في النار. وانتشرت هذه العادات وسط الشعوب الوثنية. ولاحظ الفرق فكانت المرأة المذنبة عند اليهود تصاب بيد الله ولكن عند الوثنيين حيث لا إله كانوا مضطرين لمثل هذه الممارسات البشعة.

ويذكر التقليد اليهودي أن الرجل الذي صنع فعل الزنا مع المرأة كانت تحدث له نفس الأعراض ويموت في نفس يوم موت المرأة وكانا كلاهما يموتان في حالة أليمة نتيجة اللعنة وفي فترة قصيرة. وكان التقليد اليهودي أيضًا يقول أنه إذا كان الرجل هو أيضًا قد زنى وبعد هذا شك في زوجته وذهب ليشتكيها كانت لا تظهر عليها أي أعراض حتى لو كانت زانية. ولما انتشر الزنا وسط الشعب أصبحت هذه الشريعة غير مطبقة، بل أن الله نفسه أصبح لا يعاقب (هو 14،13:4) وهذا أبشع ما يمكن تصوره، أن الله لا يعاقب، فَمَنْ يحبه الله يؤدبه (عب12: 6). وإذا لم يؤدب الله المُذنب فهذا يعني أن الله يأس تمامًا من الشخص، وبذلك فقد حكم عليه بالهلاك. وكان التقليد يقول أيضًا إن الرجل الذي يذهب ليشكو زوجته أمام الكاهن كان عليه أن يذكر مُبَرِّرَاته. والله لن يعدم طريقة يُظْهِر بها البريء. أما من يفسد هيكل ابن الله يفسده الله. وإن اعترفت المرأة بخطيتها كانت تطلق ولا تأخذ مهرها ولكنها لا تقتل.

 

آية 12و13:- "«كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: إِذَا زَاغَتِ امْرَأَةُ رَجُل وَخَانَتْهُ خِيَانَةً، وَاضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ اضْطِجَاعَ زَرْعٍ، وَأُخْفِيَ ذلِكَ عَنْ عَيْنَيْ رَجُلِهَا، وَاسْتَتَرَتْ وَهِيَ نَجِسَةٌ وَلَيْسَ شَاهِدٌ عَلَيْهَا، وَهِيَ لَمْ تُؤْخَذْ،"

وهي لم تؤخذ = أي لم تضبط في ذات الفعل. وبقى الأمر خافيًا

 

آية 14:- "فَاعْتَرَاهُ رُوحُ الْغَيْرَةِ وَغَارَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ نَجِسَةٌ، أَوِ اعْتَرَاهُ رُوحُ الْغَيْرَةِ وَغَارَ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ لَيْسَتْ نَجِسَةً،"

وهي نجسة = أي تكون قد زنت بالفعل

 

آية 15:- "يَأْتِي الرَّجُلُ بَامْرَأَتِهِ إِلَى الْكَاهِنِ، وَيَأْتِي بِقُرْبَانِهَا مَعَهَا: عُشْرِ الإِيفَةِ مِنْ طَحِينِ شَعِيرٍ، لاَ يَصُبُّ عَلَيْهِ زَيْتًا وَلاَ يَجْعَلُ عَلَيْهِ لُبَانًا، لأَنَّهُ تَقْدِمَةُ غَيْرَةٍ، تَقْدِمَةُ تَذْكَارٍ تُذَكِّرُ ذَنْبًا."

إلى الكاهن = فهي محاكمة في حضور الله. ولأن الخطية في المقام الأول هي موجهة ضد الله فيلزم الإتيان بتقدمة ولا يظهروا فارغين أمام الله. وبوضع تذكار التقدمة على المذبح له معنى أن الكل، الكاهن والرجل والمرأة يطلبان تدخل الله لإظهار الحقيقة.

من طحين شعير = الشعير طعام الفقراء ويستخدم في أزمنة القحط والضيق، وهذا الظرف، ظرف الخيانة الزوجية هو ظرف ضيق وليس فرح. ولا يصب عليه زيتًا = فالزيت رمز للروح القدس ومن ثماره فرح والزيت يطيب الجراحات ونحن الآن أمام امرأة لا تريد أن تعترف وها هي مقبلة على طقس يفضحها فلا يوجد لها زيت يطيب جراحاتها ولا يجعل عليه لبانًا = فاللبان أو البخور رمز للصلوات النقية وهي بلا اعتراف لا توجد صلاة تشفع فيها. هذا نصيب من يكتم خطاياه فلا ينجح

 

آية 17:- "وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مَاءً مُقَدَّسًا فِي إِنَاءِ خَزَفٍ، وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنَ الْغُبَارِ الَّذِي فِي أَرْضِ الْمَسْكَنِ وَيَجْعَلُ فِي الْمَاءِ،"

ماء مقدسًا = يحتمل أن يكون من المرحضة أو ماء به من رماد البقرة الحمراء (عد 19).

الغبار الذي في أرض المسكن = هو مقدس لأنه من أرض المسكن. والغبار إشارة إلى اللعنة فمن نتائج الخطية أن الحية تسير على بطنها وتأكل ترابًا (تك 14:3). وكما قال أحد الآباء " هل تريد أن لا تأكلك الحية (الشيطان)، إذًا لا تخطئ فتصير ترابا فتأكلك الحية. وبهذا نفهم حكمة وضع الغبار هنا، أن المرأة لو كانت زانية فعلا فهي ستتعرض لضربات صعبة من الشيطان في جسدها، إذ أن الله قد تخلى عنها. وقد تكون هذه الضربات لتقودها للتوبة، كما حدث مع زاني كورنثوس إذ أسلمه بولس الرسول في يد الشيطان ليؤدبه فتخلص الروح في يوم الرب (1كو5: 5). ومعنى أسلمه في يد الشيطان أنه ما عاد يتمتع بالحماية الإلهية.

