محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18
الإصحاح الثَّالِثُ عَشَرَ
ضِدّ المسيح ἀντίχριστος، وصفاته، وألقابه (رؤيا 13: 1-10)
1ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى رَمْلِ الْبَحْرِ، فَرَأَيْتُ وَحْشًا طَالِعًا مِنَ الْبَحْرِ:
لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى قُرُونِهِ عَشَرَةُ تِيجَانٍ،
وَعَلَى رُؤُوسِهِ اسْمُ تَجْدِيفٍ.
2وَالْوَحْشُ الَّذِي رَأَيْتُهُ كَانَ شِبْهَ نَمِرٍ، وَقَوَائِمُهُ كَقَوَائِمِ دُبٍّ، وَفَمُهُ كَفَمِ أَسَدٍ. وَأَعْطَاهُ التِّنِّينُ قُدْرَتَهُ وَعَرْشَهُ وَسُلْطَانًا عَظِيمًا.
3وَرَأَيْتُ وَاحِدًا مِنْ رُؤُوسِهِ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ لِلْمَوْتِ، وَجُرْحُهُ الْمُمِيتُ قَدْ شُفِيَ. وَتَعَجَّبَتْ كُلُّ الأَرْضِ وَرَاءَ الْوَحْشِ،
4وَسَجَدُوا لِلتِّنِّينِ الَّذِي أَعْطَى السُّلْطَانَ لِلْوَحْشِ،
وَسَجَدُوا لِلْوَحْشِ قَائِلِينَ:" مَنْ هُوَ مِثْلُ الْوَحْشِ؟ مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَارِبَهُ"؟ 5وَأُعْطِيَ فَمًا يَتَكَلَّمُ بِعَظَائِمَ وَتَجَادِيفَ،
وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا أَنْ يَفْعَلَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَهْرًا.
6فَفَتَحَ فَمَهُ بِالتَّجْدِيفِ عَلَى اللهِ، لِيُجَدِّفَ عَلَى اسْمِهِ، وَعَلَى مَسْكَنِهِ،
وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِي السَّمَاءِ.
7وَأُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَيَغْلِبَهُمْ،
وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَأُمَّةٍ.
8فَسَيَسْجُدُ لَهُ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ الَّذِي ذُبِحَ.
9مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ!
10 إنْ كَانَ أَحَدٌ يَجْمَعُ سَبْيًا، فَإلَى السَّبْيِ يَذْهَبُ. وَإنْ كَانَ أَحَدٌ يَقْتُلُ بِالسَّيْفِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ بِالسَّيْفِ. هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ وَإيمَانُهُمْ.
النبي الكذاب وصفاته (رؤيا 13: 11-18)
11ثُمَّ رَأَيْتُ وَحْشًا آخَرَ طَالِعًا مِنَ الأَرْضِ،
وَكَانَ لَهُ قَرْنَانِ شِبْهُ خَرُوفٍ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ كَتِنِّينٍ،
12وَيَعْمَلُ بِكُلِّ سُلْطَانِ الْوَحْشِ الأَوَّلِ أَمَامَهُ، وَيَجْعَلُ الأَرْضَ وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ الأَوَّلِ
الَّذِي شُفِيَ جُرْحُهُ الْمُمِيتُ.
الضلالة الكبرى (رؤيا 13: 13-14)
13وَيَصْنَعُ آيَاتٍ عَظِيمَةً، حَتَّى إنَّهُ يَجْعَلُ نَارًا تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الأَرْضِ قُدَّامَ النَّاس، 14وَيُضِلُّ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ بِالآيَاتِ الَّتِي أُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَهَا أَمَامَ الْوَحْشِ، قَائِلًا لِلسَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَصْنَعُوا صُورَةً لِلْوَحْشِ الَّذِي كَانَ بِهِ جُرْحُ السَّيْفِ وَعَاشَ.
عبادة الأصنام (رؤيا 13: 15)
15وَأُعْطِيَ أَنْ يُعْطِيَ رُوحًا لِصُورَةِ الْوَحْشِ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ صُورَةُ الْوَحْشِ، وَيَجْعَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ لاَ يَسْجُدُونَ لِصُورَةِ الْوَحْشِ يُقْتَلُونَ.
ضد المسيح وصفاته (رؤيا 13: 1-8، 16 - 17)
16وَيَجْعَلَ الْجَمِيعَ: الصِّغَارَ وَالْكِبَارَ، وَالأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاءَ، وَالأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ، تُصْنَعُ لَهُمْ سِمَةٌ عَلَى يَدِهِمِ الْيُمْنَى أَوْ عَلَى جَبْهَتِهِمْ،
17وَأَنْ لاَ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَبِيعَ، إلَّا مَنْ لَهُ السِّمَةُ أَوِ اسْمُ الْوَحْشِ
أَوْ عَدَدُ اسْمِه
18هُنَا الْحِكْمَةُ! مَنْ لَهُ فَهْمٌ فَلْيَحْسُبْ عَدَدَ الْوَحْشِ، فَإنَّهُ عَدَدُ إنْسَانٍ، وَعَدَدُهُ: سِتُّمِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ.
![]() |
موضوعٌ صعبٌ ومؤسف. فما أروع أن يتحدث القلب لا اللسان عن السيد المسيح له المجد بكل الشَّوق والفرح. ومُحزِنٌ ومؤسِفٌ ومُخزي، أن يتكلم الإنسان عن إنسان يُدعَى ضِدًّا للمسيح.
إنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلَاكِ، الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إلَهًا
ὁ ἄνθρωπος τῆς ἀνομίας, ὁ υἱὸς τῆς ἀπωλείας,
ὁ ἀντικείμενος καὶ ὑπεραιρόμενος ἐπὶ πάντα λεγόμενον θεὸν.
(2 تسالونيكي 2 :3-10)
ما أرهب أن يصير الإنسانُ الذي مات المسيحُ لأجلِه ابنًا للهلاك ومقاومًا لله، حليفًا للشيطان.
ὁ ἄνομος الأثيم (2 تسالونيكي 2: 8) أي الذي بلا ناموس.
ونحن حينما نُصَلِّي الصلاة الربية «نَجِّنَا مِنَ الشِّرِّيرِ» (متى 6: 13)
"ῥῦσαι ἡμᾶς ἀπὸ τοῦ πονηροῦ" نَعْني أيضًا الشرير الذي يكسر الناموس، أو الأثيم، وهو أحد ألقاب ضِدّ المسيح. وبهذا يصير للصلاة الربية مذاقًا جديدًا، بالإضافة إلى معناها المعروف. وعندما نقول: "وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ" "καὶ μὴ εἰσενέγκῃς ἡμᾶς εἰς πειρασμόν" إنما نقصد أيضًا أن ينجينا من الشرير (الأثيم) الذي سيظهر في "ساعة التجربة" τῆς ὥρας τοῦ πειρασμοῦ العتيدة أن تأتي على العالم كله (رؤيا 3: 10).
الوحش الطالع من البحر (رؤيا 13: 1).
ἐκ τῆς θαλάσσης θηρίον ἀναβαῖνον
الوحش الطالع من الهاوية (رؤيا 11: 7).
θηρίον ἀναβαῖνον ἐκ τῆς ἀβύσσου
الوحش الأول قيمةً والثاني زمنًا، كما يُطلَق عليه «الوحش» فقط.
ويطلق عليه إسلاميًا وشعبيًا «المسيح الدجال» أو «الدَّجال» من الدَّجَل ومعناه كذَّابٌ مُموِّهٌ مُخَادِع يصعب اكتشاف كذبه.
وهو غير الـ«مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ» (مت 24: 24؛ مر 13: 22)
عندما تحدَّث مار بُولُسَ الرَّسُولِ عن المجيء الثاني لربنا يسوع المسيح
قال «لَا يَأْتِي إنْ لَمْ يَأْتِ الِارْتِدَادُ أَوَّلًا، وَيُسْتَعْلَنْ إنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلَاكِ، الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إلَهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإلَهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إلَهٌ... وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الْأَثِيمُ، الَّذِي الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ. الَّذِي مَجِيئُهُ بِعَمَلِ الشَّيْطَانِ، بِكُلِّ قُوَّةٍ، وَبِآيَاتٍ وَعَجَائِبَ كَاذِبَةٍ، وَبِكُلِّ خَدِيعَةِ الإِثْمِ، فِي الْهَالِكِينَ.» (2 تسالونيكي 2: 3-10).
تَفرَّد بُولُسُ الرَّسُولُ بالحديث عن هذه العَلامة التي تسبق المجيء الثاني للسيد المسيح، وهي ظهور الضِد للمسيح، الذي بظهوره تبدأ نهاية العالم والمجيء الثاني.
يَدَّعي الألوهة، ويجلس في هيكل الله كإله، ويجعل عَرشه بأورشليم، ويملك فيها ثلاث سنوات ونصف، ويسجد له سكان الأرض.
يأتي بمكيدة الشيطان في الهالكين الذين لم يقبلوا الحق، فأرسله الله لهم ليُعاقَبوا لأنهم صدقوا الكذب.
يعطيه الشيطانُ قُوته وسلطانه، ويكون مَقرُّه أُورشليم.
قاسٍ كالدُّب، مُتكَبِّر كالأسد، مُتلوِّن كالنَّمِر.
