St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   fr-youhanna-fayez  >   apocalypse
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   fr-youhanna-fayez  >   apocalypse

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص يوحنا فايز زخاري

الرؤيا 14 - تفسير سفر الرؤيا

 

محتويات:
(إظهار/إخفاء)

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الإصحاح 14

غلبةُ الحَملِ وتَسبيحُ الغَالبين

 

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نص الأصحاح:

الإصحاح 14: غلبةُ الحَملِ وتَسبيحُ الغَالبين

1ثُمَّ نَظَرْتُ وَإذَا خَرُوفٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ،

وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا، لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوبًا عَلَى جِبَاهِهِمْ.

2وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ وَكَصَوْتِ رَعْدٍ عَظِيمٍ. وَسَمِعْتُ صَوْتًا كَصَوْتِ ضَارِبِينَ بِالْقِيثَارَةِ يَضْرِبُونَ بِقِيثَارَاتِهِمْ، 3وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ كَتَرْنِيمَةٍ جَدِيدَةٍ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ. وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَلَّمَ التَّرْنِيمَةَ إّلاَّ الْمِئَةُ وَالأَرْبَعَةُ وَالأَرْبَعُونَ أَلْفًا الَّذِينَ اشْتُرُوا مِنَ الأَرْضِ.

4 هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ لَمْ يَتَنَجَّسُوا مَعَ النِّسَاءِ لأَنَّهُمْ أَطْهَارٌ.

هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الْخَرُوفَ حَيْثُمَا ذَهَبَ.

هؤُلاَءِ اشْتُرُوا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بَاكُورَةً ِللهِ وَلِلْخَرُوفِ.

5وَفِي أَفْوَاهِهِمْ لَمْ يُوجَدْ غِشٌّ، لأَنَّهُمْ بِلاَ عَيْبٍ قُدَّامَ عَرْشِ اللهِ.

 

الملائكة الثلاثة

6ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ،

لِيُبَشِّرَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ وَكُلَّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ،

7قَائِلًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: خَافُوا اللهَ وَأَعْطُوهُ مَجْدًا، لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ، وَاسْجُدُوا لِصَانِعِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَالْبَحْرِ وَيَنَابِيعِ الْمِيَاهِ.

8ثُمَّ تَبِعَهُ مَلاَكٌ آخَرُ قَائِلًا: سَقَطَتْ! سَقَطَتْ بَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ،

لأَنَّهَا سَقَتْ جَمِيعَ الأُمَمِ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا!

9ثُمَّ تَبِعَهُمَا مَلاَكٌ ثَالِثٌ قَائِلًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: إنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ، وَيَقْبَلُ سِمَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ، 10فَهُوَ أَيْضًا سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ اللهِ، الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ، وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ. 11وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. وَلاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَارًا وَلَيْلًا لِلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ وَلِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ سِمَةَ اسْمِهِ.

12هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ. هُنَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ وَإيمَانَ يَسُوعَ.

13وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا لِي:

اكْتُبْ: طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ.

نَعَمْ. يَقُولُ الرُّوحُ: لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ.

 

14ثُمَّ نَظَرْتُ وَإذَا سَحَابَةٌ بَيْضَاءُ، وَعَلَى السَّحَابَةِ جَالِسٌ شِبْهُ ابْنِ إنْسَانٍ، لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ.

15وَخَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ، يَصْرُخُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ إلَى الْجَالِسِ عَلَى السَّحَابَةِ: أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ وَاحْصُدْ، لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتِ السَّاعَةُ لِلْحَصَادِ، إذْ قَدْ يَبِسَ حَصِيدُ الأَرْضِ.

16فَأَلْقَى الْجَالِسُ عَلَى السَّحَابَةِ مِنْجَلَهُ عَلَى الأَرْضِ، فَحُصِدَتِ الأَرْضُ. 17ثُمَّ خَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، مَعَهُ أَيْضًا مِنْجَلٌ حَادٌّ.

18وَخَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْمَذْبَحِ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى النَّارِ، وَصَرَخَ صُرَاخًا عَظِيمًا إلَى الَّذِي مَعَهُ الْمِنْجَلُ الْحَادُّ، قَائِلًا: أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ الْحَادَّ وَاقْطِفْ عَنَاقِيدَ كَرْمِ الأَرْضِ، لأَنَّ عِنَبَهَا قَدْ نَضِجَ. 19فَأَلْقَى الْمَلاَكُ مِنْجَلَهُ إلَى الأَرْضِ وَقَطَفَ كَرْمَ الأَرْضِ، فَأَلْقَاهُ إلَى مَعْصَرَةِ غَضَبِ اللهِ الْعَظِيمَةِ. 20وَدِيسَتِ الْمَعْصَرَةُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَ دَمٌ مِنَ الْمَعْصَرَةِ حَتَّى إلَى لُجُمِ الْخَيْلِ، مَسَافَةَ أَلْفٍ وَسِتِّمِئَةِ غَلْوَةٍ.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مقدمة

انتهى الإصحاح الثالث عشر بصورةٍ مُظلمةٍ، بانتصار ثُلاثي الشر: الشيطان، والنبي الكذاب، وضد المسيح، على ابناء الله. فقد ظهر ضد المسيح في صورة القوة، في صورةٍ خادعة، وكأنها الصلب والقيامة. وانبهر الناس وساروا وراءه، وجعلهم يمجدون الشيطان، وكأنه المسيح الحقيقي، الذي صُلب وقام. وجعل أبناءَه يمجدون الآب.

وظل ضدُّ المسيح يعمل ثلاث سنوات ونصف في انتصار عظيم، يشهد له النبي الكذاب، كأنه الروح القدس، الذي يجعل الناس يعترفون بالمسيح، وصارت لهم سِمَةٌ على أيديهم، وكأنها الصليب على أيدي أولاد الله.

واستطاع ثُلاثي الشر أن يُضِل الساكنين على الأرض بآياتٍ وعجائبَ خادعة، حتَّى سجد الكلُّ لِضد المسيح ولِصورته، ووضعوا سِمَتَه على أيديهم وعَلَى جباههم. أما أبناء الله الذين لم ينخدعوا ولم يخضعوا لضلالاته فقد قُتلوا.

وَاسْتُعْلِنَ «إنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إلهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإلهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إلهٌ.» (2 تسالونيكي 2: 3-4).

وأمسى المشهد يُقدِّم الشيطان، وكأنه الغالبُ الأوحد. أما القِلَّة من أبناء الله، فبدأوا يصرخون معاتبين الله «يَا رَبُّ، لِمَاذَا تَقِفُ بَعِيدًا؟ لِمَاذَا تَخْتَفِي فِي أَزْمِنَةِ الضِّيقِ؟ فِي كِبْرِيَاءِ الشِّرِّيرِ يَحْتَرِقُ الْمِسْكِينُ. يُؤْخَذُونَ بِالْمُؤَامَرَةِ الَّتِي فَكَّرُوا بِهَا.» (مزمور 10: 1-2).

لكننا نشكر الله؛ فالقصة لم تنتهي هكذا، بل جاء الإصحاح الرابع عشر سريعًا؛ ليُعزِي أبناء الله، ويُعلنَ الفرح أثناء الضيق، ويملأ قلوبنا سلامًا، ويرى القديس يوحنا الحبيب هذا المنظر المُبهج، الربَّ يسوعَ، الحملَ الحقيقي، وَاقِفًا عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ منتصرًا، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا، البتوليون غير الدنسين، وقد صار ملكًا عليهم، وسجل اسم أبيه مكتُوبًا على جباههِم (رؤيا 14: 1)، وبهذا تحققت نبوة داود النبي «أما أنا فقد مَسحت ملكي على صهيون جبل قدسي» (مزمور 2: 6). «جَبَلِ قُدْسِهِ. جَمِيلُ الارْتِفَاعِ، فَرَحُ كُلِّ الأَرْضِ، جَبَلُ صِهْيَوْنَ... مَدِينَةُ الْمَلِكِ الْعَظِيمِ.» (مزمور 48: 2).

 

مُلخص الإصحاح

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ (رؤيا 14: 1-5)

«ثُمَّ نَظَرْتُ وَإذَا حَمَلٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ،

وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا، لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوبًا عَلَى جِبَاهِهِمْ.» (رؤيا 14: 1)

ثُمَّ نَظَرْتُ: هذا المنظر في رؤيا 14 يماثل رؤيا 5، ففيهما يقول:

ورأيت فاذا خروف قائم كأنه مذبوح (رؤيا 5 :6)

ثم نظرت فاذا خروف واقف على جبل صهيون (رؤيا 14: 1)

والفرق هو أن القديس يوحنا رأى في الإصحاح الخامس رؤيا عقلية، صورة حَمل قائم وآثار الذبح تُحيط به، أما في الإصحاح 14 فقد رَأَى السيد المسيح عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، فوَصَفه بالحمل كتعبيرٍ مجازي.

وَإذَا حَمَلٌ وَاقِفٌ: ظهر الحَمَل في سفر الرؤيا أربع مرات.

نَراه: «خروف قائم كأنه مذبوح» في (رؤيا 5: 6)؛ لأنه الحمل الذي ذُبح على الصليب وقام. ثم نراه جالسًا وسط العرش يَخُر له الأربعة الحيوانات والأربعة وعشرون كاهنًا، يُسبحونه بترنيمةٍ جديدةٍ، ويُقدمون له صلوات القديسين في (رؤ 4: 6-8). كما نراه يَفتح الختوم السبعة مُنزِلًا غَضبَه على الأشرار في (رؤيا 6: 1 إلخ.). أخيرًا نراه هنا منتصرًا عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، يُرنم له الغالبون في (رؤيا 14: 1، 3).

عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ ἐπὶ τὸ ὄρος Σιὼν (رؤيا 14: 1) بُني هيكل سليمان، فصار الجبل والهيكل رمزًا للكنيسة المجاهدة على الأرض. وقال إشَعْيَا النبي: «الناموس يخرج من صهيون، وكلمة الرب من أورشليم» (إشعيا 2: 3). وقال داود النبي «ويظهر إله الآلهة في صهيون» (مزمور 83: 8). والْآن نرى انتصار الكنيسة المقدسة في السماء، فوَصَفه: «وَإذَا حَمَلٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا، لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوبًا عَلَى جِبَاهِهِمْ» (رؤيا 14: 1). المسيح الحمل واقفٌ على جبل صهيون في أعلى مكان، وحوله القديسون المنتصرون على العالم والخطية. ويصف القديس بولس الرسول أيضًا هذا المنظر المُفرح فيقول «لأَنَّكُمْ لَمْ تَأْتُوا إلَى جَبَل مَلْمُوسٍ مُضْطَرِمٍ بِالنَّارِ- ويقصد الجبل الذي رَأَى موسى النبي اللهَ من فوقهِ واستلم الشريعة- بَلْ قَدْ أَتَيْتُمْ إلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَإلَى مَدِينَةِ اللهِ الْحَيِّ. أُورُشَلِيمَ السَّمَاوِيَّةِ، وَإلَى رَبَوَاتٍ هُمْ مَحْفِلُ مَلاَئِكَةٍ، وَكَنِيسَةُ أَبْكَارٍ مَكْتُوبِينَ فِي السَّمَاوَاتِ، وَإلَى اللهِ دَيَّانِ الْجَمِيعِ، وَإلَى أَرْوَاحِ أَبْرَارٍ مُكَمَّلِينَ، وَإلَى وَسِيطِ الْعَهْدِ الْجَدِيدِ، يَسُوعَ» (عب 12: 18-24)، مُظهِرًا نفس الصورة التي رآها مار يوحنا الحبيب، المئة والأربعة وأربعون ألفًا الغالبون الذين يمثلون كنيسة الأبكار المنتصرة في السماء، وأرواح الأبرار المُكَّمَلين بواسطة الرب يسوع في يوم الدينونة العظيم.

 

«وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا» (رؤيا 14: 1)

καὶ μετ’ αὐτοῦ ἑκατὸν τεσσεράκοντα τέσσαρες χιλιάδες

فوق جبل صهيون العالي، وقف الحمل ومعه الغالبون. والقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات يقول: [إن الذين ارتفعوا فوق الطبع البشري، لا بد أن يُظهَروا مع الرب فوق الجبل العالي، فهؤلاء هم الأبرار الذين يتبعون الحمل أينما ذهب.]

أما الرقم 144 ألفًا هذا، فنَفهمه بطريقةٍ رمزية، فنبدأ من رقم 12 الذي يَرمز إلَى الكهنوت، فقد اختار الرب اثني عشر رسولًا في العهد الجديد، وعندما سقط يهوذا، ساقهم الروح القدس أن يُكملوا العدد مرة أخرى، وأُختير متياس بدلًا منه، وثَبَتَ الرقم 12 مُمثِّلًا كهنة العهد الجديد، وهكذا رقم 24 يُمثل كهنة العهدين القديم والجديد، هذا عن الرعاة. أما الرعية: فمضاعفات هذا الرقم تُمَثِل الرعية، فيَصير الرقم 144 ألفًا رمزًا لِرعية المسيح الغالبة في العهدين، والتي تتْبع الحَمل أينما ذهب.

ويُضيف القديس إيرونيموس: [أن هؤلاء هم عَبِيدُ إلهِنَا الْمَخْتُومِونَ عَلَى جِبَاهِهِمْ، وقد بَيَّن أن الختمَ يحمل اسم الله الآب، مما يُثبت أننا عبيدُ الله. والأصل اليوناني يُبين أن الخَتم يَحمل اسم الله الآب، والابن.

لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوبًا عَلَى جِبَاهِهِمْ. (رؤيا 14: 1)

لهم اسمه واسم أبيه مكتوبان على جباههم. (الأصل اليوناني)

ἔχουσαι τὸ ὄνομα αὐτοῦ καὶ τὸ ὄνομα τοῦ πατρὸς αὐτοῦ γεγραμμένον ἐπὶ τῶν μετώπων αὐτῶν.

وَضْعُ اسم الله على الجبهة، أي على العقل رمزٌ بِأن هؤلاء الناس خاضعين كل الخضوع لله، إنه رمزٌ لاعترافهم بأنهم عبيد الله وتابعيه. في رسالة القديس بولس الرسول إلَى فليمون، أدركنا أن العبيد في الإمبراطورية الرومانية، كانوا يَضَعون اسم سيدهم وخاتَمَه على جباههم، علامةَ خضوعِهم لِسادتِهم وعلامةَ أنهم مملوكون لهذا السيد، وبهذا المفهوم صار اسمُ الله على جباهِ عبيدِه، وقد تمثَّل بهذا أيضًا أتباعُ ضد المسيح؛ إذ وضعوا علامتَهُ (رقم اسمه 666) على جباههم.

«وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ وَكَصَوْتِ رَعْدٍ عَظِيمٍ»

«وَسَمِعْتُ صَوْتًا كَصَوْتِ ضَارِبِينَ بِالْقِيثَارَةِ يَضْرِبُونَ بِقِيثَارَاتِهِمْ» (رؤيا 14: 2)

ما أروع الصَوْت الآتي مِنَ السَّمَاءِ، صَوْت المنتصرين في كثرتهم كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ، وفي عُلوه وهَيبته كَصَوْتِ رَعْدٍ عَظِيمٍ، وفي حلاوة تسبيحِهم العَذْب المُتناسِق كسِيمفُونية، كَصَوْتِ ضَارِبِينَ بِالْقِيثَارَةِ.

كان صوتُ الكنيسة التي رآها يُوحنا الرسُول رهيب ومرعِب في آذان الأشرار. كان القديس بولس الرسول واقفًا مُكبَّلًا بالسلاسل أمام فيلِكس الوالي الجالس على عرشه، ومع هذا كان صوتُه رهيبًا مُرعبًا كَصَوْتِ رَعْدٍ في مسامع فيلكس (أع 24: 25). أما في آذان القديسين، فهُو كأنغامِ التسبيح بالقيثارة، في أفواه المنتصرين، كما قيل (من حلاوةِ كلمات التسبيح في أفواههم لم يقدروا أن ينتقلوا من كلمة إلَى أخرى إلا بَعد زمنٍ).

«يَضْرِبُونَ بِقِيثَارَاتِهِمْ»

القيثارات ليست مادية، إنما هي عذوبةُ وحلاوةُ التَّرَنُم، كما في (رؤيا 5: 8)، حينما رنَّم الكهنة تَرنيمتهم الجديدة. وقال الكتاب: «خَرَّ... الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ كاهنًا أَمَامَ الْخَروفِ، وَلَهُمْ كُلِّ وَاحِدٍ قِيثَارَاتٌ وَجَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُورًا هِيَ صَلَوَاتُ الْقِدِّيسِينَ. وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً» (رؤيا 5: 8-9). فالكهنة يُقدمون تسبيحًا جديدًا من أعماقهم، كما يقدمون صلوات القديسين بخورًا في مجامرهم. وهنا أيضًا يُرنم أولادُ الله الغالبون من العهدين ترنيمتهم الجديدة و«يَضْرِبُونَ بِقِيثَارَاتِهِمْ وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ كَتَرْنِيمَةٍ جَدِيدَةٍ أَمَامَ الْعَرْشِ. وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَلَّمَ التَّرْنِيمَةَ إلا الْمِئَةُ وَالأَرْبَعَةُ وَالأَرْبَعُونَ أَلْفًا الَّذِينَ اشْتُرُوا مِنَ الأَرْضِ» (رؤ 14: 3). وفي (رؤيا 15: 2) يُرنم الغالبون على الوحش بِقوة النعمة التي أخذوها من سر المعمودية، و"معهم قيثاراتُ الله، وهم يرتلون ترنيمة موسى عبد الله، وترنيمة الخروف، يُمجدون الله على أعماله العجيبة.

وهذا التسبيح يشترك فيه الكهنة (رؤيا 5: 8)، والغالبون من العهدين (رؤيا 14: 3)، والغالبون على الوحش (رؤيا 15: 2)؛ لذلك رُمِز لهم بِرَقم 144 ألف، أي جميع الغالبين في العهدين.

 

«وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ كَتَرْنِيمَةٍ جَدِيدَةٍ أَمَامَ الْعَرْشِ

وَأَمَامَ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ» (رؤيا 14: 3)

هذه دائرة أخرى محيطة بالعرش الإلهي. فالدائرة الأولى هي دائرة الحيوانات الأربعة غير المتجسدين، أي العرش الملتهب الكِروبيمي نفسه. ثم الدائرة الثانية الأربعة وعشرون كاهنًا (الشيوخ). ثم تأتي الدائرة الثالثة دائرة السمائيين من الملائكة المُسبحين، وتليها الدائرة الرابعة دائرة أولاد الله الغالبين المئة والأربعة والأربعين ألفًا، الذين تعلموا التسبيح من الملائكة، وانضموا إلى القوات السمائية.

«وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَκαὶ ᾄδουσιν»: تعبير أكثر عذوبة مِن يُرنمون. فالذي يُرنم يُخرج صوتًا عذبًا فرحًا، أما الترنُّم، فهو تجاوب الأحاسيس والفكر والمشاعر مع عذوبة التسبيح.

«كَتَرْنِيمَةٍ جَدِيدَةٍ ὡς ᾠδὴν καινὴν» والترنيمة جديدة هي تسبحة الانتصار النهائي. ربما رنَّم بعض القديسين ترنيم الانتصار المؤقت وذاقوا عُربون الفرح، ولكن هذه تَرْنِيمَة جَدِيدَة؛ لأنها لغة السماء. قال عنها بولس الرسول «لا يسوغ لإنسان أن ينطق بها» (2 كو 12: 14).

«أَمَامَ الْعَرْشِ ἐνώπιον τοῦ θρόνου» أَمَامَ الْعَرْشِ الإلهي، يسبحون الله في تهليل عظيم، تهليل الفرح اللانهائي بالانتصار النهائي.

«وَأَمَامَ الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ»

καὶ ἐνώπιον τῶν τεσσάρων ζῴων

καὶ τῶν πρεσβυτέρων

ما أروع أن يشترك في تسبيح الله جميع الغالبين، ويكون تسبيحهم أمام الله، وأمام الأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ، أعلى طبقة في السمائيين، وَالشُّيُوخِ أو الكهنة πρεσβυτέρων طبقة سامية في البشر.

 

«وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَتَعَلَّمَ التَّرْنِيمَةَ إلا الْمِئَةُ وَالأَرْبَعَةُ وَالأَرْبَعُونَ أَلْفًا الَّذِينَ اشْتُرُوا مِنَ الأَرْضِ» (رؤيا 14: 3)

تعلَّم البشر التسبيح من السمائيين «وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ»، فالتسبيح أصلًا لُغة السمائيين وعمَلُهم ونحن مِنهم تعلمنا. [الذي أعطى الذين على الأرض تسبيح السيرافيم، اقبل منا نحن أيضًا أصواتنا مع غير المرئيين، احسبنا مع القوات السمائية](43).

وهناك أُناس لديهم استعداد أن يتعلموا، وهناك من لَمْ يَسْتَطِعْ، ربما بسبب كبريائه أو انشغاله بالأرضيات، أما الذين تعلموا فهُم الناظرون إلَى السماويات.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

«الْمِئَةُ وَالأَرْبَعَةُ وَالأَرْبَعُونَ أَلْفًا» (رؤيا 14: 3)

αἱ ἑκατὸν τεσσεράκοντα τέσσαρες χιλιάδες,

وُصِف المئة والأربعة والأربعون ألفًا بعشرة صفات، بها نعرف من هم؟ فلنسأل أنفسنا مَنِ الذين تنطبق عليهم هذه الصفات العشرة.

والصفات العشرة للـ 144 أَلْفًا الغالبين في (رؤيا 14: 1-5) وهي:

(1) يحيطون الحمل الواقف على جبل صهيون. (رؤيا 14: 1)

(2) مَخْتُومِونَ باسم الرب، واسْمُ أَبِيهِ عَلَى جِبَاهِهِمْ، فَهُم عبيده (رؤ 14: 1)

(3) أصَوْاتُ تسبيحهم قوية كالرَعْدٍ وعذبةٌ كالقيثارة (رؤيا 14: 2)

(4) يَتَرَنَّمُونَ بتسبحةٍ جَدِيدَةٍ أَمَامَ الْعَرْشِ وَالأَرْبَعَةِ الْحَيَوَانَاتِ وَالكهنة.

(5) اشْتُرُوا مِنَ الأَرْضِ، مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، بَاكُورَةً ِللهِ وَلِلْخَرُوفِ (رؤ 14: 3)

(6) هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ لَمْ يَتَنَجَّسُوا مَعَ النِّسَاءِ لأَنَّهُمْ أَطْهَارٌ. (رؤيا 14: 4)

(7) هؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الْخَرُوفَ حَيْثُمَا ذَهَبَ (رؤيا 14: 4)

(8) هؤُلاَءِ اشْتُرُوا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بَاكُورَةً ِللهِ وَلِلْخَرُوفِ. (رؤيا 14: 4)

(9) فِي أَفْوَاهِهِمْ لَمْ يُوجَدْ غِشٌّ. (رؤيا 14: 5)

(10) بِلاَ عَيْبٍ قُدَّامَ عَرْشِ اللهِ. (رؤيا 14: 5)

«الَّذِينَ اشْتُرُوا مِنَ الأَرْضِ» (رؤيا 14: 3)

οἱ ἠγορασμένοι ἀπὸ τῆς γῆς.

هُم إذَن المفديون الذين اشتراهم المسيح الحمل بدمه الثمين المسفوك على الصليب «لأنكم قدِ اشْتُريتم بثمنٍ فمجدوا الله» (1 كو 6: 20)، وهي صفةٌ تنطبق على جميع أبناء الله الغالبين. فالمسيح اشترانا جميعًا أبناء العهدين رجالًا ونساءً، كهنةً وعلمانيين، بتوليين ومتزوجين، كبارًا وصغار. نعم هناك من تَنَكَّر لهذا الشراء، وباع نفسه للشيطان ففقد بِشَرِّهِ ملكيةَ المسيح له.

«هَؤُلاَءِ οὗτοί الْمَخْتُومِينَ مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ الاثْنَي عَشَرَ.

«هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ لَمْ يَتَنَجَّسُوا مَعَ النِّسَاءِ لأَنَّهُمْ أَطْهَار» (رؤ 14: 4) «لَمْ يَتَنَجَّسُوا οὐκ ἐμολύνθησαν,» في زمنٍ امتلأ بالفساد والنجاسة وعبادة الأوثان، في زمنِ انتصار الثالوث الشرير.

عاش هؤلاء في حياة الطهارة والنُصرة. أما عبارة «لَمْ يَتَنَجَّسُوا مَعَ النِّسَاءِ μετὰ γυναικῶν» ليس المقصود بها النجاسة المادية فقط أو الزنى، لكنها تمتد إلَى معنى روحي أوسع. فالكنيسة كلها عَذْرَاء، عروس للمسيح. قال عنها مار بولس البتول: «خَطَبْتُكُمْ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ، لأُقَدِّمَ عَذْرَاءَ عَفِيفَةً لِلْمَسِيحِ» (2 كو 11: 2). المسيح هو العريس والكنيسة هي العروس، ولذلك شُبِّهوا أيضًا بالعذارى. فإن صارتِ العروس لرجُلٍ آخر غير عريسها تُدعى زانية أو نجِسة، وهكذا تُمسي الخطية التصاقًا بالشيطان، التصاقًا بآخَر غير المسيح. وعبارة «لم يتنجسوا مع النساء»، تعني أبناء الله وبناته لا يلتصقوا بالعالم والخطية؛ فهُم عروسٌ بِكرٌ للمسيح. ولذلك جاءت العبارة التالية بالمعني الروحي.

«لأَنَّهُمْ أَطْهَارٌ παρθένοι γάρ εἰσιν» والترجمة الأدق لأَنَّهُمْ بتوليون، ولا يُشير الحديث هنا إلَى بتولية الجسد؛ فالزواج ليس نجاسة مع النساء، وإلا صار خطية وشر، وهذه بدعة ماني. أما نحن فنؤمن بأن الزواج سرٌ مقدس فيه يَحل الروح القدس؛ لِيُوَحِّد الرجل والمرأة. وفيه نشترك مع الله في الخِلقة، فنكون شركاء الطبيعة الإلهية. ويقول القديس بولس الرسول "ليكن الزواج مكرمًا".

 

«هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ الْحَمَلَ حَيْثُمَا ذَهَبَ» (رؤيا 14: 4)

«يتبعونه» إلَى أي مكان، وفي كل الظروف، لا يشغلهم عنه شيء، لم يَعُد لهم شهواتٌ واهتمامات بعيدًا عنه. قالوا مع معلمنا مار بطرس الرسول «إِلَى مَنْ نَذْهَبُ؟ كَلاَمُ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ عِنْدَكَ» (يوحنا 6: 68). نعم. فالذين تبعوا المسيح له المجد هنا على الأرض، هم الذين يستحقون أن يتبعوه في مجده. أما الذين انشغلوا بشهوات العالم، ولم يتبعوه حيثما ذهب، لن يستطيعوا أن يتبعوه في السماء.

«هَؤُلاَءِ اشْتُرُوا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ بَاكُورَةً لِلَّهِ وَلِلْحَمَلِ» (رؤ 14: 4)

قدَّم الربُّ دَمَه الثمين على الصليب، وهُو كافٍ لِشراء كل البشرية؛ «لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.»، وسَفَكَ الربُّ دَمَه من أجل الكل، فَهَلْ خَلُصَ الكل؟ بالطبع لا، إنما استفاد بالدم من آمن بالفداء وتجاوب معه، هؤلاء اشتراهمُ الله من بين الناس، وهؤلاء سلكوا حسب مشيئته.

