← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26
الآيات (1-20): "ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «ادْخُلْ إِلَى فِرْعَوْنَ، فَإِنِّي أَغْلَظْتُ قَلْبَهُ وَقُلُوبَ عَبِيدِهِ لِكَيْ أَصْنَعَ آيَاتِي هذِهِ بَيْنَهُمْ. وَلِكَيْ تُخْبِرَ فِي مَسَامِعِ ابْنِكَ وَابْنِ ابْنِكَ بِمَا فَعَلْتُهُ فِي مِصْرَ، وَبِآيَاتِي الَّتِي صَنَعْتُهَا بَيْنَهُمْ، فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ». فَدَخَلَ مُوسَى وَهَارُونُ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَالاَ لَهُ: «هكَذَا يَقُولُ الرَّبُّ إِلهُ الْعِبْرَانِيِّينَ: إِلَى مَتَى تَأْبَى أَنْ تَخْضَعَ لِي؟ أَطْلِقْ شَعْبِي لِيَعْبُدُونِي. فَإِنَّهُ إِنْ كُنْتَ تَأْبَى أَنْ تُطْلِقَ شَعْبِي هَا أَنَا أَجِيءُ غَدًا بِجَرَادٍ عَلَى تُخُومِكَ، فَيُغَطِّي وَجْهَ الأَرْضِ حَتَّى لاَ يُسْتَطَاعَ نَظَرُ الأَرْضِ. وَيَأْكُلُ الْفَضْلَةَ السَّالِمَةَ الْبَاقِيَةَ لَكُمْ مِنَ الْبَرَدِ. وَيَأْكُلُ جَمِيعَ الشَّجَرِ النَّابِتِ لَكُمْ مِنَ الْحَقْلِ. وَيَمْلأُ بُيُوتَكَ وَبُيُوتَ جَمِيعِ عَبِيدِكَ وَبُيُوتَ جَمِيعِ الْمِصْرِيِّينَ، الأَمْرُ الَّذِي لَمْ يَرَهُ آبَاؤُكَ وَلاَ آبَاءُ آبَائِكَ مُنْذُ يَوْمَ وُجِدُوا عَلَى الأَرْضِ إِلَى هذَا الْيَوْمِ». ثُمَّ تَحَوَّلَ وَخَرَجَ مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ. فَقَالَ عَبِيدُ فِرْعَوْنَ لَهُ: «إِلَى مَتَى يَكُونُ هذَا لَنَا فَخًّا؟ أَطْلِقِ الرِّجَالَ لِيَعْبُدُوا الرَّبَّ إِلهَهُمْ. أَلَمْ تَعْلَمْ بَعْدُ أَنَّ مِصْرَ قَدْ خَرِبَتْ؟». فَرُدَّ مُوسَى وَهَارُونُ إِلَى فِرْعَوْنَ، فَقَالَ لَهُمَا: «اذْهَبُوا اعْبُدُوا الرَّبَّ إِلهَكُمْ. وَلكِنْ مَنْ وَمَنْ هُمُ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ؟» فَقَالَ مُوسَى: «نَذْهَبُ بِفِتْيَانِنَا وَشُيُوخِنَا. نَذْهَبُ بِبَنِينَا وَبَنَاتِنَا، بِغَنَمِنَا وَبَقَرِنَا، لأَنَّ لَنَا عِيدًا لِلرَّبِّ». فَقَالَ لَهُمَا: «يَكُونُ الرَّبُّ مَعَكُمْ هكَذَا كَمَا أُطْلِقُكُمْ وَأَوْلاَدَكُمُ. انْظُرُوا، إِنَّ قُدَّامَ وُجُوهِكُمْ شَرًّا. لَيْسَ هكَذَا. اِذْهَبُوا أَنْتُمُ الرِّجَالَ وَاعْبُدُوا الرَّبَّ. لأَنَّكُمْ لِهذَا طَالِبُونَ». فَطُرِدَا مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ. ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «مُدَّ يَدَكَ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ لأَجْلِ الْجَرَادِ، لِيَصْعَدَ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ وَيَأْكُلَ كُلَّ عُشْبِ الأَرْضِ، كُلَّ مَا تَرَكَهُ الْبَرَدُ». فَمَدَّ مُوسَى عَصَاهُ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ، فَجَلَبَ الرَّبُّ عَلَى الأَرْضِ رِيحًا شَرْقِيَّةً كُلَّ ذلِكَ النَّهَارِ وَكُلَّ اللَّيْلِ. وَلَمَّا كَانَ الصَّبَاحُ، حَمَلَتِ الرِّيحُ الشَّرْقِيَّةُ الْجَرَادَ، فَصَعِدَ الْجَرَادُ عَلَى كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ، وَحَلَّ فِي جَمِيعِ تُخُومِ مِصْرَ. شَيْءٌ ثَقِيلٌ جِدًّا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ جَرَادٌ هكَذَا مِثْلَهُ، وَلاَ يَكُونُ بَعْدَهُ كَذلِكَ، وَغَطَّى وَجْهَ كُلِّ الأَرْضِ حَتَّى أَظْلَمَتِ الأَرْضُ. وَأَكَلَ جَمِيعَ عُشْبِ الأَرْضِ وَجَمِيعَ ثَمَرِ الشَّجَرِ الَّذِي تَرَكَهُ الْبَرَدُ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ أَخْضَرُ فِي الشَّجَرِ وَلاَ فِي عُشْبِ الْحَقْلِ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ». فَدَعَا فِرْعَوْنُ مُوسَى وَهَارُونَ مُسْرِعًا وَقَالَ: «أَخْطَأْتُ إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمَا وَإِلَيْكُمَا. وَالآنَ اصْفَحَا عَنْ خَطِيَّتِي هذِهِ الْمَرَّةَ فَقَطْ، وَصَلِّيَا إِلَى الرَّبِّ إِلهِكُمَا لِيَرْفَعَ عَنِّي هذَا الْمَوْتَ فَقَطْ». فَخَرَجَ مُوسَى مِنْ لَدُنْ فِرْعَوْنَ وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ. فَرَدَّ الرَّبُّ رِيحًا غَرْبِيَّةً شَدِيدَةً جِدًّا، فَحَمَلَتِ الْجَرَادَ وَطَرَحَتْهُ إِلَى بَحْرِ سُوفَ. لَمْ تَبْقَ جَرَادَةٌ وَاحِدَةٌ فِي كُلِّ تُخُومِ مِصْرَ. وَلكِنْ شَدَّدَ الرَّبُّ قَلْبَ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يُطْلِقْ بَنِي إِسْرَائِيلَ."
الجراد مفسد للزرع ومجلب للقحط، إذ يبيد كل نبات أخضر. هنا عجزت آلهتهم عن إعالتهم حتى جسديًا. والجراد يأكل كل ما هو أخضر ثم يأكل خشب الشجر واللحاء ويترك الشجر بفروعه بيضاء (يؤ7:1). وحين يأتي الجراد يأتي بجيوش رهيبة من كثرتها قد تظلم الشمس، ثم يغطي الأرض (آية5).
(آية 5) الفضلة السالمة = التي تبقت وفضلت سليمة من ضربة البَرَدْ أي الحنطة والقطاني.
(آية 8) هنا فرعون يدخل في مماطلة جديدة فهو لا يريد أن يطلقهم (هذه هي أفعال إبليس).
(آية 10) يكون الرب معكم= هو تعبير تهكمي مثل "ما شاء الله عليكم" أو "اسم الله عليكم" والمعنى هل تريدون أن أطلق كل شيء وأحرم الأرض من العبيد الذين يعملون فيها مجانًا. قدام وجوهكم شرًا= هي تعني إما أنه يخيفهم أنهم إن انطلقوا إلى البرية فسيواجهوا الأعداء، وسيكونون بلا طعام أو ماء. أو تعني أنكم بذهابكم تقصدون الشر بالبلاد.
(آية 11) لأنكم لهذا طالبون= معنى كلام فرعون أنتم طلبتم العبادة وهذا عمل الرجال فليذهب الرجال وحدهم. ولكن هذا ضد ما طلبه موسى أن يذهب الجميع. وطبعًا لو ذهب الرجال وحدهم فلا بُد أن يعودوا من أجل نسائهم وأولادهم (مماطلة إبليس حتى لا يطلق شعب الله).