يحارب القديسين ويغلبهم. ويُخضِع العشرة قرون أي العالم كله لحُكمه
يتقدمه النبي الكذاب (رؤيا 16: 13؛ 19: 20؛ 20: 10) أو الوحش الثاني؛ ليُمَهِّد له الطريق على نحو ما تقدم القديس يوحنا المعمدان السيدَ المسيح، ومهَّد للإيمان به (مع اعتذارنا للقديس يوحنا المعمدان). فيقول سفر الرؤيا «الْوَحْش وَالنَّبِيّ الْكَذَّاب مَعَهُ، الصَّانِع قُدَّامَهُ الْآيَاتِ الَّتِي بِهَا أَضَلَّ الَّذِينَ قَبِلُوا سِمَةَ الْوَحْشِ» (رؤيا 19: 20)، ويجعل الناس كلهم يسجدون لضد المسيح.
يأمُر بإقامة صورته ويُدْخِلها روحًا شريرًا فتتكلم، ويجعل الناس يسجدون له، ولِصورته تقليدًا للأيقونات المُدَشَّنة التي نسجُد ونُصَلِّي أمامها، أما مَن لا يسجد للوحش ولِصورته فيُقتَل.
يصنع علامة لِكل من يتبعه، فيضعها على جبهته أو يده اليمنى، ولا يَبِيعُ أحَدٌ أو يشترى بدون هذه السمة، وهي كعلامة الصليب لتَبَعية السيد المسيح. أمَّا علامته فهي حروف اسمه رقم (666)، فرقم (6) يرمز للنقص وتكرارها ثلاث مرات يعني كمال النقص، وشتَّان الفرق بين الصليب كمال الحُب إلى الموت، وبين النقص الكامل.
المسيح في مجيئه الثاني يَبيدُ ضدَّ المسيح بنفخه فمه.
اليهود: في كتاباتهم عن الأُخْرَوِّيات. εσχατολογια
والمسلمين: في الحديث عن علامات الساعة، مع أن القرآن لم يذكره.
كما أن محمد نبي الإسلام قال لأتباعه: "متى فرغ أحدُكم من التشهُّد، فليتعوذ بالله من أربعة، عذاب جهنم، وعذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال".
أما أبوليدس: في كتابه (المسيح وضِدّ المسيح) فقال "أنه سيخرج من بني إسرائيل من سبط دان"، مُعتبرًا أن الأساس الكتابي لهذا الرأي هو نبوة يعقوب أب الأسباط: «دَانُ، يَدِينُ شَعْبَهُ.. يَكُونُ دَانُ حَيَّةً عَلَى الطَّرِيقِ، أُفْعُوانًا عَلَى السَّبِيلِ» (تكوين 49: 17)، ولعل هذا هو السبب في حذْف اسم سبط دان من قائمة المختومين في (رؤيا 4: 7-8).
ويُكمل موسى النبي مشبهًا دان بالأسد «دَانُ شِبْلُ أَسَدٍ يَثِبُ مِنْ بَاشَانَ» (تثنية 33: 22)، وللتوفيق بين نبوءتي يعقوب أب الآباء وموسى النبي نقول: إن دان قوي كالأسد، ماكر مميت كالحية والأفعوان، وهي صفات تنطبق على ضِدّ المسيح.
وسجَّل التاريخ عن زمن القديس ألكسندروس الثاني بابا الإسكندرية الثالث والأربعين، الذي كان مُعاصرًا لثلاثة من الخلفاء هم الخليفة الوليد بن عبد الملك، والذي عَيَّن أخاه عبد الله واليًا على مصر سنة 698 م، فأساء معاملة المسيحين وأعلن أنه سيبيدهم، وبصق على أيقونة العذراء، فظهر له السيد المسيح جالسًا على عرش عظيم ووجهه يشرق أكثر من الشمس، وخَلفه أحد حاملي السلاح وطَعنه، وفعلًا مات الوالي عبد الله. وبعد أربعين يومًا مَات أخوه الخليفة الوليد. وجاء بعده خليفة أشرَّ منه سنة 701 م، وبعده آخَر أشَرّ. وأخيرًا جاء خليفة ثالث أمَرَ المؤمنين أن يرسموا علامة الوحش 666 بدلًا من علامة الصليب حتى تجاسر وطلب هذا من البابا البطريرك فأبى، وطلب البابا من أمير المؤمنين أن يمهله ثلاثة أيام، فافتقد الربُّ البابا بمرضٍ ومات قبل أن يُجبره الوالي على رسم العلامة(35).
وتَحيَّر علماء الكتاب المقدس حينما بحثوا في كل جيل عن كبار الأشرار ليجدوا بينهم شخصية الوحش بكل شروره وصفاته، وعدد اسمه دون جدوى. كما بحثوا بين أباطرة الرومان الوثنيين والهراطقة ومؤسسي الديانات البشرية، وحسبوا أسماءهم ليطابقوها بعدد الوحش 666. فجربوا نيرون ونابليون وهتلر وأريوس وراسبوتين ومانسون، وباءت محاولاتهم بالفشل. ثم ظنوا خطأً أن ضِدّ المسيح شخصية معنوية كالوجودية والإلحاد. وأخيرًا قالوا أنه الكمبيوتر والرقم 666 هو الكود، وشجَّع هذه الفكرة كثيرٌ من اللاهوتيين الغربيين وتبعهم بعض أساتذة العهد الجديد واللاهوت في الكليات اللاهوتية في الشرق(36)، ولكن سريعًا ما ظهر الرد على هذه الأفكار بأن سفر الرؤيا حدَّد في الآية الأخيرة من (رؤيا 13) «هُنَا الْحِكْمَةُ! مَنْ لَهُ فَهْمٌ فَلْيَحْسُبْ عَدَدَ الْوَحْشِ، فَإنَّهُ عَدَدُ إنْسَانٍ، وَعَدَدُهُ: سِتُّمِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ.» (رؤيا 13: 18). وهذا العدد هو عدد اسمه على نحو ما يقول مار يوحنا الحبيب «رَأَيْتُ... الْغَالِبِينَ عَلَى الْوَحْشِ وَصُورَتِهِ وَعَلَى سِمَتِهِ وَعَدَدِ اسْمِهِ، وَاقِفِينَ عَلَى الْبَحْرِ الزُّجَاجِيِّ، مَعَهُمْ قِيثَارَاتُ اللهِ» (رؤيا 15: 2).
مشكلة قديمة وجديدة. فمحاولات(37) التَّألُّه عند الشيطان قديمةٌ قِدَم الزمان، قبل خلق الإنسان. فإشَعْيَا النبي (إش 14: 12) يرثي الملاك الساقط (الشيطان) قائلًا: «كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟
كَيْفَ قُطِعْتَ إلَى الْأَرْضِ يَا قَاهِرَ الْأُمَمِ؟»
«وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ، أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ.» (إشعيا 14: 12-15).
إنها كلمات الشيطان فِي كبريائه. «وَحَدَثَتْ حَرْبٌ فِي السَّمَاءِ: مِيخَائِيلُ وَمَلاَئِكَتُهُ حَارَبُوا التِّنِّينَ،.. وَمَلاَئِكَتُه» (رؤيا 12: 7)، فسقط الشيطان إلى أرضنا حيث خُلق آدم فسَحَقَه، وجاء آدم الثاني الربُّ من السماء.
وكانت تجارب البرية قصة واقعية لم ينهزم فيها الشيطان "تحت أقدام المسيح" فحسب، بل هُزم أمام الإنسانية في المسيح. ففي المسيح غَلب الإنسان الشيطان... "باركتَ طبيعتي فيك".
وارتفع الرب على الصليب، وأعاد الشيطان المعركة من جديد. فقبض الرب عليه وقيَّده ألف سنةٍ إلى أن يُحَل زمانًا يسيرًا قُبيل يوم القيامة العامة والمجيء الثاني الذي ننتظره جميعًا.
وكتب القديس يهوذا الرسول قائلًا «وَالْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ لَمْ يَحْفَظُوا رِيَاسَتَهُمْ، بَلْ تَرَكُوا مَسْكَنَهُمْ حَفِظَهُمْ إلَى دَيْنُونَةِ الْيَوْمِ الْعَظِيمِ بِقُيُودٍ أَبَدِيَّةٍ تَحْتَ الظَّلَامِ.» (يهوذا 6)، ولما فشلت هذه المحاولة لتَألُّه الشيطان وسقط إلى الأرض، بحث كيف يَتَألَّه بطريقة غير مباشرة، فدخل في الأصنام، وجعلها تتكلم، فعبدها الوثنيون مما جعل داود النبي يقول في المزمور
«لأن كل آلهة الأمم شياطين» (مزمور 95: 5) (الترجمة القبطية).
«لِأَنَّ كُلَّ آلِهَةِ الشُّعُوبِ أَصْنَامٌ» (مزمور 96: 5) (الترجمة البيروتية).
ثم أدخل الشيطان فكر التَّألُّه في الإنسان: "آدم وحواء". وأخيرًا جاء إبليس يعرض على الرب الإله المتأنس أن يعطيه كل ممالك العالم في سبيل أن يأخذ الألوهة قائلًا له: «أُعْطِيكَ هذِهِ جَمِيعَهَا إنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي» (متى 4: 9).
أول مرة يُذكر ضدُّ المسيح أو الوحش في السفر كانت في الإصحاح الحادي عشر (رؤيا 11: 7)، ولكن الحديث في ذلك الإصحاح، قد بدأ وكأن الوحش معروفًا من قبل.