والغبار إشارة للانسحاق الذي يشعر به الخاطئ وحقارة الخطية. إناء خزف = فهو أرخص شيء وهو يشير للجسد. ولاحظ أن العمل كله مقدس فالماء مقدس والغبار كذلك.

 

آية 18:- "وَيُوقِفُ الْكَاهِنُ الْمَرْأَةَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَكْشِفُ رَأْسَ الْمَرْأَةِ، وَيَجْعَلُ فِي يَدَيْهَا تَقْدِمَةَ التَّذْكَارِ الَّتِي هِيَ تَقْدِمَةُ الْغَيْرَةِ، وَفِي يَدِ الْكَاهِنِ يَكُونُ مَاءُ اللَّعْنَةِ الْمُرُّ."

يكشف راس المرأة = هذا يكون وقت الحداد والحزن والندم. وفي الشرق يكون كشف الرأس علامة على الاحتقار. ماء اللعنة المر = لأنه سيتحول إلى مرارة في جوف الخاطئة وهذه عقوبة الخطية

 

آية 19:- "وَيَسْتَحْلِفُ الْكَاهِنُ الْمَرْأَةَ وَيَقُولُ لَهَا: إِنْ كَانَ لَمْ يَضْطَجعْ مَعَكِ رَجُلٌ، وَإِنْ كُنْتِ لَمْ تَزِيغِي إِلَى نَجَاسَةٍ مِنْ تَحْتِ رَجُلِكِ، فَكُونِي بَرِيئَةً مِنْ مَاءِ اللَّعْنَةِ هذَا الْمُرِّ."

من تحت رجلك = أي أخطأت في حق الرجل الذي أنت تحت سلطانه

 

آية 21:- "يَسْتَحْلِفُ الْكَاهِنُ الْمَرْأَةَ بِحَلْفِ اللَّعْنَةِ، وَيَقُولُ الْكَاهِنُ لِلْمَرْأَةِ: يَجْعَلُكِ الرَّبُّ لَعْنَةً وَحَلْفًا بَيْنَ شَعْبِكِ، بِأَنْ يَجْعَلَ الرَّبُّ فَخْذَكِ سَاقِطَةً وَبَطْنَكِ وَارِمًا."

يجعلك الرب لعنة وحلفًا = أي تحلف النساء هكذا يجعلني الرب كفلانة إن كنت قد فعلت كذا وكذا...

فخذك ساقطة = هو نوع من الشلل أو سقوط الرحم وهو عار أمام الكل.

 

آية 22:- "وَيَدْخُلُ مَاءُ اللَّعْنَةِ هذَا فِي أَحْشَائِكِ لِوَرَمِ الْبَطْنِ، وَلإِسْقَاطِ الْفَخْذِ. فَتَقُولُ الْمَرْأَةُ: آمِينَ، آمِينَ."

أمين أمين = التكرار هو نوع من التأكيد. أو إحداهما للبركات والأخرى للعنات.

 

تأمل روحي في هذا الطقس:

* الزوج هو الله والزوجة هو أنا. وعلينا أن نفحص نفوسنا ونعترف إذًا كان هناك شك قبل أن تأتي اللعنة فإلهنا إله غيور.

* والإنسان هو الإناء الخزفي، فالإنسان مأخوذ من تراب الأرض (تك2: 7 + تك3: 19) " ولكن لنا هذا الكنز في أوان خزفية "( 2كو7:4) والكنز هو الروح القدس الساكن فينا. والماء يشير للروح القدس وعمله في قلوبنا، وكلمة الله التي تفضح وتكشف الأفكار في الأعماق (= كشف رأس المرأة ) فالروح القدس يذكرنا بكلمة الله ويبكتنا. وإذا رفضنا التوبة يصير داخلنا مرًا. ولاحظ أن الطقس يتم في حضور كاهن وهذا إشارة للاعتراف (سر الاعتراف). وسر الاعتراف هو اعتراف لله في وجود كاهن ويسبقه توبة، أي وقفة أمام الله وأترك لروح الله أن يقويني فأتوب. والزنا الروحي هو أن نحب أحدا غير الله أو أكثر من الله. والمرأة تقدم قربان وهو رمز للمسيح الذي قدم ذاته عن الخطاة والزناة حتى للذين خانوه، والمقصود أنها تشرك الله في الحكم بوضع التقدمة لتأكلها النار على المذبح. والقربان بلا زيت ولا لبان، لأن المسيح صار لا منظر لهُ ولا جمال فنشتهيه. والغبار رمز للموت وهذا عمل الروح القدس فينا فهو يجعلنا نموت عن العالم، وهو موت عن العالم والخطية، نموته مع المسيح اختياريا وهذا ما نسميه الإماتة (حيث أننا متنا ودفنا مع المسيح في المعمودية) لكن علينا أن نستمر في حالة الموت اختياريا صالبين الجسد، الأهواء مع الشهوات (رو6: 11؛ 12: 1+ غلا5: 24 + كو3: 5). ومن يرفض يكون داخله مرًا، ويصير ترابا تلحسه الشياطين (الحية).

وبطنه تتورم = ينتفخ من الكبرياء , والفخذ ساقط = هو نوع من الشلل أي لا يستطيع السير في طريق الله. إذًا كلمة الله بعمل الروح القدس تفضح الإنسان إن كان متكبرًا أو طاهرًا فيكون لهُ ثمار الروح.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات العدد: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/04-Sefr-El-Adad/Tafseer-Sefr-El-3adad__01-Chapter-05.html

تقصير الرابط:
tak.la/8ajn597