محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
سفر رويا يوحنا الإنجيلي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15
نسمع في هذا الإصحاح عن الألف سنة التي سيقيد فيها إبليس. ثم في نهايتها يُحَّل من سجنه. وهنا هو المكان الوحيد في الكتاب المقدس المذكور فيه موضوع الألف سنة.
وخلال الألف سنة يملك القديسون مع المسيح. وهناك مدرستين لتفسير هذا الإصحاح:
1- المدرسة الأولى هي مدرسة الألفيين. وهم من بعض الطوائف البروتستانتية. فليس كل البروتستانت ألفيين. وهؤلاء يفهمون هذا الإصحاح بأنه في نهاية الأيام يأتي المسيح ليحكم على الأرض لمدة ألف سنة، يكون خلالها الشيطان مقيدا، وتفيض الأرض بخيراتها. والإصحاح المفضل عندهم هو (أش 11) حيث نسمع فيه أن الذئب يسكن مع الخروف... إلخ. (وراجع تفسير إش 11 لتعرف أنه لا يتكلم عن الـ1000 سنة بل على السلام الذي يسود الكنيسة بعد مجيء المسيح الأول فيتحول الذئاب إلى حملان - كتحول شاول الطرسوسي إلى بولس الرسول، بل والإمبراطورية الرومانية الوثنية بوحشيتها إلى المسيحية). بل تجد في كتب تفسير الكتاب المقدس الخاصة بهم أن كل الوعود المعزية التي يذكرها الكتاب المقدس عن الكنيسة، أنهم ينسبونها لفترة الملك الألفي السعيد كما يقولون عنه. وكنيستنا الأرثوذكسية لا توافق على هذا التفسير.
2- المدرسة الثانية هي التي تتبعها كنيستنا الأرثوذكسية ومعها الكنيسة الكاثوليكية وبعض الطوائف البروتستانتية، وتفهم هذا الإصحاح بطريقة رمزية، كما تفهم كل أرقام سفر الرؤيا بطريقة رمزية بل ومعظم أحداثه.
وتقول أقوال الآباء في كنيستنا أن الألف سنة قد بدأت منذ صلب المسيح، وبعد الصليب قَيَّد المسيح الشيطان، فالمسيح ربط الشيطان بصليبه، وبصليبه ملك على قلوب المؤمنين كما قال إشعياء "وتكون الرياسة على كتفه" (إش6:9) فهو حمل الصليب على كتفه ليملك على قلوبنا بمحبته التي ظهرت في الصليب. وتنتهي الألف سنة بمجيء الوحش.
* ولقد أشار المسيح بوضوح أنه ربط الشيطان حين قال "أَمْ كَيْفَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَدْخُلَ بَيْتَ ٱلْقَوِيِّ وَيَنْهَبَ أَمْتِعَتَهُ، إِنْ لَمْ يَرْبِطِ ٱلْقَوِيَّ أَوَّلًا، وَحِينَئِذٍ يَنْهَبُ بَيْتَهُ" (مت12: 29).
وأصحاب فكرة الملك الألفي لهم نظرية عجيبة غير معقولة وغير مفهومة، فهم يتصورون أن المسيح سيأتي للأرض عدة مرات:
1. المجيء الأول:- هو الذي أتى ليصلب فيه ويموت ثم يقوم ويصعد للسماء.
2. المجيء الثاني:- هو الذي سيأتي فيه ليخطف القديسين معه على السحاب، ويترك الأشرار على الأرض في حروب طاحنة تنتهي بفنائهم جميعا.
3. المجيء الثالث:- يأتي فيه المسيح بعد خراب الأرض ونهاية الأشرار، ويأتي فيه مع قديسيه الذين سبق واختطفهم، ومعهم قديسي اليهود من العهد القديم، ليملك عليهم على الأرض لمدة 1000 سنة يكون فيها الخير المادي بلا حساب، وسيعمرون الأرض، ويكون مركز حكم المسيح في الهيكل الذي سيقام في أورشليم. ويقولون أن اليهود سيكون لهم وضع مميز خلال هذا الملك الألفي [وهذا يدفعنا أن نتصور أن من هم وراء هذا التفسير الألفي هم اليهود أنفسهم] وحيث أن الأرض سيعاد تعميرها يمنع شهود يهوه (وهم من الألفيين) أولادهم من دخول كلية الطب، فلن يكون هناك أمراض، ويدفعونهم لدخول كلية الهندسة ليعمروا الأرض في هذه الفترة. وفي نهاية الألف سنة ينسحب المسيح إلى السماء ويحل الشيطان من أسره فيضل الأرض كلها (معظمها طبعًا) يقولون في أحد كتبهم "أليس من العجيب بعد أن يحكم المسيح على الناس ألف سنة أن يضلوا وراء الوحش" ونقول لهم اسألوا أنفسكم هذا السؤال.. فالعجيب حقًا هو نظريتكم العجيبة.
4. المجيء الرابع:- هذا للدينونة وليبيد الوحش.
وهذا كلام عجيب، فما معنى أن يأتي المسيح ليحكم على الأرض ثم ينسحب للسماء.
ويترك الشيطان ليضل العالم. أبعد أن يحكم المسيح على الأرض 1000 سنة ينخدع القديسون وراء ضد المسيح (الوحش) هل لم يستطع المسيح طيلة الألف سنة أن يؤثر على قلوبهم. هل يفشل المسيح لهذه الدرجة خلال مدة حكمه. وألم يسمع هؤلاء قول السيد المسيح "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو36:18).
والأعجب فالذين يأتي بهم المسيح ليحكمهم 1000 سنة هم الأبرار القديسين الذين سبق المسيح واختطفهم في مجيئه الثاني بحسب نظريتهم العجيبة. فهل أخطأ المسيح في اختيار هؤلاء القديسين الذين سبق واختطفهم، واحتاج أن يختبرهم مرة أخرى عن طريق الوحش (ضد المسيح) ليتأكد من قداستهم. هل يقال هذا عن المسيح فاحص القلوب والكلى (رؤ2: 23)؟!