بدأ بقصة الشاهدين؛ ذلك لأن الترتيب في سفر الرؤيا ليس تاريخيًا. لذلك سنبدأ حديثنا عن ضد المسيح من الإصحاح الثالث عشر.
نحن الآن في النصف الثاني من الأسبوع الأخير للعالم.
نحن الآن (مع كل الأسف) أمام ثُلاثية الشر.
أمام: الشيطان وخادمَيه الوحش الأول والوحش الثاني.
أمام: التنين العظيم وضد المسيح والنبي الكذاب.
وسنلتقي في البداية بالوحش الأول الذي هو ضد المسيح:
بصورته (رؤ 13: 14-15)، وسِمته (رؤ 13: 16-17)،
وعدد اسمه (رؤ 13: 17).
ونرى أن التنين يعطيه قوته وسلطانه. وفي تنسيق شرير يعطي الوحشُ الثاني قوتَه وجَهده للوحش الأول، فيعمل لحسابه، ويجعل الناس يسجدون للوحش الأول ولصورته حتى يكون الوحش الأول أمام الأشرار هو الكل في الكل، وهذا هو ضدُّ المسيح. وسيظل الوحشان الإنسانيان يعملان بقوة التنين وتحت إرشاده مدة ثلاث سنوات ونصف.
وهذه المدة ذُكرت بأكثر من طريقة:
الأمم تدوس المدينة المقدسة 42 شهرًا (رؤيا 11: 2)، (رؤيا 13: 5).
المرأة هربت للبرية 1260 يومًا (رؤيا 11: 3) (رؤيا 12: 6) مع فارق بسيط 12 أو 13 يومًا.
المرأة تُعال في البرية زمان وزمانين ونصف (رؤيا 12: 14)، (دانيال 7: 25؛ 12: 7)
وهذه أيضًا هي:
مدة عمل ضد المسيح (رؤيا 13: 5).
مدة حل الشيطان زمانًا يسيرًا قبيل المجيء الثاني.
مدة عمل الشاهدين (النبيين، المنارتين، الزيتونتين) (رؤيا 11: 3).
وفي هذه الفترة التي يخرج فيها الشيطان من سِجنه ليُضِل الأمم ويقودهم ليصنعوا حربًا مع القديسين ومع الشاهدَين ويغلبهم، حتى يأتي المسيح له المجد فيقبض على الوحشين ويطرحهما حَيَّيْن في بحيرة النار والكبريت (رؤيا 19: 20)، ثم يَلْحَق بهما إبليس (رؤ 20: 10)، وهكذا تكون نهاية الثُّلاثي الشرير أو كما يقول القديس بولس الرسول عن ضِدّ المسيح "وَحِينَئِذٍ سَيُسْتَعْلَنُ الْأَثِيمُ، الَّذِي الرَّبُّ يُبِيدُهُ بِنَفْخَةِ فَمِهِ، وَيُبْطِلُهُ بِظُهُورِ مَجِيئِهِ.» (2 تس 2: 8).
وتلقيبه بضد المسيح Antichrist جاء فقط:
في رسائل القديس يوحنا، وذُكر أربع مرات: فيقول:
«أَيُّهَا الأَوْلاَدُ هِيَ السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. وَكَمَا سَمِعْتُمْ أَنَّ ضِدَّ الْمَسِيحِ يَأْتِي، قَدْ صَارَ الآنَ أَضْدَادٌ لِلْمَسِيحِ كَثِيرُونَ. مِنْ هُنَا نَعْلَمُ أَنَّهَا السَّاعَةُ الأَخِيرَةُ. مِنَّا خَرَجُوا، لكِنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِنَّا، لأَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا مِنَّا لَبَقُوا مَعَنَا. لكِنْ لِيُظْهَرُوا أَنَّهُمْ لَيْسُوا جَمِيعُهُمْ مِنَّا. وَأَمَّا أَنْتُمْ فَلَكُمْ مَسْحَةٌ مِنَ الْقُدُّوسِ وَتَعْلَمُونَ كُلَّ شَيْءٍ. لَمْ أَكْتُبْ إلَيْكُمْ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ الْحَقَّ، بَلْ لأَنَّكُمْ تَعْلَمُونَهُ، وَأَنَّ كُلَّ كَذِبٍ لَيْسَ مِنَ الْحَقِّ. مَنْ هُوَ الْكَذَّابُ، إلاَّ الَّذِي يُنْكِرُ أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ؟ هذَا هُوَ ضِدُّ الْمَسِيحِ، الَّذِي يُنْكِرُ الآبَ وَالابْنَ.» (1 يوحنا 2: 18-22)،
«كُلُّ رُوحٍ لاَ يَعْتَرِفُ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْجَسَدِ، فَلَيْسَ مِنَ اللهِ. وَهذَا هُوَ رُوحُ ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي، وَالآنَ هُوَ فِي الْعَالَمِ.» (1 يوحنا 4: 3).
«لأَنَّهُ قَدْ دَخَلَ إلَى الْعَالَمِ مُضِلُّونَ كَثِيرُونَ، لاَ يَعْتَرِفُونَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ آتِيًا فِي الْجَسَدِ. هذَا هُوَ الْمُضِلُّ، وَالضِّدُّ لِلْمَسِيحِ.» (2 يو 7).
وواضح أن مار يوحنا الرسول ينتظر ظهور "ضد المسيح"، المقاوم العنيد، كما يذكر الأنبياء الكذبة الكثيرين "أَضْدَادٌ الْمَسِيحِ". ويقول إن ظهورهم دليل على اقتراب السَّاعَة الأَخِيرَة. ويصف "ضد المسيح" بأنه ينكر أن يسوع هو المسيح، و"ينكر الآب والابن" (1 يو 2: 22)، أي ينكر أن يسوع هو الله. وهنا نجد أيضًا إشارة إلى "رُوح ضِدِّ الْمَسِيحِ الَّذِي سَمِعْتُمْ أَنَّهُ يَأْتِي"، أي سيأتي في المستقبل. سيأتي في الأزمنة الأخيرة (مر 13: 21-23؛ 2 تس 2: 3-12؛ رؤ 13: 1-8).
فبينما ظهر ويظهر مقاومون كثيرون- على مدى التاريخ- ينكرون لاهوت المسيح أو حقيقة ناسوته، فإن هذه الآراء الهرطوقية تبلغ ذروتها في النهاية في شخص واحد، سيظهر قُبيل مجيء المسيح.
ثُمَّ وَقَفْتُ عَلَى رَمْلِ الْبَحْرِ،
فَرَأَيْتُ Καὶ εἶδον وَحْشًا θηρίον طَالِعًا مِنَ الْبَحْرِ ἐκ τῆς θαλάσσης (رؤيا 13: 1).
كان القديس يوحنا الحبيب مُتحركًا أثناء الرُّؤى. مَرةً يصعد إلى السماء (رؤيا 4: 1)، ومَرةً يذهب بالروح إلى البرية (رؤيا 17: 3)، وأخرى يذهب بالروح إلى جبل عظيم عالٍ (رؤيا 21: 10)، وهنا يقف على رمل البحر (رؤيا 13: 1). ورمل البحر في قصة أبينا إبراهيم يشير إلى جماهير الناس. والبحر يشير إلى الأمم الذين بالإيمان صاروا أبناء إبراهيم، وقال الله عنهم في عهده لإبراهيم أب الآباء، أنه سيصير أبًا لأمم كثيرة «أُكَثِّرُ نَسْلَكَ... كَالرَّمْلِ الَّذِي عَلَى شَاطِئِ الْبَحْرِ.» (تكوين 22: 17).
الصفة الأولى:
فَرَأَيْتُ وَحْشًا طَالِعًا مِنَ الْبَحْرِ: أي بحر هذا؟ ليس بحر مُعَيَّن، فالبحار جميعها مُتَّصلة تُكَوِّن بحرًا واحدًا، قال مار يوحنا في نهاية رؤياه: «وَالْبَحْرُ لَا يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ.» (رؤيا 21: 1). والبحر بهِيَجَانِه وتَقَلُّباته يرمز للعالم كله، فالوحش طالع من الأمم (العالم)، وهذا هو ضد المسيح، بجيوشه الكثيرة، الصاعدة من البحر من الأمم ليَغْزوا الممالك.
«لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى قُرُونِهِ عَشَرَةُ تِيجَانٍ» (رؤ 13: 1)
هذا هو ضِدّ المسيح، أما التنين العظيم الأحمر:
«لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ، وَعَلَى رُؤُوسِهِ سَبْعَةُ تِيجَانٍ (رؤيا 12: 2)
وثَمَّةُ تشابُهٍ بين: ضد المسيح في (رؤيا 13)، والتنين في (رؤيا 12).
فقد أعطى الشيطانُ لِلوَحش صفاتِه وقوتَه، فأَمسَى يُشبهه، وهذا هو الوحش الأول الطالع من البحر، بينما الوحش الثاني سيخرج من الأرض، ثابتًا ثباتًا مُزَيَّفًا «لأَنَّهُ حِينَمَا يَقُولُونَ: سَلاَمٌ وَأَمَانٌ، حِينَئِذٍ يُفَاجِئُهُمْ هَلاَكٌ بَغْتَةً» (1 تس 5: 3).
والفرق الوحيد: في التيجان.
