St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   02-Sefr-El-Khoroug
 

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص أنطونيوس فكري

الخروج 33 - تفسير سفر الخروج

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب خروج:
تفسير سفر الخروج: مقدمة عن أسفار موسى الخمسة | مقدمة سفر الخروج | الخروج 1 | الخروج 2 | الخروج 3 | الخروج 4 | الخروج 5 | الخروج 6 | الخروج 7 | الخروج 8 | الخروج 9 | الخروج 10 | الخروج 11 | الخروج 12 | الخروج 13 | الخروج 14 | الخروج 15 | الخروج 16 | الخروج 17 | الخروج 18 | الخروج 19 | الخروج 20 | الخروج 21 | الخروج 22 | الخروج 23 | الخروج 24 | الخروج 25 | [الخط العام لإصحاح 25-40 | خيمة الاجتماع | مواد الخيمة | أطياب دهن المسحة | مواد البخور | الأرقام في الكتاب المقدس | أرقام خيمة الأجتماع] | الخروج 26 | الخروج 27 | الخروج 28 | الخروج 29 | الخروج 30 | الخروج 31 | الخروج 32 | الخروج 33 | الخروج 34 | الخروج 35 | الخروج 36 | الخروج 37 | الخروج 38 | الخروج 39 | الخروج 40

نص سفر الخروج: الخروج 1 | الخروج 2 | الخروج 3 | الخروج 4 | الخروج 5 | الخروج 6 | الخروج 7 | الخروج 8 | الخروج 9 | الخروج 10 | الخروج 11 | الخروج 12 | الخروج 13 | الخروج 14 | الخروج 15 | الخروج 16 | الخروج 17 | الخروج 18 | الخروج 19 | الخروج 20 | الخروج 21 | الخروج 22 | الخروج 23 | الخروج 24 | الخروج 25 | الخروج 26 | الخروج 27 | الخروج 28 | الخروج 29 | الخروج 30 | الخروج 31 | الخروج 32 | الخروج 33 | الخروج 34 | الخروج 35 | الخروج 36 | الخروج 37 | الخروج 38 | الخروج 39 | الخروج 40 | الخروج كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

هناك فكرة واضحة في هذا الإصحاح أن الخطية هي سبب حرماننا من التمتع بوجود الله في وسطنا ورؤيتنا له. فالله نار آكلة ووجود خطية فينا تكون كالوقود الذي يشتعل فيه غضب الله فيفنينا. ومن محبة الله أنه لم يعد يظهر أمامنا لئلا نموت. ولهذا نسمع هنا إن صعدت لحظة واحدة في وسطكم أفنيتكم (آية5) ولا تقدر أن ترى وجهي لأن الإنسان لا يراني ويعيش (آية 20).

ولكن هناك حل. فالله يريد أن يكون وسط شعبه والشعب لن يحتمل وجوده وسطهم، هذا ما حدث حين أراد الله أن يكلم الشعب فإرتعبوا راجع (خر9:19-19) بل أن موسى نفسه إرتعب (عب18:12-21). وراجع أيضًا (تث15:18-19) لنعرف الحل. فالمشكلة الآن أن الله يريد أن يكلم شعبه ويكون في وسطهم ولكنهم لن يحتملوا لذلك كان لا بُد من التجسد وهذا يتضح هنا "يقيم لك الرب إلهك نبيًا من وسطك من إخوتك.. وأجعل كلامي في فمه". ويظهر في (خر2:33) "وأنا أرسل أمامك ملاكًا.. " ويظهر في (خر21:33) "هوذا عندي مكان فتقف على الصخرة...." والصخرة هي المسيح (1كو4:10). والله يضعه في نقرة في الصخرة (آية22) والله يستره. وما هي هذه النقرة سوى جنب المسيح المطعون الذي خرج منه دمٌ وماء والدم يسترنا ويغطينا ويبررنا = يكفر عنا والماء مع الروح نولد منه ولادة جديدة في المعمودية. ولذلك فعلى الأرض الشهود ثلاثة هم الروح والماء والدم (1يو8:5). ومن هو في المسيح، والمسيح يقوده في الطريق، يطرد الله الشياطين من أمامه "وأطرد الكنعانيين والأموريين..." فهؤلاء رمز للشياطين .

