انتهى الإصحاح (24) بقوله "فصعد موسى إلى الجبل فغطى السحاب الجبل. وحل مجد الرب على جبل سيناء.. وكان منظر مجد الرب كنارٍ أكلة.. ودخل موسى في وسط السحاب".
الإصحاحات (25-27) مواصفات الخيمة.
الإصحاح (28) ملابس الكهنوت.
الإصحاح (29) طقس تكريس الكهنة.
الإصحاح (30) بقية مواصفات الخيمة + مواصفات البخور ودهن المسحة.
الإصحاح (31) الله يعطي موهبة لبصلئيل للعمل + شريعة السبت.
الإصحاح (32) خطية العجل الذهبي.
الإصحاح (33) شفاعة موسى عن الشعب وحواره مع الله.
الإصحاح (34) موسى يحصل على لوحين جديدين ويرى مجد الله.
الإصحاحات (35-40) تنفيذ الخيمة وفيها إعادة للمواصفات السابقة.
من هذا الخط نرى أن موسى صعد إلى الجبل وقدم الله له صورة أو رؤيا جديدة هي المقدس السماوي الذي ليس من صنع إنسان وقال له الله "بحسب جميع ما أنا أريك من مثال المسكن ومثال جميع آنيته هكذا تصنعون" (خر9:25). ولذلك أطلق الرسول بولس على الخيمة "شِبْهَ السَّمَاوِيَّاتِ" (عب5:8) إذًا الخيمة كانت هي المقدس السماوي، وكلمة مقدس تعني مكانًا مفرزًا، فيه يسكن الله مع الناس، خليقته المحبوبة لديه. وقد طلب الله من موسى أن يصنع مثال ما رأى، صورة لهذا المقدس حتى تكون هذه الخيمة ظل السماويات وسط الشعب الذين عند سفح الجبل ليسكن الله في وسطهم، وليهيأهم للدخول إلى المقدس السماوي. بمعنى آخر جاءت خيمة الاجتماع ظلًا لصورة السماء عينها حتى يجتاز الشعب إلى العهد الجديد فيدخلون صورة السماء أو عربونها وأخيرًا ينطلقون في الحياة الأبدية إلى كمال المسكن السماوي.
وخيمة الاجتماع هي نبوة من خشب وأقمشة، من ذهب وفضة وهي تشير إلى جسد المسيح. ولاهتمام الله بها يفرد لها هذه الخمسة عشر إصحاحًا (خر 25-40) بينما نجد أن الخليقة كلها أفرد لها إصحاحًا واحدًا (تك1) وإصحاح عن الإنسان (تك2) بل أظهر لموسى مسكنًا ليقيم مثالًا له [راجع (خر9:25 + أع44:7 + عب5:8، 23:9)]. وهذا يعني أن موسى رأى نموذجًا حقيقيًا ليصنع مثله. فهي ليست للزينة بل هي رمز يعلن حقيقة واقعية وإشارة تتنبأ بحقيقة روحية مقبلة. هي رمز للكنيسة جسد المسيح، لذلك نجد الخيمة غارقة في الدماء إشارة لجسد المسيح المخضب بالدماء.
ملحوظة: كلمة حسب ما أنا أريك تشير لأهمية الطقس وترتيبات الكنيسة.
ونجد في (إصحاح 25) أن الله يبدأ بوصف التابوت ثم المائدة ثم المنارة فنجد هنا أن الرب يريد أن يعلن ذاته للإنسان فهو سيد الأرض كلها ومجده محجوب خلف حجاب (الحجاب هو رمز لجسد المسيح (عب19:10) أي أن المسيح أخلى ذاته وأخذ شكل عبد وهو في ناسوته لم يظهر مجد لاهوته، أي أن جسده أخفَى مجده).
ثم يعلن لنا في المائدة أنه يريد أن يدخل في علاقة شركة مع الإنسان. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ويعلن لنا في المنارة أنه يريد أن يعلن لنا ذاته بنور وقوة الروح القدس هذه خطة الله قبل الخطية. والله لم يبدأ بتحديد أبعاد الخيمة من الخارج ومواد بنائها، هذا حسب المنطق البشري الذي يفترض بأن يشرح لنا الأبعاد من الخارج أولًا ثم تفاصيل الداخل وأقسامه لكن الله أراد أن يبدأ بالكلام عن أقدس الأمور وعن أقدس موضع يبدأ بالتابوت الذي هو سر حلول الله وسط شعبه ثم المائدة سر شبع الشعب بالله ثم المنارة سر الاستنارة. وإذا عرفنا أن مواصفات الخيمة جاءت بعد أن أعطى الرب الوصايا: نعرف أن هذه الأشياء (أي الخيمة بمواصفاتها التي ترمز للمسيح) هي التي تساعدنا على تنفيذ الوصايا. وهذا المعنى عبَّر عنه القديس بولس الرسول بقوله "عظيمٌ هو سر التقوى، الله ظهر في الجسد" (1تي 3: 16). فالمؤمن المسيحي أصبح قادرًا على تنفيذ الوصية بسهولة حينما يسكن الله فيه (عب12: 1 + 1كو3: 16 + 1كو6: 19 + أف3: 17 + يو14: 23). من هذه الآيات نرى أن المؤمن الذي يصمم على أن ينفذ وصايا الله يصير مسكنًا وهيكلًا للآب والابن والروح القدس). الله يساعدني إذا سكن في داخلي. ومن يقدم له القلب يصير هذا القلب سماء لله يسكن فيه "عند هذا أسكن المتواضع القلب والمنسحق" (أش15:57) والذبيحة لله روح منسحق. الله أراد إعلان مجده لنا ولكن الخطية عطلت هذا.. فما هو الحل؟
ثم يأتي (إصحاح 26) ليحدثنا عن الشقق والأغطية والألواح وهذه تشير للمسيح وكنيسته و(إصحاح 27) يحدثنا عن مذبح المحرقة (الصليب).
