تُسَمَّى أسفار موسى الخمسة باليونانية pentateuch أي (Πεντάτευχο) أي الأسفار الخمسة. وهي تمثل الجزء الأول من الكتاب المقدس في العهد القديم الذي ينقسم لثلاث وحدات:
أولًا:- الناموس أو التوراة: ويحوي أسفار موسى الخمسة.
ثانيًا:- الأنبياء: وينقسم إلى قسمين. الأنبياء الأولين والأنبياء المتأخرين والقسم الأول يضم يشوع والقضاة حتى الملوك. ويضم القسم الثاني إشعياء وإرمياء وحزقيال والاثني عشر نبيًا الصغار.
ثالثًا:- الكتوبيم: ومعناها الكتب وهذا بدوره ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
1. كتب شعرية مثل المزامير والأمثال وأيوب.
2. كتب ميحيلوت مثل النشيد وراعوث والمراثي والجامعة وإستير.
3. كتب تاريخية غير نبوية مثل دانيال وعزرا ونحميا وأخبار الأيام.
وبهذا تظهر أسفار موسى الخمسة كوحدة تسمى الناموس وهي تمثل وحدة تاريخية مترابطة معًا. تبدأ بخلق العالم من أجل الإنسان ثم خلق الإنسان نفسه وإذ سقط هيأ له الله الخلاص. فاختار الله إبراهيم ونسله خلال إسحق ويعقوب وفي مصر بدأت البذرة الأولى للشعب الذي هيأه الله ليتحقق من خلاله الخلاص للبشرية كلها. ثم أقيم موسى كأول قائد لهذا الشعب وليخرج الشعب من عبودية فرعون، وبموسى تمتعوا بالعهد عند جبل سيناء، وأخيرًا وقف بهم عند الشاطئ الشرقي للأردن ليسلمهم في يد قائد جديد هو يشوع، كأنه بالناموس يسلمنا ليسوع قائد الحياة وواهب الميراث.
انتهى سفر التكوين والشعب في مصر رمزًا لعبوديته كنتيجة مباشرة للخطية ثم جاء سفر الخروج يعلن بطريقة رمزية عن خلاص الله المجاني. فقدم لنا خروج الشعب من أرض العبودية بيد الله القوية منطلقًا نحو حرية مجد أولاد الله وجاءت القصة كلها كرمز حتى يظهر الله عمل الشيطان، ورمزه هنا فرعون الذي استعبد الشعب، حقًا هو كان يشبعهم "سمك ولحم وكرات.." وهذا رمز للملذات الجسدية التي يعطيها عدو الخير لنا حتى ننشغل بها، ولكن فرعون هذا لم يكن يعطي مجانًا، فهو كان يسخر الشعب في عبودية قاسية بل يقتل أبكارهم وهذا بالضبط ما أراد الله لنا أن نعرفه عن إبليس أنه "كان قتالًا للناس" وأن الله وحده هو الذي يعطي بسخاء ولا يعير.
والسفر كله ينطق بالفداء. وإن الدم ينقذ. والعبور في البحر إشارة إلى المعمودية والمن إشارة للمسيح الذي أعطانا جسده ودمه لنحيا. والماء الذي خرج من الصخرة إشارة للروح القدس الذي أُعطِيَ للكنيسة. وتسبحة مريم وموسى هي صورة للكنيسة التي امتلأت بالروح فانطلقت تسبح وهي فرحة بحريتها. ولاحظ في (خر 8:3) "فنزلت لأنقذهم" التي فيها إشارة واضحة للتجسد. وفي السحابة وعمود النار نرى المسيح وسط شعبه دائمًا كسر استنارتهم وكقائد لهم. ونرى محاولات إبليس أن يُذَكِّر الشعب بقدور اللحم (أي لذة الخطية) ولا يجعله يذكر العبودية ولسعات سياطها "هذا ما تسميه الكنيسة" تذكار الشر المُلْبِس الموت" (صلاة الصلح بالقداس الباسيلي)، ونلاحظ في هذا السفر محاولات الشيطان في عرضه أنصاف حلول على موسى، نقصد فرعون رمز الشيطان. ونرى في ردود موسى عليه الطريق التي يرضاها الله في حوارنا مع عدو الخير، أن لا أنصاف حلول بل ننطلق نحن ونساؤنا وأولادنا ومواشينا أي كل ما لنا لمسيرة 3 أيام لنعبد الرب. إذًا المقصود أن نترك أرض الخطية والعبودية تمامًا ولا نقبل بأقل من هذا.
هذا السفر يعلن أن الله لا يريدنا عبيدًا بل أحرارًا. ولكن هناك شرط هو:-
الوصايا العشر: فليس لنا استمرارية في حياة الحرية إلا بالالتزام بالوصايا. بل أن هذه الوصايا هي شروط العهد مع الله، إن التزم بها الشعب يكون لهم بركات وإن خالفوها تنصب عليهم اللعنات وهذا يبدو بصورة واضحة في (لا26 + تث28).
