1. أول أسفار الكتاب المقدس، سفر التكوين أعلن الله فيه بدء الخليقة وبدء الحياة البشرية. وسرعان ما سقط الإنسان تحت العصيان فخرج من الفردوس وكانت عاقبته الموت، والعبودية..
2. رأينا العبودية في بداية سفر الخروج، تحت حكم فرعون القاسي المستبد.
3. لم يقف الله مكتوف الأيدي، فهو في محبته للإنسان قدم له خلاصًا مجانيًا وجاءت حوادث خروج الشعب من أرض مصر كرمز لهذا الخلاص المجاني. وصارت مصر رمز لأرض العبودية. والخروج منها رمز لتحرير أولاد الله. بذلك لم يعد سفر الخروج مجرد سجل تاريخي. بل قصة خلاص للشعب ولنا أيضًا. وبنفس المفهوم صار فرعون رمزًا للشيطان الذي يأسر أولاد الله. وشهوات الشعب للأكل المصري مثل الكرات وقدور اللحم.. أصبحت تشير إلى شهوات العالم.
4. يتضمن سفر الخروج أحداث وقعت للشعب خلال 145 سنة من موت يوسف حتى السنة الثانية للخروج.
5. يظهر هذا السفر كيف تحقق وعد الله للآباء. وكيف صار شعب إسرائيل شعبًا منظمًا له رؤساء، ولهم كهنوت وكيف سكن الله في وسط شعبه (خيمة الاجتماع) بينما كان هذا الشعب في سفر التكوين مجرد أسر وقبائل، ونرى سياسة الله في قيادتهم.
6. نرى في سفر التكوين الخلقة ونرى هنا الفداء وخلقة جديدة لشعب كان ميتًا فعاش ومستعبدًا فتحرر.
7. كان اسم السفر في العبرانية "هوميس سيني" أي الثاني من الخمسة أو "واله شيموث" أي وهذه أسماء، وهما أول كلمتين في السفر. وترجمته السبعينية "الخروج".
8. بدأ السفر بحرف "و" كأنه امتداد لما قبله. فكاتب التكوين والخروج هو موسى.
9. بالإضافة لأن السفر يرمز لقصة الخلاص فهو مملوء بالرموز. فالعليقة ترمز للتجسد وترمز للعذراء مريم. وخروف الفصح للمسيح فصحنا، ودم الفصح يرمز لدم المسيح الذي به صار الخلاص. والمن يشير للمسيح خبز الحياة. ووضع شجرة في المياه المرة لتصبح عذبة فهذا يشير للصليب، وقسط المن يشير للعذراء، وهرون كرئيس للكهنة يشير للمسيح رئيس كهنتنا الحقيقي، والذبائح الدموية تشير للمسيح الذبيحة الحقيقية. بل موسى نفسه صار رمزًا للمسيح فموسى قدم للشعب كلمة الله وقاد الشعب في الخروج والمسيح هو كلمة الله وهو قائد ورأس الكنيسة. والصخرة التي خرج منها الماء كانت إشارة للمسيح (1كو4:10) وعبور البحر الأحمر رمز للمعمودية. فالعهد الجديد مخفي في القديم والقديم معلن في العهد الجديد.
هناك أراء متعددة بهذا الشأن وأقربها للصحة، أن الخروج تم حوالي سنة 1447 ق.م. أثناء حكم الأسرة الثامنة عشرة، في زمن تحتمس الثالث أو أمنوفس الثاني. وهذا يتفق مع (قض26:11) إذ يذكر يفتاح الذي عاش حوالي سنة 1100 ق.م. لقد انقضت 300 سنة على دخول العبرانيين الأرض أي دخلوها حوالي سنة 1400 ق.م. فإذا أضيف إليها الأربعون سنة التي قضوها في البرية يكون تاريخ خروجهم سنة 1440 ويتفق هذا الرأي مع ما ورد في (1مل1:6) أن بيت الرب قد بُنِيَ في السنة الـ480 لخروج الشعب من مصر. فإن كان قد بدأ سليمان في بناء الهيكل سنة 967 أو سنة 966 ق.م. يكون الخروج قد تم حوالي سنة 1447 ق.م. ويتفق هذا التاريخ أيضًا مع الاكتشافات التي ظهرت في أريحا وحاصور، ومع ما ورد في لوحات تل العمارنة التي تتحدث عن شعب قادم إلى أرض فلسطين.
