St-Takla.org  >   FAQ-Questions-VS-Answers  >   01-Questions-Related-to-The-Holy-Bible__Al-Ketab-Al-Mokaddas
 

سنوات مع إيميلات الناس!
أسئلة عن الكتاب المقدس

معنى آية: إلهي إلهي لماذا تركتني

سؤال: كيف يقول المسيح وهو على الصليب: "إلهي إلهي لماذا تركتني؟!" (متى46:27)، أليس هو الله؟!

 

الإجابة:

هذه العبارة Eli, Eli Lama Sabachthani (إيلي إيلي لما شبقتني؟) لا تعني أن لاهوته قد ترك ناسوته، ولا أن الآب قد ترك الابن..  لا تعني الانفصال، وإنما تعني أن الآب تركه للعذاب.

إن لاهوته لم يترك ناسوته لحظة واحدة ولا طرفة عين...  بهذا نؤمن، وبهذا نصلي في القداس الإلهي..  ولو كان لاهوته قد انفصل عنه، ما اعتُبِرَت كفارته غير محدودة، تعطي فداءً غير محدود، يكفي لغفران جميع الخطايا لجميع البشر في جميع الأجيال..  إذن فلم يحدث ترك بين لاهوته وناسوته.

ومن جهة علاقته بالآب، فلم يتركه الآب "لأنه في الآب والآب فيه" (إنجيل يوحنا 11:14).

إذن، ما معنى عبارة :"لماذا تركتني

ليس معناها الانفصال، وإنما معناها: تركتني للعذاب.  تركتني أتحمل الغضب الإلهي على الخطية.  هذا من جهة النفس.  أما من جهة الجسد، فقد تركتني أحِس العذاب وأشعر به.  كان ممكنًا ألا يشعر بألم، بقوة اللاهوت..  ولو حدث ذلك لكانت عملية الصلب صورية ولم تتم الآلام فعلًا، وبالتالي لم يدفع ثمن الخطية، ولم يتم علمية الفداء..

St-Takla.org Image: The Crucifixion of Jesus Christ, an ancient Coptic icon at Al Mu'allaqah Church in Cairo, Egypt. صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة الصلبوت وهي أيقونة قبطية أثرية موجودة في كنيسة المعلقة في القاهرة بمصر.

St-Takla.org Image: The Crucifixion of Jesus Christ, an ancient Coptic icon at Al Mu'allaqah Church in Cairo, Egypt.

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة الصلبوت وهي أيقونة قبطية أثرية موجودة في كنيسة المعلقة في القاهرة بمصر.

ولكن الآب ترك الابن يتألم، والابن قَبِلَ هذا التَّرْك وتعذب به.  وهو من اجل هذا جاء..  كان تارِكًا باتفاق..  من أجل محبته للبشر، ومن أجل وفاء العدل..  تركه يتألم ويبذل، ويدفع، دون أن ينفصل عنه..

لم يكن تركًا أقنوميًا، بل تركًا تدبيريًا..  تركه بحب، "سُرَّ أن يسحقه بالحزن" (سفر أشعياء 10:53). 

* مثال لتقريب المعنى:

لنفرض أن طفلًا اصطحبه أبوه لإجراء عملية جراحية له، كفتح دمل مثلًا أو خرّاج.  وأمسكه أبوه بيديه، وبدأ الطبيب يعمل عمله، والطفل يصرخ مستغيثًا بأبيه "ليه سيبتني؟!".  وهو في الواقع لم يتركه، بل هو ممسك به بشدة، ولكنه قد تركه للألم، وتركه في حب..  هذا النوع من الترك، مع عدم الانفصال..  نقوله لمجرد تقريب المعنى، والقياس مع الفارق..

إن عبارة "تركتني" تعني أن آلام الصلب، كانت آلامًا حقيقية.  وآلام الغضب الإلهي كانت مُبرِحة..  في هذا الترك تركَّزَت كل آلام الصليب.  وكل آلام الفداء..  هنا يقف المسيح كذبيحة محرقة، وكذبيحة إثم تشتعل فيه النار الإلهية حتى تتحول الذبيحة إلى رماد، وتوفي عدل الله كاملًا..

