St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   fr-youhanna-fayez  >   apocalypse
 
St-Takla.org  >   bible  >   commentary  >   ar  >   nt  >   fr-youhanna-fayez  >   apocalypse

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص يوحنا فايز زخاري

الرؤيا 2 - تفسير سفر الرؤيا

 

محتويات:
(إظهار/إخفاء)

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الإصحاح الثاني

إلى الكنائس السبع

 

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Jesus Christ from the Book of Revelation, "He who holds the seven stars in His right hand, who walks in the midst of the seven golden lampstands" (Apocalypse 2:1). A modern Coptic fresco art icon by Samy Hennes - Coptic architecture and icons of Saint TaklaHaimanout Coptic Orthodox Church, Alexandria, Egypt, after 2007 reconstruction - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org. صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح من كتاب سفر الرؤيا، "الممسك السبعة الكواكب في يمينه، الماشي في وسط السبع المناير الذهبية" (رؤيا يوحنا اللاهوتي 2: 1). أيقونة من الفن القبطي الحديث، لوحة فريسكو حائطية - رسم الفنان سامي حنس - صور العمارة القبطية بكنيسة الأنبا تكلاهيمانوت، الإبراهيمية، الإسكندرية، بعد ترميم عام 2007 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org Image: Jesus Christ from the Book of Revelation, "He who holds the seven stars in His right hand, who walks in the midst of the seven golden lampstands" (Apocalypse 2:1). A modern Coptic fresco art icon by Samy Hennes - Coptic architecture and icons of Saint TaklaHaimanout Coptic Orthodox Church, Alexandria, Egypt, after 2007 reconstruction - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org.

صورة في موقع الأنبا تكلا: السيد يسوع المسيح من كتاب سفر الرؤيا، "الممسك السبعة الكواكب في يمينه، الماشي في وسط السبع المناير الذهبية" (رؤيا يوحنا اللاهوتي 2: 1). أيقونة من الفن القبطي الحديث، لوحة فريسكو حائطية - رسم الفنان سامي حنس - صور العمارة القبطية بكنيسة الأنبا تكلاهيمانوت، الإبراهيمية، الإسكندرية، بعد ترميم عام 2007 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

إلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ

ταῖς ἑπτὰ ἐκκλησίαις

تحدثنا في الرُؤْيَا الأولى عن "السيد المسيح وسط كنيسته"، وكان هذا هو الإصحاح الأَوَّلُ من سِفْر الرُؤْيَا.

ثم جئنا إلى الرُؤْيَا الثانية وهي «الرسائل السبع إلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ» وتشمل الإصحاحين الثاني والثالث. تلك قال عنها الرب «وَالَّذِي تَرَاهُ، اكْتُبْ فِي كِتَابٍ وَأَرْسِلْ إلَى السَّبْعِ الْكَنَائِسِ الَّتِي فِي أَسِيَّا» (رؤ 1: 11).

1. إلى أفسس أي المحبوبة، وأسقفها القديس تيموثاوس الرسول تلميذ القديس بولس الرسول، وتمثل العصر الرسولي في محبته وقوته، من يوم الخمسين حيث تأسست الكنيسة إلى نهاية القرن الأول، وقد وصفه سِفْر الأعمال بالمحبة العميقة (أعمال 2: 42-47).

2. إلى سميرنا أي المر، وأسقفها. وتمثل عصر الاستشهاد حيث الضيقة الكاملة وتشير إليها الأيام العشرة، والأباطرة العشرة الذين اضطهدوا الكنيسة، ولذلك قيل «وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيْقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ» (رؤيا 2: 10).

3. إلى برغامس أي الاقتران بين الكنيسة والدولة خلال عصر قسطنطين الملك الذي صار مسيحيًا. أما أسقفها فغير معروف. وتمثل عصر المجامع المسكونية حيث انتشرت الهرطقات.

4. إلى ثياتيرا أي المسرح وأسقفها القديس إيريناوس تلميذ القديس بوليكاربوس وتمثل عصر الانحرافات الأخلاقية في العصور الوسطى المظلمة.

5. إلى ساردس أي البقية، وأسقفها الأسقف ميليتون، وتمثل شكلية العبادة.

6. إلى فيلادلفيا أي المحبة الأخوية، وأسقفها القديس كودراتس، وهو عصر ما قبل ضد المسيح أو عصر التأخي السطحي بين الكنائس.

7. إلى اللاوُدكيين أي حكم الشعب، وأسقفها غير معروف، وتمثل عصر الديمقراطية التي يعيشها العالم الآن، ويصل التدهور إلى أقصاه، ونرى المسيح خارج الكنيسة يقرع بابها.

 

عصور العالم السبعة

1. الإنسان كما خلقه الله: في حالة البراءة والسيادة، ثم امتحان طاعته، الذي انتهى بعصيانه وطرده.

2. الإنسان تحت حكم الضمير: بعد معرفة الخير والشر، والتمييز بينهما، وإذ عرف الخير لم يعمله وعرف الشر وفعله «كُلَّ تَصَوُّرِ أَفْكَارِ قَلْبِهِ إنَّمَا هُوَ شِرِّيرٌ كُلَّ يَوْمٍ» (تك 6: 5)، وانتهى بالطوفان.

3. الإنسان والحكومة: «مِنْ يَدِ الْإنْسَانِ أَطْلُبُ نَفْسَ الْإنْسَانِ،.. سَافِكُ دَمِ الْإنْسَانِ بِالْإنْسَانِ يُسْفَكُ دَمُهُ» (تك 9: 5-6). إذ دعا الله إبراهيم من أهله وعشيرته، أما ملوك إسرائيل أسلمهم للأسر الأشوري، وملوك يهوذا أسلمهم للأسر البابلي، وبدأت أزمنة الأمم بنبوخذ نصر الرأس الذهب، وبعد ثلاث إمبراطوريات أتى المسيح الحجر الذي قُطع بغير يَدَيْن. «أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ.. لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ» (رومية 13: 3-4).

4. الإنسان تحت الناموس: «أَجَابَ الشَّعْبُ: كُلُّ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الرَّبُّ نَفْعَلُ» (خر 19: 8)، لكنه عَبَدَ العِجل الذهبي وظل يكسر الناموس حتى «صَرَخُوا: اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ!» (لوقا 23: 21).

5. الإنسان تحت النعمة: مِن صَلْب المسيح وبدء مملكته إلى قبيل المجيء الثاني بقليل.

6. الارتداد العظيم: بظهور ضد المسيح حيث يُحَلُّ الشيطان ويُضِل ولو أمكن المختارين (رؤيا 20: 7-9).

7. المجيء الثاني.

 

St-Takla.org Image: "The angel of the church of Ephesus" (Revelation 2: 1) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: 1- "ملاك كنيسة أفسس" (الرؤيا 2: 1) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "The angel of the church of Ephesus" (Revelation 2: 1) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: 1- "ملاك كنيسة أفسس" (الرؤيا 2: 1) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

السَّبْع الْكَنَائِسِ والتفسير النبوي لها

الحديث عن الكنائس السبع حديث عن «ما هُوَ كَائِنٌ» (رؤيا 1: 19)، فالكنائس السبع كانت موجودة فعلًا في زمن القديس يوحنا الحبيب في آسيا الصغرى. إلا أنَّ هناك منهج تفسيري هو المنهج النبوي، وسِفْر الرؤيا هو السِّفْر النبوي الوحيد في العهد الجديد، الذي يحدثنا عن المستقبل.

فافتتاحية السِّفْر «إعْلاَنُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي أَعْطَاهُ إيَّاهُ اللهُ، لِيُرِيَ عَبِيدَهُ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَنْ قَرِيبٍ... طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ النُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ» (رؤ 1: 1-3) «فَاكْتُبْ مَا رَأَيْتَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ، وَمَا هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ هذَا.» (رؤ 1: 9)، «اصْعَدْ إلَى هُنَا فَأُرِيَكَ مَا لاَ بُدَّ أَنْ يَصِيرَ بَعْدَ هذَا» (رؤ 4: 1).

ويوضح هذا المنهج النبوي أن الكنائس السَّبْع وهي كنائس حقيقية إلا أن عددها السُّبَاعِي يرمز إلى الكنيسة الجامعة الممتدة في كل الأرض في كل الزمان منذ بدء الخليقة وإلى أن تغادر أقدامنا هذا الكوكب الذي نستوطنه أيام غربتنا إلى يوم القيامة، فالكنائس السبع تحكى تاريخ الكنيسة الجامعة:

منذ بداءتها بحلول الروح القدس يوم الخمسين (أعمال 2)،

إلى نهايتها بالمجيء الثاني للرب يوم الرب العظيم (2 تس 2).

أو منذ نزول مؤسسها الرب يسوع بالتجسد،

إلى صعودها إلى السماء بالاختطاف.

فالرسائل بترتيبها تمثل المراحل المتعاقبة، وتتنبأ عن أحداث هذه الفترة. فكل كنيسة تشير إلى حقبة زمنية تمُرُّ بها الكنيسة الجامعة.

تشير كنيسة أفسس إلى العصر الرسولي (34-100 م) حيث كانت الكنيسة ملتهبة بمحبة الله «وَكَانَ لِجُمْهُورِ الَّذِينَ آمَنُوا قَلْبٌ وَاحِدٌ وَنَفْسٌ وَاحِدَةٌ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يَقُولُ إنَّ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِ لَهُ، بَلْ كَانَ عِنْدَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ مُشْتَرَكًا... لأَنَّ... الَّذِينَ كَانُوا أَصْحَابَ حُقُول أَوْ بُيُوتٍ كَانُوا يَبِيعُونَهَا، وَيَأْتُونَ بِأَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ، وَيَضَعُونَهَا عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ» (أع 4: 32-35)

كما تشير كنيسة سميرنا إلى عصر الشهداء،... إلى أن يأتي دور كنيسة لاودكية التي تشير إلى عصر الدينونة الأخيرة.

فالرسائل تحكى حياة الكنيسة منذ أفسس المحبوبة إلى لاودكية حيث الرب خارج الباب يقرع طالبًا الدخول (رؤيا 3: 20)، وهذا يعني أننا ماضون لا إلى نهضة روحية، حتى يأتي المسيح، فتكون الأرض للرب ولمسيحه كما يقولون، بل إلى تحقيق «مَتَى جَاءَ ابْنُ الإنْسَانِ أَلَعَلَّهُ يَجِدُ الإيمَانَ عَلَى الأَرْضِ» (لو 18: 8)

والرسائل السبع موجهة إلى ملائكة الكنائس أو أساقفتها لا بصفتهم الشخصية فقط، بل أيضًا بصفتهم رعاة. فكثيرٌ من عبارات هذه الرسائل تحدثنا عن الكنائس وشعوبها لا عن الأساقفة.

فالله الذي أقام رعاة وأساقفة هو أول من يحترم هؤلاء الرعاة، ويكتب ما يخص الكنيسة مُوَجِّهًا كلامه للأسقف المسئول عنها، فهذه كرامة الكهنوت في الكنيسة المقدسة وأمام الله، وهذه مسئولية الرعاة أن الله يربط بين روحياتهم وروحيات شعوبهم، ففي الوقت الذي يخطئ الشعب وتبرد محبته يطلب الله من الأسقف التوبة، فهذه هي مسئولية الرعاية، فالأسقف هو المعلم في الكنيسة من فمه يأخذ الشعب التعليم، هو يأخذ من الله ويعطينا، تمامًا كالبركات التي فاضت في معجزة إشباع الجموع الرب أعطى التلاميذ وهم أعطوا الجموع (متى 14: 19).

 

هل توجد في آسيا كنائس أخرى غير السبعة؟؟

نعم. فمثلًا كنيسة كولوسي (كو 4: 13-16). ولكن الله أرسل فقط للسبعِ لترمز للكنيسة الجامعة. ولهذه الكنائس بالذات أهميتها وضخامتها ومطابَقَة أحوالها نبويًّا مع تاريخ الكنيسة.

 

St-Takla.org Image: "The church of Ephesus" (Revelation 2: 1) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: 1- "كنيسة أفسس" (الرؤيا 2: 1) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "The church of Ephesus" (Revelation 2: 1) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: 1- "كنيسة أفسس" (الرؤيا 2: 1) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

الهيكل العام للرسائل السَّبْع

أولًا: أمَرَ الرب مار يوحنا بكتابة الرسائل «اُكْتُبْ إلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ...»

كَنِيسَةِ أَفَسُسَ (رؤ 1: 2)، كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا (رؤ 2: 8)،

الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَرْغَامُسَ (رؤ 2: 12)، الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي ثَيَاتِيرَا (رؤ 2: 18)،

الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي سَارْدِسَ (رؤ 3: 1)، الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي فِيلاَدَلْفِيَا (رؤ 3: 7)، كَنِيسَةِ الّلاَوُدِكِيِّينَ (رؤ 3: 14).

 

ثانيا: الرب يُقَدِّم نفسه بصفات تتناسب مع كل كنيسة «هذَا يَقُولُهُ...»

1. هذَا يَقُولُهُ الْمُمْسِكُ السَّبْعَةَ الْكَوَاكِبَ فِي يَمِينِهِ الْمَاشِي فِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ:1

2. هذَا يَقُولُهُ الأَوَّلُ وَالآخِر الَّذِي كَانَ مَيْتًا فَعَاشَ (رؤ 2: 8)

3. هذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ السَّيْفُ الْمَاضِي ذُو الْحَدَّيْنِ (رؤ 2: 12)

4. هذَا يَقُولُهُ ابْنُ اللهِ الَّذِي لَهُ عَيْنَانِ كَلَهِيبِ نَارٍ وَرِجْلاَهُ مِثْلُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ (رؤ 2 :18)

5. هذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ وَالسَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ (رؤ 3: 1)

6. هذَا يَقُولُهُ الْقُدُّوسُ الْحَقُّ الَّذِي لَهُ مِفْتَاحُ دَاوُدَ الَّذِي يَفْتَحُ وَلاَ أَحَدٌ يُغْلِقُ (رؤ 3: 7)

7. هذَا يَقُولُهُ الآمِينُ، الشَّاهِدُ الأَمِينُ الصَّادِقُ بَدَاءَةُ خَلِيقَةِ اللهِ (رؤ 3: 14)

 

ثالثا: المسيح يمدح أساقفة الكنائس: «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»

1. وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَحْتَمِلَ الأَشْرَارَ، وَقَدْ جَرَّبْتَ الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ رُسُلٌ وَلَيْسُوا رُسُلًا، فَوَجَدْتَهُمْ كَاذِبِينَ. وَقَدِ احْتَمَلْتَ وَلَكَ صَبْرٌ، وَتَعِبْتَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي وَلَمْ تَكِلَّ. (رؤ 2: 2-3)

2. وَضَيْقَتَكَ وَفَقْرَكَ مَعَ أَنَّكَ غَنِيٌّ. وَتَجْدِيفَ الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا، بَلْ هُمْ مَجْمَعُ الشَّيْطَانِ (رؤ 9: 2)

3. وَأَيْنَ تَسْكُنُ حَيْثُ كُرْسِيُّ الشَّيْطَانِ، وَأَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بِاسْمِي، وَلَمْ تُنْكِرْ إيمَانِي حَتَّى فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا كَانَ أَنْتِيبَاسُ شَهِيدِي الأَمِينُ الَّذِي قُتِلَ عِنْدَكُمْ حَيْثُ الشَّيْطَانُ يَسْكُنُ. (رؤ 2: 13)

4. وَمَحَبَّتَكَ وَخِدْمَتَكَ وَإيمَانَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّ أَعْمَالَكَ الأَخِيرَةَ أَكْثَرُ مِنَ الأُولَى. (رؤ 3: 2)

5. عِنْدَكَ أَسْمَاءٌ قَلِيلَةٌ فِي سَارْدِسَ لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ، فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ (رؤ 3: 4)

6. لأَنَّ لَكَ قُوَّةً يَسِيرَةً، وَقَدْ حَفِظْتَ كَلِمَتِي وَلَمْ تُنْكِرِ اسْمِي لأَنَّكَ حَفِظْتَ كَلِمَةَ صَبْرِي (رؤ 3: 8 - 10)

7. أنا عارف أعمالك ولكن ليست للمدح (رؤ 3: 19).

 

St-Takla.org Image: Map with the seven churches mentioned in The Revelation of John from the Bible (Arabic and English): Ephesus, Smyrna, Pergamos, Thyatira, Sardis, Philadelphia, Laodicea صورة في موقع الأنبا تكلا: خريطة عليها السبعة كنائس من آسيا المذكورة في سفر الرؤيا في الكتاب المقدس (باللغتين العربية والإنجليزية): أفسس - سميرنا - برغامس - ثياتيرا - ساردس - فيلادلفيا - لاودكية

St-Takla.org Image: Map with the seven churches mentioned in The Revelation of John from the Bible (Arabic and English): Ephesus, Smyrna, Pergamos, Thyatira, Sardis, Philadelphia, Laodicea.

صورة في موقع الأنبا تكلا: خريطة عليها السبعة كنائس من آسيا المذكورة في سفر الرؤيا في الكتاب المقدس (باللغتين العربية والإنجليزية): أفسس - سميرنا - برغامس - ثياتيرا - ساردس - فيلادلفيا - لاودكية.

رابعًا: عتاب متدرج إلى توبيخ

1. لكن عندي عليك أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى. فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ، وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى، وَإلَّا فَإنِّي آتِيكَ عَنْ قَرِيب وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَكَانِهَا، إنْ لَمْ تَتُبْ. (رؤ 2: 4-5)

2. (هذه كنيسة الشهداء فلا عتاب ولا توبيخ. بل تشجيع)

3. لكن عندي عليك قليل أَنَّ عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ، الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِيَ مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِي إسْرَائِيلَ: أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، وَيَزْنُوا. هكَذَا عِنْدَكَ أَنْتَ أَيْضًا قَوْمٌ مُتَمَسِّكُونَ بِتَعْلِيمِ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّذِي أُبْغِضُهُ. فَتُبْ وَإّلاَّ فَإنِّي آتِيكَ سَرِيعًا وَأُحَارِبُهُمْ بِسَيْفِ فَمِي (رؤ 2: 14-16)

4. لكن عندي عليك قليل أَنَّكَ تُسَيِّبُ الْمَرْأَةَ إيزَابَلَ الَّتِي تَقُولُ إنَّهَا نَبِيَّةٌ، حَتَّى تُعَلِّمَ وَتُغْوِيَ عَبِيدِي أَنْ يَزْنُوا وَيَأْكُلُوا مَا ذُبحَ لِلأَوْثَانِ وَأَعْطَيْتُهَا زَمَانًا لِكَيْ تَتُوبَ عَنْ زِنَاهَا وَلَمْ تَتُبْ. هَا أَنَا أُلْقِيهَا فِي فِرَاشٍ، وَالَّذِينَ يَزْنُونَ مَعَهَا فِي ضِيقَةٍ عَظِيمَةٍ، إنْ كَانُوا لاَ يَتُوبُونَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ. وَأَوْلاَدُهَا أَقْتُلُهُمْ بِالْمَوْتِ....وَسَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ. (رؤ 2: 20-23)

5. أَنَّ لَكَ اسْمًا أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيْتٌ. كُنْ سَاهِرًا وَشَدِّدْ مَا بَقِيَ، الَّذِي هُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَمُوتَ، لأَنِّي لَمْ أَجِدْ أَعْمَالَكَ كَامِلَةً أَمَامَ اللهِ. فَاذْكُرْ كَيْفَ أَخَذْتَ وَسَمِعْتَ، وَاحْفَظْ وَتُبْ، فَإنِّي إنْ لَمْ تَسْهَرْ، أُقْدِمْ عَلَيْكَ كَلِصٍّ، وَلاَ تَعْلَمُ أَيَّةَ سَاعَةٍ أُقْدِمُ عَلَيْكَ. (رؤ 3: 1-3)

6. (هذه كنيسة تمثل المحبة الأخوية فلا عتاب ولا توبيخ. بل تشجيع)

7. توبيخ: أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا. لَيْتَكَ كُنْتَ بَارِدًا أَوْ حَارًّا! هكَذَا لأَنَّكَ فَاتِرٌ، وَلَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا، أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي لأَنَّكَ تَقُولُ إنِّي أَنَا غَنِيٌّ وَقَدِ اسْتَغْنَيْتُ، وَلاَ حَاجَةَ لِي إلَى شَيْءٍ، ولَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّكَ أَنْتَ الشَّقِيُّ وَالْبَئِسُ وَفَقِيرٌ وَأَعْمَى وَعُرْيَان (رؤ 3: 15-17).

 

خامسًا: تشجيع ولكن عندك هذا:

1. أنَّكَ تُبْغِضُ أَعْمَالَ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّتِي أُبْغِضُهَا أَنَا أَيْضًا (رؤ 2: 6)

2. لا تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ هُوَذَا إبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضًا مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيْقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِينًا إلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إكْلِيلَ الْحَيَاةِ. (رؤ 2: 10)

3. التشجيع ضمن المدح (رؤ 2: 13)

4. وَلكِنَّنِي أَقُولُ لَكُمْ وَلِلْبَاقِينَ فِي ثَيَاتِيرَا، كُلِّ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ هذَا التَّعْلِيمُ وَالَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا أَعْمَاقَ الشَّيْطَانِ، كَمَا يَقُولُونَ إنِّي لاَ أُلْقِي عَلَيْكُمْ ثِقْلًا آخَرَ وَإنَّمَا الَّذِي عِنْدَكُمْ تَمَسَّكُوا بِهِ إلَى أَنْ أَجِيء (رؤ 2: 24- 25)

5. عِنْدَكَ أَسْمَاءٌ قَلِيلَةٌ فِي سَارْدِسَ لَمْ يُنَجِّسُوا ثِيَابَهُمْ، فَسَيَمْشُونَ مَعِي فِي ثِيَابٍ بِيضٍ لأَنَّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ (رؤ 3: 4)

6. هَأَنَذَا قَدْ جَعَلْتُ أَمَامَكَ بَابًا مَفْتُوحًا وَلاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُغْلِقَهُ لأَنَّ لَكَ قُوَّةً يَسِيرَةً، وَقَدْ حَفِظْتَ كَلِمَتِي وَلَمْ تُنْكِرِ اسْمِي (رؤ 3: 8) هَأَنَذَا أَجْعَلُ الَّذِينَ مِنْ مَجْمَعِ الشَّيْطَانِ، مِنَ الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا، بَلْ يَكْذِبُونَ ­هَأَنَذَا أُصَيِّرُهُمْ يَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَ رِجْلَيْكَ، وَيَعْرِفُونَ أَنِّي أَنَا أَحْبَبْتُكَ أَنَا أَيْضًا سَأَحْفَظُكَ مِنْ سَاعَةِ التَّجْرِبَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَأْتِيَ عَلَى الْعَالَمِ كُلِّهِ لِتُجَرِّبَ السَّاكِنِينَ عَلَى الأَرْضِ. هَا أَنَا آتِي سَرِيعًا. تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلاَّ يَأْخُذَ أَحَدٌ إكْلِيلَكَ. (رؤ 3: 9-11)

7. أُشِيرُ عَلَيْكَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنِّي ذَهَبًا مُصَفًّى بِالنَّارِ لِكَيْ تَسْتَغْنِ وَثِيَابًا بِيضًا لِكَيْ تَلْبَسَ، فَلاَ يَظْهَرُ خِزْيُ عُرْيَتِكَ. وَكَحِّلْ عَيْنَيْكَ بِكُحْل لِكَيْ تُبْصِرَ. إنِّي كُلُّ مَنْ أُحِبُّهُ أُوَبِّخُهُ وَأُؤَدِّبُهُ. فَكُنْ غَيُورًا وَتُبْ. هَأَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي. (رؤ 3: 18 - 20).