وهناك مؤرخ مصري اسمه منثو من عصر بطليموس الأول سنة 323-283 ق.م. وهو من أقدم المؤرخين قال "كان هناك رجل اسمه موسى قاد من مصر إلى سوريا جماعة من النجسين وكان ذلك في أيام أمنوفس بن رعمسيس".
وكثير من المؤرخين سجلوا الحادثة بحسب آرائهم فمنهم من قال أن قادة اليهود اثنين هما موسى وهاروس (أي هارون: هذا الاسم كما سجله المؤرخين). ومنهم من قال أن موسى عبر البحر مستغلًا فترة الجذر فسار فيه. وقد وجد في أثار رمسيس الثاني أنه سخر العبيد الأسيويين ليبنوا له مدينة المخارن رعمسيس. ووجد في آثاره أيضًا أنه بَنَى مدينة فيثوم. وبهذا يكون فرعون الاضطهاد هو رمسيس الثاني وفي فترة حكمه (حوالي 60 سنة) هرب موسى مدة 40 سنة في سيناء ويكون فرعون الضربات والعبور هو ابنه أمنوفس وهذا لا يوجد له أثار كثيرة في التاريخ فتاريخه مخزي.
عرض سفر الخروج حياة موسى النبي، الذي صار ممثلًا للعهد القديم كله بكونه مستلم الشريعة والمتكلم مع الله وقائد الشعب في تحريره من العبودية للدخول به لأرض الموعد لذا حين تجلى السيد المسيح على جبل طابور ظهر موسى وإيليا معه (مت1:17-8). بل تكلموا مع المسيح عن خروجه الذي كان عتيدا أن يكمله في أورشليم (لو 9: 31)، فهو سيخرج ليصلب خارج أسوار أورشليم، ليُخرِجنا نحن من عبودية إبليس. فكان موسى بهذا، وهو الذي أخرج بني إسرائيل وحررهم من عبودية فرعون، رمزًا للمسيح الذي أخرجنا للحرية بعد أن كنا عبيدًا للخطية وللشيطان. وفي سفر الرؤيا نسمع عن تسبحة موسى التي يترنم بها الغالبون في السماء (رؤ3:15).
ونرى في قصة موسى عمل الله مع الإنسان الذي يستجيب له وكيف يدرب الله خدامه ويهذبهم ويكملهم ولنرى كيف كان موسى. [1] ثقيل اللسان [2] قاسي الطبع فهو يقتل المصري [3] بعد قتل المصري نجده يخاف ويهرب [4] استعفى من العمل والخدمة بطريقة أهاجت عليه غضب الرب [5] حين رفض فرعون طلبه الأول لام الله بطريقة غير مقبولة.
وماذا وصل إليه موسى؟ [1] صار حليمًا أكثر من جميع الناس. [2] عظيمًا جدًا في عيون المصريين (خر3:11) [3] قائد وقاضي ناجح للشعب [4] باختصار لم يكن مثل موسى من قبل ولا من بعد (تث1:34-12).
فالله علم موسى في قصر فرعون الحكمة والفلسفة وكيف يكون قائدًا ورجل دولة وسياسي وقائد عسكري.. ثم علمه في البرية كيف يتأمل ويصلي ويتواضع أمام الله، وكيف يتخلى عن الاعتماد على ذراعه ملقيًا رجاؤه على الله. بهذا يصبح مستعدًا أن يقود الشعب ولكن بروح الله.
ولقد سمح الله له بفترة خلوة كان يحتاجها عمل فيها راعٍ للغنم وهذه المهنة بالذات رجس عند المصريين ولكن سمح الله له بها وهو آتٍ من القصر استكمالًا لتدريبه. والمسيح كان يختلي ليصلي وبولس اختلى واستعد للخدمة في العربية. عجيبة هي حكمة الله. فحين تواضع موسى وخضع بين يدي الله رأى في الجبل وهو راعٍ ما لم يره في قصور فرعون..!! لقد رأى الله وتكلم معه.
12. بدأ هذا السفر بالذل والاضطهاد وانتهى بظهور مجد الله في خيمة الاجتماع مرورًا بدم خروف الفصح الذي يحرر ويفدي ويكفر. هنا نرى الله كفادي يخرجهم من العبودية ليجعلهم مُلْكَهُ المُقْتَنَى وخاصته (خر5:19).