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

كثير من المفسرين يرون أن الرب بقوله "الهي الهي لماذا تركتني" إنما كان يُذَكِّر اليهود بالمزمور الثاني والعشرون الذي يبدأ بهذه العبارة.  كانوا "يضلون إذ لا يعرفون الكتب" (متى 29:22)، بينما كانت هذه الكتب "هي التي تشهد لي" (إنجيل يوحنا 39:5)، فأحالهم السيد المسيح إلى هذا المزمور بالذات.  وكانوا لا يعرفون المزامير بأرقامها الحالية، وإنما كانوا يسمون المزمور بأول عبارة فيه، كما يفعل الرهبان في أيامنا..

وماذا في هذا المزمور عنه؟

فيه "ثقبوا يدي وقدمي، وأحصوا كل عظامي..  وهم ينظرون ويتفرَّسون فيَّ.  يقسمون ثيابي بينهم، وعلى قميصي يقترعون" (ع18،17).  وواضح أن داود النبي الذي قال هذا المزمور، لم يثقب أحد يديه ولا قدميه، ولم يقسم أحد ثيابه، ولم يقترعوا على قميصه..  وإنما هذا المزمور، قد قيل بروح النبوة عن المسيح..  وكأن المسيح على الصليب يقول لهم:  اذهبوا واقرأوا مزمور "إلهي إلهي لماذا ترتكني؟!" وانظروا ما قيل عني..  تروا أنه قيل فيه عني أيضًا:

"عارٌ عند البشر، ومحتقر الشعب.  كل الذين يرونني يستهزئون بي، يفغرون الشفاه وينغضون الرأس قائلين: اتكَل على الرب فليُنَجه، ليُنْقِذَهُ لأنه سُرَّ به!" (ع6-8).

ويعوزنا الوقت  إن فحصنا كل المزمور..  إنه صورة واضحة لآلام المسيح على الصليب، وجَّههُم إليه، وفتح أذهانهم ليفهموا الكتب (إنجيل لوقا 45:24).

كل نص المزمور بدأ يتحقق، لذلك قال بعد حين "قد أُكْمِل".  ولكن لم يقل "قد أُكْمِل" مباشرة بعد "ألهي ألهي لماذا تركتني؟"، لأنه هناك عبارة أخرى في المزمور لم تكتمل بعد وهي عبارة "يبست مثل شَقْفة قوّتي، ولصق لساني بحنكي" (ع15).  (ستجد النص الكامل للكتاب المقدس هنا في موقع الأنبا تكلا) إن هذه العبارة أيضًا ستتحقق بعد حين عندما يقول: "أنا عطشان".  لذلك قال بعدها "قَدْ أُكْمِلَ".

St-Takla.org                     Divider     فاصل موقع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - أنبا تكلا هايمانوت

