مَنْ كان يصدق أن هذه الخيمة البسيطة المسقوفة بجلود تخس وشعر معزى المقامة على عصى وأوتدة، المحمولة على الظهور والأكتاف تحوي في ظاهرها وفي باطنها سر الكنيسة وخلاص العالم.
وفي الواقع لن تستطيع فهم كل ما يخص الخيمة التي صنعت لتكون مثال للسماويات وهذا ما قاله بولس الرسول (عب5:9) وموسى نفسه احتاج أن يرى نموذج ليفهم بالرغم من وضوح التفاصيل.
أقيمت الخيمة في اليوم الأول من السنة الثانية من خروجهم. واشتغل الصناع في عملها 9 أشهر وتم تدشينها بعد ذلك. وكانت تنصب مدة السفر في البرية وسط المحلة وتحيط بها خيام الكهنة واللاويين على شكل صليب صغير ثم خيام بقية الأسباط حواليهم على شكل صليب كبير (عد2:2-34 + 38:3) فالله تصالح مع شعبه وحل بينهم عن طريق صليبه.
[ملحوظة على الرسم: الرسم غير مهتم بالشمال الجغرافي، وإنما باتجاه مسيرة شعب إسرائيل نحو ارض الميعاد. وكان يهوذا هو المتقدم، لكن الخيمة كانت متجهة للغرب إعلانا عن أن الإنسان بالخطية ترك الجنة الموجودة في الشرق (تك 2: 8) وبالخطية أعطى لله القفا لا الوجه (ار 2: 27). وبعد الفداء صرنا نصلي ناحية الشرق ثانية تعبيرا عن اشتياقنا لمجيء المسيح الثاني الذي يأتي من الشرق فهو شمس البر (ملاخي 4: 2)]. ونجد يهوذا يتقدم المسيرة نحو الشرق؛ فهو السبط الذي خرج منه المسيح الذي يتقدم كنيسته في رحلتها للسماء. فهو سابق لأجلنا (عب 6: 20) حيث دخل المسيح بجسده للسماء ليعد لنا مكانا.
كانت الخيمة تنظر للغرب أعلانًا أن الإنسان بالخطية أدار وجهه عكس الشرق مكان الجنة.
وفي اليوم الذي أكملت فيه الخيمة أظهر الله ذاته في سحابة غطتها وملأتها. وبعد ذلك كانت السحابة تسير أمامهم في رحلاتهم. وإذا وقف العمود فوق الخيمة ينزل الشعب وإذا انتقل نقلت الخيمة وتبع الجمهور السحابة. وفي الليل تتحول السحابة لعمود نار يسير أمامهم. ومن أعجب ما حدث حين تابع فرعون الشعب دخل عمود السحاب بين جيش فرعون والسحاب فكان بالنسبة لفرعون وجنوده ضباب وظلام وكان بالنسبة لشعب الرب نارًا من الجهة الأخرى، تضيء بالليل لهم (خر19:14، 20 + 35:40-38 + عد15:9-23).
في حركتهم كان الشعب كله يتحرك نحو أرض الميعاد أي إلى الشرق. كما نصلي نحن الآن نحو الشرق منتظرين مجيء المسيح شمس البر. نحيا بهذه الروح متحركين تجاه السماء متوقعين مجيئه قائلين "آمين تعال أيها الرب يسوع". وكانت حركتهم والتابوت في وسطهم، الله في وسطهم والله أمامهم يقود المسيرة. هذه هي حركة الكنيسة الآن والجسد والدم في وسطها والروح القدس يملأها ويقودها. وهذا هو إحساس الكنيسة ونحن نصلي القداس أن هناك شركة بين الأرضيين والسمائيين، هي كنيسة واحدة، جسد واحد يجمعه جسد المسيح ودمه.
↑
الحركة نحو الشرق
عمود السحاب
|الله يقود شعبه|
يهوذا ويساكر وزبولون
بني جرشون يحملون باب الخيمة وباب القدس والأغطية
بنو مراري يحملون ألواح القدس والعوارض وأعمدة السور
رأوبين وشمعون وجاد
بنو قهات يحملون التابوت
|
بعد مدة الأربعين سنة في البرية استقرت الخيمة في الجلجال ثم نُقِلَت لشيلوه (يش19:4 + يش1:18) وبقيت هناك ما بين 300-400 سنة ثم نُقِلَت إلى نوب (1صم1:21-9) وفي أيام داود نُقِلَت إلى جبعون (1أي29:21) وكانت هناك في بدء حكم سليمان (2أي13:3) حتى بَنَى الهيكل على نمطها.