 

سادسًا: مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ

(رؤ 2: 7، 11، 17، 29؛ 3: 6، 13، 22)

هذه هي الجملة قبل الأخيرة في الرسائل الثلاث الأولى،

والجملة الأخيرة في الرسائل الأربعة الأخيرة.

 

سابعًا: وعود للغالبين (مَنْ يَغْلِبُ.......)

1. فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ (رؤ 2: 7)

2. فَلاَ يُؤْذِيهِ الْمَوْتُ الثَّانِي (رؤيا 2: 11)

3. فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْمَنِّ الْمُخْفَى وَأُعْطِيهِ حَصَاةً بَيْضَاءَ، وَعَلَى الْحَصَاةِ اسْمٌ جَدِيدٌ مَكْتُوبٌ لاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ غَيْرُ الَّذِي يَأْخُذُ (رؤ 2: 17)

4. وَيَحْفَظُ أَعْمَالِي إلَى النِّهَايَةِ فَسَأُعْطِيهِ سُلْطَانًا عَلَى الأُمَمِ، فَيَرْعَاهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ، كَمَا تُكْسَرُ آنِيَةٌ مِنْ خَزَفٍ، كَمَا أَخَذْتُ أَنَا أَيْضًا مِنْ عِنْدِ أَبِي، وَأُعْطِيهِ كَوْكَبَ الصُّبْحِ (رؤيا 2: 26 - 28)

5. فَذلِكَ سَيَلْبَسُ ثِيَابًا بِيضًا، وَلَنْ أَمْحُوَ اسْمَهُ مِنْ سِفْرِ الْحَيَاةِ وَسَأَعْتَرِفُ بِاسْمِهِ أَمَامَ أَبِي وَأَمَامَ مَلاَئِكَتِهِ. (رؤيا 3: 5)

6. فَسَأَجْعَلُهُ عَمُودًا فِي هَيْكَلِ إلهِي، وَلاَ يَعُودُ يَخْرُجُ إلَى خَارِجٍ، وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إلهِي، وَاسْمَ مَدِينَةِ إلهِي، أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةِ النَّازِلَةِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ إلهِي، وَاسْمِي الْجَدِيدَ. (رؤيا 3: 12)

7. فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضًا وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ. (رؤيا 3: 21)

ارتفعت الحياة الروحية إلى القمة في كنيسة سميرنا كنيسة الاستشهاد وفي كنيسة فيلادلفيا كنيسة المحبة الأخوية.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الرسالة الأولى (رؤيا 2: 1-7)

إلى

المسيح

مديح

عتاب

1 اُكْتُبْ إلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ أَفَسُسَ

«هذَا يَقُولُهُ الْمُمْسِكُ السَّبْعَةَ الْكَوَاكِبَ فِي يمينه الماشي فِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ (رؤيا 2: 1)

2 أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَحْتَمِلَ الأَشْرَارَ،

وَقَدْ جَرَّبْتَ الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ رُسُلٌ وَلَيْسُوا رُسُلًا، فَوَجَدْتَهُمْ كَاذِبِينَ. 3 وَقَدِ احْتَمَلْتَ وَلَكَ صَبْر، وَتَعِبْتَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي وَلَمْ تَكِلَّ. (رؤيا 2: 3)

4 لكن عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى

(رؤيا 2: 4)

 

توبيخ

مديح

للكل

من يغلب

5فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ، وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى، وَإّلاَّ فَإنِّي آتِيكَ عَنْ قَرِيبٍ وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَكَانِهَا، إنْ لَمْ تَتُبْ. (رؤ 2: 5)

وَلكِنْ عِنْدَكَ هذَا أَنَّكَ تُبْغِضُ أَعْمَالَ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّتِي أُبْغِضُهَا أَنَا أَيْضًا. (رؤيا 2: 6)

مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. (رؤيا 2: 7)

مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ الله (رؤ 2: 7)

 

أَفَسُسَ: إحدى عواصم آسيا الصغرى، ومن أشهر معالمها هيكل أرطاميس (ديانا) الذي اجتمع لأجله الأفسسيين «صَارِخِينَ نَحْوَ مُدَّةِ سَاعَتَيْنِ: عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ الأَفَسُسِيِّينَ!» (أعمال 19: 34).

وبُني هذا الهيكل في 200 سنة، وهو إحدى عجائب الدنيا السبعة، وكان مقرًّا لأعمال السحر (أعمال 19: 19)، وفي أفسس بَشَّر بولس الرسول بالإيمان، وأسس الكنيسة فيها، وأقام القديس تيموثاوس أسقفًا عليها.

1. دخل مار بولس إلى المجمع في أفسس «وَحَاجَّ الْيَهُودَ. وَإذْ كَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُمْ زَمَانًا أَطْوَلَ لَمْ يُجِبْ. بَلْ وَدَّعَهُمْ قَائِلاً: يَنْبَغِي عَلَى كُلِّ حَال أَنْ أَعْمَلَ الْعِيدَ الْقَادِمَ فِي أُورُشَلِيمَ. وَلكِنْ سَأَرْجِعُ إلَيْكُمْ أَيْضًا إنْ شَاءَ اللهُ. فَأَقْلَعَ مِنْ أَفَسُسَ.» (أعمال 18: 19-21).

2. «حَدَثَ... أَنَّ بُولُسَ... جَاءَ إلَى أَفَسُسَ (ثانيةً). فَإذْ وَجَدَ تَلاَمِيذَ (مسيحيين) قَالَ لَهُمْ: هَلْ قَبِلْتُمُ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمَّا آمَنْتُمْ؟ قَالُوا لَهُ: وَلاَ سَمِعْنَا أَنَّهُ يُوجَدُ الرُّوحُ الْقُدُسُ. فَقَالَ لَهُمْ: فَبِمَاذَا اعْتَمَدْتُمْ؟ فَقَالُوا: بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا. فَقَالَ بُولُسُ: إنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ، قَائِلاً لِلشَّعْبِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِالَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ، أَيْ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ. فَلَمَّا سَمِعُوا اعْتَمَدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. وَلَمَّا وَضَعَ بُولُسُ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْهِمْ، فَطَفِقُوا يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ وَيَتَنَبَّأُونَ. وَكَانَ جَمِيعُ الرِّجَالِ نَحْوَ اثْنَيْ عَشَرَ. ثُمَّ دَخَلَ الْمَجْمَعَ، وَكَانَ يُجَاهِرُ مُدَّةَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ مُحَاجًّا وَمُقْنِعًا فِي مَا يَخْتَصُّ بِمَلَكُوتِ اللهِ. وَلَمَّا كَانَ قَوْمٌ يَتَقَسَّوْنَ وَلاَ يَقْنَعُونَ، شَاتِمِينَ الطَّرِيقَ أَمَامَ الْجُمْهُورِ، اعْتَزَلَ عَنْهُمْ وَأَفْرَزَ التَّلاَمِيذَ، مُحَاجًّا كُلَّ يَوْمٍ فِي مَدْرَسَةِ إنْسَانٍ اسْمُهُ تِيرَانُّسُ. وَكَانَ ذلِكَ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ، حَتَّى سَمِعَ كَلِمَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ جَمِيعُ السَّاكِنِينَ فِي أَسِيَّا، مِنْ يَهُودٍ وَيُونَانِيِّينَ. وَكَانَ اللهُ يَصْنَعُ عَلَى يَدَيْ بُولُسَ قُوَّاتٍ غَيْرَ الْمُعْتَادَةِ» (أعمال 19: 1-11) وهكذا تأسست كنائس كثيرة أشار لها بولس الرسول في رسالته إلى كورنثوس حيث قال «تُسَلِّمُ عَلَيْكُمْ كَنَائِسُ أَسِيَّا» (1 كو 16: 19).

3. إلى أفسس أُرسِلَت أَربعُ رسائل. ثلاثٌ أرسلهم القديس بولس وهم الرسالة إلى أفسس سنة 63 م، والتي أُرسلت من رومية بواسطة القديس تيخيكس (أفسس 6: 24)، رسالتان إلى أسقفها القديس تيموثاوس (1 تي 1: 3؛ 2 تي 1: 18). كما أرسل مار يوحنا الحبيب هذه الرسالة إليها (رؤ 2: 1-7).

4. وفي أفسس خدم القديس أبولس أحد السبعين رسولًا والمقتدر في الكتب (أعمال 18: 24)، وأَكِيلاَ وَبِرِيسْكِلاَّ (أعمال 18: 25- 28). كما خدم القديس تيموثاوس (1 تي 1: 3). وإليها جاء القديس تيخيكس (2 تي 4: 12؛ كولوسي 4: 7) أحد السبعين رسولًا.

5. وفي أفسس كرز مار يوحنا الحبيب الفترة الأخيرة من حياته بين سنة (70 - 100 م).

6. وقبيل استشهاد القديس بولس بقليل أوصى أساقفة أفسس «اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ» (أعمال 20: 28). ثم حذرهم من الهراطقة قائلًا «لأَنِّي أَعْلَمُ هذَا: أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ. وَمِنْكُمْ أَنْتُمْ سَيَقُومُ رِجَالٌ يَتَكَلَّمُونَ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ لِيَجْتَذِبُوا التَّلاَمِيذَ وَرَاءَهُمْ» (أعمال 20: 29 - 30).

ففي نهاية هذا العصر فَتُرَتْ محبةُ الكثيرين حتى عاتبهم الرب قائلًا «تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى» (رؤيا 2: 4-5)، وهذا ما قاله مار بولس الرسول في (أعمال 20: 17-20).

أما القديس يوحنا فأكمل ما عمله مار بولس، واتخذ أفسس مركزًا لخدمته ليؤسس باقي الكنائس السَّبْع في تركيا.

وفي أفسس انعقد المجمع المسكوني الثالث ضد نسطور سنة 431 م، الذي علَّم بانفصال الطبيعتين في المسيح فتكون العذراء والدة الناسوت وليست والدة الإله، ولذلك وضع المجمع مقدمة قانون الإيمان.

 

«اُكْتُبْ إلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ أَفَسُسَ» (رؤيا 2: 1)

Τῷ ἀγγέλῳ τῆς ἐν Ἐφέσῳ ἐκκλησίας γράψον

تبدأ كل رسالة من الرسائل السَّبْع بأمر مخلصنا للقديس يوحنا الحبيب «اُكْتُبْ إلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ...» هناك ثلاثة معاني لكلمة ملاك في السِّفْر:

1. ملاك بالمعنى الأصيل للكلمة: مثل الملاك جبرائيل الذي بشر زكريا الكاهن بميلاد المعمدان، وبشر العذراء بميلاد المسيح، وظهر للقديس يوسف النجار في حلم، ومثل ميخائيل رئيس الملائكة الذي «خَاصَمَ إبْلِيسَ مُحَاجًّا عَنْ جَسَدِ مُوسَى، ... وقَالَ: لِيَنْتَهِرْكَ الرَّبُّ» (يهوذا 9)، ورافائيل الذي ذُكر في سِفْر طوبيا «الواقف أمام الرب» (طوبيا 12: 15)، هؤلاء قال عنهم الكتاب «أَلَيْسَ جَمِيعُهُمْ أَرْوَاحًا خَادِمَةً مُرْسَلَةً لِلْخِدْمَةِ لأَجْلِ الْعَتِيدِينَ أَنْ يَرِثُوا الْخَلاَصَ» (عب 1: 14). وأشار اليهم إليشع النبي فَقَالَ لخادمه «لاَ تَخَفْ، لأَنَّ الَّذِينَ مَعَنَا أَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ مَعَهُمْ». وَصَلَّى إليشع وَقَالَ «يَا رَبُّ، افْتَحْ عَيْنَيْهِ فَيُبْصِرَ». فَفَتَحَ الرَّبُّ عَيْنَيِ الْغُلاَمِ فَأَبْصَرَ، وَإذَا الْجَبَلُ مَمْلُوءٌ خَيْلًا وَمَرْكَبَاتِ نَارٍ حَوْلَ إليشع» (2 ملوك 6: 17-18).

2. ملاك الكنيسة: أي أسقفها أو كاهنها وهذا ما جاء في الإصحاحين الثاني والثالث في سِفْر الرؤيا عن الملائكة السبعة للكنائس السَّبْع.

3. ملاك العهد: وهو السيد المسيح، يقول سِفْر ملاخي عنه «هَأَنَذَا أُرْسِلُ مَلاَكِي فَيُهَيِّئُ الطَّرِيقَ أَمَامِي. وَيَأْتِي بَغْتَةً إلَى هَيْكَلِهِ السَّيِّدُ الَّذِي تَطْلُبُونَهُ وَمَلاَكُ الْعَهْدِ الَّذِي تُسَرُّونَ بِهِ. هُوَذَا يَأْتِي قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ» (ملاخى 3: 1-2) مشيرًا إلى الرب كملاك العهد، وإلى يوحنا المعمدان الكاهن كملاك أيضًا.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

«مَلاَكِ كَنِيسَةِ أَفَسُسَ»

عجيب رب المجد في محبته، يلقب أساقفة الكنيسة بأنهم "ملائكة الكنيسة"، وبالرغم أن بعضهم لهم أخطاؤهم التي تَوَبَّخوا من أجلها «اذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ» (رؤيا 2: 5)، «آتِيكَ... وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَكَانِهَا، إنْ لَمْ تَتُبْ» (رؤ 2: 5)، «لَكَ اسْمًا أَنَّكَ حَيٌّ وَأَنْتَ مَيْتٌ» (رؤ 3: 1)،

«لَمْ أَجِدْ أَعْمَالَكَ كَامِلَةً أَمَامَ اللهِ» (رؤيا 3: 2)، «أَنَّكَ لَسْتَ بَارِدًا وَلاَ حَارًّا... لأَنَّكَ فَاتِرٌ... أَنَا مُزْمِعٌ أَنْ أَتَقَيَّأَكَ مِنْ فَمِي» (رؤيا 3: 15-16)، لكن الرب مع هذا دعاهم ملائكة، أهذا لأن الرب مترفقٌ بالخطاة مملوءٌ حبا وحنانًا! أم لاحترامه لكهنوتهم كأساقفة! فمنهُ نتعلم إكرام الكهنة، إذ هم وكلاء الله. وهذه العبارة تُعطينا صورة عن عين الرب المُحبة التي ترى الجانب المشرق في كل أحد.

يَحكى التاريخ أن السيد المسيح، كان يمشى على شاطئ بُحَيْرة والجموع تتبعه وهو يخاطبهم بالكلمة، وفجأة بالقرب من «جُثَّة كَلْب ميت» وقف الرب يُكْمِل حديثه، فأظهر البعض تَأَفُّفَهُ من رائحة الكلب النتنة، فاقترب الرب وقال لهم أنظروا أليست أسنانه بيضاء...؟ لسنا في مجال التعليق على تاريخية القصة، ولكنها تُبَيِّنُ أن الرب ينظر إلى الجانب المضيء دائمًا، فحتى الكلب الميت النَتِن وجد فيه أسنانه البيضاء.

هكذا حينما التقى بالسامرية «قَالَ لَهَا...اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إلَى هَهُنَا أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالتْ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ. قَالَ لَهَا يَسُوعُ: حَسَنًا قُلْتِ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ، لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ، وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ» (يو 4: 16-18).

رأى الرب في المرأة الزانية الفاسدة، فضيلة الصِّدق ومدحها «حَسَنًا قُلْتِ... هذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ». نعم أعطنا ربي عينًا مُحِبَّة كعينك ترى الفضيلة في كل إنسان على الرغم من آثامه وشروره.

لقد رأى الله أساقفة الكنائس جميعًا كملائكة وقال لمار يوحنا الحبيب: «اُكْتُبْ إلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ...» (رؤيا 1: 2، 8، 12، 18؛ 3: 1، 7، 14).

هذه الرسائل السَّبْع، أعطاها رب المجد بواسطة ملاكه للقديس يوحنا؛ ليرسلها إلى أساقفة الكنائس أو إلى شعوبها بواسطة رعاتها. فالله يتعامل مع شعبه من خلال الأساقفة والكهنة، وهذا يعني أن الكهنة وسطاء بين الله والناس، كما يعني مسئولية الكهنة أمام الله، إذ يحاسبهم في هذه الرسائل لا عن أخطائهم فحسب بل عن أخطاء شعوبهم أيضًا. إنها كرامة الكهنوت ومسئوليته في وقتٍ واحد.

 

الشفاعة والكهنوت في سِفْر الرؤيا:

أعطانا الرب يسوع هذه الرسائل من خلال الشفاعة والكهنوت، شفاعة الملائكة والقديسين، وكهنوت الأساقفة ملائكة الكنائس. فأعطى رسائله للشعب بواسطة الأساقفة، وهذا هو تَوَسُّط الكهنة. وأعطى الأساقفة ملائكة الكنائس بواسطة القديس يوحنا الرسول رئيس الكهنة، وأعطي مار يوحنا الرسول «بيد ملاكه» (رؤيا 1: 1)، وهذه هي شفاعة الملائكة. وعندما نسأل لماذا لم يُعْطِ الرب لشعوب الكنائس مباشرة؟! تكون الإجابة إنه أسلوب رب المجد حتى في العهد الجديد بعد صعوده وحلول الروح القدس، فسِفْر الرؤيا كُتِبَ في نهاية القرن الأول نحو سنة 100 م ولعل هذا اعتراف العهد الجديد بشفاعة الملائكة ووساطة الكهنة ورؤساء الكهنة.

 

المسيح في كنيسة أفسس

«هَذَا يَقُولُهُ الْمُمْسِكُ السَّبْعَةَ الْكَوَاكِبَ فِي يَمِينِهِ» (رؤيا 2: 1)

«وَمَعَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى سَبْعَةُ كَوَاكِبَ» (رؤيا 1: 16)

«سِرُّ السَّبْعَةِ الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى يَمِينِي» (رؤيا 1: 20)

السَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ هِيَ مَلاَئِكَةُ السَّبْعِ الْكَنَائِسِ،

وَالْمَنَايِرُ السَّبْعُ الَّتِي رَأَيْتَهَا هِيَ السَّبْعُ الْكَنَائِسِ» (رؤيا 1: 20)

«هَذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللهِ وَالسَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ» (رؤيا 3: 1)

فالسَّبْعَةَ الْكَوَاكِبَ فِي يَمِينِهِ (رؤيا 2: 1)، وعَلَى يَمِينِه (رؤيا 1: 20)، وهي له (رؤيا 3: 1)، وفِي يَدِهِ الْيُمْنَى (رؤيا 1: 16).

«هَذَا يَقُولُهُ...» Τάδε λέγει

في بدء كل رسالة، يُقَدِّم السيد المسيح نفسه بوصفٍ يتناسب مع ظروف واحتياجات الكنيسة التي يكتب إليها، وحالة أسقفها وشعبها.

 

ما أروعك رَبِّي لا تنتظرنا إلى أن نأتي إليكَ، بل فيك نجد احتياجاتنا وعلاج أمراضنا الروحية.

تُلهب الفاترين في أفسس حين تمشى وسطهم وتطرق أبوابهم «اِفْتَحِي لِي... يَا حَبِيبَتِي يَا حَمَامَتِي يَا كَامِلَتِي لأَنَّ رَأْسِي امْتَلَأَ مِنَ الطَّلِّ وَقُصَصِي مِنْ نَدَى اللَّيْلِ» (نشيد 5: 2).

وتُشَجِّع المتألمين في سميرنا، لا تخافوا الموت فأنا القائم من بين الأموات الذي كان ميتًا فعاش غالبًا أوجاع الموت.

مُدافعًا عن الذين تحاربهم الإمبراطورية الرومانية، فأنتَ لكَ السيف الماضي ذو الحدين.

أما عيناك ربي التي تخترقان أستار الظلام، فتُرعِب الزناة والفاسدين في ثياتيرا مع إيزابَل الشريرة التي تجاهد أن تغوي الأطهار وتسرع إليهم برجليك النُحاسيتين النقيتين لتعتقهم من طريق الضلالة وتنقذهم.

ما أحلاك رَبِّي وأنت ترسل روحك القدوس يعمل في خدامك لتحفظ البقية الباقية من شعب كنيسة ساردس فلا يموت الكل بل تُبقِي لك رُكبًا لم تَنْحَنِ لِبَعل.

نشكرك ربي من أجل بابك المفتوح الذي مفتاحه بيدك وحدك، فتفتح ولا أحد يغلق. ولولا هذا ما استطاع أحد في عصر كنيسة فيلادلفيا، عصر ضد المسيح، في ساعة التجربة العتيدة أن تأتى على العالم أن ينجو.

أخيرًا رَبِّي أعطنا أن نشترى منك ذهبًا مصفى بالنار لكي نستغني، ولا نُشابِه المخطئين من أبناء كنيسة اللاودكيين، بل نغلب ونجلس معك في عرشك كما غلبت أنتَ أيضًا وجلست مع أبيكَ في عرشه.