St-Takla.org Image: At around three in the afternoon, Jesus called out in a loud voice, ‘My God, my God why have you forsaken me?’ Then Jesus exclaimed, ‘Father, into your hands I commit my spirit.’ He breathed His last breath. (Matthew 27: 46-50) (Mark 15: 34-37) (Luke 23: 45-46) (John 19: 28-30) - "Jesus is crucified and dies" images set (Matthew 27: 27-66, Mark 15:16-47, Luke 23:26-56, John 19:16-42): image (9) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا: «إيلي، إيلي، لما شبقتني؟» أي: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا: «إنه ينادي إيليا». وللوقت ركض واحد منهم وأخذ إسفنجة وملأها خلا وجعلها على قصبة وسقاه. وأما الباقون فقالوا: «اترك. لنرى هل يأتي إيليا يخلصه!». فصرخ يسوع أيضًا بصوت عظيم، وأسلم الروح" (متى 27: 46-50) - "وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا: «إلوي، إلوي، لما شبقتني؟» الذي تفسيره: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ فقال قوم من الحاضرين لما سمعوا: «هوذا ينادي إيليا». فركض واحد وملأ إسفنجة خلا وجعلها على قصبة وسقاه قائلا: «اتركوا. لنر هل يأتي إيليا لينزله!» فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح" (مرقس 15: 34-37) - "وأظلمت الشمس، وانشق حجاب الهيكل من وسطه. ونادى يسوع بصوت عظيم وقال: «يا أبتاه، في يديك أستودع روحي». ولما قال هذا أسلم الروح" (لوقا 23: 45-46) - "بعد هذا رأى يسوع أن كل شيء قد كمل، فلكي يتم الكتاب قال: «أنا عطشان». وكان إناء موضوعا مملوا خلا، فملأوا إسفنجة من الخل، ووضعوها على زوفا وقدموها إلى فمه. فلما أخذ يسوع الخل قال: «قد أكمل». ونكس رأسه وأسلم الروح" (يوحنا 19: 28-30) - مجموعة "صلب يسوع وموته" (متى 27: 27-66, مرقس 15: 16-47, لوقا 23: 26-56, يوحنا 19: 16-42) - صورة (9) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: At around three in the afternoon, Jesus called out in a loud voice, ‘My God, my God why have you forsaken me?’ Then Jesus exclaimed, ‘Father, into your hands I commit my spirit.’ He breathed His last breath. (Matthew 27: 46-50) (Mark 15: 34-37) (Luke 23: 45-46) (John 19: 28-30) - "Jesus is crucified and dies" images set (Matthew 27: 27-66, Mark 15:16-47, Luke 23:26-56, John 19:16-42): image (9) - The Gospels, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا: «إيلي، إيلي، لما شبقتني؟» أي: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا: «إنه ينادي إيليا». وللوقت ركض واحد منهم وأخذ إسفنجة وملأها خلا وجعلها على قصبة وسقاه. وأما الباقون فقالوا: «اترك. لنرى هل يأتي إيليا يخلصه!». فصرخ يسوع أيضًا بصوت عظيم، وأسلم الروح" (متى 27: 46-50) - "وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا: «إلوي، إلوي، لما شبقتني؟» الذي تفسيره: إلهي، إلهي، لماذا تركتني؟ فقال قوم من الحاضرين لما سمعوا: «هوذا ينادي إيليا». فركض واحد وملأ إسفنجة خلا وجعلها على قصبة وسقاه قائلا: «اتركوا. لنر هل يأتي إيليا لينزله!» فصرخ يسوع بصوت عظيم وأسلم الروح" (مرقس 15: 34-37) - "وأظلمت الشمس، وانشق حجاب الهيكل من وسطه. ونادى يسوع بصوت عظيم وقال: «يا أبتاه، في يديك أستودع روحي». ولما قال هذا أسلم الروح" (لوقا 23: 45-46) - "بعد هذا رأى يسوع أن كل شيء قد كمل، فلكي يتم الكتاب قال: «أنا عطشان». وكان إناء موضوعا مملوا خلا، فملأوا إسفنجة من الخل، ووضعوها على زوفا وقدموها إلى فمه. فلما أخذ يسوع الخل قال: «قد أكمل». ونكس رأسه وأسلم الروح" (يوحنا 19: 28-30) - مجموعة "صلب يسوع وموته" (متى 27: 27-66, مرقس 15: 16-47, لوقا 23: 26-56, يوحنا 19: 16-42) - صورة (9) - صور الأناجيل الأربعة، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

ولكن لماذا قال المسيح: "إلهي، إلهي"؟

لقد قالها بصفته نائبًا عن البشرية.  قالها لأنه "أخلى ذاته، وأخذ شكل العبد، صائرًا شبه الناس، وقد وُجِدَ في الهيئة كإنسان" (فيلبي 8،7:2).  قالها لأنه "وَضَعَ نفسه" و"أطاع حتى الموت؛ موت الصليب" (في9:2).  إنه يتكلم الآن كابن للإنسان، أخذ طبيعة الإنسان، وأخذ موضعه، ووقف نائبًا عن الإنسان وبديلًا عنه أما الله، كابن بشر، وضعت عليه كل خطايا البشر، وهو الآن يدفع ديونهم جميعًا..