لاحظ أن الخيمة عبرت نهر الأردن أي نهر الموت بعد أن انتظروا 3 أيام (إشارة لدفن المسيح 3 أيام) ثم خرجت الخيمة من النهر كما قام المسيح في ثالث يوم بعد أن شق الموت (النهر).
الخيمة تشير للغربة والارتحال في البرية والهيكل يشير للاستقرار النهائي لذلك يقول معلمنا بولس الرسول في (2 كو 5: 1) "إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ" فبينما الخيمة تشير للجسد الذي نحيا به على الأرض الآن وهذا ينتهي بالموت (نقض) يشير البيت أو الهيكل للجسد الذي نقوم به من الأموات على شكل جسد الرب الذي قام به. لذلك فبينما نجد تفاصيل كثيرة ودقيقة لكل شيء في الخيمة نجد تفاصيل مبهمة وغامضة عن الهيكل فالخيمة تشير للكنيسة الآن على الأرض والهيكل يشير للكنيسة في السماء، وهذه لا نعرف عنها الكثير. ولذلك أيضًا فقد كانت أرضية الخيمة من رمال الصحراء كانت أرضيات الهيكل ذهب، وفي هذا فهو يشبه أورشليم السماوية (رؤ18:21). أما أن أرضية الهيكل ذهب فهذا يشير للمجد السماوي وكون أرضية الخيمة تراب فلكي يذكر كل من يدخلها أنه مازال على الأرض. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهذا يفهم من (عد17:5). ولذلك حين وُضِعَ التابوت في الهيكل جذبت عصوا التابوت رمز الاستقرار مع العلم بأن العصوين ما كان أحد يحركهم طوال ارتحال الخيمة مع الشعب تعبيرًا عن ارتحال الله مع شعبه في تنقلاتهم وحروبهم (راجع مز8:135) وراجع أيضًا (رؤ15:11-19)
راجع (1مل6:8-8) في موضوع جذب العصي إشارة للراحة.
ولنتصور الآن وضع من يدخل الخيمة وينظر حوله ليرى الذهب والشقق من فوق وينظر لأسفل فيرى التراب. هذا تصوير لكل من يتأمل السماويات وهو داخل الكنيسة فيشتاق قلبه لذلك اليوم الذي يرى فيه الذهب تحت قدميه في السماء.
1- من حيث كونها خيمة
قلنا أن الخيمة تشير لجسدنا الحالي الذي به نعيش في هذا العالم في أيام غربتنا على الأرض. وتشير الخيمة كما قلنا لجسد المسيح الذي حل به وسطنا، لذلك ففي إنجيل معلمنا يوحنا يقول "والكلمة صار جسدًا وحل(1) بيننا" لذلك تأتي كلمة حل بمعنى أتخذ له خيمة وخيَّم به وسطنا، أي صارت له خيمة كخيامنا. وبعد ما قام المسيح من الأموات أتخذ جسدًا نورانيًا ممجدًا سنقوم نحن على صورته أيضًا.
والكتاب تكلم عن جسد المسيح باعتباره هيكل (يو19:2-22). وهنا هيكل تأتي بمعنى الخيمة أي قابل للنقض والهدم بدليل قوله "انقضوا هذا الهيكل" أما الجسد الذي قام به من الأموات فهو غير قابل للنقض مرة أخرى. ولأن الكنيسة ككل والمؤمن كفرد هم جسد المسيح قيل "أنتم هيكل الله" (1كو16:3، 17).
2- هي خيمة للاجتماع
راجع (أم23:8-31) نجده وقد لخصه معلمنا يوحنا في قوله "في البدء كان الكلمة.. به كان كل شيء" (يو1:1-4). وبينما كان الابن موضع لذة الآب "كنت كل يومٍ لذته" فالآب يحب الابن والابن يحب الآب، كان الآب أيضًا في محبته يعد العدة ليخلق الإنسان، وكان يهيئ السموات والأرض حتى يأتي الإنسان فيجد كل شيء معدًا (تك1، 2) وهذا لخصته الآية (أم31:8) ولذاتي مع بني آدم.