 

«بَاكُورَةً لِلَّهِ وَلِلْحَمَلِ ἀπαρχὴ τῷ θεῷ καὶ τῷ ἀρνίῳ»

الكنيسة كلُّها تُدعَى كنيسة أبكار (عبرانيين 12: 23)، أو«باكورة من خلائقه» (يعقوب 1: 8)؛ لأن الباكورة هي نصيب الرب. فليست كلُّ الخليقة ستخلُص، فهناك الهالكون وهم كثيرون، «لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ. مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ.» (متى 7: 13-14). ونلاحظ أنه قال «باكورة لله وللحمل»؛ لأن الله الآب والابن الحمل، هما واحد، باكورة واحدة، مثل بسم الآب والابن والروح؛ ولأن الآب والابن والروح، إلهٌ واحد؛ لذلك نقول باسم، ولم نقل بأسماء، فحرف الواو ليس لِعطف الأشخاص، بل لِعطف الصفات، مثلما نقول القائد والبطل والمعلم، ونحن نَصِفُ شخصًا واحدًا بالقيادة والبطولة.

«وَفِي أَفْوَاهِهِمْ لَمْ يُوجَدْ غِشٌّ، لأَنَّهُمْ بِلاَ عَيْبٍ قُدَّامَ عَرْشِ اللهِ» (رؤيا 14: 5)

الغِشُّ في الكلام هو الكَذب والنفاق، كما هو الهرطقة والتعليم المُضِل.

وأَبْنَاءُ الله لا يؤمنون بالمُسحاء الكذبة والأنبياء الكذبة، ولا بِضد المسيح والنبي الكذاب، بل بالحياة المقدسة، والعقيدة الصحيحة، والإيمان المستقيم فلَمْ يُوجَدْ فِي أَفْوَاهِهِمْ غِشٌّ؛ ذلك لأَنَّهُمْ بِلاَ عَيْبٍ قُدَّامَ اللهِ.

«لأَنَّهُمْ بِلاَ عَيْبٍ قُدَّامَ عَرْشِ اللهِ»: ليس المهم حُكم الناس، فنَكُون بلا عيبٍ أمامهم، بل الأهم حُكم الله، فنكون بلا عيبٍ قدامه. وليس الآن فقط بل إلَى يوم الدينونة، حينما يجلس الرب على عَرْشِ القضاء، ويجازي كل واحد حسب أعماله. ونحن هنا تفيض قلوبُنا بشُكر الله على محبته وسَترِه، إذ يرانا بِلاَ عَيْبٍ قُدَّامَ عَرْشِه؟ فمن يستطيع أن يقف أمامه بلا عيب؟ مار يوحنا الرسول التلميذ، الذي كان يسوع يحبه، والذي وصل إلَى أعظم درجات الحب والروحانية، ورَأَى أعظم الرؤى، يقول «إن قلنا إنه ليس لنا خطية نُضل أنفسنا وليس الحق فينا» (1 يو 1: 8). الله الذي «إلى ملائكته ينسب حماقة» (أيوب 4: 18)، من يستطيع أن يكون بلا عيب قدامه؟

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المَلائكة الثلاثة: الإنذار الأخير

«ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ مَعَه بِشَارَةٌ أَبَدِيَّة» (رؤيا 14: 6)

كانت الرؤيا الأولى، التي تشمل الأعداد الخمسة الأولى من الإصحاح، رؤيا مُفرحة، تُقدم لنا انتصار الخروف وتسبحة الغالبين.

وهنا الرؤيا الثانية، تشمل إنذارات الله لكل المسكونة بأن يتوبوا؛ فقَدْ جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِه:

«ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاء» (رؤيا 14: 6)

«ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ Καὶ εἶδον ἄλλον ἄγγελον»:

رغم أنه المَلاك الأول، بدليل أن في عدد 8 قال «ثُمَّ تَبِعَهُ مَلاَكٌ آخَرُ» وفي عدد 9 قال «ثُمَّ تَبِعَهُمَا مَلاَكٌ ثَالِثٌ»، إذَن هذا هو المَلاَك الأول.

إذَن «مَلاَكًا آخَرَ»: هو مَلاَكٌ من نوع آخَرَ غير ميخائيل (رؤيا 12: 7)، وجبرائيل، والملاكَين المذكورَين في (رؤيا 14: 8-9).

ففي هذا الإصحاح نلتقي بثلاثة ملائكة. تشير جوانب من رسالة الكنيسة المتألمة في عصر ضد المسيح وهي: ملاك مُنذِر بالدينونة، وملاك مُعلِن انهيار مملكة ضد المسيح، وملاك مُحَذِّرٌ من السجود للوحش ولصورته وقبول سِمتِه.

الملاك الأول: ملاك البشارة طائرًا في وسط السماء، يُشجِّع أبناء الله ليثبُتوا في مخافته وتمجيده. كما يُنذر بالدينونة الوشيكة (رؤيا 14: 6-7). ويرمز إلَى القديس يوحنا الحبيب النَسر المرتفع المحلِّق في السماويات

وقد سجَّل رؤياه، مُشجِّعًا الكنيسة الجامعة لتَثبُت إلى النهاية رافضة للسجُود للتنّين وضد المسيح.

والملاك الثاني: ملاك الإعلان: يُعلن سقوط بابل وانهيار مملكة ضد المسيح، وهزيمة الأشرار، فيُرهبُهم ويُنذرهم. ويرمز إلَى مار بولس الرسول المنادي بسقوط روما الوثنية. وهذا جانب مُحذِّر للأشرار.

الملاك الثالث: ملاك الإنذار: يُنذِر بالعذاب المُعَد لضد المسيح وأتباعه محذرًا من السجود للوحش ولصورته وقبول سِمَتِه متوعدًا تابعي الوحش بغضب الله والعذاب الأبدي. ويرمز إلَى خدام الله الذين أعلنوا ويعلنوا الدينونة الأبدية للنبي الكذاب وضد المسيح والشيطان (رؤيا 19: 20)، (رؤيا 20: 10).

«طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ... قَائِلًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ خَافُوا االلهَ»

عبارة تُذكرنا بما حدث أثناء البوق الرابع حينما قال:

«ثُمَّ نَظَرْتُ وَسَمِعْتُ مَلاَكًا طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ قَائِلًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ:

وَيْلٌ وَيْلٌ وَيْلٌ لِلسَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ» (رؤيا 8: 13؛ 14: 6-7)

كان هذا الملاك يُعلن الدينونة لِلسَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ في (رؤيا 8: 13).

وهذا الملاك يُنذر بالدينونة لِلسَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ في (رؤ 14: 6-7).

«السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ»: تعبير يُقصَد به الكل، يُنبِّههم ويُذَكرهم بأنهم

رغم أنهم ساكنون على الأرض، لا يجعلون الأرض حياتهم وتفكيرهم، بل الأفضل أن يعيشوا غرباء ونُزلاء. فقد قال لهم رب المجد: «لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته، ولكن لأنكم لستم من العالم... لذلك يبغضكم العالم» (يوحنا 15: 19). وهكذا فالإنذار للجميع، لـ«كُلّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ»، وهِيَ تعبيرات ليست مترادفة، ولكنها تتناول الناس من وِجهةٍ سياسية مَرةً، واجتماعية وثقافية مَرةً أخرى.

الملاك الأول يُبَشرنا بالحياة الأبدية:

«ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ لِيُبَشِّرَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ وَكُلَّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ.» (رؤيا 14: 6)

هذه هي البشارة الأولى، التي أتى بها الملاك الأول بشارةً أبدية، لِمَن يَقبلها بِفرح، بشارة الإيمان المسيحي والحياة المقدسة، «بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ» لِكُلِّ العُصور لَخَّصَها هذا الملاك في عبارتين، قالهما بصوت عظيم ليسمعهما كل البشر:

St-Takla.org Image: "Fear God and give glory to Him, for the hour of His judgment has come" (Revelation 14: 7) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: "خافوا الله وأعطوه مجدا، لأنه قد جاءت ساعة دينونته" (الرؤيا 14: 7) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "Fear God and give glory to Him, for the hour of His judgment has come" (Revelation 14: 7) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "خافوا الله وأعطوه مجدا، لأنه قد جاءت ساعة دينونته" (الرؤيا 14: 7) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

قَائِلًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: λέγων ἐν φωνῇ μεγάλῃ

«خَافُوا اللهَ وَأَعْطُوهُ مَجْدًا» (رؤ 14: 7)

عبارة تحوي الإيمان المستقيم والأعمال الصالحة:

الإيمان في عبارة: «خَافُوا اللهَ» أي يخافونه كإله.

والأعمال في عبارة: «وَأَعْطُوهُ مَجْدًا» يُمجِّدون الله في حياتهم وسلوكهم وسيرتهم، فيَرى الناس أعمالهم الحسنة، فيمجدوا أباهم الذي في السموات (متى 5: 16).

فالمعنى إذَن أننا نؤمن بالله ونهابه ونمجده في حياتنا، وهذا إيمان حي يُثمر أعمالًا، وليس كالذين قال عنهم بولس الرسول «أَنَّهُمْ لَمَّا عَرَفُوا اللهَ لَمْ يُمَجِّدُوهُ أَوْ يَشْكُرُوهُ كَإلَهٍ بَلْ حَمِقُوا فِي أَفْكَارِهِمْ وَأَظْلَمَ قَلْبُهُمُ الْغَبِيُّ.» (رو 1: 21). حسنًا سبَّح الغالبون على الوحش قائلين: «مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَا رَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ، لأَنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ» (رؤ 15: 4). نعم في كل مرة تأتي "البشارة الأبدية" لِتُنذِرنا قبل دينونة الله. فقبلما أتى الطوفان على العالم قديمًا، كانت تلك البشارة الأبدية التي لا تتغير على لسان نوح، أن يخافوا الله ويتوبوا ويعطوه مجدًا.

«لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ» (رؤيا 14: 7)

قد اقتربت ساعة الدينونة. فلنُسرع «مُفْتَدِينَ الْوَقْتَ لأَنَّ الأَيَّامَ شِرِّيرَةٌ» (أفسس 5: 16)، فنبدأ بخوف الله لأن «بَدْءُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ» (أمثال 9: 10) أو «رأس الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ» (مزمور 111: 10). ثم ننمو سريعًا في المحبة؛ لأن «الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ»، فنحيا في تمجيد الله وتسبيحه بل والسجود له.

«جَاءَتْ سَاعَةُ دَيْنُونَتِهِ: للدينونة وجهان: سعادةً للأبرار وعذابٌ للأشرار

«وَاسْجُدُوا لِصَانِعِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَالْبَحْرِ وَيَنَابِيعِ الْمِيَاهِ (رؤ 14: 7)

«وَاسْجُدُوا لصانع السماء» الحديث هنا للأبرار في زمن ضد المسيح. إنه امتداد طبيعي للإيمان والأعمال. فالسجود ثمرةٌ للإيمان بأن الرب هو الله خالق السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَالْبَحْرِ وكل ما فيها، والسجود طقسٌ خارجي، يُمارسه الجسد نتيجة عقيدة داخلية في العقل والقلب، بأن الذي نسجد له هو الله القادر على كل شيء. فالعقيدة الصحيحة بوجود الله وقُدرته تُنشئ طقسًا صحيحًا، ولذلك تتمسك كنيستُنا المقدسة بعقيدتها كما تتمسك بطقوسها.

وفي زمن ضد المسيح، يسقط الناس في العبادات الوثنية، فيسجدون لِضَدِّ المسيح ولِصورته، ولذلك يحتاج الأمر أن يُنادي مرة أخرى بالعبادة الحقيقية لله، خالق كل الأشياء بكلمة قدرته، ولعل هذا تحذيرٌ للأبرار من السقوط في السجود لِغير الله.

«السَّمَاء وَالأَرْض وَالْبَحْر وَيَنَابِيع الْمِيَاهِ» (رؤ 14: 7)

هذه أربعة أشياء، وكان يمكن أن تُقال أمورٌ أخرى كثيرة وهامة خلقها الله. فالله خالق الإنسان والحيوان والنبات وغيرها، ولكنِ اختيرت أربع أشياء فقط رمزًا لكل الخليقة؛ لأن رقم أربعة أحد أعداد الكمال، فهو رمزٌ لكمال المكان (شمال وجنوب، شرق وغرب) وهذا يعني خالق كل الأشياء في كل مكان في الكون كله.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: An angel carrying the message: "Fear God and give glory to Him, for the hour of His judgment has come" (Revelation 14: 7) - St. Saviour's Dominican Church, D1, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, May 14, 2017. صورة في موقع الأنبا تكلا: ملاك يحمل رسالة: "خافوا الله وأعطوه مجدا، لأنه قد جاءت ساعة دينونته" (الرؤيا 14: 7) - من صور كنيسة المخلص للدومينيكان، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 14 مايو 2017.

St-Takla.org Image: An angel carrying the message: "Fear God and give glory to Him, for the hour of His judgment has come" (Revelation 14: 7) - St. Saviour's Dominican Church, D1, Dublin, Ireland - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, May 14, 2017.

صورة في موقع الأنبا تكلا: ملاك يحمل رسالة: "خافوا الله وأعطوه مجدا، لأنه قد جاءت ساعة دينونته" (الرؤيا 14: 7) - من صور كنيسة المخلص للدومينيكان، دبلن، أيرلندا - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 14 مايو 2017.

سقوط بابل

«ثُمَّ تَبِعَهُ مَلاَكٌ آخَرُ قَائِلًا: سَقَطَتْ سَقَطَتْ بَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ»  (رؤ 14: 8)

قُلنا أن ضد المسيح يحاول أن يتشبه بمظهر السيد المسيح؛ لكي بِمَكرٍ تنطبق عليه نبوات العهد القديم التي وَصَفَتِ السيد المسيح الحقيقي.

فبَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ رمزُ الشر، باعتبارها أولَ من تمردَت ضد عبادة الله، ومنها بدأت الوثنية (تكوين 11: 1-9). لذلك هي ترمز لعروس الشيطان أي جماعة الأشرار. ودعاها سفر الرؤيا الزانية العظيمة (رؤيا 17: 1) أُم الزواني. فإذا كان الرب قد صُلب ومات بِسَفْك دَمِه، ثم قام في اليوم الثالث، فهو سيفعل كذلك. والعِلم يُحددُ الآن أن موت السيد المسيح، كان بِهبوطٍ قَوي في القلب، بسبب سفْك كمية كبيرة من الدم، وهكذا ضد المسيح في سفر الرؤيا قيل عنه شُفِيَ جُرْحُهُ الْمُمِيتُ (رؤيا 13: 12)

وعلامة الصليب ترمز إلَى كمال الحب، يضعها المسيحيون على أيديهم اليمني، وكانوا في القديم يضعونها أيضًا على جباههم، هكذا ضد المسيح جعل لنفسه علامة (666) التي ترمز إلَى النقص الكامل يضعها أتباعه على أيديهم وعَلَى جباههم (رؤيا 13: 16-17).

والسيد المسيح له صورته المشهورة مصلوبًا أو مُكللًا بإكليل الشوك وهما تقدمانه بجُرْحُهُ الْمُمِيتُ، وله صورة القيامة التي فيها شُفي جُرحُه المميت، ثم صارت هذه الصور أيقونات مُدَشَّنة بالميرون أي بالروح القدس، ولِذَلك فنحن نسجد لله أمامها احترامًا وتوقيرًا، هكذا جعل النبي الكذاب الساكنين على الأرض يعملون صورةً لضد المسيح، الذي كان به جُرْحُ السيف وعاش. وأَعطَى روحًا لصورة الوحش حتَّى تتكلم، وجعل جميع الناس يسجدون لصورة الوحش (رؤيا 13: 14-15). ونلاحظ أن الروح التي أعطاها النبي الكذاب لصورة الوحش؛ ليُقَلِّد الميرون أو الروح القدس، الذي تُدهَن به أيقونة المسيح المصلوب. والنبي الكذاب يعمل أمام ضد المسيح، فيجعل الأرض والساكنين فيها يسجدون له (رؤيا 13: 12)، على نحو ما كان يوحنا المعمدان، الأعظم من نبي، يَخدم أمام المسيح بستة شهور، وجعل الناس يؤمنون بالذي سيأتي بعده، مُمهِّدًا الطريق أمامه.

والآن، فاذا كان للمسيح الحقيقي عروسٌ هي الكنيسة المقدسة أورشليم

الجديدة، جماعة المؤمنين، فإنَّ لضد المسيح عروسٌ، هي بابل المدينة العظيمة، مدينة التمرُّد على الله، وتُدعَى بالزانية العظيمة أُم الزواني، والتي ترمز لجماعة الأشرار.

سَقَطَتْ سَقَطَتْ بَابِلُ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ: هذه النبوة تنبأ بها قديمًا إشَعيَا النبي، فقال: «سَقَطَتْ، سَقَطَتْ بَابِلُ، وَجَمِيعُ تَمَاثِيلِ آلِهَتِهَا الْمَنْحُوتَةِ كَسَّرَهَا إِلَى الأَرْضِ» (إش 21: 9)، وَهِيَ كَنُبُوات كثيرة، يُمكن أن تتحقق أكثر من مرة. فقد تحققَتْ جزئيًا في زمن إرميا النبي، عندما «قَالَ الرَّبُّ: هأَنَذَا أُوقِظُ عَلَى بَابِلَ وَعَلَى السَّاكِنِينَ... وَأُرْسِلُ... مُذَرِّينَ فَيُذَرُّونَهَا وَيُفَرِّغُونَ أَرْضَهَا... فَتَسْقُطَ الْقَتْلَى فِي أَرْضِ الْكَلْدَانِيِّينَ، وَالْمَطْعُونُونَ فِي شَوَارِعِهَا... بَابِلُ كَأْسُ ذَهَبٍ بِيَدِ الرَّبِّ تُسْكِرُ كُلَّ الأَرْضِ. مِنْ خَمْرِهَا شَرِبَتِ الشُّعُوبُ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ جُنَّتِ الشُّعُوبُ» (إرميا 51: 1-7). وهذا ما قاله سفر الرؤيا أيضًا.

فسوف تتحقق بطريقة رمزية كاملة في آخر الأيام، في زمن ضد المسيح.

«وَالْمَرْأَةُ- بابل عروس ضد المسيح أو جماعة الأشرار- كَانَتْ مُتَسَرْبِلَةً بِأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ، وَمُتَحَلِّيَةً بِذَهَبٍ وَحِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ وَلُؤْلُؤٍ، وَمَعَهَا كَأْسٌ مِن ذَهَبٍ فِي يَدِهَا مَمْلُوَّةٌ رَجَاسَاتٍ وَنَجَاسَاتِ زِنَاهَا، وَعَلَى جِبْهَتِهَا اسْمٌ مَكْتُوبٌ سِرٌّ بَابِلُ الْعَظِيمَةُ أُمُّ الزَّوَانِي وَرَجَاسَاتِ الأَرْضِ. وَرَأَيْتُ الْمَرْأَةَ سَكْرَى مِنْ دَمِ الْقِدِّيسِينَ وَمِنْ دَمِ شُهَدَاءِ يَسُوعَ. فَتَعَجَّبْتُ لَمَّا رَأَيْتُهَا تَعَجُّبًا عَظِيمًا» (رؤيا 17: 4-6).