هنا نرى البشرية كلها تتكلم على فمه..  وإذ وضعت عليه كل خطايا البشر، والخطية انفصال عن الله، وموضع غضب الله، لذلك تصرخ البشرية على فمه: "إلهي.. إلهي، لماذا تركتني؟!"..

لقد ناب السيد المسيح عن البشرية في أشياء كثيرة، إن لم يكن في كل الأشياء!!

ناب عنا في الصوم: لم يستطع آدم وحواء أن يصومَا عن الثمرة المحرمة، وقطفا وأكلا، وبدأ السيد حياته بالصوم حتى عن الطعام المحلل.  لم يكن في حاجة إلى الصوم، ولكنه "صام عنّا أربعين ليلة" كما نقول في تسابيح الكنيسة.

وناب عنا في طاعة الناموس: "الرب من السماء أشرف على بني البشر، لينظر هل من فاهِم طالب الله.  الجميع زاغوا وفسدوا.  ليس مَنْ يعمل صلاحًا، ليس ولا واحد" (مزامير 3،2:14). وجاء المسيح، فناب عن البشر في طاعة الآب، ونفذ الناموس لكي "يُكَمِّل كل برّ" (إنجيل متى 15:3).  كما ذكرت وقت العماد.. وهكذا ناب عن البشرية في تقديم حياة طاهرة مقبولة أمام الله الآب..

وناب عنا أيضًا في الموت وفي العذاب وفي دَفْع ثمن الخطية و"الذي بلا خطية صار خطية لأجلنا" (رسالة كورنثوس الثانية 21:5). واحتمل كل لعنة الناموس.  واحتمل كل غضب الله على الخطاة بكل ما فيه من مرارة.  وكنائب عن البشرية قال "إلهي إلهي، لماذا تركتني؟"...

وهذا الذي أعان الكل ولم يترك واحدًا، تركه الكل حتى الآب..  وبهذا دفع ثمن الخطية، وتحمَّل الغضب، وخرج منتصرًا بعد أن جاز معصرة الألم وحده، نفسًا وجسدًا..

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

وفي هذا كله أعطانا دروسًا، لكي نحترس نحن.

إن كانت الخطية تسبب كل هذا الترك، وكل هذا التخلي، وكل هذا الألم، فلنسلك نحن بتدقيق (أفسس 15:5).  ولنخف أن نترك الرب لئلا يتركنا.  فإن الابن نفسه قد تُرِكَ، وألم التَّرك لا يُطاق.  وفي كل ذلك فلنشكر ربنا يسوع المسيح ونُسَبِّحه على كل هذا الحب والبذل..

إن عبارة "لماذا تركتني"، تعطينا الكثير من العزاء كلما نقع في الضيقات..  "إن كان الله الآب لم يشفق على ابنه" (رومية 22:8)، وسلَّمه لهذا العذاب والحزن، فلماذا نتذمَّر نحن على الآلام التي يسمح بها الله الآب..؟!  إن كان الآب قد سُرَّ أن يسحق بِالْحَزَنِ ابنه الوحيد الحبيب(1) الذي قال عنه: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرت" (متى 17:3).  ومع ذلك فنحن لم نتعرض لشيء من كل آلام المسيح على الرغم من استحقاقنا لكل ألم، فلماذا إذن نتذمر على الضيقات؟

إن الابن شرب الكأس التي قدَّمها له الآب، وقال له "لتكن مشيئتك".  وأطاع حتى الموت؛ موت الصليب، بكل خضوع.

أما عبارة: "لماذا تركتني"، فلم تكن نوعًا من الاحتجاج أو الشكوى -كما قلنا- إنما كانت مجرد تسجيل لآلامه، وإثبات حقيقتها، وإعلانًا بأن عمل الفداء سائر في طريق التمام...

 المراجع - إذا أردت المزيد عن هذا الموضوع، نرجو قراءة الآتي:


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/FAQ-Questions-VS-Answers/01-Questions-Related-to-The-Holy-Bible__Al-Ketab-Al-Mokaddas/013-Eli-Eli-lama-sabachthani.html

تقصير الرابط:
tak.la/fdtv72k