وبعد الحرية وبعد أن خرج الشعب من أرض العبودية يعطيهم الله بركة عظيمة جدًا هي خيمة الاجتماع ليحل الله وسطهم ويسكن بينهم.
إذًا فسفر الخروج يختتم بأمرين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). استلام الشريعة وخيمة الاجتماع. وكأن العبور وهو انطلاق إلى الحرية خلال الاتحاد مع الله والوجود الدائم معه إنما يتحقق خلال كلمة الله أو الوصية والعبادة (الخيمة). فالوصية هي القائد للنفس للدخول إلى السماويات. والعبادة هي عبور للشركة مع السمائيين في ليتورجياتهم. العبادة هي غاية العبور "إطلق شعبي ليعبدونني" خلالها نتعرف على قانون السماء (الوصية) ونتدرب على السكنى مع الله (الخيمة السماوية)
إذًا نرى الإنسان في سفر التكوين سرعان ما فقد علاقته بالله فخسر سر حياته، ثم يأتي سفر الخروج ليعلن خلاص الإنسان بخروجه من عبودية إبليس، فرعون الحقيقي، لينطلق نحو كنعان الأبدية، خلال برية هذا العالم.
التكوين: الله يعطي حياة ← الخطية والسقوط ← موت وعبودية ← وعد بالخلاص.
الخروج: العبور للحرية بواسطة الدم ← المعمودية في البحر ← التناول من المن ← بهذا يكون الله وسط شعبه (خيمة الاجتماع) ← شرط الالتزام بالوصية.
اللاويين: دم المسيح يقدس (الذبائح رمز) ← الجهاد لنكون قديسين.
العدد: رحلة غربتنا في هذا العالم ← سقوط وقيام.
التثنية: نعمة الله في الحفاظ على شعبه واهتمامه بكل صغيرة وكبيرة.
يشوع: نهاية الرحلة ← نهاية حياتنا على الأرض = عبور الأردن ← أورشليم (كنعان السماوية) ورمزها دخول كنعان الأرضية.
كانت السحابة تقود الشعب في البرية. وهي كانت عمود سحاب نهارًا (تظلل عليهم من حر الشمس) وعمود نار ليلًا (يضيء لهم الظلام). هي كانت تقودهم فطريقهم كان غامضًا في صحراء لم يعرفوها من قبل، ولكن الذي يقودهم هو الله "فالرب راعيَّ فلا يعوزني شيء.. في مراعٍ خضر يربضني" وكانت السحابة في بعض الأحيان تقودهم ضد رغباتهم، وهكذا يصنع معنا الروح القدس إذ يدفعنا لطرق لا نريدها.
كان أول ذكر للسحابة في (خر20:13-22) "وكان الرب يسير أمامهم" ثم نجد أن السحابة قادتهم لما يبدو أنه مأزق، قادتهم لمواجهة مع فرعون من ناحية والبحر من الناحية الأخرى. وتصوَّر الشعب لفترة أن هناك خطأ في القيادة، ولكن وجدوا أن الله قادهم إلى هذا المكان ليغرق جيش فرعون. وهكذا فالله يقودنا لمواجهات مع الشيطان حتى نهزمه. ولاحظ أن عمود السحاب وقف بينهم وبين فرعون فالله يقودنا للمعركة ولكنه هو الذي يحارب ونحن نصمت (راجع إصحاح 14).
والمرة الثانية التي نسمع فيها عن السحابة كانت في (خر10:16) وبعدها نسمع عن المن إشارة للمسيح خبز الحياة الذي يرافقنا في رحلتنا.
والمرة الثالثة في (خر33) حين ظهر الله لموسى وحده في خيمته بعد أن أخطأ الشعب.
والمرة الرابعة في (خر40) بعد إقامة الخيمة وقد تكرر هذا في الهيكل (1مل10:8، 11).
وآخر ذِكْر للسحابة في (عد42:16) في حادثة قورح وداثان.
ولكن في سفر العدد مثلًا (عد 48:33، 49) نسمع أنهم ارتحلوا ونزلوا.. وفي هذا إشارة ضمنية للسحابة، فهم لا يتحركوا إلا تبعًا للسحابة.
وبعد ذلك لم نعد نسمع عن السحابة فقد أوصلتهم لأرض الميعاد (أرض كنعان) والسحاب كما رأينا كان ليحجب مجد الله أيضًا حتى لا يموتوا، ولكن في السماء سننظر مجد الله بوجه مكشوف (2كو18:3) ولكن هنا على الأرض لا بُد أن يوجد لكل مجد غطاء (أش5:4).
← تفاسير أصحاحات الخروج: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40
الإصحاح
الأول |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
مقدمة سفر الخروج |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/wz2d5cs