 

«الْمُمْسِكُ... فِي يَمِينِهِ» (رؤيا 2: 1)

κρατῶν… ἐν τῇ δεξιᾷ αὐτοῦ

عبارة لها ثلاثة معاني: أولها مُطمئن والثاني مُخيف، والثالث مُشجع.

المعنى الأول طوبى لأولئك الذين يشعرون أنهم ممسوكون في يمين الله، في قوته وحمايته، واهتمامه وعنايته «يمين الرب صنعت قوة يمين الرب رفعتني» [(مز 118: 15-16) قبطية]. فنحن لا نخاف؛ لأنه قال «لاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي» (يوحنا 10: 28). لذلك «أَيْضًا إذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي» (مزمور 23: 4). فما دمنا في يمينك لا نخاف الشياطين القوية بل ننتصر عليها بنعمتك.

كان كبريانوس الساحر المغربي الشهير، الذي راح يستعرض سحره وقوة الشياطين التي تسانده في أنطاكية، قد التقى بشاب ثري له نُفُوذٌ، طلب أن يساعده على الزواج بِيُوسْتِينَا الشابة البتول. ولما لم تستطع شياطين وسحر كبريانوس أن يُسَيْطر على عقلها، تَقَلَّدَ شيطانٌ بشكلها وذهب مع الساحر إلى الشاب، وإذ رآها نادى فَرِحًا يوستينا، فتبخر الشيطان وافتُضِح، فمجرد اسم يوستينا هزم القوى. أما كبريانوس فصار مسيحيًا بدون كلمة واحدة، ثم أسقفًا وشهيدًا.

نعم يا رب... لولا يمينك التي تُمسكني لسقطْتُّ، لذلك أقول «أَنَا سَوْدَاءُ وَجَمِيلَةٌ» (نشيد 1: 5). أَنظرُ إلى نفسي الضعيفة فأقول «أَنَا سَوْدَاءُ»، وأنظر إلى يمينك التي تمسكني فأقول «وَجَمِيلَةٌ».

المعنى الثاني: عندما أشعر أني في يمينك يا رب أخاف وأرتعب. هل أنا بعقلي المملوء شرًّا وخطية في يمينك القدوسة الطاهرة؟! رأى إشَعْيَا النبي الرب فقال «رَأَيْتُ السَّيِّدَ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيٍّ عَال وَمُرْتَفِعٍ، وَأَذْيَالُهُ تَمْلأُ الْهَيْكَلَ. السَّرَافِيمُ وَاقِفُونَ فَوْقَهُ، لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةُ أَجْنِحَةٍ، بِاثْنَيْنِ يُغَطِّي وَجْهَهُ، وَبِاثْنَيْنِ يُغَطِّي رِجْلَيْهِ، وَبَاثْنَيْنِ يَطِيرُ. وَهذَا نَادَى ذَاكَ وَقَالَ: «قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ، قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ». فَاهْتَزَّتْ أَسَاسَاتُ الْعَتَبِ مِنْ صَوْتِ الصَّارِخِ، وَامْتَلأَ الْبَيْتُ دُخَانًا. فَقُلْتُ: «وَيْلٌ لِي! إنِّي هَلَكْتُ، لأَنِّي إنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ، وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ، لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ» (إشعيا 6: 1-5)

من أنا يا رب حتى أبقى في يمينك؟! إذا كان إشَعْيَا النبي الإنجيلي العظيم يقول «أنا إنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ» ماذا نقول نحن؟!

في بدء خدمة السيد المسيح له المجد مع الاثني عشر، وعند بحيرة جنيسارت، قضى بطرس مع الصيادين ليلة طويلة من الجهاد ولم يصطادوا شيئًا، فأمر الرب بطرس «اُبْعُدْ إلَى الْعُمْقِ وَأَلْقُوا شِبَاكَكُمْ لِلصَّيْدِ، وَلَمَّا فَعَلُوا ذلِكَ أَمْسَكُوا سَمَكًا كَثِيرًا جِدًّا، فَصَارَتْ شَبَكَتُهُمْ تَتَخَرَّقُ... وَمَلأُوا السَّفِينَتَيْنِ حَتَّى أَخَذَتَا فِي الْغَرَقِ» (لوقا 5: 6-7)، ولما رأى مار بطرس الرب في قوة لاهوته وأدرك أنه قريب من تلك القوة الإلهية. رأى نفسه في يمين الله فارتعب من خطاياه و«خَرَّ عِنْدَ رُكْبَتَيْ يَسُوعَ قَائِلاً: اُخْرُجْ مِنْ سَفِينَتِي يَا رَبُّ لأَنِّي رَجُلٌ خَاطِئٌ» (لوقا 5: 8)

نعم حينما أقترب منكَ ربي أشعر بخطاياي وأرتعب منها ومنكَ. نحن لا نشعر ببشاعة الخطية لأننا لا نحِسُّ بوجود الله. لكن الذي تنفتح عيناه فيرى نفسه في يمين الله يصرخ من خطاياه التي لا تتناسب مع قداسته.

وقصةٌ أخرى تشابه هذه القصة ولكنها بعد القيامة، فعند بحر طبرية وبعد أن قضى سبعة من الاثني عشر الليل كله يصطادون ولم يمسكوا شيئًا. ظهر لهم الرب يسوع من بعيد وسألهم عن سمك ولم يجد عندهم فطلب منهم أن يصطادوا من يمين السفينة فاصطادوا سمكًا كثيرًا حتى أنهم لم يستطيعوا أن يجذبوا الشبكة. وهنا البتولُ (يوحنا) عَرِفَ البتولَ ابنِ البتولِ (الرب يسوع) وصرخ بفرح «هُوَ الرَّبُّ»، «فَلَمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَّبُّ اتَّزَرَ بِثَوْبِهِ... وَأَلْقَى نَفْسَهُ فِي الْبَحْرِ» (يوحنا 21: 7). فعندما واجه مار بطرس الرب تذكر خطاياه، وأراد أن يختبئ من وجهه.

نعم يا رب إذا كان مار بطرس الرسول العظيم، هذه حالته بعدما أخطأ

فكم بالأحرى أنا عندما أشعر أنى في يمينك، وأسمع قول الكتاب:

«الْمُمْسِكُ السَّبْعَةَ الْكَوَاكِبَ فِي يَمِينِهِ» (رؤيا 2: 1).

«وَمَعَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى سَبْعَةُ كَوَاكِبَ» (رؤيا 1: 16).

«السَّبْعَة الْكَوَاكِبِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى يَمِينِي» (رؤيا 1: 20).

عجبًا رَبِّي: أخاف وأخجل من آثامي وأنا في يمينك! فكم يصير رعبي حينما أعرف أنك داخلي «أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ» (1 كو 3: 16)، كم تدمع عيناي وأضع وجهي في التراب وأنا ذاهب لأتحد بكَ فأتناول من جسدك القدوس ودمك الكريم. سامحني رَبِّي فأنا لا أستطيع أن أحيا بدون الاتحاد بك في الافخارستيا، على الرغم من شعوري بأني نجس الشفتين وغير مستحق، لكنى محتاج إليك. وجهي في التراب وآثامي تسبقني، ولكن ماذا أفعل؟ هل أهرب منك؟ وإلى أين؟! إنني أهرب إليك. فعندما أتقدم للتناول من جسدك ودمك الأقدسين لا تحرقني بهما يا جابلي بل احرق كافة الأشواك الخانقة لنفسي. ولْيَطِرْ إلىَّ واحدٌ من السرافيم وبيده جمرة قد أخذها بملقط من على المذبح ويمس بها فمي ويقول «إنَّ هَذِهِ قَدْ مَسَّتْ شَفَتَيْكَ فَانْتُزِعَ إثْمُكَ وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ» (إشعيا 6: 6-7). معروف أن الجمرة هي الفحم الملتهب بالنار، الناسوت المتحد باللاهوت، والجمرة التي تؤخذ من فوق المذبح وتوضع في الفم هي الجسد الإلهي في سر الافخارستيا، فتَنتَزِع الإثم وتكفر عن الخطيئة. إنه الغفران الكامل في سر الافخارستيا، امتداد ذبيحة الصليب، الغفران بالتكفير عن الخطيئة.

المعنى الثالث: حينما يُمسِكُكَ الله في يمينه، فهذا معناه أنه يريد أن يعمل بك شيئًا مقدسًا، لذلك سَلْهُ ماذا تريد أن أفعل؟ افعل بي كما تشاء واستخدمني كآلة بِرٍّ في يمينك، واحذر يا أخي أن تمنع الله من عمله، احذر أن خطاياك تُعَطِّل عمل الله بك ومعك وفيك.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

السبعة الكواكب

τοὺς ἑπτὰ ἀστέρας (7)

«هَذَا يَقُولُهُ الْمُمْسِكُ السَّبْعَةَ الْكَوَاكِبَ فِي يَمِينِهِ» (رؤيا 2: 1)

الكواكب هم أساقفة الكنائس وكهنتها أو رعاتها، وبالمعنى التأملي الخدام وكل إنسان روحي يحيا حياة البر. قال الكتاب «الْفَاهِمُونَ يَضِيئُونَ كَضِيَاءِ الْجَلَدِ وَالَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إلَى أَبَدِ الدُّهُورِ» (دانيال 12: 3). والكواكب أجسام مُعتِمة، نعم نحن نرى القمر مضيئًا، قال عنه سِفْر التكوين «فَعَمِلَ اللهُ النُّورَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ: النُّورَ الأَكْبَرَ (الشمس) لِحُكْمِ النَّهَارِ وَالنُّورَ الأَصْغَرَ(القمر) لِحُكْمِ اللَّيْلِ وَالنُّجُومَ» (تك 1: 17)، ولكن هذا ما نراه، فهل ينير القمرُ الليلَ حقًا؟

تعالوا بنا في هذا الزمان المُتقدم نقوم برحلة فضائية، نستَقِلُّ صاروخًا ونسافر إلى القمر، فسنراه في حقيقته جسم معتم! هكذا الأساقفة والكهنة والخدام وأبناء الله، في ذواتهم أجسامٌ معتمة، لكننا نصير منيرين إذا احتفظنا بأنفسنا أمام الشمس فنعكس ضوءَها على العالم.

وهذا الدرس تُعلمنا إياه الكنيسة في طقسها القديم، فالأنوار في الكنيسة ثلاثة، الأول قنديل الشرقية الموضوع في حضن الآب أمام صورة الرب الجالس على عرشه ممسكًا الكرة الأرضية كضابط الكل، ويُدعى «الذي لا ينام» ويُمَثِّل نور الآب، ينيره الأسقف أثناء تدشين الكنيسة، ويُعَيَّنُ لِخدمته «القَنْدِلِفْتْ الذي يُزِيدُ الزيت كلما نقص، ويحافظ عليه لكي لا ينطفئ ليلًا ونهارًا، ولذلك دُعي الذي لا ينام وهو النور الوحيد في الكنيسة الذي يُمَثِّل نور الله. والثاني شمعدانان عن يمين المذبح وشماله، يُمَثِّلان الملاكين اللذين كانا مع المسيح في القبر «وَاحِدًا عِنْدَ الرَّأْسِ وَالآخَرَ عِنْدَ الرِّجْلَيْنِ» (يو 20: 12)، وقد رأتهما مريم المجدلية بعد القيامة، وهما يُمَثِّلان نور الملائكة. أما النور الثالث هو القناديل والشموع التي تملأ الكنيسة أمام أيقونات الملائكة والقديسين، وهي تمثل نور القديسين الذين ذابت حياتهم في جهاد، وأناروا لنا طريق الإيمان والحياة المقدسة. وفي طقس الكنيسة لا تدخل نار غريبة إليها فعندما ننير قنديل أو شمعة ننقل إليها النور من قنديل الشرقية الذي لا ينام (لا ينطفئ) الذي يُمَثِّل نور الله. وحينما يرى الشعب شماسًا يمسك شمعة ويأتي بالنور من حضن الآب إلى أيقونات الكنيسة، وأحيانًا تنطفئ في الطريق فيعود ينيرها من حضن الآب، يتساءل الناس لماذا كل هذا؟! يتعلمون الدرس إن نور القديسين ليس منهم بذواتهم فَهُمْ كواكب مُعتِمة لكنها تجاهد أن تحتفظ بنفسها أمام الشمس فتعكس نورها على الآخَرين.

وهذا هو السبب لقول الرب «أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ» (يوحنا 8: 12) ثم يقول «أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ» (متى 5: 14). من هو نور العالم يا رب، أنت أم نحن؟ المسيح هو النور الحقيقي، نور العالم «شَمْسُ الْبِرِّ وَالشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا» (ملاخي 4: 2)، هو نورُ في طبيعته "نور من نور"، أما نحن فنُورُنا ليس منا، إننا نعكس نور المسيح على الناس «لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى 5: 16).

ستظل الكواكب منيرة ما دامت محتفظة بنفسها أمام الشمس. فحينما نُصَلِّي ونقرأ كلمة الله، ونعطي الفقير نكون أمام الشمس. ألم يقل «بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إخْوَتِي هَؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ فَبِي فَعَلْتُمْ» (متى 25: 40). أما إذا جاءت الأرض بين الشمس والقمر فإنها تحجز نور الشمس عن القمر. هكذا تفعل محبة العالم ومحبة الخطيئة. «آثَامُكُمْ صَارَتْ فَاصِلَةً بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إلَهِكُمْ وَخَطَايَاكُمْ سَتَرَتْ وَجْهَهُ عَنْكُمْ حَتَّى لاَ يَسْمَعَ» (إش 59: 2).

«فِي يَمِينِهِ» (رؤيا 2: 1) (رؤيا 1: 16).

أي تحت سلطانه، يُحرِّكهم ويديرهم بسرعة وقوة.

السَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ: إذا كانت الشمس هي السُلْطة الأولى والكبرى، فالكواكب هي السُلْطَة الثانية والأصغر. فَالرَّبُّ شمس البر السُلْطَة العُظمى والأصيلة، وأعطى الكواكب أو الأساقفة أنْ يحكُموا معه، سلطانُهم مأخوذٌ من سُلطَانه، ونورهم مأخوذٌ من نورِه «دُفِعَ إلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ. فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.» (متى 28: 18)، «اَلَّذِي يَسْمَعُ مِنْكُمْ يَسْمَعُ مِنِّي وَالَّذِي يُرْذِلُكُمْ يُرْذِلُنِي وَالَّذِي يُرْذِلُنِي يُرْذِلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي» (لو 10: 16)، «مَنْ غَفَرْتُمْ خَطَايَاهُ تُغْفَرُ لَهُ» (يو 20: 23)، «كُلُّ مَا تَرْبِطُونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا فِي السَّمَاءِ وَكُلُّ مَا تَحُلُّونَهُ عَلَى الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولًا فِي السَّمَاءِ» (متى 18: 18).

والسَّبْعَةُ الْكَوَاكِبُ تشير إلى الأساقفة والكهنة، فَهُمْ كواكب عَمَلُهم الأول أن يُنيروا الطريق أمام شعب الله فيردونهم إلى التوبة، ولذلك قال دانيال النبي «يَضِيئُونَ... الَّذِينَ رَدُّوا كَثِيرِينَ إلَى الْبِرِّ كَالْكَوَاكِبِ إلَى أَبَدِ الدُّهُورِ» (دانيال 12: 3). والكواكب مُنتَسَبَة إلى السماء الأولى، أمَّا الأساقفة والكهنة ملائكة الكنائس فَمُنْتَسبون إلى السماء العُليا، يتكلمون كلمات السماء «لأَنَّ شَفَتَيِ الْكَاهِنِ تَحْفَظَانِ مَعْرِفَةً وَمِنْ فَمِهِ يَطْلُبُونَ الشَّرِيعَةَ لأَنَّهُ رَسُولُ رَبِّ الْجُنُودِ» (ملاخي 2: 7).

«الماشي في وسط السبع المناير الذهبية» (رؤيا 2: 1)

περιπατῶν ἐν μέσῳτῶν ἑπτὰ λυχνιῶν τῶν χρυσῶν

السيد المسيح وسط السبع المناير الذهبية، (الكنيسة الجامعة الرسولية). قد كانت «شَجَرَة الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ» (تكوين 2: 7)، وشجرة الحياة هي المسيح، ولذلك في نهاية سِفْر الرؤيا سنرى «شَجَرَةِ الْحَيَاةِ الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ» (رؤيا 22: 2)، فمكانة الرب في الوسط دائمًا.

«فِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ» (رؤيا 1: 13) (رؤ 2: 1)

«فِي وَسَطِ الْعَرْشِ» (رؤيا 4: 6) (رؤ 7: 17)

«وَفِي وَسَطِ الشُّيُوخِ (الكهنة)» (رؤيا 5: 6)

في مركز الاهتمام في القلب، فحيثما يكون الرب يسوع يكون في الوسط تحيطه الجموع وتزحمه الألوف. مما دعا زكَّا القصير أن يصعد إلى الجُمَّيزة ليراه، والأربعة أن يصعدوا إلى السقف ويُنزِلوا المفلوج أمامه في الوسط، ونازفة الدم أن تقول لو لمست هدب ثوبه. المسيح دائمًا يُحيطه الكل حتى الأطفال. مرةً حاول التلاميذ طرْدَهم، ولكنه أبقى نفسه وسطهم. فالله يريد أن يكون في الوسط بين الناس. وما دام الرب وسط كنيسته فلن تتزعزع، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. وحينما دخل الرب أورشليم في أحد الشعانين قال الكتاب «وَالَّذِينَ تَقَدَّمُوا، وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرُخُونَ.. مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ!» (مرقس 11: 9) فمكانه في الوسط، وعندما صُلِب بين لصين كان في الوسط.

ماشي وسط الكنيسة يسأل عن كل أحد «الَّذِي جَالَ يَصْنَعُ خَيْرًا وَيَشْفِي جَمِيعَ الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ إبْلِيسُ» (أعمال 10: 38)، ويقول «حَيْثُمَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ أَوْ ثَلاَثَةٌ بِاسْمِي فَهُنَاكَ أَكُونُ فِي وَسَطِهِمْ» (متى 18: 20). لا يقفُ الرب بعيدًا منتظرًا أن نأتي إليه. فهو أتى إلينا يبحث عنا ويهمس في قلوبنا «الَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي وَأَنَا أُحِبُّهُ وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي... وَإلَيْهِ نَأْتِي وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً» (يوحنا 14: 21-23). فالله وجدنا غير قادرين أن نصعد إليه فنزل هو إلينا ومشى وسطنا. يمشى الساعات ليلتقي بالسامرية الخاطئة عند البئر، ويدخل ليبيت عند رجل خاطئ، وينزل كسامري صالح من أورشليم السمائية ليحمل الرجل الساقط بين اللصوص.

ولا يزال رب المجد «الْمَاشِي فِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ»، يطرق كل قلب «اِفْتَحِي لِي... يَا حَبِيبَتِي يَا حَمَامَتِي يَا كَامِلَتِي لأَنَّ رَأْسِي امْتَلَأَ مِنَ الطَّلِّ وَقُصَصِي مِنْ نَدَى اللَّيْلِ» (نشيد 5: 2)، ويقول لكل أحد «هَأَنَذَا وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَقْرَعُ. إنْ سَمِعَ أَحَدٌ صَوْتِي وَفَتَحَ الْبَابَ، أَدْخُلُ إلَيْهِ وَأَتَعَشَّى مَعَهُ وَهُوَ مَعِي» (رؤيا 3: 20). كم ينبغي أن نتقدس ما دام الرب وسطنا؟ حسنًا أنذرنا سِفْر التثنية «لأَنَّ الرَّبَّ إلهَكَ سَائِرٌ فِي وَسَطِ مَحَلتِكَ لِيُنْقِذَكَ وَيَدْفَعَ أَعْدَاءَكَ أَمَامَكَ. فَلتَكُنْ مَحَلتُكَ مُقَدَّسَةً لِئَلا يَرَى فِيكَ قَذَرَ شَيْءٍ فَيَرْجِعَ عَنْكَ» (تث 23: 14)، وشجعنا سِفْر اللاويين «إذَا سَلَكْتُمْ فِي فَرَائِضِي وَحَفِظْتُمْ وَصَايَايَ وَعَمِلْتُمْ بِهَا... أَسِيرُ بَيْنَكُمْ وَأَكُونُ لَكُمْ إلَهًا وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي شَعْبًا» (لاويين 26: 3، 12).

وغير هذا التحرك الأفقي لرب المجد وسط كنيسته، فقد تحرك رأسيًا ونزل من السماء متجسدًا، وأتى إلينا حيث نحن. ثم صعد إلى الصليب لفدائنا، ونزل إلى القبر ليدفن آثامنا، وأقامنا معه، وصعد إلى السماء ليُصعدنا معه ويردنا في جسم بشريته إلى الفردوس. وحتى حينما سمروه على الصليب لكيلا يمشي، مشى ناحية اليمين وحرك الإيمان في قلب اللص الذي اعترف به، فأرسله إلى الفردوس. ومشى إلى أسفل الصليب معزيًا أمه العذراء معتنيًا بها وسط آلامه معطيًا لها يوحنا ابنًا يهتم بها، فأخذها إلى خاصته، وكافأ مار يوحنا الحبيب التلميذ الوحيد الذي لم يتركه حتى الصليب فأعطاه أمَّه أمًّا له ليكون بديلًا عنه. بل لتصير العذراء أُمًّا لنا جميعًا، فقد أعطاها لنا الرب أُمًّا لنا في شخص مار يوحنا (كاهن البشرية الوحيد) الموجود تحت الصليب عندما قال له رئيس الكهنة الأعظم «هُوَّذَا أُمُّكَ» (يوحنا 19: 27).

ومشى إلى قلب لُنْجِينُس الجندي الذي طعنه، فَرَدَّ على طعنته بأن سال منه دم وماء ليطهره، مُثْبِتًا أنه حي بلاهوته على الرغم من موته، ولذلك صرخ لُنْجِينُس «حَقًّا كَانَ هذَا ابْنَ اللهِ!» (متى 27: 54؛ مرقس 15: 39).

وعندما دفنوا رب المجد وأغلقوا عليه القبر وختموه وحرسوه لكي لا يمشى، ظلَّ ماشِيًا فنزل إلى الجحيم من قِبَلِ الصليب، إلى أقسام الأرض السُّفلَى، وقبض على الشيطان، وقيَّده ألفَ سنة، وأخرج الذين ماتوا على رجاء، أخرج آدم وهابيل ونوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب وإيليا وإليشع وغيرهم، وفتح باب الفردوس وأدخلهم.

