← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25
لم يكن ممكنًا للخارج من أرض العبودية، السالك في طريق البرية، أن يبلغ أرض الموعد وأن يستقر في أورشليم دون استلامه الشريعة الإلهية أو الوصية (مز19:119). ولنقل أن الله أراد أن يفيض من نعمه على شعبه ولكن هناك شروط حتى يحدث هذا وهذه الشروط هي أن يلتزموا بالوصية والشريعة. وما هي هذه الوصية والشريعة إلا أنها كلمة الله، والمسيح هو كلمة الله، فكيف نفهم هذا؟ أن الوصية تحمل في داخلها السيد المسيح، من يدخل إلى أعماقها ويعيشها بالروح يلتقي بالكلمة الإلهي نفسه (مت7: 24-27). لذلك تحدث مزمور (119) عن الشريعة الإلهية كسند للمرتل في غربته فهي سر فرحه وسط آلام البرية (آيات 16، 47، 103) وسر تسبيحه (54) وسر غناه الداخلي (72) وقائدة للنفس (11، 61، 92) وسر حياته (25) وسر الاستنارة (105، 135).
ونجد في هذا الإصحاح أن الله يظهر للشعب ليعطي الناموس لموسى. ثم نجد الوصايا في الإصحاحات (20، 21، 22، 23). ثم نجد تفاصيل خيمة الاجتماع وهذه تشير لوجود يهوه وسط الشعب ليتمكن الشعب من دخول أرض الميعاد. وحيث أن الوصايا سبقت الحديث عن خيمة الاجتماع فهذا يعني أن هناك شرط لوجود يهوه وسط الشعب ألا وهو الإلتزام بالوصايا. وهذا يرمز لأن شرط دخولنا إلى كنعان السماوية هو وجود المسيح وسطنا. فإذا إلتزمنا بالوصايا يحل المسيح في وسطنا ويقودنا إلى كنعان السماوية
الآيات (1، 2): "فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ بَعْدَ خُرُوجِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، فِي ذلِكَ الْيَوْمِ جَاءُوا إِلَى بَرِّيَّةِ سِينَاءَ. ارْتَحَلُوا مِنْ رَفِيدِيمَ وَجَاءُوا إِلَى بَرِّيَّةِ سِينَاءَ فَنَزَلُوا فِي الْبَرِّيَّةِ. هُنَاكَ نَزَلَ إِسْرَائِيلُ مُقَابِلَ الْجَبَلِ."
جاءوا إلى برية سيناء = استقر الشعب هنا من الشهر الثالث للخروج وحتى العشرين من الشهر الثاني للسنة الثانية من الخروج (عد11:10) أي ما يقرب من سنة كاملة حدثت فيها أحداث هامة شملت باقي الخروج وسفر اللاويين والعشرة إصحاحات الأولى من سفر العدد. وهنا في برية سيناء استلموا الوصايا وأقاموا خيمة الاجتماع. وكونه يحدد أن بدء استلام الشريعة هو الشهر الثالث، ورقم (3) هو رقم القيامة فهذا يشير لأن الوصية هي سر قيامة لنا في الأمجاد الإلهية.
آية (3): "وَأَمَّا مُوسَى فَصَعِدَ إِلَى اللهِ. فَنَادَاهُ الرَّبُّ مِنَ الْجَبَلِ قَائِلًا: «هكَذَا تَقُولُ لِبَيْتِ يَعْقُوبَ، وَتُخْبِرُ بَنِي إِسْرَائِيلَ:"
تقول لبيت يعقوب وتخبر بني إسرائيل = بيت يعقوب تشير لشعب اليهود ........... وأما بني إسرائيل فتشير للكنيسة. فإسرائيل هو اسم يعقوب بعد أن أخذ نعمة من الله بل اسمه هو عطية ونعمة من الله، حصل عليه بعد صراع مع ملاك الرب. وهذه الوصايا معطاة لكلا الشعبين لليهود وللكنيسة حاليًا جسد المسيح.
آية (4): "أَنْتُمْ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِالْمِصْرِيِّينَ. وَأَنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ النُّسُورِ وَجِئْتُ بِكُمْ إِلَيَّ."
حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم إليَّ= النسر يطير عاليًا ويحمل صغاره على جناحيه ليحميهم من أي خطر ويطير بسرعة ثم ينزل، ويتركهم ليتعلموا الطيران، وحين يتعبون يستقرون عليه. وهذا ما عمله الله مع شعبه. فهو أخذ شعبه عاليًا (للسماويات) وهو حملنا وحمل شعبه وحفظهم من أي خطر وطار بهم بسرعة (خرج بهم من مصر بسرعة) وهو يعلمهم الطيران (علمهم الجهاد والحرب) ولكنه هو راحتهم. لقد أحاطهم الله برعاية عجيبة وأراهم معجزاته وشق لهم البحر وأخرج لهم ماءً من الصخرة وكان في وسطهم وروحه يقودهم على هيئة سحابة وعمود نار، لقد كانوا في السماويات. والآن في البرية كان الله يدربهم على الإيمان، كانت البرية بالنسبة لهم مدرسة الإيمان.
وقوله جئت بكم إليَّ ليختبروا أحشاء محبته ويتعرفوا على أبوته.
لاحظ أن أفراخ النسر حين كان النسر الأب يتركهم يخافون ويظنون أن الأب قد تخلى عنهم، وهذا ما كان يظنه شعب إسرائيل حينما يقعون في تجربة، لكن كان الله يدربهم لينمو إيمانهم. ولكن كما أن عين النسر الأب تكون دائما على أبنائه تكون عينا الله دائمًا على أبنائه. ولاحظ أن هذه حرب الشيطان دائمًا علينا في وقت التجربة إذ يوسوس في أذاننا [أن الله تخلى عنك].
الآيات (5، 6): "فَالآنَ إِنْ سَمِعْتُمْ لِصَوْتِي، وَحَفِظْتُمْ عَهْدِي تَكُونُونَ لِي خَاصَّةً مِنْ بَيْنِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. فَإِنَّ لِي كُلَّ الأَرْضِ. وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي مَمْلَكَةَ كَهَنَةٍ وَأُمَّةً مُقَدَّسَةً. هذِهِ هِيَ الْكَلِمَاتُ الَّتِي تُكَلِّمُ بِهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ»."
هذه هي غاية الشريعة تكونون لي خاصة من بين جميع الشعوب، وأنتم تكونون لي مملكة كهنة وأمة مقدسة. مع أن الله له كل الأرض لكنه يريد أن نكون خاصته، هو إله كل الأرض ولكنه يهوه الرب لخاصته، لنا دالة البنوة، هو يحبنا وهو كل شيء لنا ونحن نحبه ونخضع له. ونكون أمة مقدسة تحمل طبيعته كقدوس. هو إله كل الأرض يهتم بالكل ولكن شعبه هو الابن البكر (وحلت الكنيسة روحيًا مكانهم).
آية (7): "فَجَاءَ مُوسَى وَدَعَا شُيُوخَ الشَّعْبِ وَوَضَعَ قُدَّامَهُمْ كُلَّ هذِهِ الْكَلِمَاتِ الَّتِي أَوْصَاهُ بِهَا الرَّبُّ."
آية (8): "فَأَجَابَ جَمِيعُ الشَّعْبِ مَعًا وَقَالُوا: «كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ». فَرَدَّ مُوسَى كَلاَمَ الشَّعْبِ إِلَى الرَّبِّ."
الله لا يلزمنا بالعهد ما لم نعلن قبولنا له أولًا. ولكن الشعب للأسف قبلوا العهد بالكلام ولم ينفذوه عمليًا، فهم كسروا الوصية وحنثوا بالعهد. وكان الأفضل أن يقولوا " ليعيننا الرب حتى نفعل" بدلًا من أن يقولوا "كل ما تكلم به الرب نفعل" وظل شعب الله غير قادر أن يلتزم بالوصية حتى جاء المسيح المخلص الذي وحده يقدر أن يتمم مشيئة الرب ووصيته في كمالها، وفيه نصير نحن أيضًا كاملين غير كاسرين للناموس فرد موسى كلام الشعب إلى الرب= لا لأن الرب لم يعرف، لكن ليتسلم موسى مزيد من التوجيهات.
آية (9): "فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «هَا أَنَا آتٍ إِلَيْكَ فِي ظَلاَمِ السَّحَابِ لِكَيْ يَسْمَعَ الشَّعْبُ حِينَمَا أَتَكَلَّمُ مَعَكَ، فَيُؤْمِنُوا بِكَ أَيْضًا إِلَى الأَبَدِ». وَأَخْبَرَ مُوسَى الرَّبَّ بِكَلاَمِ الشَّعْبِ."
