محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
متي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
آيات (مت 12: 1-8):- + (مر 23:2-28) + (لو 1:6-5):-
(مت 12: 1-8):-
فِي ذلِكَ الْوَقْتِ ذَهَبَ يَسُوعُ فِي السَّبْتِ بَيْنَ الزُّرُوعِ، فَجَاعَ تَلاَمِيذُهُ وَابْتَدَأُوا يَقْطِفُونَ سَنَابِلَ وَيَأْكُلُونَ. فَالْفَرِّيسِيُّونَ لَمَّا نَظَرُوا قَالُوا لَهُ: «هُوَذَا تَلاَمِيذُكَ يَفْعَلُونَ مَا لاَ يَحِلُّ فِعْلُهُ فِي السَّبْتِ!» فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ حِينَ جَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ مَعَهُ؟ كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ وَأَكَلَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذِي لَمْ يَحِلَّ أَكْلُهُ لَهُ وَلاَ لِلَّذِينَ مَعَهُ، بَلْ لِلْكَهَنَةِ فَقَطْ. أَوَ مَا قَرَأْتُمْ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ الْكَهَنَةَ فِي السَّبْتِ فِي الْهَيْكَلِ يُدَنِّسُونَ السَّبْتَ وَهُمْ أَبْرِيَاءُ؟ وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ ههُنَا أَعْظَمَ مِنَ الْهَيْكَلِ! فَلَوْ عَلِمْتُمْ مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً، لَمَا حَكَمْتُمْ عَلَى الأَبْرِيَاءِ! فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا.
وَاجْتَازَ فِي السَّبْتِ بَيْنَ الزُّرُوعِ، فَابْتَدَأَ تَلاَمِيذُهُ يَقْطِفُونَ السَّنَابِلَ وَهُمْ سَائِرُونَ. فَقَالَ لَهُ الْفَرِّيسِيُّونَ: «انْظُرْ! لِمَاذَا يَفْعَلُونَ فِي السَّبْتِ مَا لاَ يَحِلُّ؟» فَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ قَطُّ مَا فَعَلَهُ دَاوُدُ حِينَ احْتَاجَ وَجَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ مَعَهُ؟ كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ فِي أَيَّامِ أَبِيَأَثَارَ رَئِيسِ الْكَهَنَةِ، وَأَكَلَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ الَّذِي لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ إِلاَّ لِلْكَهَنَةِ، وَأَعْطَى الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَيْضًا». ثُمَّ قَالَ لَهُمُ: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْتِ. إِذًا ابْنُ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا».
وَفِي السَّبْتِ الثَّانِي بَعْدَ الأَوَّلِ اجْتَازَ بَيْنَ الزُّرُوعِ. وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَقْطِفُونَ السَّنَابِلَ وَيَأْكُلُونَ وَهُمْ يَفْرُكُونَهَا بِأَيْدِيهِمْ. فَقَالَ لَهُمْ قَوْمٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ: «لِمَاذَا تَفْعَلُونَ مَا لاَ يَحِلُّ فِعْلُهُ فِي السُّبُوتِ؟» فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «أَمَا قَرَأْتُمْ وَلاَ هذَا الَّذِي فَعَلَهُ دَاوُدُ، حِينَ جَاعَ هُوَ وَالَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ؟ كَيْفَ دَخَلَ بَيْتَ اللهِ وَأَخَذَ خُبْزَ التَّقْدِمَةِ وَأَكَلَ، وَأَعْطَى الَّذِينَ مَعَهُ أَيْضًا، الَّذِي لاَ يَحِلُّ أَكْلُهُ إِلاَّ لِلْكَهَنَةِ فَقَطْ» وَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ هُوَ رَبُّ السَّبْتِ أَيْضًا».
بمقارنة ما حدث في لوقا مع ما قيل في متى نجد أن اليهود لاموا التلاميذ أولًا ثم شكوهم للمسيح. ونلاحظ الآتي في هذه القصة:-
1- فقر التلاميذ، إذ يأكلون سنابل وكانت هذه عادة يهودية أن يفركوا السنابل الطرية الناضجة وينفخون القش ويأكلون الحب. ولقد سمحت الشريعة بقطف سنابل الغير أو عنب الغير في حالة الجوع (تث 24:23-25) ولكن لا يكون هذا في وعاء أو باستعمال منجل والاّ صار كسرقة للغير واستغلال للمحبة.
2- متابعة التلاميذ المستمرة للمعلم فهو لا يهدأ في خدمته، وهم ملتصقون به دائمًا محبة فيه، لا يبحثون عن طعام بل يأكلوا سنابل نيئة. وواضح أن السيد أراد أن يختلي بتلاميذه فذهبوا للحقول وهناك جاعوا. والخلوة هي فرصة هدوء يسمع فيها التلاميذ صوت يسوع الهادئ. ولذلك نحتاج نحن أيضًا لهذه الخلوة. ومن يدخل في حوار مع المسيح هو إنسان حي.
3- ما أثار اليهود ليس أكل السنابل من حقل الغير بل قطف السنابل وفركها ونفخ القش يوم السبت، وهذا اعتبروه حصاد وتذرية، وهذا ممنوع يوم السبت. هو مفهوم حرفي قاتل، فكيف يطبقون مفهوم الحصاد على قطف عدة سنابل لأشخاص جوعَى.
4- والسيد برر ما فعله تلاميذه بأن داود إذ جاع هو ورجاله أكل الخبز المقدس الذي لا يحل أكله إلاَّ للكهنة. وقطعًا فرك السنابل يوم السبت هو أقل خطورة بكثير من أكل أشخاص عاديين لخبز التقدمة المقدس. وكانت الأرغفة من خبز التقدمة توضع على مائدة خبز الوجوه كل سبت لمدة أسبوع ثم يأكلها الكاهن وأسرته فقط (1صم 1:21-6).
5- أما قرأتم = المسيح متعجب ممن يقرأون ولا يفهمون.
6- الكهنة في السبت يدنسون السبت=أي الكهنة يقومون بالأعمال الطقسية يوم السبت مثل الذبح والسلخ والتنظيف وشيّ(1) الذبائح وختان الأطفال إذا وافق اليوم السبت اليوم الثامن لميلاد الطفل. فالكهنة لم يتوقفوا عن العمل= وهم أبرياء= أي أنهم لم يخطئوا بعملهم هذا. وهذه الأعمال لو قاموا بها خارج الهيكل لصار تدنيسًا للسبت. فمن أجل كرامة الهيكل وكرامة الوصية التي وضعها رب الهيكل (تقديم الذبائح والختان....) يقوم الكهنة بأعمالهم داخل الهيكل ولا يحسب عملهم خطية، حتى تتم رسالة الهيكل لم يتوقفوا عن العمل. والآن فالمسيح هو رب الهيكل وقد حلَّ على الأرض وهؤلاء التلاميذ يخدمونه ويتبعونه، فما الخطأ في أن يعملوا هذا العمل البسيط ليستمروا في خدمتهم لرب الهيكل يوم السبت = ههنا أعظم من الهيكل = فالسيد المسيح بلاهوته المتحد بناسوته هو أعظم (يو2: 21).
7- وصية السبت تشير لراحتنا الأبدية في السماء في المسيح وخلاصنا من الخطية الذي تم بقيامة المسيح يوم الأحد الذي هو يوم الخليقة الجديدة. وكانت الراحة هي راحة من الأعمال الأرضية ليتذكروا أن هناك سماء وأن هناك إله يجب أن يعبدونه، وفي عبادة الله يجدوا راحتهم. لكن المسيح هو هذا الإله، والتلاميذ الآن معهُ لا يذكروا شيئًا عن أعمالهم وأكلهم وشربهم، بل هم جاعوا حتى اضطروا أن يفركوا سنابل ليأكلوا، فهم وجدوا راحتهم الحقيقية في التصاقهم بالمسيح، وهذا بالنسبة لهم لم يكن يومًا في الأسبوع، بل صار المسيح كل حياتهم، فلماذا التقيد بالحرفيات، خصوصًا أن المسيح إلهنا هو واضع وصية السبت، وله كل الحق كواضع للوصية أن يفسر الوصية كما يريد فهو رب السبت.
الله يستريح يوم السبت= هذا رمز لأن الله استراح في اليوم السابع بالفداء الذي به صار الخلاص للإنسان فارتاح الإنسان. فراحة الله هي حقيقة راحة الإنسان.
8- يذكر إنجيل مرقس أن السبت وضع لأجل الإنسان = ليرتاح الإنسان وكل من معه جسديًا، بالإضافة لأن يذكر الإنسان أنه ينتمي للسماء. وكون السبت وضع لأجل الإنسان فلا يصح أن يكون سببًا في جوع التلاميذ. فالله يريد رحمة لا ذبيحة (هو 6:6).
