St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   fr-youhanna-fayez  >   apocalypse
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   fr-youhanna-fayez  >   apocalypse

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص يوحنا فايز زخاري

الرؤيا 7 - تفسير سفر الرؤيا

 

محتويات:
(إظهار/إخفاء)

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الإصحاح السابع

فتح الختوم السبعة

 

الغفران بين سِرَّيِّ الاعتراف والقُرْبان

المسيح مُنقِذنا من الهلاك (رؤيا 7-9)

 

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

نص الأصحاح:

الإصحاح السَّابِعُ

فتح الختوم السبعة

رؤيا 6-8

1 وَبَعْدَ هَذَا رَأَيْتُ أَرْبَعَةَ مَلاَئِكَةٍ وَاقِفِينَ عَلَى أَرْبَعِ زَوَايَا الأَرْضِ

مُمْسِكينَ أَرْبَعَ رِيَاحِ الأَرْضِ

لِكَيْ لاَ تَهُبَّ رِيحٌ عَلَى الأَرْضِ وَلاَ عَلَى الْبَحْرِ وَلاَ عَلَى شَجَرَةٍ مَا.

2وَرَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ طَالِعًا مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ مَعَهُ خَتْمُ اللهِ الْحَيِّ فَنَادَى بِصَوْتٍ عَظِيمٍ إِلَى الْمَلاَئِكَةِ الأَرْبَعَةِ الَّذِينَ أُعْطُوا أَنْ يَضُرُّوا الأَرْضَ وَالْبَحْرَ

3قَائِلًا لاَ تَضُرُّوا الأَرْضَ وَلاَ الْبَحْرَ وَلاَ الأَشْجَارَ،

حَتَّى نَخْتِمَ عَبِيدَ إِلَهِنَا عَلَى جِبَاهِهِمْ.

4 وَسَمِعْتُ عَدَدَ الْمَخْتُومِينَ مِئَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا،

مَخْتُومِينَ مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

5 مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ، مِنْ سِبْطِ رأُوبِينَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ.

مِنْ سِبْطِ جَادَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ، مِنْ سِبْطِ أَشِير اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ.

مِنْ سِبْطِ نَفْتَالِي اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ، مِنْ سِبْطِ مَنَسى اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ.

من سِبْطِ شَمْعُونَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ، مِنْ سِبْطِ لاَوِي اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ.

مِنْ سِبْطِ يَسَّاكَرَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ، مِنْ سِبْطِ زَبُولُونَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مخْتُومٍ.

مِنْ سِبْطِ يُوسُف اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ، مِنْ سِبْطِ بِنْيَامِينَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ.

 

9 بَعْدَ هَذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ،

مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ

وَأَمَامَ الْحَمَلِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ

10وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ

الْخَلاَصُ لِإِلَهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْحَمَلِ

11وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالشُّيُوخِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ،

وَخَرُّوا أَمَامَ الْعَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لِلَّهِ

12قَائِلِينَ: «آمِينَ! الْبَرَكَةُ1 وَالْمَجْدُ2 وَالْحِكْمَةُ3 والشُّكْرُ4 وَالْكَرَامَةُ5

وَالْقُدْرَةُ6 وَالْقُوَّةُ7 لإِلَهِنَا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ»

13وَسَأَلَنِي وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ

«هَؤُلاَءِ الْمُتَسَرْبِلُونَ بِالثِّيَابِ الْبِيضِ، مَنْ هُمْ وَمِنْ أَيْنَ أَتُوا؟»

14فَقُلْتُ لَهُ: «يَا سَيِّدُ أَنْتَ تَعْلَمُ». فَقَالَ لِي «هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتُوا مِنَ

الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوهَا فِي دَمِ الْحَمَلِ.

15مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ اللهِ وَيَخْدِمُونَهُ نَهَارًا وَلَيْلًا فِي هَيْكَلِهِ،

وَالْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ 16لَنْ يَجُوعُوا بَعْدُ وَلَنْ يَعْطَشُوا بَعْدُ

وَلاَ تَقَعُ عَلَيْهِمِ الشَّمْسُ وَلاَ شَيْءٌ مِنَ الْحَرِّ،

17 لأَنَّ الْحَمَلَ الَّذِي فِي وَسَطِ الْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ

وَيَقْتَادُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءٍ حَيَّةٍ

وَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ» (رؤيا 7)

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مقدمة

في هذا الإصحاح نقرأ:

عبيد مختومين بختم الله الحي هم البقية التقية من شعب الله

خارجون من الضيقة العظيمة، هم 144 ألفًا من كل سبط.

 

رؤيتان:

1- بعد هذا رأيت (رؤ 7: 1-8) على الأرض.

2- بعد هذا نظرت (رؤ 7: 9-17) أمام عرش الله.

 

خاصة بالمسيحيين من الأمم

"مِنْ كُلِّ الْأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالْأَلْسِنَةِ" (رؤ 7: 9)

عددهم غير محدود

"جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ" (رؤ 7: 9)

"وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ" (رؤ 7: 9)

"هُمْ أَمَامَ عَرْشِ اللهِ، وَيَخْدِمُونَهُ نَهَارًا وَلَيْلًا فِي هَيْكَلِهِ وَالْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ" (رؤ 7: 15)

 

 

 

خرجت في أواخر الضيقة العظيمة إلى عرش الله لكي لا تحضر يوم الغضب.

خدام الله يخدمونه في هيكله (رؤ 7: 15)

  • "مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ" (رؤ 7: 9)

  • مترنمين بالخلاص (رؤ 7: 10)

  • الجالس على العرش يحل فوقهم

  • "لَنْ يَجُوعُوا بَعْدُ، وَلَنْ يَعْطَشُوا بَعْدُ، وَلَا تَقَعُ عَلَيْهِمِ الشَّمْسُ وَلَا شَيْءٌ مِنَ الْحَرِّ.. ويَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ" (رؤ 7: 16-17)

1. خاصة بشعب الله

"مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ" (رؤيا 7: 4)

2. عددهم محدود 144000 "مِئَة وَأَرْبَعَة وَأَرْبَعونَ أَلْفًا (رؤيا 7: 4)

3. مختومون (رؤ 7: 3) يفسره (رؤ 14: 1) فالملاك الطالع من مشرق الشمس أَمَرَ الأَرْبَعَةَ مَلَائِكَةٍ الوَاقِفِينَ عَلَى أَرْبَعِ زَوَايَا الْأَرْضِ، مُمْسِكِينَ أَرْبَعَ رِيَاحِ الْأَرْضِ لِكَيْ لَا تَهُبَّ رِيحٌ... فلَا يَضُرُّوا الْأَرْضَ.. حَتَّى نَخْتِمَ (رؤ 7: 1-3)

4. استمرت الضيقة العظيمة أثناء الختم الخامس لتدخل في يوم الرب إلى العذاب.

5. عبيد الله (رؤ 7: 3)

 

 

 

 

 

6. يتعرضون للجوع والعطش والشمس والحر

 

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الرؤيا الأولى

Μετὰ τοῦτο εἶδον τέσσαρας ἀγγέλους

بَعْدَ رَأَيْتُ هَذَا أَرْبَعَة مَلاَئِكَةٍ

"بَعْدَ هَذَا رَأَيْتُ" (رؤ 7: 1-8)

تكررت كلمة "رأيت أو نظرت" سبع مرات فيبدأ القديس يوحنا حديثه:

1. كُنْتُ فِي الرُّوحِ فِي يَوْمِ الرَّبِّ، وَسَمِعْتُ وَرَائِي صَوْتًا... قَائِلًا... الَّذِي تَرَاهُ، اكْتُبْ.. فَالْتَفَتُّ لِأَنْظُرَ.. وَلَمَّا الْتَفَتُّ رَأَيْتُ سَبْعَ مَنَايِرَ (رؤ 1: 10-12)

2. بَعْدَ هَذَا نَظَرْتُ وَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ فِي السَّمَاءِ (رؤ 1: 4)

3. بَعْدَ هَذَا رَأَيْت أَرْبَعَةَ مَلَائِكَةٍ وَاقِفِينَ عَلَى أَرْبَعِ زَوَايَا الْأَرْضِ (رؤ 7: 1)

4. بَعْدَ هَذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ (رؤ 7: 9)

5. بَعْدَ هَذَا نَظَرْتُ وَإِذَا قَدِ انْفَتَحَ هَيْكَلُ خَيْمَةِ الشَّهَادَةِ فِي السَّمَاءِ (رؤ 15: 5)

6. بَعْدَ هَذَا رَأَيت مَلَاكًا آخَرَ نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ (رؤ 18: 1)

7. ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً (رؤ 21: 1)

ولعل هذه السباعية تُقَدِّم لنا سِفْر الرؤيا كمناظر متتابعة تُقدِّم أحداثًا متتابعة زمنيًا حينًا، ومتتابعة فكرًا حينًا آخر.

فحينما تذكر الرؤيا اسم الشيطان مثلًا تحكي قصته من البداءة، فتكون قصة سقوط الشيطان ليست في موضعها زمنيًا بل في موضعها فكرًا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الملائكة الأربعة

"رَأَيْتُ أَرْبَعَةَ مَلَائِكَةٍ وَاقِفِينَ عَلَى أَرْبَعِ زَوَايَا الْأَرْضِ، مُمْسِكِينَ أَرْبَعَ رِيَاحِ الْأَرْض" (رؤ 7: 1)

"رَأَيْتُ أَرْبَعَةَ مَلَائِكَةٍ

هناك أربع مجموعات كل واحدة مكونة من "أربعة ملائكة" وهي:

1. "الأربعة الكائنات الحية" أسمى درجة من الملائكة، مرتبطة بالعرش الإلهي أي بالله، "وَفِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةُ حَيَوَانَاتٍ مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا مِنْ قُدَّامٍ وَمِنْ وَرَاءٍ... لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ حَوْلَهَا، وَمِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا، وَلَا تَزَالُ نَهَارًا وَلَيْلًا قَائِلَةً: «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ»" (رؤ 1: 6-8)

وهذه الكائنات الحية هي أعلى رتبة ملائكية أو أعلى طغمة سمائية، ومكانها "فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَحَوْلَ الْعَرْشِ"، أي تُمَثِّل العرش نفسه فهي طغمة كروبيمية تمثل العرش أي "مكان" لذلك رُمِزَ لها برقم أربعة الذي يعني كمال المكان "من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب".

و"لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ" أي ثلاثة أزواج، وهذا هو كمال السمو والارتفاع اللائق بعرش الله، ومملوءة عيونًا من قدام ومن وراء بل أجنحتها أيضًا "مِنْ دَاخِلٍ مَمْلُوَّةٌ عُيُونًا"، وهذا هو كمال المعرفة اللائقة بالعرش الكاروبيمي، "وَلَا تَزَالُ نَهَارًا وَلَيْلًا قَائِلَةً: قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ" وهو تسبيح دائم يليق بأقرب طغمة ملائكية من الله. (رؤيا 4: 6-8)

 

2. الأربعة الملائكة بين الله والإنسان

خدام الله لضبط الأرض وما فيها.

"وَبَعْدَ هَذَا رَأَيْتُ أَرْبَعَةَ مَلَائِكَةٍ وَاقِفِينَ عَلَى أَرْبَعِ زَوَايَا الْأَرْضِ، مُمْسِكِينَ أَرْبَعَ رِيَاحِ الْأَرْضِ لِكَيْ لَا تَهُبَّ رِيحٌ عَلَى الْأَرْضِ، وَلَا عَلَى الْبَحْرِ، وَلَا عَلَى شَجَرَةٍ مَا" (رؤ 7: 1)

فقد رأى مار يوحنا أربعة ملائكة وقد أرسلهم الرب إلى أرضنا ليحفظوها من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب. فهو يهتم بنا حتى لا تهب ريح على الأرض فتطفئ سُرُجَنا المنيرة ولتحفظ الطبيعة المتمردة على الإنسان بسبب خطيته.

ماهي أربع رياح الأرض؟ هل هي مجرد حركة الهواء؟ أم هي قوات روحانية تضبطها الملائكة الأربعة؟

يقول عنها الكتاب المقدس: "الصَّانِعُ مَلَائِكَتَهُ رِيَاحًا" (مز 104: 1)

 

3. أَرْبَعَةُ قُرُونِ مَذْبَحِ الذَّهَبِ.

أربعة ملائكة من نَوعٍ سَامٍ.

"ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلَاكُ السَّادِسُ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا وَاحِدًا مِنْ أَرْبَعَةِ قُرُونِ مَذْبَحِ الذَّهَبِ الَّذِي أَمَامَ اللهِ، قَائِلًا لِلْمَلَاكِ السَّادِسِ الَّذِي مَعَهُ الْبُوقُ: «فُكَّ الْأَرْبَعَةَ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَيَّدِينَ...» فَانْفَكَّ الْأَرْبَعَةُ الْمَلَائِكَةُ." (رؤ 9: 13-15)

لتلاحظ هنا "صَوْتًا مِنْ أَرْبَعَةِ قُرُونِ مَذْبَحِ الذَّهَبِ". فهذه القرون الأربعة هي كائنات روحانية لها صوت يأمر الملاك السادس الذي معه البوق فيطيع "فُكَّ... فَانْفَكَّ".

إذن "أَرْبَعَةُ قُرُونِ مَذْبَحِ الذَّهَبِ" ملائكة أعلى رتبة من ملائكة الأبواق.

 

4. الْأَرْبَعَةُ الْمَلَائِكَةُ المُرسلون للانتقام

فَسَمِعْتُ صَوْتًا.. قَائِلًا لِلْمَلَاكِ السَّادِسِ الَّذِي مَعَهُ الْبُوقُ:

«فُكَّ الْأَرْبَعَةَ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَيَّدِينَ عِنْدَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ الْفُرَاتِ

»فَانْفَكَّ الْأَرْبَعَةُ الْمَلَائِكَةُ الْمُعَدُّونَ لِلسَّاعَةِ وَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ، لِكَيْ يَقْتُلُوا ثُلْثَ النَّاسِ (رؤ 9: 14-15)

وهؤلاء الملائكة الأربعة يستخدمون جيوش وفرسان عددها مِئَتَا أَلْفِ أَلْفٍ (مئتا مليون)، سُلْطَانُهَا هُوَ فِي أَفْوَاهِهَا وَفِي أَذْنَابِهَا، فمنها تخرج النَّارُ وَالدُّخَانُ وَالْكِبْرِيتُ." (رؤ 9: 16-19)

 

ضابط الكل

"وَاقِفِينَ عَلَى أَرْبَعِ زَوَايَا الْأَرْضِ،

مُمْسِكِينَ أَرْبَعَ رِيَاحِ الْأَرْضِ." (رؤ 7: 1)

ἑστῶτας ἐπὶ τὰς τέσσαρας γωνίας τῆς γῆς,

وَاقِفِينَ أَرْضِ الـ زَوَايَا أَرْبَعِ الـ عَلَى

κρατοῦντας τοὺς τέσσαρας ἀνέμους τῆς γῆς

أَرْضِ الـ رِيَاح أَرْبَعِ الـ مُمْسِكينَ

"أَرْبَعُ زَوَايَا الْأَرْضِ" في (رؤ 7: 1؛ رؤ 8: 7-8) هي "أَرْبَعَةُ أَطْرَافِ الْأَرْضِ"

في (إش 11: 12) وهي "زَوَايَا الْأَرْضِ الْأَرْبَعِ" في (حز 7: 2) و"أَرْبَعَةُ أَطْرَافِ السَّمَاءِ" في (إر 49: 36).

وهي الجهات الأصلية الأربعة: الشمال والجنوب والشرق والغرب.

و"أَرْبَعُ رِيَاحِ الْأَرْضِ" في (رؤ 7: 1) هي "أَرْبَعُ رِيَاحِ السَّمَاءِ" في (دا 7: 2)، و"رِيَاحُ السَّمَاءِ الْأَرْبَعِ" في (دانيال 8: 8؛ 11: 4).

ولذلك ففي القيامة العامة الله "يُرْسِلُ مَلَائِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الْأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا." (متى 24: 31).

ἵνα μὴ πνέῃ ἄνεμος لِكَيْ لاَ تَهُبَّ رِيحٌ

ἐπὶ τῆς γῆς عَلَى الأَرْضِ

μήτε وَلاَ ἐπὶ τῆς θαλάσσης الْبَحْرِ عَلَى μήτε وَلا ἐπὶ πᾶν δένδρον (رؤيا 7: 1) عَلَى شَجَرَةٍ مَا

هذه الآية تشير إلى البوقين الأول والثاني معًا (رؤيا 8: 7-8).

وقد تكررت كلمة "الْأَرْضِ" 76 مرة في سِفْر الرؤيا، منها في هذا الإصحاح "أَرْبَعِ زَوَايَا الْأَرْضِ... أَرْبَعَ رِيَاحِ الْأَرْضِ، لِكَيْ لَا تَهُبَّ رِيحٌ عَلَى الْأَرْضِ،... إِلَى الْمَلَائِكَةِ الْأَرْبَعَةِ، الَّذِينَ أُعْطُوا أَنْ يَضُرُّوا الْأَرْضَ... لَا تَضُرُّوا الْأَرْضَ" (رؤ 7: 1-3).

"لِكَيْ لَا تَهُبَّ رِيحٌ عَلَى الْأَرْضِ"

لكي لا تقوم حروب كاسحة، يقول إرميا النبي "هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَأَنَذَا أُوقِظُ عَلَى بَابِلَ وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِي وَسْطِ الْقَائِمِينَ عَلَيَّ رِيحًا مُهْلِكَةً." (إر 51: 1-2)

"وَلَا عَلَى الْبَحْرِ، وَلَا عَلَى شَجَرَةٍ مَا" (رؤ 7: 1)

أحدثَ اللهُ انضباطًا بواسطة ملائكته الأربعة، لأن ساعة مجيئه لم تأتِ بعد. فإذا هبَّت هذه الريح على الأرض والبحر والشجر تكون علامة مباشرة قبل المجيء الثاني.

يقول القديس لوقا: "وَتَكُونُ عَلَامَاتٌ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ، وَعَلَى الْأَرْضِ... اَلْبَحْرُ وَالْأَمْوَاجُ تَضِجُّ، وَالنَّاسُ يُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنْ خَوْفٍ وَانْتِظَارِ مَا يَأْتِي عَلَى الْمَسْكُونَةِ، لِأَنَّ قُوَّاتِ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الْإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابَةٍ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ" (لو 21: 25-27).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

المسيح له المجد ملاك العهد

"وَرَأَيْتُ مَلَاكًا آخَرَ" (رؤ 7: 2) Καὶ εἶδον ἄλλον ἄγγελον

"وَرَأَيْتُ مَلَاكًا آخَرَ طَالِعًا مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ" (رؤ 7: 2)

"وَجَاءَ مَلَاكٌ آخَرُ وَوَقَفَ عِنْدَ الْمَذْبَحِ، وَمَعَهُ مِبْخَرَةٌ..." (رؤ 8: 3)

"رَأَيْتُ مَلَاكًا آخَرَ قَوِيًّا نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ، مُتَسَرْبِلًا بِسَحَابَةٍ" (رؤ 10: 1)

"رَأَيْتُ مَلَاكًا آخَرَ طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ" (رؤ 14: 6)

"تَبِعَهُ مَلَاكٌ آخَرُ قَائِلًا: سَقَطَتْ! سَقَطَتْ بَابِلُ" (رؤ 14: 8)

"خَرَجَ مَلَاكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ، يَصْرُخُ...أَرْسِلْ مِنْجَلَكَ" (رؤ 14: 15)

"خَرَجَ مَلَاكٌ آخَرُ مِنَ الْهَيْكَلِ... مَعَهُ أَيْضًا مِنْجَل" (رؤ 14: 17)

"خَرَجَ مَلَاكٌ آخَرُ مِنَ الْمَذْبَحِ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى النَّارِ..." (رؤ 14: 18)

 

"وَرَأَيْتُ مَلَاكًا آخَرَ" ἄλλον أي من نوع آخر.

يقول القديس امبروسيوس: "الملاك الآخر هو المسيح طالعًا من مشرق الشمس؛ لأن المسيح هو "شَمْسُ الْبِرِّ وَالشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا" (ملا 4: 2).

ἀναβαίνοντα ἀπὸ ἀνατολῆς λίου

"طَالِعًا مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ" (رؤ 7: 2)

هل يُحدد هنا المكان الذي ستحدث فيه هذه الأحداث؟ ربما...

لا سيما أنه يقول أيضًا في حديثه عن الملائكة الأربعة المُقَيدين:

"عِنْدَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ الْفُرَاتِ". (رؤ 9: 14)

ونهر الفُرات في مشرق الشمس، وفي أثناء صَبِّ الجامات يقول:

"ثُمَّ سَكَبَ الْمَلَاكُ السَّادِسُ جَامَهُ عَلَى النَّهْرِ الْكَبِيرِ الْفُرَاتِ، فَنَشِفَ مَاؤُهُ لِكَيْ يُعَدَّ طَرِيقُ الْمُلُوكِ الَّذِينَ مِنْ مَشْرِقِ الشَّمْسِ." (رؤ 16: 12)

وهكذا يكون قد حدد مكان الأحداث في منطقة الشرق الأوسط.

ولكني أرى أن الشمس يُقصد بها المسيح له المجد: "لَكُمْ أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ اسْمِي تُشْرِقُ شَمْسُ الْبِرِّ وَالشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا" (ملا 4: 2).

والملاك الآخَر الطالع من مشرق الشمس "هو السيد المسيح، فهو

ملاك من نوع آخر، ملاك العهد. الملاك الذي صارع يعقوب من الليل حتى مطلع الفجر ثم ضربه وقال له "لِأَنَّكَ جَاهَدْتَ مَعَ اللهِ وَالنَّاسِ وَقَدَرْتَ" (تك 32: 28). وهو الذي يأمر الملائكة أن لا يضروا الْأَرْضَ وَالْبَحْرَ والأشجار (رؤ 7: 2) إلا في وقت معين بعد أن يُختَم عبيد الله على جباههم.

أما كلمة "حتى نختم" فتعني أن الذي سيختم عبيد الرب هو الرب نفسه بأن يأمر بختمهم في الوقت الذي يحدده والملائكة ينفذون أمره.

 

معه ختم الله الحي ἔχοντα σφραγῖδα θεοῦ ζῶντος

ليس هو ختم مادي حتي يكون مع أحد ولا هو أداة يستخدمونها

ولكنه أمر إلهي يخرج من فم الرب الإله، لذلك دُعِي ختم الله الحي. وبهذا الأمر يُمَيَّزُ أبناءُ الله القديسون عن الأشرار. والمَيْرون هو ختم الله (الروح القدس) الذي يحدد أننا نتبع رب المجد.

"وَلَكِنَّ الَّذِي يُثَبِّتُنَا مَعَكُمْ فِي الْمَسِيحِ، وَقَدْ مَسَحَنَا، هُوَ اللهُ الَّذِي خَتَمَنَا أَيْضًا، وَأَعْطَى عَرْبُونَ الرُّوحِ فِي قُلُوبِنَا." (2 كو 1: 21-22)

الغالبون

"فَنَادَى بِصَوْتٍ عَظِيمٍ إِلَى الْمَلَائِكَةِ الْأَرْبَعَةِ، الَّذِينَ أُعْطُوا أَنْ يَضُرُّوا الْأَرْضَ وَالْبَحْرَ" (رؤ 7: 2)

فَنَادَى بِصَوْتٍ عَظِيمٍ καὶ ἔκραξεν φωνῇ μεγάλῃ

نادى هذا الملاك المُشرِق كالشمس، وله سلطان تحديد الزمن، ويأمر بتمييز الخراف عن الجداء. وهو الرب ملاك العهد.

"نَادَى بِصَوْتٍ عَظِيمٍ" فصوته يصل إلى مسامع الملائكة بهيبة.

"إِلَى الْمَلَائِكَةِ الْأَرْبَعَةِ τοῖς τέσσαρσιν ἀγγέλοις

ἐδόθη αὐτοῖς ἀδικῆσαι τὴν γῆν καὶ τὴν θάλασσαν الَّذِينَ أُعْطُى لهم أَنْ يَضُرُّوا الأَرْضَ و الْبَحْر

λέγων μὴ ἀδικήσητε τὴν γῆν μήτε τὴν θάλασσαν

قَائِلًا لاَ تَضُروا الأَرْضَ ولا الْبَحْر

وَلَا الْأَشْجَارَ (رؤ 7: 3) μήτε τὰ δένδρα

"رَأَيْتُ أَرْبَعَةَ مَلَائِكَةٍ...، مُمْسِكِينَ أَرْبَعَ رِيَاحِ الْأَرْضِ لِكَيْ لَا تَهُبَّ رِيحٌ عَلَى الْأَرْضِ، وَلَا عَلَى الْبَحْرِ، وَلَا عَلَى شَجَرَةٍ مَا" (رؤ 7: 1)

وهنا يهتم بالأرض أي بالإنسان، والبحر فلا يجعله يضطرب، والشجر فيجعله مثمرًا.