تيجان الشيطان على رؤوسه؛ لأنه المُفكِّر والمُدبِّر.
وتيجان الوحش على قرونه؛ لأنه المُنَفِّذ لِفِكْر الشيطان وتدابيره الشريرة.
«لَهُ ἔχον سَبْعَةُ رُؤُوسٍ κεφαλὰς ἑπτὰ،
وκαὶ عَشَرَةُ قُرُون κέρατα δέκα
وَعَلَى قُرُونِهِ عَشَرَةُ تِيجَانٍ» (رؤ 13: 1)
καὶ ἐπὶ τῶν κεράτων αὐτοῦ δέκα διαδήματα
القُرُونِ العَشَرَةُ، هم عشرة ملوك، ولذلك فهم لابسون تيجانًا، ثلاثة منهم يقتلهم ضدُّ المسيح حينما يأتي، والسبعة يخضعون له طائعين خائفين من رعبه، ويصف هذا دانيال النبي (رؤيا 16: 13).
وبالإيجاز: فالصفة الأولى لضد المسيح أنه أممي (طالع من البحر)،
كامل في خبثه (له سبعة رؤوس) كامل في قوته (له عشرة قرون). وينجح بقوته أكثر.
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
«وَعَلَى رُؤُوسِهِ اسْمُ تَجْدِيفٍ» (رؤيا 13: 1)(38)
ضِدّ المسيح: لكي يتألَّه، يحاول إنكار لاهوت المسيح.
فالتَّألُّه هَدَفُه الأعظم، والتجديف على الله هو وَسِيلَتُه العظمى؛
لذلك وجدنا الوحش في (رؤيا 13: 5-6) يبدأ هذا التجديف.(39)
«وَالْوَحْشُ الَّذِي رَأَيْتُهُ كَانَ شِبْهَ نَمِرٍ، وَقَوَائِمُهُ كَقَوَائِمِ دُبٍّ، وَفَمُهُ كَفَمِ أَسَدٍ. وَأَعْطَاهُ التِّنِّينُ قُدْرَتَهُ وَعَرْشَهُ وَسُلْطَانًا عَظِيمًا.» (رؤيا 13: 2).
فيصير أكثر شراسة في سُرعة حركته واضطهاده للكنيسة، كما في عُنفه
وافتراسه وسفكِه للدماء، فقد حَوَى الأربعة الحيوانات التي قدمها دانيال النبي في رؤياه (دانيال 7: 3-8):
شِبْهَ نَمِرٍ ὅμοιον παρδάλει: أرقط اللون، هكذا ضد المسيح مبقعًا بالرذائل، محتالًا فهو وحش دموي، وضد المسيح سافكٌ للدماء، سيقتل النبيين. وكما أن النمر سريع الحركة، فضد المسيح سيطوف العالم بسرعة، ويُخضعه تحت حُكمه، وسيُبهر معظم العالم، كما ينبهر الناس بجلد النمر. ويصفه دانيال بأن له على ظهره أربعة أجنحة. علامة سرعة حركته لاضطهاد الكنيسة.
وَقَوَائِمُهُ كَقَوَائِمِ دُبٍّ. καὶ οἱ πόδες αὐτοῦ ὡς ἄρκου
أي قُوية وعنيفة، يطأ ضد المسيح القديسين بقدميه في حربه ضد الكنيسة.
وَفَمُهُ كَفَمِ أَسَدٍ καὶ τὸ στόμα αὐτοῦ ὡς στόμα λέοντος.
كهَيبة الأسد الذي يُمزق فريسته، هكذا ضد المسيح في كبريائه وقسوته. له جَناحَا نَسرٍ ووقف على رجلين كإنسان.
والدب يُمثل شهوة الجسد، والنمر يُمثل شهوة العيون، والأسد يُمثل تعظم المعيشة: هذه صفات محبة العالم (1 يو 3: 16).
له أربعة رؤوس وأُعْطِي سلطانًا.
له أسنان من حديد أكل وسحق وداس الباقي برجليه.
له عشرة قرون متكلم بعظائم (أو تجاديف).
وبعدها تكلم دانيال عن الدينونة، فظهور ضد المسيح يسبق الدينونة بقليل. من هنا نتأكد من ترتيب الأحداث، فهذا الوحش يُقدمه سفر الرؤيا مرةً طالعًا من البحر، وأخرى طالعًا من الهاوية، لكنه هو هو:
في طبيعته إنسانٌ شريرٌ خارجٌ من العالم،
وفي أخلاقه كشيطان آتٍ من الهاوية.
«وَأَعْطَاهُ التِّنِّينُ قُدْرَتَهُ وَعَرْشَهُ وَسُلْطَانًا عَظِيمًا.» (رؤيا 13: 2).
καὶ ἔδωκεν αὐτῷ ὁ δράκων τὴν δύναμιν αὐτοῦ
καὶ τὸν θρόνον αὐτοῦ καὶ ἐξουσίαν μεγάλην
أَعطى الشيطان قُدرته لضد المسيح؛ ليعمل الآيات الكاذبة؛ فيُضِل العالم. والشيطان يريد أن يعمل في إنسان يتجسَّم فيه ويعطيه قوته وَسُلْطَانه، إنها عُقدَةُ الشيطان المُتَّألِّه: يريد أن يتشابه مع الله فِي فكرة التجسُّد في شكل الإنسان. وكيف أعطى الآب كُل سُلطانه للابن.
أرأيتم معنى قَوْل الشيطان للسيد المسيح في التجربة:
«لَكَ أُعْطِي هَذَا السُّلْطَانَ... لِأَنَّهُ إلَيَّ قَدْ دُفِعَ، وَأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أُرِيدُ» (متى 4: 6). فهذا عَرْشه؛ لأنه «رئيس هذا العالم» (يو 12: 31)،
«إله هذا الدهر» (2 كو 4: 4)، «رئيس سلطان الهواء» (أف 2: 2).
«وَرَأَيْتُ وَاحِدًا مِنْ رُؤُوسِهِ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ لِلْمَوْتِ، وَجُرْحُهُ الْمُمِيتُ قَدْ شُفِيَ. وَتَعَجَّبَتْ كُلُّ الأَرْضِ وَرَاءَ الْوَحْشِ» (رؤيا 13: 3).
هذه هي معجزة الوحش وضلالته الكبرى، يحاول أن يُمَثِّل المسيح المصلوب القائم. فقد قيل عن الرب أنه: «حمل قَائِم كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ» (رؤيا 5: 6)، ثم قام من الموت وتعجب العالم، وآمنوا بالقائم من الموت.
ضدُّ المسيح في تَألُّهِه وخِداعه صار «كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ لِلْمَوْتِ» ثم «جُرْحُهُ الْمُمِيتُ قَدْ شُفِيَ» (رؤيا 13: 3)
ὡς ἐσφαγμένην εἰς θάνατον
καὶ ἡ πληγὴ τοῦ θανάτου αὐτοῦ ἐθεραπεύθη.
تأكيدات: في (رؤيا 13) تَكرَّر موضوع الجُرح 3 مرات: جُرْحُهُ الْمُمِيتُ قَدْ شُفِيَ (رؤ 13: 3)، شُفِيَ جُرْحُهُ الْمُمِيتُ (رؤ 13: 12)، كَانَ بِهِ جُرْحُ السَّيْفِ وَعَاشَ (رؤ 13: 14)، وهذه تتشابه مع: كان ميتًا فعاش أي قام.
واضح أن ضد المسيح قد صنع معجزة؛ إذ قام من الموت محاولًا أن يُمثل السيد المسيح القائم من الأموات فكيف حدثت هذه المعجزة؟ يجيب مار بولس الرسول فيقول عن ضد المسيح «الذي مجيئه بعمل الشيطان» (2 تس 2: 9).
ربما يكون مَوتُه أكذوبةً فظهر ميتًا، وهو لم يمت حقًا، ثم ظهر قائمًا.
وربما يكون مات حقًا، ولبس الشيطان جسده «الذي مجيئه بعمل الشيطان» (2 تس 2: 9)، وتحرك كأنه قام من الموت، كما كان الشيطان يعمل في الأصنام، ولذلك قال المزمور:«كل آلهة الأُمم شياطين». وابْنُ العسال يقول: "جُرِح ضدُّ المسيح جُرحًا مميتًا في حروبه؛ للاستيلاء على ممالك العالم، ثُم شُفِي بمعجزة شيطانية.
سجد الناس للشيطان والوحش، كما نسجد نحن للآب والابن.
نعم ظهر ضد المسيح مُتخفيًا في مظهر السيد المسيح، وتم ما قاله الرب: «أَنَا قَدْ أَتَيْتُ بِاسْمِ أَبِي وَلَسْتُمْ تَقْبَلُونَنِي.»
«إنْ أَتَى آخَرُ بِاسْمِ نَفْسِهِ فَذلِكَ تَقْبَلُونَهُ.» (يوحنا 5: 43).
مشيرًا لضد المسيح. لكن أبناء الله الحقيقيين لا ينخدعون من حِيَلِه. أما الشعب غير المُستعد، فيرفضون الرَّاعِي الحقيقي ويقبلون الرَّاعِي الْبَاطِلِ (زكريا 11: 17). يقبلون الذئب الذي يرتدي ثياب الحُملان، ويقبلون مسيحًا كاذبَا يوافق أهواءهم وشرورهم.