الآيات (21-29): "ثُمَّ قَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «مُدَّ يَدَكَ نَحْوَ السَّمَاءِ لِيَكُونَ ظَلاَمٌ عَلَى أَرْضِ مِصْرَ، حَتَّى يُلْمَسُ الظَّلاَمُ». فَمَدَّ مُوسَى يَدَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ فَكَانَ ظَلاَمٌ دَامِسٌ فِي كُلِّ أَرْضِ مِصْرَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. لَمْ يُبْصِرْ أَحَدٌ أَخَاهُ، وَلاَ قَامَ أَحَدٌ مِنْ مَكَانِهِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. وَلكِنْ جَمِيعُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ لَهُمْ نُورٌ فِي مَسَاكِنِهِمْ. فَدَعَا فِرْعَوْنُ مُوسَى وَقَالَ: «اذْهَبُوا اعْبُدُوا الرَّبَّ. غَيْرَ أَنَّ غَنَمَكُمْ وَبَقَرَكُمْ تَبْقَى. أَوْلاَدُكُمْ أَيْضًا تَذْهَبُ مَعَكُمْ». فَقَالَ مُوسَى: «أَنْتَ تُعْطِي أَيْضًا فِي أَيْدِينَا ذَبَائِحَ وَمُحْرَقَاتٍ لِنَصْنَعَهَا لِلرَّبِّ إِلهِنَا، فَتَذْهَبُ مَوَاشِينَا أَيْضًا مَعَنَا. لاَ يَبْقَى ظِلْفٌ. لأَنَّنَا مِنْهَا نَأْخُذُ لِعِبَادَةِ الرَّبِّ إِلهِنَا. وَنَحْنُ لاَ نَعْرِفُ بِمَاذَا نَعْبُدُ الرَّبَّ حَتَّى نَأْتِيَ إِلَى هُنَاكَ». وَلكِنْ شَدَّدَ الرَّبُّ قَلْبَ فِرْعَوْنَ فَلَمْ يَشَأْ أَنْ يُطْلِقَهُمْ. وَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ: «اذْهَبْ عَنِّي. اِحْتَرِزْ. لاَ تَرَ وَجْهِي أَيْضًا. إِنَّكَ يَوْمَ تَرَى وَجْهِي تَمُوتُ». فَقَالَ مُوسَى: «نِعِمَّا قُلْتَ. أَنَا لاَ أَعُودُ أَرَى وَجْهَكَ أَيْضًا»."
هذه الضربة بدون إنذار. وكان المصريون يعبدون الإله رع أي الشمس. فهذه الضربة وجهت ضد معبودهم الأكبر. لقد انطفأ معبودهم وكأن إله الشر في نظرهم قد انتصر على إلههم وهذا في حد ذاته مرعب جدًا لهم. لذلك سادت هذه الضربة رعبة عظيمة.
(آية 21) حتى يلمس الظلام= من شدة حلوكته لا يكون كظلام الليل المعتاد بل شيء غير عادي.
(آية 22) ثلاثة أيام = كما غضبت الطبيعة عند صلب المسيح وعم الظلام ثلاث ساعات من الساعة السادسة حتى التاسعة، هكذا كانت هذه الظلمة احتجاجًا على تحدي فرعون وعصيانه لله. وهكذا يكون ظلام في العالم حتى يشرق المسيح شمس البر في مجيئه الثاني وهكذا كان المسيح 3 أيام في القبر قبل أن يشرق فجر القيامة وينير القبر. وبنفس المفهوم فكل خاطئ عاصي هو في ظلمة فاقدًا لبصيرته الروحية الداخلية وفي حاجة أن يطلب أن يشرق عليه المسيح بنوره، نور قيامته.
(آية 23) عدم حركتهم راجع للظلمة الشديدة وللرعب الذي أصابهم (مز49:78).
(آية 24) لاحظ أن فرعون يعطي مسموحات أكثر لكنه لا يريد أن يطلق الكل.
(آية 26) لا نعرف بماذا نعبد الرب حتى نأتي إلى هناك = أي لن نعرف عدد الذبائح التي يطلبها الرب منا حتى تذهب إلى هناك (مسيرة الثلاثة أيام) لذلك يجب أن نخرج بكل ما لنا وبكل مواشينا فلعل الله يطلب كل الماشية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وبالنسبة لنا فعلينا أن نعتبر أن كل ما لنا هو لله وهو يطلب ما يريد. ونحن لن نعرف كل قصد الله في حياتنا تمامًا. إلا بعد مسيرة الـ3 أيام أي بعد تذوق الموت (صلب الأهواء والشهوات) ثم اختبار قوة القيامة.
