← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18
الآيات (1- 18):- "وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «اُنْظُرْ. قَدْ دَعَوْتُ بَصَلْئِيلَ بْنَ أُورِي بْنَ حُورَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا بِاسْمِهِ، وَمَلأْتُهُ مِنْ رُوحِ اللهِ بِالْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَكُلِّ صَنْعَةٍ، لاخْتِرَاعِ مُخْتَرَعَاتٍ لِيَعْمَلَ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ، وَنَقْشِ حِجَارَةٍ لِلتَّرْصِيعِ، وَنِجَارَةِ الْخَشَبِ، لِيَعْمَلَ فِي كُلِّ صَنْعَةٍ. وَهَا أَنَا قَدْ جَعَلْتُ مَعَهُ أُهُولِيآبَ بْنَ أَخِيسَامَاكَ مِنْ سِبْطِ دَانَ. وَفِي قَلْبِ كُلِّ حَكِيمِ الْقَلْبِ جَعَلْتُ حِكْمَةً، لِيَصْنَعُوا كُلَّ مَا أَمَرْتُكَ: خَيْمَةَ الاجْتِمَاعِ، وَتَابُوتَ الشَّهَادَةِ، وَالْغِطَاءَ الَّذِي عَلَيْهِ، وَكُلَّ آنِيَةِ الْخَيْمَةِ، وَالْمَائِدَةَ وَآنِيَتَهَا، وَالْمَنَارَةَ الطَّاهِرَةَ وَكُلَّ آنِيَتِهَا، وَمَذْبَحَ الْبَخُورِ، وَمَذْبَحَ الْمُحْرَقَةِ وَكُلَّ آنِيَتِهِ، وَالْمِرْحَضَةَ وَقَاعِدَتَهَا، وَالثِّيَابَ الْمَنْسُوجَةَ، وَالثِّيَابَ الْمُقَدَّسَةَ لِهَارُونَ الْكَاهِنِ وَثِيَابَ بَنِيهِ لِلْكَهَانَةِ، وَدُهْنَ الْمَسْحَةِ وَالْبَخُورَ الْعَطِرَ لِلْقُدْسِ. حَسَبَ كُلِّ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ يَصْنَعُونَ». وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى قَائِلًا: «وَأَنْتَ تُكَلِّمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلًا: سُبُوتِي تَحْفَظُونَهَا، لأَنَّهُ عَلاَمَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فِي أَجْيَالِكُمْ لِتَعْلَمُوا أَنِّي أَنَا الرَّبُّ الَّذِي يُقَدِّسُكُمْ، فَتَحْفَظُونَ السَّبْتَ لأَنَّهُ مُقَدَّسٌ لَكُمْ. مَنْ دَنَّسَهُ يُقْتَلُ قَتْلًا. إِنَّ كُلَّ مَنْ صَنَعَ فِيهِ عَمَلًا تُقْطَعُ تِلْكَ النَّفْسُ مِنْ بَيْنِ شَعْبِهَا. سِتَّةَ أَيَّامٍ يُصْنَعُ عَمَلٌ، وَأَمَّا الْيَوْمُ الْسَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتُ عُطْلَةٍ مُقَدَّسٌ لِلرَّبِّ. كُلُّ مَنْ صَنَعَ عَمَلًا فِي يَوْمِ السَّبْتِ يُقْتَلُ قَتْلًا. فَيَحْفَظُ بَنُو إِسْرَائِيلَ السَّبْتَ لِيَصْنَعُوا السَّبْتَ فِي أَجْيَالِهِمْ عَهْدًا أَبَدِيًّا. هُوَ بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلاَمَةٌ إِلَى الأَبَدِ. لأَنَّهُ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ، وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ اسْتَرَاحَ وَتَنَفَّسَ». ثُمَّ أَعْطَى مُوسَى عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْكَلاَمِ مَعَهُ فِي جَبَلِ سِينَاءَ لَوْحَيِ الشَّهَادَةِ: لَوْحَيْ حَجَرٍ مَكْتُوبَيْنِ بِإِصْبعِ اللهِ."