وهناك درجات فنحن نرى موسى يكلم الله وجهًا لوجه في خيمته كما يكلم الرجل صاحبه. ويتحدث مع الرب ويطلب منه والرب يستجيب. حقًا كلما اقتربنا من الله وتخلينا عن العالم بإرادتنا يقترب الله منا فنتمتع بمجده. ولكن طالما نحن مازلنا في الجسد فلا تمتع بالأمجاد بصورة نهائية إلى أن نخلع هذا الجسد الترابي المائت "ويحيي أنا الإنسان الشقي من ينقذني من جسد هذا الموت" (رو24:7) "فإننا.. نئن مشتاقين أن نلبس فوقها مسكننا الذي من السماء" (2كو2:5) + "لي اشتهاء أن أنطلق" (في 1: 23).

 

الآيات (1-6): "وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «اذْهَبِ اصْعَدْ مِنْ هُنَا أَنْتَ وَالشَّعْبُ الَّذِي أَصْعَدْتَهُ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي حَلَفْتُ لإِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ قَائِلًا: لِنَسْلِكَ أُعْطِيهَا. وَأَنَا أُرْسِلُ أَمَامَكَ مَلاَكًا، وَأَطْرُدُ الْكَنْعَانِيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْحِثِّيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ. إِلَى أَرْضٍ تَفِيضُ لَبَنًا وَعَسَلًا. فَإِنِّي لاَ أَصْعَدُ فِي وَسَطِكَ لأَنَّكَ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ، لِئَلاَّ أُفْنِيَكَ فِي الطَّرِيقِ». فَلَمَّا سَمِعَ الشَّعْبُ هذَا الْكَلاَمَ السُّوءَ نَاحُوا وَلَمْ يَضَعْ أَحَدٌ زِينَتَهُ عَلَيْهِ. وَكَانَ الرَّبُّ قَدْ قَالَ لِمُوسَى: «قُلْ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: أَنْتُمْ شَعْبٌ صُلْبُ الرَّقَبَةِ. إِنْ صَعِدْتُ لَحْظَةً وَاحِدَةً فِي وَسَطِكُمْ أَفْنَيْتُكُمْ. وَلكِنِ الآنَ اخْلَعْ زِينَتَكَ عَنْكَ فَأَعْلَمَ مَاذَا أَصْنَعُ بِكَ». فَنَزَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ زِينَتَهُمْ مِنْ جَبَلِ حُورِيبَ."

قُبِلَت شفاعة موسى لذلك يأمره الله أن يتحرك صوب أرض الميعاد. لكن ما عاد الله وسطهم = فَإِنِّي لاَ أَصْعَدُ فِي وَسَطِكَ = لكن صارت خيمة موسى هي خيمة الإجتماع (آية 7). صار الله يجتمع ويتكلم مع موسى في خيمة موسى التي في خارج المحلة لغضبه على ما عمله الشعب. لقد خسروا بسبب الخطية كثيرًا، لكن قبلت شفاعة موسى ولم يرفضهم الله كشعب، ولكن في غضبه ما عاد يقول شعبي ولم يقبل أن يوجد في وسطهم، ولكن لأمانته ولأنه وعدهم بأرض الميعاد، سيرسل لهم ملاكا ليحميهم.

ولكن من الناحية الرمزية فلقد قبلت شفاعة المسيح. والكنيسة الآن كلها في حركة نحو السماء بقيادة رأسها المسيح ملاك العهد الجديد. والمسيح هو حامي كنيسته.

وكانت حماية الملاك لشعب إسرائيل في البرية من مقاومات الكنعانيين والأموريين، رمزًا لحماية المسيح لكنيسته من حروب الشياطين ضدها. بل أعطى المسيح لكنيسته السلطان أن تدوسه. وفي آية (4) نجد الشعب ينوح وهذا واجب شعب المسيح الآن أن يحيا في توبة مستمرة نائحًا على خطاياه. وَلكِنِ الآنَ اخْلَعْ زِينَتَكَ عَنْكَ فَأَعْلَمَ مَاذَا أَصْنَعُ بِكَ = الله يعطي رجاء لهم لو قدموا توبة، ويعلمهم ماذا يفعلوا ليقبل توبتهم. وكان وضع الزينة علامة فرح عند الشرقيين (أطواق وخلاخيل..) وخلع هذه علامة للحزن والمطلوب هو حياة توبة مستمرة وندم وحزن مقدس ليس بيأس بل برجاء فنحن مسافرين لأرض الميعاد.