13. السفر نرى فيه فشل الإنسان التام في أن ينقذ نفسه فكيف يخرج هذا الشعب الذي يقتلون أبكاره ويذلونه من عبودية هذا الفرعون الجبار، لم نسمع أن الشعب فكر في أن يهرب. ولكننا نجد أن الله هو الذي نظر إليهم وأرسل لهم موسى ليقودهم بوعود بأرض تفيض لبنًا وعسلًا. ونسمع قول الله نزلت لأنقذهم (خر8:3) ثم نرى في العليقة تفسيرًا لهذا القول. فالتجسد كان هو نزول الله إلينا لينقذنا.
أ. عبودية وإذلال: هذا حال كل خاطئ بعيد عن الله ومستغرق في الخطية.
ب. تقديم أنصاف حلول: هذا في حال أن يبدأ الخاطئ في التوبة نجد إبليس يقدم له حلول كثيرة فيها خبث فهو يوافق على التوبة لكن مع إبقاء ذيول لاستعادة النفس إليه مرة ثانية. وهكذا فعل فرعون: اذهبوا أنتم واتركوا أولادكم (خر 10: 11).
ج. التذكير بلذة الخطية: لقد ذكر الشعب قدور اللحم والكرات.. ونسى سياط العبودية وهكذا إبليس يذكرنا بلذة الخطية ويجعلنا ننسى مرارة عبوديتها وهذا ما تسميه الكنيسة في القداس الباسيلي "تذكار الشر المُلْبِس الموت" (صلاة الصلح بالقداس الباسيلي).
15. هو سفر الوصايا وخيمة الاجتماع. وإذ كانت خيمة الاجتماع هي لقاء مع المسيح فيجب أن يسبق هذا تنفيذ الوصايا. ويسبق الجميع المعمودية (عبور البحر الأحمر).
16. نرى الشعب في البرية في طفولة روحية يبكون ويصرخون طالبين الطعام والماء بل لهم شهوة للرجوع إلى مصر، دائمي التذمر.
17. نرى في قصة سفر الخروج قصة الخلاص. فقد سمح الله بتكوين أمة من نسل إبراهيم الذي أحبه وسمح لهم الله أن يوجدوا في حالة ضعف وصل لقتل الأبكار بل وتكون هذه الأمة تحت ذل أقوى أمة في العالم، ثم يصرخون لله ويكون الخلاص بالدم والعبور للحرية. وهي بالضبط قصة نسل آدم الذين تعرضوا لعبودية إبليس وما قتل الأبكار إلا الموت الذي حُكِمَ به على كل نسل آدم.
18. قصة الشعب في البرية بعد عبور البحر الأحمر والفداء بالدم هي قصة الكنيسة في هذا العالم. حروب متنوعة وجهاد مستمر ضد إبليس. فحروب إبليس هي هي في كل وقت لتجذب النفس فتشتهي الرجوع إلى مصر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). فنجد إبليس يخيفهم في حروب مع عماليق وغيرهم ويذكرهم بأيام الأكل الكثير في مصر حيث لا حروب. ويستغل نقص الماء والطعام لإثارة تذمرهم.. ولكن شكرًا لله، فالله دائمًا عنده حل لكل مشكلة وهو يسند ضعف شعبه. وتستمر هذه الحرب حتى دخول الشعب إلى كنعان رمزًا لدخولنا إلى أورشليم السماوية حيث الراحة.