9- لقد إشتكى اليهود التلاميذ للمسيح بسبب حريتهم في المسيح، لكن ما أحلى أن نجد أن المسيح يدافع عنا وعن تلاميذه. فليشتكي علينا مَن يشتكي، فلنا مسيح يدافع عنا (رو8: 33).
10- هناك مقارنة لطيفة بين أكل التلاميذ للسنابل والقصة التي اقتبسها السيد المسيح من حياة داود إذ أكل من الخبز المقدس. فكلا القصتين يرمزان للأكل من جسد المسيح في سر الإفخارستيا، فالمسيح شبه نفسه بحبة الحنطة (يو 24:12) وخبز الوجوه يشير لجسد المسيح في سر الإفخارستيا ونحن بتناولنا من جسد المسيح نصير كلنا خبز واحد. وأكل داود الذي من سبط يهوذا، سبط المسيح يشير لأن الخبز المقدس الذي كان حكرًا على سبط لاوي صار لسبط يهوذا أي لكل المؤمنين بالمسيح.
11- في إنجيل معلمنا مرقس يذكر أن رئيس الكهنة هو أبياثار، بينما جاء في سفر صموئيل " أبيمالك":-
أ-
(يمكن) أن أبياثار كان وهو ابن إبيمالك وكانا معًا حين إلتقى بهما داود
النبي، ثم أن شاول قتل إبيمالك وهرب ابياثار إلى داود وصار رفيقًا له.
ولما استقر داود في ملكه صار أبياثار هو رئيس الكهنة والأكثر شهرة من
أبيمالك، واستمر رئيسًا للكهنة طوال فترة ملك داود. ونال شهرة أكثر من
أبيه.
(1 صم 20:22+7:30).
ب- (يمكن) أن أبيمالك رفض إعطاء الخبز المقدس لداود ورجاله ولكن أبياثار ابنه هو الذي وافق على ذلك، أو أن أبيمالك كرئيس للكهنة رأى أنه بحكم مركزه لا يصح أن يكسر الشريعة فأعطى الخبز المقدس لابنه ليعطيه هو لداود فنسب العمل لأبياثار.
12- في (لو 1:6) وفي السبت الثاني بعد الأول= السبت الأول هو عيد الفصح 14 نيسان، فالفصح يسمى سبت. والسبت الثاني هو السبت الذي أتى بعد الفصح مباشرة. وفي هذا الوقت تكون السنابل طرية يمكن أكلها. وفي هذا السبت يقرأ اليهود في المجامع قصة داود وأكله من الخبز المقدس. وهذه هي القصة التي أستشهد بها السيد المسيح.
(مت9:12-14) + (مر 1:3-6) + (لو6:6-11):-
(مت9:12-14):-
ثُمَّ انْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ وَجَاءَ إِلَى مَجْمَعِهِمْ، وَإِذَا إِنْسَانٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ، فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ: «هَلْ يَحِلُّ الإِبْرَاءُ فِي السُّبُوتِ؟» لِكَيْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ. فَقَالَ لَهُمْ: «أَيُّ إِنْسَانٍ مِنْكُمْ يَكُونُ لَهُ خَرُوفٌ وَاحِدٌ، فَإِنْ سَقَطَ هذَا فِي السَّبْتِ فِي حُفْرَةٍ، أَفَمَا يُمْسِكُهُ وَيُقِيمُهُ؟ فَالإِنْسَانُ كَمْ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْخَرُوفِ! إِذًا يَحِلُّ فِعْلُ الْخَيْرِ فِي السُّبُوتِ!» ثُمَّ قَالَ لِلإِنْسَانِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا. فَعَادَتْ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى. فَلَمَّا خَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ تَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ.
ثُمَّ دَخَلَ أَيْضًا إِلَى الْمَجْمَعِ، وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ يَابِسَةٌ. فَصَارُوا يُرَاقِبُونَهُ: هَلْ يَشْفِيهِ فِي السَّبْتِ؟ لِكَيْ يَشْتَكُوا عَلَيْهِ. فَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي لَهُ الْيَدُ الْيَابِسَةُ: «قُمْ فِي الْوَسْطِ!» ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: «هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ الشَّرِّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ قَتْلٌ؟». فَسَكَتُوا. فَنَظَرَ حَوْلَهُ إِلَيْهِمْ بِغَضَبٍ، حَزِينًا عَلَى غِلاَظَةِ قُلُوبِهِمْ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَمَدَّهَا، فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى. فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ لِلْوَقْتِ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ وَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ.
وَفِي سَبْتٍ آخَرَ دَخَلَ الْمَجْمَعَ وَصَارَ يُعَلِّمُ. وَكَانَ هُنَاكَ رَجُلٌ يَدُهُ الْيُمْنَى يَابِسَةٌ، وَكَانَ الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ يُرَاقِبُونَهُ هَلْ يَشْفِي فِي السَّبْتِ، لِكَيْ يَجِدُوا عَلَيْهِ شِكَايَةً. أَمَّا هُوَ فَعَلِمَ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لِلرَّجُلِ الَّذِي يَدُهُ يَابِسَةٌ: «قُمْ وَقِفْ فِي الْوَسْطِ». فَقَامَ وَوَقَفَ. ثُمَّ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَسْأَلُكُمْ شَيْئًا: هَلْ يَحِلُّ فِي السَّبْتِ فِعْلُ الْخَيْرِ أَوْ فِعْلُ الشَّرِّ؟ تَخْلِيصُ نَفْسٍ أَوْ إِهْلاَكُهَا؟». ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى جَمِيعِهِمْ وَقَالَ لِلرَّجُلِ: «مُدَّ يَدَكَ». فَفَعَلَ هكَذَا. فَعَادَتْ يَدُهُ صَحِيحَةً كَالأُخْرَى. فَامْتَلأُوا حُمْقًا وَصَارُوا يَتَكَالَمُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ مَاذَا يَفْعَلُونَ بِيَسُوعَ.
السيد هنا يؤكد المبدأ السابق أن الله يريد رحمة لا ذبيحة (هو 6:6) فالسيد هنا بنفسه قام بشفاء الإنسان ذو اليد اليابسة أي المشلولة. واليهود سألوا هل يحل الإبراء في السبوت= لم يكن السؤال لأجل المعرفة بل إستنكارًا لتصرفات المسيح واتهامًا لهُ. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والسيد إذ يعلم محبتهم للأموال والمقتنيات سألهم أي إنسان منكم يكون له خروف.. ليظهر لهم أنهم يهتمون بمقتنياتهم وأموالهم أكثر من رحمتهم بإنسان يده مشلولة. والرب كما أعطى قوة لهذا المريض ثم أعطاه أمرًا أن يمد يده، هكذا مع كل وصية يعطيها لنا يعطي معها القوة على التنفيذ فنمد أيدينا لفعل الخير بنعمته. ولاحظ إيمان الرجل إذ لم يعترض على أمر المسيح بل مد يده.هناك من قال أن اليهود وضعوا هذا الرجل في المجمع ليروا هل يشفيه المسيح. والمسيح تعمد أن يصنع معجزات كثيرة يوم السبت، فهو أتى ليصحح المفاهيم الخاطئة. ولاحظ أنهم كانوا يريدون من المسيح ألاّ يشفي يوم السبت، وتآمروا هم لقتل المسيح يوم السبت (مت 14:12) ولهذا إذ عرف المسيح فكرهم قال لهم هل يحل في السبت فعل الخير أو فعل الشر تخليص نفس أو قتل (مر4:3) بغضب= بسبب عنادهم. ولو فكروا قليلًا في روح الوصية. ففي وصية السبت يمنع شغل حتى الحيوانات (تث 14:5) وذلك لكي يرتاح الحيوان، فهل الله يهتم براحة الحيوان يوم السبت ولا يهتم بشفاء مريض يوم السبت. لاحظ قول مرقس فصاروا يراقبونه=المقصود أنهم يتربصون به ليتصيدوا عليه خطأ قال السيد للرجل قم في الوسط =كان هذا ليستدر رحمتهم على الرجل المشلول. ولكن القلوب القاسية لم تلنْ. وهذا تدين فاسد إذ لم يجعل القلوب رحيمة، لهذا أصر السيد على عمل معجزاته يوم السبت ليصحح هذا التدين الفاسد الذي أغلق القلوب.