1. فرعون يقدم أنصاف حلول حتى لا يطلق الشعب ويضع معوقات كثيرة أمامهم.
أ. اتهام موسى وهرون أنهما يبطلان الشعب وأن الشعب متكاسل.
ب. كان مع الضربة أن فرعون يستجيب لموسى ومع الفرج يغلظ قلبه.
ج. سمح لهم أولًا بأن يذبحوا في مصر وهي خطة خبيثة بها يبقيهم في مصر، وستختلط عبادتهم بعبادة المصريين الوثنية فيصير الله إلهًا وسط آلهة كثيرة لذلك يقول الله "أخرجوا منها" ولنلاحظ أن الشيطان قد يوافق أن نعبد الله على أن نصنع الشر في نفس الوقت.
د. ثم سمح لهم أن ينطلقوا على أن لا يذهبوا بعيدًا (حتى لا يختبروا الثلاثة أيام، الموت والقيامة) ولنلاحظ أن العبادة الحقة هي باختبار صلب الأهواء والشهوات لنتذوق قوة القيامة.
ه. ثم يسمح بخروج الرجال فقط (لمسيرة الثلاثة أيام). ثم يسمح بخروجهم دون مواشيهم.
2. لاحظ تنوع الضربات وأنها تأتي من كل مكان. فالطبيعة تلاحق الخطاة.
أ. الهواء (الريح تأتي بالجراد).
ب. الماء (تحويله دم ومنه خرجت الضفادع).
ج. التراب (البعوض).
د. الشمس (تظلم).
ه. رماد الأتون (الدمامل).
و. السماء (البَرَدْ والنار).
ز. الوبأ (للبهائم).
3. لاحظ الصراع بين الحق والباطل داخل نفس فرعون.. اذهبوا.. لا تذهبوا بعيدًا وحين استجاب لصوت الباطل خسر ثم هلك.
كل ما في الخليقة محدود، ولا يوجد غير محدود سوى الله وحده. ومن يتحد بالله ويثبت فيه يصير غير محدود مثله فيحيا أبديًا. لذلك يقول الرب لنا "إثبتوا فيَّ وأنا فيكم" (يو15: 4). ومن يثبت في المسيح يحيا أبديًا، فالمسيح هو "القيامة والحياة" (يو11: 25). أما من ينفصل عن الله فيعود إلى المحدودية، وكل ما هو محدود نهايته الموت. لذلك يسعى الشيطان بكل الوسائل والخداعات ليفصل الإنسان عن الله، ليكون مصير هذا الإنسان المخدوع مثل مصير الشيطان أي الموت، فإبليس هو من له سلطان الموت "فَإِذْ قَدْ تَشَارَكَ ٱلْأَوْلَادُ فِي ٱللَّحْمِ وَٱلدَّمِ ٱشْتَرَكَ هُوَ أَيْضًا كَذَلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِٱلْمَوْتِ ذَاكَ ٱلَّذِي لَهُ سُلْطَانُ ٱلْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ" (عب2: 14). ونرى في محاولات فرعون لمنع الشعب عن عبادة الله أنها نموذج واضح لمحاولات الشيطان التي بها يحاول أن يفصل ما بين الإنسان وبين الله فيستعبده. فإذا إنخدع الإنسان وسقط ينفصل عن الله "فلا شركة للنور مع الظلمة" (2كو6: 14)، حينئذٍ يسهل على الشيطان أن يستعبد هذا الإنسان إذ هو بلا حماية، وهذا ما يريده الشيطان – أن يظل البشر عبيدًا له. وهذا ما قاله فرعون "إسرائيل لا أطلقه" (خر 5: 2). ولنرى نماذج من أقوال وأفعال فرعون:-
1) من هو الرب:- ربما كان فرعون يجهل اسم الله فعلًا، ولكن العالم لا يحتمل ولا يريد بل ولا يطيق أن يسمع اسم الله. ونرى الآن محاولات مستميتة من الملحدين وبشتى الطرق لعدم ذكر اسم الله، حتى أنهم أصبحوا يعتبرون أن ذكر اسم الله يعتبر تحدي لمشاعرهم. وكثيرين في الغرب الآن يرفضون تسمية عيد الميلاد بالكريسماس لأنها تذكر اسم المسيح.