 

St-Takla.org Image: Moses talking to the Lord in the mountain: "The Lord spoke to Moses face to face, as a man speaks to his friend" (Exodus 33: 11) - image 2 - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: موسى يتكلم مع الله: "ويكلم الرب موسى وجها لوجه، كما يكلم الرجل صاحبه" (الخروج 33: 11) - صورة 2 - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: Moses talking to the Lord in the mountain: "The Lord spoke to Moses face to face, as a man speaks to his friend" (Exodus 33: 11) - image 2 - Exodus, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: موسى يتكلم مع الله: "ويكلم الرب موسى وجها لوجه، كما يكلم الرجل صاحبه" (الخروج 33: 11) - صورة 2 - صور سفر الخروج، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

الآيات (7-11): "وَأَخَذَ مُوسَى الْخَيْمَةَ وَنَصَبَهَا لَهُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ، بَعِيدًا عَنِ الْمَحَلَّةِ، وَدَعَاهَا «خَيْمَةَ الاجْتِمَاعِ». فَكَانَ كُلُّ مَنْ يَطْلُبُ الرَّبَّ يَخْرُجُ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ الَّتِي خَارِجَ الْمَحَلَّةِ. وَكَانَ جَمِيعُ الشَّعْبِ إِذَا خَرَجَ مُوسَى إِلَى الْخَيْمَةِ يَقُومُونَ وَيَقِفُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ وَيَنْظُرُونَ وَرَاءَ مُوسَى حَتَّى يَدْخُلَ الْخَيْمَةَ. وَكَانَ عَمُودُ السَّحَابِ إِذَا دَخَلَ مُوسَى الْخَيْمَةَ، يَنْزِلُ وَيَقِفُ عِنْدَ بَابِ الْخَيْمَةِ. وَيَتَكَلَّمُ الرَّبُّ مَعَ مُوسَى. فَيَرَى جَمِيعُ الشَّعْبِ عَمُودَ السَّحَابِ، وَاقِفًا عِنْدَ بَابِ الْخَيْمَةِ، وَيَقُومُ كُلُّ الشَّعْبِ وَيَسْجُدُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي بَابِ خَيْمَتِهِ. وَيُكَلِّمُ الرَّبُّ مُوسَى وَجْهًا لِوَجْهٍ، كَمَا يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ. وَإِذَا رَجَعَ مُوسَى إِلَى الْمَحَلَّةِ كَانَ خَادِمُهُ يَشُوعُ بْنُ نُونَ الْغُلاَمُ، لاَ يَبْرَحُ مِنْ دَاخِلِ الْخَيْمَةِ."

فَكَانَ كُلُّ مَنْ يَطْلُبُ الرَّبَّ يَخْرُجُ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ = هكذا كل من يريد أن يسمع صوت الله عليه أن يعتزل أماكن الخطية ويذهب إلى مخدعه ليصلي ويكون مخدعه خيمة اجتماع بينه وبين الله. فكما رأينا، الله يريدنا أن نراه ويكون لنا اتصال معه ولكن علينا أن نذهب إليه ونطلب بجدية أن نسمع صوته.

وفي (8) كان الشعب ينظر وراء موسى وهو داخل لخيمته، وهنا أدركوا قدسية اللقاء مع الله وقدسية خدام الله. وفي دورة البخور يدور الكاهن داخل صحن الكنيسة والشعب يصلي ويقدم طلباته وينظر الشعب الكاهن داخلًا الهيكل يقدم هذه الطلبات أمام الهيكل عن الشعب. هذا ما يحدث هنا ففي قوله: يقوم كل الشعب ويسجدون نجد فيها تقديمهم لصلواتهم وخشوعهم أمام الله. ونرى تلمذة يشوع ومرافقته لموسى دائمًا فهو ملتصق به في تعاليمه وفي عبادته. بل هناك احتمال أنه إذا كان موسى في خارج الخيمة يُعَلِّم أو يقضي للشعب كان يشوع يصلي من أجله في الخيمة ، فهو كتلميذ لموسى من المؤكد أنه تعلم منه كيف هزم العماليق، فلم يكن هذا بسيف يشوع فقط إنما بصلاة موسى.