(مر3: 5):- غلاظة قلوبهم = لماذا اعتبر السيد المسيح أن دفاع اليهود عن وصية السبت هو غلاظة قلب بينما أنه هو واضع الوصية؟ كما رأينا أن مفهومهم كان خاطئا، ولكن نلاحظ تفاهة الاعتراض، فالمسيح قام بعمل خير، بل كل من هو فيه مرض من الواقفين كان يتمنى من المسيح أن يشفيه حتى لو في السبت. إذن أين غلاظة القلب؟ حقيقة لا بُد وأن نعرفها أن القلوب النجسة المملوءة شرًا تحاول أن تتمسح بالشكليات لتخفي الفساد الداخلي، فهم يتمسكون هنا بحرفية الوصية لإظهار برٍ كاذب يَدَّعونه لإخفاء غلاظة = نجاسة قلوبهم. وهذا معنى قول السيد المسيح".... هكذا أنتم أيضًا من خارج تظهرون للناس أبرارا ولكنكم من داخل مشحونون رياء وإثما...يصفون عن البعوضة ويبلعون الجمل...." (مت23: 16-34).
(مت15:12-21):-
فَعَلِمَ يَسُوعُ وَانْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ. وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَةٌ فَشَفَاهُمْ جَمِيعًا. وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يُظْهِرُوهُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: «هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ. لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ. وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ».
انصرف
= إذ أرادوا قتله انصرف ولم يشتكي للجموع المحيطة به الذين يشفيهم ولم يطلب حمايته ممن يريدون قتله = لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ، وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ: 1) انصرف فهم لا يستحقونه، هم رفضوه فرفضوا الحياة. 2) انصرف ليس خوفًا ولكن لأن ساعته لم تكن قد جاءت بعد. وكان عليه أن يتم تعاليمه أولًا. لذلك أوصاهم أن لا يظهروه. لكنه بعد أن أنهى تعاليمه ورسالته وعَلِمَ أن ساعته قد جاءت ثبت وجهه لينطلق إلى أورشليم (لو 51:9). من هنا نتعلم أن نهرب من وجه الشر إذا أمكننا ذلك. هم لم يقبلوه وتشاوروا على قتله (آية 13) أما هو فقدم محبة للناس = تبعته جموع فشفاهم جميعًا.هوذا فتاي = إشارة لتجسده، وكونه كان طفلًا ثم فتى ثم رجلًا. وإختار الوحي لفظ فتاي إشارة لفترة النضج والقوة، فيسوع لم يكن طفلًا ولم يكن شيخًا غير قادراً على الحركة. لا يصيح = كما يفعل المحاربون في الحروب، ولا يصيح لينتهر ويدين ويزجر. لا يسمع أحد في الشوارع صوته = لفرط تواضعه ووداعته.
لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ = نبوة إشعياء تكلمت عن المسيح المتواضع = لا يسمع أحد في الشوارع صوته = فأمام تشاورهم لكي يقتلوه كما يقول القديس متى = فَخَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ لِلْوَقْتِ مَعَ الْهِيرُودُسِيِّينَ وَتَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوه كان يمكنه أن ينتقم منهم ويعاقبهم. لكنه في هدوء شديد إنسحب= فَعَلِمَ يَسُوعُ وَانْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ لكي يتمم مهمته في التعليم وشفاء الناس = تبعته جموع فشفاهم جميعًا.
قصبة مرضوضة لا يقصف =الخاطئ المنسحق تحت خطاياه يشجعه. فتيلة مدخنة لا يطفئ =من له شرارة من نار النعمة يضرمها المسيح.
(مت22:12-37) + (مر 22:3-30) + (لو 14:11-23):-
(مت22:12-37):-
حِينَئِذٍ أُحْضِرَ إِلَيْهِ مَجْنُونٌ أَعْمَى وَأَخْرَسُ فَشَفَاهُ، حَتَّى إِنَّ الأَعْمَى الأَخْرَسَ تَكَلَّمَ وَأَبْصَرَ. فَبُهِتَ كُلُّ الْجُمُوعِ وَقَالُوا: «أَلَعَلَّ هذَا هُوَ ابْنُ دَاوُدَ؟» أَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ فَلَمَّا سَمِعُوا قَالُوا: «هذَا لاَ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ إِلاَّ بِبَعْلَزَبولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ». فَعَلِمَ يَسُوعُ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تُخْرَبُ، وَكُلُّ مَدِينَةٍ أَوْ بَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَثْبُتُ. فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ يُخْرِجُ الشَّيْطَانَ فَقَدِ انْقَسَمَ عَلَى ذَاتِهِ. فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ وَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ أَنَا بِرُوحِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ! أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ الْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلًا، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ؟ مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ. لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ، وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَرَ لِلنَّاسِ. وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ، لاَ فِي هذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي. اِجْعَلُوا الشَّجَرَةَ جَيِّدَةً وَثَمَرَهَا جَيِّدًا، أَوِ اجْعَلُوا الشَّجَرَةَ رَدِيَّةً وَثَمَرَهَا رَدِيًّا، لأَنْ مِنَ الثَّمَرِ تُعْرَفُ الشَّجَرَةُ. يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ. اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ. وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ. لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ».
وَأَمَّا الْكَتَبَةُ الَّذِينَ نَزَلُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ فَقَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ بَعْلَزَبُولَ! وَإِنَّهُ بِرَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ». فَدَعَاهُمْ وَقَالَ لَهُمْ بِأَمْثَال: «كَيْفَ يَقْدِرُ شَيْطَانٌ أَنْ يُخْرِجَ شَيْطَانًا؟ وَإِنِ انْقَسَمَتْ مَمْلَكَةٌ عَلَى ذَاتِهَا لاَ تَقْدِرُ تِلْكَ الْمَمْلَكَةُ أَنْ تَثْبُتَ. وَإِنِ انْقَسَمَ بَيْتٌ عَلَى ذَاتِهِ لاَ يَقْدِرُ ذلِكَ الْبَيْتُ أَنْ يَثْبُتَ. وَإِنْ قَامَ الشَّيْطَانُ عَلَى ذَاتِهِ وَانْقَسَمَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَثْبُتَ، بَلْ يَكُونُ لَهُ انْقِضَاءٌ. لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ قَوِيٍّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ الْقَوِيَّ أَوَّلًا، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ، وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. وَلكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ، بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً». لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ رُوحًا نَجِسًا».
وَكَانَ يُخْرِجُ شَيْطَانًا، وَكَانَ ذلِكَ أَخْرَسَ. فَلَمَّا أُخْرِجَ الشَّيْطَانُ تَكَلَّمَ الأَخْرَسُ، فَتَعَجَّبَ الْجُمُوعُ. وَأَمَّا قَوْمٌ مِنْهُمْ فَقَالُوا: «بِبَعْلَزَبُولَ رَئِيسِ الشَّيَاطِينِ يُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ». وَآخَرُونَ طَلَبُوا مِنْهُ آيَةً مِنَ السَّمَاءِ يُجَرِّبُونَهُ. فَعَلِمَ أَفْكَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: «كُلُّ مَمْلَكَةٍ مُنْقَسِمَةٍ عَلَى ذَاتِهَا تَخْرَبُ، وَبَيْتٍ مُنْقَسِمٍ عَلَى بَيْتٍ يَسْقُطُ. فَإِنْ كَانَ الشَّيْطَانُ أَيْضًا يَنْقَسِمُ عَلَى ذَاتِهِ، فَكَيْفَ تَثْبُتُ مَمْلَكَتُهُ؟ لأَنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنِّي بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ. فَإِنْ كُنْتُ أَنَا بِبَعْلَزَبُولَ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَأَبْنَاؤُكُمْ بِمَنْ يُخْرِجُونَ؟ لِذلِكَ هُمْ يَكُونُونَ قُضَاتَكُمْ! وَلكِنْ إِنْ كُنْتُ بِأَصْبعِ اللهِ أُخْرِجُ الشَّيَاطِينَ، فَقَدْ أَقْبَلَ عَلَيْكُمْ مَلَكُوتُ اللهِ. حِينَمَا يَحْفَظُ الْقَوِيُّ دَارَهُ مُتَسَلِّحًا، تَكُونُ أَمْوَالُهُ فِي أَمَانٍ. وَلكِنْ مَتَى جَاءَ مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَإِنَّهُ يَغْلِبُهُ، وَيَنْزِعُ سِلاَحَهُ الْكَامِلَ الَّذِي اتَّكَلَ عَلَيْهِ، وَيُوَزِّعُ غَنَائِمَهُ. مَنْ لَيْسَ مَعِي فَهُوَ عَلَيَّ، وَمَنْ لاَ يَجْمَعُ مَعِي فَهُوَ يُفَرِّقُ.
في إنجيل متى نسمع أن السيد المسيح يشفي مجنون أعمى وأخرس فيتهمه الفريسيون لحسدهم له أنه إنما عمل هذا بالشيطان ليبعدوا الناس عنه. ورد المسيح عليهم في خطاب طويل. يورد منه القديس مرقس بعضٌ منه. أما القديس لوقا فأورد نفس الخطاب بعد معجزة شفاء أخرس. وكان يخرِجُ شيطانًا وكان ذلك أخرس = طبعًا لا يوجد شيطان أخرس. ولكن هذه صفة الإنسان الذي صار أخرسًا نتيجة لسكن الشيطان فيه. وبمقارنة ما ورد في متى وفي لوقا نفهم أن السيد المسيح قد شفى المجنون الأعمى الأخرس بأن أخرج منه الروح النجس الذي جعله كذلك. وهذا كان حال البشر قبل المسيح، كان الشيطان يمتلك الناس، وجاء المسيح ليحررهم من سلطانه ويضمهم كأحرار لملكوته.