«وَتَعَجَّبَتْ كُلُّ الأَرْضِ وَرَاءَ الْوَحْشِ» (رؤيا 13: 3).
Καὶ ἐθαυμάσθη ὅλη ἡ γῆ ὀπίσω τοῦ θηρίου
تعجبوا من قيامته، فكيف قام ضد المسيح؟! ربما جسدُه هنا تغير باعتبار أنه فيما بعد دخل إلى بحيرة النار حيًا.
الذين تعجبوا هنا هم الأشرار فقط «فَسَيَسْجُدُ لَهُ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ الَّذِي ذُبِحَ» (رؤيا 13: 8).
ويواكب هذه القصة (رؤيا 17) فيقول «الْوَحْشُ الَّذِي رَأَيْتَ، كَانَ وَلَيْسَ الْآنَ، وَهُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَصْعَدَ مِنَ الْهَاوِيَةِ وَيَمْضِيَ إلَى الْهَلَاكِ (فقد كان ومات)... مَعَ أَنَّهُ كَائِنٌ (موجود) فهو ثامن وهو من السبعة» (رؤيا 17: 8، 11) أي له رقم ضِمن السبعة ملوك، ولكنه مات وقام فأخذ رقمًا جديدًا (8)، ومتى أتى ينبغي أن يبقي قليلًا (ثلاث سنين ونصف) «وَيَمْضِيَ إلَى الْهَلاَكِ. وَسَيَتَعَجَّبُ السَّاكِنُونَ عَلَى الأَرْضِ، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، حِينَمَا يَرَوْنَ الْوَحْشَ أَنَّهُ كَانَ وَلَيْسَ الآنَ، مَعَ أَنَّهُ كَائِنٌ.» (رؤيا 17: 8).
«وَسَبْعَةُ مُلُوكٍ: خَمْسَةٌ سَقَطُوا، وَوَاحِدٌ مَوْجُودٌ، وَالآخَرُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ. وَمَتَى أَتَى يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى قَلِيلًا.» (رؤيا 17: 10) وعبارة «يَبْقَى قَلِيلًا تعني مدة الثلاث سنين ونصف والتي قال عنها الكتاب «وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرِ الرَّبُّ تِلْكَ الأَيَّامَ، لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ» (مرقس 13: 20).
«وَالْوَحْشُ الَّذِي كَانَ وَلَيْسَ الآنَ فَهُوَ ثَامِنٌ، وَهُوَ مِنَ السَّبْعَةِ، وَيَمْضِي إلَى الْهَلاَكِ.»
«وَالْعَشَرَةُ الْقُرُونِ الَّتِي رَأَيْتَ هِيَ عَشَرَةُ مُلُوكٍ لَمْ يَأْخُذُوا مُلْكًا بَعْدُ، لكِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ سُلْطَانَهُمْ كَمُلُوكٍ سَاعَةً وَاحِدَةً مَعَ الْوَحْشِ.» (رؤيا 17: 11-12)
«هؤُلاَءِ لَهُمْ رَأْيٌ وَاحِدٌ، وَيُعْطُونَ الْوَحْشَ قُدْرَتَهُمْ وَسُلْطَانَهُمْ.» (رؤيا 17: 13).
«وَسَجَدُوا لِلتِّنِّينِ الَّذِي أَعْطَى السُّلْطَانَ لِلْوَحْشِ، وَسَجَدُوا لِلْوَحْشِ قَائِلِينَ: مَنْ هُوَ مِثْلُ الْوَحْشِ؟ مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَارِبَهُ؟» (رؤيا 13: 4)
ضد المسيح (وهو أحد الملوك السبعة) استطاع أن يخدع الكثيرين بقوته، ويجعلهم ينبهروا به ويسَجدُوا، ويهتفوا له، كما سَجَدُوا لِلتِّنِّينِ أيضًا، وهتفوا لإثارة القديسين. فالوحشُ إنسانٌ مَلأَه الشيطان، له الرؤوس السَّبْعة، والقرون العشْرة المتوَّجة. يجمع قوةَ وشراسةَ (النمر، الدب، الأسد)، ويملِك قوة الشيطان، ويجلس على عرشه، وله سلطانه.
أما هتاف «من يستطيع أن يحاربه؟»، فَهِي مشاعر الناس في تَوَهُّمِهم، عندما يجتمع الشيطان والوحش والنبي الكذاب وملوك العالم، لقتال ذلك اليوم العظيم (رؤيا 16: 14).
نعم تركه الله يملك ثلاث سنين ونصف، بعدها تأتي تأديبات الله. وماذا يفعل الوحش أمام جزاء الله لمن يسجد للوحش؟! (رؤيا 14: 12-19) عندما يُسمع صوت المَلاَك الثَالِث قَائِلًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «إنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ، وَيَقْبَلُ سِمَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ، فَهُوَ أَيْضًا سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ اللهِ، الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ، وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ. (رؤيا 14: 9-10)
وماذا يفعل الوحش عندما يَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. وَلاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَارًا وَلَيْلًا لِلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ وَلِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ سِمَةَ اسْمِهِ»؟ (رؤيا 14: 11).
وماذا يفعل الوحش، عندما تنتهي القصة بأن يُقبض عليه مع النبي الكذاب، ويُطرحان حيَّيْن في بحيرة النار والكبريت؟ (رؤيا 19: 20).
«وَأُعْطِيَ فَمًا يَتَكَلَّمُ بِعَظَائِمَ وَتَجَادِيفَ... فَفَتَحَ فَمَهُ بِالتَّجْدِيفِ عَلَى اللهِ، لِيُجَدِّفَ عَلَى اسْمِهِ وَعَلَى مَسْكَنِهِ، وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِي السَّمَاءِ.» (رؤيا 13: 5-6)
يَتَكَلَّمُ بِعَظَائِمَ: (مزمور 11: 4) الرب يبيد الشفاه المتعظمة (مز 37: 17).
والتَّجْدِيفِ عَلَى اسْمِهِ: بالإلحاد القديم (إنكار الله) والجديد (رفض الله). وَعَلَى مَسْكَنِهِ: إنكار سلطة الكنيسة، وقداستها، وتدشينها. وإنكار الحياة الأبدية، عند شهود يهوه.
وَالتَّجْدِيفِ عَلَى السَّاكِنِينَ فِي السَّمَاءِ هو إنكار كرامة وشفاعة الملائكة والقديسين.
وضِدّ المسيح يستجلب سجود الناس بمعجزات خادعة. فبعدما سجدوا للتنين، أي الشيطان، سجدوا أيضًا للوحش. إنه تجديفٌ مزدوج: بالكلام في عدد 4 وبالعمل في عدد 5-6، وبالعمل في عدد 4. لذلك وَصَفَهُ القديس بولس الرسول قائلًا: «وَيُسْتَعْلَنْ إنْسَانُ الْخَطِيَّةِ، ابْنُ الْهَلاَكِ، الْمُقَاوِمُ وَالْمُرْتَفِعُ عَلَى كُلِّ مَا يُدْعَى إلهًا أَوْ مَعْبُودًا، حَتَّى إنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإلهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إلهٌ» (2 تس 2: 3-4).
«وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا أَنْ يَفْعَلَ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَهْرًا.» (رؤيا 13: 5).
مُدة عمل ضِدّ المسيح، اثْنَيْنِ وَأَرْبَعِينَ شَهْرًا، أي ثلاث سنين ونصف، وهي مدة مماثلة لخدمة الرب متجسدًا على الأرض، فهي أيضًا ضمن محاولة تَشبُّه ضِدّ المسيح بالمسيح الحقيقي.
«وَأُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَ حَرْبًا مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَيَغْلِبَهُمْ» (رؤيا 13: 7).
إن هذه الحَرْب، تُثبت أن الْقِدِّيسِين لم يخضعوا لضد المسيح بل قاوموه، وإنْ كان قد غَلَبَهُمْ غَلَبة مادية فكرية واقتصادية شكلية مؤقتة. كقُول دانيال النبي عنه: يرتفع ويتعاظم على كُل إله، ويتكلّم بأمُور عجيبة على إله الآلهة (دا 11: 36). لكن الْقِدِّيسِينَ يغلبُونه بإيمانهِم وثباتهِم، فأسماؤهُم مكتُوبة في سفر حياة الخرُوف الذي ذُبح.
«وَأُعْطِيَ سُلْطَانًا عَلَى كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَأُمَّةٍ. فَسَيَسْجُدُ لَهُ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ» (رؤيا 13: 8).
سَمَح الله لضِدّ المسيح أن يفرض نُفوذه على كل العالم، فالمبني للمجهول لا يعني أن الله أعطاه، بل سمح له بهذا السُلْطَانً. وعبارة «كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَأُمَّةٍ... جَمِيعُ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ»، تعني العالم كله. وسْجُودُ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ لَهُ يعني تألُّهَهُ، فجلس في هيكل الله كإله. لكننا نشكر الله؛ لأن الأمر لم ينتهِ عند هذا الحد، بل قال الوحي:
«الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً. مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ فِي سِفْرِ حَيَاةِ الْخَرُوفِ الَّذِي ذُبِحَ» (رؤيا 13: 8).