 

الآيات (12-17): "وَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «انْظُرْ. أَنْتَ قَائِلٌ لِي: أَصْعِدْ هذَا الشَّعْبَ، وَأَنْتَ لَمْ تُعَرِّفْنِي مَنْ تُرْسِلُ مَعِي. وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: عَرَفْتُكَ بِاسْمِكَ، وَوَجَدْتَ أَيْضًا نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ. فَالآنَ إِنْ كُنْتُ قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَعَلِّمْنِي طَرِيقَكَ حَتَّى أَعْرِفَكَ لِكَيْ أَجِدَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ. وَانْظُرْ أَنَّ هذِهِ الأُمَّةَ شَعْبُكَ». فَقَالَ: «وَجْهِي يَسِيرُ فَأُرِيحُكَ». فَقَالَ لَهُ: «إِنْ لَمْ يَسِرْ وَجْهُكَ فَلاَ تُصْعِدْنَا مِنْ ههُنَا، فَإِنَّهُ بِمَاذَا يُعْلَمُ أَنِّي وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ أَنَا وَشَعْبُكَ؟ أَلَيْسَ بِمَسِيرِكَ مَعَنَا؟ فَنَمْتَازَ أَنَا وَشَعْبُكَ عَنْ جَمِيعِ الشُّعُوبِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ». فَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: «هذَا الأَمْرُ أَيْضًا الَّذِي تَكَلَّمْتَ عَنْهُ أَفْعَلُهُ، لأَنَّكَ وَجَدْتَ نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ، وَعَرَفْتُكَ بِاسْمِكَ»."

 

في هذه الآيات نجد طلبتين لموسى:

الطلبة الأولى لموسى: علمني طريقك حتى أعرفك:

هنا موسى يريد أن يقول لله أنت أرسلتني مع هذا الشعب، وهذا الشعب هو شعبك وأنت قد اخترتني لهذا العمل فهل تتركني وحدي. أنت قلت عرفتك بإسمك في السبعينية "عرفتك فوق الكل". هي معرفة القبول والصداقة فالرب يعرف الذين هم له (2تي19:2) أما الذين يفعلون الشر يقول الله لهم لا أعرفكم (مت23:7).

وَأَنْتَ قَدْ قُلْتَ: عَرَفْتُكَ بِاسْمِكَ، وَوَجَدْتَ أَيْضًا نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ = الاسم في الفكر العبراني يشير للشخصية وإمكانياتها وصفاتها. وكون الله يقول لموسى عَرَفْتُكَ بِاسْمِكَ فهذا يعني أن الله فاحص القلوب والكلى يعرف ما في باطن قلب موسى ونقاوته ومحبته. لذلك يضيف الله وَوَجَدْتَ أَيْضًا (يا موسى) نِعْمَةً فِي عَيْنَيَّ = هذا هو موسى العظيم في الأنبياء الذي كان كصديق لله.

علمني طريقك لكي أعرفك= اسمح لي أن أعرف طريق معاملات حبك مع شعبك لكي أعرفك أنا أيضًا، فإذا عرفت طريقك الذي تريدني أن أسلك فيه ستنفتح عيني وأعرفك (طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" (مت5: 8)، كما عرفتني بإسمي فأنا أريد أن أعرفك ليس معرفة الفهم بل معرفة الحب والصداقة.

 

الطلبة الثانية: إن لم يَسِرْ وجهك فلا تصعدنا:

موسى هنا يقول لله لن نقبل عنك بديلًا ولن نستريح بدونك. ووجه الله هنا إشارة للأقنوم الثاني الذي تأنس وصار بيننا يقود حياتنا ويصعد بنا إلى أحضان الآب، فالمسيح ابن الله هو "صورة الله غير المنظور" (كو1 : 15) وهو "بهاء مجده ورسم جوهره" (عب1: 3). ولذلك قال المسيح لفيلبس "الذي رآني فقد رأى الآب" (يو14: 9). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وسير الله أمامنا يعطينا سلامًا حقيقيًا: الساكن في ستر العلي يستريح في ظل إله السماء: "اَلسَّاكِنُ فِي سِتْرِ الْعَلِيِّ، فِي ظِلِّ الْقَدِيرِ يَبِيتُ" (مز1:91).

 

الآيات (18-23): "فَقَالَ: «أَرِنِي مَجْدَكَ». فَقَالَ: «أُجِيزُ كُلَّ جُودَتِي قُدَّامَكَ. وَأُنَادِي بِاسْمِ الرَّبِّ قُدَّامَكَ. وَأَتَرَاءَفُ عَلَى مَنْ أَتَرَاءَفُ، وَأَرْحَمُ مَنْ أَرْحَمُ». وَقَالَ: «لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَرَى وَجْهِي، لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ». وَقَالَ الرَّبُّ: «هُوَذَا عِنْدِي مَكَانٌ، فَتَقِفُ عَلَى الصَّخْرَةِ. وَيَكُونُ مَتَى اجْتَازَ مَجْدِي، أَنِّي أَضَعُكَ فِي نُقْرَةٍ مِنَ الصَّخْرَةِ، وَأَسْتُرُكَ بِيَدِي حَتَّى أَجْتَازَ. ثُمَّ أَرْفَعُ يَدِي فَتَنْظُرُ وَرَائِي، وَأَمَّا وَجْهِي فَلاَ يُرَى»."