«سَقَطَتْ سَقَطَتْ بَابِلُ الْعَظِيمَةُ، وَصَارَتْ مَسْكَنًا لِشَيَاطِينَ، وَمَحْرَسًا لِكُلِّ رُوحٍ نَجِسٍ، وَمَحْرَسًا لِكُلِّ طَائِرٍ نَجِسٍ وَمَمْقُوتٍ؛ لأَنَّهُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا قَدْ شَرِبَ جَمِيعُ الأُمَمِ، وَمُلُوكُ الأَرْضِ زَنُوا مَعَهَا، وَتُجَّارُ الأَرْضِ اسْتَغْنُوا مِنْ وَفْرَةِ نَعِيمِهَا» (رؤيا 18: 3)

«لأَنَّهَا سَقَتْ جَمِيع الأُمَم مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا (رؤيا 14: 8)

«لأَنَّه مِنْ خَمْرِ غَضَبِ زِنَاهَا قَد شَرِبَ جَمِيعُ الأُمَم (رؤيا 18: 3)

«ثُمَّ تَبِعَهُمَا مَلاَكٌ ثَالِثٌ قَائِلًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ» (رؤيا 14: 9)

يأتي هذا الملاك الثالث؛ لِيُقدِّم إنذارًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ فيَسمَعُه الجميع ويكونوا بلا عُذر، أن لا يخضعوا لِضِدِّ المسيح مهما استخدم قوته، في محاولة إخضاع البشرية له، فأنت بلا عذر أيها الإنسان (رومية 2: 1). فَمَحبَتُنا للمسيح وخُضوعنا للإيمان، يجب أن يكون فوق كل اضطهاد وتعذيب، بل فوق الاستشهاد. فالمسيحي قد باع كل شيء، وتبع الرب. وهنا نفهم الآية «إن كان أحد يأتي إليَّ ولا يُبغِض أباه وأمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته، حتَّى نفسه أيضًا فلا يقدر أن يكون لي تلميذًا» (لوقا 14: 26). فلابد أن نتمسك بالإيمان حتى الموت. نعم إن طريق الله محفوفٌ بالآلام، ولكن نهايته سعادة أبدية، أما طريق الشيطان، فَلَهُ عِقابه المُرعب والمخيف.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

التحذير من الوحش

«إنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِه، وَيَقْبَل سِمَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ» (رؤيا 14: 9): سبق الحديث عنها في [رؤيا 13: 16].

 

St-Takla.org Image: Saint and faithfuls, Adam and Eve, Saint Mary, Saint Stephen,Saint Abraam Bishop of Fayoum - "Salvation belongs to our God who sits on the throne, and to the Lamb!" (Revelation 7: 10) - "Then I saw another angel flying in the midst of heaven, having the everlasting gospel to preach to those who dwell on the earth—to every nation, tribe, tongue, and people— saying with a loud voice, Fear God and give glory to Him" (Revelation 14: 6-7) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: الأبرار والقديسين، آدم وحواء، السيدة العذراء مريم، الشهيد استفانوس، الأنبا ابرآم أسقف الفيوم - "الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف" (الرؤيا 7: 10) - "ثم رأيت ملاكا آخر طائرا في وسط السماء معه بشارة أبدية، ليبشر الساكنين على الأرض وكل أمة وقبيلة ولسان وشعب، قائلا بصوت عظيم: خافوا الله وأعطوه مجدا" (الرؤيا 14: 6-7) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: Saint and faithfuls, Adam and Eve, Saint Mary, Saint Stephen,Saint Abraam Bishop of Fayoum - "Salvation belongs to our God who sits on the throne, and to the Lamb!" (Revelation 7: 10) - "Then I saw another angel flying in the midst of heaven, having the everlasting gospel to preach to those who dwell on the earth—to every nation, tribe, tongue, and people— saying with a loud voice, Fear God and give glory to Him" (Revelation 14: 6-7) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الأبرار والقديسين، آدم وحواء، السيدة العذراء مريم، الشهيد استفانوس، الأنبا ابرآم أسقف الفيوم - "الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف" (الرؤيا 7: 10) - "ثم رأيت ملاكا آخر طائرا في وسط السماء معه بشارة أبدية، ليبشر الساكنين على الأرض وكل أمة وقبيلة ولسان وشعب، قائلا بصوت عظيم: خافوا الله وأعطوه مجدا" (الرؤيا 14: 6-7) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

«فَهُوَ أَيْضًا سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ اللهِ،

الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ» (رؤيا 14: 10)

ثَمَّة تشابُه كبير بين إنذاري الملاكين الثاني والثالث. فسيُعاقَب الأشرار بكَأْسِ غَضَبِ الله «لأَنَّ فِي يَدِ الرَّبِّ كَأْسًا وَخَمْرُهَا مُخْتَمِرَةٌ. مَلآنةٌ شَرَابًا مَمْزُوجًا. وَهُوَ يَسْكُبُ مِنْهَا. لكِنْ عَكَرُهَا يَمَصُّهُ، يَشْرَبُهُ كُلُّ أَشْرَارِ الأَرْضِ» (مزمور 75: 8). فغضب الله على الشر كائن منذ البدء وثابت. والآن يضع الله قليلًا من هذا الخمر (الغضب)، حتَّى يُعكِّر ما يشربه أشرارُ الأرض، أما من يتبع ضد المسيح في وقت الضيقة العظيمة التي ستستمر ثلاث سنوات ونصف، فيشرب من خمر غضب الله الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ، فعندما يُمزَج الخمرُ بخمرٍ آخر تزداد قوته وفاعليته، «لأن الحكم هو بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة» (يع 2: 13). ولذلك قال إشَعْيَا النبي «الويل للمقتدرين على شرب الخمر والأقوياء على مزج المُسكر» (إش 5: 22).

«وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ(44)» (رؤ 14: 10)

«الْوَحْشِ وَالنَّبِيِّ..طُرِحَ الاثْنَانِ حَيَّيْنِ إلَى بُحَيْرَةِ النَّارِ الْمُتَّقِدَةِ بِالْكِبْرِيتِ»

«وَإبْلِيسُ..طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ وَالْكِبْرِيتِ، حَيْثُ الْوَحْشُ وَالنَّبِيُّ الْكَذَّابُ»

«وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ. هذَا هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي.»

«فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي» (رؤيا 19: 20؛ 20: 10، 14؛ 21: 8)

هذه لُغتنا البشرية ومفرداتها البسيطة، لكن العذاب الأبدي لا يُمكن وَصفه. وإذا أخطأ الإنسان بِروحه ونفسه وجسده، فالعقاب العادل سيكون لها جميعًا. فعقوبة الروح روحية وهي الانفصال نهائيًا عن الله. قال القديس أوغسطينوس: إن أرواحنا يا الله نفخة من فمك القدوس، تظل هائمة لا تجد راحتها إلا فيك". فالانعزال عن الله، وطرْد الإنسان من وجهه، عذاب روحي لا يُدركه الإنسان بحقٍ إلا عندما يذوقه، وعذاب نفسي هو الإحساس بالفَشل الكامل النهائي، حزنٌ ويأسٌ قاتل يدركه، عندما يعلم أنه سيبقى إلَى الأبد في جهنم بلا نهاية ولا سبيل لإصلاح الموقف. أما العذاب الجسدي فهو نارٌ مادية حرارتها أقوى مما نعرفه، فالحرارة في قُرص الشمس مادية، ولْننظرْ كيف تتفحم بِشرَة الإنسان من انعكاس الأشعة على بُعد سنواتٍ ضوئية. فماذا لو وُضع الإنسان في قلب الشمس.

 

«أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْحَمَلِ» (رؤ 14: 10)

ἐνώπιον ἀγγέλων ἁγίων καὶ ἐνώπιον τοῦ ἀρνίου.

كما ظهر انتصار الشيطان وضد المسيح على أبناء الله في الإصحاح السابق، واستهانوا بالمؤمنين، كان لابد أن يتجلى عدلُ الله، وتظهر هزيمةُ الشيطان الشرير الذي أذاقهم العذاب أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ.

«وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إلَى أَبَدِ الآبِدِينَ.» (رؤيا 14: 11)

دليل على أن النار أبدية، وأن الأشرار سوف لا يَفنَون كما يظن شهود يهوه والأدڤنتست، بل إن الشرير يكون «مُسْتَوْجِبًا دَيْنُونَةً أَبَدِيَّةً» كما يقول القديس مَرْقُسَ الرسول (مرقس 3: 29).

«وَلاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَارًا وَلَيْلًا لِلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ

وَلِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ سِمَةَ اسْمِهِ» (رؤ 14: 11)

فالعذاب دائم بلا توقف ليلًا أو نهارًا، مع أن الأبدية، والعذاب الأبدي

ليس فيها نهارٌ أو ليل، لكنه تعبير يرمز لديمومة العذاب.

 

هذا الإصحاح يقدم عقاب الخطية في 4 نقاط

1. سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ اللهِ، الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ.

2. يُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ.

3. يَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إلَى أَبَدِ الآبِدِينَ.

4. لاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَارًا وَلَيْلًا

«هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ.