2) لماذا تبطلان الشعب من أعماله (خر 5: 4):- هذا مبدأ الكثيرين للأسف، الذين يقولون أن العمل والربح المادي أهم من العبادة. هؤلاء يعتبرون أن الذهاب للكنائس والصلاة مضيعة للوقت. هؤلاء يعميهم الشيطان عن أن هناك حياة أبدية. وحين يفكر إنسان في التكريس أو الرهبنة يعتبرونه مجنونا.
3) فرعون يثقل ويزيد العمل على الشعب (خر 5: 7):- فلما زاد العمل على الشعب ولم يقدروا على كم العمل، ضربهم رجال فرعون. وهذا ما يحدث الآن أن نجد من يعمل كثيرًا جدًا ولا يجد وقت للكنيسة أو للصلاة. بل أن إبليس يثير مشاكل كثيرة لمن يفكر في أن يتحرر منه ويتوب، ويُزيد المتاعب من حوله لعله يرتد ولا يعود يفكر في الحرية من إبليس (خر 5: 16).
4) المصريون يستعبدون الشعب ولكنهم يعطونهم أكلًا كثيرًا:- الأكل الكثير هنا يشير لملذات الخطية، والتي يذكر الشيطان بها التائبين الذين عادوا لله تاركين خطاياهم "وَقَالَ لَهُمَا بَنُو إِسْرَائِيلَ: «لَيْتَنَا مُتْنَا بِيَدِ ٱلرَّبِّ فِي أَرْضِ مِصْرَ، إِذْ كُنَّا جَالِسِينَ عِنْدَ قُدُورِ ٱللَّحْمِ نَأْكُلُ خُبْزًا لِلشَّبَعِ. فَإِنَّكُمَا أَخْرَجْتُمَانَا إِلَى هَذَا ٱلْقَفْرِ لِكَيْ تُمِيتَا كُلَّ هَذَا ٱلْجُمْهُورِ بِٱلْجُوعِ" (خر16: 3). + "فَعَادَ بَنُو إِسْرَائِيلَ أَيْضًا وَبَكَوْا وَقَالُوا: «مَنْ يُطْعِمُنَا لَحْمًا؟ قَدْ تَذَكَّرْنَا ٱلسَّمَكَ ٱلَّذِي كُنَّا نَأْكُلُهُ فِي مِصْرَ مَجَّانًا، وَٱلْقِثَّاءَ وَٱلْبَطِّيخَ وَٱلْكُرَّاثَ وَٱلْبَصَلَ وَٱلثُّومَ. وَٱلْآنَ قَدْ يَبِسَتْ أَنْفُسُنَا. لَيْسَ شَيْءٌ غَيْرَ أَنَّ أَعْيُنَنَا إِلَى هَذَا ٱلْمَنِّ" (عد11: 4-6). هذا ما نقول عنه في القداس الباسيلي "تذكار الشر المُلْبِس الموت" (صلاة الصلح بالقداس الباسيلي). فإبليس يظل يلح علينا بذكريات اللذة الحسية للخطية وينسينا لسعات السياط أيام العبودية. فمن يرتد للخطية ينفصل عن الله فيموت. ولكن لاحظ قول القديس يعقوب "ٱلرُّوحُ ٱلَّذِي حَلَّ فِينَا يَشْتَاقُ إِلَى ٱلْحَسَدِ. وَلَكِنَّهُ يُعْطِي نِعْمَةً أَعْظَمَ" (يع4: 5-6). والحسد هنا تترجم الغيرة، فالروح يغار علينا إذ يحاول إبليس أن يخطفنا فإلهنا إله غيور "فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِإِلَهٍ آخَرَ، لِأَنَّ ٱلرَّبَّ ٱسْمُهُ غَيُورٌ. إِلَهٌ غَيُورٌ هُوَ"(خر34: 14) فيعطينا نعمة وقوة نقاوم بها الإغراء، وهذه القوة أو النعمة لها قدرة أعظم.