"حَتَّى نَخْتِمَ عَبِيدَ إِلَهِنَا عَلَى جِبَاهِهِمْ" (رؤ 7: 3)

ἄχρι σφραγίσωμεν τοὺς δούλους τοῦ θεοῦ ἡμῶν ἐπὶ τῶν μετώπων αὐτῶν

هذه لغة ومصطلحات زمن الامبراطورية الرومانية التي كُتِبَ فيها سِفْر الرؤيا حيث كانوا يختمون العبيد على جباههم باسم سَيِّد العبد(25)

وبعد ختم عبيد الله، يأتي غضب الله على الأشرار. ولعل هذا الختم يشير إلى سر الميرون الذي نُختَم به على جباهنا، وكعروس النشيد التي تقول "اِجْعَلْنِي كَخَاتِمٍ عَلَى قَلْبِكَ كَخَاتِمٍ عَلَى سَاعِدِكَ." (نش 8: 6)

وختم القلب أن تُحِب دائمًا، وختم الذِّراع أن تعمل دائمًا.

"وَسَمِعْتُ عَدَدَ الْمَخْتُومِينَ

Καὶ ἤκουσα τὸν ἀριθμὸν τῶν ἐσφραγισμένων, مِئَةً وَأَرْبَعَةً ἑκατὸν τεσσερά κοντα ἐσφραγισμένοι وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا، τέσσαρες χιλιάδες مَخْتُومِينَ" (رؤ 7: 4)

 

رقم 144000 عدد رمزي، فإذا كان رقم 12 يرمز للآباء الرسل رُعاة العهد الجديد فرقم 24 رمز للكهنوت في العهدين.

فرقم 144000 هو الرقم الكبير الآتي من 12 و 12 فهو يرمز للعهدين. وحينما يأتي بالآلاف يرمز لا للرعاة بل للرعية 12× 12× 1000 فيرمز إلى أبناء الله المنتصرين في العهدين.

وهذا باعتبار أن كلمة بني إسرائيل في العهد الجديد لا تعني اليهود بل تعني شعب الله. فلم يعد في العهد الجديد لله شعبًا مختارًا "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ....لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (غل 3: 28).

وجاء هذا العدد في (رؤيا 14: 1) إذ يقول: "ثُمَّ نَظَرْتُ وَإِذَا خَرُوفٌ وَاقِفٌ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ، وَمَعَهُ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا، لَهُمُ اسْمُ أَبِيهِ مَكْتُوبًا

عَلَى جِبَاهِهِمْ." وهذا يؤيد التفسير نفسه.

وهناك تفسير آخر أن هذه هي البقية التي ستخْلُص من شعب بني إسرائيل، ولكننا نعرف أن هذه أعدادٌ رمزية، فليس من المعقول أن أعداد الذين يخلصون من كل سبط من الأسباط الاثني عشر متساويًا كما يأتي هنا (اثني عشر ألف مختوم)، ولكن يُمكِن اعتبار هذا الرقم رمزًا للغالبين في كل سبط. من بني إسرائيل(26)

 

مَن الذي حدَّدَ هذا الرقم الرمزي؟

بلا شك أن القديس يوحنا لا يمكن أن يَعُد هذه الأعداد في الرؤيا ولكنه سمعها من الملاك. وتكررت هذه الفكرة أيضًا عندما قال "وَعَدَدُ جُيُوشِ الْفُرْسَانِ مِئَتَا أَلْفِ أَلْفٍ وَأَنَا سَمِعْتُ عَدَدَهُمْ." (رؤ 9: 16)

إذن هذه الأعداد الكبيرة يسمح الله أن الملاك يقول لمار يوحنا عددهم وهو عدد رمزي. يرمز للغالبين أو رعية المسيح الغالبة في العهدين.

عندما تكلمنا عن اليهود الغالبين كان العدد 144000، وبعدما أُضيف لهم الجمع الكثير الذي لم يستطع أحدٌ أن يعُدَّه من كل الأمم والقبائل والشعوب... ذكر هؤلاء وأولئك في رؤيا 14، وقيل عنهم أيضًا 144000 لأنه عدد رمزي، ولا يقال أن رؤيا 7 تتكلم عن اليهود بدليل الأسباط ورؤيا 14 عن الأمم؛ لأنه في رؤيا 14 وجدناهم واقفين على جبل صهيون الرمزي كما وجدناهم "اشْتُرُوا مِنَ الْأَرْضِ... اشْتُرُوا مِنْ بَيْنِ النَّاسِ" (رؤ 14: 3-4).

ويشير زكريا النبي للغالبين:

"وَيَكُونُ فِي كُلِّ الْأَرْضِ، يَقُولُ الرَّبُّ، أَنَّ ثُلْثَيْنِ مِنْهَا يُقْطَعَانِ وَيَمُوتَانِ، وَالثُّلْثَ يَبْقَى فِيهَا. وَأُدْخِلُ الثُّلْثَ فِي النَّارِ، وَأَمْحَصُهُمْ كَمَحْصِ الْفِضَّةِ، وَأَمْتَحِنُهُمُ امْتِحَانَ الذَّهَبِ. هُوَ يَدْعُو بِاسْمِي وَأَنَا أُجِيبُهُ. أَقُولُ: هُوَ شَعْبِي، وَهُوَ يَقُولُ: الرَّبُّ إِلَهِي" (زكريا 13: 8-9).

وهنا نشرح أن الأرض ترمز لبني إسرائيل، كما البحر يرمز للأمم. وبنو إسرائيل يهلك منهم الثُلْثان، أما البقية ستخلص وهم الثُلْث، وهي نِسَبٌ رمزية تعني أن الأكثرية ستهلك والأقلية ستخلص، وهذا الثُلْث سيمحصه الله بالضيقة العظيمة ومَن يثبت فهو شعب الله. "وَإِشَعْيَا يَصْرُخُ مِنْ جِهَةِ إِسْرَائِيلَ: «وَإِنْ كَانَ عَدَدُ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَرَمْلِ الْبَحْرِ فَالْبَقِيَّةُ سَتَخْلُصُ" (رو 9: 27).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Mosaic of the 12 Tribes of Israel. From Givat Mordechai synagogue wall in Jerusalem. Top row, right to left: Reuben, Judah, Dan, Asher - Middle: Simeon, Issachar, Naphtali, Joseph - Bottom: Levi, Zebulun, Gad, Benjamin - by Ori229 صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة فسيفساء تصور أسباط إسرائيل الاثني عشر (الـ12 سبطا)، من حائط مجمع جيفات مردخاي في أورشليم. بأعلى (من اليمين لليسار): سبط رأوبين - سبط يهوذا - سبط دان - سبط أشير | بالوسط: سبط شمعون - سبط يساكر - سبط نفتالي - سبط يوسف | بأسفل: سبط لاوي - سبط زبولون - سبط جاد - سبط بنيامين -- لأوري229

St-Takla.org Image: Mosaic of the 12 Tribes of Israel. From Givat Mordechai synagogue wall in Jerusalem. Top row, right to left: Reuben, Judah, Dan, Asher - Middle: Simeon, Issachar, Naphtali, Joseph - Bottom: Levi, Zebulun, Gad, Benjamin - by Ori229 - Click on each one for more about that tribe in Arabic.

صورة في موقع الأنبا تكلا: لوحة فسيفساء تصور أسباط إسرائيل الاثني عشر (الـ12 سبطا)، من حائط مجمع جيفات مردخاي في أورشليم. بأعلى (من اليمين لليسار): سبط رأوبين - سبط يهوذا - سبط دان - سبط أشير | بالوسط: سبط شمعون - سبط يساكر - سبط نفتالي - سبط يوسف | بأسفل: سبط لاوي - سبط زبولون - سبط جاد - سبط بنيامين -- لأوري229 - اضغط على صورة السبط لتقرأ المزيد عنه هنا في موقع الأنبا تكلا.

الأسْبَاط

ἐκ πάσης φυλῆς υἱῶν Ἰσραήλ

" مِنْ كُلِّ أسْبَاطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ" (رؤيا 7: 4)

1. "مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ" (رؤيا 7: 5)

ἐκ φυλῆς Ἰούδα δώδεκα χιλιάδες ἐσφραγισμένοι

كان رأوبين هو الأول في الأسباط لأنه كان أكبرهم (تك 29: 32)

وقال له يعقوب أبوه "رَأُوبَيْنُ، أَنْتَ بِكْرِي، قُوَّتِي وَأَوَّلُ قُدْرَتِي" (تك 49: 3).

"وَلأَجْلِ تَدْنِيسِهِ فِرَاشَ أَبِيهِ، أُعْطِيَتْ بَكُورِيَّتُهُ لِبَنِي يُوسُفَ بْنِ إِسْرَائِيلَ، فَلَمْ يُنْسَبْ بِكْرًا." (1 أيام 5: 1). ولذلك قال له أبوه لا تتفضل "لِأَنَّكَ صَعِدْتَ عَلَى مَضْجَعِ أَبِيكَ. حِينَئِذٍ دَنَّسْتَهُ." (تك 49: 4)

وهكذا بخطيئة الزنا فقدَ البِكرُ بكوريتَه فلم يأتِ منه المسيح. وأخذ بكوريته يوسف الطاهر الذي رفض تدنيس فراش سيده. وأخذ يهوذا المرتبة الأولى في ترتيب الأسباط في سِفْر الرؤيا بدلًا من الرابعة (تك 29: 25). فمِن نسله جاء المسيح حسب الجسد "فَإِنَّهُ وَاضِحٌ أَنَّ رَبَّنَا قَدْ طَلَعَ مِنْ سِبْطِ يَهُوذَا، الَّذِي لَمْ يَتَكَلَّمْ عَنْهُ مُوسَى شَيْئًا مِنْ جِهَةِ الْكَهَنُوتِ" (عب 7: 14). وهكذا من يرتبط بالمسيح يتقدم أمام الله. وقال عنه أبوه "لأَنَّ يَهُوذَا اعْتَزَّ عَلَى إِخْوَتِهِ وَمِنْهُ الرَّئِيسُ (المسيح)، وَأَمَّا الْبَكُورِيَّةُ فَلِيُوسُفَ." (1 أيام 5: 2). ويهوذا اسمٌ يعني هذا يهوه أو هذا هو الله، فالإيمان المستقيم بالله هو أول خطوة في الطريق. ويهوذا معناه الحمد أو الشكر، والشكر يجب أن نبدأ به كل عمل، نبدأ به يومنا وصلواتنا وأعمالنا. وسبط يهوذا أول من باركه موسى النبي (تث 23: 7). وهو سبط الملوك فمنه جاء داود النبي والملك، وأتى منه رب المجد الملك الجالس على كرسي أبيه.

 

2. "مِنْ سِبْطِ رَأُوبِينَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ." (رؤ 7: 5)

رَأُوبِينَ يعني ابن الرؤيا، فيجب أن نُرِيَ إيمانَنا بأعمالنا وفضائلنا. ورَأُوبِينَ البكر في سِفْر التكوين، بالخطية صار الثاني في سِفْر الرؤيا.

 

3. "مِنْ سِبْطِ جَادَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ ." (رؤ 7: 5)

وجاد اسم يعني الجدية في الحروب الروحية التي تأتي بثمار أبدية.

"فالرَّخَاوَةُ (عدم الجدية) لَا تَمْسِكُ صَيْدًا" (أم 12: 27). مثلما يقول يشوع بن سيراخ "يَا بُنَيَّ إِنْ أَقْبَلْتَ لِخِدْمَةِ الرَّبِّ الإِلهِ، فَاثْبُتْ عَلَى الْبِرّ وَالتَّقْوَى، وَأَعْدِدْ نَفْسَكَ لِلتَّجْرِبَةِ" (سيراخ 2: 1). وجاد هذا هو الابن السابع ليعقوب بِكْرُ زلفة جارية ليئة المكروهة (تك 30: 11؛ 29: 31).