نعم سمروه على الصليب ودفنوه وأغلقوا عليه القبر لكيلا يمشى، ولكن الرب ظل ماشيًا «فِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ الذَّهَبِيَّةِ».

مَشَى وسط الكنائس السَّبْع يفتقدها، فيرى من فَقدَتْ محبتها الأولى ككنيسة أفسس (رؤيا 2: 4) فعاتبها وألهب محبتها الأولى. ورأى من تحيطه الضيقات ككنيسة سميرنا (رؤيا 2: 10) فظل يشجعها لكى لا تضعف. ويهدد الكنيسة التي اختلطت بالعالم كبرغامس (رؤ 2: 14-15). ويفتح أمامها باب الرجاء (رؤيا 2: 17). أما كنيسة ثياتيرا فيُقَدِّم لها فرصة التوبة عن تهاونها (رؤ 2: 20). ويكشف المرائين بكنيسة ساردس (رؤ 3: 1) ويدعوهم إلى الرجوع. ويشجع كنيسة فيلادلفيا المملوءة بالحب الأخوي الحقيقي بين الكنائس. وَيَصِلُ إلى كنيسة لاودكية الفاترة فيعاتبها ثم يهددها ولكنه يَعِدُها بمعونته (رؤيا 3: 14، 16). ولا يزال رب المجد ماشيًا وسط الكنيسة الجامعة يتعامل مع كل فرد، يُلهب الفاترين ويُيقِظ النائمين

ويُشجع التائبين والمجاهدين قائلا: «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ».

هذه هي الجملة الثالثة من كل رسالة (رؤيا 2: 2، 9، 13، 19؛ 3: 8، 1، 15).

تكررت سبع مرات في الإصحاحين الثاني والثالث من سِفْر الرؤيا.

كانت الجملة الأولى «اُكْتُبْ إلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ...» فتُحَدِّد الأسقف المرسَل إليه الرسالة وكنيسته. والثانية «هذَا يَقُولُهُ...» فتصف السيد المسيح بصفة من صفاته تناسب ظروف الكنيسة التي يرعاها.

أما الجملة الثالثة فهي بداية موضوع الرسالة «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ». ما أروعك تبدأ بمدح أسقف الكنيسة مهما كانت ضعفاته وأخطاؤه، فتدعوه ملاكًا وتشجعه. ليتنا نتعلم منك رَبِّي هذا الأسلوب التربوي "افرش بِساطًا من الحُب ثم قُل ما تريد". لقد تعلم القديسون منك هذا الدرس، فأنت تُعامل كل أحد هكذا. مدحتَ السامرية، وقلتَ لها «حَسَنًا قُلْتِ... هذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ» (يو 4: 17-18)، وهَزَّهَا مديحُك فهتفَتْ من أعماقها يا «يَا سَيِّدُ أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ!» (يو 4: 19) وتَحرَّك قلبُها نحو الإيمان والتوبة.

بدأ الرب رسالته إلى أسقف أفسس بِمَدحٍ كثير:

1.وصفَهُ بمَلاَكِ الكَنِيسَةِ، «2.أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، 3.وَتَعَبَكَ 4.وَصَبْرَكَ، 5.وَأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَحْتَمِلَ الأَشْرَارَ، 6. وَقَدْ جَرَّبْتَ الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ رُسُلٌ وَلَيْسُوا رُسُلاً، فَوَجَدْتَهُمْ كَاذِبِينَ، 7.احْتَمَلْتَ، 8.َلَكَ صَبْرٌ، 9.تَعِبْتَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي، 10.َلمْ تَكِلَّ.»

عَشْرُ عبارات مَدْحِ بعدها بدأتَ تُعاتبه بلُغة الحُبِّ قائلًا «عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ». وبدأ عتابك هادئًا ثم اشتد قليلًا قليلًا حتى وصل للتهديد والإنذار. رَبِّي ما أروعك وما أعظمك، لم تُنهِ حديثَك عتابًا ولا تهديدًا، لئلا يفشل، بل خَتَمَته مديحًا «وَلكِنْ عِنْدَكَ هذَا: أَنَّكَ تُبْغِضُ أَعْمَالَ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّتِي أُبْغِضُهَا أَنَا أَيْضًا» (رؤيا 2: 6). ما أروع قلبك أيها المعلم الأمثل. تمدح وتُوَبِّخ. تعليمك وتربيتك لأبنائك متكاملة. فهل يُمكننا أن نتعلم من أسلوبك؟ نعاتب إنسانًا فنبدأ حديثنا بالمديح، نبحث عن صفة جميلة فيه نمدحه بها فيتقبل منا العتاب والنقدَ. ويُدرك أن عتابنا ونقدنا عتابٌ مُحِب ونقدٌ بناء. أنت رَبِّي تمدح كثيرًا وتوبخ قليلا. بِعشرِ عبارات مدحتَ ملاك كنيسة أفسس بينما وبختَه بثلاثٍ، كنتَ حازمًا فيها وختمت بمديحٍ جديد. أمَّا التوبيخ فهو:

تشجيعاتُك فَيْضٌ كاملٌ، وتأديباتُك قليلةٌ وحازمة.

تختم حديثك بالمدح فتعالج ما فعله النقد من جروح، فـ«أَمِينَةٌ هِيَ جُرُوحُ الْمُحِبِّ» (أم 27: 6)، ولكن لا مانع أن نغطيها بمواد مهدئة تجعل المحبوب يحتملها بفرح.

«لكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ» (رؤيا 2: 4، 14، 20) ما أرق مشاعرك يَا رَبُّ. تبدأ توبيخك بعباراتك الرقيقة. فملاك كنيسة أفسس الفاتر في المحبة تقول له «عِنْدِي عَلَيْكَ»، وملاك كنيسة برغامس الذي أهمل الهراطقة تقول له «عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ» (رؤ 2: 14) وملاك كنيسة ثياتيرا الذي أهمل إيزابَل الفاسدة تعاتبه «عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ» (رؤ 2: 20) ما هذا القليل يا رب؟

أقليل هذا الفساد الخُلقي؟! أم قليل هو الفساد الإيماني؟! لكنك رقيق في توبيخك لئلا نفشل. تدخلُ إلى النفس البشرية بوادعتك المعهودة، فما أروعك إلهٌ رقيق مع نفوسنا المتعبة. ومع هذا إلهٌ يوَبِّخ الأساقفة لأن كنائسهم بها هراطقة، فيوبخ أسقف عنده قوم متمسكون بتعاليم بلعام وبتعاليم النقولاويين (رؤ 2: 14-15)، وآخَر يُسَيِّب المرأة إيزابَل التي تَدَّعِي النبوة وتغوي عبيد الله (رؤ 2: 20)، وآخَر لأن له اسمٌ أنه حَيٌّ وهو ميت (رؤ 3: 1)، وآخَر لِفتورِه (رؤ 3: 16-17)، وآخَر لأنه ترك محبته الأولى (رؤ 2: 5).

أما كنيسة سميرنا المتألمة فلا يوبخها، يكفيها آلام الاضطهاد،

وفيلادلفيا المُحِبة للأخوة لم يوبخها، فخطاياها الكثيرة غُفِرَت لأنها أحبت كثيرًا. وعتابُك يحمل مدحًا، فهو يعني أن الله لم يرفضنا، بل يوجد أمل في توبتنا، فالله يعاتب من يحبه. وقد تكررت هذه العبارة مع ملاك كنيسة برغامس، ومع ملاك كنيسة ثياتيرا.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

«أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»

عبارةٌ مشجعةُ مُفرحةٌ لملاك كنيسة أفسس، ولكنها بالنسبة لنا عبارة لها وجهان. يسمعها إنسان فيفرح ويتشجع، ويسمعها آخر فيخاف ويرتعب ويرتعد، فالله الذي عيناه تخترقان أستار الظلام يهمس في أُذُنَي كل واحد منا «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ» يعرف كل عمل، كأس ماء بارد يُعطَى باسمه، لا ينساه الله. الابتسامة المشجعة التي تعطيها لبائس مُنهَك لا ينساها لك الله. كلٌ منا ينظر فيرى نفسه نقطة في محيطٍ خِضَمٍّ، من أنا في هذا الكون؟ نقطة على رأس دبوس، ومع هذا يهمس الله في أُذُني «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»، لا تَظُن أنك تائه، فَبَيْن هؤلاء الأغنياء الذين أَلقَوا فِضتهم في الصندوق لم ينسَ الربُّ فِلْسَي الأرملة بل همس في أذنها «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ» ومدحها قائلا «هَذِهِ فَمِنْ إعْوَازِهَا أَلْقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا كُلَّ مَعِيشَتِهَا» (مرقس 12: 34). وبين كبرياء اليهود واحتقارهم للأمميين، وتكَبُّر الرجال واحتقارهم للمرأة، وتكبُّر الأبرار في أعين أنفسهم واحتقارهم لِلْخُطاة لم ينسَ الرب المرأة السامرية الخاطئة والتي كان لها خمسة رجال تُخطئ معهم ومازالت مع رجل ليس زوجها، بل ذهب إليها في وقت شديد الحرارة وهمس قائلا «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»، عارفٌ قَلْبَكِ المستعد للتوبة، ورَدَّها إلى ملكوته حتى تعجب التلاميذ إذ وجدوه يتكلم مع امرأة سامرية. وفي أصعب الأوقات بينما كان الرب يحمل صليبه الثقيل حتى وقع تحته، وحمله سمعان القيرواني لم يفتُر الرب أن يهمس في آذان محبيه بصوته الحاني «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»، فيُعَزِّى بنات أورشليم ويقول لهن «يَا بَنَاتِ أُورُشَلِيمَ لاَ تَبْكِينَ عَلَيَّ بَلِ ابْكِينَ عَلَى أَنْفُسِكُنَّ وَعَلَى أَوْلاَدِكُنَّ» (لوقا 23: 28). وعندما كان مُعَلَّقًا على صليب العار، وجسده ممزق بالمسامير ورأسه تنغرس فيها الأشواك، ونفسه مُجهَدة بالخِزي وروحه حزينة بعار خطايا البشرية، و«الرَّبّ وَضَعَ عَلَيْهِ إثْمَ جَمِيعِنَا» (إش 53: 6)، لم ينسَ أن يهمس في أُذن اللص اليمين قائلا له «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»، عارفٌ أفكار قلبك، عارفٌ اعتراف فمك بعد صراع ضخم داخل نفسك بين الشك واليقين حتى أعلنت النتيجة النهائية «اُذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ»، مُعلِنًا إيمانك واعترافك بملكوت الرب السرمدي، فَسَمِعَ الحُكْم الإلهي «الْيَوْمَ تَكُونُ مَعِي فِي الْفِرْدَوْسِ» (لوقا 23: 42-43). ولم ينسَ أُمَّهُ العذراء ومحبة يوحنا الحبيب بل قال لكل منهما «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»، فأنت التلميذ الشاب تبعْتَني طول الطريق حتى الصليب، وأنا أعرف الصعوبات التي واجهتْك والمشقات التي احتملتَ وخجل من يتبع المصلوب المضروب بالسياط الذي يهتف الكل حوله «اصْلِبْهُ! اصْلِبْهُ»، حتى تراجع القديس بطرس وهرب. موقفك عظيم في وقت عصيب، لذلك التفت الرب لمار يوحنا قائلًا لأُمِّه «هُوَذَا ابْنُكِ»، ونظر للعذراء والسيف يجوز في قلبها، وهي ترى ابنَها الحبيب في عمق الألم، وقال لها «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»، وسلمها لمار يوحنا قائلا «هُوَذَا أُمُّكَ» (يوحنا 19: 27).

كثيرٌ من الناس ينسون في الدينونة ما فعلوه من خير، ولكن الله سيقول لكل منهم «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»؛ «لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي» (متى 25: 35). وإذ سألوه «يَا رَبُّ مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟» (مت 25: 37) يهمس قائلًا «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»، «فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً» (متى 6: 4).

قُلْنا أن عبارة «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ» يسمعها إنسان يحيا مع الله فيفرح ويطمئن. فالله يهتم بكل عمل صالح مهما كان صغيرًا.

أما المعنى الثاني هي عبارة يسمعها إنسان آخَر فيرتعب قائلًا: "هل أنت تعرف جميع خطاياي وآثامي؟! تعرف الأمور التي أعملها سِرًّا وأخفيها عن جميع الناس. تعرف ما قال عنه مار بولس «الأُمُورَ الْحَادِثَةَ مِنْهُمْ سِرًّا ذِكْرُهَا أَيْضًا قَبِيحٌ» (أفسس 5: 12). أه كم أخشى أنه بينما أترك نفسي تحلم بالخطية والشهوة يأتي صوتك يزلزل كياني «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»، بينما أختبئ من الناس وأُحْكِمُ الخِفْيَةَ لأفعل الشر دون خجل فتدخل عيناك تخترقان أستار الظلام وتقولان «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»، إلى أين أهرب من وجهك وكل خطاياي عريانة مكشوفة أمامك؟

«أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ» قبل أن تعملها، لذلك أنذرتُ قايين، وقلتُ له «عِنْدَ الْبَابِ خَطِيَّةٌ رَابِضَةٌ وَإلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا» (تك 4: 7). كانت الخطية لا تزال مجرد فكرة تحاربك «إلَيْكَ اشْتِيَاقُهَا وَأَنْتَ تَسُودُ عَلَيْهَا»، فلا تتركها تكبُر وتُمسِي فِعلًا كاملًا.

كما أنذرت يهوذا قبل سقوطه العظيم قائلا له «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ» «إنَّ وَاحِدًا مِنْكُمْ يُسَلِّمُنِي، الَّذِي يَغْمِسُ يَدَهُ مَعِي فِي الصَّحْفَةِ هُوَ يُسَلِّمُنِي» (متى 26: 23، 21). فالله يعرف أعمال الكل، فلا يظن أحدٌ أنه مختبئ عن عيني الرب النارية الساهرة، ولا يظن أحدٌ أنه تائه في هذا الخِضَمِّ الضخم من البشر. فالله ضابط الكل يهمس في قلب كل بشر «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ».

«أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ» (رؤيا 2: 2)

هذه هي الأبعاد الثلاثة التي تقاس بها أعمالنا. أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ في تنوعها. فأنت تهتم بكل الفضائل لتزداد في كل عملٍ صالح. وَتَعَبَكَ هي الأعمال في عمقها.

وَصَبْرَكَ هي الأعمال في طُولها والمثابرة عليها.

على نحو ما يقول مار بولس «مُتَذَكِّرِينَ بِلاَ انْقِطَاعٍ عَمَلَ إيمَانِكُمْ، وَتَعَبَ مَحَبَّتِكُمْ وَصَبْرَ رَجَائِكُمْ» (1 تس 3: 1). فمحبة الله هي التي تجعلنا نتعب في العمل حتى نصل إلى الهدف.

طلب يعقوب أب الآباء من ابنه يوسف الصديق أن يذهب ليفتقد سلامة إخوته، ويأخذ لهم طعامًا. وكان يُمكِن ليوسف أن يطيع أباه ويذهب إلى شكيم حيث إخوته، ولما لم يجدهم يرجع إلى أبيه قائلًا: لم أجدهم، لا سِيَّما أنه يعرف حِقدَهم، ولكنه أطاع بِحُب. فسأل عنهم حتى وجدهم في دوثان. هذا هو تعب المحبة، وكأن الله يقول ليوسف «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ» وطاعتك لأبيك وَتَعَبَكَ في حب الذي جعلك تبحث عن إخوتك حتى تجدهم.

حينما يحمل ستة أشخاص صندوقًا ثقيلًا لا ينظر الله إلى من يحمل الصندوق الثقيل فيكافئ الستة عن عملهم قائلًا لكل واحد «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ» بل أن هؤلاء الستة يختلفون واحدٌ عن الآخَر. فهل يُوَزَّع ثِقَلُ الصندوق عليهم بالتساوي؟ بالطبع لا، فكل واحد يختلف في قوة دَفْعِهِ للصندوق إلى أعلى. فالذي يدفع بقوة يقع عليه حِملٌ أكبر ويبذل جهد أكبر ويتعب أكثر. وإنسان مجرد يلامس الصندوق بدَفْعٍ قليل. والله ينظر لكل واحد ويهمس في أذنيه قائلًا «أَنَا عَارِفٌ... تَعَبَكَ».

وَصَبْرَكَ هذا هو البعد الثالث للأعمال الصالحة، والجهاد للوصول للفضيلة وللخدمة. كثيرون يبدأون، ولكن من يستمر في جهاده إلى المنتهى؟ «الَّذِي يَصْبِرُ إلَى الْمُنْتَهَى فَهَذَا يَخْلُصُ» (متى 10: 22). لقد بدأ دِيماس حياة التوبة بل حياة الخدمة، ولم يستمر حتى قال مار بولس «لأَنَّ دِيمَاسَ قَدْ تَرَكَنِي إذْ أَحَبَّ الْعَالَمَ الْحَاضِرَ» (2 تي 4: 10). "بدأ بالروح ولكن أكمل بالجسد" (غل 3: 3). كثيرون آمنوا بالرب وساروا وراءَهُ، وعندما بدأ عصر الاضطهاد والاستشهاد تراجعوا وتركوا الإيمان ولم يصبروا إلى المنتهى. «الَّذِينَ يَرْكُضُونَ فِي الْمَيْدَانِ جَمِيعُهُمْ يَرْكُضُونَ، وَلكِنَّ وَاحِدًا يَأْخُذُ الْجَعَالَةَ» (1 كورنثوس 9: 24).

«وَأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَحْتَمِلَ الأَشْرَارَ» (رؤيا 2: 2)

عجيب أن الرب يتمدح أسقف أفسس مرةً على احتماله «وقد احتملت» (رؤيا 2: 3)، وأُخرى لأنه «لاَ يقْدِرُ أَنْ يحْتَمِلَ الأَشْرَارَ». يمدحه لأنه لا يصبر على الشر بل يقاومه سريعًا. وهذا ما أشار إليه مار بولس الرسول حينما أرسل رسالته لملاك كنيسة أفسس فقال «اِحْتَرِزُوا إذن لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً لِتَرْعُوا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ. لأَنِّي أَعْلَمُ هَذَا أَنَّهُ بَعْدَ ذِهَابِي سَيَدْخُلُ بَيْنَكُمْ ذِئَابٌ خَاطِفَةٌ لاَ تُشْفِقُ عَلَى الرَّعِيَّةِ» (أعمال 20: 28-29)، هذه الذئاب الخاطفة لم يحتملها أسقف كنيسة أفسس، فمدحه الرب لأنه لا يقدر أن يحتملهم يشتركون معه في الخدمة. فلابد أن نعزل الخبيث من بيننا (1 كو 5: 13). فما أروع قول زَرُبَّابِل ويشوع لأعداء يهوذا: «لَيْسَ لَكُمْ وَلَنَا أَنْ نَبْنِيَ بَيْتًا لإلَهِنَا وَلَكِنَّنَا نَحْنُ وَحْدَنَا نَبْنِي لِلرَّبِّ إلَهِ إسْرَائِيلَ» (عزرا 4: 3).

وعجيب أن يمتدح الرب ملاك كنيسة أفسس قائلًا «أَنَّكَ تُبْغِضُ أَعْمَالَ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّتِي أُبْغِضُهَا أَنَا أَيْضًا» (رؤيا 2: 6)، ويعاتب ملاك كنيسة ثياتيرا قائلًا «لَكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ أَنَّكَ تُسَيِّبُ الْمَرْأَةَ إيزَابَلَ الَّتِي تَقُولُ إنَّهَا نَبِيَّةٌ، حَتَّى تُعَلِّمَ وَتُغْوِيَ عَبِيدِي أَنْ يَزْنُوا وَيَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ» (رؤيا 2: 20).

فالأول لم يحتمل الأشرار يتحركون بحريتهم. فعلينا ككنيسة أن نعزل الخبيث من بيننا. أولاد الله الحقيقيون لا يقدرون أن يحتملوا أن ينظروا الأشرار في أغانيهم ورقصهم، في عِرْيِهِم وفسادهم، في هَزْلِهِم واستهزائهم. أما الثاني ملاك كنيسة ثياتيرا، فعاتبه لأنه ترك الأشرار ينتشرون.

كما أن أبناء الله المستقيمين في إيمانهم لا يحتملون أناسًا يفتحون كتاب الله ويعظون ويُعَلِّمون تعاليم خاطئة ليست هي التعليم الصحيح فينتقلون إلى إنجيل آخَر مع أنهم لا يحملون إنجيلًا آخر بل يحولون إنجيل المسيح بتفسيرهم الهرطوقي (غلاطية 1). أبناء الله لا يحتملون ثاليات أريوس أو الترانيم الخاطئة في تعليمها، الراقصة في نغماتها.

لاَ تَقْدِرُ: طبيعتُك أن تحتمل الشر والأشرار. تتنافر مع طبيعتهم. وفعلًا فإن القديس تيموثاوس الرسول (أحد السبعين رسولًا) أسقف أفسس لم يقدر أن يحتمل الأشرار، فوبخ جهارًا عبادة أرطاميس، فنال إكليل الشهادة.

«وَقَدْ جَرَّبْتَ الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ رُسُلٌ وَلَيْسُوا رُسُلًا فَوَجَدْتَهُمْ كَاذِبِينَ» (رؤيا 2: 2)

ليس جيدًا أن ننخدع بكل من يحمل إنجيلًا ويتكلم باسم المسيح ويدَّعي أن الله أرسله ليبشر، ولو صنع باسمه آيات وعجائب، فالرسول يحذرنا «أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ لاَ تُصَدِّقُوا كُلَّ رُوحٍ، بَلِ امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ هَلْ هِيَ مِنَ اللهِ؟ لأَنَّ أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إلَى الْعَالَمِ» (1 يو 4: 1). والقديس بولس الرسول يُنَبهنا «امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ. تَمَسَّكُوا بِالْحَسَنِ» (1 تس 5: 21). وعبارتا «امْتَحِنُوا الأَرْوَاحَ. امْتَحِنُوا كُلَّ شَيْءٍ» تُفَسِّرَا عبارة «وَقَدْ جَرَّبْتَ الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ رُسُلٌ». فلا يجب أن نُصَدِّق كل من يُدْعَى خادم الإنجيل ورسول المسيح، بل نجربه ونمتحن أفكاره وعقيدته ونفحصه بفهم. بل ينبغي أن يفحص الإنسان نفسه لئلا ينخدع بالتعاليم الكاذبة وهو لا يدري «جَرِّبُوا أَنْفُسَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ فِي الإيمَانِ؟ امْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ» (2 كو 13: 5). فينبغي أن نفحص ما نسمعه ونقرأه لئلا ننجرف وراء التعاليم الباطلة. فهناك من يَدَّعِي أنه يُعَلِّم تعليم الكتاب المقدس ولا يُعَلِّم بالأسرار، وهي تعليم إنجيلي من يخالفه يخالف الإنجيل(8) «مَبْنِيِّينَ عَلَى أَسَاسِ الرُّسُلِ وَالأَنْبِيَاءِ، وَيَسُوعُ الْمَسِيحُ نَفْسُهُ حَجَرُ الزَّاوِيَةِ» (أف 2: 20).