أوصى الله موسى بصنع الخيمة وأدواتها. وأراه نموذجًا حيًا ليقيم الخيمة على مثاله. وحدد له بصلئيل وملأه من روح الله بالحكمة. وأهوليآب ليسنده في العمل. والله يعطي لكل حكيم القلب حكمة للعمل في خدمته. فكل عطية صالحة هي من فوق (يع17:1) والله يعطي لكل إنسان حكمة فإذا ما سار في خوف الله يقدس الله بروحه القدوس حكمته هذه ويسنده ويعينه. والله يريد أن يعمل الكل في محبة وروح واحد بصلئيل وأهوليآب وكل حكيم القلب. ومن خلال الوحدة وفي العمل بمحبة يفيض الله من روحه على الجميع. وغالبًا فقد اختص بصلئيل بالصناعات والمعادن والنجارة ونقش الأحجار واختص أهوليآب بالتطريز والتوشية وصناعة النسيج. ولاحظ أن الشعب تعلم هذه الفنون في مصر فالله يُعِّدْ أولاده ثم يقدس مواهبهم وعلمهم لخدمته ولنعرف أن الله شريك في العمل. والله أعطاهم حكمة = عقل وتدبير حسن. وفهم = إدراك كامل. معرفة = علم وإلمام.
يقول القديس بطرس "ليكن كل واحد بحسب ما أخذ موهبة يخدم بها بعضكم بعضا كوكلاء صالحين على نعمة الله المتنوعة" (1بط4: 10) . وهذا ما نجده منطبق هنا، فالله أعطى لكل واحد موهبة ليتكامل الجميع، وهذا ما يعمله الروح القدس مع كل منا لتتكامل الكنيسة ويكمل عمل الله. وشبه بولس الرسول الكنيسة بإنسان كل منا هو عضو في هذا الجسد (عين وأنف وأذن ورجل ويد...) ليتكامل الكل، فكل منا يكمل الآخر.
ثم ينتقل إلى تقديس يوم السبت فلا ينبغي أن ننشغل بالعمل وننسى يوم الرب، وهنا يوم الرب أي يوم الراحة، فهو يشير للراحة الأبدية والمعنى أن الإنسان يجب أن يعمل وَيَجِد، والله يشترك معه في العمل. لكن عليه أن لا ينشغل عن حياته الأبدية فماذا ينفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه. لذلك يشدد هنا على حِفْظ السبت في نفس الموضع الذي يتكلم فيه عن العمل ومواهب الله لِمَن يعمل. مَنْ دَنَّسه يُقتل قتلًا، وذلك ليشرح الله أن مَنْ ينشغل بالعالم وينسى أنه غريب في هذا العالم وأنه ينتمي للسماء يهلك. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ومَنْ يحفظ السبت أي ينشغل بحياته الأبدية يكون هذا فرحًا له وفرحًا لله لذلك ينسب الله السبوت له ويقول سبوتي تحفظونها. الله سر راحتنا الحقيقية وفي نفس الوقت يستريح هو فينا إذ يجد له موضعًا في قلوبنا. وكلمة سبوتي أي راحتي. ثم سلّم الله لموسى لوحين مكتوبين بإصبعه أي بالروح القدس الذي أوحى بالكتاب المقدس كله.
بإصبع الله = يد الله هو الابن كلمة الله (إش51: 9 + 52: 10) وشَمَّر الرب عن ذراعه أي تجسد. فحين يُشَمِّر إنسان عن ذراعه يظهر الذراع للعيان. بينما إصبع الله هو الروح القدس وقارن "ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين" (مت12: 28). مع "ولكن إن كنت أنا بإصبع الله أخرج الشياطين" (لو11: 20). هي نفس القصة وكلماتها متطابقة في إنجيلي متى ولوقا ما عدا كلمتيّ ("روح الله" و"إصبع الله") فنفهم أن روح الله يشار له بالإصبع فلماذا؟اليد هي القوة ولكن الأصابع هي التي تقوم بالعمل. فالروح القدس
إصبع الله يعمل فينا الآن ليجدد طبيعتنا كأصابع الخزاف (إر18) ليخرج منا آنية صالحة (2تى2: 20 ، 21). ولكن ما كان الروح القدس ليسكن فينا ويجدد طبيعتنا لولا قوة دم فداء المسيح يد الله. لذلك قال الرب يسوع "لكني أقول لكم الحق: أنه خير لكم أن أنطلق، لأنه إن لم أنطلق لا يأتيكم المعزي، ولكن إن ذهبت أرسله إليكم" (يو16: 7).مقدس للرب
= أي ليس هو لراحة الجسد والنوم والتراخي والملذات، بل هو مقدس للرب أي مخصص للرب في التسابيح والصلوات وبها نذكر أبديتنا.وَفِي الْيَوْمِ السَّابعِ اسْتَرَاحَ وَتَنَفَّسَ = في ستة أيام خلق الله العالم، ونحن نحيا الآن في اليوم السابع، وهذا بدأ بسقوط آدم وينتهي بالمجيء الثاني للسيد المسيح للدينونة. وسقوط الإنسان سبب حزنًا عميقًا لدى الله فالإنسان حبيبه الذي قال عنه "لذاتي مع بني آدم" (أم8: 31) قد مات وهلك. وكان أن تجسد المسيح شمس البر في منتصف اليوم السابع وأعاد الحياة لمن يؤمن به ويثبت فيه. وكان هذا حقيقة هو سبب راحة الرب في اليوم السابع الذي تمم الله للإنسان الحل حتى لا يموت ويهلك أبديًا. هذا ما قال عنه الرب يسوع ليوحنا المعمدان "ٱسْمَحِ ٱلْآنَ، لِأَنَّهُ هَكَذَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُكَمِّلَ كُلَّ بِرٍّ" (مت3: 15). أي أن المسيح في محبته كان لا يليق به أن يترك حبيبه يموت ويهلك بسبب الخطية. فكان أن قدَّم حلًا للخطية والموت ليخلص حبيبه الإنسان، إذ هل كان من اللائق أن يترك حبيبه يموت ويهلك دون أن يجد له حلًا. ولما تم الحل قيل إنه استراح.