هُنَا الَّذِينَ يَحْفَظُونَ وَصَايَا اللهِ وَإيمَانَ يَسُوعَ.» (رؤيا 14: 12)

عند سقوط بابل مدينة الشر العظيمة، وعند دينونة الأشرار بالعذاب الأبدي، تظهر قيمة (صبر القديسين، وحفظ وصايا الله، والإيمان). ولعل هذا الترتيب ليس ترتيبًا زمنيًّا، بل ترتيب الرؤيا. فنحن نرَى النتائج ثم نسأل عن الأسباب التي جاءت بهذه النتائج. فالإيمان بيسوع المسيح أولًا، ثم حِفظ وصاياه، ثم الاستمرار في هذه الفضائل إلَى النهاية، الإيمان يُثمر أعمالًا صالحة، ومن يصبر في الأعمال الصالحة إلَى المنتهى فهذا يخلُص.

 

St-Takla.org Image: "And another angel followed, saying, “Babylon is fallen, is fallen, that great city, because she has made all nations drink of the wine of the wrath of her fornication.”.. Then I heard a voice from heaven saying to me, “Write: ‘Blessed are the dead who die in the Lord from now on.’” “Yes,” says the Spirit, “that they may rest from their labors, and their works follow them.”" (Revelation 14: 8, 13) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: "وثم تبعه ملاك آخر قائلا: «سقطت! سقطت بابل المدينة العظيمة، لأنها سقت جميع الأمم من خمر غضب زناها!».. سمعت صوتا من السماء قائلا لي: «اكتب: طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن». «نعم» يقول الروح: «لكي يستريحوا من أتعابهم، وأعمالهم تتبعهم»" (الرؤيا 14: 8، 13) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "And another angel followed, saying, “Babylon is fallen, is fallen, that great city, because she has made all nations drink of the wine of the wrath of her fornication.”.. Then I heard a voice from heaven saying to me, “Write: ‘Blessed are the dead who die in the Lord from now on.’” “Yes,” says the Spirit, “that they may rest from their labors, and their works follow them.”" (Revelation 14: 8, 13) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وثم تبعه ملاك آخر قائلا: «سقطت! سقطت بابل المدينة العظيمة، لأنها سقت جميع الأمم من خمر غضب زناها!».. سمعت صوتا من السماء قائلا لي: «اكتب: طوبى للأموات الذين يموتون في الرب منذ الآن». «نعم» يقول الروح: «لكي يستريحوا من أتعابهم، وأعمالهم تتبعهم»" (الرؤيا 14: 8، 13) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

«وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا لِي اكْتُبْ:

"طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ مُنْذُ الآنَ نَعَمْ يَقُولُ الرُّوحُ"؛ لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ، وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُم» (رؤيا 14: 13)

«وَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا لِي اكْتُبْ»: لعله صوتُ ملاك، أَيَّدَه الروح القدس الناطق في الأنبياء بوحيٍ داخلي، لذلك قال مار يوحنا: «نَعَمْ يَقُولُ الرُّوحُ، لِكَيْ يَسْتَرِيحُوا مِنْ أَتْعَابِهِمْ،

وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ» (رؤيا 14: 13)

«نَعَمْ يَقُولُ الرُّوحُ» أي أن الروح القدس يتكلم في باطنه:

«طُوبَى لِلأَمْوَاتِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ فِي الرَّبِّ»: يقول القديس إمبروسيوس: "إن الكلمة اليونانية تعني يموتون لأجل الرب أي يستشهدون". وابن العسال يقول: "يموتون في حالة الارتباط بالله. فالذين يحيون في الرب هم الذين يموتون في الرب". كما يقول القديس أوغسطينوس: "ما أروع اللص اليمين الذي مات مع الرب على الصليب، وما أروع القديس أوغسطينوس الذي مات وهو يتلوا بدموع غزيرة مزامير التوبة، والقديس جيروم (إيرونيموس) الذي مات وهو يعظ عن محبة الله ومحبة القريب، والقديس إمبروسيوس الذي مات مباشرة بعد التناول من جسد الرب ودمه الأقدسين. طوبى لهؤلاء جميعًا الذين ماتوا في الرب، وبالإجماع طوبي لمن يموت، وهو في الجهاد من أجل الحياة المقدسة مع الرب".

«مُنْذُ الآنَ» (رؤيا 14: 13): منذ متى؟ كان الحديث عن زمن الوحش أو ضد المسيح، الزمن الذي سَيُجبَر الناس فيه للخضوع للوحش، والذين لا يسجدون للوحش ولا لصورته يُقتلون، ولذلك فطوبى للذين يموتون في الرب منذ الآن، أي قبل ظهور ضد المسيح.

من جهة الأشرار، فإن لَذة الخطية والمال والمجد الباطل التي تُسقط الإنسان تنتهي عند الموت، وتبقى الخطايا التي سقط الإنسان فيها هي التي تتبعه. أما الأبرار الذين يعيشون في حياة الإيمان والقداسة، فالموت يصير لهم راحةً من أتعاب العالم، وأعمالُهم تتبعهم.

وَأَعْمَالُهُمْ تَتْبَعُهُمْ: لأن الدينونة هي حسب الأعمال، فكل إنسان سيقف أمام الديان العادل؛ ليُعطي حسابًا عن ما فعلَت يداه خيرًا كان أم شرًا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المجيء الثاني ويوم الحصاد (رؤيا 14: 14-20)

«ثُمَّ نَظَرْتُ وَإذَا سَحَابَةٌ بَيْضَاءُ، وَعَلَى السَّحَابَةِ جَالِسٌ شِبْهُ ابْنِ إنْسَانٍ لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ، وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ» (رؤيا 14: 14)

هذا هو السيد المسيح في مجيئه الثاني آتٍ على سَحَابَ السماء.

«شِبْهُ ابْنِ إنْسَانٍ»: المسيح له المجد في مجيئه الثاني، سيأتي في مجده ومجد أبيه، وإن كان مُحتفظًا بناسوته كابْنِ الإنْسَان، لكنه ناسوتٌ مُمجَّد مجدٌ لا نهائي، لذلك قال: «شِبْهُ ابْنِ إنْسَانٍ».

«لَهُ عَلَى رَأْسِهِ إكْلِيلٌ مِنْ ذَهَبٍ»: سيأتي ملكًا على الكل، ديانًا للكل. منتصرًا على مملكة الشر.

«وَفِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ»: مِنْجَلٌ للحصاد، والحصاد هو نهاية العالم. ففي مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ: «الْحَصَادُ هُوَ انْقِضَاءُ الْعَالَمِ. وَالْحَصَّادُونَ هُمُ الْمَلاَئِكَةُ» (متى 13: 39)، وهذا هو حصاد الأبرار حصده الرب بنفسه.

«وَخَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ، يَصْرُخُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ

إلَى الْجَالِسِ عَلَى السَّحَابَةِ: "أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ وَاحْصُدْ،

لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتِ السَّاعَةُ لِلْحَصَادِ، إذْ قَدْ يَبِسَ حَصِيدُ الأَرْضِ"». (رؤيا 14: 15)

هذا المَلاَك الرابعُ، وهو أول مَلاَك يخَرُج مِن هَيْكَلِ السماء، وصْرُخُ بِصوْتٍ عَظِيمٍ إلَى الْرب الإله الْجَالِسِ عَلَى سَّحَابِ السماء قائلًا: «أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ وَاحْصُدْ»، وهو طلبٌ لإقامة العدالة، ثوابًا للأبرار، وعقابًا للأشرار، فهذه أشواق السمائيين، رأيناها في طلب أرواح الشهداء، حينما «صَرَخُوا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: "حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ"؟» (رؤيا 6: 10).

وطِلبةُ المَلاَك هذه «أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ وَاحْصُدْ» هي شفاعةٌ في القديسين المنتظرين في الفردوس، إذ ضم صوتَه لهم وهم يطلبون: «حَتَّى مَتَى... لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ؟». وهذا ما ردده يوئيل النبي: «أَرْسِلُوا الْمِنْجَلَ؛ لأَنَّ الْحَصِيدَ قَدْ نَضَجَ. هَلُمُّوا دُوسُوا لأَنَّهُ قَدِ امْتَلأَتِ الْمِعْصَرَةُ. فَاضَتِ الْحِيَاضُ لأَنَّ شَرَّهُمْ كَثِيرٌ.» (يوئيل 3: 13)

«فَأَلْقَى الْجَالِسُ عَلَى السَّحَابَةِ مِنْجَلَهُ عَلَى الأَرْضِ، فَحُصِدَتِ الأَرْضُ» (رؤيا 14: 16)

تَمَّ ما كان سببًا في تأجيل استجابة الله لِطِلبة الشهداء، فقد كانت إجابة الرب عليهم «أَنْ يَسْتَرِيحُوا زَمَانًا يَسِيرًا أَيْضًا حَتَّى يَكْمَلَ الْعَبِيدُ رُفَقَاؤُهُمْ، وَإخْوَتُهُمْ أَيْضًا، الْعَتِيدُونَ أَنْ يُقْتَلُوا مِثْلَهُمْ.» (رؤيا 6: 11). وها الآن قدَ كَمَلَوا وجَاءَتِ السَّاعَةُ لِلْحَصَادِ.

أما حديث مار يوحنا هنا، فبِلُغةِ النبوة أن يرى ما سيكون كأنه كائن فيقول: «فَأَلْقَى الْجَالِسُ عَلَى السَّحَابَةِ مِنْجَلَهُ عَلَى الأَرْضِ، فَحُصِدَتِ الأَرْضُ». والحقيقة أنه يتكلم نبويًا عن يوم القيامة. أما «مِنْجَلَهُ» هُو أمْرُه بنهاية العالم.