 

الطلبة الثالثة: أرني مجدك:

هنا نجد موسى الذي يطمع في عطايا الله اللانهائية. هو حين اشتعل قلبه بمحبة الله أراد أن يراه كما هو. وكان رد الرب أجيز كل جودتي قدامك= الله يريد ويشتاق أن يعلن مجده لنا ولكنه لا يفعل فنحن لن نحتمل. ولذلك هو يعلن مجده الآن بأن يعلن جوده وكرمه وعطاياه لكننا لا نستطيع أن نراه وإلا نموت لأننا مازلنا في جسد الخطية. وكأن بهذه الإجابة الله يريد أن يقول لموسى أنت سألت أمرًا لا تحتمله فاكتفي بأن تنظر جودي وإحساناتي وأعمال قوتي. والله يعلن نفسه داخل النفس قدر ما تستطيع أن ترى لكن جوهر لاهوته لا يقدر أحد أن يعاينه. وكان هذا هو سؤال فيلبس للمسيح "أرنا الآب وكفانا" فهو لم يفهم أنه لا يمكن رؤيته بالنظر. الطريق الوحيد لأن نعاين الله هو نقاوة القلب "طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون الله" ليس بالنظر ولكن بإعلانات الله لهم عن نفسه، كلٌ بقدر ما يحتمل.

لأَنَّ الإِنْسَانَ لاَ يَرَانِي وَيَعِيشُ = الله يود لو نرى مجده ونراه ولكنه لمحبته أخفى مجده عنا لئلا نموت. فبسبب الخطية ضعف الإنسان وما عاد يحتمل رؤية الله في مجده. وهناك مثل لتوضيح ذلك... لنفرض أن إنسانا قال للشمس أريد أن أتأمل فيك وأتطلع في نورك، فماذا سيكون رد الشمس؟... لا يمكنك لأنك لو فعلت سيصيبك العمى فأنت لن تحتمل بسبب ضعف أعصاب عينيك... يكفيك أن ترى حولك النور والعالم الذي أنيره بآشعتي وتلمس الدفء الذي أشعه والحياة التي أبعثها = أجيز كل جودتي قدامك... ولكنك لا تقدر أن تنظر مباشرة إليَّ.

لاحظ أن موسى طلب طلبين وكان هذا هو الثالث. فكل ما نعرف عن الله نشتاق أن نعرف أكثر.

أتراءف على مَنْ أتراءف= لاحظ أن الله قال أتراءف وأرحم ولم يقل وأهلك من أهلك. فهذه هي إرادة الله أن يرحم ويتراءف، الله يريد إظهار طبيعته الخيِّرة المحبة للبشر. ولكن شرور الإنسان تجعل الله يدين الخاطئ "أنا اختطفت لي قضية الموت" (القداس الغريغوري). قوله أتراءف وأرحم، هذه تشير لأن مراحم الله مجانية لا أحد يستحقها بل هو في نعمته يعطي لمن يريد. هي إرادته الحرة أن يعطي وهو يريد أن يعطي ولكن ما يحجز عطاياه هو مقدار احتمالنا. لذلك قال بعدها لا تقدر أن ترى وجهي. ثم يأتي الحديث عن الصخرة وهي تحدثنا عن التجسد والكفارة والتغطية حتى نكون مقبولين = أسترك بيدي = يد الله هو المسيح الذي تجسد لفدائنا وبدمه يغطينا ويسترنا فلا نموت. فتنظر ورائي= حين ننظر وجه إنسان نرى جماله ومجده ولكن حين يمر إنسان أمامنا ويعبر لا نرى سوى ظله. وهذا أقصى ما استطاع موسى احتماله وهذا جعل وجهه يلمع (خر 29:34). عمومًا فالمقصود من كلمة ورائي هو رؤيا غير واضحة على قدر احتمال موسى. أو لنقل أن مجد الله قد ظهر في المكان ثم اختفى ولكن كان هذا كافيا أن يلمع وجه موسى حتى بعد أن غادر مجد الله المكان. فوجود الله في المكان ترك أثار مجده في المكان. وهذا يمكن فهمه مما يحدث الآن، فلو جلس إنسان في مكان لعدة دقائق ثم غادر المكان يترك أثارا حرارية مكانه وتكون بحسب شكله، وعن طريق كاميرات حراية تعمل بالأشعة تحت الحمراء يأتون ويصورون المكان فتظهر صورة الشخص بعد أن غادر المكان .