«وَقَدْ جَرَّبْتَ»

«الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ رُسُلٌ وَلَيْسُوا رُسُلًا، فَوَجَدْتَهُمْ كَاذِبِينَ (رؤيا 2: 2)

«الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا، بَلْ يَكْذِبُونَ» (رؤيا 3: 9)

يُحذِّرنا مار بولس من الرسل الكذبة والأنبياء الكذبة والمعلمين الكذبة والمسحاء الكذبة، ويصفهم قائلًا «رُسُلٌ كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ، مُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ إلَى شِبْهِ رُسُلِ الْمَسِيحِ» (2 كو 11: 13)، «لأَنَّ مِثْلَ هَؤُلاَءِ لاَ يَخْدِمُونَ رَبَّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحَ بَلْ بُطُونَهُمْ. وَبِالْكَلاَمِ الطَّيِّبِ وَالأَقْوَالِ الْحَسَنَةِ يَخْدَعُونَ قُلُوبَ السُّلَمَاءِ» (رو 16: 18). فالهراطقة لا يظهرون بشكلهم الحقيقي بل يعملون كسيدهم «وَلاَ عَجَبَ لأَنَّ الشَّيْطَانَ نَفْسَهُ يُغَيِّرُ شَكْلَهُ إلَى شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ فَلَيْسَ عَظِيمًا إنْ كَانَ خُدَّامُهُ أَيْضًا يُغَيِّرُونَ شَكْلَهُمْ كَخُدَّامٍ لِلْبِرِّ. الَّذِينَ نِهَايَتُهُمْ تَكُونُ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ» (2 كو 11: 14-15).

وأشار أيضًا إلى «الإخْوَةِ الْكَذَبَةِ الْمُدْخَلِينَ خُفْيَةً، الَّذِينَ دَخَلُوا اخْتِلاَسًا لِيَتَجَسَّسُوا حُرِّيَّتَنَا الَّتِي لَنَا فِي الْمَسِيحِ كَيْ يَسْتَعْبِدُونَا، اَلَّذِينَ لَمْ نُذْعِنْ لَهُمْ بِالْخُضُوعِ وَلاَ سَاعَةً، لِيَبْقَى عِنْدَكُمْ حَقُّ الإنْجِيلِ» (غلاطية 2: 4-5)

نعم إن بعض الآيات التي نستخدمها قيلت في مناسبات مختلفة، ولكنها تحذر من التفسير الخاطئ لتعليم المسيح ومن الهراطقة وتعاليمهم الكاذبة. وفي كل جيل ينبغي أن نحترس من هذا الأسلوب الذي يصفه الكتاب المقدس، فَهُمْ لا يأتون بصورة واضحة يطلبون أن نُغَيِّر عقيدتنا أو إيماننا بل يَدَّعون أنهم دُعاة الإنجيل يحملونه ويُعلمون به ويتمسكون بآياته ويحفظونها. وقد حذرنا بولس الرسول منهم كذئاب خاطفة.

ويُقَدِّم الكتاب المقدس ادعاءاتهم:

1. يقولون «إنَّهُمْ يَهُودٌ» أي شعب الله (رؤيا 3: 9)

2. وأنهم «رُسُلِ الْمَسِيحِ» (رؤيا 2: 2)

3. ونحن نراهم «شِبْه رُسُلِ الْمَسِيحِ» (2 كو 11: 13)

4. كسيدهم إبليس «شِبْهِ مَلاَكِ نُورٍ» (2 كو 11: 14)

5. «كَخُدَّامٍ لِلْبِرِّ» (2 كو 11: 15)

أما حقيقتهم كما يقدمها الكتاب المقدس:

1. «رُسُلٌ كَذَبَةٌ، فَعَلَةٌ مَاكِرُونَ» (2 كو 11: 13)

2. «نِهَايَتُهُمْ تَكُونُ حَسَبَ أَعْمَالِهِمْ» (2 كو 11: 15)

3. «الإخْوَةِ الْكَذَبَةِ الْمُدْخَلِينَ خُفْيَةً» إلى كنيسة الله (غلاطية 2: 4)

«فَوَجَدْتَهُمْ كَاذِبِينَ» (رؤيا 2: 2)، بَلْ يَكْذِبُونَ (رؤيا 3: 9).

وصفهم مار يوحنا «أَنْبِيَاءَ كَذَبَةً كَثِيرِينَ قَدْ خَرَجُوا إلَى الْعَالَمِ» (1 يو 4: 1).

«وَقَدِ احْتَمَلْتَ وَلَكَ صَبْرٌ، وَتَعِبْتَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي وَلَمْ تَكِلَّ» (رؤيا 2: 3)

«وَقَدِ احْتَمَلْتَ» هذه الصفة الرابعة التي مدحه بها رب المجد «الاحتمال والصبر» في الآلام، والخامسة «الجهاد والتعب» لأجل المسيح بلا كلل.

آلام الجهاد الروحي... فقال له «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ»،

وآلام الوجود مع الأشرار... فقال له «وَأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَحْتَمِلَ الأَشْرَارَ»،

وآلام مقاومة الهراطقة... فقال له «وَقَدْ جَرَّبْتَ الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ رُسُلٌ»، وآلام الجهاد في الخدمة وكلمة الله... فقال «وَتَعِبْتَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي وَلَمْ تَكِلَّ». ما أروع مدْح الله لأسقف أفسس. امتدحه كثيرًا وفي كل مديح يدخل إلى التفاصيل «احْتَمْلَتَ، وَلَكَ صَبْرٌ، وَتَعِبْتَ، وَلَمْ تَكِلَّ». ثم يُظهِر أن هذا من أجل اسم الله. فكثيرًا ما تكون ضيقتنا واحتمالنا من أجل أخطائنا وتقصيراتنا وعدم حكمتنا.

«وَتَعِبْتَ مِنْ أَجْلِ اسْمِي وَلَمْ تَكِلَّ» (رؤيا 2: 3)

«لأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَالِمٍ حَتَّى يَنْسَى عَمَلَكُمْ وَتَعَبَ الْمَحَبَّةِ» (عب 6: 10)،

«كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ... لاَ يُضِيعُ أَجْرَهُ» (مت 10: 42).

«وَلَمْ تَكِلَّ»: إذا كانت عبارة «احْتَمْلَتَ، وَلَكَ صَبْرٌ، وَتَعِبْتَ» من الوجهة الإيجابية، فمن الوجهة السلبية «لَمْ تَكِلَّ». فهناك من بدأوا بالفضيلة ثم سقطوا، بدأوا بالروح ثم أكملوا بالجسد.

يذكر لنا مار بولس الرسول سقوط آخرين كانوا قدوة للمؤمنين فيقول «كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِي مَعًا أَيُّهَا الإخْوَةُ، وَلاَحِظُوا الَّذِينَ يَسِيرُونَ هَكَذَا كَمَا نَحْنُ عِنْدَكُمْ قُدْوَةٌ. لأَنَّ كَثِيرِينَ يَسِيرُونَ مِمَّنْ كُنْتُ أَذْكُرُهُمْ لَكُمْ (كقُدوة) مِرَارًا، وَالآنَ أَذْكُرُهُمْ أَيْضًا بَاكِيًا، وَهُمْ أَعْدَاءُ صَلِيبِ الْمَسِيحِ، الَّذِينَ نِهَايَتُهُمُ الْهَلاَكُ» (في 3: 17).

 

العتاب

«لكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ» [رؤيا 2: 4، 14، 20] سبق شرحها.

 

التوبيخ

«أَنَّكَ تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى» (رؤيا 2: 4)

يوبخ الرب أسقف كنيسة أفسس لأنه ترك محبته الأولى وينذره ليتوب قبل أن يزحزح منارته (رؤيا 2: 5). كما يوبخ بعض الأساقفة لظهور هرطقات في كنائسهم، فيوبخ أسقف كنيسة برغامس لأن عنده قومٌ متمسكون بتعليم بلعام وبتعليم النقولاويين (رؤيا 2: 14-15)، وأسقف كنيسة ثياتيرا لأنه يسيب المرأة إيزابَل التي تدّعى النبوة وتُعلِّم وتغوي عبيد الله (رؤيا 2: 20). كما يوبخ أسقف كنيسة ساردس لأن له اسمٌ أنه حي وهو ميت (رؤيا 3: 1)، وأسقف كنيسة اللاودكيين لأنه فاترٌ وشقيٌ وبائسٌ وأعمى وعريانٌ (رؤيا 3: 16-17). أما سميرنا المتألمة، وفيلادلفيا المُحبة للإخوة فلا يوجد توبيخ لهم.

لم يقل له تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ، بل تركت محبتك الأولى، فهو لا يزال يُحِب الله، يحب القديسين، يُحِب الكنيسة ويُحِب شعبه ويُحِب الخدمة، ولكن ليس كالمحبة الأولى، فقد ضعفت محبته.

في بدء حياتك الروحية وبدء خدمتك كُنتَ ملتهبًا بالحب حارًا في الروح. كانت محبتك من كل قلبك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك. أما الآن فماذا حدث؟ ضعُفت وفتُرت بدلًا من أن تنمو وتزداد، والرب يعتبر ضعف الحب سقوطًا عظيمًا يحتاج إلى توبة. فمن علامات المجيء الثاني ونهاية العالم أن «تَبْرُد مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ» (مت 24: 12). فالمحبة هامة أمام الله. لا الأعمال الصالحة ولا التعب في الخدمة ولا الصبر في الضيق ولا الاحتمال ولا الفهم الجيد للمعلمين الكذبة يُغِني عن نقص المحبة. تَعلَّم مار بولس من الله نفس الدرس فقال «إنْ كَانَ لِي كُلُّ الإيمَانِ حَتَّى أَنْقُلَ الْجِبَالَ، وَلكِنْ لَيْسَ لِي مَحَبَّةٌ، فَلَسْتُ شَيْئًا.» (1 كو 13: 3). بل إن الفضائل والخدمة والعبادة إن خلت من المحبة لا تُحسَب فضائل ولا يقبلها الله. فالمحبة هي الوصية الأولى والعُظمى.

«فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ» (رؤيا 2: 5)

«اذْكُرْ»: قيلت لملاك كنيسة أفسس «اذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ»، كما قيلت لملاك كنيسة ساردس «اذْكُرْ كيف أخذت واحفظ وَتُبْ» (رؤ 3: 3). الإنسان ينسى دائمًا، لذلك يقول له الله «اذْكُرْ». وسِفْر التثنية يُدعَى في الترجمة السبعينية تثنية الاشتراع(9)، الله يعطي شعبه الشريعة مرة ثانية ليتذكر وصاياه. والذي يدرس العهد القديم يفهم أن سِفْر التثنية تكرار وشرح لأسفار الخروج واللاويين والعدد.

ولذلك أقامت الكنيسة أعيادًا وتذكارات؛ ليتذكر الإنسان في بداية كل صوم بداية توبته وكيف كانت باتضاع شديد وانسحاق ودموع. ويذكر الكاهن بداية خدمته وكيف كانت ملتهبة وحارة وقوية.

«اذْكُر» هي كلمة أبينا إبراهيم للغني الغبي «يَا ابْنِي اذْكُرْ أَنَّكَ اسْتَوْفَيْتَ خَيْرَاتِكَ فِي حَيَاتِكَ» (لوقا 16: 25) فيدرك عدالة الله.

«مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ» لعل دَوامَة الخدمة تكون سببًا في فتور المحبة. فقد تعامل أسقف أفسس مع الأشرار، ولم يحتمل فسادهم. وفحَصَ الهراطقة القائلين إنهم رسل، وأثبت أنهم كاذبين. وتَعِبَ في الخدمة. ودَوَّامة الخدمة أخرجته خارج نفسه، فانشغل بالمخدومين عن نفسه، ففتُرَتْ محبته، وضاع الحب العميق الأول وساعات الخُلوة الحُلوة. فأشفق عليه رب المجد وقال له «اذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ وَتُبْ».

«مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ؟» أين نقطة التحول؟ هل هي خطية معينة؟ أم انشغال بالعالم أو كسل وتراخي؟ فلنستيقظ ونقول «لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إذَا سَقَطْتُ أَقُومُ» (ميخا 7: 8). «مِنْ أَيْنَ؟» بدأَ السقوط وما أسبابه؟ لا نذكر السقوط نفسه لئلا يصير تذكار الشر المُلْبِسَ الموت، فيقودنا إلى سقوطٍ أكثر، بل اذكر من أين سقطت؛ لكي تحترس وتهرب.

ما أفضل أن يُمَحص الإنسان نفسه ويدرك ما فعله، «جَرِّبُوا أَنْفُسَكُمْ، هَلْ أَنْتُمْ فِي الإيمَانِ؟ امْتَحِنُوا أَنْفُسَكُمْ» (2 كو 13: 5). وما أروع مار بولس الرسول الذي بعدما بدأ خدمته رجع إلى المعتبرين أعمدة يعرض عليهم الإنجيل (التعليم) الذي كرز به قائلًا «لِئَلاَّ أَكُونَ أَسْعَى أَوْ قَدْ سَعَيْتُ بَاطِلاً» (غلا 2: 2)، فيراجع نفسه وتعليمه، صحيحًا أم خاطئًا.

 

الإلحاح على التوبة

وَتُبْ: كلمة تكررت في خمسة رسائل من السبعة. ذُكرت في رسالة أفسس (رؤ 2: 5)، برغامس (رؤ 2: 16)، ثياتيرا (رؤ 2: 21-22)، ساردس (رؤ 3: 3)، لاودكية (رؤ 3: 19). فالتوبة أمرٌ هامٌ، حتى أن الرب هدَّدَ ملاك كنيسة أفسس قائلًا له:

«وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَكَانِهَا، إنْ لَمْ تَتُبْ» (رؤيا 2: 5)

فَاذْكُرْ مِنْ أَيْنَ سَقَطْتَ: يخاطب العقل والتفكير، وهذه تعالج الماضي. وَتُبْ موجهه للحياة العملية، وهذه تعالج الحاضر.

وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى (رؤيا 2: 5) وهذه تعالج المستقبل.

فهذه قيمة الأعمال الصالحة، لدرجة أن نقصها يحتاج إلى توبة «تُبْ وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى». فما أروع ملاك ثياتيرا الذي شهد له الرب بالنمو الروحي، وقال له «أَعْمَالَكَ الأَخِيرَةَ أَكْثَرُ مِنَ الأُولَى» (رؤ 2: 19). فالأعمال الصالحة مرتبطة بالمحبة «تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى... َتُبْ، وَاعْمَلِ الأَعْمَالَ الأُولَى» (رؤيا 2: 4-5). المحبة الأولى هي دافع الأعمال الأولى "أعمال المحبة". فالصلاة وقراءة الكتاب المقدس، وتنفيذ وصايا الله هي محبه الله، وإعطاء الفقراء هي محبة الأخوة، ومحبتنا للآخَرين تجعلنا لا ندينهم ولا نخاصمهم بل نحتملهم ونهتم بهم في مرضهم ونخدمهم، وهذه كلها أعمال صالحة. ليتنا نعود إلى أيامنا الأولى وحياتنا الروحية الملتهبة وصلواتنا الحارة، وخدمتنا المَمْلُوءَةً غيرةً على ربح النفوس للتوبة، ومقاومتنا للخطية حتى الدم.

هذه المحبة الأولى نقصت في أفسس، ونمَتْ في ثياتيرا (رؤ 2: 19)، وأمسَتْ غير كاملة في ساردس (رؤ 3: 2)

«وَإلَّا فَإنِّي آتِيكَ عَنْ قَرِيبٍ وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَكَانِهَا، إنْ لَمْ تَتُبْ» (رؤ 2: 5)

«تُبْ... وَإلاَّ» (رؤيا 2: 5، 16)

كلمة تهديد

لملاك كنيسة أفسس «وَإلاَّ فَإنِّي آتِيكَ عَنْ قَرِيبٍ» (رؤ 2: 5)،

لملاك كنيسة برغامس «وَإلاَّ فَإنِّي آتِيكَ سَرِيعًا» (رؤ 2: 16)،

لملاك كنيسة ساردس «إنْ لَمْ تَسْهَرْ، أُقْدِمْ عَلَيْكَ كَلِصٍّ» (رؤ 3: 3).

والتهديد يدفع للتوبة، فالكتاب يقول «أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إنَّمَا يَقْتَادُكَ إلَى التَّوْبَةِ؟ وَلَكِنَّكَ مِنْ أَجْلِ قَسَاوَتِكَ وَقَلْبِكَ غَيْرِ التَّائِبِ تَذْخَرُ لِنَفْسِكَ غَضَبًا فِي يَوْمِ الْغَضَبِ وَاسْتِعْلاَنِ دَيْنُونَةِ اللهِ الْعَادِلَةِ» (روميه 2: 4-5). وها الرب يمسك الأساقفة في يمينه، ويتمشى وسط كنيسته يهتم بكل أحد، يُقَدِّر تعبه وصبره، ويمتدحه على خدمته. ولطف الله لا يمنع عقوبته لمن لم يتجاوب مع طول أناتِه.

«وَإلاَّ فَإنِّي آتِيكَ عَنْ قَرِيبٍ» (رؤ 2: 5)

«فَإنِّي آتِيكَ سَرِيعًا وَأُحَارِبُهُمْ بِسَيْفِ فَمِي» (رؤ 2: 16)

«هَا أَنَا آتِي سَرِيعاً. تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلَّا يَأْخُذَ أَحَدٌ إكْلِيلَكَ» (رؤ 3: 11)،

«هَا أَنَا آتِي سَرِيعاً. طُوبَى لِمَنْ يَحْفَظُ أَقْوَالَ نُبُوَّةِ هَذَا الْكِتَابِ» (رؤ 22: 7)،

«وَهَا أَنَا آتِي سَرِيعاً وَأُجْرَتِي مَعِي» (رؤيا 22: 12)

«نَعَمْ! أَنَا آتِي سَرِيعاً. آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ» (رؤيا 22: 20)

 

«وَأُزَحْزِحُ مَنَارَتَكَ مِنْ مَكَانِهَا، إنْ لَمْ تَتُبْ» (رؤيا 2: 5)

ما ذنب هذه المنارة حتى تُزَحزحها إن لم أتُب أنا؟! عجيب أن خطية الرعاة تؤثر في الرعية، «أَضْرِبُ الرَّاعِيَ فَتَتَبَدَّدُ خِرَافُ الرَّعِيَّةِ» (متى 26: 31). لذلك أسجد أنا أمام مذبحك في حزن وخجل وخزى قائلًا "من أجل خطاياي الخاصة ونجاسات قلبي لا تمنع شعبك نعمة حلول روحك القدوس" (صلاة سرية في القداس). هذه هي دينونة الراعي الرهيبة والمخيفة؛ لأن خطيته تُعثِر الشعب. وعندما يُخطئ يسقط كثيرون في إدانته، والقدوة الضائعة تُثْمِر استسهال الخطية، وهذا ما حدث بالفعل! فأين كنيسة أفسس الآن التي أسسها مار بولس الرسول، وأقام فيها ثلاث سنوات، وخدم فيها القديس تيموثاوس، وخطب فيها مار أبُولُّس الأكثر فصاحة، وخدم فيها أكيلا وبريسكلا، وعاش فيها ومات مار يوحنا الحبيب؟! لقد تزحزحت منارتُها من مكانها، تاركةً أعمدة رخامية متهدمة تبكي مجدها التليد. فإن كان الله لم يشفق على كنيسة خُدِمَت بهذا المقدار، وتعب فيها أعظم الرسل، فخَفْ أنت يا أخي وتُبْ.

أفسس هذه حذرها مار بولس من الخطر القادم لضعف محبتها (أع 20: 29-30)، فالمحبة فوق كل شيء. أتظنون أن خدمتنا مهما امتلأت بالغيرة والنشاط والمثابرة لها فائدة بلا محبة؟ هكذا أفسس التي تركت محبتها الأولى ضاعت تمامًا.