 

St-Takla.org Image: Saint and faithfuls, Adam and Eve, Saint Mary, Saint Stephen,Saint Abraam Bishop of Fayoum - "Salvation belongs to our God who sits on the throne, and to the Lamb!" (Revelation 7: 10) - "Then I saw another angel flying in the midst of heaven, having the everlasting gospel to preach to those who dwell on the earth—to every nation, tribe, tongue, and people— saying with a loud voice, Fear God and give glory to Him" (Revelation 14: 6-7) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: الأبرار والقديسين، آدم وحواء، السيدة العذراء مريم، الشهيد استفانوس، الأنبا ابرآم أسقف الفيوم - "الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف" (الرؤيا 7: 10) - "ثم رأيت ملاكا آخر طائرا في وسط السماء معه بشارة أبدية، ليبشر الساكنين على الأرض وكل أمة وقبيلة ولسان وشعب، قائلا بصوت عظيم: خافوا الله وأعطوه مجدا" (الرؤيا 14: 6-7) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: Saint and faithfuls, Adam and Eve, Saint Mary, Saint Stephen,Saint Abraam Bishop of Fayoum - "Salvation belongs to our God who sits on the throne, and to the Lamb!" (Revelation 7: 10) - "Then I saw another angel flying in the midst of heaven, having the everlasting gospel to preach to those who dwell on the earth—to every nation, tribe, tongue, and people— saying with a loud voice, Fear God and give glory to Him" (Revelation 14: 6-7) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الأبرار والقديسين، آدم وحواء، السيدة العذراء مريم، الشهيد استفانوس، الأنبا ابرآم أسقف الفيوم - "الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف" (الرؤيا 7: 10) - "ثم رأيت ملاكا آخر طائرا في وسط السماء معه بشارة أبدية، ليبشر الساكنين على الأرض وكل أمة وقبيلة ولسان وشعب، قائلا بصوت عظيم: خافوا الله وأعطوه مجدا" (الرؤيا 14: 6-7) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

4. "مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ." (رؤ 7: 6)

أشير المغبوط (تك 30: 13)، وهذا معنى اسمه. وهو الابن الثامن ليعقوب، والثاني الأخير من زلفة جارية ليئة المكروهة (تك 30: 10). قال عنه أبوه "أَشِيرُ خُبْزُهُ سَمِينٌ وَهُوَ يُعْطِي لَذَّاتِ مُلُوكٍ" (تك 49: 20). وهذا يعني السعادة.

 

5. "مِنْ سِبْطِ نَفْتَالِي اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ." (رؤ 7: 6)

هو الابن السادس ليعقوب والثاني من بلهة جارية راحيل المحبوبة (تك 30: 8). قال عنه أبوه "نَفْتَالِي، أَيِّلَةٌ مُسَيَّبَةٌ يُعْطِي أَقْوَالًا حَسَنَةً." (تك 49: 20). ونفتالي تعني الاتساع فالذي يجاهد (أشير) ويغلب في الحروب، يتسع قلبه في العمل والعطاء وينسى ذاته.

 

6. "مِنْ سِبْطِ مَنَسَّى اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ." (رؤ 7: 6)

منسَّى هذا هو ابن يوسف فقد "أَخَذَ يُوسُفُ الِاثْنَيْنِ أَفْرَايِمَ بِيَمِينِهِ عَنْ يَسَارِ إِسْرَائِيلَ، وَمَنَسَّى بِيَسَارِهِ عَنْ يَمِينِ إِسْرَائِيلَ وَقَرَّبَهُمَا إِلَيْهِ. فَمَدَّ إِسْرَائِيلُ يَمِينَهُ وَوَضَعَهَا عَلَى رَأْسِ أَفْرَايِمَ وَهُوَ الصَّغِيرُ، وَيَسَارَهُ عَلَى رَأْسِ مَنَسَّى. وَضَعَ يَدَيْهِ بِفِطْنَةٍ فَإِنَّ مَنَسَّى كَانَ الْبِكْرَ... فَلَمَّا رَأَى يُوسُفُ... أَمْسَكَ بِيَدِ أَبِيهِ لِيَنْقُلَهَا عَنْ رَأْسِ أَفْرَايِمَ إِلَى رَأْسِ مَنَسَّى. وَقَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ: «لَيْسَ هَكَذَا يَا أَبِي، لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْبِكْرُ. ضَعْ يَمِينَكَ عَلَى رَأْسِهِ». فَأَبَى أَبُوهُ وَقَالَ: «عَلِمْتُ يَا ابْنِي، عَلِمْتُ. هُوَ أَيْضًا يَكُونُ شَعْبًا، وَهُوَ أَيْضًا يَصِيرُ كَبِيرًا. وَلَكِنَّ أَخَاهُ الصَّغِيرَ يَكُونُ أَكْبَرَ مِنْهُ، وَنَسْلُهُ يَكُونُ جُمْهُورًا مِنَ الْأُمَمِ». وَبَارَكَهُمَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ قَائِلًا: «بِكَ يُبَارِكُ إِسْرَائِيلُ قَائِلًا: يَجْعَلُكَ اللهُ كَأَفْرَايِمَ وَكَمَنَسَّى». فَقَدَّمَ أَفْرَايِمَ عَلَى مَنَسَّى." (تك 48: 13-20)

وهكذا أخذ أفرايم البكورية أما منسَّى فصار منسِيًّا. ومنسَّى هذا اسم يعني النسيان، فينبغي أن ننسى العالم لننشغل بالله ونسمعه (شمعون= يسمع).

وهو يرمز للقديس مَتَّى الذي نسِيَ عمله كعشار ليصير تلميذًا ورسولًا. وهنا ينبغي أن نتكلم عن سبط دان الذي نُسِيَ وسقط من عدد الأسباط في سِفْر الرؤيا.

فتنبأ عنه يعقوب أبوه وقال "يَكُونُ دَانُ حَيَّةً عَلَى الطَّرِيقِ، أُفْعُوانًا عَلَى السَّبِيلِ... لِخَلَاصِكَ انْتَظَرْتُ يَا رَبُّ." (تك 49: 17-18)

دان خضع للشيطان وعبد الأوثان (قضاة 18) "فَتَحِلُّ عَلَيْهِ كُلُّ اللَّعَنَاتِ الْمَكْتُوبَةِ فِي هَذَا الْكِتَابِ، وَيَمْحُو الرَّبُّ اسْمَهُ مِنْ تَحْتِ السَمَاءِ." (تث 29: 20). ولذلك مُحِيَ اسمه أيضًا من سِفْر الرؤيا وصار منسِيًّا هذا الذي كان سادسًا في ترتيب الأسباط (تك 49: 16)

حلَّ مَنسَّى بدلًا من دان ليُكْمِل الأسباط الاثني عشر كما حل مَتِّياس الرسول بدلًا من يهوذا الذي حُذِف اسمه من بين الرسل لخيانته.

ولم يؤخذ أفرايم أخوه الأكبر لِشَرِّه إذ قال عنه هوشع النبي "أَفْرَايِمُ مُوثَقٌ بِالْأَصْنَامِ. اتْرُكُوهُ." (هوشع 4: 17). "زَنَيْتَ يَا أَفْرَايِمُ... يَصِيرُ أَفْرَايِمُ خَرَابًا فِي يَوْمِ التَّأْدِيبِ." (هوشع 5: 3، 9)

وكُتِبَ بدلًا منه يوسف الطاهر الذي هرب من الزِّنى وعاش بين الوثنيين دون أن يتأثر.

 

7. "مِنْ سِبْطِ شَمْعُونَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ." (رؤيا 7: 7)

شمعون الابن الثاني ليعقوب والثاني من ليئة. قال عنه أبوه: "شِمْعُونُ وَلَاوِي أَخَوَانِ، آلَاتُ ظُلْمٍ سُيُوفُهُمَا. فِي مَجْلِسِهِمَا لَا تَدْخُلُ نَفْسِي... مَلْعُونٌ غَضَبُهُمَا فَإِنَّهُ شَدِيدٌ" (تك 49: 5-7)

وشمعون اسمه يعني يستمع ويخضع فالذي ينسى الأرضيات (منسَّى) يستمع إلى السمائيات فيصير إنسان الله (لاوي).

 

8. "مِنْ سِبْطِ لَاوِيَّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ." (رؤيا 7: 7)

ولاوي يعني اقتران (تك 29: 34). فهو مُقتَرِن بالله لأنهم سِبْط الكهنة.

وهو الابن الثالث ليعقوب والثالث من ليئة. (تك 29: 34)

ولم يكن لهم نصيب في الأرض، لأن نصيبهم الرب فَهُمْ مُكَرَّسون لخدمته ونصيبهم مُقتَرِن مع الرب في الذبائح.

 

9. "مِنْ سِبْطِ يَسَّاكَرَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ." (رؤيا 7: 7)

يساكر يعني أُجْرة (تك 30: 18). وهو الابن التاسع ليعقوب والخامس من ليئة. وولادته لها قصة غريبة. (تك 30: 14-18)

وهنا نقول أن الذي يقترن بالله (لاوي) له أُجْرة عظيمة (يساكر).

 

10. "مِنْ سِبْطِ زَبُولُونَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ." (رؤيا 7: 8)

زَبُولُونُ يعني المسكن (تك 30: 20). والله يحل فيه ويثبت إلى النهاية. وهذا هو الابن العاشر ليعقوب والسادس من ليئة. (تك 30: 19-20).

 

11. " مِنْ سِبْطِ يُوسُفَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ." (رؤيا 7: 8)

يوسف معناه يزيد (تك 30: 24) وهو اسم يناسب أفعاله. فبدل الجوع الذي كان سيجتاح مصر وما حولها حتى إسرائيل، بحكمه يوسف صار القمح يزيد في مصر حتى يفيض على مَن حولهم.

تنبأ عنه أبوه أنه "غُصْنُ شَجَرَةٍ مُثْمِرَةٍ عَلَى عَيْنٍ. اضْطَهَدَتْهُ أَرْبَابُ السِّهَامِ. وَلَكِنْ ثَبَتَتْ بِمَتَانَةٍ قَوْسُهُ، وَتَشَدَّدَتْ سَوَاعِدُ يَدَيْهِ... مِنْ إِلَهِ أَبِيكَ" الَّذِي يُعِينُكَ، وَمِنَ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ الَّذِي يُبَارِكُكَ" (تك 49: 22-25)

وهو الابن الحادي عشر ليعقوب بكر راحيل المحبوبة (تك 30: 22، 24)

وله ابنان منسَّى وأفرايم وُلِدا في مصر. (تك 39: 1؛ 41: 50- 52)

ويوسف يزيد وينمو في النعمة حتى يصير ابن اليمين (بنيامين).

 

12. "مِنْ سِبْطِ بَنْيَامِينَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ مَخْتُومٍ." (رؤيا 7: 8)

وبنيامين هو ابن اليمين

الابن الثاني عشر ليعقوب والثاني الأخير من راحيل.

تعبَتْ أمه في ولادته وماتت فدعته ابن أحزاني، ولذلك تنبأ عنه أبوه "بَنْيَامِينُ ذِئْبٌ يَفْتَرِسُ. فِي الصَّبَاحِ يَأْكُلُ غَنِيمَةً، وَعِنْدَ الْمَسَاءِ يُقَسِّمُ نَهْبًا» (تك 49: 27)، "وَأَمَّا أَبُوهُ فَدَعَاهُ «بَنْيَامِينَ» أي ابن اليمين (تك 35: 16-20).

يرتقي إلى السماء عن يمين الله. ويرمز لمار يوحنا أصغر الرسل. مِنْ يهوذا الذي وضع أولًا جاء المسيح ومن بنيامين الأصغر الأخير جاء بولس الرسول الذي قال "لأَنِّي أَصْغَرُ الرُّسُلِ" (1 كو 15: 9). وهو الأخير "كَأَنَّهُ لِلسِّقْطِ ظَهَرَ لِي أَنَا" (1 كو 15: 8).

 

مُلَخَّص لترتيب الأسباط

يأتي 1 يهوذا أولا لنبدأ بالحمد والشكر، وهو يشير هذا هو الله. فالخطوة الأولى هي الإيمان المستقيم بالله.

وبعين الإيمان نرى الله، فـ 2 راؤبين هو ابن الرؤيا، ثم نحتاج إلى الجدية في الحياة 3 جاد لننتصر في حروبنا الروحية، فنفرح. والسعادة تعني 4 أشير. والفرح يوسع قلب الإنسان، فـ 5 نفتالي الاتساع. وحينما تتسع قلوبنا ننسى العالم 6 منسَّى ونستمع إلى الله 7 شمعون. في 8 لاوي نقترن بالله ونتكرس له فيصير لنا جزاء عظيم 9 يساكر، ولذلك نسكن معه 10 زبولون، فنزداد 11 يوسف نعمة، وننمو حتى نجلس عن يمين الله 12 بنيامين.

الأسباط رمز الكنيسة

وإذا كان بنو إسرائيل يرمزون إلى شعب الله كنيسة الله فهي:

في يهوذا قوية بالإيمان ، وفي راؤبين مثمرة بالأعمال.

في جاد مجاهدة ، وفي أشير فرحة بالانتصار.

في نفتالي متسعة للمصارعة ، وفي منسَّى تنسى آلامها.

في شمعون تسمع وتخضع لله ، وفي لاوي تتكرس وتقترن به.

في يساكر تلتمس الجزاء العتيد ، وفي زبولون يحل الله وتسكن معه.

في يوسف تزداد وتنمو في النعمة، وفي بنيامين عن يمينه في المجد.