كان الشعب في مصر لا يعرف سوى الآلهة الفرعونية وقوتها والسحر القوي الذي في مصر. وجاء الله وطلب من موسى أن يخرج الشعب وكان أن سأل موسى الله عن اسمه فقال الله له أن اسمه يهوه. وباختصار فهذا يعني أن الله لنا كل شيء ونجد الله يعلم موسى آيات يصنعها أمام الشعب ثم أمام فرعون. فهل طريق الله هو المعجزات والآيات؟! قطعًا الإجابة لا، فالله يطلب أن نثق فيه بالإيمان ولكن كيف يؤمن هذا الشعب المتغرب عن الله الذي لا يعرف سوى سحر المصريين؟ لذلك سمح الله لهم ببعض الآيات ثم بضربات عشر، رأوا فيها يد الله القوية بل سمح الله بشق البحر ومرور الشعب وغرق جيش فرعون. هنا كان الشعب عليه أن يؤمن فقد رأى. ولكن الخلاص بالإيمان لا بالعيان وبدون إيمان لا يمكن إرضاءه (عب 11: 6) فكيف يوجد هذا الإيمان؟ يسمح الله ببعض التجارب مثل الماء المر أو لا ماء وقطعًا فالله يعرف احتياجاتهم للماء بل ويسمح الله بعماليق يحاربهم.. إلخ وكان كل هذا امتحانًا لهم حتى يثبت الله في ذهنهم أنه هو القادر على كل شيء. كانت هذه التجارب مدرسة للإيمان وهذه تشبه المسائل بعد نظريات العلوم والرياضة. وهذه المسائل فائدتها تثبيت النظرية في ذهن الطالب. ونسمع من الطلبة شكوى لماذا التمارين فقد فهمنا النظرية وكما يتذمر الطلبة على التمارين تذمر الشعب على امتحانات الله، لكن كان الهدف هو تثبيت الإيمان وترسيخه في نفوسهم. وكتطبيق لهذا نجد أن الإنسان حين يقرر التوبة تنهال عليه التجارب والضيقات. فلماذا يسمح الله بذلك؟ إبليس يريد أن يخيف الإنسان من طريق الله ويثبت له أنها طريق صعبة كلها آلام حتى يخاف ويترك هذا الطريق. ولكن الله يسمح بهذا حتى يزداد إيمان الشخص حين يجد أن الله يتدخل ويحل كل هذه المشاكل. والنصيحة التي نقولها لكل شخص "اصبر وانتظر الرب فهو يخرج من الجافي حلاوة" وهناك من قال "أمور الله مرة تنتهي بحلاوة وأمور العالم حلوة تنتهي بمرارة" علينا بالإيمان حين تأتي علينا التجارب أن ننظر للنهاية ونرى جيش فرعون غارقًا فنشكر الله حتى لو كانت التجربة مازالت تؤلمنا.
20. الله يدعونا دائمًا للخروج من مكان الخطية واعتزال أماكن الشر(أش11:52 + رؤ4:18) + دعوة إبراهيم للخروج من أور، ودعوة لوط للخروج من سدوم، ودعوة نوح لدخول الفلك. وكل من خرج من مكان الشر كان له حياة ومن رفض هلك بل أن من تلكأ في الخروج مفضلًا مكان الشر خسر كل شيء مثل لوط أما الشعب في خروجه أخذ أملاكًا كثيرة. وإبراهيم كان غنيًا جدًا. والسبب أن لوط بالرغم من أنه كان يعذب نفسه بسبب الشرور في سدوم إلا أنه لم يخرج من نفسه فهو احتمل أن يعيش وسط الشر عن أن يخسر ماديًا فخسر كل شيء، بل أنه تلكأ في خروجه حتى أن الملاك كان يجذبه فكاد يفقد حتى حياته. إن الخروج من الشر لهو بداية حياة جديدة.
ولكن للأسف فهناك كثيرون خرجوا من عبودية الخطية المحيطة بهم ولكنهم لم يخرجوا من عبودية الخطية التي في أحشائهم من الداخل. هناك ناس خرجوا من عبودية فرعون ثم أهلكتهم شهواتهم في البرية. لذلك لا نفرح إذا انتصرنا مرة ومرات بل علينا أن نتمم خلاصنا بخوف ورعدة.
نلاحظ التذمرات الكثيرة للشعب في البرية. وقد سمح الله بالتجارب الكثيرة لهم حتى تظهر هذه الخطية المختبأة فكثيرًا ما يسمح الله ببعض التجارب حتى تظهر الخطايا الخفية وهذه قادرة أن تهلكنا إن لم نكتشفها ونتوب عنها.
كان الله يتكلم مع آدم وحواء وجها لوجه، ولكن بعد الخطية ما عاد الإنسان قادرًا أن يرى الله ليعرفه. فالخطية صارت حائلًا بين الله والإنسان. ونجد أن آدم وحواء قد اختبآ من الله. وصار الله كما قال الكتاب "حقًا أنت إله محتجب يا إله إسرائيل" (إش45: 15). وكان هذا لأن "الله إلهنا نار آكلة" ولن يستطيع إنسان "أن يراه ويعيش" (خر24: 17 + تث4: 24 + عب12: 29 + خر33: 20 + 1كو15: 50). طبيعة الإنسان بعد الخطية صارت ضعيفة لا تحتمل. الله يتمنى أن نرى مجده ونفرح به بل وينعكس علينا فتكون لنا الأجساد النورانية والممجدة، ولكن لن نستطيع أن نراه بل سنكون كمن يحدق في الشمس ليستمتع بنورها فيعمى.