وحينما تسأل الألفيون.. ولماذا يأتي المسيح ليحكم على الأرض يجيبون إجابة عجيبة ويقولون لأن اليهود قالوا هذا لا يحكم علينا ورفضوه كملك. فلا بُد أن يأتي ليحكم عليهم. فهل إلى هذه الدرجة يتشوق المسيح لحكم اليهود على الأرض!
إننا لم نسمع من فم المسيح نفسه مثل هذا التفسير العجيب، وأنه سيأتي عدة مرات، بل أنه سيأتي مرة واحدة وللدينونة (مت31:25-34).
وفي يوم الدينونة هذا يفرز المسيح الديان ما بين الأبرار (الخراف بيضاء اللون، لون البر) والأشرار (الجداء سوداء اللون، لون الخطية) (مت25: 33). وهو نفسه يوم اقتلاع الزوان (الأشرار) ليلقيهم الملائكة ليحرقوا بالنار (مت13: 40 – 42). أما الأبرار سيضيئون كالشمس في ملكوت أبيهم (مت13: 43). وبالنسبة لنا فيوم المجيء الثاني هو نفسه يوم الدينونة. هو اليوم الذي يأتي فيه عريسنا السماوي فيختطف العذارى الحكيمات (الأبرار) معه إلى حفل العشاء السماوي (رؤ19) ويترك الجاهلات (الأشرار) للدينونة. وهذا تفسير كنيستنا لقول الرب "وكما كانت أيام نوح كذلك يكون أيضًا مجيء ابن الإنسان. لأنه كما كانوا في الأيام التي قبل الطوفان يأكلون ويشربون ويتزوجون ويزوجون إلى اليوم الذي دخل فيه نوح الفلك. ولم يعلموا حتى جاء الطوفان وأخذ الجميع (الكل كانوا معًا، نوح وعائلته الأبرار، وأيضًا الأشرار الذين كانوا موجودين أيام نوح. وفي يوم الطوفان نجا نوح وعائلته وهلك الأشرار). كذلك يكون أيضًا مجيء ابن الإنسان. حينئذ يكون اثنان في الحقل يؤخذ الواحد ويترك الآخر. اثنتان تطحنان على الرحى تؤخذ الواحدة وتترك الأخرى" (مت24: 37 – 41). فالاختطاف هو في يوم الدينونة، يختطف الرب الأبرار معه إلى المجد ويترك الأشرار للدينونة. ولكن حتى مجيء يوم الدينونة هذا نجد أن الأبرار والأشرار موجودين معا على الأرض.
كنيستنا مع الكنائس التقليدية تؤمن بمجيئين للسيد المسيح فقط:-
المجيء الأول: جاء مولودا من القديسة العذراء مريم ليصلب ويموت ويقوم ويصعد للسماء ويتمجد بجسده الإنساني فنتمجد نحن معه في مجيئه الثاني.
المجيء الثاني: سيكون للدينونة، ويصاحبه قيامة الأموات وفيه يتمجد أولاد الله الأبرار. وسيكون مجيئه واضحا للجميع "لأنه كما أن البرق يخرج من المشارق ويظهر إلى المغارب هكذا يكون أيضًا مجيء ابن الإنسان" (مت24: 27 - 30). وأيضًا "هوذا يأتي مع السحاب، وستنظره كل عين، والذين طعنوه، وينوح عليه جميع قبائل الأرض. نعم آمين" (رؤ1: 7). إذًا المسيح لن يأتي سرًا ليختطف الأبرار إلى مكان سري - لا على السحاب ولا إلى أي مكان آخر.
ورب المجد نبهنا أن لا نصدق من يقول غير ذلك "حينئذ إن قال لكم أحد: هوذا المسيح هنا أو هناك فلا تصدقوا" (مت24: 23). وهذا ما حدث وسقط فيه شهود يهوه، إذ حدد أحدهم ميعادًا سيأتي فيه المسيح فتركوا أعمالهم ولبسوا ثيابا بيضاء، ولم يأتي المسيح. فجاء غيره وقال أن الحساب لم يكن دقيقا وحدد ميعادا آخر ولم يأتي المسيح أيضا. فقال بل أتى المسيح ولكنه حاليا على السحاب.
كلام عجيب، إذ قد أعطى كل واحد لنفسه الحق في تفسير آيات الكتاب المقدس بحسب فكره فصارت هناك مئات الطوائف. أما كنيستنا فهي كنيسة أبائية، وما استلمناه لا نغير فيه حرف واحد. عقيدة واحدة نستلمها ممن سبقونا، ونسلمها لمن يأتي بعدنا. وهذا تعليم القديس بولس الرسول "وما سمعته مني بشهود كثيرين، أودعه أناسا أمناء، يكونون أكفاء أن يعلموا آخرين أيضًا" (2تى2: 2). وفي هذا يقول القديس يهوذا "اضطررت أن أكتب إليكم واعظا أن تجتهدوا لأجل الإيمان المُسَلَّم مرة للقديسين" (يه3). هؤلاء يأخذون بعض الآيات ويفسرونها بحسب هواهم، أما نحن فنلتزم بتعاليم أباء الكنيسة.
تساءل أهل تسالونيكي، لو جاء المسيح الآن، فهل نلبس نحن الأحياء أجسادًا ممجدة والأموات يحرمون منها؟ وكان رد بولس الرسول أن "الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة وبوق الله، سوف ينزل من السماء، والأموات في المسيح يقومون أولا. ثم نحن الأحياء الباقين سنخطف جميعا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء" (1تس4: 16 – 17). يقوم الأموات لابسين الجسد الممجد، والأحياء يوم المجيء الثاني يتغيرون إلى الجسد الممجد في لحظة في طرفة عين، ويتحول الفاسد إلى عدم فساد (1كو15: 51 – 53). ولم يذكر الكتاب شيء سوى أن يوم الدينونة هو يوم الاختطاف، وهو نفسه يوم القيامة، يوم نلبس جميعا الأجساد الممجدة، ونكون مع المسيح في المجد.