في إصحاح (26) يقدم لنا مواصفات المسيح كإنسان ثم يقودنا في إصحاح (27) لنهاية حياة المسيح على الأرض أي الصليب (مذبح المحرقة) أو مذبح النحاس المكان الذي يلتقي فيه الإله القدوس مع الإنسان.
وفي (إصحاح 30) نجده يحدثنا عن مذبح البخور ومواصفات البخور ودهن المسحة وهذا يشير للصلاة ولذلك نجده قبل أن يذكر مذبح البخور يشير للكهنوت في (إصحاحيّ 28، 29) فمع الكهنة نقترب لمذبح البخور ولكن لا اقتراب قبل المرور على مذبح المحرقة، لا عبادة بلا صليب، ولا عبادة قانونية بدون كهنوت لذلك اعترض الإصحاحين (28، 29) شرح مواصفات الخيمة. إذًا مذبح البخور لا يذكر إلا بعد أن اقترب الإنسان لله بالصليب، مذبح المحرقة، وبعد تنظيم الكهنوت ولاحظ أن مذبح المحرقة يظهر فيه إدانة الخطية بحسب عدل الله أما مذبح البخور فيصعد منه رائحة قبول المسيح إلى عرش الله وبالتالي قبول الله لنا. وذُكِرَ مذبح البخور (إصحاح 30) بعد مذبح المحرقة (27) وبعد الكهنوت (28 ، 29) معناه أن شفاعة المسيح الكفارية عنا مبنية على عمله الكهنوتي أي تقديم نفسه ذبيحة على الصليب. فالكاهن يقدم ذبائح دموية، والمسيح قدم ذبيحة نفسه.
(إصحاح 31) هنا الله يملأ بصلئيل من روح الله أي أعطاه مواهب للعمل. فالله يقدس العمل. وقد قيل في خلقة الجنة وخلقة الإنسان في سفر التكوين "أن كل شجر البرية لم يكن بعد في الأرض.. ولا كان إنسان ليعمل الأرض" ثم حين خلق الله الإنسان في جنة عدن قيل ليعملها ويحفظها" فالله خلق الإنسان ليعمل، وزوده بالمواهب والطاقات اللازمة ليعمل. بل هو يشترك مع الإنسان في العمل. "فليس الزارع شيء ولا الساقي شيء، الله الذي ينمي". والكنيسة تصلي "اشترك يا رب في العمل مع عبيدك في كل عمل صالح" أوشية المسافرين.
ولكن لاحظ أنه بعد أن يذكر الوحي أن الله زود بصلئيل بالمواهب ليعمل يشدد الكتاب على حفظ وصية السبت وذلك حتى لا ينكب الإنسان على العمل في الأرض وينسى السماء مكان الراحة الحقيقية فعليه أن يهتم بالعبادة في السبت ويذكر الله ويذكر أبديته فهو إن ربح العالم كله بالعمل وخسر أبديته وخسر نفسه فلن ينتفع شيئًا لذلك يقول كل من صنع عملًا في يوم السبت يقتل قتلًا (خر15:31) إذن علينا أن نعمل، والله يقدس العمل ويعطينا النجاح كما صنع مع يوسف، ولكن يجب أن تكون عيوننا على السماء. والله كما ملأ بصلئيل قادر أن يملأ الطبيب والعامل والطالب، فالعمل عمله. ولكن هناك من يستعمل مواهبه ووزناته في الخطية.
هنا نرى رمزًا واضحًا لقول القداس:
"هذا الذي من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم تجسد"
الشعب قدَّمَ المواد المستخدمة والروح القدس أعطى الموهبة لبصلئيل ليعمل الخيمة
والبشرية قدمت جسد العذراء والروح القدس حلَّ عليها ليتجسد ابن الله من بطنها
(إصحاح 32) هنا مرة أخرى يسقط الإنسان وينفصل عن الله فبينما نجد الله يخطط ليحل وسط شعبه ويكون مجدًا لهم وفي شركة معهم وسر إستنارتهم ويملأهم حكمة وبركة ويكون نورهم وفرحهم. نجد قصة سقوط آدم تتكرر ثانية. وكما سقط آدم فانفصل عن الله، سقط الشعب وإختار عبادة العجل الذهبي أي إله حسب قلوبهم وشهواتهم، فهم قاموا للأكل واللعب أي ممارسة شهواتهم. وهنا نرى فكر الله الصالح وفكر الإنسان الشرير الذي يقوده دائمًا للموت دون أن يدري أو وهو يعلم. والخطية تسببت في تكديرهم "اللعب = رقص خليع".