ها أنا آت إليك في ظلام السحاب= وقارن مع (آية 16) فهذا حدث بالفعل. فهناك أمران يحيطان بالرب هما السحاب والضباب (الظلام). فمجد الرب لا يظهر إلا مصحوبا بسحاب وضباب ليحجبوا عن الشعب نور الله ومجده اللذان لن يحتملهما الشعب بحالته. فلا يهلكوا كما قال الرب لموسى "لا يراني الإنسان ويعيش" (خر33: 20). نحن لا نستطيع أن ننظر لنور الشمس دون أن يكون هناك ساتر يحمي عيوننا.
فالسحاب يصاحب ظهور مجد الله لذلك هو يعلن مجد الله (خر34:40 + عد25:11 + 1مل10:8 + حز24:1 + أش1:19 + مت5:17 + مت30:24 + 1 تس 17:4).
والسحاب أيضًا يشير لقديسي الله (أش1:19 + عب1:12) إذ هم باشتياقاتهم السماوية وحياتهم السماوية ارتفعوا عن الأرضيات ومجدوا الله في حياتهم (لذلك يشبهون بالسحاب) وفي (أش1:19) فالسحابة السريعة التي أتى بها الرب إلى مصر هي العذراء مريم.
أما ظلام السحاب أي الضباب فلأن هناك أسرار تحيط بالله فالشعب غير قادر على التعرف على أسرار الله، كما قال إشعياء "حقًا أنت إله محتجب يا إله إسرائيل المخلص" (إش45: 15). أما موسى فكان وحده يقدر أن يفهم. لذلك يقول الكتاب "جَعَلَ ٱلظُّلْمَةَ حَوْلَهُ مِظَلَّاتٍ، مِيَاهًا حَاشِكَةً وَظَلَامَ ٱلْغَمَامِ" (2صم22: 12). لكن كلما كان القلب نقيا يستطيع الإنسان أن يعاين الله (مت5: 8). لذلك إستطاع موسى أن يرى ويعاين أكثر كثيرًا من الشعب.
ولماذا تكلم الله مع موسى أمام الشعب؟ فيؤمنوا بك أيضًا إلى الأبد بالإضافة إلى:
1. سيعرفوا أن موسى لا يتكلم من عندياته بل أن الله يكلمه وهو الذي أعطاه الناموس.
2. إذا كان الله أعطى الناموس فسيخافوا أن يكسروا وصاياه.
3. سيستمعوا لكلام موسى ويوقروه وهذا ما حدث فعلًا حتى اليوم.
4. سيعرفوا أنه لا أحد يستطيع أن يقترب إلى الله المخوف إلا عن طريق وسيط في العهد القديم كان الوسيط هو موسى وفي العهد الجديد الوسيط هو المسيح (عب18:12-24).
الآيات (10، 11): "فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اذْهَبْ إِلَى الشَّعْبِ وَقَدِّسْهُمُ الْيَوْمَ وَغَدًا، وَلْيَغْسِلُوا ثِيَابَهُمْ، وَيَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ. لأَنَّهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ يَنْزِلُ الرَّبُّ أَمَامَ عِيُونِ جَمِيعِ الشَّعْبِ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ."
قدسهم اليوم وغدًا.. لأنه في اليوم الثالث ينزل الرب أمام عيون جميع الشعب . مرة أخرى نرى أن الله سيتراءى لهم في اليوم الثالث أي ما كان لأحد أن ينتفع بالوصية إن لم يتعرف على إمكانية تنفيذها خلال المسيح القائم من الأموات والواهب الطبيعة الجديدة القادرة على تنفيذ الوصية الإلهية، ورقم 3 أيضًا يشير للقيامة من موت الخطية، فلا لقاء مع الله سوى بالتوبة التي هي قيامة من موت الخطية "لأن أخاك هذا كان ميتًا فعاش" (لو15: 32). وقوله "ينزل الرب" أي يتجلى مجده أمام الشعب وتكرار رقم (3) يشير للتأكيدات المستمرة لقبول قوة القيامة فينا.
والتقديس الجسدي هنا يرمز للتقديس الروحي. وليغسلوا ثيابهم = هي استعدادات خارجية وداخلية ليقابلوا الرب. خارجية بغسل الثياب وداخلية بعزل أي شر من داخلهم. فخلال الفضيلة يدخل الإنسان إلى الله أما خلال الرذيلة فيخرج من حضرة الله كما حدث مع قايين. وغسل الثياب يشير للمعمودية والتوبة التي هي معمودية ثانية.