ملحوظة:- ذُكِرت كلمة الإختطاف في "ثُمَّ نَحْنُ ٱلْأَحْيَاءَ ٱلْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعًا مَعَهُمْ فِي ٱلسُّحُبِ لِمُلَاقَاةِ ٱلرَّبِّ فِي ٱلْهَوَاءِ، وَهَكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ ٱلرَّبِّ" (1تس4: 17):-
1. وكنيستنا تفهمها أن المسيح في مجيئه الثاني سيختطف الأبرار معه إلى المجد الأبدي، وسيترك الأشرار للدينونة. وهكذا تفهم كنيستنا النص "حِينَئِذٍ يَكُونُ اثْنَانِ فِي ٱلْحَقْلِ، يُؤْخَذُ ٱلْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ ٱلْآخَرُ" (مت24: 40 ، 41).
2. وهؤلاء فهموا موضوع السحاب الذي سنخطف عليه بطريقة خاطئة وحرفية. فلا معنى أن نجلس مع المسيح على السحاب. ولكن السحاب كان يصاحب ظهور مجد الله دائمًا (خر33: 9 + خر40: 34 + 1مل8: 10) وظهور السحاب كان ليحجب مجد الله عن الناس فلا يموتون (خر33: 20) كما يحجب السحاب نور الشمس فلا تحترق أعيننا إذا نظرنا إلى الشمس. وهذا هو معنى أن سحابة غطت المسيح حين صعد أمام التلاميذ (أع1: 9) والمعنى أن المسيح أخذ صورة المجد. وبدون السحابة ما كانوا سيحتملون.
3. إذًا معنى أننا نُخطفى على السحاب أننا سننتقل لصورة المجد، لأننا سنرى المسيح "لأننا نكون كل حين مع الرب" (1تس4: 17) + "ٱلَّذِي سَيُغَيِّرُ شَكْلَ جَسَدِ تَوَاضُعِنَا لِيَكُونَ عَلَى صُورَةِ جَسَدِ مَجْدِهِ" (فى3: 21) + "أَيُّهَا ٱلْأَحِبَّاءُ، ٱلْآنَ نَحْنُ أَوْلَادُ ٱللهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لِأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ" (1يو3: 2).
وقال الرب يسوع عن هذا اليوم "لا تتعجبوا من هذا، فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته، فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو5: 28 ، 29).
مجيء المسيح الذي ننتظره هو مجيء واحد آخر بعد مجيئه الأول، هو مجيئه للدينونة. وفي هذا اليوم يخطف الرب يسوع الأبرار معه إلى المجد ويترك الأشرار للدينونة.
حقًا لقد ظهرت فكرة الملك الألفي في بداية الكنيسة، وتصور بعض الآباء أن المسيح سيأتي ليملك على الأرض لمدة 1000 سنة ولكن كان هذا راجعًا لروح المنافسة مع اليهود الذين يؤمنون بخيرات وملذات زمنية مادية عند مجيء المسيا المنتظر. فأراد هؤلاء الآباء أن يقولوا لشعوبهم أن المسيحية ليست أقل من اليهودية. ولكن سرعان ما شعر الآباء بخطأ نظرية الملك الألفي ورجعوا عنها. ولنلاحظ في هذا تأثير اليهود على الكنيسة الأولى، فقد دخلوا للكنيسة حين آمنوا بالمسيح، لكنهم دخلوا بأفكارهم. واليهود يحلمون بالملك الزمني، لذلك رفضوا المسيح إذ لم يعطهم ملكًا زمنيًا.. وكان ممن قالوا بفكرة الملك الألفي القديس أغسطينوس ولكنه سريعا ما تراجع عنها بل وحرم مَنْ يؤمن بها. ولكن للأسف عادت هذه الفكرة للظهور مع الألفيين من بعض الطوائف البروتستانتية.
أما التفسير الرمزي فيتفق مع روح سفر الرؤيا عمومًا، وهذا الإصحاح خاصة وذلك للأسباب الآتية.
1. تشبيه الكنيسة بامرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها (رؤ12).
2. تشبيه مملكة الشر بامرأة زانية جالسة على وحش قرمزي له سبعة رؤوس وعشرة قرون. واسمها الرمزي بابل (رؤ17).
3. تشبيه الكنائس بمنائر والأساقفة بالكواكب (رؤ1:2).
4. كيف يتم تقييد الشيطان بسلسلة، هل هو وحش أو حيوان مادي؟! بل هو روح. ولا تفهم السلسلة إلا بطريقة رمزية (رؤ1:20).
5. هل الهاوية لها مفتاح (رؤ1:20) وهذه أيضًا لا تفهم إلا بطريقة رمزية.
6. الحديث عن هروب الأرض والسماء من وجه الله لها معنى روحي لا حرفي (رؤ11:20).
7. طرح الموت والهاوية في بحيرة النار تأكيدا لعدم حرفية السفر (رؤ14:20).
8. هل المُخَلَّصين هم 144000 أم أن عددهم لا يمكن أن يحصى لكثرته (رؤ7).
9. هل قوس قزح متعدد الألوان أم أخضر اللون (راجع تفسير رؤ4: 3). وهكذا نفهم سفر الرؤيا.
من كل هذا نخلص إلى أن الألف سنة لا تفهم سوى بصورة رمزية وليست حرفية.
ومعنى الألف سنة التي تبدأ بصليب المسيح وتنتهي بمجيء ضد المسيح وفيها يملك المسيح على كنيسته وتملك معه كنيسته، هو معنى رمزي. فرقم 1000 هو رقم السمائيات فالملائكة ألوف ألوف وربوات ربوات (الربوة = 10000). ورقم 1000 ومضاعفاته إشارة لما في السماء من نقاوة. فـ1000 = 10×10×10 والمعنى كمال حفظ الوصايا في السماء. فهناك لا خطايا (رؤ21: 27).
وعدد المخلصين 144000 = 12 (عهد قديم) × 12 (عهد جديد) ×1000 أي كل المخلصين من العهدين الذين دخلوا للسماء. والكنيسة بعد الصليب والقيامة والصعود تحيا في السماء:-
1. "أبانا الذي في السموات " فأبونا سماوي.