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

 

مَدْحٌ

«وَلكِنْ عِنْدَكَ هذَا أَنَّكَ تُبْغِضُ أَعْمَالَ النُّقُولاوِيِّينَ» (رؤيا 2: 6)

لم يشأِ الله أن ينهي الرسالة إلى راعي كنيسة أفسس بالتهديد والوعيد، بل مدحه ثانيةً رغم أخطائه، معطيًا له أملًا جديدًا قائلًا «وَلكِنْ عِنْدَكَ هذَا»، أحد فضائلك «أَنَّكَ تُبْغِضُ أَعْمَالَ النُّقُولاَوِيِّينَ». وعجيب أن يمدحه مرةً لأنه يحب، وأُخرى لأنه يُبغض. وهل يُمدَح الإنسان على بُغضه؟! نعم يقول داود النبي «أَبْغَضْتُ كُلَّ طَرِيقِ كَذِبٍ» (مز 119: 104). مدح الرب ملاك كنيسة أفسس لا لأنه يبغض النُّقُولاَوِيِّينَ بل أعمالهم وتعليمهم الخاطئ. فهو يقاوم هرطقات عصره. فما هي هذه الهرطقة الَّتِي يقول عنها رب المجد نفسه «الَّتِي أُبْغِضُهَا أَنَا أَيْضًا»؟

هرطقة النقولاويين: أتباع نيقولاوس، أحد الشمامسة السبعة، الدخيل الأنطاكي، الذي مُدح في (أعمال 6: 3-5). وهذا ليس عجيبًا؛ لأن الهرطقة كالكبرياء «كُلُّ قَتْلاَهَا أَقْوِيَاءُ» (أم 7: 26). فقد سقط قبله يهوذا أحد الاثني عشر وكان سقوطه عظيمًا. وإذ سقط يهوذا من جهة الأعمال، سقط نيقولاوس من جهة التعليم. ونيقولاوس معناه نيقو أي المتسلط، ولاوس أي الشعب، أي المتسلط على الشعب، مثل «دِيُوتْرِيفِسَ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ الأَّوَلَ بَيْنَهُمْ» (3 يوحنا 9-10). ونيقولاوس يُترجم في العبرية «بلعام»، فهو من مقطعين (بلع) أي بعل أو سيد، (عام) أي شعب، فيكون بلعام سيد الشعب. وبلعام هذا لبس رداء النبوة زمنًا ثم ضل. طلب منه بالاق بعد أن قدَّم له رشوة أن يلْعَن الشعب، ولكنه سأل الرب فقال له: بل تُباركه. فحدث صراع في قلب بلعام، هل يلعن الشعب أم يباركه؟ وصار من ذوات القلبين:

قلبٌ روحي يدفعه أن يبارك الشعب ويخضع لله، قلبٌ مادي يدفعه أن يلعن الشعب من أجل الرشوة. وكان الحل في نَظَرِه أن يُحَوِّل الشعب عن الله، فتلحق بهم اللعنة. فقال لبالاق هذه الوسيلة الشريرة، أن يضع بنات موآب في طريقهم، فيسقطوا معهم، فيغضب الله ويتركهم. وهذه مشكلة برغامس «وَلكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ أَنَّ عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ، الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِيَ مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِي إسْرَائِيلَ: أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، وَيَزْنُوا. هكَذَا عِنْدَكَ أَنْتَ أَيْضًا قَوْمٌ مُتَمَسِّكُونَ بِتَعْلِيمِ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّذِي أُبْغِضُهُ» (رؤيا 2: 14-15).

عظيمٌ شرُّ بلعام النبي ونيقولاوس الشماس. فالشر الكبير هو ما يخرج من رجال الدين. يقول القديس أغسطينوس أن نيقولاوس الشماس كان متزوجا بامرأة جميلة جدًّا، وظهر اهتمامه الشديد بها، فلما انتقده الناس، أراد أن يُبَرِّئَ نفسه، فأعلن أنه سيفارقها، ومن أرادها فليأخذها. وهكذا سقط في هرطقة، ودفع إلى انتشار بدعة روحية، قادها أتباعه النقولاويون، الذين أباحوا الزنا. ونسب القديس إكليمندس الإسكندري هذا إلى النقولاويين لا إلى نيقولاوس. وهذا يؤيده أن الله يبغض أعمال النقولاويين (رؤيا 2: 6)، ويبغض تعاليم النقولاويين (رؤيا 2: 15)، وليس نيقولاوس.

«مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ»

(رؤ 2: 7، 11، 17، 29؛ 3: 6، 13، 22)

جاءت هذه العبارة كالجملة قبل الأخيرة في الثلاث رسائل الأولى، والجملة الختامية في الرسائل الأربعة الأخيرة. فكلمات الله موجهة ليس فقط إلى ملائكة الكنائس السبع، بل إلى شعوب هذه الكنائس أيضًا، بل إلى كل «مَنْ لَهُ أُذُنٌ ليَسْمَعْ». فنحن في جيلنا هذا يوجه لنا الروح نفس الكلمات، فالكنائس بعددها السُّبَاعِي ترمز إلى الكنيسة الجامعة في كل زمان ومكان.

«مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ» ἔχων οὖς ἀκουσάτω τί

أعطانا الله هبة السمع لنسمع، وأهم ما نسمعه أن «يَسْمَعُونَ الْكَلِمَةَ فَيَحْفَظُونَهَا فِي قَلْبٍ جَيِّدٍ صَالِحٍ وَيُثْمِرُونَ بِالصَّبْرِ» (لو 8: 15). لذلك حسنًا قال مار يعقوب الرسول «إذن يَا إخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إنْسَانٍ مُسْرِعًا فِي الاِسْتِمَاعِ» (يعقوب 1: 19) وطوبى لمن يسمع ويعمل بكلام الله.

«مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ للكنائس»ἐκκλησίαις τὸ πνεῦμα λέγει ταῖς

سواء في الكتاب المقدس أو في تبكيتات الروح داخل الإنسان «يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ» (يوحنا 14: 26)، أو في العظات والكتب الروحية، وربما في حادثة تكون هي صوت الله للإنسان.

لقد كانت صورة الأب الغني المشهور مائًتا محمولًا على الأكتاف هي صوت روح الله لابنه أنطونيوس حتى قال "أنت يا أبي خرجت منها بدون إرادتك، أما أنا فسأخرج منها بإرادتي" ودخل إلى البرية، وصار القديس العظيم الأنبا أنطونيوس.

نعم يقول مار بولس في رسالته إلى العبرانيين «اَللهُ، بَعْدَ مَا كَلَّمَ الآباء بِالأَنْبِيَاءِ قَدِيمًا، بِأَنْوَاعٍ وَطُرُقٍ كَثِيرَةٍ» (عبرانيين 1: 1).

«مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ» (رؤيا 2: 7)

«مَنْ يَغْلِبُ» هذه هي الجملة الأخيرة في الرسائل الثلاث الأولى، والجملة قبل الأخيرة في الرسائل الأربع الأخيرة.

وقد تكررت عبارة مَنْ يَغْلِبُ سبع مرات في الإصحاحات الأولى، والمرة الثامنة في (رؤيا 21: 7). مَنْ يَغْلِبُ العالم والجسد والشيطان، مَنْ يَغْلِبُ خطاياه وشروره. وهذا معناه أننا في حرب روحية، وبعضنا يَغْلِبُ وبعضنا ينهزم. ينهزمون مثل حنانيا وسفيرة. دخلا حربًا في محبة المال وانهزما وماتا. وديماس بعدما خدم مع بولس الرسول، وذكره كرفيق (كو 4: 14)، وكخادم معه (فليمون 24)، للأسف قال عنه «دِيمَاسَ قَدْ تَرَكَنِي إذْ أَحَبَّ الْعَالَمَ الْحَاضِرَ» (2 تي 4: 10). ولذلك حذرنا القديس بولس الرسول «مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ فَلْيَنْظُرْ أَنْ لاَ يَسْقُطَ» (1 كورنثوس 10: 12). وحذر الرب ملاك كنيسة فيلادلفيا «تَمَسَّكْ بِمَا عِنْدَكَ لِئَلَّا يَأْخُذَ أَحَدٌ إكْلِيلَكَ» (رؤيا 3: 11)؛ لأن «مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ»، أما من لا يغلب فسيؤخذ إكليله، ولذلك قال «كُنْ أَمِينًا إلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤيا 2: 10).

علمنا رب المجد أنه في تجسده، دخل مع الشيطان في معركة وخرج غالبًا، ولم يستخدم لاهوته، بل استخدم الأسلحة التي يمكننا أن نستخدمها نحن فنغلب بها؛ ليرسم لنا طريق الغلبة، غلب الشيطان بالمكتوب (متى 4: 4، 7، 10). إذن فلنحارب ونغلب، بالجهاد والنعمة.

ونقرأ عن أبناء الله «وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْحَمَلِ (النعمة) وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ (الجهاد)، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ (جهاد)» (رؤيا 12: 11). لأنه «إنْ كَانَ أَحَدٌ يُجَاهِدُ لاَ يُكَلَّلُ إنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيًّا» (2 تيموثاوس 2: 5). ولذلك يقول القديس يوحنا الحبيب في رسالته «أَكْتُبُ إلَيْكُمْ أَيُّهَا الأَحْدَاثُ لأَنَّكُمْ قَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ.. وَكَلِمَةُ اللهِ ثَابِتَةٌ فِيكُمْ، وَقَدْ غَلَبْتُمُ الشِّرِّيرَ» (1 يوحنا 2: 13-14).

«فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الْحَيَاةِ» (رؤيا 2: 7)

«شَجَرَةِ الْحَيَاةِ» هذه التقينا بها مرتين، أحدهما في بداية سِفْر التكوين (تك 2: 9) والثانية في نهاية سِفْر الرؤيا «طُوبَى لِلَّذِينَ يَصْنَعُونَ وَصَايَاهُ لِكَيْ يَكُونَ سُلْطَانُهُمْ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ» (رؤيا 22: 14).

أول مرة سمعنا عنها كانت «شَجَرَة الْحَيَاةِ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ» (تك 2: 7)، وكان يمكن لآدم أن يأكل منها فيحيا إلى الأبد، فمُنِع منها عندما أخطأ، بكِروبيم؛ لئلا يمد يده ويأخذ ويأكل ويحيا إلى الأبد (تك 3: 22) في حالة الخطية. والآن صار لنا سُلْطَانٌ عَلَى شَجَرَةِ الْحَيَاةِ لنأكل منها.

«وشَجَرَةِ الْحَيَاةِ» هي المسيح «لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ» (فيلبي 1: 21)، أو هي المسيح على الصليب، فسر الافخارستيا هو الأكل من شجرة الحياة (رؤ 22: 2)، «مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ» (يوحنا 6: 54).

«الَّتِي فِي وَسَطِ فِرْدَوْسِ اللهِ» (رؤيا 2: 7)

«فِرْدَوْس اللهِ» الذي طُردنا منه هو جنة عدن على الأرض، ويرمز إلى الكنيسة، وشجرة الحياة هي المسيح. لذلك نحن نُصَلي في قسمة سبت الفرح ونقول "أنعمت لنا بشجرة الحياة التي هي جسدك الإلهي ودمك الحقيقي". «طُوبَى لِلإنْسَانِ الَّذِي يَجِدُ الْحِكْمَةَ... هِيَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ لِمُمْسِكِيهَا وَالْمُتَمَسِّكُ بِهَا مَغْبُوطٌ» (أمثال 3: 13، 18). والمسيح هو أقنوم الحكمة «صَارَ لَنَا حِكْمَةً مِنَ اللهِ» (1 كو 1: 30).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: "The church in Smyrna" (Revelation 2: 8) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: 2- "كنيسة سميرنا" (الرؤيا 2: 8) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "The church in Smyrna" (Revelation 2: 8) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: 2- "كنيسة سميرنا" (الرؤيا 2: 8) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

الرسالة الثانية (رؤيا 2: 8-11)

إلى

المسيح

مديح

عتاب

وَاكْتُبْ إلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا

هذَا يَقُولُهُ الأَوَّلُ وَالآخِرُ، الَّذِي كَانَ مَيْتًا فَعَاشَ. (رؤيا 2: 8)

أَنَا أَعْرِفُ أَعْمَالَكَ وَضَيْقَتَكَ وَفَقْرَكَ مَعَ أَنَّكَ غَنِيٌّ. وَتَجْدِيفَ الْقَائِلِينَ: إنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا، بَلْ هُمْ مَجْمَعُ الشَّيْطَان. (رؤيا 2: 9)

 

اشتهر هذا العصر بأباطرة الإمبراطورية الرومانية الأشرار، من عصر نيرون حتى جاء قسطنطين الذي آمن بالمسيحية نحو سنة 316 م. وقد قدم المؤمنون ذواتهم على مذبح الاستشهاد؛ ليشهدوا بمحبتهم العميقة لله حتى الموت، فاشتمها الرب بخورًا عطرًا يتصاعد رائحة سرور. فأرسل لهم الرب يشجعهم ويثبتهم قائلًا: «كُنْ أَمِينًا إلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤيا 2: 10).

 

توبيخ

مديح

للكل

من يغلب

لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضًا مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيْقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِينًا إلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إكْلِيلَ الْحَيَاةِ (رؤ 2: 10)

 

مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. (رؤيا 2: 7)

مَنْ يَغْلِبُ فَلاَ يُؤْذِيهِ الْمَوْتُ الثَّانِي (رؤيا 2: 11)

«وَاكْتُبْ إلَى مَلاَكِ كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا» (رؤيا 2: 8)

Καὶ τῷ ἀγγέλῳ τῆς ἐν Σμύρνῃ ἐκκλησίας γράψ

«سِمِيرْنَا» أو أزمير كلمة يونانية معناها مُرٌّ، وهو نوع من البخور الجيد رائحته حلوة رغم مرارة طعمه، ما يناسب روح الشهداء. فقد كانت الكنيسة مُرَّةَ النفس بسبب الضيقات التي عاشها المؤمنون، ومع هذا تصاعدت منهم رائحة الحب. وهذه الرسالة الثانية تمثل عصر الشهداء (100-312 م).

«سِمِيرْنَا» مدينة في آسيا الصغرى على شاطئ البحر المتوسط شمال أفسس، هُدِمَت خلال 400 سنة، ثم أُعيد بناؤها فصارت أعظم مدن آسيا. جزء منها بُنِيَ على جبل، وآخَر على سهل، ويتخللها نهر أمام سورها. وقد دخلت المسيحية إلى سِمِيرْنَا عن طريق كرازة القديس بولس الرسول في أفسس (أعمال 19: 9-10)، ثم خدمها القديس يوحنا الرسول.

«مَلاَك كَنِيسَةِ سِمِيرْنَا» هو القديس بوليكاربوس الرسولي، واسمه يعني متعدد الثمار. هو تلميذ مار يوحنا الحبيب الذي سامَه أُسقفا عليها فاشتهر بثماره الكثيرة، ورَدِّهِ على الغنوسيين الذين يُعَلِّمون بأن الخلاص بالعقل دون الإيمان. كان غنيًا، فلما آمن اغتصب الأشرار ممتلكاته. وكان غنيًا في الإيمان والأعمال معًا، ولذلك لم يعاتبه الرب كباقي الأساقفة بل امتدحه هو وأسقف فيلادلفيا.

استشهاده: حلُمَ أن النيران أشعلت الوسادة التي كان نائمًا عليها، فعرف أنه سيستشهد محترقًا. وفعلًا بعد ثلاثة أيام قَبض عليه جنود الرومان، فطلب إمهاله ساعة، فيها صلَّى وأعد لهم طعامًا. تأثر الجنود، لكن قبضوا عليه وسلموه للوالي الروماني الذي رأى شيخوخته فقال له: "إني مشفقٌ عليك، اِنكِرِ المسيح وانجُ". فقال: "86 عامًا أخدمه، وهو يملأُنِي نعمة فهل أنكره بعد هذا؟!".

أعدوا له صليبًا ليربطوه ويلقوه في النيران، لكنه قال لهم سأدخل النيران بإرادتي بلا خوف. ودخل ولم يشتعل بل فاحت منه رائحة عطرة، فاغتاظ أحد الجنود وضربه بالسيف، فسفك دمه الذي أطفأ النيران، ونال إكليل الشهادة سنة 155 م.

«هذَا يَقُولُهُ الأَوَّلُ وَالآخِر» (رؤيا 8: 2)

Τάδε λέγει πρῶτος καὶ ἔσχατος

«هذَا يَقُولُهُ»: أنظر (رؤيا 1: 2) «الأَوَّلُ وَالآخِر» أنظر (رؤيا 1: 8، 11)

«الَّذِي كَانَ مَيْتًا فَعَاشَ» ὃς ἐγένετο νεκρὸς καὶ ἔζησεν

في رسالةٍ إلى كنيسة مُضطهَدة امتلأت بالشهداء، يُقَدِّم الرب نفسه بأنه «كَانَ مَيْتًا فَعَاشَ»، «لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهًا بِمَوْتِهِ» (فيلبى 3: 10). الذى لا يشترك مع المسيح في آلامه لا يشترك معه في قيامته. مات المسيح لأجلنا، فهل نتقبل الموت من أجله بفرح؟ «نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً» (1 يو 4: 19). نُحِبُّهُ إلى الموت لأنه أحبنا إلى الموت. ورجاؤنا أنه «كَانَ مَيْتًا فَعَاشَ»، فالموت يتلوه قيامة.

 

St-Takla.org Image: "The angel of the church in Smyrna" (Revelation 2: 8) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: 2- "ملاك كنيسة سميرنا" (الرؤيا 2: 8) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "The angel of the church in Smyrna" (Revelation 2: 8) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: 2- "ملاك كنيسة سميرنا" (الرؤيا 2: 8) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

«أَنَا أَعْرِفُ أَعْمَالَكَ وَضَيْقَتَكَ» (رؤيا 2: 9)

οἶδά σου τὴν θλῖψιν καὶ τὴν πτωχείαν

«أَنَا أَعْرِفُ أَعْمَالَكَ» الجملة الثالثة في كل رسالة، تم شرحها في (رؤ 2: 2)

«وَضَيْقَتَكَ» التي تتحملها من أجل اسمي. والضيقات أنواع:

ضيقات من أجل الخدمة والكرازة بالإنجيل يتحملها الكارزين والخدام،

وضيقات من أجل التمسك بالفضيلة في عالمٍ شرير يتحملها الأبرار،

وضيقات من يُعلِنون مسيحهم كخراف وسط ذئاب.

و«بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ يَنْبَغِي أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ (أعمال 14: 22). وقد أعلن الرب «فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ» (يوحنا 16: 33). أما مار بولس فعلَّمَنا «صَابِرِينَ فِي الضَّيْقِ، مُواظِبِينَ عَلَى الصَّلاَةِ» (رومية 12: 12). بل علَّم أهل تسالونيكي حتمية هذه الضَّيْقات «أَرْسَلْنَا تِيمُوثَاوُسَ أَخَانَا، وَخَادِمَ اللهِ، وَالْعَامِلَ مَعَنَا فِي إنْجِيلِ الْمَسِيحِ، حَتَّى يُثَبِّتَكُمْ وَيَعِظَكُمْ لأَجْلِ إيمَانِكُمْ، كَيْ لاَ يَتَزَعْزَعَ أَحَدٌ فِي هذِهِ الضِّيقَاتِ. فَإنَّكُمْ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّنَا مَوْضُوعُونَ لِهذَا» (1 تسالونيكي 3: 2-3). ولكن «إذْ هُوَ عَادِلٌ عِنْدَ اللهِ أَنَّ الَّذِينَ يُضَايِقُونَكُمْ يُجَازِيهِمْ ضِيقًا» (2 تسالونيكي 1: 6).

«وَفَقْرَكَ مَعَ أَنَّكَ غَنِيٌّ» (رؤيا 2: 9)

عاش المسيح على أرضنا فقيرًا «لَيْسَ لَهُ أَيْنَ يُسْنِدُ رَأْسَهُ» (متى 8: 20)، ولم يكن لديه الدرهمان ليوفي الجزية (متى 17: 24-27). و«اخْتَارَ اللهُ فُقَرَاءَ هذَا الْعَالَمِ أَغْنِيَاءَ فِي الإيمَانِ، وَوَرَثَةَ الْمَلَكُوتِ» (يعقوب 2: 5). بل ربما كان الفقر بسبب الاضطهاد، كما قال القديس بولس الرسول «قَبِلْتُمْ سَلْبَ أَمْوَالِكُمْ بِفَرَحٍ» (عبرانيين 10: 34).

«مَعَ أَنَّكَ غَنِيٌّ» باتكالك على الله وعنايته بك كما يقول الرسول «كَفُقَرَاءَ وَنَحْنُ نُغْنِي كَثِيرِينَ» (2 كو 6: 10)، فَغِنَى الروح أعظم.

«هَلُمَّ الآنَ أَيُّهَا الأَغْنِيَاءُ، ابْكُوا مُوَلْوِلِينَ عَلَى شَقَاوَتِكُمُ الْقَادِمَةِ. غِنَاكُمْ قَدْ تَهَرَّأَ، وَثِيَابُكُمْ قَدْ أَكَلَهَا الْعُثُّ، ذَهَبُكُمْ وَفِضَّتُكُمْ قَدْ صَدِئَا، وَصَدَأُهُمَا يَكُونُ شَهَادَةً عَلَيْكُمْ، وَيَأْكُلُ لُحُومَكُمْ كَنَارٍ! قَدْ كَنَزْتُمْ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ» (يع 5: 1 -3). الغِنَى الحقيقي هو «كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ» (عب 13: 5). كما قال القديس أُغُسْطينُس "جَلَسْتُ على قِمَّةِ العالم حينما لم اشتَهِ شَيْئًا في العالم".

«وَتَجْدِيفَ الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا» (رؤيا 2: 9)

«هَأَنَذَا أَجْعَلُ الَّذِينَ مِنْ مَجْمَعِ الشَّيْطَانِ، مِنَ الْقَائِلِينَ إنَّهُمْ يَهُودٌ وَلَيْسُوا يَهُودًا بَلْ يَكْذِبُونَ هَأَنَذَا أُصَيِّرُهُمْ يَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَ رِجْلَيْكَ» (رؤ 3: 9)

«وَتَجْدِيفَ»: قال مار بولس «أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلًا مُجَدِّفًا وَمُضْطَهِدًا وَمُفْتَرِيًا، وَلكِنَّنِي رُحِمْتُ، لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْل فِي عَدَمِ إيمَانٍ» (1 تي 1: 13)، فيُقَدِّم نفسه مثلًا كيهودي مملوء غيرة على إيمان آبائه، ولكنه باضطهاده لكنيسة الله صار مُجَدِّفًا وَمُفْتَرِيًا، ولَيْسَ يَهُودِيًّا بالحقيقة؛ لأَنَّ الْيَهُودِيَّ بالحقيقة يؤمن بالمسيح الآتي «لأَنَّ الْيَهُودِيَّ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيًّا... بَلِ الْيَهُودِيُّ فِي الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِيُّ» (رومية 2: 8)

«القَائِلِينَ إنَّهُمْ يَهُودٌ» أو شعب الله المُنَفِّذ لشريعته، وفي الحقيقة أنهم لا يطيعون الناموس. فالعهد القديم يتنبأ عن المسيح ويدفعنا للإيمان به، أما هم فلم يؤمنوا، بل جدفوا عليه وصلبوه، فصاروا هم مَجْمَعُ الشَّيْطَانِ.