كيف شرح الوحي فكرة شفاعة المسيح الكفارية بعد خطية الإنسان وموته:
نلاحظ هنا أن موسى كليم الله هو رمز للمسيح كلمة الله، فحين عَرَّض الشعب نفسه للموت نجد الله يقول لموسى (خر 7:32) اذهب إنزل لأنه قد فسد شعبك. لو فهمنا أن القول لموسى فهذا يعني حزن الله حتى أنه لم يقل شعبي بل قال شعبك. ولو فهمنا أن موسى رمز للمسيح يكون المعنى أن الآب يقول للمسيح اذهب إنزل أي تجسد لأن شعبك فسد، فأعطه حياة حتى لا يموت. ومما يؤيد هذا الآية (30) في قول موسى "أصعد الآن إلى الرب لعلي أكفر خطيتكم" ولاحظ قول الله "أتركني ليحمي غضبي عليهم وأفنيهم فأصيرك شعبًا عظيمًا" لماذا يقول الله هذا وهل يغير الله قراره بعد شفاعة موسى؟ هنا الله يدفع موسى ليتشفع عن شعبه، هو يعلم قلبه ولكنه يريد أن يعلمه (ويعلمنا) أن يصلي عن شعبه (وأن نصلي لبعضنا البعض) وفي هذا درسين [1]قبول الله للشفاعة [2] لو فهمنا أن موسى هو رمز للمسيح، يكون المعنى أن الخطية جلبت الموت والفناء ولكن الله بواسطة عمل المسيح جعله شعبًا عظيمًا هو جسده (جسد المسيح هو شعبه).
(إصحاح 33) هنا نجد تناقضًا واضحًا أو فرقًا واضحًا بين موقف موسى القديس والشعب الساقط، نعرف منه نتيجة الخطية. فقد أقام موسى خيمته كخيمة اجتماع مصغرة خارج المحلة كأن الله لا يريد أن يقيم وسط هذا الشعب الخاطئ. هذه أكبر خسارة للشعب في مقابل تلذذه ببعض الرقصات الخليعة. وفي المقابل نجد أن موسى يكلم الرب وجهًا لوجه كما يكلم الرجل صاحبه. كانت هذه هي إرادة الله مع كل شعبه أولاد آدم ولكن كم هي بشعة الخطية.
ثم نجد طلب موسى أن يرى الله والله يقول له لا يراني الإنسان ويعيش لأن هناك خطية ولكن هناك طريقة أن يختبأ في الصخرة (المسيح) وهكذا حدث. فلن نرى مجد الله إلا بالمسيح ونحن ثابتين فيه "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم".
(إصحاح 34) نجد هنا وجه موسى يلمع فقد رأى جزء من مجد الله. وهنا يثور سؤال هل كان هذا وضع آدم قبل السقوط؟ احتمال أكيد أن تكون الإجابة نعم فالله أيضًا كان يكلمه في الجنة.
في تلخيص لما سبق نجد أن الله أراد وكان يخطط لأن يحل وسط شعبه مجدًا ونورًا وشركة لهم. ولكن الخطية منعت هذا بينما أن موسى لم يحرم من هذا المجد لقداسته.
(إصحاحات 35-40) هي إعادة لما سبق وصفه وشرحه في الإصحاحات السابقة التي وصفت بالإسهاب تفاصيل خيمة الاجتماع. ولكن لماذا التكرار؟ لا يوجد تكرار في الكتاب المقدس دونما داعٍ. وهنا كرر الوحي تفاصيل الخيمة كأنه يريد أن يقول أن خطة الله أن يسكن وسط شعبه مجدًا لهم، لن تعوقها الخطية. وكل ما أراده الله في محبته للإنسان سيتحقق تمامًا ولكننا نقف أمام آية واحدة "خذوا من عندكم تقدمة للرب كل من قلبه سموح فليأت بتقدمة الرب.." (خر 5:35). إذًا قصد الله سيتم لو كرسنا القلب لله، لو أطعنا الله طاعة كاملة اختيارية هذا معنى كلمة سموح. أيضًا لو قدمنا المرائي لله (انظر المرحضة). ومرة أخرى فموسى كممثل للمسيح نجده في (خر 35-40) يؤدي ما يريده الآب بينما في (خر 25-30) نرى إرادة الآب أن يحل وسط شعبه.
← تفاسير أصحاحات الخروج: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
خيمة الاجتماع |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
تفسير الخروج 25 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/s443ys3