2. "عريس الكنيسة سماوي جالس عن يمين الآب" (مز1:110).
3. عريس الكنيسة المسيح وسطها دائمًا "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم" (مت20:18) + "وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر" (مت20:28). فإذا كان المسيح وسط كنيسته دائما وهو سماوي، أتى من السماء وصعد إلى السماء فالكنيسة تحيا في السماء. المسيح جعل اجتماعاتنا سماء فحيثما وجد المسيح تكون السماء. هو "طأطأ السموات ونزل" (مز18: 9). أي أن المسيح أتى لنا بإمكانية أن نحيا حياة سماوية ونحن ما زلنا على الأرض، كما قال القديس بولس الرسول "هو أقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات" (أف2: 6). كل قداس وكل اجتماع وكل تسبحة تجعلنا نحيا في السماويات. ولنفهم أن السماء هي حالة وليست مكان، فمن امتلأ قلبه حبا لله وللإخوة هو يحيا في السماء، لأن المسيح يسكن فيه. الله سمح بهذه الفترة الـ1000 سنة التي يُقَيَّد فيها الشيطان، وتحيا الكنيسة في السماويات لتكون هذه الفترة فرصة لامتداد ونمو الكنيسة في العالم كله.
4. فإن سيرتنا (مواطنتنا أو جنسيتنا) نحن هي في السماوات (فى20:3).
5. بل إن حرب إبليس ضدنا هي في السماويات التي نحيا فيها ليسقطنا منها (أف12:6). لكن المسيح أعطانا سلطان أن ندوسه (لو 10: 19).
ونحن نفهم أن المسيحية هي الطريق الضيق "في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" (يو33:16) فالمسيحي لا يشتهي العالم بأكله وشربه وملذاته، بل شهوة قلبه هي للسماء التي ينتمي إليها، بعد أن أعطاه الله عربون تذوق أفراحها. وقد غلب العالم بضيقاته وملذاته، الكل تحت قدميه، ناظرا للسماء "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح فذاك أفضل جدا" (فى23:1).
أهل بعد أن انطلق الشهداء والأبرار إلى السماء، يأتون ليعيشوا على الأرض. وهل بعد أن دخل إبراهيم إلى السماء وكان يحتضن المنتقلين (لو16: 22)، هل يعود مرة ثانية للأرض؟!! وهل بعد أن تذوق كل هؤلاء الشهداء والآباء والقديسون طعم الراحة في السماء يأتون للأرض ثانية ليتركهم المسيح في نهاية الألف سنة للوحش ليضللهم وذلك حتى يختبرهم المسيح وراء من يسيرون. أبعد أن انتصروا وغلبوا ودخلوا للسماء يعودون ثانية ليمتحنهم المسيح بأن يُطلق عليهم الوحش؟!! هذا كلام عجيب.
إن من تذوق لذة السمائيات على الأرض وشعر بتفاهة الأرض وما فيها (فى8،7:3) وأنها نفاية، لا يمكن أن يشتهي أن يعيش عليها. لو قلنا للرهبان والسواح والمتوحدين أنكم ستعودون للعالم، هل يفرحهم هذا ويريحهم ، هؤلاء الذين وجدوا فرحهم في شخص المسيح، يشبعون به ويرتوون به تاركين كل ملذات العالم.
وما معنى الضيق الذي في العالم الذي أخبرنا عنه السيد المسيح؟ هنا الرب ينبه الكنيسة أنها ستواجه ضيقا خلال فترة وجودها على الأرض. وإلا لكان المسيح قد قال "في العالم وقبل الألف سنة سيكون لكم ضيق، ولكن أصبروا حتى تأتي الألف سنة فيختفي الضيق" لكن السيد المسيح قال "في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" (يو33:16) لذلك فكل ملذات العالم وضيقاته تحت أقدامنا.
الضيقة العظيمة
أشار لها الرب يسوع وتنبأ عنها دانيال النبي (مت24: 21 + دا12: 1). وأنه سيكون هناك ضيق لم يكن مثله ولن يكون (لأنه بعد هذه الضيقة العظيمة سيأتي المسيح في مجيئه الثاني وتنتهي الحياة على الأرض). فضد المسيح أو الوحش سيقتل كل من لا يقبل سمته (رؤ13: 15). ولن يستطيع أولاد الله البيع والشراء طالما هم ليس لهم سمة هذا الوحش (رؤ13: 17). "ولو لم تُقَصَّر تلك الأيام لم يخلص جسد" (مت24: 22).
قال الألفيون أن الله لن يسمح للأبرار أن يجتازوا في هذه الضيقة لذلك سيختطفهم على السحاب، ويكفي هؤلاء الأبرار ما عانوه من ضيق خلال فترة حياتهم. والأشرار هم من سيجتازون في هذه الضيقة فقط، بعد أن يختطف الأبرار للسماء.
النصرة والغلبة في المسيحية
هؤلاء الألفيين سمعوا عن الضيقة العظيمة التي ستأتي على العالم في نهاية الأيام (أيام الوحش أو ضد المسيح) فتصوروا أن الله سيختطفهم حتى لا يتضايقون خلال هذه الضيقة.
ولكن النصرة في المسيحية على الضيق، ليست بأن يُخرجنا الله من الضيق، بل أنه هو يأتي لنا وسط الضيقة فيحول حياتنا إلى فرح وسط الضيق. ألم يحدث هذا مع الثلاث فتية في أتون النار. وأليس هذا هو وعد المسيح "فأنتم كذلك، عندكم الآن حزن. ولكني سأراكم أيضًا فتفرح قلوبكم، ولا ينزع أحد فرحكم منكم" (يو16: 22). الحزن والألم موجودين طالما نحن في هذا العالم، لكن الفرح الذي يعطيه الله لنا، يسكبه الله في قلوبنا فنتعزى ونغلب الضيقة الموجودة المحيطة بنا. وهذا أيضًا تفسير قول القديس بولس الرسول "سلام الله الذي يفوق كل عقل" وقوله "متحيرين لكن غير يائسين" وقوله كحزانى ونحن دائما فرحون" (فى4: 7 + 2كو4: 8 + 2كو6: 10).