وبعد أن خلق الله آدم نجده يتكلم مع آدم ويبحث عن راحته ويأتي له بحيوانات البرية ليرى ماذا يدعوها حتى بعد السقوط نجد الرب ماشيًا في الجنة عند هبوب ريح النهار. الله كان يجد لذته في أن يأتي كل يوم ويجتمع بآدم ويتكلم معه ويشترك معه في العمل. وكم كانت قاسية على الله هذه المرة الأخيرة حين أتى ليتكلم مع آدم فوجده يهرب ويختبئ منه.
1. بل نجد الله في محبته يأتي ليكلم قايين بعد أن خالفه وقدم من ثمار الأرض وبدأ ينمو في قلبه إحساس الغضب تجاه أخيه، نجد الله يأتي لقايين محذرًا ثم يأتي له بعد أن قتل أخوه ليدفعه للاعتراف والتوبة.
2. ونجد الله بعد ذلك يأتي لإبراهيم ويأكل معه ولا يخفي عليه شيئًا فهو صديقه.
3. ثم يطلب من موسى أن يقيم خيمة ليجتمع مع شعبه ويقيم في وسطهم.
4. ثم يطلب بناء هيكل في أورشليم وحين ينهدم هذا الهيكل إبان فترة السبي يطلب أن يقام هيكلًا ثانيًا.
5. كل هذا كان رمز لحلوله بالجسد وسطنا بهيكل جسده.
6. ثم أتى الروح القدس وسكن في الكنيسة في كل شخص. والروح القدس يأتي ويسكن في هدوء. لذلك يشدد الله على أن لا يُسمع صوت منحت ولا معول في الهيكل (1مل7:6). على أن هناك تأمل آخر فأحجار الهيكل هي المؤمنين (1بط5:2) وهي تُعِّد الإنسان بالتجارب هنا على الأرض (المعاول) فكانت الأحجار تنحت في الجبل بعيدًا عن الهيكل. أما الهيكل فلا توجد فيه معاول ولا نحت رمزًا لأن السماء بلا ألم أو تجارب.
7. ثم نسمع عن أورشليم السماوية وأنها مسكن الله مع الناس (رؤ3:21) إذًا فالله يريد هذا منذ البدء أن يسكن ويقيم وسطنا ونحن الذين نطرده من وسطنا ويعود ويقرع ويدخل ثم نطرده ثانية وهو لا يكل ولا ييأس فهو يحب البشر. ويا ليتنا نعرف أن الخطية هي التي تطرده خارجًا فلا شركة للنور مع الظلمة.
8. والله قطعًا لا يريد أن يسكن في مباني حجرية بل في قلوبنا وهو الذي يقول يا ابني اعطني قلبك. وهو القائل "في الموضع المرتفع المقدس أسكن ومع المنسحق والمتواضع الروح (أش15:57). هذه القلوب هي التي تفرح الله حقيقة وليس الذهب والفضة والستائر الملونة.
خيمة الاجتماع = خيمة إشارة لجسد المسيح الذي تجسد ليجتمع بنا، ويوحدنا فيه.
1. المفديين بدم الخروف.
2. المؤمنين بفاعلية هذا الدم. فمن لم يرش خيمته بالدم مات بكره.
3. القديسين "قدس لي كل بكر" (خر 2:13 + 1كو20:6) إذًا علينا أن نتقدس فقد اشترانا الله (ومعنى كلمة نتقدس أي نتخصص ونتكرس لله).
4. نترك أرض مصر، أرض العبودية ويكون لنا العالم أرض برية وأرض غربة والله سيكون لنا عمودًا من سحاب وعمودًا من نار هو يقودنا وينصرنا حتى لو لاحقتنا جيوش الأبالسة (فرعون) فهو سيحمينا ويخلصنا ويغرقهم.
5. الذين اجتازوا البحر، أي المعمودية. والمعمودية هي موت وقيامة مع المسيح أي علينا أن نحيا كأموات عن الخطية فنختبر قوة قيامة المسيح فينا.
6. في حالة حركة مستمرة نحو أرض الميعاد ناظرين ناحية الشرق متوقعين ظهور المسيح بفرح كل حين "إن كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق.. (كو3: 1).
7. نحيا حياة التسبيح مع مريم، مسبحين كل حين وشاكرين الرب على عمله معنا.