والمجنون هو مَن يفعل شيء لا يُتَوَقَّع أن يصدر عن إنسانًا عاقل، مثلًا إذا وجدنا إنسانًا يُلقي بنفسه في النار، نقول عنه أنه مجنون لأنه يفعل ما يضر به نفسه. والشيطان يغوي الإنسان أن يخطئ وحين يتجاوب معه ويسير في طريق الخطية يكون مجنونًا روحيًا إذ هو يضر نفسه، فطريق الخطية نهايته الموت. ثم لو سار إنسان في هذا الطريق سيصاب بالعمى الروحي فلا يعود يعرف المسيح ولا يتذوق حلاوة عشرته. وطالما صار لا يعرف المسيح ولا حلاوة عشرته فهو لن يسبحه ولن يتحرك لسانه طالبًا التوبة إذ صار أخرسًا. (فالعمى الروحي يعمي الإنسان أيضًا عن فساد طريقه فلا يعرف أنه خاطئ ولن يطلب التوبة). فشفاء السيد المسيح لهذا المجنون الأعمى الأخرس هو رمز لشفاء الخاطئ الذي يسيطر عليه الشيطان أو تسيطر عليه الخطية
فيسلبه عقله ويعميه عن رؤية البركات السماوية (والعكس من بالتوبة يتنقى قلبه يرى الله) ويعميه أيضًا عن رؤية الهلاك الأبدي، فلا يقع بصره إلاّ على اللذات العالمية ويعقد لسانه عن الاعتراف بالذنب والتوبة وعن التسبيح. وفي هذه المعجزة نرى إنهيار مملكة الشيطان التي تفقد الإنسان فكره السليم ورؤيته وتخرس لسانه بل تجعله يتصادم مع المسيح. والشعب العادي رأى في هذا إعلان مملكة المسيا = ألعل هذا ابن داود= القديس متى يكرر هذا القول لليهود فهذا هدف القديس متى أن المسيح الملك يؤسس ملكوته ولكن الفريسيين جدفوا وأظهروا عداءهم بغير تعقل قائلين هذا لا يخرج الشياطين إلاّ ببعلزبول رئيس الشياطين = وأصل كلمة بعلزبول هو بعلزبوب أي إله الذباب عند العقرونيين (2مل 3:1) وأسموه هكذا إذ كانوا يعتقدون أن فيه القدرة على طرد الذباب من المنازل، أما اليهود فأخذوا الاسم وأطلقوه على الشيطان بعد تعديله إلى بعلزبول أي إله المزابل. وكان رد المسيح أن الشيطان لا ينقسم على نفسه وإلاّ خربت مملكته. وفي هذا درس لنا ألا ننقسم على أنفسنا سواء على مستوى الكنيسة أو مستوى العائلة. وكل انقسام سواء على مستوى الكنيسة أو العائلات هو غريب عن روح المسيح. إنه من عمل الشيطان. وهل من المنطقي أن يأتي الشيطان ليسئ لإنسان (وهذه خطتهم) فيأتي آخر وينقسم عليهم ويخرجه، ما لم يكن لهذا الآخر الذي أخرجه سلطان على الشياطين.فأبناؤكم بمن يخرجون
= يقصد تلاميذه الذين هم من أبناء الشعب وهؤلاء لما أرسلهم المسيح أخضعوا الشياطين بإسم المسيح (لو 17:10 + مت 8:10) وهؤلاء صيادين بسطاء لم يعرف عنهم أنهم يتعاملون بالسحر، وهم صاروا شهود للمسيح وبره وقوته ومحبته، وقضاة لهؤلاء المتمردين، فهم بشهادتهم يوم الدين سُيحكم على هؤلاء المفترين على المسيح ظلمًا. ولو تعلل هؤلاء بأن الشيطان أغواهم إذ كان مسيطرًا عليهم، فتلاميذ المسيح أيضًا سيدينونهم إذ هم منهم، هم إخوتهم وأبناءهم، وهم سيشهدوا أن المسيح قد قيد إبليس وحررهم، وكان المسيح مستعدًا لأن يحرر كل من يقبله. ولكن إن كنت أنا بروح الله أخرج الشياطين فقد أقبل عليكم ملكوت الله = هنا السيد يؤكد أنه يخرج الشياطين بروح الله، والمقصود طبعًا أن المسيح يريد أن يقول أنا لا أستخدم بعلزبول ولكن أنا بروح الله الذي تعرفونه أعمل ما أعمله من معجزات إخراج الشياطين، هنا السيد يظهر العلاقة بينه وبين الله حتى يطمئنوا أنه لا يستخدم قوى شيطانية، كان المسيح يمكنه أن يقول أنا أخرج الشياطين بقوتي ولكن كان هذا لن يعطي اطمئنانًا للسامعين فهم لم يعرفوا بعد من هو المسيح، كان السيد يريد أن يطمئنهم أن مصدر قوته هو الله وليس الشيطان. وعلامة ذلك قد ظهرت في حياة التلاميذ البسطاء الذين صاروا يحملون قوة وسلطانًا. لقد أعطاهم الروح القدس هذا السلطان. فما حققه المسيح لجسده صار لكنيسته، الأمر الذي يؤكد ظهور ملكوت الله، محطمًا مملكة الشيطان ليقيم مملكة الله الروحية على كل الأمم. وليملك على القلوب.والآن هل السامعين هم من مملكة الله أم من مملكة الشيطان؟ لقد أقبل ملكوت الله وتحطمت مملكة الشيطان، فإن هم قبلوا المسيح صاروا مسكنًا للروح القدس وتحرروا من سلطان إبليس، وإن هم عاندوا المسيح وقاوموه فهم بالضرورة سيهلكوا مع مملكة الشيطان
التي هلكت. وأتت الآية في لوقا ولكن إن كنت أنا بإصبع الله أخرج.. وبهذا نفهم أن الروح القدس هو إصبع الله بينما يسمى المسيح ذراع الله (إش 9:51+ مز 1:98) فالذراع هي القوة التي يُعْمَلَ بها العمل، أماّ الأصابع فهي التي تنفذ العمل. والآن الروح القدس يبني الكنيسة ويهيئ النفوس، ولكن عمله مبني على قوة عمل المسيح في فدائه. وعمومًا وحدة الذراع والأصابع إشارة لوحدة الابن والروح القدس.السيد المسيح هنا لا يستعرض قوته الإلهية بل هو يوجه نظر السامعين من الرافضين والمعاندين إلى السلطان الجديد على الشياطين الذي صار متاحًا للتلاميذ، ومتاح أيضًا لهم ولكنهم بعنادهم يحرمون أنفسهم منه. إذن عوضًا عن أن تتهموني بأني ببعلزبول أخرج الشياطين تمتعوا بهذا السلطان وهذا الرصيد الذي صار للبشرية. هذا الرصيد صار للبشرية بأن امتلأت الإنسانية التي في المسيح بالروح القدس.
فكل من يتحد بالمسيح ويثبت فيه يمكن له أن يمتلئ بالروح.أم كيف يستطيع أحد أن يدخل بيت القوي..