قالوا أن المسيح سيأتي ليختطف الأبرار حتى لا يعانوا من الضيقة العظيمة، وأن هذه الضيقة العظيمة ستأتي على الأشرار الباقين على الأرض بعد أن اختطف الأبرار.
ولكن لنلاحظ في الشواهد الآتية وجود الأبرار في الأيام الأخيرة أيام الضيقة العظيمة |
1. الله وعد الكنيسة (المرأة المتسربلة بالشمس) بمكان تهرب إليه من الضيقة "موضع مُعَّد من الله لكي يعولوها هناك" (رؤ12: 6). فهل هذا المكان مُعَّد للأشرار أم للأبرار؟! هذا مكان مُعَّد من الله لأولاده... لماذا؟ لأن الأبرار الذين رفضوا سمة الوحش على أياديهم وجباههم لن يستطيعوا أن يأكلوا أو يشربوا، فالوحش منع عنهم البيع والشراء (رؤ13: 17). فدبَّر الله لهم مكانا ليعولهم هناك. إذًا هم على الأرض ولم يختطفوا. بالإضافة إلى أن الله لم يُرِد لهم أن يعاينوا الرعب الذي ستنتهي به حياة أعداء الله (زك14: 12 ، 13 + حز39: 17 – 21).
2. طلب رب المجد أنه وقت الضيقة على الكنيسة (الذين في اليهودية) أن تهرب إلى الجبال، أي تحيا في السماويات. فهل طلب الله هذا موجه للأبرار الذين اختطفهم أم للأشرار الباقين على الأرض؟! (راجع تفسير مت24). هذا الكلام موجه لمن هم في الكنيسة. إذًا الأبرار ما زالوا على الأرض.
3. بالنسبة لحصار أورشليم في نهاية الأيام (معركة جوج وماجوج أو ما تسمى هرمجدون) يسمح الله بزلزال يشق جبل الزيتون إلى نصفين، ليُعِّدْ مكانا منعزلا يهرب إليه المؤمنين، فهل يُعِّدْ الله هذا المكان المنعزل ليهرب إليه الأشرار؟ طالما أن الأبرار مختطفين (راجع تفسير الإصحاح 14 من نبوة زكريا النبي). بل هو يُعِّدَه للأبرار.
4. أولاد الله لا يخافون من الضيقة سواء كانت عظيمة أو بسيطة، فهم يؤمنون أنهم منقوشين على كف الله أبوهم، وأن الله أبوهم صانع خيرات. والله يَعِدْهُم بحمايتهم في مكان أعَدَّه لهم، والله دائما يجعل مع التجربة المنفذ (1كو10: 13).
5. يقول الرب يسوع لملاك كنيسة فيلادلفيا "لأنك حفظت كلمة صبري، أنا أيضًا سأحفظك من ساعة التجربة العتيدة أن تأتي على العالم كله لتجرب الساكنين على الأرض. ها أنا آتي سريعا. تمسك بما عندك لئلا يأخذ أحد إكليلك" (رؤ3: 10 ، 11). فهناك أبرار سيكونوا موجودين وقت التجربة أو ما تسمى الضيقة العظيمة، ولكن الله قادر أن يحفظهم. ولكن قد يقول الألفيون أن الله سيحفظهم بأنه سوف يختطفهم، ولكن الله يكمل بقوله "تمسك بما عندك" فإن كانوا قد اختطفوا وهم مع المسيح على السحاب فما معنى تمسك بما عندك؟!! إذًا التجربة أو الضيقة العظيمة ستأتي على الكل، أبرار وأشرار، لكن الله سيحفظ أولاده. وأولاده هؤلاء كانوا ما زالوا على الأرض ولم يختطفوا.
6. يقول بولس الرسول "أن المسيح لن يأتي إن لم يأتي الارتداد أولًا"، وهذا الارتداد سيكون بواسطة ضد المسيح وحيله الشيطانية واضطهاده لأولاد الله، حين يظهر ضد المسيح هذا. فمن ذا الذي سيرتد يا ترى؟! إن كان المسيح قد أخذ معه الأبرار وترك الأشرار. فالأشرار أصلا مرتدين. إذًا المنطق يقول أن الأبرار ما زالوا موجودين وبضغوط تجربة ضد المسيح سيرتد البعض. ومن يثبت على إيمانه سيستشهد "ولو لم تقصر تلك الأيام لم يخلص جسد" (مت24: 22).
7. وفي (رؤ13: 7) نجد أن الوحش يصنع حربا مع القديسين ويغلبهم (أي يقتلهم ويكونوا شهداء للمسيح). فنرى أن هناك قديسين وأبرار في أيام الضيقة العظيمة، أيام ضد المسيح.
8. أما الأبرار الموجودين الذين لم يستسلموا لضغوط ضد المسيح فقيل عنهم "ورأيت كبحر من زجاج مختلط بنار، والغالبين على الوحش وصورته وعلى سمته وعدد اسمه، واقفين على البحر الزجاجي، معهم قيثارات الله" (رؤ15: 2). هؤلاء الأبرار جزء منهم ما زال يجاهد على الأرض دائسا على أمجاد هذا العالم ومغرياته غير مهتم بالألام والضيقات التي يثيرها الوحش. وجزء منهم قتلهم الوحش إذ رفضوا خداعاته وتهديداته فغلبوه بإيمانهم وإنتقلوا للسماء كشهداء. إذًا نفهم أن هؤلاء الأبرار الذين في السماء أو الذين ما زالوا على الأرض يجاهدوا، قد غلبوا الوحش ولم يقبلوا سمته. وبالتالي كانوا موجودين أيام الضيقة العظيمة، أي أيام الوحش، الذي هو ضد المسيح.