لماذا تَغَيَّر ترتيب الأسباط؟

تَغَيَّر ترتيب الأسباط بين التكوين والرؤيا فلماذا؟

ذُكِرَت أسماء الأسباط في العهد القديم 18 مرة، ثم أضيف لها المرَّة التي ذُكِرت في سِفْر الرؤيا، وكان الترتيب في كل مرة غير الأُخرى فلماذا؟ لأن الترتيب في كل مرة كان حسَب فكرة معينة.

ففي (تك 29) الترتيب حسب ولادتهم، وفي (تك 49) بحسب مباركة يعقوب لهم، وفي (خروج 1) كان بحسب مجيئهم إلى مصر... إلا أنَّ الحكمة في وجود ترتيبًا مختلفًا أنه لا يتكلم عن أفراد بل عن أسباط. فالأفراد يمكن تمَيُّز أحدهم عن الآخر حَسَبَ قداسته، لكن الأسباط لا ينبغي التمييز بينهم؛ لأن كل سبط يحوي أُناسًا مختلفين في حياتهم الروحية. والله يريد أن يُثبِتَ أنه لا يميِّز سبطًا عن آخر، فالبشر جميعًا متساوون أمامه (كمجموعات وكشعوب وكعائلات).

 

اثنا عشر ألف مختوم

تكررت 12 مرة في (رؤيا 7: 5-8)

فكرة تساوي عدد المختومين من كل سبط تُثْبِت أنَّ الحديث رمزي كما سبق وشرحنا. فليس ممكنًا أن يتساوى عدد الغالبين في الأسباط. وهذا يعطينا صورة أننا متساوون في أننا أبناء الله بالمعمودية ولكننا نتميز أحدنا عن الآخر في ثمار عمل الروح فينا.

فمن جهة الإيمان يفتتح مار بطرس الرسول رسالته الثانية قائلًا "سِمْعَانُ بُطْرُسُ عَبْدُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَرَسُولُهُ، إِلَى الَّذِينَ نَالُوا مَعَنَا إِيمَانًا ثَمِينًا مُسَاوِيًا لَنَا، بِبِرِّ إِلَهِنَا وَالْمُخَلِّصِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (2 بطرس 1: 1)

فنحن متساوون في الإيمان في البنوة ولكننا مختلفون في الأعمال الصالحة ثمار هذا الإيمان، وكل واحد سيأخذ أجرته حسب تعبه".

وقد سبق أن قُلْنا أن عدد 12 يرمز إلى الكهنوت أو إلى الرعاة وحينما يكون مضاعفًا جدًّا اثنا عشر ألفًا يرمز إلى رعية المسيح.

فالاثنا عشر ألف مختوم هم أبناء الله الغالبون، والمئة وأربعة وأربعون ألفًا المختومون يرمزون إلى الغالبين من العهدين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الرؤيا الثانية

"بَعْدَ هَذَا نَظَرْتُ" (رؤيا 7: 9- 17)

هذه رؤيا جديدة موازية للرؤيا الأولى (رؤ 7: 1-8)

"وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ" (رؤيا 7: 9)

في الرؤيا الأولى لم يستطع يوحنا أن يعدهم أيضًا، وقال "وَسَمِعْتُ عَدَدَ الْمَخْتُومِينَ مِئَةً وَأَرْبَعَةً وَأَرْبَعِينَ أَلْفًا، مَخْتُومِينَ مِنْ كُلِّ سِبْطٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ" (رؤيا 7: 4). وهو عدد رمزي مثل ما حدث أيضًا في "عَدَدُ جُيُوشِ الْفُرْسَانِ مِئَتَا أَلْفِ أَلْفٍ وَأَنَا سَمِعْتُ عَدَدَهُمْ." (رؤ 9: 16)

 

"مِنْ كُلِّ الْأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالْأَلْسِنَةِ" (رؤ 7: 9)

عِبارةُ "من كل الأمم" تُذَكِّرُنا بِقَول الرب "يُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هَذِهِ فِي

كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الْأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى." (متى 24: 14)

وهذا التدرج: "أُمَمِ. قَبَائِلِ. شُّعُوبِ. أَلْسِنَةِ" تدَرُّج تنازلي من الكبير إلى الصغير.

وهذه الكرازة أشار إليها مار يوحنا "ثُمَّ رَأَيْتُ مَلَاكًا آخَرَ طَائِرًا فِي وَسَطِ السَّمَاءِ مَعَهُ بِشَارَةٌ أَبَدِيَّةٌ، لِيُبَشِّرَ السَّاكِنِينَ عَلَى الْأَرْضِ وَكُلَّ أُمَّةٍ وَقَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ" (رؤيا 14: 6-7)... البشارة بالحياة الأبدية في كل الأمم.

"وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ" (رؤيا 7: 9)

"أَمَامَ عَرْشِ اللهِ" (رؤيا 7: 15)

"عَرْشٌ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ، وَعَلَى الْعَرْشِ جَالِسٌ." (رؤيا 4: 2)

جميع الملائكة كانوا واقفين حول العرش والكهنة والحيوانات الأربعة (رؤيا 4: 11؛ 1: 4، 6، 10؛ 8: 3؛ 14: 3)

إذن هؤلاء هم المنتصرون واقفون أمام العرش الإلهي في السماء،

وهؤلاء لا يجتمعون هكذا أمام العرش إلا بعد القيامة العامة.

إذن هؤلاء يهود وأمم من كل الأجيال

"مُتَسَربِلِين بِثِيَابٍ بِيضٍ" (رؤيا 7: 9)

"فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لِأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ" (رؤيا 3: 4)

"مَنْ يَغْلِبُ فَذَلِكَ سَيَلْبَسُ ثِيَابًا بِيضًا." (رؤيا 3: 5)

الثياب البيض رمز الطهارة والقداسة. وقد قال الجامعة "لِتَكُنْ ثِيَابُكَ فِي كُلِّ حِينٍ بَيْضَاءَ" (جامعة 9: 8).

وأولاد الله "قَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ" (رؤ 7: 14). ولِبْس الثياب البيض يعني الثبات في البر، لذلك "طُوبَى لِمَنْ يَسْهَرُ وَيَحْفَظُ ثِيَابَهُ لِئَلَّا يَمْشِيَ عُرْيَانًا فَيَرَوْا عُرْيَتَهُ»." (رؤيا 16: 15)

وقد قال الرب لملاك كنيسة ساردس قائلًا "عِنْدَكَ أَسْمَاءٌ قَلِيلَةٌ... لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ، فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لِأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ." (رؤيا 3: 4)

والثياب البيضاء هي ثياب المجد التي ظهر بها في التجلي، وثياب الملائكة النورانيين كما ظهر بها الملاك للمجدلية بعد القيامة.

 

نحن أمام رؤْيَتَيْن

الرؤيا الأولى: فيها ختم الملاك مئة وأربعة وأربعين ألفًا من أسباط إسرائيل الاثني عشر، وبالطبع أن مار يوحنا لم يستطع أن يعدهم لذلك قال" وَسَمِعْتُ عَدَدَ الْمَخْتُومِينَ" (رؤيا 7: 4)

الرؤيا الثانية: رأى "جَمْعًا كَثِيرًا لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الْأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالْأَلْسِنَة" (رؤيا 7: 9)

في الرؤيا الأولى الـ 144000 إسرائيليين موجودين على الأرض.

في الرؤيا الثانية جمعًا لا يُعَد من كل الأمم واقفين في السماء.

فهل هاتان مجموعتان متتاليتان؟ اليهود والأمم؟ أم مجموعة واحدة في صورتين متوازيتين في الأرض والسماء.

هل مازلنا في المسيحية نُقَسِّم المؤمنين إلى يهود وأمم؟؟

أَمِ الآن "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ... لأَنَّكُمْ جَمِيعًا وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (غل 3: 28)

ونتعامل في سِفْر الرؤيا المكتوب سنة 100 م تقريبا بعد صعود المسيح بنحو 60 سنة على أن الكنيسة المسيحية كنيسة جامعة تجمع اليهود والأمم. وكُلما يؤمن إنسان بالمسيحية ينضم إلى كنيسة المسيح ليس بوصفه يهودي أو مصري أو... بل ينضم كمسيحي بلا تمييز عرقي أو جنسي رجل أو امرأة.

ولذلك نحن نفهم الحديث عن الشعب الإسرائيلي في سِفْر الرؤيا بطريقة رمزية على أنه رمز الكنيسة المسيحية.

وإسرائيل بأسباطها رمز للمسيحيين من كل الشعوب في كل العالم، لا سِيَّما أن عدد المختومين من كل سبط متساوي، فكأن الأسباط متساوية في عدد مؤمنيها وهذا بلا شك لغة رمزية.

فالشعب الإسرائيلي في العهد الجديد يرمز لشعب المسيح الواحد في الكنيسة المسيحية.

والعدد 12 عدد كامل يرمز للكهنوت أو للرعاة. وعندما يكون 12000 لا يكون الرعاة بل الرعية، وعندما يأتي العدد 24 أو 144 يكون المعنى الكهنة في العهدين أو الرعاة في العهدين، وعندما يكون العدد 144 ألف يكون المعنى رعية المسيح في العهدين.

نحن أمام صوره رمزية عن كنيسة المسيح، إسرائيل الجديد، شعب الله في العهدين، بعددها الرمزي 144000.

هذا هو الرأي الأول.

أما الرأي الثاني الذي لا أميل إليه لكني أقدمه بأمانة:

أننا أمام رؤيتين منفصلتين متتاليتين، الرؤيا الأولى تخص اليهود وعدد الغالبين منهم 12000، والرؤيا الثانية تخص الأمم وعدد الغالبين منهم جَمْعٌ لا يمكن أن نَعُدَّه.

وهو رأي لا يناسب العهد الجديد الذي لا يميز اليهود أو أي شعب آخر بل يعتبر كل المؤمنين بالمسيح شعب الله الواحد.

وما يؤيد الرأي الأول أيضًا.

بأن الرؤيتين يقدمان صورة واحدة: أولهما الكنيسة المسيحية كلها يهودًا

وأمم بعدما صارا شعبًا مسيحيًّا واحدًا في المسيح وهو على الأرض الـ 144000 المختومين.

وثانيهما الكنيسة المسيحية بعدما صعدت إلى السماء ووقفت أمام عرش الله، وهي جمع كثير لم يستطع أحد أن يعده من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة.

وكلمة من كل الأمم والشعوب والألسنة كما تشمل المؤمنين في كل شعوب الأرض فهي تشمل المؤمنين بالمسيح من أصل يهودي بعدما صار مسيحيًّا وعاش في الإيمان المسيحي.

لا نفصله عن الباقين وهو على الأرض لذلك اختار عددًا رمزيَّا 144000 يتمشَّى مع جيل واحدٍ موجود على الأرض. أما الرؤيا الثانية فتُحَدثنا عن الكنيسة المسيحية أمام عرش الله في السماء. فهي إذن تحدثنا عن كل الأجيال فتقول جمع كثير لم يستطع أحد أن يعده.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

"وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ" (رؤيا 7: 9)

كان سعف النخل يرمز للفرح في عيد المظال (لا 23: 40-43)

وقد اُستُقبِل به المسيح في دخوله أورشليم في أحد السعف (يو 12: 13).

وهنا في الرؤيا يتكلم عن فرح أبناء الله بانتصارهم بأنهم متسربلون بثيابٍ بيضٍ وفي أيديهم سعف النخل.

والعجيب أن كُلًّا من عيد المظال وعيد الحصاد كان في اليوم الخامس عشر من الشهر السابع (لا 23: 34، 39).

ولذلك فسعف النخل أيضًا يرمز للفرح بالحصاد أو بالنتيجة النهائية. ويوم الحصاد يرمز ليوم القيامة الذي قيل عنه "دَعُوهُمَا يَنْمِيَانِ كِلاَهُمَا مَعًا إِلَى الْحَصَادِ" (مت 13: 30).

 

St-Takla.org Image: "And crying out with a loud voice, saying, “Salvation belongs to our God who sits on the throne, and to the Lamb!”" (Revelation 7: 10) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: "وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين: «الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف»" (الرؤيا 7: 10) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "And crying out with a loud voice, saying, “Salvation belongs to our God who sits on the throne, and to the Lamb!”" (Revelation 7: 10) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: "وهم يصرخون بصوت عظيم قائلين: «الخلاص لإلهنا الجالس على العرش وللخروف»" (الرؤيا 7: 10) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

"وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ" (رؤ 7: 10)

ينادون بصوت عظيم من أعماقهم قائلين:

«الْخَلَاصُ لِإِلَهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ» (رؤ 7: 10)

للخلاص ثلاث مراحل:

فيهتفون ليس فقط للابن الفادي ولا للنعمة الإلهية بل أيضًا للآب لحفظنا في طريق الله إلى النهاية.