= هذا دليل ثالث أن المسيح أخرج الشيطان بسلطانه فهو الأقوى من الشيطان. لقد إحتل الشيطان الإنسان وحسبه بيته، ونهب كل طاقاته وإمكانياته ومواهبه لتعمل لحساب مملكة الشر. هذا العدو القوي لن يخرج، ولا تسحب منه أمتعته التي إغتصبها ما لم يربط أولًا. فقد جاء السيد المسيح ليعلن عمليًا سلطانه كمحطم لهذا العدو القوي حتى يسحب منه ما قد سبق فسلبه. وقد يكون بيته هو مملكته على الأرض وأمتعته هم الناس الذين يتشبهون بإبليس أبيهم في أعمالهم. وكما أننا ندعو القديسين أواني مقدسة وأمتعة مكرسة، فالأشرار هم آنية إبليس وأمتعته. والمسيح بدأ معركة مع الشيطان على الجبل وأنهاها على الصليب، وبعد الصليب ربطه (2بط 4:2 + رؤ 1:20-3). من ليس معي فهو عليَّ= في الحرب مع إبليس (فالحرب لم تنته بعد لأن إبليس لم يلق في البحيرة المتقدة بالنار) لا يوجد حياد فإما أن نكون مع المسيح ضد إبليس أو نكون مع إبليس ضد المسيح، إماّ نكون أولادًا لله أو أولادًا لإبليس. هذا الكلام موجه للسامعين ومنهم من إعتبر المسيح أنه ابن داود خصوصًا بعد معجزة شفاء المجنون الأعمى الأخرس، ومنهم الفريسيين الرافضين الذين جدفوا عليه. ومن لا يجمع معي فهو يفرق = فالذي يجمع بدون المسيح، مهما جمع فهو يفرق، فالمسيح واحد وكنيسته واحدة، ومن يجمع بدونه سيكون خارج الكنيسة الواحدة. مع المسيح ليس حل وسط، إماّ أنت مع المسيح أو ضده. والمسيح أتى ليرد الناس لله، والفريسيين بقولهم يفرقون الناس عن المسيح، إذن هم مع الشيطان ضد الله. يربط القوي= سلاح إبليس هو إغراءات العالم، وهذا ما عمله مع إبليس يوم التجربة على الجبل، إذ قد رفض كل ما عرضه عليه، فما عاد في يد إبليس سلاح ضد المسيح. ولذلك قال المسيح "رئيس هذا العالم يأتي وليس له في شيء" (يو14: 30). أما من يقبل ملذات العالم من يد إبليس يرتبط مع إبليس ويذله إبليس.ونلاحظ في (لو 21:11) قوله
حينما يحفظ القوي دارهُ متسلحًا = وأسلحة إبليس القوي الخبث والدهاء، وجاء المسيح ليشهر هذا العدو ويفضحه ويحطم أسلحته بمحبته وبالحق الذي فيه، ليطرده من قلوب أولاده.في (مر 22:3)
أماّ الكتبة الذين نزلوا من أورشليم = هم بعثة غالبًا من مجمع السنهدريم مرسلة لإفساد خدمة السيد، إذ ذاع صيته. لكن قوله نزلوا فهذا إشارة لإنحطاطهم. ولاحظ أن مرقس لم يضع خطاب السيد عقب معجزة ولكن عقب أن أقرباء المسيح قالوا أنه مختل (مر 21:3). فمرقس يصور أن الهجوم على المسيح كان من أقربائه ومن الفريسيين والكتبة والسنهدريم. وهنا يوضح مرقس أن هؤلاء كانوا يلوثون سمعة يسوع ليوقفوا الانبهار به.ومن (مر 22:3) نجد أن هؤلاء الكتبة مرة يقولون أن
معهُ بعلزبول ومرة يقولون برئيس الشياطين يخرج الشياطين. والمسيح يرد بأن قولهم هذا وذاك فيه تناقض إذ كيف وهو مستحوذ عليه الشيطان يخرج شياطين، هذا هو الانقسام بعينه، والشيطان لا يفعل ذلك حتى لا تخرب مملكته. فإخراج الشيطان من إنسان هو حكم بطرده بسلطان يخرج أمامه الشيطان منهزمًا.وفي
(لو11: 16) نجدهم لم يكتفوا بمعجزة إخراج الشياطين بل يطلبوا معجزة أخرى ليثبت أنه المسيا، فكان اليهود عندهم إعتقاد أن المسيا سينزل منًا من السماء كما فعل موسى (يو 30:6-31).رب البيت = (رأي إدرشيم العالم اليهودي المتنصر) هذا التعبير الذي إستخدمه الرب هنا غالبًا له معنى راجع لأنه حين طهر الهيكل المرة الأولى، سخر منه الفريسيين إذ قال أن البيت هو بيت أبيه. وقالوا هو رب البيت بلهجة ساخرة. بل أكملوا - بل هو بعلزبول وهذه معناها:- بعل = رب + زبول = تعني الهيكل بالذات. وكان اليهود يعتقدون أن هناك 7 سماوات، وفي السماء الرابعة وإسمها زبول (تكتب زبهول ZABHOOL) يوجد أورشليم السماوية وبها الهيكل، وأن الملاك ميخائيل هو الذي يخدم في هيكلها. ومن الناحية الأخرى فهناك كلمة أخرى متشابهة ولكنها مختلفة في الهجاء هي (زببول - ZABBOOL) وهذه تعني تقديم الذبائح للأوثان. وبالتالي يصبح اللقب الذي أعطوه للمسيح بعلزبول هو رئيس هيكل عبادة الأوثان، وهو أسوأ أنواع الشياطين وهو الذي يغوي الناس على العبادة الوثنية.
الآيات (مت 31:12-32) ما معنى التجديف على الروح القدس + (لو 10:12)
الآيات (مت 31:12-32):-"لِذلِكَ أَقُولُ لَكُمْ: كُلُّ خَطِيَّةٍ وَتَجْدِيفٍ يُغْفَرُ لِلنَّاسِ، وَأَمَّا التَّجْدِيفُ عَلَى الرُّوحِ فَلَنْ يُغْفَرَ لِلنَّاسِ. وَمَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَنْ يُغْفَرَ لَهُ، لاَ فِي هذَا الْعَالَمِ وَلاَ فِي الآتِي. "
آية (لو 10:12):-" 10وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ابْنِ الإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلاَ يُغْفَرُ لَهُ."
يستغل إبليس هذه الآيات ليحطم بعض النفوس، فيشككها أنه قد مر على فكرها تجديفًا على الروح القدس وبالتالي تبعًا لهذه الآيات فلا غفران وبالتالي إغلاق باب الرجاء أمامها.
ولكن علينا أن نفهم أن أي خطية يقدم عنها توبة يغفرها الله، وهذا وعده (1يو 7:1-9) لاحظ قوله يطهرنا من كل خطية ولكن المقصود بالتجديف على الروح القدس هو الإصرار على مقاومة صوت الروح القدس الذي يبكت على الخطية داعيًا للتوبة، أي أن يصر الإنسان على عدم التوبة حتى آخر نسمة من نسمات حياته. من قال كلمة على ابن الإنسان يُغفر له= فالإنسان غير المؤمن قد يتعثر في المسيح إذ يراه إنسانًا عاديًا فيتكلم عليه كلامًا غير لائق، لكنه حين يؤمن ويعترف بهذه الخطية تغفر لهُ.
أما من قال على الروح القدس فلن يغفر لهُ= السيد يقول هذا للفريسيين الذين قالوا أنه يخرج الشيطان بواسطة بعلزبول، فهم بهذا يقولون عن الروح القدس الذي به يخرج السيد الشياطين أنه بعلزبول، وهذا فيه تجديف على الروح القدس. وحتى من هؤلاء من سيقدم توبة بعد إيمانه ستغفر لهُ، أما لو استمر مقاومًا للحق فلن تغفر خطيته. ولنلاحظ أن الروح القدس هو الذي يبكت على الخطايا (يو8:16 ). ولكن أمام إصرار الإنسان على المقاومة لصوت الروح القدس ينطفئ صوته. لذلك يحذر الرسول بولس "لا تطفئوا الروح" و"لا تحزنوا الروح" وإذا انطفأ الروح داخل إنسان لعناده (مثل هؤلاء الفريسيين) سيصبح غير قادرًا على التوبة (لأنه لا يسمع صوت الروح القدس) وإذ لا يقدم توبة لا تغفر خطيته، وهذا هو التجديف على الروح الذي لا يُغفر. ولكن لا يُفهم الكلام حرفيًا فغير المؤمنين طالما جدفوا على الروح القدس فهل حينما يؤمنون لن يغفر لهم ما قالوه؟!! ويفهم التجديف على الروح القدس لإنسان مسيحي تذوق الموهبة السمائية واختار طريق التجديف (عب4:6-6).
ملحوظة: الله في محبته يظل يحاول مع أولاده حتى لو أطفاؤا الروح القدس وقد يكون ذلك بالضربات مثل يونان والابن الضال بل في بعض الأحيان بعطايا جيدة ربما ليخجل هذا الخاطئ، أما نزع الروح القدس فهي حالة نادرة لم تذكر سوى مرة واحدة مع شاول الملك.
(مر28:3-30):-
اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ جَمِيعَ الْخَطَايَا تُغْفَرُ لِبَنِي الْبَشَرِ، وَالتَّجَادِيفَ الَّتِي يُجَدِّفُونَهَا. وَلكِنْ مَنْ جَدَّفَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ فَلَيْسَ لَهُ مَغْفِرَةٌ إِلَى الأَبَدِ، بَلْ هُوَ مُسْتَوْجِبٌ دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً». لأَنَّهُمْ قَالُوا: «إِنَّ مَعَهُ رُوحًا نَجِسًا».
لاحظنا هنا أن خطاب السيد المسيح جاء بعد أن قال أقرباء المسيح عنه أنه مختل فهذا يعتبَر تجديفًا على ابن
الإنسان، إذ هم تعثروا فيه ولم يعرفوا حقيقته. وجاء الخطاب بعد تجديف الفريسيين وقولهم على الروح القدس أنه بعلزبول وبمثل هذا التجديف على الروح لو إستمروا في عنادهم فلن يغفر لهم أبدًا. وبهذا نفهم أن الإصرار على عدم الإيمان والتجديف سواء على المسيح إبن الإنسان أو على الروح القدس هو خطية بلا غفران. فمن يرفض المسيح كيف تغفر خطاياه - ولا غفران سوى بالدم.