9. ويحذرنا الرب من أنه سيقوم مسحاء كذبة وسيضلون كثيرين .. ولو أمكن المختارين (مت24: 10 ، 24). إذًا سيكون هناك أبرار مختارين على الأرض سيحاول هؤلاء المسحاء الكذبة غوايتهم. بل سوف ينتشر الضلال أيام الضيقة العظيمة، ولكن يقول الوحي في (دا12: 1 - 3) أن أبرارا (إذًا هؤلاء لم يختطفوا) سيشهدون لله ويردوا كثيرين والفاهمون يضيئون كضياء الجلد والذين ردوا كثيرين إلى البر كالكواكب إلى أبد الدهور".
10. يقول القديس بولس الرسول "هوذا سر أقوله لكم: لا نرقد كلنا، ولكننا كلنا نتغير، في لحظة في طرفة عين، عند البوق الأخير. فإنه سيبوق، فيقام الأموات عديمي فساد، ونحن نتغير" (1كو15: 51 ، 52). بولس الرسول تصور أن المسيح سيأتي وهو ما زال حيا. ويقول لو جاء المسيح الآن، فالأموات سيقومون بأجساد ممجدة، ونحن الأحياء سنتغير إلى صورة الجسد الممجد في طرفة عين. ونستنتج أنه لم يختطف الأبرار ومنهم بولس الرسول، ولكنهم موجودين وقت مجيء المسيح الثاني، وسيتغيروا إلى الأجساد الممجدة فور مجيء المسيح الثاني.
11. ويقول الرب يسوع "وتكون زلازل عظيمة في أماكن ومجاعات وأوبئة. وتكون مخاوف وعلامات عظيمة من السماء. وقبل هذا كله يلقون أيديهم عليكم ويطردونكم ويسلمونكم إلى مجامع وسجون وتساقون أمام ملوك وولاة لأجل اسمي. فيؤول ذلك لكم شهادة" (لو21: 11 – 13). ها نحن أمام أبرار موجودين أيام الضيقة العظيمة، بل سيكونون في صمودهم شهودًا وبسبب ثباتهم على الإيمان يجذبون آخرين للإيمان فيخلصون. ولذلك يترك الله الأبرار وقت الضيقة لينقذوا آخرين.
12. القديس بولس الرسول يحذر الأبرار حتى يكونوا مستعدين، ويقول أن هذا اليوم يوم المجيء الثاني سيأتي كلص "وأما أنتم أيها الإخوة فلستم في ظلمة (إذًا هؤلاء من الأبرار وهم في النور) حتى يدرككم ذلك اليوم (يوم المجيء الثاني، يوم الدينونة) كلص" (1تس5: 4). إذًا سيكون هناك أبرار على الأرض في هذا اليوم. وهو نفس تحذير الرب يسوع "اسهروا" (مت24: 42). واسهروا هذه تقال للأبرار.
آيات 1-3 "وَرَأَيْتُ مَلاَكًا نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ مَعَهُ مِفْتَاحُ الْهَاوِيَةِ، وَسِلْسِلَةٌ عَظِيمَةٌ عَلَى يَدِهِ. فَقَبَضَ عَلَى التِّنِّينِ، الْحَيَّةِ الْقَدِيمَةِ، الَّذِي هُوَ إِبْلِيسُ وَالشَّيْطَانُ، وَقَيَّدَهُ أَلْفَ سَنَةٍ، وَطَرَحَهُ فِي الْهَاوِيَةِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ، وَخَتَمَ عَلَيْهِ لِكَيْ لاَ يُضِلَّ الأُمَمَ فِي مَا بَعْدُ، حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ. وَبَعْدَ ذلِكَ لاَبُدَّ أَنْ يُحَلَّ زَمَانًا يَسِيرًا".
مفتاح الهاوية = الرب يسوع هو مَنْ في يده مفتاح الهاوية (رؤ18:1). والهاوية هي الجحيم، إذًا فهذا الملاك هو إما الرب يسوع نفسه أو هو ملاك أخذ السلطان من الرب يسوع.
وَسِلْسِلَةٌ .. وقيَّده = لها معنى رمزي هو تقييد حركة إبليس في مقاومة الكنيسة. ويقول رب المجد "لا يستطيع أحد أن يدخل بيت قوي وينهب أمتعته إن لم يربط القوي أولا وحينئذ ينهب بيته" (مر3: 27). فالمسيح بدأ بربط الشيطان حينما رفض كل إغراءاته وتجاربه أثناء تجربة الجبل. وبرفضه كل ما عرضه عليه الشيطان، لم يعد للشيطان أي سلاح يحارب به المسيح. وكان هذا بداية تقييد الشيطان. وأكمل الرب تقييده بالصليب. ونحن الآن في المسيح قادرين أن نصنع نفس الشيء. فنحن مجرد حصان أبيض والفارس المقاتل هو المسيح (رؤ6: 2). ولقد شرح الوحي تقييد حركة الشيطان في (حز30: 22) وهنا رأينا الله يكسر ذراعي فرعون. وفرعون في كبريائه ووثنيته وعبادته للشيطان يرمز للشيطان. والمعنى أنه ما عاد للشيطان قوته التي كانت له قبل الصليب. وهذا معنى القول "الوحش الذي رأيت، كان وليس الآن (فهو مُقَيَّد بعد الصليب)، وهو عتيد أن يصعد من الهاوية (بعد الألف سنة حين يُحَّل من سجنه). ويمضي إلى الهلاك (يوم الدينونة)" (رؤ17: 8).
فالمسيح ربط الشيطان القوى ونهب أمتعته الذين هم شعبه نحن من يديه مؤسسًا كنيسته. وكيف يستمر مقيدا بالنسبة لنا؟ يقول الرب يسوع "هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم" (مت17: 21). فسلاح إبليس هو ملذات العالم، فمن يمتنع عنها بالصوم يُفقد إبليس سلاحه، وبالصلاة نكون في حماية الله متصلين به وهذا هو سلاحنا الذي به نغلب. هكذا نغلب الشيطان أن نحرمه من سلاحه برفضنا ملذات العالم ونلتصق بالله.