اليهود مَجْمَعُ الشَّيْطَانِ:

«لَا تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ» (رؤيا 2: 10)

قال الرب «هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسَطِ ذِئَابٍ فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ» (متى 10: 16)، ومع هذا يقول «لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ»، وَلَكِنْ أَقُولُ لَكُمْ يَا أَحِبَّائِي: لاَ تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَبَعْدَ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُمْ مَا يَفْعَلُونَ أَكْثَرَ» (لوقا 12: 4). «لاَ تَخَفْ أَيُّهَا الْقَطِيعُ الصَّغِيرُ لأَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ سُرَّ أَنْ يُعْطِيَكُمُ الْمَلَكُوتَ» (لوقا 12: 32)، «لاَ تَخَفْ لأَنِّي مَعَكَ» (تك 26: 24)، وظل الرب يقول لنا لا تخافوا 366 مرة بعدد أيام السنة، وكأنه يهمس في آذاننا كل يوم لا تخافوا. فالخوف خطية تحرمنا من الملكوت «وَأَمَّا الْخَائِفُونَ وَغَيْرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالرَّجِسُونَ وَالْقَاتِلُونَ وَالزُّنَاةُ وَالسَّحَرَةُ وَعَبَدَةُ الأَوْثَانِ وَجَمِيعُ الْكَذَبَةِ، فَنَصِيبُهُمْ فِي الْبُحَيْرَةِ الْمُتَّقِدَةِ بِنَارٍ وَكِبْرِيتٍ، الَّذِي هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي» (رؤيا 21: 8).

«مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ» لا تخف، فالآلام سِمَةٌ المسيحية. فقد وُلِد المسيح له المجد وسط اضطهاد هيرودس الذي يريد قتله طفلًا، وعاش مُضطهَدًا ومات مصلوبا. فالله يُنَبِّه ملاك الكنيسة وشعبها بالآلام الآتية عليهم «فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ» (يو 16: 33).

«هُوَذَا إبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضًا مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ» (رؤيا 2: 10)

هنا نرى أن الرسائل موجهة لا إلى ملائكة الكنائس وأساقفتها ورعاتها فحسب، بل إلى شعوب هذه الكنائس «يُلْقِي بَعْضًا مِنْكُمْ».

«هُوَذَا إبْلِيسُ مُزْمِعٌ» وليس الأباطرة! فعَدُوُّنا الحقيقي هو إبْلِيسُ.

«لأَنَّ إبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِسًا مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ» (1 بطرس 5: 8). وفعلا مات القديس بوليكاربوس تلميذ القديس يوحنا الرسول أسقف هذه الكنيسة شهيدًا محترقًا بالنار.

«لِكَيْ تُجَرَّبُوا» فآلام التجارب ونيران الامتحان تُصَفِّي الذهب وتُظهِره. حسنا قال القديس غِريغُريُس الكبير "لا يستطيع أحد أن يكون صِدِّيقًا كهابيل ما لم تُصِبْهُ سِكِّينَة قايين الشرير". والقديس أُغُسطينُس يقول "إن حِكمة وجود الأشرار في العالم إمَّا ليكون لهم فرصة للتوبة أو نارًا تُصَفِّي الذهب أي الأبرار". «طُوبَى لِلرَّجُلِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّجْرِبَةَ، لأَنَّهُ إذَا تَزَكَّى يَنَالُ إكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (يعقوب 1: 12).

«وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيْقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ» (رؤيا 2: 10)

العشرة رمز إلى كمال الضيق، مثل العشر ضربات التي ضَرب بها الله فرعون. والأيام العشرة ترمز إلى أزمنة الاضطهاد العشرة من نيرون الذي حرق روما واتهم المسيحيين بحرقها ليُبَرِّر اضطهادهم حرقًا، وصلبًا، وتمزيقًا بأنياب الوحوش. وقد قتل مار بطرس الرسول. ثم دومتيان الذي اضطهد القديس تيموثاوس ونَفى مار يوحنا إلى جزيرة بَطْمُس وعذَّبه بالزيت المغلي، إلى دقلديانوس.

«كُنْ أَمِينًا إلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤيا 2: 10)

إكْلِيل الْحَيَاةِ هي سعادة الحياة الأبدية. فحينما يكون الإنسان أَمِينًا إلَى الْمَوْتِ لا يكون قد فقد الحياة بل نال إكليلها والثبات فيها إلى الأبد (1 بط 1: 4)

«مَنْ لَه أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا الرُّوح يَقُولُهُ لِلْكَنائِسِ»

(رؤيا 2: 7، 11، 17، 29؛ 3: 6، 13، 22): شُرِحَتْ.

«من يغلب فَلاَ يُؤْذِيه الْمَوْتُ الثَّانِي» (رؤيا 2: 11)

μὴ ἀδικη θῇ νικῶν οὐ ἐκ τοῦ θανάτου τοῦ δευτέρου

 

ولادتان. وموتان. وقيامتان

«الولادتان»: تكلم عنهما الرب يسوع في حديثه مع نيقوديموس حينما قال «اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ» (يو 3: 6).

فالولادة الأولى الجسدية من الأب والأم، تجعلنا أبناء آدم وحواء، والولادة الثانية الروحانية من الله والكنيسة في جُرْن المعمودية، الولادة من الماء والروح تجعلنا أبناء الله. وهي الولادة الجديدة(10).

«الموتان»: الأول انفصال الروح الإنسانية عن الجسد الإنساني ونُسَميه الرقاد لكل البشر. قال الرب «لِعَازَرُ حَبِيبُنَا قَدْ نَامَ. لَكِنِّي أَذْهَبُ لِأُوقِظَهُ» (يو 11: 11). ونحن نقول في أوشيه الراقدين "لا يكون موت لعبيدك بل هو انتقال". أما الموت الثاني في جهنم النار الأبدية، وهو الانفصال عن الله المصدر الحقيقي للحياة وهو للأشرار.

«القيامتان» الأولى في المعمودية، ففيها يموت الإنسان العتيق ويقوم في الحياة الجديدة؛ لذلك نسميها الولادة الجديدة والخليقة الجديدة، وامتداد هذه القيامة هو سر التوبة والاعتراف. فالتوبة تجديد للمعمودية وامتدادٌ لها. فكُلما اتسخ ثوب المعمودية النقي غُسِلَ بسر التوبة، ولذلك رأينا في قصة الابن الشاطر الذي رجع إلى أبيه يقول الآب «ابْنِي هَذَا كَانَ مَيِّتًا فَعَاشَ وَكَانَ ضَالًّا فَوُجِدَ.» (لو 15: 24). أي قام من الموت. أما القيامة الثانية فهي القيامة العامة في اليوم الأخير، وهى للكل «يَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُونَةِ» (يو 5: 29)، لذلك قيل «مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى. هَؤُلاَءِ لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ» (رؤ 20: 6).

الذين اعتمدوا وعاشوا حياة التوبة (القيامة الأولى) هؤلاء لا يقوى عليهم الموت الثاني في جهنم النار الأبدية (رؤيا 20: 14؛ 21: 8).

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: "The church in Pergamos" (Revelation 2: 12) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: 3- "كنيسة برغامس" (الرؤيا 2: 12) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "The church in Pergamos" (Revelation 2: 12) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: 3- "كنيسة برغامس" (الرؤيا 2: 12) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

الرسالة الثالثة (رؤيا 2: 12-17)

«وَاكْتُبْ إلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَرْغَامُسَ»

إلى

المسيح

مديح

عتاب

وَاكْتُبْ إلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَرْغَامُسَ (رؤ 2: 12)

هذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ السَّيْفُ الْمَاضِي ذُو الْحَدَّيْنِ (رؤ 2: 12)

أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ، وَأَيْنَ تَسْكُنُ حَيْثُ كُرْسِيُّ الشَّيْطَانِ، وَأَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بِاسْمِي، وَلَمْ تُنْكِرْ إيمَانِي حَتَّى فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا كَانَ أَنْتِيبَاسُ شَهِيدِي الأَمِينُ الَّذِي قُتِلَ عِنْدَكُمْ حَيْثُ الشَّيْطَانُ يَسْكُنُ (رؤ 2: 13)

14وَلكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ أَنَّ عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ، الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِيَ مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِي إسْرَائِيلَ: أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ وَيَزْنُوا هكَذَا عِنْدَكَ أَنْتَ أَيْضًا قَوْمٌ مُتَمَسِّكُونَ بِتَعْلِيمِ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّذِي أُبْغِضُهُ.

 

«بَرْغَامُسَ» تَعني التزاوج، وبرغامس مدينة في أسيا يتوسطها نهر شيلا، وهى شمال سميرنا. اشتهرت بالعِلم، وكان لها مكتبة تَلِي مكتبة الإسكندرية الشهيرة، وتتعبد للإله ديونيس ورمزه الحية رمز الشيطان؛ ولذلك قيل حيث كرسي الشيطان، واشتهرت بالسحر وعبادة الشيطان.

وبدلًا من أن الكنيسة تنعزل عن العالم اتحدت به وتزاوجت معه، وهذا ما يشير إليه الاسم. فقد آمن الملك قسطنطين بالمسيحية واعتمد سنة 316 م، فبينما كان وثنيًا يُصَلي، متعبدًا للشمس، إذا بالصليب المقدس

يظهر له فوق الشمس مكتوب أسفله "بهذا تغلب" وفعلًا غلب. فآمن بالمسيح ووضع الصليب على عَلَم الإمبراطورية الرومانية، وحوَّل البرابي (معابد الوثنية) إلى كنائس وأطلق المسيحيين من السجون وجعل المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية.

 

توبيخ

مديح

للكل

من يغلب

فَتُبْ وَإلاَّ فَإنِّي آتِيكَ سَرِيعًا وَأُحَارِبُهُمْ بِسَيْفِ فَمِي. (رؤ 2: 16)

 

مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ. (رؤ 2: 17)

مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْمَنِّ الْمُخْفَى، وَأُعْطِيهِ حَصَاةً بَيْضَاءَ، وَعَلَى الْحَصَاةِ اسْمٌ جَدِيدٌ مَكْتُوبٌ لاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ غَيْرُ الَّذِي يَأْخُذُ» (رؤ 2: 17)

 

وبهذا جمعت الكنيسة الباباوية الرومانية السُّلطتَيْن: الكنسية والمدنية العالمية (عام 590-1500). ومن هنا جاء تفسير كلمة (برغامس أو برجامس)، فحرف (γ) ينطق (غ، ج مصري). وبحدوث السلام في الكنيسة واختفاء الآلام والاضطهادات، ضعفت الحياة الروحية واستطاع الشيطان أن يسكن ويُثَبِّت كرسيه (رؤ 2: 13)، فبإيمان قسطنطين غيَّرَ الشيطان خطته واستبدل الاضطهاد بنشر الفساد ومحبة الثروة، فاختلط أبناء الله مع أهل العالم وشَاكَلُوا هَذَا الدَّهْرَ (رومية 12: 2)، وأيقظ الفِكر الهرطوقي لبلعام (عدد 25: 1-16؛ 31: 1-12)، (1 كو 10). كما ظهر من يتمسك بتعليم النقولاويين (رؤيا 2: 15)، ورأينا الرب يهدد الأشرار بمحاربتهم بسيف فمه (رؤ 2: 16) ويشجع الأمناء بالأكل من المَن المخفي (رؤ 2: 17) أي بالتمتع بالرب.

 

St-Takla.org Image: Saint Antipas the martyr, Hieromartyr Antipas of Pergamum (Revelation 2) صورة في موقع الأنبا تكلا: الشهيد أنتيباس من برغامس (سفر الرؤيا 2)

St-Takla.org Image: Saint Antipas the martyr, Hieromartyr Antipas of Pergamum (Revelation 2).

صورة في موقع الأنبا تكلا: الشهيد أنتيباس من برغامس (سفر الرؤيا 2)

بين سميرنا وبرغامس

إن كان الشيطان في عصر سميرنا، عصر الاستشهاد، يزأر كالأسد ويفترس أولاد الله، ففي عصر برغامس، عصر الهراطقة والمجامع المسكونية، كان يعمل كالحية الرقطاء في خُبث ودهاء.

وإن كانت كنيسة سميرنا، كنيسة الشهداء، غنية وقوية روحيًا رغم فقرها المادي، فكنيسة برغامس فقيرة وضعيفة روحيًا رغم غناها وقوتها المادية.

«وَاكْتُبْ إلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي بَرْغَامُسَ» (رؤيا 2: 12)

ملاك كنيسة برغامس هو القديس كاربوس الشهيد، واسمه يعني الثَّمَر. فالله بعدما مدحه، كان يطلب الثمر في شعبه.

«هذَا يَقُولُهُ الَّذِي لَهُ السَّيْفُ الْمَاضِي ذُو الْحَدَّيْنِ» (رؤيا 2: 12)

«وَسَيْفٌ مَاضٍ ذُو حَدَّيْنِ يَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ» (رؤيا 1: 16)

نرجع لشرحنا لـ(رؤيا 1: 16). ففي كنيسةٍ مليئةٍ بالهرطقات حيث كرسي الشيطان وإنكار الإيمان والذين يتمسكون بالتعاليم الغريبة الخاطئة كتعليم بلعام بن بعور من فغور وتعليم النقولاويين، يظهر الرب بصورة تتناسب مع هذه الظروف. فالسيف الماضي ذو الحدين يخرج من فمه ليفصل بين الإيمان المستقيم والهرطقة، وللحرمان الذي يعزل الهراطقة، وفي كنيسةٍ بها شهداء كأنتيباس الشهيد الأمين، يظهر المسيح له المجد له سيف ذو حدين مدافعًا عن أبنائه.

«أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ» (رؤيا 2: 13) هذه الجملة الثالثة في كل رسالة وتم شرحها في الرسالة الأولى في (رؤيا 2: 2).

«وَأَيْنَ تَسْكُنُ حَيْثُ كُرْسِيُّ الشَّيْطَانِ» (رؤيا 2: 13) ففي برغامس المليئة بالعبادة الوثنية والانحرافات الأخلاقية يتربع الشيطان جالسًا على عرشه يضطهد أولاد الله ويقتلهم.

 

«وَأَنْتَ مُتَمَسِّكٌ بِاسْمِي، وَلَمْ تُنْكِرْ إيمَانِي» (رؤيا 2: 3)

مدَح الرب أسقف برغامس في العبارة الأولى «أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ»، وامتدحه ثانيةً. فبالرغم أن خدمته «حَيْثُ كُرْسِيُّ الشَّيْطَانِ» وسلطانه إلا أنه «مُتَمَسِّكٌ بِاسْمِي، وَلَمْ تُنْكِرْ إيمَانِي». والتمسُّك باسم الله هو الحياة الروحية، وَلَمْ تُنْكِرْ إيمَانِي هو التمسك بالإيمان السليم. فالله يهتم بالأعمال والإيمان معًا.

«حَتَّى فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا كَانَ أَنْتِيبَاسُ شَهِيدِي الأَمِينُ الَّذِي قُتِلَ عِنْدَكُمْ حَيْثُ الشَّيْطَانُ يَسْكُنُ.» (رؤيا 2: 13)

ويستمر في مدحه؛ لأن تمسُّكَهُ بالإيمان والحياة الروحية كان في أوقات صعبة في زمن دقلديانوس زمن الاضطهاد والاستشهاد فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيهَا كَانَ أَنْتِيبَاسُ شَهِيدِي.

«أَنْتِيبَاسُ شَهِيدِي الأَمِينُ» ما أروع أن الرب ينطق باسم شهدائه ويشهد لهم فيقول شَهِيدِي الأَمِينُ. وأَنْتِيبَاسُ هذا كان أسقفًا كارزًا بالملكوت في زمن دومتيان قُبِض عليه. وفي هيكل أرطاميس إلَهَةِ الأَفَسُسِيِّين رُبط في ثَوُرٍ نُحاسِي مُتَّقِد نارًا حتى احترق ومات شهيدًا وهو يشكر الله بصوت عالٍ. وكان هذا سنة 93 م.

 

عتاب

«لكِنْ عِنْدِي عَلَيْك قَلِيلٌ» ἀλλἔχω κατὰ σοῦ ὀλίγ

(رؤيا 2: 6، 14، 20)

كلمة عتاب صغيرة. ما أروع أسلوب المسيح له المجد يمدح مرة واثنين وثلاثة، ثم يعاتب بأسلوب هادئ، وأحيانا يشتد العتاب فَيَصِلُ إلى إنذار

وتهديد، ولكنه يَختِم أيضًا بكلمات المديح.

«أَنَّ عِنْدَكَ هُنَاكَ قَوْمًا مُتَمَسِّكِينَ بِتَعْلِيمِ بَلْعَامَ، الَّذِي كَانَ يُعَلِّمُ بَالاَقَ أَنْ يُلْقِيَ مَعْثَرَةً أَمَامَ بَنِي إسْرَائِيلَ» (رؤيا 2: 14)

«تَعْلِيم بَلْعَامَ» (عدد 22: 5)

لَبِسَ بلعامُ رداءَ النبوة فترة من الزمن ثم سقط في الهرطقة، إذ طلب منه بالاق أن يلعَن الشعب. فسأل الله فقال له أن يبارك الشعب، ولكن للأسف إذ قدم له بالاق رشوة، حدث صراع في قلب بلعام، هل يلعن الشعب أم يباركه؟؟ وانقسم قلب بلعام:

قلبٌ روحي يحثه أن يبارك الشعب ويخضع لله الذي باركه سابقًا،

قلبٌ مادي يحثه أن يلعن الشعب من أجل الرشوة ومحبة المال.

وسقط بلعام في الفخ وحوَّل الشعب عن الله بمشورةٍ شريرة.

ما أفظع أن يأتي الشر من رجل الدين. وتكررت المشكلة في بدعة نيقولاوس الشماس (رؤيا 2: 15)

«أَنْ يَأْكُلُوا مَا ذُبِحَ لِلأَوْثَانِ، وَيَزْنُوا (رؤيا 2: 14)

هذا الأمر نهى عنه المجمع الرسولي الأول في أورشليم (أع 15: 29)

هكَذَا عِنْدَكَ أَنْتَ أَيْضًا قَوْمٌ مُتَمَسِّكُونَ بِتَعْلِيمِ النُّقُولاَوِيِّينَ الَّذِي أُبْغِضُهُ. (رؤيا 2: 15)

St-Takla.org Image: White stone - "He who has an ear, let him hear what the Spirit says to the churches. To him who overcomes I will give some of the hidden manna to eat. And I will give him a white stone, and on the stone a new name written which no one knows except him who receives it." (Revelation 2:17) - Designed by Michael Ghaly for St-Takla.org. صورة في موقع الأنبا تكلا: الحصاة البيضاء - "من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس. من يغلب فسأعطيه أن يأكل من المن المخفى، وأعطيه حصاة بيضاء، وعلى الحصاة اسم جديد مكتوب لا يعرفه أحد غير الذي يأخذ»." (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 2: 17) - تصميم مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org Image: White stone - "He who has an ear, let him hear what the Spirit says to the churches. To him who overcomes I will give some of the hidden manna to eat. And I will give him a white stone, and on the stone a new name written which no one knows except him who receives it." (Revelation 2:17) - Designed by Michael Ghaly for St-Takla.org.

صورة في موقع الأنبا تكلا: الحصاة البيضاء - "من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس. من يغلب فسأعطيه أن يأكل من المن المخفى، وأعطيه حصاة بيضاء، وعلى الحصاة اسم جديد مكتوب لا يعرفه أحد غير الذي يأخذ»." (سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 2: 17) - تصميم مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

«فَتُبْ وَإلاَّ» (رؤيا 2: 16) تُبْ لتلبَس القوة وتحارب الهراطقة بجُرأة.

«وَإلاَّ فَإنِّي آتِيكَ سَرِيعًا وَأُحَارِبُهُمْ بِسَيْفِ فَمِي» (رؤيا 2: 16)

الحروب الجسدية من أدواتها السيف المادي، أما الحروب الروحية ضد الهرطقات الإيمانية والروحية فمن أدواتها سيف الروح.

«أُحَارِبُهُمْ بِسَيْفِ فَمِي» هذا هو الحرمان الكنسي. فالسلطان الكهنوتي، الحل والربط، هو سيف ذو حدين.

«مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ» سبق شرحها [رؤ 2: 16].

«مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْمَنِّ الْمُخْفَى» (رؤيا 2: 16)

من يغلب شهواته وخطاياه، وللأسقف مَن يغلب الهراطقة ويوقف انتشارهم في كنيسته «فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ الْمَنِّ» رمز الافخارستيا كما هو واضح من حديث الرب في (يوحنا 6).

«الْمَنِّ الْمُخْفَى» قال إشَعْيَا النبي «حَقًّا أَنْتَ إلَهٌ مُحْتَجِبٌ يَا إلَهَ إسْرَائِيلَ الْمُخَلِّصَ» (إشعيا 45: 15). فالمسيح إله مُحْتَجِبٌ في نبوءات العهد القديم. وهو إله مُخْتَفٍ خلال التجسد في الهيئة كانسان، ثم هو إله مُخْفَى في سر الافخارستيا «أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الَّذِي نَزَلَ مِنَ السَّمَاء.. ِأَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ.. آبَاؤُكُمْ أَكَلُوا الْمَنَّ فِي الْبَرِّيَّةِ وَمَاتُوا.. هذَا هُوَ الْخُبْزُ النَّازِلُ مِنَ السَّمَاءِ، لِكَيْ يَأْكُلَ مِنْهُ الإنْسَانُ وَلاَ يَمُوتَ. وَالْخُبْزُ الَّذِي أَنَا أُعْطِي هُوَ جَسَدِي.» (يوحنا 6)

 

«وَأُعْطِيهِ حَصَاةً بَيْضَاءَ» (أو شفافة)

«وَعَلَى الْحَصَاةِ اسْمٌ جَدِيدٌ مَكْتُوبٌ لاَ يَعْرِفُهُ أَحَدٌ غَيْرُ الَّذِي يَأْخُذُ» (رؤ 2: 17)

الحصاة الشفافة هي بنوة الإنسان الجديد لله بالمعمودية. والحصاة الشفافة وجود المسيح بالافخارستيا، فهو الجمرة التي أخذها الملاك من المذبح ومس بها شفتي إشَعْيَا النبي في (إشعيا 6: 6) فتطهر من خطاياه. والاسْمٌ الجَدِيدٌ هو أننا مسيحيون أبناء الله، عمانوئيل الله معنا.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

الرسالة الرابعة (رؤيا 2: 18-29)

«وَاكْتُبْ إلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي ثَيَاتِيرَا»

«ثَيَاتِيرَا» (رؤيا 2: 1-6) جنوب شرق برغامس، ومنها الكلمة العامية (تياترو). فالكلمة اليونانية (Θυατείροις) تعني مسرح. وترمز إلى القرون الوسطي. في هذا العصر (600-1500 م)، كان الفساد الجنسي والأخلاقي قد استشرى في العالم. واشتهرت ثياتيرا بكثرة مسارحها والرقص الخليع، كما اشتهرت بتجارة الأرجوان الذي تُعمَل منه ملابس الرقص. ومن هذه البلدة كانت «ليدية» بائعة الأرجوان التي آمنت واعتمدت بواسطة مار بولس الرسول. وهي أول من آمَنَت في أوروبا (أعمال 16: 14).