(مت 33:12-37):-
اِجْعَلُوا الشَّجَرَةَ جَيِّدَةً وَثَمَرَهَا جَيِّدًا، أَوِ اجْعَلُوا الشَّجَرَةَ رَدِيَّةً وَثَمَرَهَا رَدِيًّا، لأَنْ مِنَ الثَّمَرِ تُعْرَفُ الشَّجَرَةُ. يَا أَوْلاَدَ الأَفَاعِي! كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَتَكَلَّمُوا بِالصَّالِحَاتِ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ؟ فَإِنَّهُ مِنْ فَضْلَةِ الْقَلْب يَتَكَلَّمُ الْفَمُ. اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ. وَلكِنْ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ كَلِمَةٍ بَطَّالَةٍ يَتَكَلَّمُ بِهَا النَّاسُ سَوْفَ يُعْطُونَ عَنْهَا حِسَابًا يَوْمَ الدِّينِ. لأَنَّكَ بِكَلاَمِكَ تَتَبَرَّرُ وَبِكَلاَمِكَ تُدَانُ».
إجعلوا الشجرة جيدة وثمرها جيدًا. أو إجعلوا الشجرة رديئة..= السيد يوجه كلامه لمن يتهمونه أنه ببعلزبول يشفي ويخرج الشياطين. وإن كان أحد تصدق عليه هذه التهمة فهو بالتأكيد شجرة رديئة وثمارها رديئة ولكن السيد يشرح لهم، أن ينظروا إلى أعماله فسيجدونها أعمالًا صالحة فهو يجول يصنع خيرًا ويشفي المرضى ويدعو للتوبة.. إذًا ثماره جيدة وهذا يدل أنه شجرة جيدة. أما هم فشجرة رديئة فأعمالهم شريرة ومؤامراتهم ضده تفضح خبثهم وريائهم. ولكن السيد لا يغلق الباب أمام أحد فلاحظ أنه يقول إجعلوا الشجرة جيدة = فالفرصة إذن متاحة أمام الجميع لكي يتغيروا من كونهم شجرة رديئة ليصيروا شجرة جيدة ولكن السيد يقول أيضًا إجعلوا الشجرة رديئة = فالله خلقهم شجرة جيدة وأتى بهم إلى أرض جيدة، وهيأ لهم كل الظروف ليستمروا شجرة جيدة ولكنهم بانحرافهم صاروا شجرة رديئة. هذا الكلام لا يعطي لأحد فرصة أن يتعلل بأنه ضعيف وأن طبيعته ساقطة ضعيفة شريرة. لكن يُفهم من هذا الكلام أن السيد يفتح باب الرجاء أمام كل إنسان، ومَن يريد يحوله الله من شجرة رديئة إلى شجرة جيدة. ولاحظ قول القديس بولس الرسول "وَلَكِنْ فِي بَيْتٍ كَبِيرٍ لَيْسَ آنِيَةٌ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فَقَطْ، بَلْ مِنْ خَشَبٍ وَخَزَفٍ أَيْضًا، وَتِلْكَ لِلْكَرَامَةِ وَهَذِهِ لِلْهَوَانِ. فَإِنْ طَهَّرَ أَحَدٌ نَفْسَهُ مِنْ هَذِهِ (أي أن قرار التطهير بيد كل واحد)، يَكُونُ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ، مُقَدَّسًا، نَافِعًا لِلسَّيِّدِ، مُسْتَعَدًّا لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ" (2تى21،20:2). والتجديد هو عمل الروح القدس المستمر طوال حياتنا (تى5:3). فمن يحاول تطهير نفسه يجدده الله ويصير خليقة جديدة (2كو17:5).
يا أولاد الأفاعي= هم قالوا أنه ببعلزبول يخرج الشياطين، لذلك قال عليهم أولاد أفاعي. فكل من يقبل الأفكار الشيطانية التي يطرحها عليه الشيطان في قلبه ثم يتكلم بها بلسانه فقد صار ابنًا لإبليس وبوقًا للحية القديمة، وهكذا قال لهم الرب "أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا" (يو44:8). كيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنتم أشرار = هؤلاء داخلهم فساد لكنهم في رياء يتكلمون كلامًا صالحًا أمام الناس وهم يفسرون الكتاب ويعظون عن القداسة والمحبة. والسيد هنا يلفت النظر أن المهم هو تنقية الداخل وحينما يتطهر الداخل تكون كلماتنا نقية من فيض قلبنا الطاهر = من فضلة القلب يتكلم اللسان = فالبر والتقوى ليست كلمات نوهم بها الناس أننا أتقياء، (فهذا هو الرياء، وطبيعتنا الداخلية لا بُد وستفتضح يومًا ما فليس خفي إلّا ويعلن (مت 26:10)). ولكن البر والتقوى هي طبيعة نابعة من القلب، فلنصرخ مع داود " قلبًا نقيًا أخلقه فيَّ يا الله " والسيد المسيح أتى لهذا ليعطينا أن نكون خليقة جديدة (2 كو 17:5).
بالإضافة لأنهم في بعض الأحيان يمتدحونه حين يعمل معجزات، وها هم يتهمونه، فكيف يستقيم أن من يمدحونه يتعامل مع بعلزبول. بل كيف يعمل أعمالًا صالحة وهو يتعامل مع بعلزبول، وإخراج الشيطان هو عمل خَيِّرْ والشيطان لا يصدر منه أي خير فكيف يستقيم كلامهم.
ونلاحظ أن القلب يمتلئ بما نضعه فيه، ومصادر دخول المعلومات للقلب هي الحواس والأفكار، فلو قدسناها أي نمنع العين من أن تنظر نظرة شريرة ونمنع الأذن من أن تسمع كلمة بطالة نتلذذ بها وهكذا، بل نغذى حواسنا بمعلومات مقدسة، كما كان داود يشتهي أن يتفرس في هيكل الله، أو ندرب الأذان على سماع الألحان والترانيم ونجتهد أن نضبط الفكر، فنفكر في السماويات، بهذا يمتلئ القلب من الكنوز الصالحة، وحينئذ يخرج اللسان أقوال صالحة.
كل كلمة بطالة.. =هنا يقدم المسيح حل لمشكلة كيف يتقدس القلب. والبداية التي يعرضها المسيح هي التحكم في اللسان، جهادنا ألا ننطق بكلمة شريرة أو رديئة أو قبيحة، فاللسان لو ضبطناه نضبط الحياة كلها (يع 1:3-12) فمثلًا من يتذمر باستمرار على وضعه يملأ قلبه تذمرًا ضد الله ويزداد لسانه في اتهاماته ضد الله، ولن تنتهي هذه الدائرة الشيطانية، أما من يتعود على شكر الله وتسبيح الله بلسانه، فهذا يملأ قلبه حبًا لله، وبالتالي من داخل هذا القلب المملوء حبًا تخرج كلمات تسبيح.
فلنبدأ بأن نغصب أنفسنا أن نتكلم حسنًا، هنا ينصلح حال القلب فيبدأ يخرج أقوالًا مباركة من قلب محب وليس بتغصب بالطبيعة الجديدة بالنعمة التي نحصل عليها بالجهاد (أي بالتغصب). وقطعًا علينا أن نغصب أنفسنا حتى تدركنا النعمة وتغير طبيعتنا حتى لا ندان = لأنك بكلامك تتبرر وبكلمك تدان. ولنذكر أن "لا شتامون.. يرثون ملكوت الله" (1كو10:6). بل سنعطي حساب عن كل كلمة بطالة.
(مت 38:12-42 + لو29:11-32):-
(مت 38:12-42):-
حِينَئِذٍ أَجَابَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتَبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ قَائِلِينَ: «يَا مُعَلِّمُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً». فَأَجابَ وَقَالَ لَهُمْ: «جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ. لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال. رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا! مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا!
وَفِيمَا كَانَ الْجُمُوعُ مُزْدَحِمِينَ، ابْتَدَأَ يَقُولُ: «هذَا الْجِيلُ شِرِّيرٌ. يَطْلُبُ آيَةً، وَلاَ تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلاَّ آيَةُ يُونَانَ النَّبِيِّ. لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ آيَةً لأَهْلِ نِينَوَى، كَذلِكَ يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ أَيْضًا لِهذَا الْجِيلِ. مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ رِجَالِ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ، لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا! رِجَالُ نِينَوَى سَيَقُومُونَ فِي الدِّينِ مَعَ هذَا الْجِيلِ وَيَدِينُونَهُ، لأَنَّهُمْ تَابُوا بِمُنَادَاةِ يُونَانَ، وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ يُونَانَ ههُنَا!