وكان لا بُد لله أن يُعَرِّفنا بنفسه:-
1. الله له وسائله المتعددة ليعلن عن نفسه، وفي هذا يقول القديس بولس الرسول "ٱللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ ٱلْآبَاءَ بِٱلْأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ، كَلَّمَنَا فِي هَذِهِ ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ فِي ٱبْنِهِ" (عب1: 1). فكان الله يكلمهم بالرؤى والأحلام وبالملائكة (أى4: 12-21).
2. ثم كان الكتاب المقدس ومنه عرفنا الكثير، والكثير جدًا عن الله. في أول آية في الكتاب "في البدء خلق.." نرى خيرية ومحبة الله الذي أراد لنا الحياة في جنة يسودها الفرح (عَدْنْ = فرح).. ثم رأينا كراهية الله للخطية ورأينا نتائجها، وعرفنا وفهمنا قداسة الله ومدى كراهيته للخطية. ورأينا عطايا الله ومحبته، ورأينا عقوباته لمن يخطئ.
3. ورأينا رغبة الله في أن تكون له علاقات محبة وصداقة مع البشر، وقد دخل قديسين كثيرين في علاقات حب وصداقة مع الله، وتلذذوا بها بعشرة الله.
4. ثم أرسل الله الأنبياء فعرفنا أكثر.
5. وأخيرًا تجسد ابن الله فرأينا فيه صورة الله [راجع تفسير (تث18: 15-22)]. وبعد صعود المسيح صار هذا عمل الروح القدس الذي يعلمنا كل شيء ويذكرنا بكل ما قاله رب المجد. وهو يأخذ من المسيح ويخبرنا. بل ويعلن لنا ما لم تره عين.. (يو14: 26 + يو16: 13 ، 14 + 1كو2: 9-13). والروح القدس يعطينا الحواس المدربة التي بها نعاين الله، لذلك يطلب منا القديس بولس الرسول قائلًا "إمتلئوا بالروح" (عب5: 14 + أف5: 18).
6. وفي حياتنا الآن نرى عطايا حلوة كثيرة يعطيها الله لنا تعلن عن محبة وأبوة وعطف الله، ونرى تأديب الله لنا لو أخطأنا ليردنا إليه مرة أخرى. ونرى أن الضربات التي يسمح بها الله هي ليست كراهية منه لمن يؤدبه "فالذي يحبه الرب يؤدبه" (عب12: 6). بل أنه حتى في ضربات الرب للمصريين، عرف منها المصريين الرب يهوه وعرفوا تفاهة آلهتهم. ولكن هذه تحتاج لنقاوة القلب التي بها ندرك يد الله المملوءة حنانًا وسط الضيقات والتجارب التي تنقينا فنصلح للملكوت.
7. ورأينا في النقطة 19 كيف أن الله يسمح ببعض الضيقات لنرى من خلالها يده القوية التي تنتشلنا من الضيقة، ونرى أيضًا يده الحنونة التي تعزينا وسط الضيقة فلا نفشل "شِمَالُهُ تَحْتَ رَأْسِي وَيَمِينُهُ تُعَانِقُنِي" (نش2: 6). ومع تكرار هذه الدروس من الضيقات وتدخل الله نعرف الله إلهنا القوي ويزداد إيماننا، وهذا ما يطلبه الله منا – إيماننا القوي، "فبدون إيمان لا يمكن إرضاؤه" (عب11: 6).
8. أيضًا للتجارب والضيقات فائدة أخرى – فبها نكتشف عيوبًا في داخلنا لم تظهر سوى في الضيقة. وهذا ما حدث مع أيوب. فالضيقات والآلام والتجارب التي يسمح بها الله تكون أيضًا للتنقية (راجع يع1).
9. ولكن حتى تتم الإستفادة من التجارب التي تنقي وتزيد إيماننا وتفتح أعيننا على معرفة الله وقوته، علينا أن نشكر الله وسط الضيقة لأنه صانع خيرات – إذًا كل ما يسمح به الله هو للخير حتى لو كنا غير فاهمين (كو2: 7؛ يو13: 7). أما التذمر بسبب الضيقة، فإنه يتسبب في عدم رؤيتنا ليد الله التي تنتشلنا من الضيقة. وأيضًا تتسبب في عدم شعورنا بالتعزيات الإلهية.
10. على أن هناك أيضًا ما يُعلِن لنا عن الله، ألا وهو الطبيعة حولنا (رو1: 20). فالخليقة تشهد لنا بعظمة وجمال خالقها.
← تفاسير أصحاحات الخروج: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/d498wav