St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   fr-youhanna-fayez  >   apocalypse
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   fr-youhanna-fayez  >   apocalypse

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص يوحنا فايز زخاري

الرؤيا 6 - تفسير سفر الرؤيا

 

محتويات:
(إظهار/إخفاء)

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الإصحاح السادس

الخُتوم السَّبْعة

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نص الأصحاح:

الإصْحَاحُ السَّادس

الختوم السِّتَّةِ الأولى

 

الخَتْم الأول: الفَرَسُ الأَبْيَضُ، والْجَالِسُ عَلَيْه ُمكللٌ وغالب (رؤ 6: 1-2)

1وَنَظَرْتُ لَمَّا فَتَحَ الْحَمَلُ وَاحِدًا مِنَ الْخُتُومِ السَّبْعَةِ،

وَسَمِعْتُ وَاحِدًا مِنَ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ قَائِلًا كَصَوْتِ رَعْدٍ هَلُمَّ وَانْظُرْ

وَالْحَيَوَانُ الأَوَّلُ شِبْهُ أَسَدٍ (رؤيا 4: 7)

2فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ، والْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ،

وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا، وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ.

 

الخَتْم الثاني: الفَرَس الأحمر، والْجَالِسُ عَلَيْه يَنْزِعَ السَّلاَمَ (رؤ 6: 3-4)

3وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْم الثَّانِيَ، سَمِعْتُ الْحَيَوَانَ الثَّانِيَ قَائِلًا: «هَلُمَّ وَانْظُرْ!»

وَالْحَيَوَانُ الثَّانِي شِبْهُ عِجْلٍ (رؤيا 4: 7)

4فَخَرَجَ فَرَسٌ آخَرُ أَحْمَرُ، وَأُعْطِيَ لِلْجَالِسِ عَلَيْهِ

أَنْ يَنْزِعَ السَّلاَمَ مِنَ الأَرْضِ،

وَأَنْ يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأُعْطِيَ سَيْفًا عَظِيمًا.

 

الخَتْم الثالث: الفَرَس الأسودَ، والْجَالِسُ عَلَيْه مَعَهُ مِيزَانٌ المجاعات

5وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الثَّالِثَ، سَمِعْتُ الْحَيَوَانَ الثَّالِثَ قَائِلًا: «هَلُمَّ وَانْظُرْ!»

وَالْحَيَوَانُ الثَّالِثُ لَهُ وَجْهٌ مِثْلُ وَجْهِ إِنْسَانٍ (رؤيا 4: 7)

فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَسْوَدُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ مِيزَانٌ فِي يَدِهِ.

6وَسَمِعْتُ صَوْتًا فِي وَسَطِ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ قَائِلًا ثُمْنِيَّةُ قَمْحٍ بِدِينَارٍ،

وَثَلاَثُ ثَمَانِيِّ شَعِيرٍ بِدِينَارٍ. وَأَمَّا الزَّيْتُ وَالْخَمْرُ فَلاَ تَضُرَّهُمَا».

 

الخَتْم الرابع: الفَرَس الأخضرَ، والْجَالِسُ عَلَيْه اْسمُهُ الْمَوْتُ

7وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الرَّابِعَ، سَمِعْتُ صَوْتَ اْلَحيَوَانِ الرَّابِعِ قَائِلًا هَلُمَّ وَانْظُرْ

وَالْحَيَوَانُ الرَّابِعُ شِبْهُ نَسْرٍ طَائِرٍ (رؤيا 4: 7)

8فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَخْضَرُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ اْسمُهُ الْمَوْتُ، وَالْهَاوِيَةُ تَتْبَعُهُ، وَأُعْطِيَا سُلْطَانًا عَلَى رُبْعِ الأَرْضِ

أَنْ يَقْتُلاَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْمَوْتِ وَبِوُحُوشِ الأَرْضِ.

 

الخَتْم الخامس: نُفُوس تَحْتَ الْمَذْبَحِ في السماء

9وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الْخَامِسَ، رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَحِ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا

مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ،

10وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ

وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟» 11فَأُعْطُوا كُلُّ وَاحِدٍ ثِيَابًا بِيضًا، وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا

حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ، وَإِخْوَتُهُمْ أَيْضًا، الْعَتِيدُونَ أَنْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُمْ.

 

الخَتْم السادس: يَوْمُ الغَضَبِ الْعَظِيمُ قد اقترب

11وَنَظَرْتُ لَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ السَّادِسَ، وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، وَالشَّمْسُ صَارَتْ سَوْدَاءَ كَمِسْحٍ مِنْ شَعْرٍ، وَالْقَمَرُ صَارَ كَالدَّمِ،


13وَنُجُومُ السَّمَاءِ سَقَطَتْ إِلَى الأَرْضِ

كَمَا تَطْرَحُ شَجَرَةُ التِّينِ سُقَاطَهَا إِذَا هَزَّتْهَا رِيحٌ عَظِيمَةٌ.

14وَالسَّمَاءُ انْفَلَقَتْ كَدَرْجٍ مُلْتَفٍّ،

وَكُلُّ جَبَلٍ وَجَزِيرَةٍ تَزَحْزَحَا مِنْ مَوْضِعِهِمَا.

15وَمُلُوكُ الأَرْضِ وَالْعُظَمَاءُ وَالأَغْنِيَاءُ وَالأُمَرَاءُ وَالأَقْوِيَاءُ وَكُلُّ عَبْدٍ وَكُلُّ حُرٍّ

أَخْفَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَغَايِرِ وَفِي صُخُورِ الْجِبَالِ،

16وَهُمْ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ والصخور اسقطي عَلَيْنَا وَأَخْفِينَا

عَنْ وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَنْ غَضَبِ الْحَمَلِ،

17 لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ يَوْمُ غَضَبِهِ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ؟»".

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Reflections on the Apocalypse: The Book of Revelation - Vol. 2 (Revelation 6-11) (with back cover), book cover by Fr. Youhanna Fayez Zakhary. صورة في موقع الأنبا تكلا: غلاف كتاب تأملات في الأبوكالبسيس: سفر الرؤيا - جزء 2 (رؤ 6-11) (مع الغلاف الخلفي) - القمص يوحنا فايز زخاري.

St-Takla.org Image: Reflections on the Apocalypse: The Book of Revelation - Vol. 2 (Revelation 6-11) (with back cover), book cover by Fr. Youhanna Fayez Zakhary.

صورة في موقع الأنبا تكلا: غلاف كتاب تأملات في الأبوكالبسيس: سفر الرؤيا - جزء 2 (رؤ 6-11) (مع الغلاف الخلفي) - القمص يوحنا فايز زخاري.

مقدمة

مَا هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ

في الإصْحَاحين الرابع والخامس كانت الخليقة كلها حول العرش الكروبيمي وسط أفراحٍ سمائية بالحَمَل القائم كأنه مذبوح، والأسد الخارج من سبط يهوذا، والسمائيين يمثلهم الأربعة حيوانات غير المتجسدين، والقديسين من البشر يمثلهم الأربعة والعشرون كاهنًا الجالسون حول العرش في سجودٍ وتسبيحٍ دائمَين قائلين "قدوس قدوس قدوس للجالس على العرش، وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآباد".

والآن نتقدم إلى الإصحاح السادس، حيث تقَدَّم الحَمَلُ المذبوح ليفتح السِّفْر ويفُكَّ ختومه بعدما "لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ فِي السَّمَاءِ وَلاَ عَلَى الأَرْضِ وَلاَ تَحْتَ الأَرْضِ أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَلاَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ" (رؤ 5: 3).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

فتْحُ السِّفْر المَختوم

يحدثنا الإصحاح السادس عن ستة ختوم،

ويحدثنا الإصحاح الثامن عن الخَتْم السابع.

وبين الإصحاحين السادس والثامن نلتقي بالمسيح مُنقِذ أولاده من الغضب الآتي في (رؤيا 7).

 

الختوم السبعة: هي رُؤَى تبدأ كُلٌّ منها بكلمة نظرت أو رأيت، وخلال فَتْحِها نرى سبعة مناظر في (رؤيا 6: 1، 3، 5، 7، 9، 12؛ 8: 1)، حيث يقول في عبارات متشابهة: هلم وانظر (رؤ 6: 1، 3، 5، 7)، رأيت أو نظرت (رؤ 6: 2، 5، 8، 9، 12؛ 8: 2). وهي مجموعتان:

الختوم الأربعة الأولى وتحدثنا عن الأرض وسكانها وعند فتح كل خَتْم نسمع واحدًا من الحيوانات الأربعة الكِروبيمية يُنادي مُنَبِّهًا القديس يوحنا "هلم وانظرفيرى أربعة أفراس، الأول أبيض والثاني أحمر والثالث أسود والرابع أخضر وعلى كل فَرَسٍ فارسًا راكبًا عليه. ثم

الختوم الثلاثة الأخيرة فترتفع بنا إلى السماء، ثُم تأتي الأبواق والجامات الأربع الأولى تُحدِّثنا عن الأرض وسُكَّانها، والثلاثة الأُخْرى ترتفع بنا إلى السماء مثل الختوم.

الختوم السبعة في نظر القديس امبروسيوس تُمَثِّل سبعة أزمنة منذ آدم إلى يوم القيامة 4 ختوم ترمز إلى أزمنة العهد القديم

3 ختوم ترمز إلى أزمنة العهد الجديد

وثَمَّة تشابه بين هذه الختوم وعلامات نهاية العالم في (متى 24، مر 14) بالإضافة إلى التشابه مع الكنائس السبعة، والأبواق، والجامات.

 

الكنيسة

عصور الزمن

الختوم السبعة (رؤ 6)

(متى 24)

أفسس

العصر الرسولي

خَتْم 1 فَرَس أبيض (رؤ 6: 2)

 

سميرنا

عصر الاستشهاد

خَتْم 2 فَرَس أحمر (رؤ 6: 4)

الحروب (مت 24: 6)

بَرْغَامُس

عصر المجامع

خَتْم 3 فَرَس أسود (رؤ 6: 5)

مجاعات (مت 24: 7)

ثياتيرا

عصر الإسلام

خَتْم 4 فَرَس أخضر (رؤ 6: 8)

أوبئة (مت 24: 7)

ساردس

شكليات العبادة

خَتْم 5 القتلى تحت المذبح (رؤ 6: 9)

ضيق وقتل

(مت 24: 9، 12، 24)

فيلادلفيا

ما قبل ضد المسيح

خَتْم 6 علامات في الشمس والقمر (رؤ 6: 12-14)

نفسها (مت 24: 29)

لاودُكِيَّة

عصر ضد المسيح

خَتْم 7 سكون في السماء (رؤ 1: 8)

السحاب (مت 24: 30)

 

بين سِفْر الرؤيا والأناجيل

(رؤيا 6؛ 8: 1)

(متى 24؛ مر 13)

الخَتْم الأول (رؤيا 6: 1-2)

فَرَسٌ أبيض والجالس عليه... ويعني كرازة الرُّسُل بالإنجيل

"وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى"(مت 24: 14)"وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَزَ أَوَّلًا بِالإِنْجِيلِ فِي جَمِيعِ الأُمَمِ"(مر 13: 10)

الخَتْم الثاني (رؤ 6: 3-4)

فَرَس أحمر والجالس عليه....

ويعني الحرب والاستشهاد

"وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ... وَلَكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ. لِأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، "فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَبِأَخْبَارِ حُرُوبٍ فَلَا تَرْتَاعُوا" (مر 13: 7)

 

الخَتْم الثالث (رؤ 6: 5-6)

فَرَس أسود والجالس عليه. الهرطقة ومجاعات روحية

"وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ" (مت 24: 7، 27؛ مر 13: 8)

الخَتْم الرابع (رؤ 6: 7-8)

فَرَس أخضر والجالس عليه...انتشار الاسلام

"وَأَوْبِئَةٌ" (مت 24: 7)

الخَتْم الخامس (رؤ 6: 9-11)

نفوس الذين قتلوا من أجل كلمة الله...

الاضطهادات الأخيرة

"حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيقٍ وَيَقْتُلُونَكُمْ، لِأَجْلِ اسْمِي" (مت 24: 9، 29)"لِأَنَّهُمْ سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَتُجْلَدُونَ... وَتُوقَفُونَ أَمَامَ وُلَاةٍ وَمُلُوكٍ... وَسَيُسْلِمُ الْأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ" (مر 13: 9، 12)

الخَتْم السادس (رؤ 6: 12- 17) زلزلة عظيمة حدثت

"وَتَكُونُ زَلَازِلُ فِي أَمَاكِنَ" (مت 24: 7؛ مر 13: 8، 24-25)

الخَتْم السابع (رؤ 8: 1)

ينتهي بالبوق السابع ومجيء المسيح

"وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلَامَةُ ابْنِ الْإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ... وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الْإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. فَيُرْسِلُ مَلَائِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ الصَّوْتِ" (مت 24: 30-31)

والإصحاح السادس يحدثنا عن "مَا هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ" (رؤيا 1: 19)، فنبدأ الجزء النبوي في ثلاثة سباعيات متعاقبة مع تداخل في الجزء الأخير، وهي السبعة ختوم (رؤيا 6، 8)، ثم السبعة أبواق (رؤيا 8-9، 11) ثم السبعة جامات (رؤيا 16).

 

الختوم السبعة

الختوم الأربعة الأولى (رؤ 6: 1-8)

مبتدأ الأوجاع

(متى 24: 5- 8)

النصف الأول من الأسبوع الأخير من أسابيع دانيال السبعين (دا 9: 27)

الخَتْم الخامس (رؤيا 6: 9- 11)

الضيقة العظيمة

(متى 24: 1- 9، 21)

النصف الثاني من الأسبوع الأخير

الخَتْم السادس

(رؤ 6: 12-17)

بعد ضيق تلك الأيام (متى 24: 29) يوم الغضب علامات في الشمس والقمر والنجوم، والضيق يتم بالأبواق الـ 6 والجامات الـ 6 (رؤيا 16: 17)

 

 

الخَتْم السابع (رؤ 8: 1؛ مت 24: 31)

ثم الجام السابع والبوق السابع والمجيء الثاني

بين الخَتْمين (رؤ 6-7)

المسيح منقذ أولاده من الغضب الآتي (رؤيا 7).

 

 

الأبواق الأربعة الأولى (رؤيا 8: 7-12)

ضربات الطبيعة بنسبة الثُّلْث أرض، بحر، شمس، قمر، نجوم

البوق الخامس

(رؤيا 9: 5)

أشهر عذاب للذين ليس لهم خَتْم الله:

الوَيْل الأول

البوق السادس

(رؤيا 9: 15)

200 مليون محارب لقتل ثُلث الناس:

الوَيْل الثاني

 

 

الجامات الستة الأولى (رؤيا 16)

أما الجام السابعة ففيها الوحش يُباد تمامًا،

والوعد بالمجيء الثاني 16: 15

في الجام 7

البوق السابع (رؤيا 11: 15 - 19)

الوَيْل الثالث الأخير (رؤيا 8: 13؛ 9: 12)

هلاك الوحش وجيوشه (رؤيا 11: 18)

1 بروق 2 وأصوات 3 ورعود 4 وزلزلة 5 وبرد عظيم (رؤيا 11: 19)

البَوَّق السَّابِعُ «قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ» (رؤيا 11: 15- 17)

والدينونة العامة (رؤيا 11: 18)(مت 24: 30-31) (1 كو 15: 52)، (رؤيا 10: 7)

 

الجامات الأربعة الأولى

(رؤيا 16: 1 - 9)

فيها يُصَب غضب الله على 1 الأرض، 2 البحر، 3 الأنهار، 4 الشمس (رؤ 16: 1)

الجام الخامسة

(رؤيا 16: 10)

لِضَرب عرش الوحش

يحتفظ ببقية حياة ثم يُباد بظهور مجيئه (2 تس 2: 8)

الجام السادسة

(رؤيا 16: 13، 16)

فيها

معركة هرمجدون

وبطلها الوحش

(رؤ 13: 1)

 

السُّباعيات

مضت ثلاث سباعيات هي الرسائل السبعة إلى الأساقفة السبعة للكنائس السبعة،

والآن ثلاث سباعيات متوازية: الختوم السبعة والأبواق السبعة والجامات السبعة.

فبين الخَتْمين الأخيرين تُبَوِّق الأبواق وتُصَب الجامات ويُسَجِّل القديس متَّى عن هذه الفترة قائلًا "بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أقصاء السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا " (متى 24: 29-31)

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

St-Takla.org Image: "Then the four living creatures said, “Amen!” And the twenty-four elders fell down and worshiped Him who lives forever and ever. Now I saw when the Lamb opened one of the seals; and I heard one of the four living creatures saying with a voice like thunder, “Come and see.” And I looked, and behold, a white horse. He who sat on it had a bow; and a crown was given to him, and he went out conquering and to conquer. When He opened the second seal, I heard the second living creature saying, “Come and see.” Another horse, fiery red, went out. And it was granted to the one who sat on it to take peace from the earth, and that people should kill one another; and there was given to him a great sword. When He opened the third seal, I heard the third living creature say, “Come and see.” So I looked, and behold, a black horse, and he who sat on it had a pair of scales in his hand. And I heard a voice in the midst of the four living creatures saying, “A quart of wheat for a denarius, and three quarts of barley for a denarius; and do not harm the oil and the wine.” When He opened the fourth seal, I heard the voice of the fourth living creature saying, “Come and see.” So I looked, and behold, a pale horse. And the name of him who sat on it was Death, and Hades followed with him. And power was given to them over a fourth of the earth, to kill with sword, with hunger, with death, and by the beasts of the earth." (Revelation 6: 1-8) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: الفرسان الأربعة: "ونظرت لما فتح الخروف واحدا من الختوم السبعة، وسمعت واحدا من الأربعة الحيوانات قائلا كصوت رعد: «هلم وانظر!» فنظرت، وإذا فرس أبيض، والجالس عليه معه قوس، وقد أعطي إكليلا، وخرج غالبا ولكي يغلب. ولما فتح الختم الثاني، سمعت الحيوان الثاني قائلا: «هلم وانظر!» فخرج فرس آخر أحمر، وللجالس عليه أعطي أن ينزع السلام من الأرض، وأن يقتل بعضهم بعضا، وأعطي سيفا عظيما. ولما فتح الختم الثالث، سمعت الحيوان الثالث قائلا: «هلم وانظر!» فنظرت وإذا فرس أسود، والجالس عليه معه ميزان في يده. وسمعت صوتا في وسط الأربعة الحيوانات قائلا: «ثمنية قمح بدينار، وثلاث ثماني شعير بدينار. وأما الزيت والخمر فلا تضرهما». ولما فتح الختم الرابع، سمعت صوت الحيوان الرابع قائلا: «هلم وانظر!» فنظرت وإذا فرس أخضر، والجالس عليه اسمه الموت، والهاوية تتبعه، وأعطيا سلطانا على ربع الأرض أن يقتلا بالسيف والجوع والموت وبوحوش الأرض" (الرؤيا 6: 1-8) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "Then the four living creatures said, “Amen!” And the twenty-four elders fell down and worshiped Him who lives forever and ever. Now I saw when the Lamb opened one of the seals; and I heard one of the four living creatures saying with a voice like thunder, “Come and see.” And I looked, and behold, a white horse. He who sat on it had a bow; and a crown was given to him, and he went out conquering and to conquer. When He opened the second seal, I heard the second living creature saying, “Come and see.” Another horse, fiery red, went out. And it was granted to the one who sat on it to take peace from the earth, and that people should kill one another; and there was given to him a great sword. When He opened the third seal, I heard the third living creature say, “Come and see.” So I looked, and behold, a black horse, and he who sat on it had a pair of scales in his hand. And I heard a voice in the midst of the four living creatures saying, “A quart of wheat for a denarius, and three quarts of barley for a denarius; and do not harm the oil and the wine.” When He opened the fourth seal, I heard the voice of the fourth living creature saying, “Come and see.” So I looked, and behold, a pale horse. And the name of him who sat on it was Death, and Hades followed with him. And power was given to them over a fourth of the earth, to kill with sword, with hunger, with death, and by the beasts of the earth." (Revelation 6: 1-8) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الفرسان الأربعة: "ونظرت لما فتح الخروف واحدا من الختوم السبعة، وسمعت واحدا من الأربعة الحيوانات قائلا كصوت رعد: «هلم وانظر!» فنظرت، وإذا فرس أبيض، والجالس عليه معه قوس، وقد أعطي إكليلا، وخرج غالبا ولكي يغلب. ولما فتح الختم الثاني، سمعت الحيوان الثاني قائلا: «هلم وانظر!» فخرج فرس آخر أحمر، وللجالس عليه أعطي أن ينزع السلام من الأرض، وأن يقتل بعضهم بعضا، وأعطي سيفا عظيما. ولما فتح الختم الثالث، سمعت الحيوان الثالث قائلا: «هلم وانظر!» فنظرت وإذا فرس أسود، والجالس عليه معه ميزان في يده. وسمعت صوتا في وسط الأربعة الحيوانات قائلا: «ثمنية قمح بدينار، وثلاث ثماني شعير بدينار. وأما الزيت والخمر فلا تضرهما». ولما فتح الختم الرابع، سمعت صوت الحيوان الرابع قائلا: «هلم وانظر!» فنظرت وإذا فرس أخضر، والجالس عليه اسمه الموت، والهاوية تتبعه، وأعطيا سلطانا على ربع الأرض أن يقتلا بالسيف والجوع والموت وبوحوش الأرض" (الرؤيا 6: 1-8) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

الإعلان الإلهي الثلاثي

الختوم السبعة (رؤ 5؛ 8)، الأبواق السبعة (رؤ 8-9؛ 11)، الجامات السبعة (رؤ 16)

موضوع واحد أكَّده الله بثلاث رُؤَى مُتماثلة كما رأى فرعون ونبوخذ نصَّر أحلامهم ثلاث مرات، ليدفع الإنسان للتوبة. فتكرار تنبيه الله تدَرُّج وتأكيد، لذلك كان:

فَكُّ الختوم السبعة يرمز إلى قضاء الله على العالم الشرير،

إذاعة الأبواق السبعة يرمز إلى إنذارات الله للعالم لكي يتوب،

صَب الجامات السبعة يرمز إلى تنفيذ قضاء الله للعالم الشرير. وكأنها سبعة أجيال زمنية لقصة حياة الكنيسة المقدسة منذ تأسيسها في عصر الرُّسُل إلى صعودها إلى السماء في المجيء الثاني.