حقا ضعفت قوته إذ قُطِعَت ذراعيه، ولم يعد يتصرف بتجبر كما كان في العهد القديم (إذ عَطَّلَ الشيطان الملاك غبريال 21 يوما إلى أن أتى له الملاك ميخائيل ليسانده دا10: 13). ولكن ما زالت رأسه موجودة يوحى بها بأفكار الشر. لذلك قال الآباء عن الشيطان أنه قوة فكرية ويجب أن نقاومها بعلامة الصليب وباسم الرب يسوع المسيح. وهذا معنى قول بولس الرسول "صلوا بلا انقطاع" (1تس5: 17). فنحن معرضين لهذه الحرب الفكرية بلا انقطاع. وبصلاتنا المستمرة، نكون في صلة مستمرة مع المسيح وبهذا يحارب هو الشيطان ويبعده عنا. المسيح هزمه وما زال يهزمه فينا.
وهذا ما أشار له الرب يسوع حين قال "الآن يطرح رئيس هذا العالم خارجا" (يو31:12) + (لو18:10) رأيت الشيطان ساقطا مثل البرق. وراجع أيضًا (كو15،14:2) + (يو11:16) بل لقد أعطانا الرب سلطانا أن ندوس على الشيطان (لو19:10). وهذا هو معنى تقييد الشيطان، فالطفل الصغير الآن حين يرسم علامة الصليب يُقَيِّد الشيطان ويهزمه. وفي قصة القديسة يوستينة رأينا أن مجرد ذكر اسمها يحرق الشيطان.
الرب يسوع قيد الشيطان كما لو كان هناك أسد رهيب وأتى صياد وأمسك به، ووضعه في قفص وأغلق عليه، هو بهذا لن يستطيع أن يضر أحد. لكن لو ذهب أحد ودخل إلى القفص سيأكله الأسد. وعمليا فلقد حدث بعد الصليب تغيير كبير في حياة البشر، فلقد ترك الوثنيون عبادة الأوثان وتحولوا للمسيحية بعد أن قُيِّد الشيطان. على يده = أي له سلطان أن يقيد إبليس. لقد قيد المسيح إبليس لكن علينا ألا ندخل إلى دائرة عمله أي نذهب لأماكن الشر في العالم.
وأغلق عليه وختم عليه = لم يعد له كمال حريته. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وبعد ذلك لا بُد أن يحل زمانا يسيرا = لماذا يحل الشيطان؟ في نهاية الأيام سيزداد الارتداد والإثم والفتور، وتبرد محبة الكثيرين (مت12:24) بل أن المسيح تساءل: هل يجد الإيمان على الأرض حين يأتي ثانية (لو8:18). وراجع (1تى2،1:4) + (2تى1:3-9) بل إن المسيح لن يأتي إلا بعد أن يأتي الارتداد أولًا (2تس3:2) ومع كثرة الإثم لن يعود أحد يطلب المسيح أو يريده، بل هذا ما نراه الآن... فالناس تحارب بعضها وتتكالب على المال وعلى الجنس. وهذا ما يريده الناس الآن، لذلك فإن الله سيعطيهم ما يريدونه، كما قال داود النبي في المزمور ليعطك حسب قلبك ويتمم كل رأيك (مز4:20) وهذا ما حدث في القديم إذ أعطى الرب للشعب شاول الملك لأنهم يريدون ملكًا طويلًا وعريضًا وقويًّا، أما الذي كان حسب قلب الله فهو داود الصغير في بيت أبيه. الله إذًا سيعطيهم في نهاية الأيام رئيس هذا العالم أي الشيطان (رئيس هذا العالم أي أن له السلطان أن يعطي تابعيه من ملذات العالم الخاطئة، لكن الثمن هو السجود له). وسيحله الرب من سجنه لا ليجرب الناس، فالله فاحص القلوب والكلى ويعلم ما في داخلنا دون أن يجربنا. ولكن هؤلاء الذين تصوروا أن الله بوصاياه يحرمهم من المتع الحسية، تركهم الله ليدركوا ألام عبودية الخطية التي اشتهوها. فهل هذا الشيطان قادر أن يعطيهم خيرًا؟! قطعًا لا. ولكن الشيطان سيشبعهم خطايا وملذات حسية وسيبيعون ويشترون إذ لهم سمة الوحش ولكنهم سيفقدون سلامهم وفرحهم ويعضون ألسنتهم من الوجع والندم وسيصرخون مع إشعياء "أيها الرب إلهنا قد استولى علينا سادة سواك" (أش13:26). هذا لمن فهم وتاب أما المعاندين فسيستمروا في عنادهم. لكن من تاب سيفهم أن الفرح والسلام ليسا في المال والجنس ولا في العالم عمومًا.
فلاسفة هذا الزمان تصوروا أن وصايا الله كانت تَحَكُّم من الله فيهم، وأن الله قَيَّد حريتهم فرفضوا الله. بينما أن الله أعطى الوصايا لصالح البشر ليحيوا في فرح على قدر الإمكان وهم على الأرض. ولاحظ أنه حين أراد الله أن يذكر لشعب إسرائيل الخيرات التي أعطاها لهم، لم يذكر خروجهم من شعب مصر ولا كل المعجزات التي عملها لهم، بل وجد الله أن أفضل ما قدمه لهم هو الوصايا (حز20: 11). فمن يطيع الوصايا يتحرر من عبودية الشيطان فيفرح. فمنطق الشيطان "أعطيك كل هذه لكن بشرط أن تخر وتسجد لي" كما قال للمسيح في التجربة على الجبل. والسجود للشيطان يعني العبودية والمذلة، ويا ويل من يستعبده الشيطان، حينئذٍ سيحول حياته إلى بؤس. والآن فالناس تطلب الملذات الحسية لذلك ترفض الوصايا. ولذلك رفضوا الله.
هذه آخر محاولة من الله مع الأشرار - هذه كأن الله يقول .... "دعهم يجربون ما أرادوا لعلهم حين يتذوقون مرارة عدم طاعة الوصايا. وبالتالي وقوعهم تحت ذل إبليس الذي اختاروه بدلًا مني، ربما يعودون إليَّ". ولنفهم نحن أن طاعة الوصايا = التحرر من سلطان إبليس الذي يستعبد الناس ويذلهم في مقابل خطايا تافهة يسهلها لهم. أما الله فهو يعطي الجميع بسخاء ولا يُعَيِّر (يع1: 5).