آية (12): "وَتُقِيمُ لِلشَّعْبِ حُدُودًا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، قَائِلًا: احْتَرِزُوا مِنْ أَنْ تَصْعَدُوا إِلَى الْجَبَلِ أَوْ تَمَسُّوا طَرَفَهُ. كُلُّ مَنْ يَمَسُّ الْجَبَلَ يُقْتَلُ قَتْلًا."
هم لم يحتملوا وجه موسى فبالتأكيد لن يحتملوا مجد الله دون ضباب يحميهم ويبقى على حياتهم، لأن الإنسان ما زال تحت الغضب الإلهي ولأن الإنسان كان مازال بخطاياه لم ينقيه دم المسيح منعوا من الاقتراب بل كانوا يقتلون من يقترب. أما في العهد الجديد جاء المسيح وأكل وشرب مع الخطاة وجلس في وسطهم. في العهد القديم حدثت أصوات رعود وبروق حتى ارتعد الشعب بل حتى موسى قال أنا مرتعب ومرتعد (عب21:12) لكن في العهد الجديد جاء المسيح وجلس مع الخطاة على الجبل. في العهد القديم حتى وإن نزل الرب وتراءى للشعب، كان الشعب كمرفوضين إذا اقتربوا يقتلوا، أما في العهد الجديد فصرنا مقبولين في المسيح المحبوب (أف5:1-7).
لماذا إرتعب موسى؟ راجع التفسير في (خر20: 18 – 21).
آية (13): "لاَ تَمَسُّهُ يَدٌ بَلْ يُرْجَمُ رَجْمًا أَوْ يُرْمَى رَمْيًا. بَهِيمَةً كَانَ أَمْ إِنْسَانًا لاَ يَعِيشُ. أَمَّا عِنْدَ صَوْتِ الْبُوقِ فَهُمْ يَصْعَدُونَ إِلَى الْجَبَلِ»."
الله قدوس ولا يطيق الخطية. ونرى هنا كم أن الخطية مرعبة فهي تفصلنا عن الله، وهذا يعني الموت. ونرى قوة شفاعة دم المسيح الذي صالحنا على الآب فصار لنا حياة أبدية.
وإن مس أحد الجبل يُرْمَى بسهم أو يُرْجَم حتى لا تمسه يد. فهو بلمسه الجبل قد تقدس فيمتنع على أي إنسان أن يتلامس معه. وقوله بهيمة كان أو إنسانًا لا يعيش = فالبهيمة تشير للإنسان الشهواني والإنسان يشير للعقلاني الذي يريد أن يعرف الله بعقله ويخضعه لمنطق البشر، كليهما لن يستطيعا أن يقتربا من الله. والإنسان المشغولة حواسه بالأمور المادية كالنظر والسمع وبالتالي فكره مشغول بهما (إنسان) أو هو مشغول بحواسه في الأمور الشهوانية (بهيمة) لن يستطيع أن يرتفع على جبل المعرفة ليرى الله لذلك يطلب بولس الرسول منا أن نستأسر كل فكر إلى طاعة المسيح (2كو5:10) وقطعًا قوله كل فكر تشمل العواطف والأفكار حتى نستطيع أن نصعد على جبل معرفة الله مع موسى. أما عند صوت البوق فهم يصعدون على الجبل= يستحسن ترجمتها وعند سماع صوت البوق فهم يصعدون (كما جاءت في الترجمة الإنجليزية).. ولم يكن كل واحد مسموح له أن يصعد إلى الجبل بل أشخاص معينين هم المسموح لهم (خر1:24، 2، 9، 10) ولماذا استخدم صوت البوق؟ فالبوق صوته يبعث في الإنسان اليقظة والرهبة أكثر من أي صوت آخر أو آلة أخرى (1تس16:4 + رؤ8) وكانت هذه الطريقة مستخدمة إذ كانوا لا يزالون أطفالًا والبوق هو صوت إنذار (وكانت نبوات الأنبياء تشبه ببوق هوشع 1:8). فيكون المعنى أن من يستجيب لإنذارات الله هو يصعد على الجبل.
آية (14): "فَانْحَدَرَ مُوسَى مِنَ الْجَبَلِ إِلَى الشَّعْبِ، وَقَدَّسَ الشَّعْبَ وَغَسَلُوا ثِيَابَهُمْ."
آية (15): "وَقَالَ لِلشَّعْبِ: «كُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِلْيَوْمِ الثَّالِثِ. لاَ تَقْرُبُوا امْرَأَةً»."