8. نحيا على المن، مشتركين دائمًا في مائدة الرب.
9. لا نفكر في الغد وما يحمله لنا المستقبل من مفاجآت وراجع قول موسى "ثيابك لم تبلَ عليك ورجلك لم تتورم هذه الأربعين سنة" (تث4:8) فمن يدبر السمويات لن يصعب عليه تدبير أمور الأرضيات.
10. حفظ الوصايا "اللوحين".
11. حتى لو حدثت خطية مثل "العجل الذهبي" فالله يقبل التوبة.
12. أن نعمل في العالم بما أعطاه الله لنا من مواهب وطاقات وعيوننا على السماء ونعطي الرب حقه من العبادة، وهذه العبادة لا يحتاجها الله فهو لا يحتاج لعبوديتي، بل أنا المحتاج لربوبيته، العبادة تعطيني أن لا أنفصل عن السماء فأصير أرضي ترابي مائت. وعلينا أن نجاهد في هذه العبادة ما دمنا على هذه الأرض.
(القداس الباسيلي)
كيف تم التعبير عن هذا في خيمة الاجتماع؟
لاحظ في (خر5:35) كل من قلبه سموح فليأت بتقدمة الرب ذهبًا وفضة..
(خر5:35) خذوا من عندكم تقدمة للرب.
(خر8:25) فيصنعون لي مقدسًا لأسكن في وسطهم.
(خر9:25) بحسب جميع ما أنا أريك من مثال المسكن.
(خر3:31، 5) وملأته من روح الله بالحكمة.. ليعمل في كل صنعة
من هذه الآيات نجد أن البشر هم الذين قدموا مواد صناعة الخيمة. والبشرية قدمت في شخص العذراء المستودع الذي تجسد منه الرب يسوع. والقلب السموح هنا هو قلب العذراء وأحشائها الطاهرة التي استسلمت لمشيئة الرب "ها أنا أمة الرب ليكن لي كقولك" إذًا هذه هي تقدمة البشرية.
ثم يأتي دور بصلئيل المملوء من روح الله، هذا الصانع الماهر الذي جَسَّم الخيمة، هو إشارة للصانع الماهر (الروح القدس) الذي جسد المسيح في بطن العذراء.
وكانت الخيمة بحسب مثال المسكن. وهذا ما رأيناه في المسيح "من رآني فقد رأى الآب" ورأينا مجده مجدًا كما لوحيد من الآب (يو14:1). الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر (يو18:1). أنا مجدتك على الأرض (يو4:17) فالمسيح هو بهاء مجد الله ورسم جوهره (عب3:1).
1. نجد في المجموعة الأولى (خر 25 - 30) أن الكتاب يذكر التابوت والمائدة والمنارة قبل ذكر الشقق والألواح. والعكس في المجموعة الثانية (خر 35 – 40). وما بينهم خطية الشعب (إصحاح 32) . والمعنى أن الله كان يريد أن يعلن نفسه ويحل وسط شعبه، ويكون سر إستنارتهم ويكون في شركة معهم لذلك بدأت (إصحاحات 25 – 30) بذكر التابوت والمائدة والمنارة أولًا. لكن الخطية منعت هذا (إصحاح 32). ولكن في (الإصحاحات 35 – 40) نرى المسيح (ورمزه الشقق) قد جاء ليغطينا فنصبح مقبولين فيه. الآب يراه هو ولا يرانا، أو هو يرانا فيه. إذًا المعنى أننا في المسيح سنحصل على ما كان لنا من قبل. لذلك نجد أن المجموعة الثانية
تبدأ بذكر الشقق والعوارض رمز التجسد وأننا صرنا في المسيح، ثم يأتي ذكر التابوت والمائدة والمنارة، وهذه الثلاثة تشير لإرادة الله أن يكون في وسطنا (التابوت) ويدخل معنا في شركة (المائدة) ويعطينا إستنارة بالروح القدس (المنارة). ولتكمل الصورة نجد الله يقبل شفاعة موسى (خر 32: 7 – 14).2. في المجموعة الثانية تقدم مذبح البخور في ترتيب ذكره على مذبح المحرقة والسبب أيضًا أن مذبح البخور يشير لشفاعة المسيح الكفارية المستمرة عنا فبالرغم من أن المسيح قدم نفسه على الصليب مرة (مذبح المحرقة) إلا أننا بسبب خطايانا المستمرة نحن في احتياج مستمر لشفاعته الكفارية، وظهوره المستمر عنا أمام الآب لنظل مقبولين أمام الآب.