وهي أيضًا مراحل حياة السيد المسيح متأنسًا:

  1. الفَرَس الأبيض (التجسد)

  2. الفَرَس الأحمر (الصَّلْب)

  3. الفَرَس الأسود (الدَّفْن)

  4. الفَرَس الأخضر (القيامة)

  5. الصعود

  6. حلول الروح القدس

  7. المجيء الثاني للدينونة

والختوم مرتبطة بالابن الحَمَل فهو الذي يفتحها.

والأبواق مرتبطة بالملائكة فهم الذين يبوقون وينذرون.

والجامات مرتبطة بالله الآب يصُب جامات غضبه على الأشرار.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الخُتوم في سِفْر الرؤيا

غَيْرَ الختوم السبعة الموجودة في (رؤ 6؛ 8) توجد ختوم أخرى:

1. خَتْم الله الحي: "وَرَأَيْتُ مَلاَكًا.. قَائِلًا لاَ تَضُرُّوا الأَرْضَ وَلا الْبَحْرَ وَلا الأَشْجَارَ، حَتَّى نَخْتِمَ عَبِيدَ إِلهِنَا عَلَى جِبَاهِهِمْ" (رؤ 7: 2-4).

2. الخَتْم الذي قَيَّد الشيطان وَطَرَحَهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ لِكَيْ لاَ يُضِلَّ الأُمَمَ فِي مَا بَعْدُ، حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ. وَبَعْدَ ذلِكَ لاَبُدَّ أَنْ يُحَلَّ زَمَانًا يَسِيرًا (رؤ 20: 3).

3. خَتْمٌ به خُتِم على ما تكلمَتْ به الرُّعود "وَبَعْدَ مَا تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ بِأَصْوَاتِهَا، كُنْتُ مُزْمِعًا أَنْ أَكْتُبَ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا لِيَ: «اخْتِمْ عَلَى مَا تَكَلَّمَتْ بِهِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ وَلاَ تَكْتُبْهُ" (رؤ 10: 4).

4. ونلاحظ أن الأشرار ليس لهم خَتْم الله "وَقِيلَ لَهُ أَنْ لاَ يَضُرَّ... إِلاَّ النَّاسَ فَقَطْ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ خَتْمُ اللهِ عَلَى جِبَاهِهِمْ" (رؤ 9: 4).

5. "وَقَالَ لِي: لاَ تَخْتِمْ عَلَى أَقْوَالِ نُبُوَّةِ هذَا الْكِتَابِ، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ" (رؤ 22: 10).

 

غضبُ الخَتْم السادس والأبواق والجامات تنصبُّ على:

 

الحَمَل يفتح 6 ختوم في هذا الإصحاح، والخَتْم السابع في (رؤيا 8)

الخَتْم الأول

العصر الرسولي

 

الحيوان الأول (الأسد) ينادي "كَصَوْتِ رَعْدٍ: هَلُمَّ وَانْظُرْ، فَرَسٌ أَبْيَضُ، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا، وَخَرَجَ غَالِبًا." (رؤ 6: 1-2).

الخَتْم الثاني

عصر الاستشهاد

الحيوان الثاني (الثور). "نظرتُ فَرَسًا أَحْمَر واِلْجَالِس عَلَيْهِ يَنْزِع السَّلَامَ مِنَ الْأَرْضِ، وَيَقْتُل بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَأُعْطِيَ سَيْفًا عَظِيمًا" (رؤ 6: 3-4)

الخَتْم الثالث

عصر الهرطقات والمجامع

الحيوان الثالث (وجه إنسان) نظرتُ "فَرَس أَسْوَد، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ مِيزَانٌ. وَصَوْتًا...«ثُمْنِيَّةُ قَمْحٍ بِدِينَارٍ، وَثَلَاثُ ثَمَانِيِّ شَعِيرٍ بِدِينَارٍ. وَأَمَّا الزَّيْتُ وَالْخَمْرُ فَلَا تَضُرَّهُمَا» (رؤيا 6: 5-6).

 

الخَتْم الرابع

عصر الإسلام

الحيوان الرابع (نَسْرٌ طائر) نظرت "فَرَس أَخْضَر، وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ اسْمُهُ الْمَوْتُ، وَالْهَاوِيَةُ تَتْبَعُهُ، وَأُعْطِيَا سُلْطَانًا عَلَى رُبْعِ الْأَرْضِ أَنْ يَقْتُلَا." (رؤيا 6: 7-8).

الخَتْم الخامس

"رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَحِ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ (الشهداء)، فَأُعْطُوا ثِيَابًا بِيضًا" (رؤيا 6: 9-11)

الخَتْم السادس

"زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ، وَالشَّمْسُ صَارَتْ سَوْدَاءَ، وَالْقَمَرُ كَالدَّمِ، وَنُجُومُ السَّمَاءِ سَقَطَتْ، وَالسَّمَاءُ انْفَلَقَتْ، وَكُلُّ جَبَلٍ وَجَزِيرَةٍ تَزَحْزَحَا مِنْ مَوْضِعِهِمَا" (رؤ 6: 12-14)

الخَتْم السابع

"حَدَثَ سُكُوتٌ نِصْفِ سَاعَةٍ. وَرَأَيْتُ السَّبْعَةَ الْمَلَائِكَةَ معهم أَبْوَاقٍ. ومَلَاكٌ آخَرُ (كاهن) عِنْدَ الْمَذْبَحِ، أُعْطِيَ بَخُورًا ِيُقَدِّمَهُ مَعَ صَلَوَاتِ الْقِدِّيسِينَ. ثُمَّ أَخَذَ الْمَلَاكُ الْمِبْخَرَةَ وَمَلَأَهَا مِنْ نَارِ الْمَذْبَحِ وَأَلْقَاهَا إِلَى الْأَرْضِ". (رؤ 8: 1-5)

 

فَكُّ الخُتوم (رؤيا 6: 1-17)

هذه كلها تنبئ بحوادث واحدة ليست مُتعاقبة بل متعاصرة تُظهِر عدالة الله، لكن الله المُحب ضابط الكل رتَّب أن الرحمة تفتخر على العدل في اليوم الأخير، فعند فَكِّ الخَتْم السابع الذي يحَمِل العقوبة العظمى، توقَّفَ الله قليلًا إلى أن يُعلِن رحمته وتشجيعه لأبنائه التائبين، وقبْل نفْخ البوق السابع والأخير توقَّف الله عن إعلان غضبه إلى أن يخْتِم أولاده أولًا ويُسَيِّج حولهم فلا يمَسَّهم قضاؤه السريع المزمع أن يكون. هذا الإعلان الثلاثي كالمجيء الثاني للمسيح سيف ماضي ذو حدين.

هما قضاء الله وعزاؤه: قضاء الله على الأشرار الذين يقولون في استهتار "أين موعد مجيئه"، وعزاؤه للأبرار الذين ينتظرون ويطلبون سرعة مجيئه قائلين أمين تعال أيها الرب يسوع.

فعمود النار قديمًا كان نورًا ينير الطريق لبني إسرائيل ويقودهم.

وكان ظلامًا وظلالًا قاتمة لفرعون والأشرار.

وجسد الرب ودمه هو نورٌ وغفران لخطايا المعترفين التائبين.

ونارٌ تحرق غير التائبين وغير المتناولين لإهمالهم.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The Four Horsemen: "Now I saw when the Lamb opened one of the seals; and I heard one of the four living creatures saying with a voice like thunder, “Come and see.” And I looked, and behold, a white horse. He who sat on it had a bow; and a crown was given to him, and he went out conquering and to conquer. When He opened the second seal, I heard the second living creature saying, “Come and see.” Another horse, fiery red, went out. And it was granted to the one who sat on it to take peace from the earth, and that people should kill one another; and there was given to him a great sword. When He opened the third seal, I heard the third living creature say, “Come and see.” So I looked, and behold, a black horse, and he who sat on it had a pair of scales in his hand. And I heard a voice in the midst of the four living creatures saying, “A quart of wheat for a denarius, and three quarts of barley for a denarius; and do not harm the oil and the wine.” When He opened the fourth seal, I heard the voice of the fourth living creature saying, “Come and see.” So I looked, and behold, a pale horse. And the name of him who sat on it was Death, and Hades followed with him. And power was given to them over a fourth of the earth, to kill with sword, with hunger, with death, and by the beasts of the earth" (Revelation 6: 1-8) - Apocalypse, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: الفرسان لأربعة: "ونظرت لما فتح الخروف واحدا من الختوم السبعة، وسمعت واحدا من الأربعة الحيوانات قائلا كصوت رعد: «هلم وانظر!» فنظرت، وإذا فرس أبيض، والجالس عليه معه قوس، وقد أعطي إكليلا، وخرج غالبا ولكي يغلب. ولما فتح الختم الثاني، سمعت الحيوان الثاني قائلا: «هلم وانظر!» فخرج فرس آخر أحمر، وللجالس عليه أعطي أن ينزع السلام من الأرض، وأن يقتل بعضهم بعضا، وأعطي سيفا عظيما. ولما فتح الختم الثالث، سمعت الحيوان الثالث قائلا: «هلم وانظر!» فنظرت وإذا فرس أسود، والجالس عليه معه ميزان في يده. وسمعت صوتا في وسط الأربعة الحيوانات قائلا: «ثمنية قمح بدينار، وثلاث ثماني شعير بدينار. وأما الزيت والخمر فلا تضرهما». ولما فتح الختم الرابع، سمعت صوت الحيوان الرابع قائلا: «هلم وانظر!» فنظرت وإذا فرس أخضر، والجالس عليه اسمه الموت، والهاوية تتبعه، وأعطيا سلطانا على ربع الأرض أن يقتلا بالسيف والجوع والموت وبوحوش الأرض" (الرؤيا 6: 1-8) - صور سفر الرؤيا، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: The Four Horsemen: "Now I saw when the Lamb opened one of the seals; and I heard one of the four living creatures saying with a voice like thunder, “Come and see.” And I looked, and behold, a white horse. He who sat on it had a bow; and a crown was given to him, and he went out conquering and to conquer. When He opened the second seal, I heard the second living creature saying, “Come and see.” Another horse, fiery red, went out. And it was granted to the one who sat on it to take peace from the earth, and that people should kill one another; and there was given to him a great sword. When He opened the third seal, I heard the third living creature say, “Come and see.” So I looked, and behold, a black horse, and he who sat on it had a pair of scales in his hand. And I heard a voice in the midst of the four living creatures saying, “A quart of wheat for a denarius, and three quarts of barley for a denarius; and do not harm the oil and the wine.” When He opened the fourth seal, I heard the voice of the fourth living creature saying, “Come and see.” So I looked, and behold, a pale horse. And the name of him who sat on it was Death, and Hades followed with him. And power was given to them over a fourth of the earth, to kill with sword, with hunger, with death, and by the beasts of the earth" (Revelation 6: 1-8) - Apocalypse, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: الفرسان لأربعة: "ونظرت لما فتح الخروف واحدا من الختوم السبعة، وسمعت واحدا من الأربعة الحيوانات قائلا كصوت رعد: «هلم وانظر!» فنظرت، وإذا فرس أبيض، والجالس عليه معه قوس، وقد أعطي إكليلا، وخرج غالبا ولكي يغلب. ولما فتح الختم الثاني، سمعت الحيوان الثاني قائلا: «هلم وانظر!» فخرج فرس آخر أحمر، وللجالس عليه أعطي أن ينزع السلام من الأرض، وأن يقتل بعضهم بعضا، وأعطي سيفا عظيما. ولما فتح الختم الثالث، سمعت الحيوان الثالث قائلا: «هلم وانظر!» فنظرت وإذا فرس أسود، والجالس عليه معه ميزان في يده. وسمعت صوتا في وسط الأربعة الحيوانات قائلا: «ثمنية قمح بدينار، وثلاث ثماني شعير بدينار. وأما الزيت والخمر فلا تضرهما». ولما فتح الختم الرابع، سمعت صوت الحيوان الرابع قائلا: «هلم وانظر!» فنظرت وإذا فرس أخضر، والجالس عليه اسمه الموت، والهاوية تتبعه، وأعطيا سلطانا على ربع الأرض أن يقتلا بالسيف والجوع والموت وبوحوش الأرض" (الرؤيا 6: 1-8) - صور سفر الرؤيا، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

الختوم الأربعة الأولى

الخَتْم الأول

"وَنَظَرْتُ لَمَّا فَتَحَ الْخَرُوفُ وَاحِدًا مِنَ الْخُتُومِ السَّبْعَةِ" (رؤيا 6: 1).

وَنَظَرْتُ: إنها رؤيا جديدة

بدأت الرؤيا الأولى بِتَجَلي الرب لمار يوحنا قَائِلًا "أَنَا هُوَ الأَلِفُ وَالْيَاءُ، الأَوَّلُ وَالآخِرُ"(رؤ 1: 11) واستمرت إلى نهاية الإصحاح الثالث. ثُمَّ بدأت الرؤيا الثانية بعبارة "بَعْدَ هذَا نَظَرْتُ وَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ فِي السَّمَاءِ" (رؤيا 4: 1) وشملت الإصحاحين الرابع والخامس. ثُم

بدأت الرؤيا الثالثة ببداية الإصحاح السادس بقول مار يوحنا الحبيب "ونَظَرْتُ" أي أنه أخذ قوة إلهية ونعمة جديدة بها انفتحت عيناه فرأى ما لا يُرى. وحينما يُكرر مار يوحنا فيقول "وَسَمِعْتُ وَاحِدًا مِنَ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ قَائِلًا... هَلُمَّ وَانْظُرْ فَنَظَرْتُ" (رؤيا 6: 1-2) فهذه نعمة أكبر، بها انفتحت عيناه انفتاحًا روحيًّا أكبر... وتكررت كلمة نظرتُ 7 مرات في قصة فَتْح الختوم. فرأى مار يوحنا المسيحَ له المجد، الخروف أو الحَمَل، والأسد الخارج من سبط يهوذا أصل داود وذريته، هو يفتح كل خَتْم بنفسه، ليكشف للقديس يوحنا ما سيكون.

فما هي الختوم والسِّفْر المختوم؟ هل خَتْمٌ على الشَّمْع الأحمر يُغلِق جُزءًا من دَرَجِ الكتاب، كما صوَّرنا في شرْحنا للإصحاح الخامس؟ أم هو خاتم حجَري يخْتِم على المُونَة كما نرى في بعض الآثار؟؟ أم هو ختْم الإرادة الإلهية، فيسمح الله بفتح جزء من السِّفْر أو لا يسمح، فيُمْكِن الإنسان أن يقرأ ولا يفهم، لأن السِّفْر مختوم، وفي وقت مُحدَّد من الله يَفتح الله الختم فيفهم الإنسان السِّفْر. وهذا المعنى شرَحَه دانيال النبي فقال "وَأَنَا سَمِعْتُ وَمَا فَهِمْتُ. فَقُلْتُ «يَا سَيِّدِي مَا هِيَ آخِرُ هَذِهِ؟» فَقَالَ «اذْهَبْ يَا دَانِيالُ لِأَنَّ الْكَلِمَاتِ مَخْفِيَّةٌ وَمَخْتُومَةٌ إِلَى وَقْتِ النِّهَايَةِ» (دانيال 12: 8-9)، فالختوم تعني أن الكلام غامض لا يُمكِن فهمه فهمًا صحيحًا وكاملًا إلا بكشف إلهي.

"وَسَمِعْتُ وَاحِدًا مِنَ الْأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ قَائِلًا كَصَوْتِ رَعْدٍ" (رؤيا 6: 1)

يليق بالحيوان الأول من الْأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ τεσσάρων ζῴων ، وهو الكروب الشبيه بالأسد كما جاء في (رؤيا 4: 7) أن يُدَوي صوته كَصَوْتِ رَعْدٍ: ὡς φωνὴ βροντῆς هذا الصوت الرعدي هو صوت الكروبيم، وهم طغمة سمائية وُصِفت بأنها "الْأَرْبَعَة الْحَيَوَانَاتِ" غير المتجسدين، فرقم أربعة يعني كمال المكان. والعرش الإلهي مكان لله. لذلك نقول "الجالس فوق العرش الملتهب الكروبيمي" (صلاة الصلح الثانية في القداس الغريغوري)، ونقول "الجالس فوق الشروبيم اليوم ظهر في أورشليم" في أحد الشعانين. فالطغمة الكروبيمية المرموز لها بـ"الأربعة الحيوانات" هي العرش الإلهي. والرعد هو صوت الكروبيم.

أربعة أم سبعة؟ قُلنا أن العرش الكروبيمي أربعة فكيف نقول أن الرعود سبعة والرعود كروبيم؟ عندما نقول أن الكروبيم أربعة فهذا رقم رمزي يعني كمال المكان، أما الحقيقة أن الكروبيم طغمة سمائية عددها ألوف، وسبعة منهم تكلموا بأصواتهم في (رؤيا 10: 3)، وقالوا هلم وانظر (رؤيا 6: 1-2)، خلال فتْح الختوم الأربعة الأولى، وكأن هؤلاء الكروبيم ذي الأصوات الرعدية السامية يُنبِّهون مار يوحنا الحبيب في الوقت المناسب للنظر والإدراك.

وقد رأينا في الإصحاح السابق كيف شرح أحد الكهنة المُنتصرين لمار يوحنا ما لم يفهمه كما في (رؤيا 5: 5؛ 7: 13). ورأينا الملاك الذي لازمه في بداية الرؤيا ونهايتها يشرح له (رؤيا 1: 1؛ 22: 1، 16). ومَن أدرانا؟ فلعله شرح له أمورًا لم تُذكَر. فهل سجَّل مار يوحنا كل ما رآه وسمعه؟ أم سجَّل شيئًا منه حسبما أمرَه الرب أو سَمَح له بكتابته؟ إنها معونة السمائيين وشفاعتهم لنا نحن الأحياء، تَظهر خلال الرؤيا، فهم يتعاملون مع سكان الأرض ويقدمون لهم المعونة، وهذا هو الإحساس العميق والحي الذي ندركه في حياة كنيستنا المقدسة.