لا تقربوا امرأة= ليس لأن العلاقات الزوجية تحمل شيئًا من الدنس، وإنما من أجل أن تتكرس كل الطاقات والعواطف والأفكار في انتظار لقاء الرب. وفي هذا يقول المسيح من أحب أبًا أو أمًا.. لا يستحقني. ولذلك وضعت الكنيسة على أولادها أن يمتنعوا عن فراش الزوجية ليلة تناولهم سر الافخارستيا.
آية (16): (1)"وَحَدَثَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ لَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ أَنَّهُ صَارَتْ رُعُودٌ وَبُرُوقٌ وَسَحَابٌ ثَقِيلٌ عَلَى الْجَبَلِ، وَصَوْتُ بُوق شَدِيدٌ جِدًّا. فَارْتَعَدَ كُلُّ الشَّعْبِ الَّذِي فِي الْمَحَلَّةِ."
قارن مع العهد الجديد إذ كان المسيح يتكلم بصوت هادئ وديع ليجذب الكل إليه في العهد القديم قُدِّم الناموس لأشرار ليرهبهم حتى يخافوا أن يخالفوه وفي العهد الجديد يحدثنا كأبناء ناضجين يريدنا أصدقاء وأحباء له. في العهد القديم عاملهم كعبيد أما في العهد الجديد فكأبناء. في العهد القديم كان يستحيل أن توجد شركة بين نار الله والخطاة ولكن بتجسد المسيح صارت هذه الشركة لكل من يتواضع ويتوب.
آية (17): "وَأَخْرَجَ مُوسَى الشَّعْبَ مِنَ الْمَحَلَّةِ لِمُلاَقَاةِ اللهِ، فَوَقَفُوا فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ."
آية (18): "وَكَانَ جَبَلُ سِينَاءَ كُلُّهُ يُدَخِّنُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرَّبَّ نَزَلَ عَلَيْهِ بِالنَّارِ، وَصَعِدَ دُخَانُهُ كَدُخَانِ الأَتُونِ، وَارْتَجَفَ كُلُّ الْجَبَلِ جِدًّا."
الرب نزل عليه بالنار= فَإِلهَنَا نَارٌ آكِلَةٌ (مز 79: 5 + مز4:104 + عب29:12).
آية 19: "فَكَانَ صَوْتُ الْبُوقِ يَزْدَادُ اشْتِدَادًا جِدًّا، وَمُوسَى يَتَكَلَّمُ وَاللهُ يُجِيبُهُ بِصَوْتٍ."
الآيات (20-25): "وَنَزَلَ الرَّبُّ عَلَى جَبَلِ سِينَاءَ، إِلَى رَأْسِ الْجَبَلِ، وَدَعَا اللهُ مُوسَى إِلَى رَأْسِ الْجَبَلِ. فَصَعِدَ مُوسَى. فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «انْحَدِرْ حَذِّرِ الشَّعْبَ لِئَلاَّ يَقْتَحِمُوا إِلَى الرَّبِّ لِيَنْظُرُوا، فَيَسْقُطَ مِنْهُمْ كَثِيرُونَ. وَلْيَتَقَدَّسْ أَيْضًا الْكَهَنَةُ الَّذِينَ يَقْتَرِبُونَ إِلَى الرَّبِّ لِئَلاَّ يَبْطِشَ بِهِمِ الرَّبُّ». فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «لاَ يَقْدِرُ الشَّعْبُ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى جَبَلِ سِينَاءَ، لأَنَّكَ أَنْتَ حَذَّرْتَنَا قَائِلًا: أَقِمْ حُدُودًا لِلْجَبَلِ وَقَدِّسْهُ». فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: «اذْهَبِ انْحَدِرْ ثُمَّ اصْعَدْ أَنْتَ وَهَارُونُ مَعَكَ. وَأَمَّا الْكَهَنَةُ وَالشَّعْبُ فَلاَ يَقْتَحِمُوا لِيَصْعَدُوا إِلَى الرَّبِّ لِئَلاَّ يَبْطِشَ بِهِمْ». فَانْحَدَرَ مُوسَى إِلَى الشَّعْبِ وَقَالَ لَهُمْ."