 

"وَجَمِيعُ الْمَلَائِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ، وَالشُّيُوخِ وَالْحَيَوَانَاتِ الْأَرْبَعَةِ، وَخَرُّوا أَمَامَ الْعَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لِلهِ" (رؤ 7: 11)

"صَوْتَ مَلَائِكَةٍ كَثِيرِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ، وَكَانَ عَدَدُهُمْ رَبَوَاتِ رَبَوَاتٍ وَأُلُوفَ أُلُوفٍ... خَرُّوا وَسَجَدُوا لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الْآبِدِينَ." (رؤ 5: 11، 14)

وهنا الآيتان متشابهتان.

ففي (رؤيا 5: 11) يقول "مَلَائِكَة كَثِيرِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ، وَكَانَ عَدَدُهُمْ رَبَوَاتِ رَبَوَاتٍ وَأُلُوفَ أُلُوفٍ"

وفي (رؤيا 7: 11) يقول "وَجَمِيعُ الْمَلَائِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ".

فإذا كان في رؤيا 5 قدَّم لنا عدد الملائكة بطريقة عامة، ففي (رؤيا 7) أشار إلى هؤلاء الملائكة جميعهم.

في (رؤيا 5: 11) حَوْل العرش ملائكة... والحيوانات والشيوخ

في (رؤيا 7: 11) حَوْل العرش الملائكة... والشيوخ والحيوانات

ويشابهما أيضًا في (رؤ 4: 9-10) "وَحِينَمَا تُعْطِي الْحَيَوَانَاتُ مَجْدًا... لِلْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ... يَخِرُّ الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا قُدَّامَ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ"

وهذه هي الصورة التي يرسمها سِفْر الرؤيا

رؤيا 4 "عَرْشٌ مَوْضُوعٌ فِي السَّمَاءِ" (رؤ 4: 2) "وَفِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَحَوْلَ الْعَرْشِ أَرْبَعَةُ حَيَوَانَاتٍ" (رؤ 4: 6). هذه هي الدائرة الأولى حول العرش ولكننا حينما نقول وسط العرش وحول العرش نرى أنفسنا قد وصفنا العرش نفسه.

رؤيا 5 "فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الْأَرْبَعَةِ" (رؤ 5: 6)، وهي الدائرة الأولى جمعنا فيها العرش والحيوانات الأربعة فنرى أننا وصفنا العرش نفسه بهاتين الصفتين العرش أو الحيوانات الأربعة. ثم في وسط الشيوخ دائرة أخرى (رؤ 5: 6)، ثم "مَلَائِكَةٍ كَثِيرِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ، وَكَانَ عَدَدُهُمْ رَبَوَاتِ رَبَوَاتٍ وَأُلُوفَ أُلُوفٍ" (رؤ 5: 11) دائرة أخرى والدائرة الخارجية "كُلُّ خَلِيقَةٍ مِمَّا فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الْأَرْضِ" (رؤ 5: 13).

 

"وَجَمِيعُ الْمَلَائِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ، وَالشُّيُوخِ وَالْحَيَوَانَاتِ الْأَرْبَعَةِ" (رؤيا 7: 11)

لم نَرَ في سِفْر الرؤيا كله ولا في الكتاب المقدس الملائكة جالسين أو في حالة راحة. إن خدمتهم وتسبيحهم لله دائم بلا توقف. "أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحًا خَادِمَةً" (عب 1: 14). نعم هكذا ينبغي أن تكون خدمة الله دائمة. أليس هذا شرحًا عمليًّا للآية "يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلَا يُمَلَّ" (لوقا 18: 1).

 

"وَخَرُّوا... عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لِلهِ" (رؤ 7: 11)

كلما تأتي كلمة خَرُّوا يكون معها سجدوا، وقد أتت في سِفْر الرؤيا 7 مرات وكلمة خَرُّوا معناها الركوع، ثم سجدوا معناها وضعوا وجوههم على الأرض، لذلك قيلت هكذا "يَخِرُّ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا قُدَّامَ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ، وَيَسْجُدُونَ لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ" (رؤ 4: 10). "خَرُّوا وَسَجَدُوا" (رؤ 5: 14). "وَخَرُّوا أَمَامَ الْعَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لِلهِ" (رؤ 7: 11). "خَرُّوا عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لِلهِ" (رؤ 11: 16). "وَخَرَّ الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخًا وَالْأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتِ وَسَجَدُوا لِلهِ" (رؤ 19: 4)

أما مار يوحنا فيشرح الأمر ويقول "فَخَرَرْتُ أَمَامَ رِجْلَيْهِ لأَسْجُدَ لَهُ"

(رؤ 19: 10) "وَأَنَا يُوحَنَّا.. خَرَرْتُ لِأَسْجُدَ أَمَامَ رِجْلَيِ الْمَلَاكِ" (رؤ 22: 9)

 

"قَائِلِينَ: «آمِينَ! الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ لِإِلَهِنَا إِلَى أَبَدِ الْآبِدِينَ. آمِينَ!»." (رؤ 7: 12)

في هذا الإصحاح رنَّم البشر المنتصرون قائلين:

«الْخَلَاصُ لِإِلَهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ» (رؤ 7: 10)

ورآهم الملائكة الواقفون حول العرش... وخروا... على وجوههم وسجدوا ليشاركوهم فقالوا أمين (رؤيا 7: 12؛ 5: 14)،

ثم بدأوا فرنموا بهذه التسبحة السُّباعية يصفون الله بهذه الصفات.

وسبق أن رنموا تسبحة سباعية أخرى "قَائِلِينَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «مُسْتَحِقٌّ هُوَ الْخَروُفُ الْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ الْقُدْرَةَ وَالْغِنَى وَالْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَالْكَرَامَةَ وَالْمَجْدَ وَالْبَرَكَةَ!» (رؤ 5: 12)، ووصفوه بصفات سبع مماثلة. وصفات الله التي يجب أن يُسَبَّح بها لا نهائية في عددها ومقدارها، ولكن الملائكة يختارون منها سبعًا ليرمز للتسبيح الكامل على نعمته الكاملة. فصفات الله هي نِعَمُهُ علينا، وعدد 7 هو كمال النِّعَم.

وهنا في مقارنتنا بين التسبيحتين نقول:

- اتحدت الصفات في التسبيحتين فيما عدا الغِنى في رؤيا 5، والشكر في (رؤيا 7)، والحقيقة أننا نشكره لغنى عطاياه.

- قُدِّمت التسبحة في (رؤيا 5) للابن، أما في (رؤيا 7) فللآب، وهذا يعني أن ما نُسَبِّح به الآب نُسَبِّح به الابن فَهُما واحد في جوهرهما.

- والعجيب أن التسبحة للآب قُدِّمت بلا سجود، أما للابن فقُدِّمَت مع السجود. لأن الابن وقد أخذ صورة إنسانيتنا أراد السِّفْر أن يؤكد لاهوته. نعم يا رب نسبحك "لَيْسَ لَنَا يَا رَبُّ لَيْسَ لَنَا لَكِنْ لاِسْمِكَ أَعْطِ مَجْدًا" (مز 115: 1)

 

St-Takla.org Image: Saint and faithfuls: "Then one of the elders answered, saying to me, “Who are these arrayed in white robes, and where did they come from?” And I said to him, “Sir, you know.” he said to me, “These are the ones who come out of the great tribulation, and washed their robes and made them white in the blood of the Lamb. Therefore they are before the throne of God, and serve Him day and night in His temple. And He who sits on the throne will dwell among them. They shall neither hunger anymore nor thirst anymore; the sun shall not strike them, nor any heat; for the Lamb who is in the midst of the throne will shepherd them and lead them to living fountains of waters. And God will wipe away every tear from their eyes.”" (Revelation 7: 13-17) - Details (6) from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: الأبرار والقديسين "وأجاب واحد من الشيوخ قائلا لي: «هؤلاء المتسربلون بالثياب البيض، من هم؟ ومن أين أتوا؟» فقلت له: «يا سيد، أنت تعلم». فقال لي: «هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة، وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف من أجل ذلك هم أمام عرش الله، ويخدمونه نهارا وليلا في هيكله، والجالس على العرش يحل فوقهم. لن يجوعوا بعد، ولن يعطشوا بعد، ولا تقع عليهم الشمس ولا شيء من الحر، لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم، ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم»" (الرؤيا 7: 13-17) - تفاصيل (6) من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: Saint and faithfuls: "Then one of the elders answered, saying to me, “Who are these arrayed in white robes, and where did they come from?” And I said to him, “Sir, you know.” he said to me, “These are the ones who come out of the great tribulation, and washed their robes and made them white in the blood of the Lamb. Therefore they are before the throne of God, and serve Him day and night in His temple. And He who sits on the throne will dwell among them. They shall neither hunger anymore nor thirst anymore; the sun shall not strike them, nor any heat; for the Lamb who is in the midst of the throne will shepherd them and lead them to living fountains of waters. And God will wipe away every tear from their eyes.”" (Revelation 7: 13-17) - Details (6) from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الأبرار والقديسين "وأجاب واحد من الشيوخ قائلا لي: «هؤلاء المتسربلون بالثياب البيض، من هم؟ ومن أين أتوا؟» فقلت له: «يا سيد، أنت تعلم». فقال لي: «هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة، وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف من أجل ذلك هم أمام عرش الله، ويخدمونه نهارا وليلا في هيكله، والجالس على العرش يحل فوقهم. لن يجوعوا بعد، ولن يعطشوا بعد، ولا تقع عليهم الشمس ولا شيء من الحر، لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم، ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم»" (الرؤيا 7: 13-17) - تفاصيل (6) من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

"وَأجَابَ وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ قَائِلًا لِي: «هَؤُلَاءِ الْمُتَسَرْبِلُونَ بِالثِّيَابِ الْبِيضِ، مَنْ هُمْ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَتَوْا؟»." (رؤ 7: 13)

"فَقَالَ لِي وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ: لَا تَبْكِ." (رؤ 5: 5)

هذه ثاني مرة يتكلم أحد الكهنة الأربعة والعشرين إلى يوحنا.

الأولى في (رؤيا 5: 5) حينما عزاه قائلًا له "لا تبكِ"، وهذه هي الثانية.

"وأجاب": العجيب أن مار يوحنا لم يسأل شيئًا حتى يبدأ الحديث بكلمة أجاب، بل الأعجب أن هذا الكاهن الذي أجاب لم يُجِب بل سأل سؤالًا:

"هَؤُلَاءِ الْمُتَسَرْبِلُونَ بِالثِّيَابِ الْبِيضِ، مَنْ هُمْ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَتَوْا؟" (رؤ 7: 13)

نعم كان السؤال في ذِهْن مار يوحنا، فبادره واحدٌ من الكهنة وأجاب...

إن سؤال أحد الكهنة الأربعة والعشرين للقديس يوحنا هو سؤال تعليمي يستدرجه لِيُعلِّمَه، هو سؤال المعلم للتلميذ.

الْمُتَسَرْبِلُونَ بِالثِّيَابِ الْبِيضِ أكثر من مجموعة

 

وباختصار

فالمجموعة الأولى هم الكهنة المنتصرون في كل مكان وزمان،

والمجموعة الثانية هم الشهداء الذين قدموا نفوسهم ذبيحة لله،

والمجموعة الثالثة هم ملائكة بالمعنى الخاص الأرواح الخادمة لله،

والمجموعة الرابعة الآن: الأبرار المنتصرون في كل مكان وزمان.