3. يبدأ بتابوت العهد رمزا لعرش الله الذي يجلس عليه كسيد للأرض كلها يحكمها ويضبطها ثم يأتي ذكر المائدة والمنارة ، فبالمائدة يعلن إرادته في الشركة مع البشر، وبالمنارة يعلن إرادته في أن تستنير عيوننا فنراه ونعرفه. ثم يأتي ذكر مذبح المحرقة حيث يتقابل الله مع الخاطئ على أساس دم المسيح. إذًا الله على عرشه وراء الحجاب يظهر أنه في عدله وحقه وقداسته لا يمكن أن يتقابل مع الخاطئ. ولكن هناك طريق هو مذبح المحرقة حيث يتقابل معه وفي مذبح المحرقة يقال "الرحمة والحق تلاقيا. البر والسلام تلاثما" (مز10:85). ولكن كون أن الله يعلن عن مذبح المحرقة في المجموعة الأولى فهذا يدل على أن فكرة الفداء كانت في خطة الآب أزليا، وأعلنها صراحة حينما قال للحية "هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه".
وكما قلنا سابقًا فالمائدة والمنارة يأتيان بعد التابوت مباشرة ففيهما يعلن الله رغبته ومحبته للبشر. بعد ذلك يأتي مذبح البخور ونرى فيه شفاعة المسيح الكفارية المستمرة عن الخطاة، هو رئيس كهنتنا الحقيقي، الذي يشفع فينا بدم ذبيحته. لذلك يأتي ذكر الكهنة وملابسهم وتكريسهم وسط المذبحين (مذبح المحرقة ومذبح البخور) ليقدم لنا المسيح رئيس كهنتنا الذي يشفع فينا. فبينما مذبح المحرقة يركز على ذبيحة المسيح الكفارية على الصليب، يركز مذبح البخور على شفاعة المسيح الدائمة عنا أمام الآب (عب9: 12، 24). والشفاعة مؤسسة على الذبيحة. وأخيرًا تأتي المرحضة التي تمثل هنا عمل الروح القدس في تطهيرنا من خطايانا باستمرار، وغفران خطايانا وتطهيرنا بدم المسيح (رؤ14:7) خلال الأسرار الكنسية. هنا نرى المسيح كرئيس كهنة يقترب بنا للآب.
إننا نحاول أن نتأمل في هذه الخيمة العجيبة لنفهم ولكننا بقدر ما نحاول نجد أننا غير قادرين أن نرى الحقيقة بوضوح كمن لا يستطيع أن ينظر لنور الشمس ولكن هي إرادة الله أن نحاول وهو في محبته يكشف لنا كل يوم أسرار محبته العجيبة لنا.
خيمة الاجتماع: لأن الله يجتمع فيها مع شعبه (خر7:33) ليؤكد رعايته للشعب وحفظه لعهده معهم ولذته في أن يجتمع بهم ويقيم بينهم.
بيت الرب: (خر26:34 + يش24:6). إذًا هو ليس مجرد موضع لقاء لكنه المكان الذي يقدمه الشعب لله كتقدمة، فيتقبله الله الذي لا يسكن في بيوت ويجعله مكانًا له. ومن ثم فحين يدخل أولاده فيه يكونون كمن يدخلون السماوات مسكن الله.
المسكن: (خر1:26) فالله كان سيسكن وسطهم. وكان هذا قصد الله أن يشعر الشعب بأنه في وسطهم وبأن حضوره مقدس. وفي تقديم الذبائح باستمرار يشعرون أنهم لا يمكن أن يقتربوا إلا بدم الذبائح ووساطة رئيس الكهنة. ويطلق المسكن على القدس وقدس الأقداس (شاملة الألواح والشقق) وتطلق الخيمة على شقق شعر الماعز وأغطية جلود الكباش وأغطية التخس.