يقول الْقِدِّيسِ إمبروسيوس: [المسيح مصلوب مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ بالرمز، فهو مصلوب في ذبيحة هابيل (تكوين 4: 4)، كما هو مصلوب في ذبيحة إسحق (تكوين 22: 13)، وفي خروف الفصح (خروج 12: 37)، وفي الذبيحة الدائمة (خروج 29) والتي يذكرها داود النبي في مزاميره دائمًا. والمسيح حَمَلٌ في (إشعيا 53: 7)، (إرميا 11: 19). قال عنه المعمدان: هوذا حمل الله].(40)
وتألَم المسيح في أبنائه مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، وانتصر. ففي هابيل قُتل من أخيه، وفي نوح هُزء به من ابنه، وفي إبراهيم ذاق الغربة، وفي إسحق قُدم كذبيحة، وفي يعقوب صار خادمًا، وفي يوسف بيع عبدًا، وفي موسى طُرح في البحر، وفي الأنبياء ظهر متألمًا، وفي الرسل جال برًا وبحرًا، وفي الشُهداء قُتل مرارًا بأنواعٍ كثيرة. وماذا عنك يا أخي: هل يَرى فيك هُزءً وعارًا، ولكننا في النهاية نشكره لأنه يقوم منتصرًا.
«مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ!» (رؤيا 13: 9).
إن الله خلق لنا الأُذُن؛ لكي نسمع ونعمل بالكلمة، فنَتَنَبه ولا ننساق مع الأكثرين، فنسجد للوحش. ولا ننساق بكل روح تعليم.
«إنْ كَانَ أَحَدٌ يَجْمَعُ سَبْيًا، فَإلَى السَّبْيِ يَذْهَبُ».
وَإنْ كَانَ أَحَدٌ يَقْتُلُ بِالسَّيْفِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقْتَلَ بِالسَّيْفِ» (رؤيا 13: 10)
الجزاء من نوع العمل، فحتى ضد المسيح، الذي سَبَى العالم كله، إلا قِلةً نادرة، سيأتي السيد المسيح ويهزمه، وإلَى السَّبْيِ يَذْهَبُ، إلى جهنم النار الأبدية. وإبليس الذي منذ البدء كان قتالًا للناس، سيُقْتَلَ بِسَّيْفِ المسيح في مجيئه الثاني، موتًا أبديًا، في جهنم، النار التي لا تُطفأ ودودها لا يموت.
«هُنَا صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ وَإيمَانُهُمْ» (رؤيا 13: 10).
نعم في عصر ضد المسيح، والنبي الكذاب، حيث يُحَل الشيطان من سجنه، يُختبَر صَبْرُ الْقِدِّيسِينَ وَإيمَانُهُمْ. فاضطهادُ ثُلاثي الشر شَرِسٌ، ومن يقدر أن ينتصر عليه؟!، الأمر يحتاج إلى صَبْرٍ كامل. والآيات التي يعملها ضد المسيح خادعة، ومن له الإيمَانُ القوي الذي يغلب.
[فسيُخايل الناس بموته. ثُم يقوم بعد ثلاثة أيام زاعمًا، أنه قام من الأموات.](41)
← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.
صِفاته:
1. النبي الكذاب يعمل آيات كاذبة، فيُنزل نارًا من السماء ويعمل صورة (تمثال) لضد المسيح، ويجعلها تتكلم.
2. يعمل صورة ضد المسيح قائمًا من الموت
3. يقتل كل من لا يسجد لصورة الوحش
4. يجعل الناس يحملون سمة الوحش أو عدد اسمه على جباههم أو يمينهم.
تبدأ القصة بظهور النبي الكذاب:
«ثُمَّ رَأَيْتُ وَحْشًا آخَرَ طَالِعًا مِنَ الأَرْضِ» (رؤيا 13: 11)، وهو:
الوَحْش الأول زمنًا والثاني أهميةً (رؤيا 13: 11-18)، وهو:
الوَحْش الطَالِع مِنَ الأَرْضِ أي من الأرض اليهودية.
يقول القديس إيريناؤس أنه النبي الكذاب الذي يتقدم ضد المسيح، ويؤيده ابن العسال وترتليانوس وامبروسيوس.
ويَصِفه الرائي بأنه:
«وكان لَهُ قَرْنَانِ شِبْهُ خَرُوفٍ، وَكَانَ يَتَكَلَّمُ كَتِنِّينٍ» (رؤيا 13: 11)،
له صورة التقوى «شِبْهُ خَرُوفٍ» ولكنه ينكر قوتها «يَتَكَلَّمُ كَتِنِّينٍ».
مهما كان الوَحْش الأول الطَالِع مِنَ البحر (ضد المسيح) قويًا وجبارًا، فهذا الوَحْش الثاني الطَالِع مِنَ الأَرْضِ (النبي الكذاب) له أهميته وشرُّه.
لَهُ مظهر الحَمل، وفعل الأفعوان.
لَهُ مظهر المسيح، وحقيقة الشيطان.
لَهُ قَرْنَانِ كحمل، يتظاهر بالوداعة، ويعمل آيات خيالية. والقَرْنَانِ هما المكر، والقوة (السلطان)، أو هُما شخصان يخدمانه.
يتقدم الوحش الأول (رؤيا 13: 11) محاولًا أن يُقلد القديس يوحنا المعمدان الذي مهد للسيد المسيح (مع اعتذارنا للمعمدان) «وَيَعْمَلُ بِكُلِّ سُلْطَانِ الْوَحْشِ الأَوَّلِ أَمَامَهُ» (رؤيا 13: 12) مثلما كان يعمل المعمدان بقوة ربنا يسوع المسيح وأمامه؛ لأنه تقدَّم أمامه بستة أشهر «وَيَجْعَلُ الأَرْضَ وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ الأَوَّلِ الَّذِي شُفِيَ جُرْحُهُ الْمُمِيتُ» (رؤيا 13: 12)، كما كان المعمدان يشهد بين الشعب بالسيد المسيح، فآمن به كثيرون من أورشليم وكل اليهودية وجميع الكورة المحيطة بالأردن (مر 1: 5؛ لو 3: 3).
يَتَكَلَّمُ كَتِنِّينٍ: كما تكلمت الحية مع حواء. فالشيطان ينطق من خلالها.
أما أبناء الله فلا ينخدعون بالمظاهر، يعرفون صَوْتِ الرَّاعِي ويُميزونه «وَالْخِرَافُ تَتْبَعُهُ، لأَنَّهَا تَعْرِفُ صَوْتَهُ. وَأَمَّا الْغَرِيبُ فَلاَ تَتْبَعُهُ بَلْ تَهْرُبُ مِنْهُ، لأَنَّهَا لاَ تَعْرِفُ صَوْتَ الْغُرَبَاءِ» (يو 10: 4-5).
وهذا «يَتَكَلَّمُ كَتِنِّينٍ» «وَيَعْمَلُ بِكُلِّ سُلْطَانِ الْوَحْشِ الأَوَّلِ أَمَامَهُ، وَيَجْعَلُ الأَرْضَ وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ الأَوَّلِ الَّذِي شُفِيَ جُرْحُهُ الْمُمِيتُ» (رؤ 13: 12)، مثلما كان يعمل المعمدان بقوة ربنا يسوع المسيح وأمامه، ويكرز بالملكوت. فآمنوا به، ثم آمنوا بالفداء وسفك دمه على الصليب (جُرحه المميت) وقيامته من بين الأموات (شُفي جرحه المميت)
أما النبي الكذاب فيُضلِل الناس ليؤمنوا بأن "ضد المسيح" هو المسيح الحقيقي، فَضِد المسيح سيفعل صورة الأشياء التي فعلها المسيح له المجد، فسيُجرح جُرحًا مميتًا؛ لِيُضلل الناس بتطبيق نبوات العهد القديم التي تتنبأ عن سفْك دم المسيح على خشبة الصليب عليه، ثم يُشفَى هذا الجرح المميت بالقيامة، فتنطبق عليه نبوات العهد القديم عليه، وهكذا يضلل الناس ظانين أن ضد المسيح هو المسيح الحقيقي الذي تُنُبِئَ عنه في كتب الأنبياء، وهكذا يؤمِن به اليهود الذين لم يؤمنوا بتجسُّد الرب الحقيقي، كما يسقط تحت ضلالته الذين ينتظرون مُلك المسيح الألفي المادي على الأرض.
«يَصْنَعُ آيَاتٍ عَظِيمَةً، حَتَّى إنَّهُ يَجْعَلُ نَارًا تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الأَرْضِ قُدَّامَ النَّاسِ» (رؤيا 13: 13): وهذه مثل معجزة الشاهِدين في (رؤيا 11: 5)، وهي الضلالة الكبرى. الآن وقفَتِ ذبائح اليهود ومحرقاتهم؛ لأن الهيكل قد هُدم وتُعمَل محاولات لإعادة بناء الهيكل. فإذا بُنِيَ، سيُقدِّم اليهود محرقاتهم، منتظرين نزول نار من السماء لقبول الله للذبيحة. وينتظر المسيحيون عمومًا هذه اللحظة، بل يساعد الكثيرون على استعجالها، فهم يعرفون أن ذبائح ومحرقات العهد القديم كلها تمت في ذبيحة المسيح له المجد، وهيكل سليمان زال نهائيا. [وحتى لو نجح اليهود في وقتٍ ما في أن يبنوا بناءً يُسمونه الهيكل، فلن يكون هيكلَ الرب، ولن يحل فيه مجد الرب.](42) لذلك لن تَنزل نارٌ من السماء لقبول الذبيحة.