 

تأمل في طلبات موسى

الطلبة الأولى :- علمني طريقك حتى أعرفك: ورد الله وجهي يسير أمامك.

الطلبة الثانية :- إن لم يسر وجهك فلا تصعدنا: ورد الله هذا الأمر أفعله.

الطلبة الثالثة :- أرني مجدك: ورد الله أجيز كل جودتي قدامك.

الطلبة الأولى:- أعرفك هي كلمة تعني الإتحاد، وراجع تفسير (مت11: 25 – 27) وإذا فهمنا أن الطريق هو المسيح (يو14: 6) فيصير معنى قول موسى هو تعبير عن رغبته في أن يتحد بالمسيح، وهذه المعرفة هي للحياة، فالله هو الحياة. وهذا معنى قول السيد المسيح "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو17: 3). وما الذي يُعوِّق هذا الإتحاد؟ أي اتجاه عكس إرادة الله يعوق الثبات والإتحاد بالله. لذلك يطلب موسى من الله علمني طريقك = أي علمني طريق الثبات في طريقك فيقودني للحياة. ورد الله وجهي يسير أمامك وهذا يعني أنني سأرسل المسيح ليقودكم للحياة ، فهذه إرادتي نحو البشر، أما بالنسبة لكم الآن في سيناء فالله كان يقودهم بسحابة إشارة لقيادة الروح القدس، ويقول بولس الرسول والصخرة تابعتهم والصخرة كانت المسيح (1كو10: 4).

الطلبة الثانية:- إن لم يسر وجهك فلا تصعدنا ونفهم أن وجه الله هو المسيح ففيه رأينا الله " الذي رآني فقد رأى الآب" (يو14: 9). فهذه الطلبة هي إشتياق لمجيء المسيح، فمن المؤكد أن موسى في إشتياق لأرض الميعاد فقوله فلا تصعدنا لا يعني به المعنى المباشر بل هو إشتياق لظهور وجه الله المسيح الذي يقود المسيرة إلى كنعان السماوية ، فهو الطريق وبدونه لا نقدر أن نفعل شيئًا (يو14: 6 + 15: 5) وكان رد الله هذا الأمر أفعله فهذه خطة الآب الأزلية ليحيا الإنسان أبديًا في فرح ومجد.

الطلبة الثالثة:- أرني مجدك هذا هو إشتياق بولس الرسول " لي إشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ..." وهناك في السماء سنعرفه وسنراه كما هو في مجده (فى1: 21 + 1يو3: 2 + 1كو 13: 12). ولأن هذا لا يمكن الآن، فعلينا أن ننتظر ونفرح بوعد الله وأعمال عناية الله أجيز كل جودتي قدامك فالمسيح بعد أن تمم فداءه أرسل الروح القدس ليسكن فينا ويثبتنا في المسيح ويقودنا في الطريق، والأسرار الكنسية عطية من الله . ويكفينا الآن أن نتأمل في أعمال الله حولنا، في خليقته وجمالها، في رعايته لكل الخليقة، في أعمال عنايته بنا، كم من المرات أنقذنا، وكم من مرة كنا نستحق الموت بسبب خطايانا، وكم من مرات إستحققنا التأديب وكان يغفر، ولنتأمل أيضًا في قدراته ونرى علامات غضبه من زلازل وفيضانات ونرى كم من مرة لم يسمح أن تصبنا هذه وكنا نستحق أن نُضرَب بها كما ضرب الله غيرنا بها... = أجيز كل جودتي قدامك والروح القدس يساعدنا ويفتح أعيننا على أعمال محبة الله فنسبحه، وذلك حتى نخلع خيمة جسدنا وننطلق. وحينئذ نقول مع أيوب البار "وبعد أن يفنى جلدي هذا وبدون جسدي أرى الله" (أى19: 26).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات الخروج: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/02-Sefr-El-Khoroug/Tafseer-Sefr-El-Khroug__01-Chapter-33.html

تقصير الرابط:
tak.la/9f9zxgn