وما حدث في سِفْر الرؤيا هنا يتشابه مع ما حدث مع دانيال النبي في العهد القديم خلال رؤياه (دانيال 8: 16).

"كَصَوْتِ رَعْدٍ" (رؤ 6: 1)

يا ليت صوت الله بالنسبة لنا يكون كصوت رعد داخل قلوبنا فتتغير حياتنا ونعرف كيف نتوب توبةً حقيقية. مُشكلتنا هذه الأيام أنْ ضاع صوت الواعظ المُرهِب الذي تخرج منه كلمات الله تَنخُس القلوب وتهزُّ الضمائر، وضاعت هيبة صوت أب الاعتراف الذي يهزُّ كِيَان المُعترِف ويدوي كرعدٍ داخله، فلا يفارق مسامعه حتى يعود للاعتراف التالي، وأمست كلمات الوعظ هزيلة وكلمات أب الاعتراف مُجامِلة وكأنها جلسةٌ يُخبِر فيها المُعتَرِف أحواله لأبٍ مستمعٍ هادئ، لكن طوبى للواعظ ولأب الاعتراف الذي صوته كصوت رعد، صوتٌ يُخجِل المُستمِع والمعترِف فيثور ضِد نفسِه ويشعر بآثامه فيبكي على خطاياه وتتغير حياته، ويصبح طائعًا خاضعًا لوصايا الإنجيل.

فعلى نحو ما تهرب جميع الحيوانات في البرية إذا سمعت زئير الأسد يدوي. هكذا تهرب جميع الشهوات والخطايا حين تواجه صوت الأسد الخارج من سبط يهوذا في حياتنا، لذلك صرخ الأسد على الصليب صرخته الشهيرة بصوت عالٍ قبْلَ أن يُسلِم الروح " فَصَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَأَسْلَمَ الرُّوحَ. وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ إِلَى اثْنَيْنِ، مِنْ فَوْقُ إِلَى أَسْفَلُ" (مرقس 15: 37) فارتعبتِ الشياطين وقيَّدَتْهم صرخةُ الأسد الذي أتَمَّ الخلاص، وبدأَتْ الألفُ السَّنة من هذه اللحظة، وبات الشيطانُ وكل جنوده محفوظين إلى دينونة اليوم العظيم بقُيودٍ أبديَّة تحت الظلام "وَالْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ لَمْ يَحْفَظُوا رِيَاسَتَهُمْ، بَلْ تَرَكُوا مَسْكَنَهُمْ حَفِظَهُمْ إِلَى دَيْنُونَةِ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ بِقُيُودٍ أَبَدِيَّةٍ تَحْتَ الظَّلاَمِ" (يه 1: 6).

كَصَوْتِ رَعْدٍ

ذُكِر الرعد في سِفْر الرؤيا أكثر من مرة وكان له ثلاثة معاني:

المعنى الأول: صوت وَضَوْء شديدان يُقَدِّمان هيبة الله وخشيتَه مثل "وَمِنَ الْعَرْشِ يَخْرُجُ بُرُوقٌ وَرُعُودٌ وَأَصْوَاتٌ" (رؤيا 4: 5).

"وَانْفَتَحَ هَيْكَلُ اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَأَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَزَلْزَلَةٌ وَبَرَدٌ عَظِيمٌ" (رؤيا 11: 19).

صوت من العرش قائلًا "قد تم فحدثت أصوات ورعود وبروق" (رؤ 16: 18)

المعنى الثاني: صَوت قوي لكائنات سمائية عظيمة كما يقول هنا:

وسمعتُ واحدًا من الأربعة الحيوانات قَائِلًا كَصَوْتِ رَعْدٍ هَلُمَّ وَانْظُرْ وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ وَكَصَوْتِ رَعْدٍ عَظِيمٍ... وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ (رؤ 6: 1؛ 14: 2).

فصَوْتُ المِيَاه الكَثِيرَة وَصَوْت الرَعْد العَظِيم يُعَبِّران عن القوة والهيبة.

المعنى الثالث: كائنات سمائية عظيمة تُسَمَّى رعود كما في "وصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ كَمَا يُزَمْجِرُ الأَسَدُ. وَبَعْدَ مَا صَرَخَ تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ بِأَصْوَاتِهَا. وَبَعْدَ مَا تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ بِأَصْوَاتِهَا، كُنْتُ مُزْمِعًا أَنْ أَكْتُبَ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا لِيَ "اخْتِمْ عَلَى مَا تَكَلَّمَتْ بِهِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ وَلاَ تَكْتُبْه" (رؤيا 10: 4) "وَسَمِعْتُ كَصَوْتِ جَمْعٍ كَثِيرٍ، وَكَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ، وَكَصَوْتِ رُعُودٍ شَدِيدَةٍ قَائِلَةً هَلِّلُويَا فَإِنَّهُ قَدْ مَلَكَ الرَّبُّ الإِلهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لِنَفْرَحْ وَنَتَهَلَّلْ" (رؤ 19: 6-7).

الرعود هنا ليست ظواهر طبيعية كما يُظَن إنما هي طغمة سمائية روحانية سامية عاقلة تتكلم كلامًا مفهومًا فَهِمَه مار يوحنا ولكنه أسمى من أن يُعلِنَه لنا، وهم الكروبيم.

ويَظهَر أنَّ هذه البروق ناتجة من تَحَرُّكات الكروبيم، والأصوات الرعدية هي أصواتها المفهومة من السمائيين داخل هيكل الله السمائي.

إنها أنواع مختلفة من أصوات السمائيين.

 

هَلُمَّ وَانْظُرْ (رؤيا 6: 1، 7، 5، 3)

هذا هو صوت الكروبيم الأربعة أرسلهم الله لمار يوحنا ليشرحوا له ما يجب أن يفهمه، فهذه شفاعتهم مثل تَوَسُّط الكهنة الأربعة والعشرين (رؤيا 1: 1؛ 22: 1، 16).

في سِفْر دانيال رأينا الله وقد أرسل لدانيال جبرائيل الملاك لكي يشرح له رؤياه (دانيال 8: 16). وعبارة "هَلُمَّ وَانْظُرْ" ليست مُجَرَّد أمْر لمار يوحنا إنما هي عطاء من الله، فمار يوحنا لم يكن لينظر هذه المناظر الروحية ما لم يأخذ قوة روحانية تُعطيه قدرة على الرؤيا بواسطة الحيوانات الأربعة الكاروبيمية، تمامًا مثلما كان محتاجًا للصوت الذي قاده في بداية الرؤيا "اصْعَدْ إِلَى هُنَا" فأخذ قوة روحانية حتى قال "وَلِلْوَقْتِ صِرْتُ فِي الرُّوحِ" ثم استطاع أن يرى السماء المفتوحة أمامه.

ليتنا ندرك أن مار يوحنا في كل خطوة من مراحل هذه الرؤيا احتاج إلى مزيد من الطاقة الروحية والسمو الروحاني ليتابع درجات هذه الرؤيا العالية، وهكذا كان يرتفع درجة تِلْو الأخرى نتيجة نِعمة سمائية، بدونها ما كان له وهو إنسان في الجسد أن يرى ما لا يُرى وأن يسمع ما لم يسمعه بَشَر.

"فَنَظَرْتُ، وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ" (رؤ 6: 2)

 

الأفراسُ الأربعة

الفَرَس حيوانٌ شجاعٌ قويٌ قال عنه سُليمان الحكيم "اَلْفَرَسُ مُعَدٌّ لِيَوْمِ الْحَرْبِ" (أمثال 21: 31)، ويَصِفُه أيوب الصديق قائلًا "هَلْ أَنْتَ تُعْطِي الْفَرَسَ قُوَّتَهُ وَتَكْسُو عُنُقَهُ عُرْفًا؟ أَتُوثِبُهُ كَجَرَادَةٍ...؟ يَخْرُجُ لِلِقَاءِ الأَسْلِحَةِ. يَضْحَكُ عَلَى الْخَوْفِ وَلاَ يَرْتَاعُ، وَلاَ يَرْجعُ عَنِ السَّيْفِ. عَلَيْهِ تَصِلُّ السِّهَامُ وَسِنَانُ الرُّمْحِ وَالْمِزْرَاقِ. فِي وَثْبِهِ وَرُجْزِهِ يَلْتَهِمُ الأَرْضَ، وَلاَ يُؤْمِنُ أَنَّهُ صَوْتُ الْبُوقِ. عِنْدَ نَفْخِ الْبُوقِ يَقُولُ هَهْ وَمِنْ بَعِيدٍ يَسْتَرْوِحُ الْقِتَالَ" (أيوب 39: 19-25).

والأفراس الأربعة لِكُلٍّ لَوْنُه. الأبيض يرمز إلى البشارة بالمسيح التي أخضعت العالم، والأحمر يرمز إلى الحروب، والأَسْوَد للمجاعات، والأخضر إلى الضربات التي أعلن عنها السيد المسيح.

أو الأبيض جهاد الرُّسُل الكارزين في العصر الرسولي، والأحمر دم الشهداء في عصر الاستشهاد، والأَسْوَد انقسام الكنيسة في عصر الهرطقات والمجامع المسكونية والراكب عليه الهراطقة مثل أريوس ونسطور، والأخضر هو العصر الإسلامي الذي اتخذ اللون الأخضر رمزًا له.

فنظرتُ (رؤيا 6: 2) καὶ εἶδον: نظر مار يوحنا ليكتب لنا كشاهد عَيَان كما قال في رسالته "اَلَّذِي كَانَ مِنَ الْبَدْءِ، الَّذِي سَمِعْنَاهُ، الَّذِي رَأَيْنَاهُ بِعُيُونِنَا، الَّذِي شَاهَدْنَاهُ، وَلَمَسَتْهُ أَيْدِينَا" (1 يو 1: 1).

فماذا نظر مار يوحنا؟ هل نظر جُزءًا مكتوبًا فقرأه؟ أم نظر رؤيا تحْمِل صُوَرًا مُجَسَّمة لتلك الأفراس الأربعة بألوانها، وما سيحدث رآه كأنه حادث أمامه؟!

 

الفَرَس الأبيض

"وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ" (رؤيا 6: 2) καὶ ἰδοὺ ἵππος λευκός

هناك أربعة أفراس في الختوم الأربعة الأولى (رؤ 6: 2، 4-5، 8). ألوانها أبيض رمز النقاء، أحمر رمز الدم والاستشهاد، أَسود رمز الجوع الروحي إلى التعليم المستقيم، الأخضر أو الأصفر رمز الإسلام أو الموت. فماذا يعني "الفَرَس الأبيض"؟؟

الفَرَس يعني الحَرْب، واللون الأبيض رمزٌ للسلام والنقاء، فما معنى الفَرَس الأبيض؟ وما هذه الحرب المملوءة سلامًا إلا حروب الروح التي نغلب فيها الخطية والشيطان. "فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ... أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ" (أفسس 6: 12)

جاء الرب راكبًا فَرَسًا أبيض فهزم إبليس وقيَّده، ونشر رسالة السلام والحُب، والفَرَس الأبيض رمزٌ لكنيسة الرُّسُل في طهارتها وقداستها ونقاء إيمانها، وحياتها المليئة بالسلام فهي عروس القدوس الذي قيل عنه "حَبِيبِي أَبْيَضُ وَأَحْمَرُ" (نش 5: 10)، والفَرَس أيضًا هو الآباء الرُّسُل الكارزين بشجاعتهم وإقدامهم، حاربوا إبليس والوثنية ونشروا المسيحية فأخضعوا العالم للإيمان المقدس والحياة النقية وصارت الكنيسة عروس القدوس. يقول القديس الأسقف إيريناوس تلميذ القديس بوليكاربوس الرسولي تلميذ مار يوحنا الحبيب، ثاني مُفَسِّر لسِفْر الرؤيا: "إذا كان الفَرَس الأبيض رمزًا للآباء الرُّسُل الكارزين بالإنجيل، فكشجاعة الرُّسُل هكذا الأفراس، لذلك تُستخدَم في الحروب تُقْبَل وتُدبر بحكمةٍ وشجاعةٍ، هكذا الرُّسُل في شجاعتهم وحكمتهم في حربهم وانتصارهم على العالم والشيطان والخطيئة، وكما يحَمِل الفَرَس سيده هكذا حَمَل الرُّسُل سيدهم فقادهم إلى أُممٍ وشعوبٍ، وكرزوا في كل مكان. وكسُرْعة الفَرَس كان الآباء الرُّسُل "فِي كُلِّ الأَرْضِ خَرَجَ مَنْطِقُهُمْ، وَإِلَى أَقْصَى الْمَسْكُونَةِ كَلِمَاتُهُمْ" (مز 19: 4)، "إِلَى جَمِيعِ الأَرْضِ خَرَجَ صَوْتُهُمْ، وَإِلَى أَقَاصِي الْمَسْكُونَةِ أَقْوَالُهُمْ (رو 10: 18).

ما أروع سليمان الحكيم عندما قاده الروح القدس فكتب قُدْس أقداس العهد القديم، سِفْر نشيد الأناشيد قائلًا "لَقَدْ شَبَّهْتُكِ يَا حَبِيبَتِي بِفَرَسٍ فِي مَرْكَبَاتِ فِرْعَوْنَ" (نش 1: 9). ويكمل حبقوق النبي فيقول "يَا رَبُّ.. إِنَّكَ رَكِبْتَ خَيْلَكَ، مَرْكَبَاتِكَ مَرْكَبَاتِ الْخَلاَصِ؟ عُرِّيَتْ قَوْسُكَ تَعْرِيَةً. سُبَاعِيَّاتُ سِهَامٍ كَلِمَتُكَ" (حبقوق 3: 9).

كما يرمز الفَرَس الأبيض للنفس البشرية التي يقودها السيد المسيح فيحارب إبليس ويغلب فيها وَلَها.

 

"وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا" (رؤيا 6: 2)

عبارة رمزية فأسلحتنا ليست مادية وكلمة الله كسهام قيل عنها "سُبَاعِيَّاتُ سِهَامٍ كَلِمَتُكَ" (حبقوق 3: 9)، فمن هو الجالس على الفَرَس الأبيض؟

وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ καὶ καθήμενος ἐπαὐτὸν

هو السيد المسيح قائدًا للكنيسة يُوَجِّه الأفراس يمينًا وشمالًا بواسطة اللُّجُم حسبما شاء، هكذا تحرَّك الرُّسُل في كل اتجاه كما قادهم سَيِّدُهم، يحْمِلونه إلى كل مكان، وجاهدوا وحاربوا قدْر ما استطاعوا، أما النُّصرة فكما قال الحكيم "اَلْفَرَسُ مُعَدٌّ لِيَوْمِ الْحَرْبِ، أَمَّا النُّصْرَةُ فَمِنَ الرَّبِّ" (أمثال 21: 31). أما اللجام فرمزٌ لفضيله الإفراز.

وسِفْر الرؤيا يؤكد أنَّ راكب الفرَس الأبيض هو المسيح فيقول "وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا، وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ... وَعَلَى رَأْسِهِ تِيجَانٌ كَثِيرَةٌ، وَلَهُ اسْمٌ مَكْتُوبٌ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُهُ إِلاَّ هُوَ. وَهُوَ مُتَسَرْبِلٌ بِثَوْبٍ مَغْمُوسٍ بِدَمٍ، وَيُدْعَى اسْمُهُ «كَلِمَةَ اللهِ»... وَلَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ اسْمٌ مَكْتُوبٌ «مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ»" (رؤ 19: 11- 16)، ولذلك يقول داود النبي "تَقَلَّدْ سَيْفَكَ عَلَى فَخْذِكَ أَيُّهَا الْجَبَّارُ،... وَبِجَلاَلِكَ اقْتَحِمِ. ارْكَبْ... كُرْسِيُّكَ يَا اَللهُ إِلَى دَهْرِ الدُّهُور" (مز 45: 3- 6).

والفَرَس الأبيض هو مار مرقس الرسول يحْمِل المسيح إلى مصر ومعه قوس لأنه جاهد وغلب وجُرِّب وخرج مُنتصرًا من التجربة إذ غلب العالم والموت وحارب الشيطان وخرج غالبًا ولكي يغلب في أولاده.

 

"مَعَهُ قَوْسٌ، وَقَدْ أُعْطِيَ إِكْلِيلًا" (رؤيا 6: 2)

هذا هو الجهاد والصراع. فالقوس أداةُ الحرب، وحينما نستمر فيها نغلب ونُعطَى إكليلًا. نعم نحتاج أن نتسلح بأسلحة البِر لا لنغلب فقط بل لنستمر في الغَلَبَة حتى النهاية.

هذه الحرب مملؤة سلامًا، لذلك قيل مَعَهُ قَوْسٌ، وليس فيها سِهام. فسهامه مقدسة لا تقتل بل تُعطي حياة. قِيل عنها "سُبَاعِيَّاتُ سِهَامٍ كَلِمَتُكَ". فعلى الرغم من تأثيرها القوي "لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ" (عب 4: 12) إلا أنها تعطي قوة الحياة.

حارب مار مرقس الوثنية وانتصر، وصارت الإسكندرية كلها مسيحية "إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُجَاهِدُ، لاَ يُكَلَّلُ إِنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيًّا" (2 تي 2: 5).

صورة الفَرَس الأبيض والجالس عليه معه قوس وأعطِيَ إكليلًا وخرج غالبًا ولكي يغلب تُجَسِّدها صورة أمير الشهداء مار جرجس ومار مينا والأمير تادرس (أبي سيفين) المُحارِبين المنتصرين. لم يغلبوا الأباطرة بقبولهم الاستشهاد على اسم المسيح أفضل من إغراءاتهم العالمية فقط بل خرجوا غالبين ولكي يغلبوا فينا. فبعد استشهادهم- بشفاعتهم لنا ومعونتهم لنُصرتنا- لا يزالوا يغلبون فينا، وحينما ننتصر يحدث فرح في السماء بهذا الانتصار.

 

"والْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ قَوْسٌ"

عجيبٌ هنا أن الحرب للرب، بين السيد المسيح الجالس على الفَرَس الأبيض والشيطان، فأين أنا يا رب؟؟ نحن لا نحارب بقوتنا، بل نحَمِل المسيح داخلنا ساكنًا فينا وهو الذي يغلب. فالحقيقة أن الرب قبْل أن يُدخِلَنا إلى الحرب أخذ إنسانيَّتنا ودخل بها الحرب مع إبليس وانتصر لحسابنا وقدَّم لنا شيطانًا مهزومًا.

"وأُعطِيَ إكليلًا"

هناك أكاليل متعددة للغالبين. إنسان يأخذ إكليل البتولية وآخر إكليل البِر مثل بولس الرسول الذي يقول "وأخيرا وضع لي إكليل البِر"، وثالث يأخذ إكليل الشهادة مثل الشهداء.

وينبغي أن يجاهد الإنسان ليحافظ على إكليله، لذلك قال الرب لملاك كنيسة فيلادلفيا "تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك" (رؤيا 3: 11). لذلك كان الشهداء عندما يتدخَّل أحدٌ لإنقاذهم يقولون "لا تحرمونا من الإكليل". مار مرقس أخذ أكثر من إكليل، إكليل البتولية وإكليل الرسولية وإكليل الشهادة حتى قيل "وَعَلَى رَأْسِهِ تِيجَانٌ كَثِيرَةٌ" (رؤ 19: 12). ونحن نُرَتِّل لحن "إكليل ذهب وإكليل فضة وإكليل من حجر كريم على رأس القديس..."