وحينئذ سيكتشف اليهودُ أن ذبائِحهمُ انتهت، والمسيا قد أتى، فيؤمنون جميعًا بالمسيح. ولعل هذا هو السبب الخفي والعقيدي الذي يجعل أمريكا تساعد اليهود لِيَصلوا إلى بناء الهيكل وتقديم الذبيحة، ظَنًّا أنهم بهذا، يَجذِبونهم إلى الإيمان بالمسيح الذي تجسد وصلب وقام، وربما يحدث هذا فعلًا. ولكن هناك احتمالٌ آخرُ ينبغي أن لا نتجاهلَه فنَكون مستعدين ولا نَضل، وفي تقديري إنه الأكثر احتمالًا.
«يَجْعَلُ نَارًا تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الأَرْضِ قُدَّامَ النَّاسِ»
يمكن أن تتوافقَ المواعيدُ، فيُواكِب بناءُ الهيكل اليهودي في أورشليم، ظهورَ ضد المسيح. وهذا يتفق مع كلمات الكتاب عن ضد المسيح: «أَنَّهُ يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلهٍ، مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلهٌ.» (2 تس 2: 4). وعند تقديم الذبيحة في الهيكل الجديد في عصر القنوات الفضائية، سيُتابع العالم كله هذه اللحظة لا سيما المسيحيون واليهود في العالم كله.
ماذا سيحدث؟
من جهة الإيمان المسيحي، فقد جاء المسيح له المجد، وبطلت الذبيحة اليهودية، وسوف لا تنزل نارٌ إلهية من السماء. ولكن ماذا يعمل الشيطان المُضِل، وأمامه لحظة رائعة «لِيُضِل العالمَ كله» (رؤيا 2: 9) «ولو أمكن المختارين أيضًا» (مت 24: 24)، فتَحدُث الضلالة العظمى، «وَيُضِلُّ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ بِالآيَاتِ الَّتِي أُعْطِيَ أَنْ يَصْنَعَهَا أَمَامَ الْوَحْشِ» (رؤيا 13: 14)، وهذا يقوله سفر الرؤيا عن المعجزة الشيطانية «وَيَصْنَعُ آيَاتٍ عَظِيمَةً، حَتَّى إنَّهُ يَجْعَلُ نَارًا تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ عَلَى الأَرْضِ (على الذبيحة) قُدَّامَ النَّاسِ» (رؤيا 13: 13). وهنا يتشكك المؤمنون في كل مكان، وقد رأوا بعيونهم نزول النار من السماء، والسماء هنا المقصود بها السماء الأولى أو الثانية مثلما يحدث في الشهُب والنيازك، لا سيما أن الشيطان «رئيس سلطان الهواء» (أفسس 2: 2). إذَن فلنحتَرِس من هذه الضلالة الشيطانية على يد ضد المسيح والنبي الكذاب، والتي وردت في (رؤيا 13: 13).
إنني أُسجل تعجُّبي الشديد، الذي ملأ قلبي وعقلي منذ الصبوة. كيف أن ضد المسيح سيُضل العالم كله، ولو أمكن المختارين، مع أن رب المجد قال بوضوح: «اُنظروا لا يضلكم أحد فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ» (متى 24: 5).
وظل تَعَجُبي عميقًا حتى اصطدمتُ بفكرتين تُمهدان لهذه النتيجة:
1. عقيدة المُلك الألفي الأرضي عند شهود يهوه والأدفنتست السبتيين وكثير من البروتستانت لا سيما الأخوة البلاميس، فتجعل المؤمنين بها ينتظرون مجيء المسيح على الأرض. فإذا جاء ضد المسيح وادَّعَى أنه المسيح الحقيقي، وعمل الآيات والعجائب آمَنوا به.
2. فكرة الضلالة العُظمَى التي شرحناها في الأسطر السابقة.
«قَائِلًا لِلسَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَصْنَعُوا صُورَةً لِلْوَحْشِ الَّذِي كَانَ بِهِ جُرْحُ السَّيْفِ وَعَاشَ» (رؤيا 13: 14)
وهنا يشهد النبي الكذاب لِضد المسيح ويُوَجِّه الناس لِعبادته، كما كان يوحنا المعمدان يشهد للسيد المسيح، ويَحُث الناس على الإيمان به. فالنبي الكذاب يأمر بعمل صورة لضد المسيح «الَّذِي كَانَ بِهِ جُرْحُ السَّيْفِ وَعَاشَ»، وهي تُقابل صورة المسيح المجروح سواء المكلل بالشوك والدم ينهمر من جبِينه، أو صورته مصلوبًا والدم ينزف من يديه وقدميه ورأسه وجنبه، مع صورة القيامة التي تعني كلمة «وعاش». فَضِد المسيح يُقلد رب المجد في كل شَيء. فلما رأى الشيطان تأثير الصور والأيقونات، وكيف تنقُل المعاني اللاهوتية للمؤمنين بطريقةٍ بسيطة تغوص لأعماقهم، جعل لضد المسيح صُوَرًا بنفس الهدف، ثُم
«أُعْطِيَ أَنْ يُعْطِيَ رُوحًا لِصُورَةِ الْوَحْشِ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ صُورَةُ الْوَحْشِ» (رؤ 13: 15)
ما معنى: يُعْطِيَ رُوحًا لِصُورَةِ الْوَحْشِ؟
قلَّد الشيطان فكرة الأيقونات المُدشنة. الكنيسة تُدشن أيقونة الصلبوت والقيامة بزيتِ الميرون، فيَحِل الروح القدس عليها، ولذلك نسجد لله أمامها، هكذا الشيطان قاد ضدَ المسيح لتُعمَل له صورة، فيحل الشيطان كروحٍ فيها، فيتكلم الشيطان من خلالها. وسواء كانت صورة الوحش هذه صورةً أو تمثالًا، فالموضوع واحد. فقد كان الشيطان منذ البدء يعمل بنفس الطريقة.
نتساءل كثيرًا كيف قدماء المصريين الفلاسفة العلماء عَبَدوا الأصنامَ؟! وقد برعوا في علوم الكيمياء والتحنيط والهندسة وغيرها؟ كيف اعتقدوا في هذه التماثيل الصماء البكماء أنها آلهة خَلقت الأشياء، وعملت ما لا يقدر البشر عمله؟ أين فهمهم وذكاؤهم؟!
والإجابة بسيطة، لقد أضلَّهم الشيطان، فدخل في التماثيل وجعلها تتكلم. فالشيطان منذ البدء يحاول أن يتألَّه، وقد رثاه إشَعْيَا النبي قائلًا: «كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ، بِنْتَ الصُّبْحِ؟ كَيْفَ قُطِعْتَ إِلَى الأَرْضِ يَا قَاهِرَ الأُمَمِ؟ وَأَنْتَ قُلْتَ فِي قَلْبِكَ: أَصْعَدُ إِلَى السَّمَاوَاتِ. أَرْفَعُ كُرْسِيِّي فَوْقَ كَوَاكِبِ اللهِ... أَصِيرُ مِثْلَ الْعَلِيِّ. لكِنَّكَ انْحَدَرْتَ إِلَى الْهَاوِيَةِ، إِلَى أَسَافِلِ الْجُبِّ.» (إش 14: 12-14). ولما فشل الشيطان أن يصير إلهًا، حاول أن يتأله بطرقٍ خفية. فدخل الأصنام، وقاد الناس إلى عبادتها والسجود لها فيسجدون له بطريقةٍ غير مباشرة. كان التألُّه عُقدتَه العميقة. ظَهرت في لقائه بالسيد المسيح على الجبل العالي؛ إذ «أراه جميع ممالك العالم ومجدها وقال له: أُعْطِيكَ هذِهِ جَمِيعَهَا إنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي» (متى 4 :8-9). فإبليس مستعد أن يعطي كل شيء في سبيل أن تُحَل عُقدة تألُّهِه. وقد أشار داود النبي إلى هذه «لأن كل آلهة الشعوب أصنام» (مزمور 96: 5)، والترجمة القبطية «لأن كل آلهة الأمم شياطين» (مز 95 صلاة الساعة التاسعة). فالشياطين تختفي داخل الأصنام وتُحركها وتجعلها تتكلم، كما حدث مع صُورَةِ الْوَحْشِ في سفر الرؤيا، وهذا ما جعل قدماء المصريين الأذكياء والعلماء ينخدعون ويقدمون عبادتهم للشياطين في شكل الأصنام، وهذا ما سيتكرر مستقبلًا.
«يُعْطِيَ رُوحًا لِصُورَةِ الْوَحْشِ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ صُورَةُ الْوَحْشِ وَيَجْعَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ لاَ يَسْجُدُونَ لِصُورَةِ الْوَحْش يُقْتَلُونَ» (رؤيا 13: 15).
وهكذا يختفي المؤمنون والإيمان المستقيم من الأرض، ويتم الكتاب: «متى جاء ابن الإنسان ألعله يجد الإيمان على الأرض» (لوقا 18: 8) لأنه «يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا» (متى 24: 24؛ مرقس 13: 22) أما الباقون دون ضلال يُقتلون: «وَيَجْعَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ لاَ يَسْجُدُونَ لِصُورَةِ الْوَحْش يُقتلون».