الله في محبته يدعو موسى حتى لا يخاف أن يصعد ثم يطلب إليه أن ينزل ثانية لينبه الشعب فالله خاف على شعبه لئلا يقتربوا بسبب حب إستطلاعهم واقتحامهم المقدسات الإلهية المهوبة. ولم يصعد بعد ذلك سوى موسى وهرون. موسى ممثلًا للكلمة الإلهية وهرون كممثل لكهنوت السيد المسيح. فالمسيح وحده الكلمة الإلهي رئيس كهنتنا يدخل إلى المقدسات الإلهية وبدونه نهلك. ولاحظ أن موسى يقول للرب أن الشعب يعرف هذه الوصية والرب يكرر اذهب وانحدر لتحذير الشعب ثانية وهذا يظهر مدى محبة الله لشعبه وحرصه على حياتهم. وليتقدس أيضًا الكهنة = كان الكهنوت اللاوي لم يتأسس بعد، والكهنة هنا هم رؤساء البيوت الذين يقدمون ذبائح عن عائلاتهم.
هنا نلاحظ أن الله نبه موسى سابقا أن لا يقترب الشعب من الجبل حتى لا يموتوا (آية 12)، ثم يدعو الله موسى وحده إلى رأس الجبل.
ويعود الله ويكرر التنبيه على موسى، ويقول له هذه المرة اصْعَدْ أَنْتَ وَهَارُونُ مَعَكَ = ففي المرة الأولى دعا موسى وحده ولم يدعو هرون، ولما نزل موسى ليكرر الوصية صعد موسى ومعه هرون (كرئيس كهنة بذبائحه يشفع في الشعب حتى لا يموت). والوصية التي كررها موسى للشعب إن أطاعوها يحيون ولا يقتلوا. فالله لا يشاء موتهم. ومعنى ما حدث أن الله أعطى آدم الوصية لكنه خالفها فمات، فأرسل المسيح ليكرر الوصية، ولكنه في هذه المرة قدَّم نفسه كرئيس كهنة يشفع فينا حتى لا نموت. وهذا معنى صعود هرون مع موسى في المرة الثانية، أن الوصية في العهد الجديد صار معها شفاعة دم المسيح لتكفر عن الخاطئ الذي يجاهد ليثبت في المسيح .
الله يرسل موسى بالوصية أول مرة، ولو أطاعوا لا يقتلوا . |
الله أعطى آدم الوصية ولو التزم بها لا يموت. وآدم لم يلتزم فمات. |
الله يستدعي موسى ويكلفه بتكرار الوصية فموسى هو مشرع العهد القديم. |
الله يرسل المسيح ليكرر ويشرع ويُكَمِّل الناموس. والمسيح هو مشرع العهد الجديد. |
الله يعرف ضعف الإنسان فيكرر الوصية. |
الله يعرف ضعف الإنسان فيرسل المسيح ليتمم سر الفداء ويرسل الروح القدس ليطبع الشريعة على قلوبنا "يعلمكم كل شيء". |
الله في المرة الثانية يستدعي موسى ومعه هرون = اصْعَدْ أَنْتَ وَهَارُونُ مَعَكَ وهرون عمله تقديم ذبائح دموية عن الخاطئ حتى لا يموت بسبب خطيته. |
المسيح بعد أن وضع شرائع العهد الجديد يقدم نفسه ذبيحة ثم يصعد للسماء و"بدم نفسه دخل مرة واحدة إلى الأقداس فوجد فداء أبديا" (عب9: 12). |
وقطعًا موسى لم يفهم معنى أن الله يكرر الوصية فقال موسى لله «لاَ يَقْدِرُ الشَّعْبُ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى جَبَلِ سِينَاءَ، لأَنَّكَ أَنْتَ حَذَّرْتَنَا قَائِلًا: أَقِمْ حُدُودًا لِلْجَبَلِ وَقَدِّسْهُ» ولكن كان معنى تكرار الوصية:-
1) محبة الله لشعبه وحرصه عليهم حتى لا يموتوا، فالله لا يشاء موت الخاطئ مثل أن يرجع ويحيا (حز 18).
2) هذا رمز المقصود به شرح إرسال المسيح حسب ما جاء بالجدول عاليه.
3) وهذا تأسيس للكهنوت اللاوي، فالله يعرف ضعف الطبيعة البشرية، فأسس الكهنوت اللاوي في العهد القديم رمزًا لشفاعة المسيح الكفارية بدم ذبيحته.
_____
(1) فائدة هذه الأمور هي إعداد القلب بالخشوع لكي يروا الله، وهذا ما حدث مع إيليا أيضًا.
← تفاسير أصحاحات الخروج: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الخروج 20 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير الخروج 18 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/p9tamck