5) حروب الخداع:- كان السحرة مرات عديدة يفعلون ما يفعله موسى. ولكن لاحظ الخداع: أ) يحولون الماء إلى دم لكن لا يستطيعون أن يعيدونه ماءً ثانية. ب) يخرجون الضفادع ولكن لا يستطيعون أن يعيدونها للماء مرة أخرى. ولاحظ أن الضفادع التي ظهرت بضربة موسى كانت حقيقية، أوجدها وخلقها الله، بدليل موتها وأنها أنتنت حينما ماتت. أما السحرة فهم أخرجوا الضفادع من الماء ولكن الضفادع كانت موجودة فعلًا فلم يخلقها السحرة. ج) يحولون عصيهم إلى ثعابين ولكن عصا موسى ابتلعت عصيهم (خر 7: 12) (أمام القوة الإلهية التي حولت عصا موسى إلى حية إختفت حيات السحرة إذ أنها أوهام وليست حيات حقيقية). والآن نرى وسنرى أيام ضد المسيح في الأيام الأخيرة خداعات ومعجزات، ولكنها خداعات شيطانية فالشيطان يُغَيِّر شكله إلى هيئة ملاك نوراني. "وَلَا عَجَبَ. لِأَنَّ ٱلشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إِلَى شِبْهِ مَلَاكِ نُورٍ" 2كو11: 14). فعلينا ألا ننخدع حتى بالمعجزات إلا التي تعترف بها الكنيسة.
6) إذبحوا لإلهكم هنا في مصر (خر 8: 25):- وموسى فطِن بالحكمة الإلهية المعطاة له، *بأن هذا شَرَكْ له، فالمصريون يقدسون الحيوانات. فلو ذبح حيوانا لتهيج المصريون. هذه خدعة شيطانية للإيقاع بين الشعب وجيرانهم. *وستختلط عبادتهم بعبادة المصريين الوثنية فيصير الله إلهًا وسط آلهة كثيرة. فتضيع العبادة الصحيحة لله وتتشوه. ولقد حدث هذا فعلا مع شعب الله ورأيناه في موضوع العجل الذهبي في سيناء. وهذا ما حدث أيضًا مع مملكة إسرائيل الشمالية، إذ إختلطت عبادة شعب الله بعبادة الشعوب الوثنية.
7) لا تذهبوا بعيدًا (خر 8: 28):- حتى يستطيع فرعون أن يعيدهم بسهولة للعبودية. ولكن موسى أصَّر على أن تكون المسافة 3أيام. والـ3 أيام رمز للقيامة. والمعنى أن الشيطان قد يسمح بأن نقدم عبادة لله، على أن لا تكون هناك نية للتوبة الكاملة التي هي قيامة من الأموات (رقم3). والمعنى أن الشيطان يسمح لنا أن نذهب للعبادة لكن نترك ذيول للخطية المحبوبة. وحينئذٍ يسهل الإرتداد إليها.
8) فرعون يخيفهم :- إذ يقول "ٱنْظُرُوا، إِنَّ قُدَّامَ وُجُوهِكُمْ شَرًّا" (خر10: 10). وهذا معناه أنه لو إبتعدتم بعيدًا، فهناك شعوب ستحاربكم وتختطف نساءكم وأولادكم. فليذهب الرجال فقط (خر10: 11). وهذا ما حدث مع نحميا (نح6: 10-11). فكانوا يخيفونه حتى لا يكمل السور. وهذا أسلوب مشهور للشيطان، فهو يحاول دائما بالكذب أن يخيف شعب الله بأي وسيلة ولكن لنرى ماذا يقول عنه الوحي في سفر إرمياء النبي "قَدْ نَادُوا هُنَاكَ: فِرْعَوْنُ مَلِكُ مِصْرَ هَالِكٌ" (إر46: 17) وهذه أتت بالإنجليزية - he is but a noise" أي أنه مجرد خداع صوتي وكذب لكنه لا يستطيع أن يؤذي أحدًا. وهل يخاف المسيحي من أي تهديد بعد أن يسمع وعد الله "هُوَذَا عَلَى كَفَّيَّ نَقَشْتُكِ. أَسْوَارُكِ أَمَامِي دَائِمًا" (إش49: 16). وأيضًا يقول "لِأَنَّهُ مَنْ يَمَسُّكُمْ يَمَسُّ حَدَقَةَ عَيْنِهِ" (زك2: 8).