 

"وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ"

قال السيد المسيح "في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" (يو 16: 33). في ميلاده، حاربه هيرودس وأراد قتله، وخرج غالبًا. "في تجارب البرية دخل المعركة مع الشيطان وغلب، (متى 4: 6؛ لو 4: 9) وفي خدمته قال "مَن منكم يُبَكِّتني على خطية؟" وعلى الصليب كانت المعركة الأكبر إذ جاء الشيطان يُجَرِّبه على ألسنة اليهود المُجتازين ورؤساء الكهنة وشيوخ الشعب قائلين "إن كنت ابن الله فانزل عن الصليب" (متى 27: 39-40). وكان أمام المسيح أن ينزلَ عن الصليب فيُثْبت لاهوته وصِدْقَه، ولكنْ يضيع الفداء مِنَّا، فمن سيجرؤ أن يَصلِبَه بعد هذا؟ واختار الرب أن يشُكَّ الناس في لاهوته ويبدوا ضعيفًا من أجل خلاصنا. دخل الرب المعركة وغلب، ودخل الرب المعركة مع الموت فمات ودُفن، ونزل إلى الجحيم وأخرج الذين ماتوا على رجاء، وفتح باب الفردوس وأدخل إليه كل القديسين من آدم إلى اللص اليمين، ومَلَكَ على خشبة، وأخيرًا خرج غالبًا قائمًا من الموت قائلًا: "أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟" (1 كو 15: 55) في أكبر انتصار.

وَلِكَيْ يَغْلِبَ في رُسُلِه الكارزين الذين نشروا الإيمان إلى أقاصي الأرض وفي قديسيه الذين عمل فيهم وبِهم حتى أعلنوا اسمه وأسسوا الكنائس وغلب فيهم. غلب في مار مرقس فتحطمَتْ أوثان مصر وانتشرت المسيحية في الإسكندرية. وَلِكَيْ يَغْلِبَ في قديسيه في كل جيل، وإذ غلب الرب الشيطان في تجسُّده وصلبه وقيامته ولا يزال يغلب، هو مستعد أن يغلب فينا نحْمِله داخلنا "يُدافِع عنا ونحن صامتين" فيغلب لحسابنا، ويقودنا في موكب نُصْرَته. يعطينا الغَلَبَة بربنا يسوع المسيح (1 كو 15: 57)، ويقول "لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئًا" (يو 15: 5). فعندما انتصرت الكنيسة على الأباطرة في عصر الاستشهاد وخرجت غالبة كانت هذه غَلَبَة المسيح فينا، وعندما انتصرَتِ الكنيسة على الهراطقة الكبار في عصْر المجامع المسكونية وخرجت غالبة كانت هذه غلبة المسيح فيها وَلها، وحينما غلبتِ الكنيسةُ ومدرسةُ الإسكندرية اللاهوتية الفلسفاتِ الوثنيةَ المُلْحِدة كانت هذه غلبة المسيح فيهم وهو يقول لنا مُطْمَئنًّا "وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ. آمِينَ." (متى 28: 20)، "كُلُّ آلَةٍ صُوِّرَتْ ضِدَّكِ لاَ تَنْجَحُ، وَكُلُّ لِسَانٍ يَقُومُ عَلَيْكِ فِي الْقَضَاءِ تَحْكُمِينَ عَلَيْهِ". (إش 54: 17).

نعم. رَكِبَ السيد المسيح الفَرَسَ الأبيض في بدء تاريخ الكنيسة وقال "ثِقُوا أنا قد غلبتِ العالم" (يو 16: 33). أنا غلبتُ وأنتم بِقوَّتي تغلبون. "ما أروع أن يكون هذا الفَرَس الأبيض في مقدمة الأفراس في بداية الطريق، فالكنيسة تبدأ حياتها بالانتصار "قام ملوك الأرض، وتآمر الرؤساء على الرب وعلى مسيحه لنقطع أغلالهم ولنطرح عنا نيرهم". ولكن ماذا كانت النتيجة "اَلسَّاكِنُ فِي السَّمَاوَاتِ يَضْحَكُ، الرَّبّ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ... مِثْلَ إِنَاءِ خَزَّافٍ تُكَسِّرُهُمْ" (مزمور 2: 4، 9).

وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ هذا المعنى يتكرر في سِفْر الرؤيا، ففي الرسائل السبعة حرب وجهاد وتنتهي الرسائل "من يغلب فسأعطيه ... من يغلب فسأجعله". فالحياة الروحية جهاد وغلبة "فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ... أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ" (أفسس 6: 12). حربٌ روحية وغَلَبَة إيجابية، ليست مجرد فترة هدوء بل دخول في الحرب مع إبليس وانتصار.

"وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ" (رؤيا 6: 2)

وهنا تظهر الحرب بين المسيح له المجد الجالس على الفَرَس الأبيض وإبليس، فأين نحن إذن؟ نحن لا نحارب بقوتنا، نحن الفَرَس الأبيض والمسيح راكبه، نحن نحْمِل المسيح وهو الذي يحارب ويغلب.

الحقيقة إن الرب قَبْل أن يُدخِلَنا الحرب دخَلها هو أولًا. فسِفْر التكوين يشرح لنا كيف انتهت المُبارزة الأولى بين إبليس وآدم الأول بهزيمة الإنسان وطرده من جنَّة عدَن. واستمرت غلبة إبليس على الإنسان حتى سجَّل الكتاب "الْكُلُّ قَدْ زَاغُوا مَعًا فَسَدُوا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ" (مز 14: 3؛ رو 3: 12)، فجاء المسيح إلى أرضنا حاملًا إنسانيتنا، وصار آدمَ الثاني، وبدأ خدمته بالصوم أربعين يومًا، فدخَل المعركة مع إبليسَ التي سقط فيها آدم معركة الصوم "لاَ تَأْكُلْ مِنْهَا" (تك 2: 17)، وغلب، وقدَّم لنا شيطانًا مهزومًا، وأُعطي إكليلًا، وخرج غالبًا ولكي يغلب في التجربة وعلى خشبة الصليب، حتى قبض الأسدُ الخارج من سِبْط يهوذا على الأسد الزائر الذي يجول يلتمس من يبتلعه.

العصور ألوانٌ متداخلة: "وَلِكَيْ يَغْلِبَ"

العصر الرسولي لم ينتهِ بعد، هو ممتدٌ في الآباء البطاركة وشركائهم في الخدمة الرسولية. فلا زالت كرازة مار مرقس تعمل إلى الآن بشفاعته وامتداد كهنوته في الأساقفة والبطاركة.

وإن كان عصر الرُّسُل الأبيض وعصر الشهداء الأحمر إلا أنَّه لا يوجد خطٌّ فاصل بين اللَّونَيْن فهناك منطقة تَدَاخُل يبدأ فيها اللون الأحمر بالتدريج قبل نهاية الأبيض، فيمتد العصْر الرسولي خلال الآباء البطاركة خُلَفاء الرُّسُل.

والآباء الرُّسُل اُسْتُشْهِدوا، والاستشهاد لا يزال موجودًا في العصور التي تلي عصْر الاستشهاد، ولكن هناك عصر الاستشهاد، كان الشهداء فيه بالألوف، بدأ بالقديس استفانوس أول الشمامسة وأول الشهداء إلى أنِ اختُتِمَ هذا العصر باستشهاد القديس البابا بطرس خاتم الشهداء، إلَّا أن لكل عصرٍ شُهَداءَه. وإلى الآن تُقَدِّم الكنيسة شهداء في كل عصر.

كذلك كانت الهَرْطقات في عصر الرُّسُل واستمرت، ولكنها تضخمت بعد نهاية عصر الاستشهاد حيث ظهرتِ الهرطقاتُ الكُبرى في العصر الأسود، لكن في كل عصر تظهر هرطقات أخرى. حتى إذا أردنا أن نرسم صورةَ تَتَابُع العصور فإننا لا نرسم خطوطًا فاصلة بين الألوان بل نبدأ الصورة باللون الأبيض، ثم يتداخل معه اللون الأحمر تدريجيًّا فيقل الأبيض ويزداد الأحمر حتى يصل إلى قِمَّتِه في وقتٍ معين، ثم اللون الأسود، وهكذا تتداخل الألوان ولكن لِكُلِّ لَوْن قِمَّتَه في أحد العصور.

"وَخَرَجَ غَالِبًا وَلِكَيْ يَغْلِبَ" (معنى ثاني)

كثيرون غلبوا فترة مُعَيَّنة من الزمان وفرحوا بغلَبَتهم، فأهملوا جهادهم فسقطوا. لكن علَيْنا أن نغلِب ونستمر كل حياتنا نجاهد لِكَيْ نَغْلِبَ أيضًا، فتستمر غَلَبَتُنا إلى النهاية "وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ" (متى 10: 22). فهناك مَن بَدأَ بالروح وأكمل بالجسد، أما أنتَ يا أخي فلا تخرج غالبًا فقط بل وَلِكَيْ تغْلِبَ. السيد المسيح أخذ إنسانيتنا وغلب بها في تجسُّدِه وفي حياته وفي صَلْبِه وقيامتِه، ولا يزال يعمل فينا ويغلب حتى يأخذ الكنيسة معه منتصرةً على السحاب ويُدخِلها إلى الملكوت فنملك معه إلى الأبد، "وَأَقَامَنَا مَعَهُ، وَأَجْلَسَنَا مَعَهُ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (أفسس 2: 6).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الْخَتْم الثَّانِي

"وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الثَّانِيَ، سَمِعْتُ الْحَيَوَانَ الثَّانِيَ قَائِلًا" (رؤيا 6: 3)

الذي فَتَحَ الْخَتْمَ الثَّانِيَ والثالث و... هو الذي فَتَحَ الْخَتْمَ الأول وهو الخروف المذبوح الأسد الذي من سبط يهوذا (رؤيا 5: 5-6)، ربنا يسوع المسيح.

وهذا الحيوان الثاني هو كِروب شبه الثور (رؤيا 4: 7) رمزٌ للذبيحة وللمسيح المذبوح من أجلنا على خشبة الصليب، ننظر إليه فنلتهب حُبًّا ونُقَدِّم ذواتنا ذبيحة حيَّة سواء على مذبح الاستشهاد أو على مذبح التضحية بكل ما في العالم من أجل الله مُنَبِّهًا مار يوحنا قَائِلًا «هَلُمَّ وَانْظُرْ!»

ومن المُفْرِح أن نتعلم من مار يوحنا صداقة السمائيين، ففي الإصحاح الخامس رأى السِّفْر المختوم بالسبعة ختوم وسمع صوت الملاك "يُنَادِي بِصَوْتٍ عَظِيمٍ «مَنْ هُوَ مُسْتَحِقٌّ أَنْ يَفْتَحَ السِّفْرَ وَيَفُكَّ خُتُومَهُ؟» فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ" (رؤ 5: 1-3).

وبكى كثيرًا فتقدم له واحدٌ من الأربعة وعشرين كاهنًا وقال له "لاَ تَبْكِ. هُوَذَا قَدْ غَلَبَ الأَسَدُ الَّذِي مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا". وعندما فكَّ الأسد والحَمَل واحدًا من الختوم تَقدَّم أحد الكروبيم وقال له «هَلُمَّ وَانْظُرْ!»، وهكذا رأينا الكِروب ينبهه أكثر من مرة والملائكة يرشدونه. وعَرف مار يوحنا بِحُبه ومشاعره الرقيقة أن يجذِب الكهنة الغالبين الذين سبقوه كما جذب أعلى طغمة ملائكية كروبيمية لصداقته.

ليتنا نتعلم صداقة السمائيين من الكروبيم والملائكة والقديسين في حياتنا، نسألهم فيرشدونا ويتشفعون في ضعفنا أمام الله.

 

"فَخَرَجَ فَرَسٌ آخَرُ أَحْمَرُ" (رؤيا 6: 4)

الفَرَس الأحمر هو عصْر الاستشهاد.

فَرَسٌ آخَرُ أي من نوع آخر، لأن الفَرَس الأول الأبيض كان يحمِل المسيح، فهو الآباء الرُّسُل وأولاد الله، أما الفَرَس الآخر الأحمر فهو كبار الأشرار. والفارق كبير جدًا ويرمز للعصر الثاني عصر الاستشهاد الذي تلى العصر الرسولي ودام 250 سنة من نيرون إلى أنْ مَلَكَ قسطنطين الملك البار. وإذا كان الحيوان الثاني شِبه عِجْل أو ثور رمزًا للذبيحة والمسيح المذبوح لأجلِنا فقد سَفك دمه لفدائنا وقدَّم نفسه ذبيحة حب فـ"نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلًا" (1 يو 4: 19) فنُقَدِّم ذواتنا ذبيحة حُب لله سواء على مذبح الاستشهاد أو على مذبح إماتة الرغبات العالمية "مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَار" (رومية 8: 36).

"وَلِلْجَالِسِ عَلَيْهِ أُعْطِيَ أَنْ يَنْزِعَ السَّلاَمَ مِنَ الأَرْضِ" (رؤيا 6: 4)

الجالس على الفَرَس الأحمر هو الشيطان في جنوده الأباطرة الرومان الذين قادهم فسفكوا دماء المسيحيين ومَلَئوا الأرضَ دمًا، وهذا عصر الاستشهاد، بدأ بنيرون الذي قتل القديسين بطرس وبولس الرسولين الشهيدين، ودومتيان الذي ألقى يوحنا الحبيب في الزيت المغلي وأخرجه ثم نفاه إلى جزيرة بطمس، وتراجان الذي ألقى القديس أغناطيوس للأسود في روما، ومكسيميانوس الذي قتل مار جرجس، ودِيسيوس (داكيوس)، ثم دقلديانوس الذي ظل يقتل المسيحيين إلى أن ارتوت الأرض من دماء الشهداء وامتلأت من أشلاء أجسادهم التي سحلها على أرض الإسكندرية فصارت أشلاءُ أجسادهم بزارَ الإيمان في مصر كلها وأثمرت قديسين سقتهم دماء الشهداء، ومكسيميانوس الذي أمر بقطع رأس البابا بطرس خاتم الشهداء. حتى جاء قسطنطين الملك فأوقف الاستشهاد بالمئات. وقد قدمت كنيستنا القبطية وحدها عشرات الألاف من الشهداء في القرون الثلاثة الأولى للمسيحية.

"أُعْطِيَ أَنْ يَنْزِعَ السَّلَامَ مِنَ الْأَرْضِ" (رؤيا 6: 4)

"أُعْطِيَ" مبني للمجهول لأنه حاشا أن ينزع الله السلام. الله سمح بهذا فقط، أمَّا الذي نزع السلام هم الأباطرة الأشرار الذين قادوا الفَرَس الأحمر وسفكوا دماء المسيحيين ونزعوا السلام من الأرض، أما الله وأبناؤه فهم صانعوا السلام "طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ، لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللهِ يُدْعَوْنَ" (متى 5: 9).

فأي سلام يمكن أن ينزعه الأشرار؟

أيُ سلامٍ ينزعه الأباطرة من الأرض؟ هل يمكن أن ينزعوا سلام الله الذي يعطيه لأبنائه؟! بالطبع لا، فسلام الله داخلنا لا يقدر أحد أن ينزعه "سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا" (يو 14: 26)، أما السلام العالمي الاجتماعي فيُمكِن أن ينزعه الشيطان من أبناء الله وأبناء العالم على السواء. فيثير الحروب والمكائد والاضطهادات فيلقي الثلاثة فتية في الأتون ودانيال في جُبِّ الأسود، ويُلقي بعضهم في السجون مثل مار بولس وفي كل هذا لم يقدر أن ينتزع السلام الإلهي من قلوبهم.

"وَأَنْ يَقْتُلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأُعْطِيَ سَيْفًا عَظِيمًا" (رؤيا 6: 4)

الأباطرة الوثنيون يقتلون أبناء الله المسيحيين، الذئاب تفترس الحُمَلان، حقًّا قال الله "هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ مِثْلَ حُمْلاَنٍ بَيْنَ ذِئَابٍ" (لوقا 10: 3)، هذا هو شر الأشرار وقتل الأبرار ونزع السلام. ولذلك حَمَل الأباطرة الرومان نيرون ودومتيان سيفًا عظيمًا وقتلوا ونزعوا السلام من الأرض التي سيطروا عليها ومَلَكوها.

وَأُعْطِيَ سَيْفًا عَظِيمًا حَصَد به آلاف الشهداء، وهذا ما فعلَتْه الإمبراطورية الرومانية عندما سيطرت على العالم كُلِّه واستمر سَيْفها العظيم نحو القرون الثلاثة الأولى حتى آمن قسطنطين الإمبراطور الروماني بالمسيحية وأنهى مؤقتًا الاضطهاد، لكن المسيحية وُلِدَت في الاضطهاد وعاشت في الاضطهاد ولا حياة لها بغير الاضطهاد "إِنْ كَانَ الْعَالَمُ يُبْغِضُكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَدْ أَبْغَضَنِي قَبْلَكُمْ. لَوْ كُنْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ لَكَانَ الْعَالَمُ يُحِبُّ خَاصَّتَهُ. وَلكِنْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ، بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ، لِذلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ" (يو 15: 18-19).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الْخَتْمُ الثَّالِثُ

"وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الثَّالِثَ سَمِعْتُ الْحَيَوَانَ الثَّالِثَ قَائِلًا هَلُمَّ وَانْظُرْ"(رؤ 6: 5)

بعدما فتح المسيح الحَمَل الخَتْم الثالث سمع مار يوحنا: الْحَيَوَانُ الثَّالِثُ له وجه مثل وجه إنسان (رؤ 4: 7)

ويرمز وجه الإنسان إلى العقل المُفَكِّر، فعندما يُخضَع الدين للعقل الإنساني يكون سببًا في ظهور الهرطقات، فالهرطقة دائمًا هي محاولة خلْط الدين بالفلسفة، مع كبرياء الفكر، العقل ينحرف في تفسير نصوص الكتاب فيُنتِج هرطقة، ولذلك فهذا هو العصر الثالث عصْر الهرطقات الكُبرى وانعقاد المجامع المسكونية بِسبَبِها.

والعقل أيضًا إذا كان مستقيمًا مُتَّضِعًا خاضِعًا للتعليم الصحيح في غير تعالي أو كبرياء يَعقِد المجامع المسكونية والمكانية ويدافع عن الإيمان المستقيم ويَرُد على الهرطقة ويُثبِت الإيمان.

"فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَسْوَدُ" (رؤيا 6: 5)

الفَرَسُ أَسْوَدٌ رمزٌ لعصر الظلمة، فإذا كانت المعرفة الحقيقية المستقيمة لكلمة الله هي نورٌ على الأرض فالهرطقةُ ظُلمةٌ، والفَرَسُ الأَسْوَدُ رمزٌ لعصر الهرطقات.

لم يكن عصر الاستشهاد هو العصر الأسود بل عصْر الهرطقات أصعب وأشَر، فالاستشهاد يُصَدِّر للسماء قديسين شهداء ويُعَبِّر عن محبة الكنيسة للمسيح ويُظهِر قوة محبة الشهداء، قدوة مُشَجِّعة للإيمان، أمَّا الهرْطقة فتبعث آلاف البشر إلى جهنم، فالتعليم الخاطئ وتحريف غير الفهماء لكلمة الله يُهلِك نفوسَهم والذين يسمعونهم.

فعندما فشل الشيطانُ إذ وجد أن الاستشهاد يبعث القوة في الكنيسة التي عبَّرت عن حُبِّها لإلَهِهَا، حرَّك عقول الهراطقة فظهر أريوس ونسطور وأوطاخي وغيرهم.

إنه الجوع الروحي، قال عنه إرميا النبي "جلودنا اسودت... من... نيران الجوع" (مراثي 5: 10)، وهذا الجوع هو سبب الهرطقة ونتيجتها. فكلمة الله هي طعامنا الروحي والجوع هو عدم الشِّبع بها وعدم فهمها فهمًا سليمًا، والمجاعات الروحية أن يختفي التعليم المستقيم.

"وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ مَعَهُ مِيزَانٌ فِي يَدِه". (رؤيا 6: 5)

وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ الذي يقود هذا العصر هم الهراطقة أصحاب البدع مثل أريوس ونسطور وأوطاخي ولوثر وكالفن، أما كلمة الله عندما تُعطَى بميزان فمعناها عدم وفرة التعليم الصحيح. على الرغم أن الهراطقة يَدَّعون الدِّقة وأنهم يَنْشُرون كلمة الله، لكنهم يُحَرِّفون معانيها، فَمِيزانُهم مَغْشوش ومقاييسهم التي يفهمون بها كلمة الله مغلوطة "الَّتِي فِيهَا أَشْيَاءُ عَسِرَةُ الْفَهْمِ، يُحَرِّفُهَا غَيْرُ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرُ الثَّابِتِينَ كَبَاقِي الْكُتُبِ أَيْضًا، لِهَلاَكِ أَنْفُسِهِمْ (2 بط 3: 16).

العجيب أن أيوب البار الذي طلب من الله قائلًا "لِيَزِنِّي فِي مِيزَانِ ٱلْحَقِّ، فَيَعْرِفَ ٱللهُ كَمَالِي" (أيوب 31: 6) لم يكن كاملًا، بل كان البِر الذاتي يحاربه ويغلبه. أما داود النبي المتضع فقال "باطلٌ بنو آدم.. في الموازين هم إلى فوق" (مز 62: 9)، وهذه صورة البروتستانتية والأرثوذكسية.

 

"وَسَمِعْتُ صَوْتًا فِي وَسَطِ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ قَائِلًا" (رؤيا 6: 6)

إنه صوت المسيح الجالس على عرشه. فَوَسط الأربعة الحيوانات تعني الجالس على العرش الملتهب الكروبيمي حيث قال مار يوحنا:

"فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةُ حَيَوَانَاتٍ" (رؤيا 4: 6)

"فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ... خَرُوفٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ" (رؤ 5: 6)

في رؤيا 4 نرى الآب الرب الإله القادر على كل شيء، الذي كان والكائن والذي يأتي (رؤيا 4: 8) هو الجالس على العرش.

وفي رؤيا 5 نرى الابن الخروف القائم كأنه مذبوح (رؤيا 5: 6) هو الجالس على العرش نفسه، فما معنى هذا؟

يعني: أن الآب والابن واحد. إني في الآب والآب فيّ. أنا والآب واحد. "وجلست مع أبي في عرشه" (رؤيا 3: 21)

يعني: أنَّ العرش هو عرش الله الثالوث القدوس الواحد.

وهذا هو صوت الله.

"ثُمْنِيَّةُ قَمْحٍ بِدِينَارٍ، وَثَلاَثُ ثَمَانِيِّ شَعِيرٍ بِدِينَارٍ" (رؤيا 6: 6) (حز 14: 4-16)

القمح غذاء الأغنياء والشعير غذاء الفقراء، والدينار أُجْرة رَجُل يعمل يومًا كاملًا، كما شرحها لنا الرب في مَثَل الفَعَلة في الكرم إذ قال "مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ يُشْبِهُ رَجُلًا رَبَّ بَيْتٍ خَرَجَ مَعَ الصُّبْحِ لِيَسْتَأْجِرَ فَعَلَةً لِكَرْمِهِ، فَاتَّفَقَ مَعَ الْفَعَلَةِ عَلَى دِينَارٍ فِي الْيَوْمِ" (مت 20: 1-2).

أما الثُمْنِيَّةُ فمكيال يساوي أقل من نصف كيلوجرام. وكأن المعنى أن الإنسان يعمل اليوم كله فتكون أُجْرته تكفي لِشِراء خُبزٍ كافٍ ليوم واحد لفرد واحد، ويبقى باقي المأكولات ومصاريف الِّلباس وما تحتاجه باقي أفراد الأسرة، إنها مجاعة بلا شك، كما يقول سِفْر اللاويين "خبزكم بالوزن فتأكلون لا تشبعون" (لا 26: 26)، ويتم الكتاب "وتكون مجاعات" (متى 24: 7). وليس المقصود الجوع المادي بل الروحي، الجوع إلى كلمة الله والتعليم الصحيح، سواء كان عميقًا للأغنياء أو بسيطًا ساذجًا للفقراء، فهما بمكيال يعني وجودهما قليلٌ غيرُ كافي وهذا لانتشار التعليم الخادع والتفسير الخاطئ وسط الهرطقات الكثيرة والتعليم غير الصحيح.

مَكْتُوبٌ: "لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ اللهِ" (متى 4: 4)، "لأَنَّهُ سَيَكُونُ وَقْتٌ لاَ يَحْتَمِلُونَ فِيهِ التَّعْلِيمَ الصَّحِيحَ، بَلْ حَسَبَ شَهَوَاتِهِمُ الْخَاصَّةِ يَجْمَعُونَ لَهُمْ مُعَلِّمِينَ مُسْتَحِكَّةً مَسَامِعُهُمْ، فَيَصْرِفُونَ مَسَامِعَهُمْ عَنِ الْحَقِّ، وَيَنْحَرِفُونَ إِلَى الْخُرَافَاتِ" (2 تي 4: 3-4).

"وَأَمَّا الزَّيْتُ وَالْخَمْرُ فَلاَ تَضُرَّهُمَا". (رؤيا 6: 6)

لعل الزيت والخمر هما لعلاج الإنسان كما في مَثَل السامري الصالح الذي عالج الجريح بأن صبَّ عليه زيتًا وخمرًا، فهما رمزان لِسِرَّي مِسْحَة المرضى والاِفخارستيا لعلاجنا وغفران خطايانا.

الزيت والخمر يرمزان لأبناء الله القديسين الذين يعمل فيهم الروح القدس (الزيت)، والمسيح هو الكرمة ونحن أغصان الكرمة (الخمر).

فَلاَ تَضُرَّهُمَا: فالعلاج لابد أن يبقى متوفرًا مهما صار الغذاء شحيحًا.

وعلى الرغم من قِلَّة التعليم المستقيم في عصر الهرطقات وانتشار التعليم الخاطئ إلا أننا نشكر الله أن بابه مفتوح لعودة الساقطين، فالعلاج للتائبين موجود في كل وقت، والكنيسة لا تزال تفتح قلبها للراجعين، ويد الله تعمل وسط المجاعات وقِلَّةِ القمح والشعير، فهو ضابط الكون يقول بصوته الرحيم هذا الأمر المفرح «وَأَمَّا الزَّيْتُ وَالْخَمْرُ فَلاَ تَضُرَّهُمَا» فيضع للشيطان حدودًا لا يتعداها، وبينما يبدو الهراطقة أقوياء بقوة الشيطان، يحفظ الله أبناءه المتضعين ويُقيم الساقطين.

ففي ضيقة أيوب الصديق سمح الله للشيطان أن يضربه في ما لَه ولكن إلى نفْسِه لا يقترب، وهنا سمح الرب بأن يضُرَّ خُبزَ الأغنياء والفقراء لكن لا يقترب من الزيت والخمر، علاج جروح الهرطقة.

فالمسافر نازلًا من أورشليم إلى أريحا هو ضال الطريق، أما الذي يعرف الطريق الصحيح فيصعد من أريحا إلى أورشليم رمز السماء. والمسافر الضال في طريق الحياة سقَط بين لصوص الشَّر الذين جرحوه بأخطاء الإيمان والأعمال، بالهرطقة والشر واحتاج إلى السامري الصالح الذي يحْمِل المسيح داخله فَيُعالِجه بالزيت والخمر، بزيت سِرِّ مِسْحة المرضى لشفاء الجسد والروح وسِرِّ الافخارستيا لغفران خطاياه.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الْخَتْمُ الرَّابِعُ

وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الرَّابِعَ، سَمِعْتُ صَوْتَ الْحَيَوَانِ الرَّابعِ قَائِلًا «هَلُمَّ وَانْظُرْ» (رؤيا 6: 7)

"وَالْحَيَوَانُ الرَّابِعُ شِبْهُ نَسْرٍ طَائِرٍ" (رؤيا 4: 7)

والنسر الطَائِرٍ يرتفع إلى أعلى الطيور ثاقب النظر يرمز إلى القديس يوحنا اللاهوتي الحبيب فإنجيله يثبت لاهوت المسيح وقد ظهر منبهًا لأن الفَرَسَ الأَخْضَر هو العصْر الرابع، عصر الحرب ضد لاهوت المسيح. وهذا قال لمار يوحنا منبهًا «هَلُمَّ وَانْظُرْ».

St-Takla.org Image: The four horsemen, by Albert Durer (Rev. 6:8) BX.92 صورة في موقع الأنبا تكلا: الفرسان الأربعة، لوحة للفنان ألبيرت ديورار (سفر الرؤيا 6: 8)

St-Takla.org Image: The four horsemen, by Albert Durer (Rev. 6:8) BX.92

صورة في موقع الأنبا تكلا: الفرسان الأربعة، لوحة للفنان ألبيرت ديورار (سفر الرؤيا 6: 8)

"فَنَظَرْتُ وَإِذَا فَرَسٌ أَخْضَرُ"، (أو أصفر) (رؤيا 6: 8)

الفَرَس الأخضر هو العصر الإسلامي، واللون الأخضر تستخدمه الأُمَّة الإسلامية وتعتبره مُمَيِّزًا لها، أما إذا تُرجمت الكلمة إلى "أصفر" فالفَرَس الأصفر يرمز إلى الأرض الصفراء وسكان الصحراء، وراكب الفَرَس هو نبي الإسلام.

"وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ اسْمُهُ الْمَوْتُ، وَالْهَاوِيَةُ تَتْبَعُهُ" (رؤيا 6: 8).

قائد هذا الفَرَس ينشُر بِدْعة هي الموت، وينشرها بالسيف أو القتل، وتنتهي بالهاوية.

لكن سِفْر الرؤيا قدَّم صورة رائعة، فكأن الهاوية كائن حي تمشي لِتَتْبع الفارِس الرَّاكب على الفَرَس الأخضر فتبتلع كُلَّ من ينضَمُّ إليه، فتُمسي "الهاوية مسكنًا لهم" (مزمور 49: 14) والهاوية حالة من العذاب (لو 16: 23) وليس التعذيب، تنحدر إليها (مزمور 55: 15) نفوس الأشرار.

تَتْبَعُهُ: ارتباط الموت والهاوية، ففي يوم القيامة يَطرَح الموتُ الأجساد التي في القبور، والهاوية الأرواح التي فيها في بحيرة النار الأبدية (رؤيا 20: 13-14).

"وَأُعْطِيَا سُلْطَانًا عَلَى رُبْعِ الأَرْضِ" (رؤيا 6: 8)

وَأُعْطِيَا (محمد والإسلام) سُلْطَانًا عَلَى رُبْعِ الأَرْضِ.

فلم يُعطَ محمد هذا السلطان بِكامِلِه على رُبْع الأرض، بل أخذ هو سلطانه على بعض البلدان التي أخضعها، ثُم أَكمَل الإسلام والمسلمون بَسْطَ سُلطانِهم على دُوَل أكثر، وسَيَظَل الإسلام ينتشر بِالقوة وبِالزَّواج وبالاضطهاد حتى يصل سُلْطَانه عَلَى رُبْعِ الأَرْضِ.

ومَنِ الذي أعطاه هذا السلطان؟ الله بلا شك فما معنى هذا الكلام؟؟ جاءَتِ الكلمةُ مَبْنِيَّة للمجهول فلماذا؟ لأن الله لا ينشر الشَّرَّ بل يسمح له بالانتشار دون أن يريده، ففرق بين الإرادة والسماح، الله يُريدُ الخير ولكنه يسمح بالشر فهو خَلقَ الإنسانَ حُرًّا يفعل ما يشاء.

أَنْ يَقْتُلاَ بِالسَّيْفِ وَالْجُوعِ وَالْمَوْتِ وَبِوُحُوشِ الأَرْضِ. (رؤيا 6: 8)

ينادي الراكب على الفَرَس الأخضر أن يختار الإنسان بين اختياراتٍ ثلاثة: أن يُقتَل بالسيف، أن يَدفع الجِزية فيُنهَب ويجوع، أن يتْبع الراكب على الفَرَس الأخضر وهذا هو الموت الأبدي.

ولنلاحظ أن من الاختيارات الثلاثة "الَقْتُل بِالسَّيْفِ وَالْمَوْتِ". فهل هذان اختياران أم اختيارٌ واحد؟

بالطبع اختياران. فالقتل بالسيف هو الموت الجسدي أما الموت فهو الموت الروحي الأبدي. هنا ونلاحظ أن الفَرَس لَوْنه أخضر يُسَمُّونه الأخضر الشريف ويوصف بأن عليه صُفْرة الموت.

فالسيف يعني الحروب، والحروب تُسَبِّب إهمال الزراعة، فبدلًا من أن يحْمِل الناس الفؤوس يحْمِلون السيوف للقتال فتحدث المجاعات، والمجاعات تُنشئ أمراضًا، ثم وباءًا يُنتِج موتًا، وانتشار الجُثث يدفع وحوش الأرض أن تتجمع حوْل جُثث القتلى. لكن رحمة الله تجعل هذا لا ينتشر في كل الأرض بل كما يقول سِفْر الرؤيا في رُبع الأرض.

وَبِوُحُوشِ الأَرْضِ: تعاملاتهم الحقيقية تُقَدِّمهم كَوُحوش مَمْلُوئِين قتْلًا واعتداءًا وفسادًا وخطفًا. ولعل داعِش في هذه الأيام وما عَمِلَتْه تُقَدِّم الصورة الحقيقية للأمر.

 

الخُتوم الثلاثة الأخيرة

كانت الختوم الأربعة الأولى تُحَدِّثنا عن تاريخ الكنيسة على الأرض: عصر الآباء الرُّسُل وكرازتهم، وعصر الشهداء، ثم عصر الهرطقات والمجامع المقدسة، وأخيرًا عصر الإسلام.

ثم تأتي الثلاثة ختوم الأخرى تحدثنا عن السماء.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The Martyrs icon (Revelations 6), private collection, Egypt, 2010, Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer) صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة الشهداء (من وحي سفر الرؤيا، الأصحاح السادس)، مقتنيات خاصة، مصر، 2010 م.، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

St-Takla.org Image: The Martyrs icon (Revelations 6), private collection, Egypt, 2010, Coptic art, used with permission - by Gerges Samir (Orthodox Iconographer)

صورة في موقع الأنبا تكلا: أيقونة الشهداء (من وحي سفر الرؤيا، الأصحاح السادس)، مقتنيات خاصة، مصر، 2010 م.، فن قبطي، موضوعة بإذن - رسم الفنان جرجس سمير: كاتب الأيقونة الأرثوذكسية

الخَتْم الخامس

شُهداء الكرازة وشُهداء الحياة المقدسة

وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الْخَامِسَ رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَحِ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا (رؤ 6: 9)

رَأَيْتُ... نُفُوسَ وكيف تُرَى النفوس؟ إذن هي رؤيا عقْلية وكشْفٌ روحي، به يُدرِك مار يوحنا السمائيات وما في الفردوس السماء الثالثة، حيث تسكُن أرواح الشهداء المقدسة تحت المذبح السمائي.

رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَحِ: رأى مار يوحنا الحبيب الشهداء من أجل الإيمان ومن أجل كلمة الله، كذبائح مُقدَّمة إلى الله في السماء، وهذه هي عظمة الشهداء أمام الله "لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ" (يو 15: 13)، ولذلك تضع الكنيسة الشهداء في مَرْتبة تَلِي العذراء والآباء الرُّسُل مباشرة وقبْل باقي القديسين، قبْل الرعاة من البطاركة والأساقفة والكهنة، وقبْل الرُّهبان والمتوحدين، وكُل الذين كرَّسوا حياتَهم لِنَشْر ملكوت الله وخلاص النفوس، وهذا ما يَظهر في لحن (الهيتينيات) وفي صلاة المجمع.

ما أروع هذا المنظر! المسيح ذبيحة فوق المذبح من أجلنا، ونحن تحت المذبح، مَذْبوحين من أجلِه، فهو الحُبُّ الأعظم "نُحبُّه لأنه أحبنا أولًا، أحبنا حتى الموت فَنُحِبُّه حتى الموت.

نُفُوسُ الَّذِينَ قُتِلُوا: إذن مار يوحنا الآن يرى ما في السماء؛ لأنَّ الأرض فيها أجساد الناس لا نفوسهم، رآهم تحت المذبح، لأن الكنيسة هنا شبه السماويات.

"رَأَيْتُ... نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ،

وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ" (رؤ 6: 9)

رأيت نفوس الذين قتلوا مِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ وَمِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ." (رؤيا 20: 4)

الشُّهداء نوعان: شهداء الكرازة بكلمة الله في كل المسكونة مثل الآباء الرُّسُل، وشهداء الحفاظ على الإيمان والحياة المقدسة. مثل الشهداء من أجل البتولية والطهارة والفضيلة، والثبات في الحياة المسيحية.

وإن لم نستطع أن نكون شهداء، فعلى الأقل نشهد بحياتنا عن المسيح فنقدم صورته للناس كما يقول مار بولس" أَنَّكُمْ رِسَالَةُ الْمَسِيحِ، مَخْدُومَةً مِنَّا "(2 كو 3: 2) وإن لم نستطع أن نصير شهداء فعلينا أن نكون مستعدين للألم والموت من أجل اسمه. وإن لم نستشهد بأجسادنا فليكن لنا نفسية الشهداء وشهوة الاستشهاد فنصبح شهداء بالنية، وإن لم يكن لنا دم الشهداء فعلى الأقل حب الشهداء.

 

كَلِمَة اللهِ

الشَّهَادَة الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ أو "شهادة يسوع" (رؤيا 6: 9؛ 20: 4)

الَّذِي شَهِدَ بِكَلِمَةِ اللهِ، وَبِشَهَادَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ

كُنْتُ فِي... بَطْمُسَ مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَمِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ (رؤيا 1: 2، 9)

يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ، وَعِنْدَهُمْ شَهَادَةُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ (رؤ 12: 17)

شَهَادَة يَسُوعَ هِيَ رُوحُ النُّبُوَّةِ (رؤ 19: 10)

هذا هو الجانب العملي، أنْ تتحول كلمة الله إلى حياةٍ فينا، فنصير شهادة عملية مقروءة من جميع الناس، نشهد ليسوع المسيح الساكن في حياتنا. فقد نُفِي مار يوحنا إلى بطمس:

(1) مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ.

(2) وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ.

ولِهَذين السببين استُشهد وعاش أبناءُ الله، وبهما غَلب القديسون. فَكَلِمة الله قيل عنها "وَعِنْدَنَا الْكَلِمَةُ النَّبَوِيَّةُ، وَهِيَ أَثْبَتُ، الَّتِي تَفْعَلُونَ حَسَنًا إِنِ انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا، كَمَا إِلَى سِرَاجٍ مُنِيرٍ فِي مَوْضِعٍ مُظْلِمٍ، إِلَى أَنْ يَنْفَجِرَ النَّهَارُ، وَيَطْلَعَ كَوْكَبُ الصُّبْحِ فِي قُلُوبِكُمْ، عَالِمِينَ هَذَا أَوَّلًا أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. لِأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ." (2 بط 1: 19-21)

"لِأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ." (عب 4: 12).

هل العهد الجديد يقدم الله الرحيم؟

أم الرحمة والعدل متلازمان في العهدين؟

"وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ" (رؤيا 6: 10)

عندما يُوَجِّه صوت الإنسان إلى الله يصير صوتُه عظيمًا،

وعندما يَصِلُ الإنسان إلى الفردوس يكون صوتُه أعظمَ وأقوى أمام الله.

"حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟" (رؤيا 6: 10)

كانت رغبة نفوس الشهداء تحت المذبح السمائي، موجهه لله "القدوس والحق". قُدُّوسٌ لا يحتمل الشر وحَقٌّ لا يحتمل الظلم، فالشهداء يعرفون أنَّ قصاص الله مَرْجِعه قداسةُ الله وعدلُه، لذلك صرخوا:

إلَى مَتَى يستمر العالم الشرير المليء بالظلم؟ متى يبدأ يا رب قضاؤك؟

إلَى مَتَى تَسْتَقِرُّ عَصَا الأَشْرَارِ عَلَى نَصِيبِ الصِّدِّيقِينَ؟ " (مز 125: 3) إلَى مَتَى يَرْتَفِعُ عَدُوِّي عَلَيَّ؟" (مز 13: 2)

نعلم يا رب أنَّ مار بطرس الرسول لم يحتمل كذِبَ حنانيا وسفيرة فأسقطهما مَيتين، واحدًا تِلْو الآخر "فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هَذَا الْكَلَامَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا... ثم امرأته... فَوَقَعَتْ فِي الْحَالِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ وَمَاتَتْ. فَدَخَلَ الشَّبَابُ وَوَجَدُوهَا مَيْتَةً، فَحَمَلُوهَا خَارِجًا وَدَفَنُوهَا بِجَانِبِ رَجُلِهَا" (أعمال 5: 5، 10). نعلم يا رب أنَّ سِيمُونَ حُكِم عليه بالهلاك الأبدي لِرَغبته أنْ يقتني موهبة الله الكهنوتية بالمال "وَلَمَّا رَأَى سِيمُونُ أَنَّهُ بِوَضْعِ أَيْدِي الرُّسُلِ يُعْطَى الرُّوحُ الْقُدُسُ قَدَّمَ لَهُمَا دَرَاهِمَ قَائِلًا «أَعْطِيَانِي أَنَا أَيْضًا هَذَا السُّلْطَانَ حَتَّى أَيُّ مَنْ وَضَعْتُ عَلَيْهِ يَدَيَّ يَقْبَلُ الرُّوحَ الْقُدُسَ»" (أع 8: 17-19).

نعلم يا رب أن مار بولس ضرب بار يشوع النبي الكذاب الساحر بالعَمَى لأنه قاوم خدمته هو وبرنابا. "فَقَاوَمَهُمَا عَلِيمٌ السَّاحِرُ... طَالِبًا أَنْ يُفْسِدَ الْوَالِيَ عَنِ الْإِيمَانِ. وَأَمَّا شَاوُلُ، الَّذِي هُوَ بُولُسُ أَيْضًا، فَامْتَلَأَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ... وَقَالَ «أَيُّهَا الْمُمْتَلِئُ كُلَّ غِشٍّ وَكُلَّ خُبْثٍ يَا ابْنَ إِبْلِيسَ! يَا عَدُوَّ كُلِّ بِرٍّ أَلَا تَزَالُ تُفْسِدُ سُبُلَ اللهِ الْمُسْتَقِيمَةَ؟ فَالْآنَ هُوَذَا يَدُ الرَّبِّ عَلَيْكَ، فَتَكُونُ أَعْمَى لَا تُبْصِرُ الشَّمْسَ إِلَى حِينٍ». فَفِي الْحَالِ سَقَطَ عَلَيْهِ ضَبَابٌ وَظُلْمَةٌ، فَجَعَلَ يَدُورُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَقُودُهُ بِيَدِهِ" (أع 13: 8-11)

نعلم يا رب أنك كَلَّمَت مُوسَى قَائِلًا: "«كَلِّمْ كُلَّ جَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَقُلْ لَهُمْ: تَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لِأَنِّي قُدُّوسٌ الرَّبُّ إِلَهُكُمْ." (لاويين 19: 1-2) "لِأَنَّهُ مَكْتُوبٌ «كُونُوا قِدِّيسِينَ لِأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ» (1 بط 1: 16).

وَلِعَلَّ طِلْبة الشهداء بعد ترْكِهم الأرض إلى السماء ليقيم الله العدل سريعًا تُعطينا صورة عمَّا يحدث الآن في السماء. فالقديسون المنتقلون يعلمون أحوالنا، ويطلبون من أجلنا، والله يسمع طلباتهم ويقبَلُها بحكمته. أليس في هذا إثبات لشفاعة المنتقلين؟

"وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا" هذا صوت الشهداء في السماء يطلبون الانتقام لدمائهم

 

إنَّ في هذا عجبًا!

أين القلْبُ المُحِبُّ المُتسامِح؟! نعم هذه الخطوة الأولية على أرضنا أنْ نُسامح المُخطِئِين، فنحن نُخطِئ ونحتاج إلى مغفرة، نغفر فيُغفر لنا. فهذه هي مرحلة الرحمة. "فَقَالَ يَسُوعُ «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لِأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ»." (لوقا 23: 34)

ولكن تأتي مرحلة ثانية: إقامة العدل. فالله كامل في عدله. والذين انتقلوا إلى السماء صاروا في المرحلة الثانية، يُطالبون بعدالة الله. وعدْل الله وقداسته خيْر ولذلك صرخ الشهداء القديسون قائلين «حَتَّى مَتَى أَيُّهَا الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ». مقيم القداسة والعدل لَا تَقْضِي وقضاؤك عادل فتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الْأَرْضِ؟

عجيب هو الله في رِقَّة انتقامه لدماء القديسين:

اشترك شاولُ الطرسوسي في رجْم القديس اسطفانوس أول الشمامسة وأول الشهداء، إذ كان حارسًا لثياب الراجمين وكان راضيًا بقتله، فكيف قضى الرب وانتقم لدماء اسطفانوس من شاول؟ حَوَّلَهُ هو إلى كارز بإيمان القديس اسطفانوس، وأتى بالكثيرين بدلًا من الذي فرِحَ بِقتْله. وإذ كان يسوق الكثيرين إلى السجون بسبب مسيحيتهم، حوَّلَه إلى سجين من أجل كلمه الله، وجعل السِّجْن فُرصةً له لكتابة بعض رسائله.

ومَثَلٌ آخَر هو إريانوس الذي كان من أقسى الولاة الذين قَتلوا آلاف المسيحيين، فقضى الرب وانتقم لدماء هؤلاء الآلاف بأن قاد إريانوس فآمن بالمسيحية وصار شهيدًا، وما أروع لقاء روح إريانوس الآن بأرواح الذين قتلهم هناك تحت المذبح في السماء. هم يصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ... "حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟"

وهو يقول لهم: لا تخافوا. دِماؤكم لم تضَعْ عَبَثًا، صارت بِزَارَ الإيمان في الأرض. سُحِل مار مرقس الرسول في شوارع الإسكندرية، وتبعثرت أشلاءُ جَسَدِه، وصارت كَبِزارٍ للإيمان، وما أنْ مضى وقتًا قليلًا حتى انتشر الإيمان المسيحي في الإسكندرية، وتضاءلت الوثنيةُ أمامها وانكمشت. وانتقم الرب لدماء مار مرقس التي رَوَت أرض الإسكندرية بأنْ نَمَتْ بِزَار إيمانِه، وملأت الإسكندرية بالمؤمنين بالمسيح.

هذا نوع من الانتقام المُقدَّس، انتقام مُفرِح، جَنَى ثِمارَه الشهداءُ، وفَرِح بِثماره سافكو الدماء الذين تحوَّلوا إلى الإيمان المسيحي والحياة المقدسة.

أما النوع الآخر مثل نيرون الذي سفك دماء الكثيرين، وكان مُهابًا مُخوفًا، انتهتْ قِصَّته بأنْ فقدَ عقْلَه وبالتالي هَيْبَته، والإمبراطورية الرومانية التي حارَبَتِ المسيحية بِعُنْف صارت أخيرًا مسيحية. هذا هو انتقام الله بدلًا من أن يُهلِك الأشرار يُهلِك الشرَّ الذي فيهِم فَيُصَيِّرهم قديسين.

وأما حينما يُفهَم الانتقام بمعناه الأبدي في يوم الدينونة، فيصير معنى الآية هو طلب سُرعة مجيء الرب. فالسؤال حَتَّى مَتَى؟

أنت ستنتقم حتمًا لأنك الْقُدُّوسُ َالْحَقُّ والعادل ولكن مَتَى؟

مَتَى تأتي في مجيئك الثاني لتجازي كل واحد كأعماله؟

 

"فَأُعْطُوا كُلُّ وَاحِدٍ ثِيَابًا بِيضًا" (رؤيا 6: 11)

هؤلاء الشهداء لبسوا على الأرض ثيابًا حمراء مُمتلئة بالدماء، والآن يلبسون ثيابًا بِيضًا حتى يُقال "حبيبي أبيض وأحمر" (نش 5: 10). الأحمر هو الحب حتى الموت، والأبيض هو النقاء والثبات في البِر. فالذين يغتسلون بدم الاستشهاد على الأرض يصيرون أنقياءًا وتُغفَر جميع خطاياهم ويثبتوا في البِر في السماء.

فما هذه الثيابُ البَيضاء التي تلبسها الأرواح أو نفوس الشهداء؟!

سبق أن قُلنا عن كائنات روحانية أنها لابسة ثيابًا بِيضًا، هكذا وصفنا الأربعة والعشرين كاهنًا وَهُم في السماء، "وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ عَرْشًا. وَرَأَيْتُ عَلَى الْعُرُوشِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ شَيْخًا جَالِسِينَ مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ" (رؤيا 4: 4)، وهم أرواح الكهنة القديسين الذين انتصروا وانتقلوا من العهدين، كما يَصِفُهم سِفْر الرؤيا، وجنود الملائكة في السماء "وَالْأَجْنَادُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ كَانُوا يَتْبَعُونَهُ عَلَى خَيْلٍ بِيضٍ، لَابِسِينَ بَزًّا أَبْيَضَ وَنَقِيًّا" (رؤيا 19: 14).

الثِّياب البيضاء إذَن هي ثيابٌ نورانيةٌ كما قال الكتاب "الصَّانِعُ مَلَائِكَتَهُ رِيَاحًا، وَخُدَّامَهُ نَارًا مُلْتَهِبَةً" (مزمور 104: 4) هي أشعة نورانية، من نورٍ إلهي يكسو الأرواح ويتركها تتميز بصفاتها.

كَصُورة التجلي حينما قيل عن السيد المسيح "وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَأَضَاءَ وَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ بَيْضَاءَ كَالنُّورِ" (مت 17: 2). وموسى وإيليا وهما رَوحان قيل عنهما "اَللَّذَانِ ظَهَرَا بِمَجْدٍ" (لو 9: 31)

الثياب البيض رمز الطهارة والنقاء والقداسة، فالأرواح لا تلبَس ثيابًا ماديًّا بل تلبس نقاءًا وبِرًّا.

ثِيَابًا بِيضًا: إحدى التعبيرات التي تساوِي "وأخيرًا وُضِع لي إكليلُ البِر" ليس إكليل من أجل البِر، بل يُكلَّل الإنسان بالبِر، فيدخل البِر إلى طبيعته، فلا يقدر أن يُخطِئ. نحن الآن نعمل البِر نتيجة صراع مع الخطية وانتصار، أمَّا حينما نَصِل إلى الفردوس، ونلبس الثياب البِيض سنثبت في البِر ونرجع إلى طبيعتنا المُقدَّسة التي بها خُلِقنا.

 

وهنا نسأل سؤالًا غريبًا:

هل الأرواح في الفردوس يُمكن أن تُخطئ؟

الإجابة نظريًّا نعم، وعمليًّا لا. فما معنى ذلك؟

أولًا: يُمكِن أن تخطئ. أليس الشياطين كانوا أرواحًا مقدَّسَة وسقطوا؟ إذن أرواح البشر في الفردوس نظريًّا يمكن أن تُخطئ، فهي لم تفقد حريتها، ومادامت حُرَّة فالحرية خَيْر. إذَن نظريًّا يُمكنها أنْ تَعمَل خيرًا أو شرًا. ألم يسقط سطنائيل وجنوده وهم في السماء؟ لذلك قُلْنا إنه نظريًّا يُمكِن أن يَسقُطوا، ولكن هذه الروح قد عاشت وجاهدَتْ وانتصرت واُختُبِرَتِ اختبارًا حقيقيًّا انتصرت فيه انتصارًا حقيقيًّا فوُجِدَت بارة، ولبست ثيابًا بِيضًا، وثبَتَتْ في البِر. وهذا معنى "وُضع لي إكليلُ البِر".

فهذه الأرواح بعدما تنتصر تُزَوَّد بنعمة الثبات في البِر، وهناك تعبيرات كثيرة في الكتاب المقدس لها هذا المعنى. هنا "فَأُعْطُوا كُلُّ وَاحِدٍ ثِيَابًا بِيضًا وهذا هو عمل النعمة. ومار بولس يقول "جاهدتُ الجِهاد الحَسَن، أكملتُ السَّعي، حفظتُ الإيمان وأخيرًا وُضع لي إكليل البِر" (ليس إكليل من أجل البِر بل إكليل البِر أي كُلِّلت بالبِر كُلِّلَتْ بالثَّبات في البِر. ومتى نلبس هذا البِر؟ يُكمل مار بولس "الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ" (2 تي 4: 8).

وهذا معنى "الأَكْل مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ" (رؤيا 2: 7) التي مَن يأكُل منها يحيا إلى الأبد" في حالة البِر، ومعنى "فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ." (رؤ 2: 10) ومن يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْمَنِّ الْمُخْفَى، وَأُعْطِيهِ حَصَاةً بَيْضَاءَ (رؤيا 2: 17)، ولِذلك قِيلَ في الرِّسالة إلى ملاك كنيسة سارْدِس "مَنْ يَغْلِبُ فَذلِكَ سَيَلْبَسُ ثِيَابًا بِيضًا، وَلَنْ أَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ" (رؤ 3: 5).

ونفْس المعنى في "مَنْ يَغْلِبُ فَسَأَجْعَلُهُ عَمُودًا فِي هَيْكَلِ إِلهِي، وَلاَ يَعُودُ يَخْرُجُ إِلَى خَارِجٍ" (رؤ 3: 12)، وهو الثبات في البِر والحياة الأبدية.

 

"وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا." (رؤيا 6: 11)

بدأ الاستشهاد من القرن الأول للمسيحية، وقيل لهؤلاء الشهداء أنْ يستريحوا زمانًا يسيرًا، ومضى عشرون قرنًا، وكلُّ هذا كان زمانًا يسيرًا؟ نعم. "أَنَّ يَوْمًا وَاحِدًا عِنْدَ الرَّبِّ كَأَلْفِ سَنَةٍ، وَأَلْفَ سَنَةٍ كَيَوْمٍ وَاحِدٍ" (2 بط 3: 8).

وعبارة "زَمَانًا يَسِيرًا" تعني أيضًا أن الدينونة ليست بعد الموت مباشرةً بل هناك فترة انتظار للأرواح في حالتي الفردوس أو الجحيم والهاوية قبل القيامة العامة، وعبارة زَمَانًا يَسِيرًا تعني أيضًا أنَّ الوقتَ قريب.

فلنشكر الله ونسرع إلى التوبة لأن "الْوَقْتُ مُنْذُ الآنَ مُقَصَّرٌ" (1 كو 7: 29)

هو نفس التعبير الذي قيل "طُوبَى لِلْأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الْآنَ» «نَعَمْ» يَقُولُ الرُّوحُ «لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ»." (رؤيا 14: 13)

هذه هي الراحة المؤقَّتة في الفردوس زمانًا يسيرًا، وهي غير الراحة الدائمة في ملكوت السموات إلى الأبد. ولذلك حينما نُصَلِّي على المنتقلين نقول "نَيِّحهم في فردوس النعيم"، فالفردوس بعد الموت مباشرة راحة لأرواح القديسين المُنتقلين زمانًا يسيرًا إلى القيامة العامة والدينونة، ندخل بعدها إلى الراحة الدائمة الأبدية في ملكوت السموات. وقِيل "زَمانًا يسيرًا" لأنها مُدَّة قصيرة عندما تُقارَن بالراحة الأبدية اللانهائية.

"حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ، وَإِخْوَتُهُمْ أَيْضًا، الْعَتِيدُونَ أَنْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُمْ" (رؤيا 6: 11)

الكنيسة هي جسد المسيح، فالمسيح هو الرأس وهناك أشخاص يُمثِّلون اليد وآخَرون العين وآخَرون القدم... ولابد أن يكتَمل الجسد حتى تكتمل الكنيسة المُنتصرة. حسنًا قال مار بولس "قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرّ" (2 تيموثاوس 4: 7). فكثيرون لم يُكْمِلوا جهادهم بعد، ولذلك فالدنيا باقية ليُكَمِل كُل واحدٍ جِهاده ويَكمُل جسد المسيح بكل أعضائه.

ولذلك فالمنتصرون في الفردوس يراقبونا ويطلبون من أجلنا، ويعاوِنوننا لِنغْلب مِثلَهم. فنحن رُفقاؤهم وإخوتهم في الجهاد حتَّى نتبعهم في طريق الاستشهاد لِنتَجمَّع تحت المذبح.

وفي كل يوم تُقَدِّم الكنيسة شهيدًا، ثم تُعيد له بعيد استشهاده، فيكون فرح عظيم في السماء، لأن بهذا يكمل العبيد رفقاؤهم وأخوتهم ومتى أكتمل العدد يتم زفاف العروس لعريسها.

ما أروع هذه العبارة!

فحينما نسأل "حَتَّى مَتَى يا رب؟" يُجيب في حُبِّه ورحمته "حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ". فالعالم في كل عصر مَليء بالمنتظرين والطالبين سُرْعة مَجِيئِه يسألون "حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟" (رؤ 6: 10)، وهؤلاء مِنْ أقدَسِ النَّاس وأَحَبِّهم لِقَلْب الله. فلماذا لا يَستَجيب صلواتهم؟

إنَّ الحُب والرحمة يملئان قلب الله فيجعلانه يتأنَّى قائلًا "حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُكمْ، وَإِخْوَتكمْ العتيدون أن يُقتَلوا" فيصيروا شُهداء، ويتمتَّعون بالدَّرجات العُلْيا في السماء.

ما أروع لُغَة الله الرقيقة المليئة بالمشاعر فَيُثير الحُب فينا إذ يقول "رُفَقَاؤُكمْ وَإِخْوَتكمْ" فننتظر اكتمال جهادِهم وانتصارهم، فَهُمْ إِخْوَتُنا رُفَقَاؤُنا في السعادة الأبدية، سنحيا معهم، نفرح بهم ومعهم، ويفرحون معنا وبِنا، ونجتمع معًا حول أبٍ واحد هو الله أبونا.

إذَن فلْننتظر لا زمانًا يسيرًا كما تَطلُبُ مِنَّا يا رب، بل إلى مِلْئ الزمان هنا على الأرض وهناك في الفردوس، مادام الوقت سيُضيف إلى مَلكوتِك نُفوسًا جديدة، فهُم أبناؤك إخوتُنا. والنَّفْس الواحدة تُساوي كثيرًا، اشتَريتُها يا رب بِدَمِك الغالي.

نحن نعتذِر يا رب عن سؤالنا... تجرَّأْنا وسألناه بِصَوتٍ عالٍ "حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ؟ فَلأنك قُدُّوسٌ لا تشاء موت الخاطئ مثلما يرجع ويحيا. ولأنك حَقٌّ ستُعطِي كُلَّ واحدٍ فُرْصَتَه أن يُخلَق ويَحيا ويُجاهِد وينتصر وينضَمُّ إلى ملكوتِك في السعادة الأبدية.

ونحن يا رب نرى بِفَرَح نُمُو مَلكوتِك وانتصار أبنائك إخواتنا.

نعم يا رب ليس لنا أن نعرف الأزمنة والأوقات.

نعم يا رب ليس لنا أن نطلب تغيير تدبيرك مِلْئ الحكمة والحب والعدل.

في الوقت الذي تشاؤه تعالَ ونحن في انتظارك بفرح.

ما أرَقَّكَ يا رب عندما تطلب "يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا".

لماذا يَسِيرًا؟ خُذْ يا رب الزمن الذي تشاؤه، فَغَبِيٌّ أنا والحِكمة عندك.

"الْعَتِيدُونَ أَنْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُمْ." (رؤيا 6: 11)

إنه وَعْدٌ باستمرار الاستشهاد فَهُم رُفقاؤنا وإخوتنا في الاستشهاد.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: The sixth seal is opened (Rev. 6:12) صورة في موقع الأنبا تكلا: فتح الختم السادس (سفر الرؤيا 6: 12)

St-Takla.org Image: The sixth seal is opened (Rev. 6:12)

صورة في موقع الأنبا تكلا: فتح الختم السادس (سفر الرؤيا 6: 12)

الخَتْم السادس

مقدمة: يبدو أن الخَتْم الخامس يُمَثِّل مبتدأ الأوجاع (مت 24). والضيقة العظيمة في الخَتْم السادس "ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الْآنَ وَلَنْ يَكُونَ" (مت 24: 21). وتنتهي بالخَتْم السابع الذي يحوي الأبواق الستة والجامات السبعة. وهي علامات النهاية في: الشمس والقمر والنجوم والسماء والأرض، ثم يأتي البوق السابع وفيه نهاية العالم والمجيء الثاني على سحاب السماء.