 

St-Takla.org Image: "Then one of the elders answered, saying to me, “Who are these arrayed in white robes, and where did they come from?” And I said to him, “Sir, you know.” So he said to me, “These are the ones who come out of the great tribulation, and washed their robes and made them white in the blood of the Lamb. Therefore they are before the throne of God, and serve Him day and night in His temple. And He who sits on the throne will dwell among them. They shall neither hunger anymore nor thirst anymore; the sun shall not strike them, nor any heat; for the Lamb who is in the midst of the throne will shepherd them and lead them to living fountains of waters. And God will wipe away every tear from their eyes.”" (Revelation 7: 13-17) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: الأبرار والقديسين في الملكوت السماوي: "وأجاب واحد من الشيوخ قائلا لي: «هؤلاء المتسربلون بالثياب البيض، من هم؟ ومن أين أتوا؟» فقلت له: «يا سيد، أنت تعلم». فقال لي: «هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة، وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف من أجل ذلك هم أمام عرش الله، ويخدمونه نهارا وليلا في هيكله، والجالس على العرش يحل فوقهم. لن يجوعوا بعد، ولن يعطشوا بعد، ولا تقع عليهم الشمس ولا شيء من الحر، لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم، ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم»" (الرؤيا 7: 13-17) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "Then one of the elders answered, saying to me, “Who are these arrayed in white robes, and where did they come from?” And I said to him, “Sir, you know.” So he said to me, “These are the ones who come out of the great tribulation, and washed their robes and made them white in the blood of the Lamb. Therefore they are before the throne of God, and serve Him day and night in His temple. And He who sits on the throne will dwell among them. They shall neither hunger anymore nor thirst anymore; the sun shall not strike them, nor any heat; for the Lamb who is in the midst of the throne will shepherd them and lead them to living fountains of waters. And God will wipe away every tear from their eyes.”" (Revelation 7: 13-17) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الأبرار والقديسين في الملكوت السماوي: "وأجاب واحد من الشيوخ قائلا لي: «هؤلاء المتسربلون بالثياب البيض، من هم؟ ومن أين أتوا؟» فقلت له: «يا سيد، أنت تعلم». فقال لي: «هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة، وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف من أجل ذلك هم أمام عرش الله، ويخدمونه نهارا وليلا في هيكله، والجالس على العرش يحل فوقهم. لن يجوعوا بعد، ولن يعطشوا بعد، ولا تقع عليهم الشمس ولا شيء من الحر، لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم، ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية، ويمسح الله كل دمعة من عيونهم»" (الرؤيا 7: 13-17) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

"مَنْ هُمْ؟ وَمِنْ أَيْنَ أَتَوْا؟" (رؤ 7: 13)

"فَقُلْتُ لَهُ: «يَا سَيِّدُ، أَنْتَ تَعْلَمُ»" (رؤ 7: 14)

ما أروع أدبك واتضاعك يا يوحنا الحبيب المحبوب وأنت تُكَلم واحد من الكهنة الأربعة والعشرين الذين أنت منهم بل من أفضلهم وربما أحبهم إلى قلب الرب.

تقول له "يا سيد"، ثم تَنسِب المعرفة له "أنت تعلم".

نعم فمار يوحنا يُمَثِّل الكهنة المجاهدين على الأرض في ذلك الوقت أما أحد الأربعة والعشرين كاهنًا يمثل الكهنة المنتصرين في السماء.

وهكذا رسم لنا مار يوحنا وهو في أعلى الدرجات الروحية الرسول الحبيب والرائي كيف يتعامل المجاهدون على الأرض مع القديسين المنتصرين في السماء "يا سيد أنت تعلم"، ثم يتعلم منه.

ما أعظم مار يوحنا، وهو على الأرض يتعامل مع السمائيين ويتعلم منهم. ألا يَحُثُّنا هذا أن نتعلم كيف نتعامل مع قديسي السماء ونطلب معونتهم في كل شيء؟

 

"فَقَالَ لِي: «هَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ أَتَوْا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ" (رؤ 7: 14)

الضيقة العظيمة هي ضيقات متنوعة؟

يجيب إرميا النبي "آهِ! لِأَنَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ عَظِيمٌ وَلَيْسَ مِثْلُهُ. وَهُوَ وَقْتُ ضِيقٍ عَلَى يَعْقُوبَ" (إر 30: 7). ودانيال يقول "وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ يَقُومُ مِيخَائِيلُ الرَّئِيسُ الْعَظِيمُ الْقَائِمُ لِبَنِي شَعْبِكَ، وَيَكُونُ زَمَانُ ضِيقٍ لَمْ يَكُنْ مُنْذُ كَانَتْ أُمَّةٌ إِلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ" (دانيال 12: 1).

وهذا ما علَّمنا به الرب نفسه "لِأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الْآنَ وَلَنْ يَكُونَ" (متى 24: 21).

أما مار يوحنا يدعوا هذه الضيقة العظيمة بساعة التجربة فيقول "سَاعَةِ التَّجْرِبَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى الْعَالَمِ كُلِّهِ لِتُجَرِّبَ السَّاكِنِينَ عَلَى الْأَرْضِ." (رؤ 3: 10)

وهنا ندرك أن العهد القديم يحدثنا عن الضيقة العظيمة التي لا مثيل لها لا قبلها ولا بعدها وهذا ما يؤيده ربنا يسوع المسيح ومار يوحنا الحبيب. ولكن أنبياء العهد القديم تكلموا عن الضيقة أنها تخص أبناء يعقوب شعب الله، أما العهد الجديد فلم يحدد بني إسرائيل، وعلى الرغم أن هناك من شرحوا سِفْر الرؤيا من المعتبَرين وأبرزوا أن الضيقة العظيمة تَخُص بني إسرائيل، إلا أنني أميل إلى أننا لا نُقَسِّم الأمر في العهد الجديد إلى يهود وأمم، ففي العهد الجديد "لَيْسَ يَهُودِيٌّ وَلاَ يُونَانِيٌّ" (غل 3: 28). بل اليهودي مَتى آمن وصار مسيحيًا سيكون فردًا في كنيسة المسيح بلا تمييز أو تميُّز أو امتياز. وإن لم يؤمن سيكون ضمن الأشرار وغير المؤمنين كالأمم المختلفة.

وقد شرحنا أن الرؤيا الأولى [رؤيا 7: 1-8] تخص الغالبين حتى لو ذُكر أسباط إسرائيل الاثنا عشر، فهؤلاء يرمزوا لشعب الله في العالم كله بكل بلدانه، كما أُخِذ من الأسباط أعدادٌ رمزية متساوية، وهذا غير معقول عمليًا، بل هذا رمزٌ للمساواة بين الجميع سِبْطًا مكرَّسًا أو سبطًا رأسه شرير، يهودًا أو أممًا.

ولذلك فمار يوحنا بعدما سمع عدد المختومين 144000 مختوم، نظر وإذا جَمْع كثير لم يستطع أحد أن يَعُدَّه من كل الأمم والقبائل والشعوب والألسنة واقفون أمام العرش وأمام الخروف، وهكذا اختلط الكل، وصار الجميع واحدًا.

وستكون هذه الضيقة العظيمة هي وقت تسلُّط الوحش والنبي الكذَّاب حيث سيدوسون المدينة المقدسة 42 شهرًا، زمان وزمانين ونص زمان، ثلاث سنوات ونصف. ويعمل النبِيَّان لمعونة المؤمنين 1260 يومًا.

 

"وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ" (رؤ 7: 14)

هنا إشارة إلى سِرَّين: سر التوبة والاعتراف، وسر الافخارستيا، فَبِهِمَا غفران خطايانا.

غَسَّلَ الثِيَابَ رمْز لطهارة الإنسان. فعندما أخطأ آدم فقد ثيابه وشعَرَ بأنه عريان وكانت هذه صورة رمزية. وعندما رجع الابن الشاطر إلى أبيه ألبسه الحُلَّة الأولى التي كانت له قبل الاتساخ بالخطية.

لذلك ففي سر المعمودية يخلع المُعَمَّد الحُلة المُتسخة رمز خلع الخطية، التي صيرته عريانًا، ويلبس الحُلَّة البيضاء رمز الحياة الجديدة.

وغَسَّلَ الثِيَابَ أيضًا رمز لسر التوبة والاعتراف، ونلاحظ التعبير "غسَّلوا ثيابهم" وهو الغَسْل عدة مرات، فَسِرُّ التوبة والاعتراف سِرٌّ مُتَكَرِّر نمارسه أكثر من مرة، فنحن نحتاج كل يوم أن نَغْسِل خطايانا بدموع التوبة. والأمر ليس هكذا فقط بل:

" وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ" وهذا هو سر التناول "دَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ" (1 يو 1: 7).

فالغفران ليس عمل إنساني يرتبط بتوبة الإنسان فقط، بل عمل إلهي يستعد لقبوله الإنسان بالتوبة. أو بِأكثر دِقَّة إنَّ المغفرة الإلهية التي نأخذها من دم المسيح في سر التناول نستحقها بِسِر التوبة والاعتراف.

وهنا فلنتقدم ونفهم موضوعًا هامًّا هو:

الغفران بين سِرَّيِّ الاعتراف والقُرْبان

نحن نعرف أننا في سر التوبة والاعتراف نأخذ مغفرة لخطايانا،

ثم نعود ونقول في سر التناول "يُعطَى لمغفرة الخطايا".

فكيف إذن تُغفَر الخطية؟ بالتوبة؟ أم بسر الاعتراف؟ أم بسر التناول؟

للإجابة على هذا التساؤل لابد أن نعرف أن هناك ثلاث معاني للمغفرة.

فنحن نصلي رجالًا ونساءًا الصلاة الربانية ونقول "كَمَا نَغْفِر نَحْنُ أَيْضًا" (مت 6: 12) فالعلماني والمرأة يغفران الخطية، وهذا هو المعنى الأول للمغفرة بمعنى التسامح. أننا نسامح المخطئ ونغفر له. وهذا شرْط لقبول اعتراف الإنسان أن يتصالح مع من أخطأ إليه "فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئًا عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ، وَاذْهَبْ أَوَّلًا اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ" (مت 5: 23). فهل غُفِرَت الخطية؟ لا.

إنها الخطوة الأولى للمغفرة وهي الشرط الأول لكن الخطية لم تُغفَر بعد. فَـ"مَنْ يَقْدِرُ أَنْ يَغْفِرَ خَطَايَا إلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ؟" (مر 2: 7).

 

الخطوة الثانية سر التوبة والاعتراف

هناك 27 نصًّا كتابيًّا في العهد الجديد يُلزِمنا بالاعتراف أمام الكاهن، وإحدى هذه النصوص التي قالها الرب للآباء الرسل "نَفَخَ وَقَالَ لَهُمُ: «اقْبَلُوا الرُّوحَ الْقُدُسَ. مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكْتُمْ خَطَايَاهُ أُمْسِكَتْ» (يو 20: 21-23). وهنا الكاهن يغفر الخطايا.

وهذه المغفرة تعني أن الكاهن ينقل الخطية إلى الذبيحة، كما يشرحها العهد القديم: كان الإنسان في العهد القديم يأتي بالذبيحة أمام الكاهن ويضع يده على رأس الذبيحة ويعترف بخطاياه فتنتقل الخطية إلى الذبيحة ثم يقدم الكاهن الذبيحة فتغفر الخطية.

وهنا نتذكر قول ناثان لداود "الرَّبُّ أَيْضًا قَدْ نَقَلَ عَنْكَ خَطِيَّتَكَ. لاَ تَمُوتُ" (2 صم 12: 13)

ففي سِرِّ التوبة والاعتراف المغفرة التي شرحها لنا القديس يوحنا "مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ" (يو 20: 23؛ مت 18: 18). الغفران يعني نَقْلَ الخطية.

 

الخطوة الثالثة سر الافخارستيا

الغفران بمعنى التكفير عن الخطية. عندما سلَّم الرب سر الافخارستيا للآباء الرسل قال لهم "خُذُوا كُلُوا. هَذَا هُوَ جَسَدِي... اشْرَبُوا... هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا" (متى 26: 26-28). ويجب أن نلاحظ أن كلمة "يُسفَك" في المضارع المُستَمر؛ لأن سِر الافخارستيا سِر مُسْتَمر وليس مرة واحدة.

وكلمة يُسْفَك من أجل كثيرين وليس من أجل العالم كله؛ لأن المتناولين منه كثيرون وليس العالم كله. أما صَلْبُ السيد المسيح فقيل عنه "لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ" (يوحنا 3: 16).

لقد صُلِب المسيح من أجل العالم، وليس من أجل المؤمنين به فقط. نعم لا يَخلُص إلا الذي يؤمن به، ولكنه بذل ابنه الوحيد من أجل العالم كله. أما في سر الافخارستيا فالدم المسفوك في الكأس من أجل كثيرين من أجل الذين يتناولون منه فقط. وقد شرح إشعيا النبي هذا السر بصورة رائعة في الإصحاح السادس من سِفْره فقال "رَأَيْتُ السَّيِّدَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ عَالٍ وَمُرْتَفِعٍ وَأَذْيَالُهُ تَمْلأُ الْهَيْكَلَ. السَّرَافِيمُ وَاقِفُونَ فَوْقَهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ. بِاثنيْنِ يُغَطِّي وَجْهَهُ وَبِاثنيْنِ يُغَطِّي رِجْلَيْهِ وَبَاثنيْنِ يَطِيرُ. وَهَذَا نَادَى ذَاكَ: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ" (إش 6: 1-3). وهذا ما نردده في القداس "فَاهْتَزَّتْ أَسَاسَاتُ الْعَتَبِ مِنْ صَوْتِ الصَّارِخِ وَامْتَلأَ الْبَيْتُ دُخَانًا. فَقُلْتُ: «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ، لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ، وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ»

"فَطَارَ إِلَيَّ وَاحِدٌ مِنَ السَّرَافِيمِ وَبِيَدِهِ جَمْرَةٌ (فحم متقد بالنار) قَدْ أَخَذَهَا بِمِلْقَطٍ مِنْ عَلَى الْمَذْبَحِ (لأنه ليس كاهنًا)، ما هذه الجمرة التي تؤخذ من على المذبح وتوضع في الفم؟ لعلنا نفهم أن الشورية رمز لبطن العذراء، والجمر هو المسيح نار متحدة بالفحم، لاهوتٌ متحدٌ بالناسوت. لذلك نقول لحن "المجمرة الذهب هي العذراء"

"وَمَسَّ بِهَا فَمِي وَقَالَ «إِنَّ هذِهِ قَدْ مَسَّتْ شَفَتَيْكَ، فَانْتُزِعَ إِثْمُكَ، وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ» (إش 6: 4-7).