مسكن الشهادة: (خر21:38) أو خيمة الشهادة (أع44:7) ففيها تابوت العهد الذي يحوي لوحي الشهادة داخله إعلانًا عن الحق الذي في الله. وكسر لوحي الشهادة دليل على أن الإنسان لم يستطع أن يحافظ على الحق. وقد يكون كسر موسى للوحي الشهادة ضيقًا منه، من الشعب الذي كسر الوصية أو حتى لا تشهد هذه الألواح على الشعب. ولكن الله يعود ويصنع لوحا شهادة جديدان. وكما كسر الإنسان جسده بالخطية وإنشق عن الله ومات، صنع له الله جسدًا جديدًا. إذًا الخيمة هي شهادة عملية للعهد الذي أقامه الله مع شعبه. أنه سيحل في وسطهم. وهذه الألواح نقشها بإصبعه على لوحي الشهادة. وإذا فهمنا أن إصبع الله إشارة للروح القدس وأن نحت اللوحين هو عمل موسى نعود مرة أخرى لمفهوم أن هناك تقدمة من البشر وعمل للروح القدس. قبل فداء المسيح كانت قلوبنا حجرية فاستلزمت ألواح حجرية تنقش عليها الوصايا. وبعد الفداء وحلول الروح القدس حول الروح القدس قلوبنا الحجرية التي قدمناها له إلى قلوب لحمية بأن سكب محبة الله فيها، وبهذا نقشت الوصايا على قلوبنا اللحمية بالروح القدس. (حز19:11 + أر33:31 + يو23:14 + رو5:5).
بيت الغطاء : هو غطاء تابوت العهد. ويمثل عرش الله. ويرش عليه دم الكفارة، فيغفر الله.
تقدمات المسكن
(خر2:25) من كل من يحثه قلبه تأخذون تقدمتي.
(خر5:35) كل من قلبه سمح أي بقدر ما تسمح محبتهم تأخذون هذه المواد.
هذه المواد التي نساهم بها في المبنى الذي سيصير في ملكية الله وفيه يجتمع الله بنا.
ونلاحظ أن هذه الخيمة الصغيرة تكلفت ملايين عديدة فكمية الذهب فيها ضخمة هذا عدا الفضة وباقي المواد. ولكن هذا لأنها ترمز لشخص المسيح الذي لا يقدر بمال. وأنها لكرامة أن نشترك في بناء بيت الرب، وأنه لعار أن لا نشترك. إن عشنا بالتقوى أي أعطينا القلب للرب فهو سيجد له مسكنًا، وإن عشنا في عدم تقوى وبغير أمانة لن يجد الرب مكانًا يسكن فيه. والآن لنضع عيوننا على اليوم الأخير...هل سيجد الله له مكان في قلبي؟ هل حين يأتي المسيح سيجد هذا القلب له، أم أن رئيس هذا العالم يكون محتلًا للقلب، وبذلك أحرم من يسوع الملك الحقيقي. إن وجد الشيطان مكانًا له يمتلكه داخلي سيطالب به. أما الرب فلو وجد القلب له فهو يدافع عنه ويعطيه نصيبًا وميراثًا سماويًا. لذلك قال المسيح الذي كان بلا خطية "رئيس هذا العالم يأتي وليس له فيَّ شيء".
من أين حصل الشعب على كل هذه المعادن:
1. هم وارثي إبراهيم وإسحق ويعقوب الأغنياء (تك 2:13؛ 35:24).
2. من المصريين (خر2:11، 3 + 35:12، 36) وهذا تطبيقًا للنبوة (تك14:15).
3. من عماليق (خر13:17).
ولنلاحظ أن المصريين وعماليق قد أعطاهم الله، لكنهم أساءوا استعمال عطاياه فأخذت منهم "من له سيعطَى ويزاد ومن ليس له فالذي عنده سيؤخذ منه" (مت12:13). أما الشعب الذي قدم مما عنده فأخذ ما لا يقدر بثمن. لقد أخذ إقامة الله في وسطه. وقارن مع (يو23:14) "إن أحبني أحد يحفظ كلامي ويحبه أبي وإليه نأتي وعنده نصنع منزلًا" إذًا من يعطي القلب لله ويحبه سيتحول هذا القلب لمنزل لله.
_____
(1) لاحظ أن كلمة المحلة تُتَرْجَم "المعسكر" أو "المُخَيَّم".
← تفاسير أصحاحات الخروج: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
مواد خيمة الاجتماع |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
الخط العام لإصحاحات
25-40 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hkxh9g6