ثَمَّةُ تشابُه كبير في الحديث عن أحداث الخَتْم السادس ووَصْفِه في العهد القديم في سِفْري إشَعْيَا ويوئيل، ووَصْفِه في العهد الجديد في إنجيل القديس متى. فَبَيْنَ الخَتْمين الأخيرين تُبَوِّق الأبواق وتُصَبُّ الجامات. ويُسَجِّل مار متى عن هذه الفترة قائلًا "بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ مِنْ أقصاء السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا" (متى 24: 29-31).

وَنَظَرْتُ لَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ السَّادِسَ، وَإِذَا

1زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ وَ 2 الشَّمْسُ صَارَتْ سَوْدَاءَ كَمِسْحٍ مِنْ شَعْرٍ،

وَ3 الْقَمَرُ صَارَ كَالدَّمِ... وَ 4 نُجُومُ السَّمَاءِ سَقَطَتْ إِلَى الْأَرْضِ... وَ5 السَّمَاءُ انْفَلَقَتْ... وَ 6كُلُّ جَبَلٍ وَجَزِيرَةٍ تَزَحْزَحَا...

وَ7مُلُوكُ الْأَرْضِ وَالْعُظَمَاءُ وَالْأَغْنِيَاءُ وَالْأُمَرَاءُ وَالْأَقْوِيَاءُ وَكُلُّ عَبْدٍ وَكُلُّ حُرٍّ، أَخْفَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَغَايِرِ وَفِي صُخُورِ الْجِبَالِ" (رؤيا 6: 12-15).

 

(رؤيا 6: 12-15)

1وَالشَّمْسُ صَارَتْ سَوْدَاءَ 2وَالْقَمَرُ صَارَ كَالدَّمِ

3وَنُجُومُ السَّمَاءِ سَقَطَتْ

4وَالسَّمَاءُ انْفَلَقَتْ 5وَكُلُّ جَبَلٍ وَجَزِيرَةٍ تَزَحْزَحَا وَمُلُوكُ الْأَرْضِ

(إش 13: 9-13)

1تُظْلِمُ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا،2وَالْقَمَرُ لَا يَلْمَعُ بِضَوْئِهِ.

 

4أُزَلْزِلُ السَّمَاوَاتِ 5وَتَتَزَعْزَعُ الْأَرْضُ

(يوئيل 2: 1، 10)

1اَلشَّمْسُ

2وَالْقَمَرُ يُظْلِمَانِ،

 

3وَالنُّجُومُ تَحْجُزُ لَمَعَانَهَا

4وَتَرْجُفُ السَّمَاءُ.

5تَرْتَعِدُ الْأَرْضُ

(متى 24: 29)

1تُظْلِمُ الشَّمْسُ،

2وَالْقَمَرُ لَا يُعْطِي ضَوْءَهُ،

3وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ،

4وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ

 

وهنا نرى أن ضربات الأشرار تدريجية ليتوبوا ثم تنتهي بِضِدِّ المسيح.

تبدأ بالزلازل ثم الخمسة ضربات المتتالية السابق ذِكرها. ويقول القديس أوغسطينوس في رِسالته الثمانين أن الشمس والقمر وغيرها بالمعنى الروحي لا الحرفي.

 

St-Takla.org Image: "I looked when He opened the sixth seal, and behold, there was a great earthquake; and the sun became black as sackcloth of hair, and the moon became like blood. And the stars of heaven fell to the earth, as a fig tree drops its late figs when it is shaken by a mighty wind. Then the sky receded as a scroll when it is rolled up, and every mountain and island was moved out of its place. And the kings of the earth, the great men, the rich men, the commanders, the mighty men, every slave and every free man, hid themselves in the caves and in the rocks of the mountains, and said to the mountains and rocks, “Fall on us and hide us from the face of Him who sits on the throne and from the wrath of the Lamb! For the great day of His wrath has come, and who is able to stand?”" (Revelation 6: 12-17) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: "ونظرت لما فتح الختم السادس، وإذا زلزلة عظيمة حدثت، والشمس صارت سوداء كمسح من شعر، والقمر صار كالدم، ونجوم السماء سقطت إلى الأرض كما تطرح شجرة التين سقاطها إذا هزتها ريح عظيمة. والسماء انفلقت كدرج ملتف، وكل جبل وجزيرة تزحزحا من موضعهما. 15 وملوك الأرض والعظماء والأغنياء والأمراء والأقوياء وكل عبد وكل حر، أخفوا أنفسهم في المغاير وفي صخور الجبال، وهم يقولون للجبال والصخور: «اسقطي علينا وأخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الخروف، لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم. ومن يستطيع الوقوف؟»" (الرؤيا 6: 12-17) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "I looked when He opened the sixth seal, and behold, there was a great earthquake; and the sun became black as sackcloth of hair, and the moon became like blood. And the stars of heaven fell to the earth, as a fig tree drops its late figs when it is shaken by a mighty wind. Then the sky receded as a scroll when it is rolled up, and every mountain and island was moved out of its place. And the kings of the earth, the great men, the rich men, the commanders, the mighty men, every slave and every free man, hid themselves in the caves and in the rocks of the mountains, and said to the mountains and rocks, “Fall on us and hide us from the face of Him who sits on the throne and from the wrath of the Lamb! For the great day of His wrath has come, and who is able to stand?”" (Revelation 6: 12-17) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "ونظرت لما فتح الختم السادس، وإذا زلزلة عظيمة حدثت، والشمس صارت سوداء كمسح من شعر، والقمر صار كالدم، ونجوم السماء سقطت إلى الأرض كما تطرح شجرة التين سقاطها إذا هزتها ريح عظيمة. والسماء انفلقت كدرج ملتف، وكل جبل وجزيرة تزحزحا من موضعهما. 15 وملوك الأرض والعظماء والأغنياء والأمراء والأقوياء وكل عبد وكل حر، أخفوا أنفسهم في المغاير وفي صخور الجبال، وهم يقولون للجبال والصخور: «اسقطي علينا وأخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الخروف، لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم. ومن يستطيع الوقوف؟»" (الرؤيا 6: 12-17) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

1. "وَإِذَا زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ" (رؤيا 6: 12)

هذه الزلزلة العظيمة حدثَتْ في السماء، فَوَجدنا "الشَّمْسُ صَارَتْ سَوْدَاءَ كَمِسْحٍ، وَالْقَمَرُ صَارَ كَالدَّمِ، وَنُجُومُ السَّمَاءِ سَقَطَت. وَالسَّمَاءُ انْفَلَقَتْ، وَكُلُّ جَبَلٍ وَجَزِيرَةٍ تَزَحْزَحَا مِنْ مَوْضِعِهِمَا." (رؤيا 6: 12-14) فتأثرَ الناس من الكبير إلى الصغير "مُلُوكُ الْأَرْضِ وَالْعُظَمَاءُ وَالْأَغْنِيَاءُ وَالْأُمَرَاءُ وَالْأَقْوِيَاءُ وَكُلُّ عَبْدٍ وَكُلُّ حُرٍّ، سَبْعُ فِئات تُمَثِّل كُل البَشَر الأشرار أَخْفَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَغَايِرِ وَفِي صُخُورِ الْجِبَالِ، وَهُمْ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ «اسْقُطِي عَلَيْنَا وَأَخْفِينَا عَنْ وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَنْ غَضَبِ الْخَرُوفِ، لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ يَوْمُ غَضَبِهِ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَسْتَطِيع الْوُقُوفَ؟»" (رؤيا 6: 15-17)

وإنجيل القديس متَّى يُقَدِّم لنا نوعين من الزلازل كعلامات النهاية

"زَلَازِلُ فِي أَمَاكِنَ" (متى 24: 7)،

"قُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ." (متى 24: 29).

 

وسِفْر الرؤيا يُشير إلى زلزلتين عظيمتين:

زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ حَدَثَتْ مُشَارٌ إلَيْها الآن (رؤيا 6: 12-17)،

زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ، لَمْ يَحْدُثْ مِثْلُهَا مُنْذُ صَارَ النَّاسُ عَلَى الْأَرْضِ، زَلْزَلَةٌ بِمِقْدَارِهَا عَظِيمَةٌ هَكَذَا." (رؤيا 16: 18)

بالإضافة إلى:

قَبْل البُوق الأول "أَخَذَ الْمَلَاكُ الْمِبْخَرَةَ وَمَلَأَهَا مِنْ نَارِ الْمَذْبَحِ وَأَلْقَاهَا إِلَى الْأَرْضِ، فَحَدَثَتْ أَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَبُرُوقٌ وَزَلْزَلَةٌ." (رؤيا 8: 5)

وعند صُعود الشَّاهِدين إلى السماء "حَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ، فَسَقَطَ عُشْرُ الْمَدِينَةِ، وَقُتِلَ بِالزَّلْزَلَةِ أَسْمَاءٌ مِنَ النَّاسِ: سَبْعَةُ آلَافٍ." (رؤيا 11: 13)،

"وَانْفَتَحَ هَيْكَلُ اللهِ فِي السَّمَاءِ، وَظَهَرَ تَابُوتُ عَهْدِهِ فِي هَيْكَلِهِ، وَحَدَثَتْ بُرُوقٌ وَأَصْوَاتٌ وَرُعُودٌ وَزَلْزَلَةٌ وَبَرَدٌ عَظِيمٌ." (رؤيا 11: 19)

كانت هناك ستة آثار لهذه الزلزلة العظيمة:

الشَّمْسُ صَارَتْ سَوْدَاءَ، وَالْقَمَرُ صَارَ كَالدَّمِ، نُجُومُ السَّمَاءِ سَقَطَتْ،

وَالسَّمَاءُ انْفَلَقَتْ كدرج، وَكُلُّ جَبَلٍ وَجَزِيرَةٍ تَزَحْزَحَا، الناس أَخْفَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَغَايِرِ.

"وَالشَّمْسُ صَارَتْ سَوْدَاءَ كَمِسْحٍ مِنْ شَعْرٍ" (رؤيا 6: 12)

قَرَأْنا في العهد القديم: "قال يَشُوعُ «يَا شَمْسُ دُومِي عَلَى جِبْعُونَ، وَيَا قَمَرُ عَلَى وَادِي أَيَّلُونَ». فَدَامَتِ الشَّمْسُ وَوَقَفَ الْقَمَرُ... فَوَقَفَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ نَحْوَ يَوْمٍ كَامِلٍ." (يشوع 10: 12-13)

وقال الله لإشَعْيَا "هَأَنَذَا أُرَجِّعُ ظِلَّ الدَّرَجَاتِ الَّذِي نَزَلَ فِي دَرَجَاتِ آحَازَ بِالشَّمْسِ عَشَرَ دَرَجَاتٍ إِلَى الْوَرَاءِ». فَرَجَعَتِ الشَّمْسُ عَشَرَ دَرَجَاتٍ فِي الدَّرَجَاتِ الَّتِي نَزَلَتْهَا." (إشعيا 38: 8).

وقَرَأْنا في العهد الجديد يَومَ صَلْب المسيح: "وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الْأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ." (متى 27: 45)، ولم يكن كُسوفًا لِلشَّمس ولا خُسوفًا لِلْقمَر، فَمِنَ المُستحيلِ أنْ يَحدُث الاثنان معًا في وقْتٍ واحدٍ، ولكنَّه غَضِبَ الله القادر على كل شيء.

وتأثرتِ الشَّمسُ والقمَر في سِفْر الرؤيا: أثناء البوق الرابع "فَضُرِبَ ثُلْثُ الشَّمْسِ وَثُلْثُ الْقَمَرِ وَثُلْثُ النُّجُومِ، حَتَّى يُظْلِمَ ثُلْثُهُنَّ، وَالنَّهَارُ لَا يُضِيءُ ثُلْثُهُ، وَاللَّيْلُ كَذَلِكَ." (رؤيا 8: 12)

وأثناء سكْبِ الْجَام الرابعة على الشمس "فَاحْتَرَقَ النَّاسُ احْتِرَاقًا عَظِيمًا، وَجَدَّفُوا عَلَى اسْمِ اللهِ الَّذِي لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى هذِهِ الضَّرَبَاتِ، وَلَمْ يَتُوبُوا لِيُعْطُوهُ مَجْدًا." (رؤيا 16: 9).

الشمس ترمز للمسيح له المجد شمس البِر، فكيف تُظْلِمُ الشَّمْسُ أو كيف تصَير سَوْدَاءَ؟ الشمس هي كلام الله أيضًا الذي يُنير الطريق إلى الله، وَللأسف الكتاب المقدس في يَدِ وعلى أَلْسِنَة الهراطقة رائحةُ موت لِمَوت بدلًا من أن يكون رائحةَ حياةٍ لِحَياة

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

1. الشَّمْسُ صَارَتْ سَوْدَاءَ كَمِسْحٍ مِنْ شَعْرٍ

المِسْحُ قُماشٌ خَشِن أسود يرمز إلى التوبة والتَّذَلُّل كما قيل "وَيْلٌ لَكِ يا كُورَزِينُ! وَيْلٌ لَكِ يا بَيْتَ صَيْدَا! لِأَنَّهُ لَوْ صُنِعَتْ فِي صُورَ وَصَيْدَاءَ

الْقُوَّاتُ الْمَصْنُوعَةُ فِيكُمَا لَتَابَتَا قَدِيمًا فِي الْمُسُوحِ وَالرَّمَادِ." (متى 11: 21).

"وَسَأُعْطِي لِشَاهِدَيَّ، فَيَتَنَبَّآنِ... لَابِسَيْنِ مُسُوحًا" (رؤيا 11: 3).

فهذا معناه أنَّ الشمس فقدَت قوتها، والشمس ترمز إلى الله الكلمة أو إلى كلمة الله وهنا تعني أن انتشار الهرطقات والتعاليم الخادعة جعل كلمة الله بهذه الصورة "رائحة موت لموت" أي سوداء كَمِسْح.

 

2. وَالْقَمَرُ صَارَ كَالدَّمِ: القمر هو الكنيسة فما عادت تعكس نور الشمس

بقوة بعدما أثَّر فيها الهراطقة واستنفذوا قوَّتها وشكَّكوا في تعليمها، "فَإِنْ كَانَ النُّورُ الَّذِي فِيكَ ظَلاَمًا فَالظَّلاَمُ كَمْ يَكُونُ!" (متى 6: 23).

 

3. وَنُجُومُ السَّمَاءِ سَقَطَتْ إِلَى الْأَرْضِ (رؤيا 6: 13)

وعندما يكون المعنى مادي يكون سقوط نجوم السماء يعني سقوط شَظْية صغيرة تَلمِس الأرض فتُصيبُها. ولكن المعنى هنا روحي كما يقول ابن العسال والقديس أوغسطينوس. فسِفْر دانيال النبي يُقَدِّم لنا الوحش "القرْن الصغير تَعَظَّمَ... وَطَرَحَ بَعْضًا مِنَ الْجُنْدِ وَالنُّجُومِ إِلَى الْأَرْضِ وَدَاسَهُمْ" (دانيال 8: 10).

فهل يُمكن أن الإنسان مهما كانت قوتُه الشريرة أن يدوس نجمًا ماديًّا؟ بالطبع لا فالمعنى روحي، ولذلك قال الكتاب "لِأَنَّ نَجْمًا يَمْتَازُ عَنْ نَجْمٍ فِي الْمَجْدِ" (1 كو 15: 41) وهذا يعني تفاوت درجات القديسين الروحانية.

فَنُجوم السماء هُم كِبار اللاهوتيين أو البطاركة والأساقفة

كان نِسطور بطريركًا للقسطنطينية، كان نجمًا عاليًا وسقط بالهرطقة إلى الأرض. ولم يكن آريوس بسيطًا بل كان نجمًا وسقط بهرطقته. فالكبرياء أسقطَتِ النجوم العالية، فَخَطأُ آريوس كان يمكن تصحيحه لَوِ اتضع واستمع لكلمات القديس أثناسيوس، وهكذا إذا اتضع نِسطور واستمع للبابا كيرلس ما كان نجمًا ساقطًا بل كان قد احتفظ بارتفاعه.

نعم قال الكتاب "قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ" (أم 16: 18). ومنذ البدء كان سطنائيل نجمًا سمائيًا عاليًا رثاه إشَعْيَا النبي فقال:

"كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الْأَرْضِ يَا قَاهِرَ الْأُمَمِ؟ وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ،... أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ." (إشعيا 14: 10-14)

وهكذا سقط سطنائيل النجم السمائي العالي بالكبرياء.

"كَمَا تَطْرَحُ شَجَرَةُ التِّينِ سُقَاطَهَا إِذَا هَزَّتْهَا رِيحٌ عَظِيمَةٌ." (رؤيا 6: 13)

إذا هزَّت شجرةَ التينِ ريحٌ عظيمة يتساقط التِّينِ بغير نُضْج، وهذا يُسَمَّى سُقاطَها. وريحُ الهرطقات والاضطهادات والكبرياء وحُبُّ القيادة إِذَا هَزَّتْ شجرةَ الكنيسة فماذا يحدث؟ يتساقط غيرُ الناضجين بِالحُب والاتضاع، غير الفاهمين للإيمان المستقيم والمُغْتَرُّون بِمعرفتِهم فيتساقطون واحدًا بعد الآخر إذ هم غير ثابتين في محبة الكنيسة المقدسة.

 

4. "وَالسَّمَاءُ انْفَلَقَتْ كَدَرْجٍ مُلْتَفٍّ" (رؤيا 6: 14)

هذه هي السماء الأولى، سماء الطيور.

إذا انفلق دَرْجُ الكتاب يتقطَّع إلى قِطَعٍ صغيرة فلا يُقرأ، وهذا يُحقِّق ما قاله مار يوحنا الحبيب " ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ" (رؤيا 21: 1)، وما قاله القديس بطرس الرسول "يَوْمُ الرَّبِّ، الَّذِي فِيهِ تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً" (2 بطرس 3: 10).

5. "وَكُلُّ جَبَلٍ وَجَزِيرَةٍ تَزَحْزَحَا مِنْ مَوْضِعِهِمَا" (رؤيا 6: 14)

في الجام السابعة: "حَدَثَتْ زَلْزَلَةٌ عَظِيمَةٌ، لَمْ يَحْدُثْ مِثْلُهَا مُنْذُ صَارَ النَّاسُ عَلَى الْأَرْضِ، زَلْزَلَةٌ بِمِقْدَارِهَا عَظِيمَةٌ... وَكُلُّ جَزِيرَةٍ هَرَبَتْ، وَجِبَالٌ لَمْ تُوجَدْ." (رؤيا 16: 18، 20).

فهذا هو التَّدَرُّج في الْخَتْم السَّادِس "الجِبال والجُزُر تزحزحا من مَوضِعِهما" فقط. أمَّا في الْخَتْمِ السَّابع "الجُزُر والجِبال هربَتْ ولم توجَد ذلك لأنَّ الزلزلةَ في الْخَتْمِ السَّادِس كانت عظيمة" (رؤيا 6: 12).

أما في الجام السابعة فَكانت عَظِيمَةً

لَمْ يَحْدُثْ مِثْلُهَا مُنْذُ صَارَ النَّاسُ عَلَى الْأَرْضِ" (رؤيا 16: 18).