والعجيب قول الكتاب أنه تَنَفَّس = هل إلى هذه الدرجة يا رب كنت كمن هو غير قادر على التنفس حين كان حبيبك الإنسان يتألم ويموت؟! هل إلى هذه الدرجة كان حبك للإنسان وألمك حين تألم، وحزنك حين مات؟! ولاحظ الآيات التالية:
"قدْ صَمَتُّ مُنْذُ ٱلدَّهْرِ. سَكَتُّ. تَجَلَّدْتُ. كَٱلْوَالِدَةِ أَصِيحُ. أَنْفُخُ وَأَنَخُرُ مَعًا" كان الرب كمن هو غير قادر على التنفس، ولكنه صمت حتى يأتي ملء الزمان أي الزمن المناسب ليتجسد المسيح ويتمم الفداء (إش42: 14). هذا اليوم يوم الصليب كان يشتهيه كما نرى في "لَيْسَ لِي غَيْظٌ. لَيْتَ عَلَيَّ ٱلشَّوْكَ وَٱلْحَسَكَ فِي ٱلْقِتَالِ فَأَهْجُمَ عَلَيْهَا وَأَحْرِقَهَا مَعًا. أَوْ يَتَمَسَّكُ بِحِصْنِي فَيَصْنَعُ صُلْحًا مَعِي. صُلْحًا يَصْنَعُ مَعِي" (إش27: 1-5). ولاحظ أيضًا قوله "فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ، وَمَلَاكُ حَضْرَتِهِ خَلَّصَهُمْ. بِمَحَبَّتِهِ وَرَأْفَتِهِ هُوَ فَكَّهُمْ وَرَفَعَهُمْ وَحَمَلَهُمْ كُلَّ ٱلْأَيَّامِ ٱلْقَدِيمَةِ" (إش63: 9). والعكس فالله يفرح حينما يفرح الإنسان "لأَنِّي هَأَنَذَا خَالِقٌ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، فَلَا تُذْكَرُ ٱلْأُولَى وَلَا تَخْطُرُ عَلَى بَالٍ. بَلِ ٱفْرَحُوا وَٱبْتَهِجُوا إِلَى ٱلْأَبَدِ فِي مَا أَنَا خَالِقٌ، لِأَنِّي هَأَنَذَا خَالِقٌ أُورُشَلِيمَ بَهْجَةً وَشَعْبَهَا فَرَحًا. فَأَبْتَهِجُ بِأُورُشَلِيمَ وَأَفْرَحُ بِشَعْبِي، وَلَا يُسْمَعُ بَعْدُ فِيهَا صَوْتُ بُكَاءٍ وَلَا صَوْتُ صُرَاخٍ" (إش65: 17-19).
لَوْحَيْ حَجَرٍ مَكْتُوبَيْنِ بِإِصْبعِ اللهِ = والرب أعطى لموسى الوصايا التي تعينهم وتعيننا على أن نستمر ثابتين في المسيح فنستفيد من الفداء "أعطيتني الناموس عونًا". وأيضًا إهتم الله وشدد على تقديس يوم السبت، فبهذا يستمر الإنسان على صلة بالأبدية. ولاحظ فالله يشدد على وصية السبت بعد أن طلب منهم عمل الخيمة – والمعنى أنه حتى عمل الخيمة الذي طلبته منكم فلا يجب أن يكون سببا لإهمالكم تقديس يوم السبت.
← تفاسير أصحاحات الخروج: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الخروج 32 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير الخروج 30 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/83chj5p