«وَيَجْعَلَ الْجَمِيعَ الصِّغَارَ وَالْكِبَار، وَالأَغْنِيَاءَ وَالْفُقَرَاء وَالأَحْرَارَ وَالْعَبِيد،
تُصْنَعُ لَهُمْ سِمَةٌ عَلَى يَدِهِمِ الْيُمْنَى أَوْ عَلَى جِبْهَتِهِمْ» (رؤ 13: 16) تُقابل هذه السِّمة تلك التي نصنعها على يَدِنا اليمنى، وهي رسم الصليب. وكان الأقباط قديمًا يرسمون الصليب على جبهتهم أيضًا.
وهنا محاولة تَشَبُّه ضد المسيح بالمسيح الحقيقي. كما يوجد المعنى الرمزي، فسِمة الوحش عَلَى يَدِهِمِ الْيُمْنَى تعني أن الناس يعملون لحساب الوحش، وعَلَى جِبْهَتِهِمْ لأنهم يُخضِعون فِكرهم لأفكار الوحش.
«وَأَنْ لاَ يَقْدِرَ أَحَدٌ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَبِيعَ، إلاَّ مَنْ لَهُ السِّمَةُ أَوِ اسْمُ الْوَحْشِ أَوْ عَدَدُ اسْمِهِ» (رؤيا 13: 17)
هذه ثلاثة مترادفات، فالسِّمَةُ هي الوشم برقم 666 الذي يضعه أتباع الوحش على يمينهم أو جبهتهم. واسْمُ الْوَحْشِ، فعَدَدُ اسْمِهِ مجموع الأعداد التي تدل عليها حروف اسمه. فإذا ظهر ضد المسيح وأضل العالم، نستطيع أن نتحقق منه أنه هو المقصود؟ ولكن عبثًا يحاول من يظن أن يستنتج الاسم من الرقم؛ لأن هناك أسماء كثيرة يمكن تكوينها من هذا الرقم.
والقديس إمبروسيوس يقول [إذا كان حمل الصليب هو سِمة تبعيتنا لله، فرقم 666 سمة الوحش]. ويُضيف إكليمندس أن [ضد المسيح يهودي من سبط دان، مولود في كورزين، ويحيا في بيت صيدا، ويملك في كفر ناحوم، ويجلس على العرش في أورشليم]. بينما المسيح الحقيقي يُرمز له برقم 888.
وقد ظن الكثيرون أن ضد المسيح شخصية معنوية هي الكمبيوتر، باعتبار أن العالم اليوم ماضٍ في اتجاه الشراء والبيع، بل والحصول على المرتب الشهري، ودفع الأقساط المطلوبة من خلال الكارت البنكي، وبدونه لا يستطيع أحد أن يشتري ويبيع في أي بقعة في العالم. ولكن هل يُمسي التقدم العلمي الذي يُوَسِّع إمكانيات الإنسان ضدًا للمسيح؟ لا. فالمسيحية ليست ضدَّ العلم ولا التقدم التكنولوجي. إن هذا إحدى بركات العقل الإنساني، هِبة الله الصالحة للإنسان. فالكمبيوتر لن يكون شرًا في حد ذاته. نعم يمكن للأشرار أن يُحولوا الخير شرًا، ولكن يبقى شرًّا لهم باستخداماتهم الخاطئة الشريرة، هذا فضلًا عن أن ضد المسيح ليس اختراعًا، بل هو إنسان. قال عنه سفر الرؤيا:
![]() |
«هُنَا الْحِكْمَةُ! مَنْ لَهُ فَهْمٌ فَلْيَحْسُبْ عَدَدَ الْوَحْشِ، فَإنَّهُ عَدَدُ إنْسَانٍ، وَعَدَدُهُ: سِتُّمِئَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ» (رؤيا 13: 18).
عندما يُسمع صوت المَلاَك الثَالِث قَائِلًا بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «إنْ كَانَ أَحَدٌ يَسْجُدُ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ، وَيَقْبَلُ سِمَتَهُ عَلَى جَبْهَتِهِ أَوْ عَلَى يَدِهِ، فَهُوَ أَيْضًا سَيَشْرَبُ مِنْ خَمْرِ غَضَبِ اللهِ، الْمَصْبُوبِ صِرْفًا فِي كَأْسِ غَضَبِهِ، وَيُعَذَّبُ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ أَمَامَ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ. وَيَصْعَدُ دُخَانُ عَذَابِهِمْ إلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. وَلاَ تَكُونُ رَاحَةٌ نَهَارًا وَلَيْلًا لِلَّذِينَ يَسْجُدُونَ لِلْوَحْشِ وَلِصُورَتِهِ وَلِكُلِّ مَنْ يَقْبَلُ سِمَةَ اسْمِهِ» (رؤيا 14: 9-11)
وعندما تنتهي القصة بأن يُقبَض عليه والنبي الكذاب، ويُطرحان حَيَّيْن في بحيرة النار والكبريت. ماذا يفعل الوحش؟! (رؤيا 19: 20).
1. كانت خدمة السيد المسيح الكهنوتية ثلاث سنوات ونصف، لذلك ضد المسيح سيبدأ عمله لمدة ثلاث سنوات ونصف قُبيل المجيء الثاني.
2. جاء يوحنا المعمدان نبي ما بين العهدين يمهد الطريق أمام السيد المسيح، ويأتي النبي الكذاب، الوحش الثاني، وَيَجْعَلُ الأَرْضَ وَالسَّاكِنِينَ فِيهَا يَسْجُدُونَ (رؤ 13: 12) على نحو ما كان المعمدان يقود الناس للإيمان.
3. النبي الكذاب يعمل بكل سلطان ضد المسيح وأمامه، ويجعل الأرض والساكنين فيها يسجدون للوحش الأول الذي شُفى جرحه المميت، وهكذا المعمدان كان يعمل بسلطانٍ أعطاه له المسيح له المجد، فجعل الأرض والساكنين فيها يسجدون للمسيح بكرازته وخدمته
4. ضد المسيح يصنع آيات عظيمة ويُضل الساكنين على الأرض بالآيات التي عملها «وَتَعَجَّبَتْ كُلُّ الأَرْضِ وَرَاءَ الْوَحْشِ» (رؤ 13: 3) وَسَجَدُوا لِلْوَحْشِ قَائِلِينَ «مَنْ هُوَ مِثْلُ الْوَحْشِ؟ مَنْ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُحَارِبَهُ؟»، هكذا السيد المسيح تبين لنا بآيات وعجائب كثيره، فآمن به كل من رآه.
5. قيل عن ضد المسيح «فَسَيَسْجُدُ لَهُ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ» (رؤ 13: 8)، وقيل عن المسيح «لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ» (فيلبي 2: 10).
6. المسيح له أورشليم مدينة الملك العظيم، وضد المسيح له بابل أم الزواني. وكما أن الكنيسة عروس المسيح (عروس الخروف) مدينة مهيئة كعروسٍ مزينة لعريسها، هكذا ضد المسيح له الزانية أم الزواني المزينة بِبَزّ وَأُرْجُوانٍ.
7. ضد المسيح في (رؤيا 13: 3) وُصِف «كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ لِلْمَوْتِ، وَجُرْحُهُ الْمُمِيتُ قَدْ شُفِيَ.» وهذا تشابه مع ذبْح السيد المسيح على الصليب وموته، ثم قيامته التي معناها أن جُرحه المميت قد شُفِيَ.
8. عُمِلَت صورة لضد المسيح «الَّذِي كَانَ بِهِ جُرْحُ السَّيْفِ وَعَاشَ»، المسيح له صورة "الصلب" أي الجرح المميت، وصورة القيامة صورة "وعاش" أو قام.
9. «وَأُعْطِيَ أَنْ يُعْطِيَ رُوحًا لِصُورَةِ الْوَحْشِ، حَتَّى تَتَكَلَّمَ صُورَةُ الْوَحْشِ، وَيَجْعَلَ جَمِيعَ الَّذِينَ لاَ يَسْجُدُونَ لِصُورَةِ الْوَحْشِ يُقْتَلُونَ.»، وصورة المسيح مُدشنة بالروح القدس، ونحن نسجد أمامها باعتبارها أيقونة مُدشنة.
10. ضد المسيح له علامة هي رقم 666 (النقص الكامل)، يضعها أتباعه على أيديهم اليمنى ويَحل حياتهم، والمسيح له علامة الصليب (الحب الكامل) يضعها أتباعه على أيديهم اليمنى.
_____
(*) محاضرة للمؤلف أمام أساتذة الكتاب المقدس واللاهوت في الكليات اللاهوتية في الشرق الأوسط (برو- أورينتا).
(34)نص المُحاضرة للقمص يوحنا فايز.
(35)السنكسار تحت يوم 7 أمشير الموافق 14-15 فبراير.
(36)محاضرة مُسجَّلة للمؤلف.
(37)ومحاولة التأله عند الإنسان (حزقيال 28: 1-10) وعند الشيطان (حزقيال 28: 11-19).
(40)يوسف الحلبي الماروني، القس، العنوان العجيب في رؤيا الحبيب، بيروت 1870 م، ص 371.
(41)يوسف الحلبي الماروني، القس، العنوان العجيب في رؤيا الحبيب، بيروت 1870 م، ص 371.
(42)الأنبا غريغوريوس.
← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الرؤيا 14![]() |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص يوحنا فايز زخاري |
تفسير الرؤيا 12![]() |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-youhanna-fayez/apocalypse/chapter-13.html
تقصير الرابط:
tak.la/b9rjv8b