أما الجبال المُتشامِخة فَهُم الهراطقة في كبريائهم، والجُزُر المُحاطَة بالماء هم أبناء الله الذين يَخدعهم الهراطقةُ، وللأسف كثيرون من أبناء الله البُسطاء ينخدعون فينجرفون بِرِيح التعليم الباطل، وهذا خطَرُ الهرطقات أكثر من الفَساد الخُلُقي. لأن الذين يسقطون بالهرطقات ينخدعون بذئاب في ثياب الحُمْلان، وبالشيطان الذي يظهر كملاك نور، والإنجيل الآخر الذي يظهر وكأنه الإنجيل الصحيح (غلاطية 1). هؤلاء يشربون السُّم بِلَذَّة قاتلة مخدوعين. حتي قيل "مَتَى جَاءَ ابْنُ الْإِنْسَانِ، أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الْإِيمَانَ عَلَى الْأَرْضِ؟" (لو 18: 8).

 

6. "وَمُلُوكُ الْأَرْضِ وَالْعُظَمَاءُ وَالْأَغْنِيَاءُ وَالْأُمَرَاءُ وَالْأَقْوِيَاءُ وَكُلُّ عَبْدٍ وَكُلُّ حُرٍّ، أَخْفَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَغَايِرِ وَفِي صُخُورِ الْجِبَالِ" (رؤ 6: 15)

هذه الفئات السبعة يُقصَد بها كل فِئات البشر الذين لا يمكن حصْرُهم.

مُرَتَّبِين ترتيبًا تنازُلِيًّا من العظيم إلى الحقير ومن الحاكِم إلى المحكوم ومن الغني إلى الفقير ومن القوي إلى الضعيف.

"أَخْفَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَغَايِرِ وَفِي صُخُورِ الْجِبَالِ"

وإشَعْيَا النبي يُقَدِّم الصورة عينَها فيقول "اُدْخُلْ إِلَى الصَّخْرَةِ وَاخْتَبِئْ فِي التُّرَابِ مِنْ أَمَامِ هَيْبَةِ الرَّبِّ وَمِنْ بَهَاءِ عَظَمَتِهِ... فَإِنَّ لِرَبِّ الْجُنُودِ يَوْمًا عَلَى كُلِّ مُتَعَظِّمٍ وَعَالٍ،... فَيُخْفَضُ تَشَامُخُ الْإِنْسَانِ،... وَيَدْخُلُونَ فِي مَغَايِرِ الصُّخُورِ،... مِنْ أَمَامِ هَيْبَةِ الرَّبِّ، وَمِنْ بَهَاءِ عَظَمَتِهِ، عِنْدَ قِيَامِهِ لِيَرْعَبَ الْأَرْضَ... لِيَدْخُلَ فِي نُقَرِ الصُّخُورِ وَفِي شُقُوقِ الْمَعَاقِلِ." (إشعيا 2: 10-21).

"وَهُمْ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ وَالصُّخُورِ: «اسْقُطِي عَلَيْنَا وَأَخْفِينَا عَنْ وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَنْ غَضَبِ الْخَرُوفِ" (رؤيا 6: 16)

ألم نَقُلْ "كُلُّ جَبَلٍ وَجَزِيرَةٍ تَزَحْزَحَا مِنْ مَوْضِعِهِمَا" (رؤيا 6: 14)؟ لقد اهتزت الجبال من الزلزلة العظيمة وهربت من موضعها فكيف تحمي الخائفين؟!

داود النبي يُجيبُنا على هذا السؤال:

"أَيْنَ أَذْهَبُ مِنْ رُوحِكَ؟ وَمِنْ وَجْهِكَ أَيْنَ أَهْرُبُ؟ إِنْ صَعِدْتُ إِلَى السَّمَاوَاتِ فَأَنْتَ هُنَاكَ، وَإِنْ فَرَشْتُ فِي الْهَاوِيَةِ فَهَا أَنْتَ. إِنْ أَخَذْتُ جَنَاحَيِ الصُّبْحِ، وَسَكَنْتُ فِي أَقَاصِي الْبَحْرِ، فَهُنَاكَ أَيْضًا تَهْدِينِي يَدُكَ وَتُمْسِكُنِي يَمِينُكَ." (مز 139: 7-10)

إذَن فعبارة "أَخْفِينَا عَنْ وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَنْ غَضَبِ الْخَرُوفِ" (رؤيا 6: 16) تعبير تصويري يُصَوِّر الدينونة بصورة حِسِّيَّة. فحينما يجلس الرب على العرْش ويغضب الخروف للدينونة. سوف لا يكون هناك جبال لِتَسقط ولا صخور لتُخفِي الأشرار.

هذا غير أن الجبال لا يمكنها أن تُغَطِّي أحدًا عن وجه الرب الجالس على العرش فعيناه تخترقان أستار الظلام. إنما هذا تصوير للخوف والرُّعب اللذَين يقع فيهما الأشرار في يوم الدينونة الرهيبة.

فعندما يأتي وقت "غضب الحَمَل"، "يوم غضَبِهِ العظيم" "مَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ؟" (رؤيا 6: 17). لا مهرب.

وحينما يجلس الحَمَل على عرش الدينونة سيكون "مُخِيفٌ هُوَ الْوُقُوعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ!" (عب 10: 31)

ثم إننا نسأل، وهل للحَمَل الوديع غضب؟ نعم.

"قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ" (مت 12: 20).

عندما أتوا ليقبضوا عليه قال "أَنَا هُوَ" (يوحنا 18: 5) فَسَقطوا، فَعَلَّقَ القديس غريغوريوس الكبير "من يستطيع احتمال غضب الذي لا يُستطاع احتمال وداعته"؟!

"لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ يَوْمُ غَضَبِهِ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ؟" (رؤ 6: 17)

لأَنَّهُ اقترب، فيوم الغضب ليس في الخَتْم السادس بل في الخَتْم السابع الذي يشمَل البوق السابع والمجيء الثاني ونهاية العالم وبدْء الدينونة.

"يَوْمُ غَضَبِهِ الْعَظِيمُ" هذا اسْمُه لدى الأشرار، فهو يوم القيامة العامة حيث يُعلِن البُوق الأخير (1 كو 15: 52؛ 1 تس 4: 16)، أو البوق السابع فـ"يَتِمُّ أَيْضًا سِرُّ اللهِ، كَمَا بَشَّرَ عَبِيدَهُ الْأَنْبِيَاءَ" (رؤيا 10: 7)، "الَّذِي فِيهِ تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الْأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَا." (2 بطرس 3: 10)، ولحْظَةُ المجيء الثاني للحَصَاد (متى 24: 3؛ مر 13: 9) حيث يأتي المسيح على سحاب السماء فيحدث الاختطاف "لِأَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلَائِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلًا" (1 تس 4: 16) وقيامة الأموات والدينونة العامة والأبدية حيث "نَنْتَظِرُ سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً، وَأَرْضًا جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ." (2 بطرس 3: 13).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الخَتْم السابع

الله المُحِب ضابط الكل رتَّب أن الرحمة تفتخر على العدل في اليوم الأخير. فعند فَكِّ الخَتْم السابع الذي يحْمِل العقوبة العظمى، تَوَقَّف الله قليلًا إلى أن يُعلن رحمته وتشجيعه لأبنائه التائبين، وقبل نفخ البوق السابع والأخير تَوَقَّف الله عن إعلان غضبه إلى أن يُخَتْم أولاده أولًا ويُسَيِّج حولهم فلا يَمَسَّهم قضاؤه السريع المزمع أن يكون.

 

"وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ السَّابِعَ حَدَثَ سُكُوتٌ فِي السَّمَاءِ نَحْوَ نِصْفِ سَاعَةٍ." (رؤيا 8: 1)

كان الخَتْم السادس في نهاية الإصحاح السادس يحوي الأبواق السِّتَّة التي تشمل في بُوقها السادس الستَّ جامات الأولى أيضًا.

تركنا الإصحاح السابع. لماذا؟!

وجئنا إلى الإصحاح الثامن حيث الخَتْم السابع وفيه:

"حَدَثَ سُكُوتٌ فِي السَّمَاءِ" (رؤيا 8: 1)

في القديم قال الله "اِنْصِتِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ (سُكُوتٌ فِي السَّمَاء) فَأَتَكَلَّمَ، وَلْتَسْمَعِ الأَرْضُ أَقْوَالَ فَمِي"(تث 32: 1)، وتكررت الصورة في (إش 41: 1؛ حب 2: 20)، "اُسْكُتُوا يَا كُلَّ الْبَشَرِ قُدَّامَ الرَّبِّ" (زكريا 2: 13).

ولكن ماذا يعني السُكُوت هنا؟

كانت الأعداد السابقة تعني أنِ امتلأت السموات الأولى والثانية مع الأرض بضربات الزلزلة العظيمة وخراب خُماسي في الشمس والقمر والنجوم والسماء الأولى والأرض كما في (رؤ 6: 12-15؛ مت 24: 29).

ثم "حَدَثَ سُكُوتٌ فِي السَّمَاءِ نَحْوَ نِصْفِ سَاعَةٍ"

ويُكْمل القديس متى "ويبصرون ابن الإنسان أتيًا على سحاب السماء بقوة ومجد كثير". إذَن نحن الآن في الخَتْم السابع خَتْم المجيء الثاني، انبهر الناس بصورة المجيء الثاني ولم يستمر الانبهار زَمَنًا كاملًا لأن القيامة العامة وبدء الأبدية سيكون سريعًا في لحظات.

ولذلك كان السكوت نحو نصف ساعة أي زمنًا غير كامل حدث في السماء حيث لا زمن. إذَن فالمعنى رمزي.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

ملاحق:

الدينونة بعد القيامة العامة

حالتا الانتظار للأرواح قبل المجيء الثاني للدينونة

"وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ" (رؤ 6: 11)

يَظُنُّ البعضُ أنَّ هناك ثلاثة أنواع من الناس:

ونحن نردُّ على النُّقطة الأولى. فالذهاب حالًا بعد الموت إلى المَقَرِّ الأخير يتعارض مع عقيدتين هامتين ومجموعة من الآيات الكتابية المؤيدة لهما، وهما القيامة العامة والدينونة العامة. فلا يليق بالعدل الإلهي أن يُجازي الأرواح ثوابًا أو عقابًا دون الأجساد. فالجسد الذي تعب وجاهد للوصول إلى الفضيلة بأصوام وسهر وصلوات، وتذلل أمام الله وتعب في الخدمة والكرازة من حَقِّه أن يُكافَأ مع الأرواح المقدسة البارة. والجسد الذي تنجس بالشهوة وفسَد باللذات الشريرة ينبغي أن يعاقَب مع الأرواح الخاطئة الشريرة.

ولذلك لابد أن تكون القيامة العامة للأجساد وعودة الأرواح لها قبل الدخول إلى المقر الأخير سواء الملكوت الأبدي أو جهنم النار الأبدية، فهذا يقتضيه العدل الإلهي. ثم ما الحاجة إذن للدينونة إذا كانت الأرواح تذهب إلى مقرِّها الأخير حالًا بعد الموت فتذهب إلى جهنم أو الملكوت الأبدي؟

ما الحاجة إذن للدينونة وقد بدأ كل واحد جزاءه الأبدي فعلًا؟

وهكذا تتعارض فكرة المجازاة الفورية بعد الموت مع عقيدة القيامة العامة والدينونة العامة ومع العدل الإلهي الذي يُحَتِّم أن تُجازَى الأرواح ثوابًا

أو عقابًا مع الأجساد كما فَعَلَا البِر أو الشر معًا. ثم إن هناك:

الآيات الكتابية المؤيدة للقيامة العامة والدينونة العامة للأشرار والأبرار كما للأرواح مع الأجساد وهي:

1. "تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ

فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ

وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ." (يوحنا 5: 28-29).

2. "وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ... يَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ

يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ... ثُمَّ

يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإبليس وَمَلاَئِكَتِهِ" (متى 25: 31-46).

وهكذا تكون المجازاة بعد الدينونة العامة.

3. "وَلَكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ الَّذِي سَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ أَعْمَالِهِ" (رومية 2: 5-6)

4. "لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ، خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا" (2 كو 5: 10)

5. "فَهَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ، مَشْهُودًا لَهُمْ بِالإِيمَانِ، لَمْ يَنَالُوا الْمَوْعِدَ، إِذْ سَبَقَ اللهُ فَنَظَرَ لَنَا شَيْئًا أَفْضَلَ، لِكَيْ لاَ يُكْمَلُوا بِدُونِنَا" (عب 11: 39-40)

إذن الملكوت لا يناله بعضُ الغالبين بل ينتظرون إلى النهاية حيث يُكْمَل باقي العبيد رفقائهم.

6. "قَدْ جَاهَدْتُ الْجِهَادَ الْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ السَّعْيَ، حَفِظْتُ الإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ الْبِرِّ، الَّذِي يَهَبُهُ لِي فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الرَّبُّ الدَّيَّانُ الْعَادِلُ، وَلَيْسَ لِي فَقَطْ، بَلْ لِجَمِيعِ الَّذِينَ يُحِبُّونَ ظُهُورَهُ أَيْضًا." (2 تي 4: 7-8)

7. "إِذن لاَ تَحْكُمُوا فِي شَيْءٍ قَبْلَ الْوَقْتِ حَتَّى يَأْتِيَ الرَّبُّ الَّذِي سَيُنِيرُ خَفَايَا الظَّلاَمِ وَيُظْهِرُ آرَاءَ الْقُلُوبِ. وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَدْحُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ اللهِ." (1 كو 4: 5)

8. "هُوَذَا قَدْ جَاءَ الرَّبُّ فِي رَبَوَاتِ قِدِّيسِيهِ لِيَصْنَعَ دَيْنُونَةً عَلَى الْجَمِيعِ، وَيُعَاقِبَ جَمِيعَ فُجَّارِهِمْ عَلَى جَمِيعِ أَعْمَالِ فُجُورِهِمُ الَّتِي فَجَرُوا بِهَا، وَعَلَى جَمِيعِ الْكَلِمَاتِ الصَّعْبَةِ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا عَلَيْهِ خُطَاةٌ فُجَّارٌ (يه 14-15)

9. "وَمَتَى ظَهَرَ رَئِيسُ الرُّعَاةِ تَنَالُونَ إِكْلِيلَ الْمَجْدِ الَّذِي لاَ يَبْلَى"(1 بط 5: 4)

10. "وَسَلَّمَ الْبَحْرُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِ،

وَسَلَّمَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِمَا.

وَدِينُوا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ." (رؤيا 20: 13)

11. "وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الْخَامِسَ، رَأَيْتُ تَحْتَ للْمَذْبَحِ نُفُوسَ للَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُم وَصَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لا تقضي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟ فَأُعْطُوا كُلُّ وَاحِدٍ ثِيَابًا بِيضًا، وَقِيلَ لَهُمْ أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ، وَإِخْوَتُهُمْ أَيْضًا، الْعَتِيدُونَ أَنْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُمْ"(رؤ 6: 9-11)

 

الدينونة الأخيرة

بمجرد المجيء الثاني للرب يسوع واستعلانه من السماء تبدأ الدينونة الأخيرة العامة للأحياء والأموات.

"أَنَا أُنَاشِدُكَ إِذن أَمَامَ اللهِ وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الْعَتِيدِ أَنْ يَدِينَ الأَحْيَاءَ وَالأَمْوَاتَ، عِنْدَ ظُهُورِهِ وَمَلَكُوتِهِ" (2 تي 4: 1).

 

يدين الأحياء والأموات

سَيَدِين كُل البشرية بلا استثناء، القديسين والأبرار والأشرار حتى القديسين الذين سيدينون الملائكة "أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا سَنَدِينُ مَلاَئِكَةً" (1 كو 6: 3) لابد أن يقفوا أمام كرسي المسيح.

"لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُظْهَرُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ، لِيَنَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا كَانَ بِالْجَسَدِ بِحَسَبِ مَا صَنَعَ خَيْرًا كَانَ أَمْ شَرًّا (2 كو 5: 10)

"لأَنَّنَا جَمِيعًا سَوْفَ نَقِفُ أَمَامَ كُرْسِيِّ الْمَسِيحِ" (رو 14: 10)

فسيكون الأبرار "كُلَّ حِين مَع الرَّبِّ" (1 تس 4: 17)

أمَّا الأشرار "سَيُعَاقَبُونَ بِهَلاَكٍ أَبَدِيٍّ". (2 تس 1: 9)

 

مجرد رأي في الخُتوم

الخَتْم الأول، الفَرَسُ الأَبْيَضُ: يرمز لِحُكْم غايِس قيصر. حارب اليهود وأقام سلامًا مع المسيحية.

الخَتْم الثاني الفَرَس الأحمرَ: حُكْم نيرون حارب المسيحية بسيفٍ عظيم

الخَتْم الثالث الفَرَس الأسودَ: حُكْم تيطس قيصر، حاصر أورشليم وقتل اليهود بالسيف والجوع، أما المسيحيون الذين يُرمَز لهم بالزيت (الرحمة) والخمر (الحب) فلم يَضُرَّهم. وفي يده ميزان هو عدْلُه.

الخَتْم الرابع الفَرَسُ الأخضر أو الأصفر: حُكْم دومتيان الذي باضطهاده ألقى الرُّعْب في الناس حتى اصْفَرَّت الوُجوه

الخَتْم الخامس: حُكْم 4 عصور استشهاد برياسة ثرابيانوس، أدريانوس، أنطونيوس، ديوكتيانوس، ونفوس الشهداء تصرخ تحت المذبح.

الخَتْم السادس، الزلْزَلَةُ العَظِيمَة: هي قلق المسيحيين، والشَّمْسُ السَوْدَاء الفهم الخاطئ للكتاب المقدس، وَالْقَمَرُ غير المُضيء هو الكنيسة ذات التعليم الهُرطوقي وَنُجُومُ السَّمَاءِ التي تتسَاقَط هو سقوط العظماء في العِلم أو الروحانية، وضد المسيح هو أكثر من ينطبق عليه كل هذا.

الخَتْم السابع: حُكْم قسطنطين الملك العظيم الذي أقام سلامًا للمسيحيين، والمجيء الثاني هو السلام الحقيقي الكامل لنا.

 

(دانيال 7-8)

رأَى دانيال النبي 4 حيوانات كما رأى مار يوحنا فيما بعد:

الحيوان الأول كالأسد (دا 4: 7)، والثاني شِبْه دُبٍّ (دا 7: 5)،

والثالث كالنمر (دا 7: 6)، والرابع قوي جدًّا (دا 7: 7)،

وهُم 4 ملوك يملكون على الأرض (دا 7: 17).

بدءًا من نبوخذ نصر إلى نهاية القرن الأول للمسيحية.

وتكررت القصة في (دانيال 8)

الحيوان الرابع له 10 قرون (دانيال 7: 7)، هُم 10 مُلوك (دانيال 7: 24)

ثم ظهر قرْن صغير بين العشرة فقَلع 3 قرون منه (دانيال 7: 8، 20، 24)

وغلب باقي العشرة فتسلطَ على العالم كله.

وهذا القرن طَرح بعضًا من جُند السموات والنجوم إلى الأرض وداسهم (دا 10: 8).

وهذا القرن له عيون كعيون إنسان (دا 7: 8)، ويتكلم بعظائم (دا 7: 8، 20)

منظره أشد من غيره (دا 8: 20)،

يحارب القديسين ويغلبهم (دا 8: 21)،

يتكلم بتجديف ضد العلي (دا 8: 25).

يتسلط على القديسين في النصف الثاني والأخير من الأسبوع السبعين والأخير من أسابيع دانيال السبعين (زمان وزمنين ونصف زمان) (دانيال 7: 25؛ رؤيا 12: 14)

ثم يُنزَع سلطانه (دا 8: 26)، ويُقتَل ويُرفَع للنار (دا 8: 11). ثُمَّ

يأتي ابن الإنسان مع سحاب السماء (دا 7: 13)، فَيَمْلك القديسون (دا 7: 27).

القرن هو ضد المسيح، يأتي في نهاية الأيام، ويغلب ملوك العالم العشرة (دانيال 7: 24)، (رؤيا 17: 12).

وبمجيء المسيح تنتهي مملكة الوحش (دانيال 7: 13؛ رؤيا 14: 14)،

الذي يبيده بنفخة فمه (دانيال 7: 11؛ 2 تسالونيكي 2: 8).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-youhanna-fayez/apocalypse/chapter-06.html

تقصير الرابط:
tak.la/2qdtvys