رفض السيد المسيح تقديم آية لهم لأنهم طلبوا هذا بمكر، فهو صنع معجزات من قبل لكنهم قالوا أنه يعملها ببعلزبول فهم لا يستحقون، لأن السيد نفسه عَلّمَ من قبل ضرورة ألا يُلقى القدس للكلاب. ولنفهم أن المعجزة ليست عملًا استعراضيًا، وإنما هي عمل إلهي هدفه خلاص الإنسان، يتقدم هذا كله الآية التي حملت رمزًا لدفن السيد المسيح وقيامته التي بها أعطانا الخلاص وهذه الآية هي آية يونان النبي. وموت المسيح نفسه وقيامته هي آية عجيبة لمن يفهم، فموت المسيح فيه موت للخطية وقيامة المسيح فيها انتصار على الموت وهذه هي الآية التي يحتاجها الإنسان لخلاصه.
ونفهم أيضًا أن المعجزات لن تزيد إيمان أحد بقدر ما يزيد إيمانه التأمل في محبة المسيح المصلوب عناّ، والقائم من الأموات ليقيمنا ويعطينا حياة أبدية. فها هم اليهود قد رأوا معجزات كثيرة ولم يؤمنوا بل هم يطلبون المزيد منها، والمسيح يقول لا معجزات، فما تحتاجونه لخلاصكم ليس هو المعجزة، بل التأمل في عمل المسيح الفدائي أي موته وقيامته. ويحتاجون لتوبة كتوبة يونان النبي وتوبة نينوى التي تابت بمناداة يونان. فالمسيح يعلم ما في قلوبهم من شرور جعلتهم لا يفهمون كل ما عمله سابقًا من معجزات.
ثلاثة أيام وثلاث ليال= التلمود يعتبر جزء اليوم يومًا كاملًا. واليهود يعبرون عن اليوم الكامل بقولهم ليلًا ونهارًا = مساء وصباح (تك 5:1+8) + (تك 4:7+12) + (إس 16:4).
جيل شرير وفاسق = يتهمونه أنه ببعلزبول يعمل معجزاته.
التيمن= اليمن أو الجنوب عمومًا أو سبأ.
(لو 30:11) يونان آية لأهل نينوى = ربما أن خبر الحوت وصل لأهل نينوى من البحارة، ثم خرج يونان حيًا، وكان هذا سببًا في إيمان أهل نينوى فكانت آية يونان هي خروجه من بطن الحوت بعد ثلاثة أيام. وآية المسيح الكبرى هي خروجه من الموت بعد ثلاثة أيام. والمعنى وراء هذا الكلام أن الضربات التي كانت ستوجه لنينوى إن لم تتب، ستوجه لليهود لو رفضوا الإيمان بالمسيح، وهذا ما حدث من تيطس سنة 70 م.
ونلاحظ في المثلين اللذين استخدمهما المسيح: 1) نينوى سمعت عن خوف وإضطرار؛ 2) ملكة التيمن جاءت تسمع عن إشتياق بعد أن سمعت عن
سليمان. أماّ إسرائيل فليس لديه إشتياق ولا يحرك قلوبهم الخوف بالرغم من كل ما رأوه وسمعوه من المسيح، مع أن المسيح أتى بحكمة ومعجزات أكثر بكثير من سليمان، ونادى بكلمات أعظم من يونان لكنهم رفضوه. ولاحظ أن نينوى قبلت نبيًا غريبًا عنهم فهو من إسرائيل وسمعت له وتابت، واليهود رفضوا ربهم المتجسد الذي تكلمت عنه نبوات كتابهم المقدس.تأمل:- ما نحتاجه اليوم فعلًا ليس كثرة المعجزات ولكن تغير القلب إلى قلب محب لله، والقلب المملوء حبًا لله سيقبل من يديه أي شيء.
(مت 43:12-45 + لو 24:11-26):-
(مت 43:12-45):-
إِذَا خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ، يَطْلُبُ رَاحَةً وَلاَ يَجِدُ. ثُمَّ يَقُولُ: أَرْجعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ فَارِغًا مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ مَعَهُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ! هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا لِهذَا الْجِيلِ الشَّرِّيرِ.
مَتَى خَرَجَ الرُّوحُ النَّجِسُ مِنَ الإِنْسَانِ، يَجْتَازُ فِي أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ يَطْلُبُ رَاحَةً، وَإِذْ لاَ يَجِدُ يَقُولُ: أَرْجِعُ إِلَى بَيْتِي الَّذِي خَرَجْتُ مِنْهُ. فَيَأْتِي وَيَجِدُهُ مَكْنُوسًا مُزَيَّنًا. ثُمَّ يَذْهَبُ وَيَأْخُذُ سَبْعَةَ أَرْوَاحٍ أُخَرَ أَشَرَّ مِنْهُ، فَتَدْخُلُ وَتَسْكُنُ هُنَاكَ، فَتَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ!».
قبل هذا شرح المسيح أنه هو الذي نهب أمتعة القوي بعد أن دخل بيته وذلك بعد أن ربطه أولًا. والسيد المسيح حررنا كمؤمنين من سلطان إبليس.ولكن السيد المسيح هنا يحذرنا لئلا نبدأ الطريق ولا نكمله، فإننا بعد أن حررنا المسيح، علينا أن نجاهد لنستمر أحرارًا. وذلك بأن نرفض طريق الخطية، وأن نصلي باستمرار ونمارس وسائط النعمة، نسهر على خلاص نفوسنا ونستعد لليوم الأخير، أماَ من يهمل ويرتد فسيعود له الشيطان وبقوة أكبر، فهو لا يجد راحته إلا في العودة من حيث طُرد، وهكذا يبقى متربصًا لعله في تهاوننا يرجع بصورة أشر وأقوى لكي يسكن فينا من جديد. هذا حال من بدأ بالروح وأكمل بالجسد (غل 3:3) وهذا هو حال اليهود الذي يوجه السيد كلامه إليهم، إذ هم بسابق علاقتهم مع الله ووجود الله في وسطهم، فكأنهم تمتعوا بطرد إبليس من قلوبهم، لكنهم إذ جحدوا الرب وجدفوا عليه صاروا أشر مما كانوا عليه قبل الإيمان ليس فيها ماء= أي يطوف باحثًا عن شخص خلا من الروح القدس ليحتل قلبه.
والشعب اليهودي حين كان في مصر مستعبدًا، يعيشون حسب نواميس المصريين المملوءة دنسًا سكن الروح النجس فيهم، ولكنهم خلصوا بواسطة موسى خلال رحمة الله وتقبلوا الشريعة، حينئذ طُرِد منهم الروح النجس، والآن بجحدهم للمسيح هاجمهم الروح النجس من جديد فوجد قلبهم فارغًا، خاليًا من مخافة الله، كما لو كان مكنوسًا مزينًا، فسكن فيهم. والعكس فالروح القدس إذ يجد قلبًا نقيًا يطلب الله، يأتي ويسكن عنده.
أواخر اليهود كانت على يد تيطس سنة 70 م. أشر من أوائلهم في مصر إذ كانوا فقط مجرد عبيدًا للمصريين.
لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ = كان اليهود يظنون أن البرية هي مكان الشياطين. ونلاحظ عمومًا أن الماء يرمز للروح القدس (أش 1:44-4 + يو 37:7-39). والشيطان لا يستطيع أن يغوي إنسان مملوءًا بالروح القدس.
يطلب راحة = الشيطان يجد راحة في إحتلال أجسام البشر. ليؤذيهم ويبعدهم عن الله، فهذه راحته. أرجع إلى بيتي = فهو إن لم يجد إنسان آخر يدخل فيه يعود لمن خرج منه. ولنطبق هذا على اليهود:-
1) فالشيطان خرج منهم إذ حررهم موسى من فرعون (رمز الشيطان) وأخرجهم موسى من أرض مصر أحرارا، وسكنوا في أرض الميعاد.
2) سكن الشيطان في الأمم الوثنيين، فالأمم كانوا أماكن لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ.
3) لكنه ظل متربصاً بالمكان الذي خرج منه ويحاول معهم. وحسب وصف المؤرخ يوسيفوس عن حال اليهود قبل خراب سنة 70م على يد تيطس، نرى فعلاً أن حال اليهود صار من أردأ ما يمكن أخلاقياً. صاروا هم أَمَاكِنَ لَيْسَ فِيهَا مَاءٌ. فرجع الشيطان إلى بيته ومعه سبعة أرواح أخر أشر منه. وهذا ما حدث ووصلوا إلى أنهم جحدوا المسيح وصلبوه.