 

St-Takla.org Image: "Then another angel came out of the temple which is in heaven, he also having a sharp sickle. And another angel came out from the altar, who had power over fire, and he cried with a loud cry to him who had the sharp sickle, saying, “Thrust in your sharp sickle and gather the clusters of the vine of the earth, for her grapes are fully ripe.” So the angel thrust his sickle into the earth and gathered the vine of the earth, and threw it into the great winepress of the wrath of God. And the winepress was trampled outside the city, and blood came out of the winepress, up to the horses’ bridles, for one thousand six hundred furlongs" (Revelation 14: 17-20) - Details (1) from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: "وخرج ملاك آخر من المذبح له سلطان على النار، وصرخ صراخا عظيما إلى الذي معه المنجل الحاد، قائلا: «أرسل منجلك الحاد واقطف عناقيد كرم الأرض، لأن عنبها قد نضج». فألقى الملاك منجله إلى الأرض وقطف كرم الأرض، فألقاه إلى معصرة غضب الله العظيمة. وديست المعصرة خارج المدينة، فخرج دم من المعصرة حتى إلى لجم الخيل، مسافة ألف وستمئة غلوة" (الرؤيا 14: 17-20) - تفاصيل (1) من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "Then another angel came out of the temple which is in heaven, he also having a sharp sickle. And another angel came out from the altar, who had power over fire, and he cried with a loud cry to him who had the sharp sickle, saying, “Thrust in your sharp sickle and gather the clusters of the vine of the earth, for her grapes are fully ripe.” So the angel thrust his sickle into the earth and gathered the vine of the earth, and threw it into the great winepress of the wrath of God. And the winepress was trampled outside the city, and blood came out of the winepress, up to the horses’ bridles, for one thousand six hundred furlongs" (Revelation 14: 17-20) - Details (1) from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وخرج ملاك آخر من المذبح له سلطان على النار، وصرخ صراخا عظيما إلى الذي معه المنجل الحاد، قائلا: «أرسل منجلك الحاد واقطف عناقيد كرم الأرض، لأن عنبها قد نضج». فألقى الملاك منجله إلى الأرض وقطف كرم الأرض، فألقاه إلى معصرة غضب الله العظيمة. وديست المعصرة خارج المدينة، فخرج دم من المعصرة حتى إلى لجم الخيل، مسافة ألف وستمئة غلوة" (الرؤيا 14: 17-20) - تفاصيل (1) من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

«ثُمَّ خَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ الَّذِي فِي السَّمَاءِ، مَعَهُ أَيْضًا مِنْجَلٌ حَادٌّ.» (رؤيا 14: 17)

هذا المَلاَك الخامس هو ثاني مَلاَك يخَرُج مِن هَيْكَلِ السَّمَاء، لا يطلب من الرب أَن يُرْسِل مِنْجَلَه إلَى الأَرْضِ، وَيحْصُد كالمَلاَك السابق، بل هو يحمل مِنْجَلًا حَادًّا (وهو المِنْجَل الثاني) لْحَصَادِ الأشرار.

مِنْجَلان:

1. السيد المسيح في مجيئه الثاني فِي يَدِهِ مِنْجَلٌ حَادٌّ لْحَصَادِ الأبرار.

2. طلب المَلاَك الرابعُ الخَارَجَ مِنَ هَيْكَلِ السَّمَاء من الرب، أَن يرْسِلْ مِنْجَلَه، أما المَلاَك الخامس فيحمل مِنْجَله الحَاد لْحَصَادِ الأشرار.

«وَخَرَجَ مَلاَكٌ آخَرُ مِنَ الْمَذْبَحِ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى النَّارِ، وَصَرَخَ صُرَاخًا عَظِيمًا إلَى الَّذِي مَعَهُ الْمِنْجَلُ الْحَادُّ، قَائِلًا «أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ الْحَادَّ وَاقْطِفْ عَنَاقِيدَ كَرْمِ الأَرْضِ، لأَنَّ عِنَبَهَا قَدْ نَضِجَ.» (رؤيا 14: 18).

هذا هو المَلاَك السادس، وهو ثالث مَلاَك خَرَجَ مِنَ الْمَذْبَحِ أو الهيكل، وهو مَلاَكٌ آخَرُ غير الذي كان يحمل الْمِنْجَل، فقد خَرَجَ مِنَ الْمَذْبَحِ، حيث صلوات القديسين مع البخور (رؤيا 8)، وحيث صرخت أيضًا أنفس الشهداء قائلة: «حتى متى يا رب لا تقضي ولا تنتقم لدمائنا» (رؤ 6: 10).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

«فَأَلْقَى الْمَلاَكُ مِنْجَلَهُ إلَى الأَرْضِ وَقَطَفَ كَرْمَ الأَرْضِ، فَأَلْقَاهُ إلَى مَعْصَرَةِ غَضَبِ اللهِ الْعَظِيمَةِ.» (رؤيا 14: 19)

هذا هو الْمَلاَكُ السادس، وهو ثالث مَلاَك يخرج مِنَ هَيْكَلِ السَّمَاء. ويشرح ابن العسال بأن:

المَلاَك الأول قَائِلًا للرب الْجَالِسِ عَلَى السَّحَابَةِ: «أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ وَاحْصُدْ؛ لأَنَّهُ قَدْ جَاءَتِ السَّاعَةُ لِلْحَصَادِ، إذْ قَدْ يَبِسَ حَصِيدُ الأَرْضِ». فَحُصِد الأبرار (رؤيا 14: 15-16). ونُلَقِّبه بمَلاَك الشهداء فيتكلم بِلسانِهم ليحصد الرب القمح (الأبرار) بمِنْجَلِه، فالملائكة هم الحصادون (مت 13: 39) الذين يجمعون الأبرار من كل العالم، ويدخلون إلى المجد الأبدي.

المَلاَك الثَّاني مَعَهُ مِنْجَلٌ حَادٌّ ليحصد الأشرار (رؤيا 14: 17). ونُلَقِّبه بمَلاَك الانتقام؛ إذ يحصدهم في نهاية العالم،

المَلاَك الثَالِث لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى النَّارِ، ومَعَهُ مِنْجَلٌ حَادٌّ ويأمر المَلاَك الثَاني قَائِلًا: اقْطِفْ عَنَاقِيدَ كَرْمِ الأَرْضِ فَأَلْقَاهُ إلَى مَعْصَرَةِ غَضَبِ اللهِ الْعَظِيمَةِ. وهؤلاء هم الأشرار (رؤيا 14: 18-19). ولعل المَلاَك الثَالِث يكون هو السيد المسيح، فلَهُ سُلْطَانٌ عَلَى النَّارِ، أي الذي يقضي بها.

فَأَلْقَاهُم إلَى مَعْصَرَةِ غَضَبِ اللهِ الْعَظِيمَةِ. حيث يعاقبوا بجَهنم النار الأبدية.

«وَدِيسَتِ الْمَعْصَرَةُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فَخَرَجَ دَمٌ مِنَ الْمَعْصَرَةِ حَتَّى إلَى لُجُمِ الْخَيْلِ، مَسَافَةَ أَلْفٍ وَسِتِّمِئَةِ غَلْوَةٍ.» (رؤيا 14: 20)

بعدما قُطِفَ كَرْمُ الأَرْضِ، دِيسَتِ الْمَعْصَرَةُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، والذي داس الْمَعْصَرَة هو الرب يسوع، ديانُ الأرض كلها، أما الْمَدِينَة فهي أورشليم، حيث «فِيهَا وُجِدَ دَمُ أَنْبِيَاءَ وَقِدِّيسِينَ، وَجَمِيعِ مَنْ قُتِلَ عَلَى الأَرْضِ» (رؤيا 18: 24)، وخارجها سُفِك دمُ الرب يسوع. وهنا يُشير أيضًا إلى جهنم النار الأبدية، البحيرة المتقدة نارًا، التي وُصفت بـ: «غَضَبِ اللهِ، وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، يَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إلَى أَبَدِ الآبِدِينَ.» (رؤيا 14: 10). كما وُصفت بأنها: «مَعْصَرَةِ غَضَبِ اللهِ الْعَظِيمَةِ.» (رؤيا 14: 19)، ووُصف الأشرار بأنهم «عَنَاقِيد كَرْمِ الأَرْضِ، الذي نَضِجَ» (رؤيا 14: 18)، ثُم «َدِيسَتِ الْمَعْصَرَةُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ، فهذه هي الظُلمة الخَارِجية، فَخَرَجَ دَمٌ مِنَ الْمَعْصَرَةِ (رؤيا 14: 20)، وهكذا يقول القديس غريغوريوس: موت الهالكين بلا موت ونهايتهم بلا نهاية.

أما خُرَوجَ الدَم مِنَ الْمَعْصَرَةِ «إلَى لُجُمِ الْخَيْلِ، مَسَافَةَ أَلْفٍ وَسِتِّمِئَةِ غَلْوَةٍ.»، مَسَافَةَ تُساوي مائتي ميل تقريبًا، مسافة ضخمة تُعبر عن ضخامة غَضَبِ اللهِ على الأشرار.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(43) قداس القديس غريغوريوس.

(44) كبريت بالعبرية جفريت גפרית، فاللغتان ساميتان، ومعنى الكلمة العبرية: زفت זפת أو بوتومين Bitumen.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-youhanna-fayez/apocalypse/chapter-14.html

تقصير الرابط:
tak.la/8wv8q2m