9) غَنَمَكُمْ وَبَقَرَكُمْ تَبْقَى (خر 10: 24):- هذا معناه:- أ) أنه يريد أن يحرمهم من إمكانيات العبادة. ب) ولأن مواشيهم في مصر فسيكون قلبهم معلقًا بمصر فسيعودون لمصر "حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك أيضًا" (مت6: 21). وبهذا يضمن فرعون عودتهم. أما من يتوب توبة حقيقية فعليه أن يقطع كل علاقة له بالخطية وكل ما كان يربطه بها. وهذا معنى مسيرة الثلاث أيام لنذبح هناك، أي توبة حقيقية بلا رجوع، هي قيامة من موت الخطية.
10) بعد فشل كل المحاولات يخرج وراءهم للحرب:- وهذا ما حدث مع الرب يسوع، فبعد أن فشل معه في كل التجارب دبَّر له موت الصليب. وإذ بالصليب يكون هو الوسيلة التي بها يقضي المسيح عليه. وهذا ما يحدث مع الكنيسة فحروب الاستشهاد الدموية لم تتوقف عبر التاريخ. ولكن خرجت الكنيسة منتصرة بل كان نمو الكنيسة وامتدادها لكل العالم أثناء فترات الاستشهاد أكثر كثيرًا من نموها في فترات الراحة.
فالشيطان دائمًا وأبدًا سيظل مهزومًا أمام الله وشعب الله.
الله لا يضرب إلاّ بعد أن ينذر مرة ومرات. وكان الله يقدر أن يغير قلب فرعون كما يقول الحكيم "قَلْبُ ٱلْمَلِكِ فِي يَدِ ٱلرَّبِّ كَجَدَاوِلِ مِيَاهٍ، حَيْثُمَا شَاءَ يُمِيلُهُ (أم21: 1). ولكن فرعون كان لا يستحق هذا التدخل الإلهي أي أن يقنعه الله فيلين قلبه، وذلك لكبريائه وعناده. وهذا ما عمله الله مثلا مع إرمياء "قَدْ أَقْنَعْتَنِي يَا رَبُّ فَاقْتَنَعْتُ، وَأَلْحَحْتَ عَلَيَّ فَغَلَبْتَ" (خر 20: 7). ولكن نجد أن الله أعطاه إنذارات. وبهذا ينطبق قول المزمور "لِكَيْ تَتَبَرَّرَ فِي أَقْوَالِكَ، وَتَزْكُوَ فِي قَضَائِكَ" (مز 51: 5) ["لكي تتبرر في أحكامك وتغلب إذا حوكمت" المزمور الخمسين حسب الأجبية].
1) الله يكلم فرعون باللغة التي يفهمها، فنجد موسى يحول له العصا إلى حية ... فهم يفهمون لغة السحر على أنها قوة خارقة يتمتع بها السحرة. فكان أن موسى أظهر لهم أن له نفس القوة بل أقوى إذ ابتلعت عصاه حَيَّاتهم المزيفة.
2) ضربات متوالية ظهر فيها ضعف آلهتهم (النيل والشمس والحيوانات التي يقدسونها). بل كان فرعون يُرسل رجاله فيرى أن الضربات لا تصيب شعب الله (خر 9: 7)، وكان هذا في ضربة إهلاك الماشية. وفي ضربة البرد لم ينزل البرد على أرض جاسان حيث بني إسرائيل (خر 9: 26).
3) رأى فرعون ضعف سحرته بل هم إعترفوا [في ضربة البعوض] (خر 8: 19) بأن هذَا إِصْبَعُ اللهِ.
4) عبيد فرعون يقولون له إن مصر خربت – كفى – هذا فخ (خر 10: 7).
5) بل كان الله يأتي بالضربة ويرفعها بكلمة موسى. وكان الله يقبل أن يرفع الضربة في الوقت الذي يحدده فرعون، فيعرف فرعون أن الضربة ورفعها ليست مصادفة بل موسى هو الذي يأتي بها ويرفعها إذ يرفع يديه للسماء فيفهم فرعون أن الضربات هي من الله الذي في السماء.
← تفاسير أصحاحات الخروج: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الخروج 11 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير الخروج 9 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/vc6yqgv