4) كان اليهود بعد صلب المسيح، كإنما إستولى عليهم لجيئون وإندفعوا في شرورهم جداً. وكونوا ميليشيات مسلحة تهاجم الرومان وتقتل جنودهم، ولما منعهم رئيس الكهنة قتلوه وطردوا الكهنة من الهيكل وجعلوا الهيكل مركزاً للثوار. وإنتشرت الدعارة والسكر بالخمر في الهيكل.
5) وهنا صارت أواخرهم أشر من أوائلهم (تَصِيرُ أَوَاخِرُ ذلِكَ الإِنْسَانِ أَشَرَّ مِنْ أَوَائِلِهِ) إذ حطم تيطس الروماني أورشليم والهيكل وقتل مليون و 200000 وصلب 120000 وباع الباقي عبيدًا في أوروبا.
مكنوساً مزيناً = مكنوساً = ليس فيه أثر لكلام المسيح إذ ترك جهاده. هذا يعني أن الإنسان عاد لسيرته الأولى (2بط 20:2-22) ولم يحصن نفسه بعبادته لله. مزيناً = فيه صور الخلاعة في القلب. أشر منه= أي أقوى منه، إذاً الشياطين متفاوتين في القوة والشر والخداع ، لكن من يتحصن بالله ينجو منهم فإسم الرب برج حصين.
ولاحظ فالشيطان حين يخرج من شخص يظل يجول باحثاً عن شخص آخر يؤذيه، فعمله هو أذية الناس. وإن لم يجد آخر يعود للشخص الذي خرج منه ليحتله ثانية ويؤذيه. فهو حقود لا يحتمل نجاة إنسان من يده.
وَفِيمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ بِهذَا، رَفَعَتِ امْرَأَةٌ صَوْتَهَا مِنَ الْجَمْعِ وَقَالَتْ لَهُ: «طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضِعْتَهُمَا». أَمَّا هُوَ فَقَالَ: «بَلْ طُوبَى لِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ وَيَحْفَظُونَهُ».
طوبى للبطن= هنا نجد تنفيذ نبوة العذراء "كل الأجيال تطوبني" (لو 48:1) هذه المرأة تطوب المرأة التي حملت المسيح في بطنها إذ أعجبت بأقواله. ونفهم أن الروح القدس نطق على شفتيها فهي لم تذكر أباه فهو بلا أب جسدي طوبى للذين يسمعون كلام الله..= المسيح بهذا يطوب العذراء أيضًا فهي بلا شك تحفظ كلام الله وإلًا ما استحقت أن تكون لهُ أمًا. المسيح هنا يرفض أن تكون الطوبى بسبب القرابة الجسدية، ولكن بسبب التقوى فهذا أهم. ونجد أن من تلاميذ المسيح من هم أقرباؤه بالجسد مثل يعقوب ويهوذا كاتب الرسالة وليس الإسخريوطي، ولكنهم في كتابتهم لم يقولوا أنهم أقرباء لهُ بالجسد، بل عبيده (يع 1:1 + يه1). فالقرابة الجسدية لا تعطي فرحًا بالمسيح، فهاهم بعض أقرباؤه يعتبرونه مختل (مر 21:3). لذلك اعتبر بولس الرسول أنه إن عرفنا المسيح حسب الجسد فنحن ما عرفناه (2كو 16:5) ولاحظ أن الناس لن يحبوا أحدًا لأنه يقول أنا ابن فلان أو علان وإنما هم يحبونه لشخصه وأعماله، وهكذا السيد المسيح أراد أن تكون الطوبى لأمه بسبب تقواها. وإن كنا نهاجم الفريسيين على عنادهم وعدم إيمانهم بالمسيح وعيونهم المغلقة، فإننا نطوب هذه المرأة على أذنيها المفتوحتين وعيونها المفتوحة وقلبها المفتوح، فهي علمت أن من أمامها أي المسيح، ليس شخصًا عاديًا، إذ هي عرفت قدر كلماته وتعاليمه.
(مت 46:12-50 + مر 31:3-35 + لو 19:8-21):-
(مت 46:12-50):-
وَفِيمَا هُوَ يُكَلِّمُ الْجُمُوعَ إِذَا أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ قَدْ وَقَفُوا خَارِجًا طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوهُ. فَقَالَ لَهُ وَاحِدٌ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا طَالِبِينَ أَنْ يُكَلِّمُوكَ». فَأَجَابَ وَقَالَ لِلْقَائِلِ لَهُ: «مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتِي؟» ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتي. لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».
فَجَاءَتْ حِينَئِذٍ إِخْوَتُهُ وَأُمُّهُ وَوَقَفُوا خَارِجًا وَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ يَدْعُونَهُ. وَكَانَ الْجَمْعُ جَالِسًا حَوْلَهُ، فَقَالُوا لَهُ: «هُوَذَا أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ خَارِجًا يَطْلُبُونَكَ». فَأَجَابَهُمْ قِائِلًا: «مَنْ أُمِّي وَإِخْوَتِي؟» ثُمَّ نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى الْجَالِسِينَ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي، لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».
وَجَاءَ إِلَيْهِ أُمُّهُ وَإِخْوَتُهُ، وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَصِلُوا إِلَيْهِ لِسَبَبِ الْجَمْعِ. فَأَخْبَرُوهُ قَائِلِينَ: «أُمُّكَ وَإِخْوَتُكَ وَاقِفُونَ خَارِجًا، يُرِيدُونَ أَنْ يَرَوْكَ». فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ: «أُمِّي وَإِخْوَتِي هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ كَلِمَةَ اللهِ وَيَعْمَلُونَ بِهَا».
هذه القصة تحمل نفس المفهوم السابق، فالمسيح هنا يرفع العلاقات من مستوى القرابة بالجسد إلى مستوى العمل بمشيئة الآب كأساس، فمن لا يصنع مشيئة الآب لا يكون من أهل المسيح. ونلاحظ أن إخوة المسيح بالجسد لم يكونوا يؤمنون به أولًا (يو5:7)، وبعض من أقربائه قالوا أنه مختل (مر 21:3)، فأيهما أقرب للمسيح هؤلاء غير المؤمنين حتى وإن كانوا أقرباءه بالجسد، أم الذين آمنوا به وأحبوه وحفظوا وصاياه (يو 15:14). المسيح عمومًا يريد أن يرفعنا فوق مستوى العلاقات الجسدية، فهو الذي قال من أحب أبًا أو أما.... أكثر مني فلا يستحقني.
ثم مد يده نحو تلاميذه وقال ها أمي....= فالمسيح بتجسده وحلوله في وسطنا دخل معنا في علاقة جديدة فحسبنا أمه وإخوته. نحن نصير أمًا له بحمله في داخلنا، وصرنا إخوة له بكونه بكرًا بين إخوة كثيرين ولاحظ أن السيد المسيح لم يتنكر للعذراء أمه، فهو لم يقل ليست أمي بل من هي أمي ليرفع العلاقة من أن تكون جسدية لعلاقة أسمى، خلال الطاعة لإرادة أبيه. نحن بتنفيذنا للوصية لا نكون فقط أقرباء له بالجسد بل نتحد به ونثبت فيه، فما يفصلنا عنه هو الخطية فلا شركة للنور مع الظلمة. نحن قد أتحدنا به بالمعمودية (رو 3:6-8) ونظل ثابتين فيه (أقرباء له) إن التزمنا بوصاياه
إخوتهُ = اليهود يعتبرون أولاد الخالة والخال وأولاد العمومة أنهم إخوة. وهكذا قال إبراهيم عن لوط أنه أخاه. وهناك رأي بأنهم إمّا أولاد خالته أو هم أولاد يوسف من زواج سابق.
لاحظ أن لوقا يضع هذه القصة بعد قول السيد المسيح انظروا كيف تسمعون فمن يسمع كلام السيد وينفذه يصير قريبًا لهُ. ومتى يضع القصة بعد حديث المسيح عن خروج الروح النجس ورجوعه لو كان المكان مكنوسًا. إذًا متى يقصد، هل تريد أن تكون حرًا من الأرواح النجسة، وتكون قريبًا للسيد المسيح، إذًا نفذ وصاياه. ونفس المفهوم نجده في إنجيل مرقس واقفون خارجًا = فإخوته لأنهم كانوا لا يؤمنون به وقفوا خارجًا. فالوقوف خارجًا يفقدنا علاقتنا بالمسيح. أما من يدخل للداخل فهم أقرباؤه بالجسد وهؤلاء هم من قبلوا المسيح وحفظوا وصاياه.
لوقا يقول إنظروا كيف تسمعون (لو18:8)= فالكل يسمع ولكن من يسمع وينفذ ويطيع
الوصايا هو المقبول أمام الله.
← تفاسير أصحاحات إنجيل متى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28
_____
(1) شرح من الموقع: كلمة "شَيَ" من كلمة "شواء"، أي عملية شواء اللحم
على النار أو الفحم المشتعل grill.الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير متى 13 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير متى 11 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/fkmffs9