«مَلاَك الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي ثَيَاتِيرَا»: هو أسقفها القديس إيريناوس تلميذ القديس بوليكاربوس تلميذ يوحنا الحبيب، أو هو القديس كريبوس.

 

إلى

المسيح

مديح

عتاب

وَاكْتُبْ إلَى مَلاَكِ الْكَنِيسَةِ الَّتِي فِي ثَيَاتِيرَا

هذَا يَقُولُهُ ابْنُ اللهِ، الَّذِي لَهُ عَيْنَانِ كَلَهِيبِ نَارٍ، وَرِجْلاَهُ مِثْلُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ

19أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَمَحَبَّتَكَ وَخِدْمَتَكَ وَإيمَانَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّ أَعْمَالَكَ الأَخِيرَةَ أَكْثَرُ مِنَ الأُولَى.

20 لكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ: أَنَّكَ تُسَيِّبُ الْمَرْأَةَ إيزَابَلَ الَّتِي تَقُولُ إنَّهَا نَبِيَّةٌ، حَتَّى تُعَلِّمَ وَتُغْوِيَ عَبِيدِي أَنْ يَزْنُوا وَيَأْكُلُوا مَا ذُبحَ لِلأَوْثَانِ. 21وَأَعْطَيْتُهَا زَمَانًا لِكَيْ تَتُوبَ عَنْ زِنَاهَا وَلَمْ تَتُبْ.

 

توبيخ

مديح

للكل

من يغلب

هَا أَنَا أُلْقِيهَا فِي فِرَاشٍ، وَالَّذِينَ يَزْنُونَ مَعَهَا فِي ضِيقَةٍ عَظِيمَةٍ، إنْ كَانُوا لاَ يَتُوبُونَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ. وَأَوْلاَدُهَا أَقْتُلُهُمْ بِالْمَوْتِ فَسَتَعْرِفُ جَمِيعُ الْكَنَائِسِ أَنِّي أَنَا هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبِ، وَسَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ (رؤ 2: 22-23)

وَلكِنَّنِى أَقُولُ لَكُمْ وَلِلْبَاقِينَ فِي ثَيَاتِيرَا، كُلِّ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ هذَا التَّعْلِيمُ، وَالَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا أَعْمَاقَ الشَّيْطَانِ، كَمَا يَقُولُونَ: إنِّي لاَ أُلْقِي عَلَيْكُمْ ثِقْلًا آخَرَ وَإنَّمَا الَّذِي عِنْدَكُمْ تَمَسَّكُوا بِهِ إلَى أَنْ أَجِيءَ (رؤ 2: 24-25)

مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ (رؤ 2: 29)

وَمَنْ يَغْلِبُ وَيَحْفَظُ أَعْمَالِي إلَى النِّهَايَةِ فَسَأُعْطِيهِ سُلْطَانًا عَلَى الأُمَمِ، فَيَرْعَاهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ، كَمَا تُكْسَرُ آنِيَةٌ مِنْ خَزَفٍ، كَمَا أَخَذْتُ أَنَا أَيْضًا مِنْ عِنْدِ أَبِي، وَأُعْطِيهِ كَوْكَبَ الصُّبْحِ (رؤ 2: 26، 28)

 

St-Takla.org Image: "The church in Thyatira" (Revelation 2: 18) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: 4- "كنيسة ثياتيرا" (الرؤيا 2: 18) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "The church in Thyatira" (Revelation 2: 18) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: 4- "كنيسة ثياتيرا" (الرؤيا 2: 18) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

إنه يشجع الباقين «الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ هَذَا التَّعْلِيمُ» (رؤيا 2: 24) ليتمسكوا بما عندهم من الحق ويستمروا في جهادهم، إلى أن يجيئَ (رؤ 2: 25). أما إيزابَل الشريرة امرأة أخاب الملك الشرير في العهد القديم، والتي أتت بكهنة البعل وقتلت أنبياء الله حتى قال إيليا «نَقَضُوا مَذَابِحَكَ، وَقَتَلُوا أَنْبِيَاءَكَ بِالسَّيْفِ فَبَقِيتُ أَنَا وَحْدِي» (1 ملوك 19: 14)، والتي من أجلها يعاتب الرب الأسقف، فهي رمز لروما التي أدخلت العبادة الوثنية، عبادة ديونيس الذي يُرمَز له بالحية رمز الشيطان، ولذلك قِيل حيث كرسي الشيطان، وقد اشتهرت بالسحر وعبادة الشيطان.

«هذَا يَقُولُهُ ابْنُ اللهِ، الَّذِي لَهُ عَيْنَانِ كَلَهِيبِ نَارٍ» (رؤيا 2: 18)

«وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ» (رؤيا 1: 14؛ 19: 12)

من أجل فسادهم، ظهر الرب لهم كالديان الذي عيناه كلهيب نار تفحص شرور الناس في الخفاء (سبق الشرح في الإصحاح الأول)

«وَرِجْلاَهُ مِثْلُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ» (رؤيا 2: 18)

«وَرِجْلاَهُ شِبْهُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ، كَأَنَّهُمَا مَحْمِيَّتَانِ فِي أَتُونٍ» (رؤيا 1: 15)

ورجلاه كالنحاس النقي، فلا يُمكن الهروب من دينونته، وسَيَصِلُ إليهم أينما هم، (سبق الشرح في الإصحاح الأول).

«أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَمَحَبَّتَكَ وَخِدْمَتَكَ وَإيمَانَكَ وَصَبْرَكَ» (رؤيا 2: 19)

«أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَتَعَبَكَ وَصَبْرَكَ» (رؤيا 2: 2)

«وَأَنَّ أَعْمَالَكَ الأَخِيرَةَ أَكْثَرُ مِنَ الأُولَى» (رؤيا 2: 19)

قيل لملاك كنيسة أفسس تَرَكْتَ مَحَبَّتَكَ الأُولَى (رؤيا 2: 4). أما هنا، مدحَهُ على «أعماله. محبته. خدمته. إيمانه. صبره»، مدحه على نموه في الحياة الروحية «أَعْمَالَكَ الأَخِيرَةَ أَكْثَرُ مِنَ الأُولَى». ما أروع سليمان الحكيم عندما يقول «أَمَّا سَبِيلُ الصِّدِّيقِينَ فَكَنُورٍ مُشْرِق، يَتَزَايَدُ وَيُنِيرُ إلَى النَّهَارِ الْكَامِلِ» (أمثال 4: 18).

«لكِنْ عِنْدِي عَلَيْكَ قَلِيلٌ» (رؤيا 2: 19) سبق الشرح في [رؤيا 2: 6، 14، 20].

«أَنَّكَ تُسَيِّبُ الْمَرْأَةَ إيزَابَلَ الَّتِي تَقُولُ إنَّهَا نَبِيَّةٌ، حَتَّى تُعَلِّمَ وَتُغْوِيَ عَبِيدِي أَنْ يَزْنُوا وَيَأْكُلُوا مَا ذُبحَ لِلأَوْثَانِ» (رؤيا 2: 20)

إيزابَل هذه امَرْأَة وثنية، ابنةُ مَلِك صُورْ، تزوجها أخاب الشرير فأحضرت معها صَنَمَ آبائها، وبهذا ترمز إلى الشر (أمثال 16: 20-24). قتلت أنبياء الله. وهي ظالمة شريرة، شجعت أخاب زوجها الشرير لظُلْمِ نابوت، واحتالت لقتله وأخذ كَرْمِه.

أما إيزابَل الجديدة إحدى كاهنات معابد ثياتيرا الوثنية، تزعم أنها نبية، وهي زانية. تظاهرت بالإيمان، فأهلكت النفوس ببدعتها، إذ أغرت تابعيها بالزنى الروحي والمادي المصاحب لعبادة الأوثان، وأكل ما ذبح للأوثان (أعمال 15: 29)، فترمز إلى الهراطقة الروحيين.

St-Takla.org Image: "The angel of the church in Thyatira" (Revelation 2: 18) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: 4- "ملاك كنيسة ثياتيرا" (الرؤيا 2: 18) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: "The angel of the church in Thyatira" (Revelation 2: 18) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: 4- "ملاك كنيسة ثياتيرا" (الرؤيا 2: 18) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

«وَأَعْطَيْتُهَا زَمَانًا لِكَيْ تَتُوبَ عَنْ زِنَاهَا وَلَمْ تَتُبْ» (رؤيا 2: 21)

رحيم هو الله الذي يصبر علينا ويعطينا زمانا للتوبة، ولكن علينا أن ننتهز الفرصة ونتوب. فقد أعطى الله إيزابَل الجديدة عُمرًا طويلًا لتُضْعِف شَهوتها وَتَقْوَى عليها، ولكن مشكلة الإنسان الذي يشتعل بالشهوة، حتى وإنْ ضَعُفَ جِسمه، تبقى الشهوة تُلَوِّث فكره وعقله أكثر، فلا يتوب.

«هَا أَنَا أُلْقِيهَا فِي فِرَاشٍ، وَالَّذِينَ يَزْنُونَ مَعَهَا فِي ضِيقَةٍ عَظِيمَةٍ، إنْ كَانُوا لاَ يَتُوبُونَ عَنْ أَعْمَالِهِمْ» (رؤيا 2: 22)

المرض جزاء من الله لكي يتوب الإنسان. هو جزاءٌ مملوء رحمة، «فَإنَّ مَنْ تَأَلَّمَ فِي الْجَسَدِ كُفَّ عَنِ الْخَطِيَّةِ».

والضيقة العظيمة تأديبٌ لتوبة الإنسان؛ «لأَنَّ الَّذِي يُحِبُّهُ الرَّبُّ يُؤَدِّبُهُ» (أم 3: 12؛ عب 12: 6). فعلى الرغم من فساد هذه المرأة، لكن الله في محبته يرسل لها الخطوة الأولى المؤدية إلى الحياة وهي المرض، كَمُحَفِّز. فإن لم تَتُبْ يُرسِل لها الدافع الأكبر وهو ضيقة عظيمة. وإن كانت لا تتوب، ستحْمِل بِعَدل جزاء شَرِّها وفسادها. ويظل الله يعاقبها لعلها تتوب هي ومن معها.

 

«وَأَوْلاَدُهَا أَقْتُلُهُمْ بِالْمَوْتِ

فَسَتَعْرِفُ جَمِيعُ الْكَنَائِسِ أَنِّي أَنَا هُوَ الْفَاحِصُ الْكُلَى وَالْقُلُوبِ» (رؤ 2: 23)

هذه أصعب العقوبات... أن يموت أولادها أمام عينيها؛ لترتدع وتدرك غضب الله على شرها. وهنا سيُدرك كل إنسان في جميع الكنائس، أن ما يُعمَل في الخفاء ظاهرٌ أمام الله، فهو فاحص الكُلَى والقلوب، فالكُلى أحد مُحَفِّزَات الشهوة.

«وَسَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ» (رؤيا 2: 23).

وهذا ما يُثْبِت أهمية الأعمال الصالحة، فالدينونة بِحَسَبِ الأعمال. وكما نُرَدِّد أثناء القداس الإلهي، ويُعطِي كل واحد كحَسَبِ أعماله.

«وَلكِنَّنِي أَقُولُ لَكُمْ وَلِلْبَاقِينَ فِي ثَيَاتِيرَا، كُلِّ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ هذَا التَّعْلِيمُ، وَالَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا أَعْمَاقَ الشَّيْطَانِ، كَمَا يَقُولُونَ» (رؤيا 2: 24).

الحديث هنا لأربع فئات:

«لَكُمْ» أيها السامعون والقارئون للرِّسَالَة.

«لِلْبَاقِينَ فِي ثَيَاتِيرَا» الذين يحبون الله في ثياتيرا.

«لكُلِّ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ هذَا التَّعْلِيمُ» الذين لم يشتركوا مع إيزابَل في شرها وأفكارها وتعليمها، فهو هرطقة روحية مُفسدة.

«للَّذِينَ لَمْ يَعْرِفُوا أَعْمَاقَ الشَّيْطَانِ» الذين ليس لديهم علاقة عميقة بالخطية والشيطان. فما معنى هذا الكلام؟ الأوثان تسكنها الشياطين،

فإذا سجد الإنسان للوَثَن فإنه يسجد للشَّيْطَانِ. إنها مشكلة الشيطان وعقدته القديمة، أنه يريد أن يُعبَد (إشعيا 14: 14)، فاختبأ في الأصنام.

 

St-Takla.org Image: He who overcomes: 1- "I will give to eat from the tree of life" (Revelation 2: 7); 2- "shall not be hurt by the second death" (Revelation 2: 11); 3- "I will give some of the hidden manna to eat. And I will give him a white stone" (Revelation 2: 17); 4- "I will give power over the nations, ‘He shall rule them with a rod of iron.. and I will give him the morning star" (Revelation 2: 26-28); 5- "shall be clothed in white garments, and I will not blot out his name from the Book of Life" (Revelation 3: 5); 6- "I will make him a pillar in the temple of My God, and he shall go out no more" (Revelation 3: 12); 7- "I will grant to sit with Me on My throne" (Revelation 3: 21); "shall inherit all things, and I will be his God and he shall be My son" (Revelation ) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018. صورة في موقع الأنبا تكلا: من يغلب: 1- "يأكل من شجرة الحياة" (الرؤيا 2: 7)؛ 2- "لا يؤذيه الموت الثاني" (الرؤيا 2: 11)؛ 3- "يأكل من المن المخفى، وأعطيه حصاة بيضاء" (الرؤيا 2: 17)؛ 4- "أعطيه سلطانا على الأمم، فيرعاهم بقضيب من حديد.. وأعطيه كوكب الصبح" (الرؤيا 2: 26-28)؛ 5- "سيلبس ثيابا بيضا، ولن أمحو اسمه من سفر الحياة" (الرؤيا 3: 5)؛ 6- "سأجعله عمودا في هيكل إلهي، ولا يعود يخرج إلى خارج" (الرؤيا 3: 12)؛ 7- "سأعطيه أن يجلس معي في عرشي" (الرؤيا 3: 21)؛ "يرث كل شيء، وأكون له إلها وهو يكون لي ابنا" (الرؤيا 21: 7) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

St-Takla.org Image: He who overcomes: 1- "I will give to eat from the tree of life" (Revelation 2: 7); 2- "shall not be hurt by the second death" (Revelation 2: 11); 3- "I will give some of the hidden manna to eat. And I will give him a white stone" (Revelation 2: 17); 4- "I will give power over the nations, ‘He shall rule them with a rod of iron.. and I will give him the morning star" (Revelation 2: 26-28); 5- "shall be clothed in white garments, and I will not blot out his name from the Book of Life" (Revelation 3: 5); 6- "I will make him a pillar in the temple of My God, and he shall go out no more" (Revelation 3: 12); 7- "I will grant to sit with Me on My throne" (Revelation 3: 21); "shall inherit all things, and I will be his God and he shall be My son" (Revelation ) - Details from the icon of the events of the Apocalypse (Book of Revelation), by Father Makarious Al-Baramousy, Baramous Monastery, Natroun Valley, Egypt - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, October 21, 2018.

صورة في موقع الأنبا تكلا: من يغلب: 1- "يأكل من شجرة الحياة" (الرؤيا 2: 7)؛ 2- "لا يؤذيه الموت الثاني" (الرؤيا 2: 11)؛ 3- "يأكل من المن المخفى، وأعطيه حصاة بيضاء" (الرؤيا 2: 17)؛ 4- "أعطيه سلطانا على الأمم، فيرعاهم بقضيب من حديد.. وأعطيه كوكب الصبح" (الرؤيا 2: 26-28)؛ 5- "سيلبس ثيابا بيضا، ولن أمحو اسمه من سفر الحياة" (الرؤيا 3: 5)؛ 6- "سأجعله عمودا في هيكل إلهي، ولا يعود يخرج إلى خارج" (الرؤيا 3: 12)؛ 7- "سأعطيه أن يجلس معي في عرشي" (الرؤيا 3: 21)؛ "يرث كل شيء، وأكون له إلها وهو يكون لي ابنا" (الرؤيا 21: 7) - تفاصيل من أيقونة أحداث سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي، رسم الأب الراهب مكاريوس البرموسي، مضيفة دير البراموس، وادي النطرون، مصر - تصوير مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت، 21 أكتوبر 2018 م.

«إنِّي لاَ أُلْقِي عَلَيْكُمْ ثِقْلًا آخَرَ» (رؤيا 2: 24)

«وَإنَّمَا الَّذِي عِنْدَكُمْ تَمَسَّكُوا بِهِ إلَى أَنْ أَجِيءَ» (رؤيا 2: 25)

هنا يشير إلى مجمع أورشليم الرسولي الذي فيه قال الآباء الرسل المجتمعين «لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ، أَنْ لاَ نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقْلًا أَكْثَرَ،... أَنْ تَمْتَنِعُوا عَمَّا ذُبحَ لِلأَصْنَامِ، وَعَنِ الدَّمِ، وَالْمَخْنُوقِ، وَالزِّنَا» (أعمال 15: 28). نعم هو ثِقَلٌ، لكن به تنفصلوا عن الوثنيين؛ لئلا تنحرفوا بفكرهم وأعمالهم. وهذا هو ما عندكم الآن فتمسكوا به، إلى أن أجيء. وهنا يشير إلى الاستمساك بالتعليم الصحيح حتى المجيء الثاني للمسيح، وهذا المجيء للدينونة حيث يجازَى كل واحد حسب أعماله إن كان خيرًا فخيرًا، وإن كان شرًّا فشرًّا.

«وَمَنْ يَغْلِبُ وَيَحْفَظُ أَعْمَالِي إلَى النِّهَايَةِ فَسَأُعْطِيهِ» (رؤيا 2: 26)

تنتهي كل رسالة بوعد، واختلاف الوعود لاختلاف المرتبة في السماء.

«وَمَنْ يَغْلِبُ... فَسَأُعْطِيهِ» هذه مكافأة الله للمجاهدين الغالبين.

«وَيَحْفَظُ أَعْمَالِي إلَى النِّهَايَةِ» هذه أهمية الأعمال الصالحة التي ينبغي أن نجاهد لنحافظ على الاستمرار فيها إلَى النِّهَايَةِ

«فَسَأُعْطِيهِ سُلْطَانًا عَلَى الأُمَمِ» (رؤيا 2: 26)

هذا هو سلطان الدينونة للآباء الرسل على الأمم في يوم الدينونة، وسلطانا على الشياطين فيدينه ويدوسه «وَإلهُ السَّلاَمِ سَيَسْحَقُ الشَّيْطَانَ تَحْتَ أَرْجُلِكُمْ سَرِيعًا» (روميه 16: 20)

«فَيَرْعَاهُمْ بِقَضِيبٍ مِنْ حَدِيدٍ، كَمَا تُكْسَرُ آنِيَةٌ مِنْ خَزَفٍ» (رؤيا 2: 27)

سأعطيكَ قوة بها تجذب الأمم إلى الإيمان فترعاهم بِحَزْم. «الرَّخَاوَةُ لاَ تَمْسِكُ صَيْدًا» (أم 12: 27). والأمر يحتاج إلى قمع الشهوات وإماتة الجسدانيات، وقضيب الحديد هو عصا الرعاية التي تشير إلى الحزم كما أن الحديد يمكن أن يلَبَس قوة مغنطيسية فيه فيجذب إليه الرعية.

أما تعبير كَمَا تُكْسَرُ آنِيَةٌ مِنْ خَزَفٍ فترمز إلى ضعف الكل أمام عصا تأديب الرب، كما تضعف الآنية الخزفية أمام العصا الحديدية. وهكذا قوة العالم أمام عمل الله. «قَامَ مُلُوكُ الأَرْضِ وَتَآمَرَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ... اَلسَّاكِنُ فِي السَّمَاوَاتِ يَضْحَكُ. الرَّبُّ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ.» (مزمور 2: 2، 4)

«كَمَا أَخَذْتُ أَنَا أَيْضًا مِنْ عِنْدِ أَبِي» (رؤيا 2: 27)

نعم أخذ الرب سُلطانًا من الآب، فهو الذي يدين، «لأَنَّ الآبَ لاَ يَدِينُ أَحَدًا بَلْ قَدْ أَعْطَى كُلَّ الدَّيْنُونَةِ لِلاِبْنِ» (يو 5: 22)، «مَتَى جَلَسَ ابْنُ الإنْسَانِ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، تَجْلِسُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ كُرْسِيًّا تَدِينُونَ أَسْبَاطَ إسْرَائِيلَ الاثْنَيْ عَشَرَ» (متى 19: 28).

«وَأُعْطِيهِ كَوْكَبَ الصُّبْحِ» (رؤيا 2: 28)(11)

العجيب أن كوكب الصبح هذا هو الشيطان الذي رثاه إشَعْيَا النبي عندما سقط وقال له «كَيْفَ سَقَطْتِ مِنَ السَّمَاءِ يَا زُهَرَةُ بِنْتَ الصُّبْحِ؟ (إشعيا 14: 12).

 

الوعد للأساقفة السبعة

«مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ» [رؤ 2: 17، 29] شُرِحَتْ.

_____

الحواشي والمراجع لهذه الصفحة هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت:

(7) ومنها جاء نجم أو كوكبἀστέρας وعلم الفلك ἡ ἀστρονομὶα

(9) العهد الجديد اليوناني.

(11) هناك رأى آخَر أن كوكب الصبح هو المسيح له المجد (رؤيا 22: 12)، فيكون المعنى إننا نأخذ من نور المسيح وَمْضَةً؛ ليتم قول الكتاب «بِنُورِكَ نَرَى نُورًا» (مز 36: 9).

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/bible/commentary/ar/nt/fr-youhanna-fayez/apocalypse/chapter-02.html

تقصير الرابط:
tak.la/jjksg68