واضح هنا تمامًا أنه يُحَدِّثنا عن جسد المسيح الذي يؤخَذ من على المذبح وهو جَمْر لأنه خبز متحدٌ باللاهوت كالفحم المُتَّحد بالنار ويوضع في الفم فماذا يحدث؟ "انْتُزِعَ إِثْمُكَ، وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ."

هذا هو الغفران الكامل. التكفير عن الخطية.

هذا امتداد الصليب الذي عليه قدَّم المسيح جسدًا ودمًا لاهوتًا متحدًا بالناسوت "وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا" (1 يو 2: 2).

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

واضح هنا أن الغفران نأخذه على مراحل:

1. التوبة مع الاعتذار عن الخطية ومصالحة المخطَأِ في حقه، وإرجاع المسروق وغيره من أعمال التوبة. وهذا يعطي مغفرة بمعنى استحقاق المغفرة وهو استعداد إنساني لقبول المغفرة لكن الغفران ليس عمل إنساني بل عمل إلهي.

2. سر الاعتراف وفيه ينقل الكاهن الخطية من الإنسان إلى ذبيحة المسيح (الافخارستيا)، ولذلك أثناء القداس يصلي الكاهن سِر الرَّجعة بعدما يأخذ اعترافات الناس ويعود إلى المذبح ويطلب غفران خطاياهم. فتُغفَر الخطية بمعنى نقلها على المسيح الذبيح فيعطي حِلًّا للمُعترِف وغفرانًا حسبما قال الكتاب "مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ" (يو 20: 21)، "كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الْأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ، وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الْأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ" (مت 18: 18).

3. سر الافخارستيا وفيه الغفران الإلهي الكامل؛ لأنه امتداد عَمَل الصليب. ليس تكرارًا بل امتدادًا، لأن ذبيحة الصليب ممتدة في الزمان وقد قيل جسدي المكسور، ودمي المسفوك، يسوع وإياه مصلوبًا، بالمضارع أي لا يزال مكسورًا ومسفوكًا ومصلوبًا. فالافخارستيا تُحَقِّق هذا؛ لأنها امتداد ذبيحة الصليب الواحدة في كل زمان ومكان وهي تكفير عن خطايانا. ولذلك عند أخْذ الجسد (الخبز المُتَّحد باللاهوت) الفحم المتحد بالنار، ووضْعِه في الفم قيل "انتُزِع إثمُك وكُفِّر عن خطيتك".

 

والآن نقول أنَّ شروط الغفران هي:

التوبة، الاعتراف أمام الكاهن، التناول من جسد الرب ودمه.

هذا من جهة الإنسان المسيحي أي المؤمن المُعَمَّد.

أمَّا إذا تحدثنا عن الإنسان الوثني فسنضيف إلى شروط غفران الخطية

1. الإيمان: وهناك آيات تحدثنا عن أن الإيمان يغفر الخطايا.

2. المعمودية: وهناك آيات تثبت أن المعمودية تغفر الخطايا.

والحقيقة أن الايمان وحده لا يغفر ولا المعمودية وحدها تغفر، لا التوبة وحدها ولا الاعتراف وحده يغفر، ولا التناول وحده يغفر، بل من يتناول بدون استحقاق يكون مُجرِمًا في جسد الرب ودمه (1 كو 11: 27).

إنما أسلوب الكتاب المقدس أن يُقَدِّم أي موضوع خلال آيات الكتاب المقدس. لذلك كتب قداسة البابا شنوده الثالث موضوع خطورة استخدام الآية الواحدة في بداية كتاب الخلاص في المفهوم الأرثوذكسي.

أما الغفران فيكون بهذه الخمسة معًا (الإيمان، المعمودية، التوبة، الاعتراف، الافخارستيا). ولنا نحن المسيحيين (المؤمنين المعمدين) فبالثلاثة (التوبة، الاعتراف، التناول).

 

"مِنْ أَجْلِ ذلِكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ اللهِ، وَيَخْدِمُونَهُ نَهَارًا وَلَيْلًا فِي هَيْكَلِهِ، وَالْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ." (يو 7: 15)

مِنْ أَجْلِ ذلِكَ من أجل أنهم عاشوا حياة التوبة والاعتراف والتناول. فقد غسَّلوا ثيابهم وبيَّضوا ثيابهم في دم الخروف فتسربلوا بالثياب البيض والآن هم أمام عرش الله ويخدمونه خدمة التسبيح الدائم في الملكوت "نهارًا وليلًا" وهذا التعبير ليس حرفيًّا؛ لأن السماء والأبدية لا يوجد فيها ليل ولكنه تعبير بشري يُراد به الديمومة.

فِي هَيْكَلِهِ (رؤ 7: 15) هذا التسبيح سيكون في هيكله. أي هيكل هذا؟

هيكل أورشليم قد هُدِم سنة 70 م، وسِفْر الرؤيا كُتِب سنة 97 م تقريبًا. فلا يوجد الهيكل، فإن قُلْنا أنه سيُبنى، نقول وسيتنجس، لأن ضد المسيح "يَجْلِسُ فِي هَيْكَلِ اللهِ كَإِلَهٍ مُظْهِرًا نَفْسَهُ أَنَّهُ إِلَهٌ" (2 تس 2: 4).

إنما سِفْر الرؤيا نقَلَنا في هذه الآية إلى السماء إلى عرش الله فهو الهيكل السمائي. فماذا يقول سِفْر الرؤيا عن هذا الهيكل السمائي؟ يقول مار يوحنا عن السماء الجديدة "وَلَمْ أَرَ فِيهَا هَيْكَلًا، لِأَنَّ الرَّبَّ اللهَ الْقَادِرَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، هُوَ وَالْخَرُوفُ هَيْكَلُهَا." (رؤ 21: 22)

إذن هذا التسبيح الدائم أمام عرش الله هو موجَّهٌ لله القادر على كل شيء هو والخروف... تسبيح دائم لله الآب والابن".

 

"وَالْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ" (رؤ 7: 15)

καὶ καθήμενος ἐπὶ τοῦ θρόνου σκηνώσει ἐπαὐτούς

والواحد الجالس على العرش نصب خيمته عليهم

نحن نقول في لحن الشعانين "الجالس فوق الشروبيم اليوم ظهر في أورشليم". وعبارة "الجالس فوق الشروبيم" تُقدم نفس المعنى. فالطغمة السمائية الساقطة هي طغمة كروبيمية من طبقة العروش كان الرب يجلس عليهم أو يحِل فوقهم أو يُخَيِّم عليهم وهذا هو المعنى المقصود.

ونحن الغالبون سَنَحِلُّ مَحَلَّ هذه الطغمة الساقطة، فننضم إلى طغمة الكروبيم أو الشروبيم أو العروش أو العرش الكاروبيمي، ونصير جزءًا منه فيحل الله فوقنا ويُخَيِّم علينا فنصير تحت حفظه الإلهي وهكذا نسبحه كل حين.

فنحن ضمن هؤلاء الجَمْع الكثير الذي لم يستطع أحد أن يَعُده من كل الأمم... "وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ" متسربلين بثياب بيض... (لأنهم)... قَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ... مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ هُمْ أَمَامَ عَرْشِ اللهِ، وَيَخْدِمُونَهُ نَهَارًا وَلَيْلًا فِي هَيْكَلِهِ، وَالْجَالِسُ عَلَى الْعَرْشِ يَحِلُّ فَوْقَهُمْ." (رؤ 7: 9، 14-15)

فيتحولوا هم إلى جُزء من عرشه.

فهذه هي الصورة الرمزية في هيكل سليمان، تابوت العهد الذي يمثل حضور الله كان جالسًا فوق الكروبيم ومائدة الغفران في قدس الأقداس.

 

"لَنْ يَجُوعُوا بَعْدُ، وَلَنْ يَعْطَشُوا بَعْدُ" (رؤ 7: 16)

هنا على الأرض قيل "طُوبَى لِلْجِيَاعِ وَالْعِطَاشِ إِلَى الْبِرِّ، لِأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ" (مت 5: 6). فنحن نجوع روحيًّا إلى البر فنعمل البر فنشبع. وحينما نخطئ أو نضعف يضيع الشّبع الإلهي وطوبى لمن يعود فيجوع إلى حالة البر ثانيًا، وهكذا تتكرر القصة.

أما في السماء، وقد وصلنا إلى الله فصرنا عرشًا، وخيَّم علينا واستراح فوقنا، فلن نجوع بعد لأنه سِر شِبَعِنا. حينما نتَّحد به كخُبز الحياة نشبع ويستمر شِبَعُنا به لأننا معه في ديمومة. وهكذا فهو ماء الحياة من يشرب منه لن يعطش، "وَلَكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الْأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»." (يو 4: 14) فحالة الارتواء هذه أبدية بلا توقف.

"وَلَا تَقَعُ عَلَيْهِمِ الشَّمْسُ وَلَا شَيْءٌ مِنَ الْحَرِّ" (رؤ 7: 16)

هل يمكن أن يؤثر فيهم شيء؟ لقد انتهت آلام الزمان الحاضر. انتهت ضربة الشمس وانتهي حرُّها. فبعد الانتصار لا تجارب ولا الآم.

 

"لِأَنَّ الْخَرُوفَ الَّذِي فِي وَسَطِ الْعَرْشِ يَرْعَاهُمْ، وَيَقْتَادُهُمْ إِلَى يَنَابِيعِ مَاءٍ حَيَّةٍ" (رؤ 7: 17)

عظيم هذا الخروف الراعي، الحَمَل الجالس على عرشه يرعى أبناءه ويقودهم إلى الينابيع الحية.

رأيناه مولودًا حَمَلًا في مذود بين الخراف، وقد أتى لزيارته الرعاة. ورأيناه يقول "أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ" (يو 10: 11).

قال عنه دواد النبي راعي الأغنام "الرَّبُّ رَاعِيَّ فَلَا يُعْوِزُنِي شَيْءٌ. فِي مَرَاعٍ خُضْرٍ يُرْبِضُنِي. إِلَى مِيَاهِ الرَّاحَةِ يُورِدُنِي" (مز 23: 1-2).

فإذا كان الحَمَل يرعانا كراع صالح ويبذل نفسه عنا فلا يعوزنا شيء ويوردنا إلى مياه الراحة ونحن على الأرض، فماذا عنَّا في السماء! يرعانا أكثر ويقودنا إلى ينابيع ماء الحياة أكثر، فلا نجوع ولا نعطش ونحن معه.

 

وماذا يعني هذا الطعام وهذا الشراب؟

يقول الرب "مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ" (رؤ 2: 7)

"مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْمَنِّ الْمُخْفَى" (رؤ 2: 17)

والمسيح له المجد ذاته هو ثمرة شجرة الحياة، وهو المَنُّ المخفى

فهو شبعنا وارتوائنا الوحيد. وقد قال "أَنَا يَنْبُوع الْمِيَاهِ الْحَيَّةِ" (إر 2: 13)

"وَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ." (رؤ 7: 17)

"وَسَيَمْسَحُ اللهُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ." (رؤ 21: 4)

لقد نَقَلَنا الله من أرض البكاء والدموع، وسوف يمسح الله دموعنا. وهنا نسأل أي دموع يمْسَحُها الله؟

كل دمعة ذرفناها على خطايانا، يمسحها بأن يكللنا بالثبات في البر فلا خطيئة بعد ولا حرب.

كل دمعة ذرفناها في الخدمة من أجل الله يمسحها بالمكافئة الكاملة في سعادة التسبيح الأبدية. فالسعادة تُنهي الدموع.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(26) بالطبع هناك الرأي الآخر أنه يرمز للغالبين من العالم كله، باعتبار أن العهد الجديد ليس فيه تمييز بين اليهود والأمم.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-youhanna-fayez/apocalypse/chapter-07.html

تقصير الرابط:
tak.la/nh2z2n4