هذه آخر محاولة من الله لجذب البعض إلى التوبة والرجوع إليه .
آيات 4-6 "وَرَأَيْتُ عُرُوشًا فَجَلَسُوا عَلَيْهَا، وَأُعْطُوا حُكْمًا. وَرَأَيْتُ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ شَهَادَةِ يَسُوعَ وَمِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ اللهِ، وَالَّذِينَ لَمْ يَسْجُدُوا لِلْوَحْشِ وَلاَ لِصُورَتِهِ، وَلَمْ يَقْبَلُوا السِّمَةَ عَلَى جِبَاهِهِمْ وَعَلَى أَيْدِيهِمْ، فَعَاشُوا وَمَلَكُوا مَعَ الْمَسِيحِ أَلْفَ سَنَةٍ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الأَمْوَاتِ فَلَمْ تَعِشْ حَتَّى تَتِمَّ الأَلْفُ السَّنَةِ. هذِهِ هِيَ الْقِيَامَةُ الأُولَى. مُبَارَكٌ وَمُقَدَّسٌ مَنْ لَهُ نَصِيبٌ فِي الْقِيَامَةِ الأُولَى. هؤُلاَءِ لَيْسَ لِلْمَوْتِ الثَّانِي سُلْطَانٌ عَلَيْهِمْ، بَلْ سَيَكُونُونَ كَهَنَةً للهِ وَالْمَسِيحِ، وَسَيَمْلِكُونَ مَعَهُ أَلْفَ سَنَةٍ".
هنا نسمع عن موتان وقيامتان:-
الموت الأول:- هو موت الخطية. فكل خاطئ الآن هو ميت في نظر الله.
الموت الثاني:- هو الموت الأبدي أي الهلاك، أي الانفصال عن الله والدينونة، أما موت الجسد الحالي فهو ليس موت بل هو انتقال، هو نوم، طالما نحن متحدين بالمسيح في الحالتين. وهكذا أسماه المسيح "حبيبنا لعازر قد نام" + الصبية نائمة (بنت يايرس).
القيامة الأولى:- هي القيامة من موت الخطية أي التوبة، فالسيد المسيح قال "تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات (روحيًا) صوت ابن الله والسامعون يحيون (يو25:5) + (أف14:5) والابن الضال كان ميتا فعاش. وملاك كنيسة ساردس كان له اسم أنه حيّ وهو ميت. (رؤ1:3) لذلك نفهم أن الموت الأول هو الموت الروحي. فالخطية تساوي موت.
القيامة الثانية:- قال عنها السيد المسيح "تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة (يو29:5). والكتاب المقدس لم يرد فيه عبارة "القيامة الثانية" لكنها تُفْهَم ضِمْنًا. فلماذا لَمْ تُذْكَر؟ لأن مَنْ قام القيامة الأولى هو حي وسيستمر حيًا حتى لو مات بالجسد، فحياته هي حياة المسيح (فى1: 21) وحياة المسيح لا تموت (رو6: 9).
ولماذا قيل موت أول وموت ثانٍ؟ لأن موتىَ الموت الأول ما زالت أمامهم فرصة للتوبة طالما هم أحياء جسديًا، أما لو ماتوا جسديًا فلقد أصبحوا بلا فرصة للحياة. عمومًا الموت هو انفصال عن الله، وهذا ما تفعله الخطية فهي تفصل بين الإنسان والله فيموت الإنسان. أما التوبة فهي تقيم الإنسان من موت الخطية (أف14:5) لذا جاء المسيح ليعطينا أن ننتصر على الخطية، فمن لا يؤمن لا يستطيع أن يحيا. لذلك قال السيد المسيح "كل من يؤمن بي فله حياة أبدية" (يو47:6). فالإيمان بالمسيح مع التوبة يثبتنا فيه ودمه يُكَفِّر عن خطايانا ويعطي قوة للانتصار على الخطية (النعمة). جاء الرب ليقدم لنا قيامة روحية لأنفسنا قبل أن تتمتع أجسادنا مع أنفسنا بالقيامة العامة يوم الدينونة راجع (كو12:2) + (أف11:5-14) + (أف4:2-6) + (فى10:3) لذلك نقول إن الكنيسة تعيش في الملك الألفي، القيامة الأولى، متذوقة عربون السماويات بالرغم من الصليب الذي تحمله والطريق الضيق الذي تسلك فيه.
في هذه الآيات نرى صورة لما يحدث خلال الألف سنة، فهناك أبرار يموتون، وهناك شهداء يستشهدون، ولكن هؤلاء مع أنهم يختفون عن أنظار العالم إلا أنهم أحياء، بل لهم عروش ترتاح عليها نفوسهم = رأيت نفوس الذين قتلوا = فليس لهم أجساد، هؤلاء هم الشهداء الذين هم في أعلى درجة. هم في السماء أحياء بل على عروش. ولاحظ أنه رأى نفوس ولم يقل يوحنا أنه رأى أجساد:-
1. هكذا رأى الملايين العذراء مريم في كنيسة الزيتون وغيرها، فهي الآن روح (نفس) رأوها في جسدها النوراني (روح مكتسية بالنور لنتمكن من أن نراها).
2. هؤلاء عاشوا وملكوا مع المسيح ألف سنة = إذًا من يملك مع المسيح نفوس وليس أجساد. وهذا معنى أن المسيح "جعلنا ملوكًا وكهنة لله أبيه" (رؤ1: 6). فمن أين أتوا بفكرة الملك الألفي التي فيها يملك المسيح مع بشر لهم أجساد لمدة 1000 سنة.
3. هؤلاء نُفُوسَ فالأجساد ذهبت للتراب انتظارًا لليوم الذي تلبس فيه النفوس الأجساد الممجدة التي تشبه جسد المسيح. وهذا ما أشار له القديس بولس الرسول، وأنها هي مرة واحدة نقوم فيها من الموت لنلبس الأجساد الممجدة (2كو5: 1 – 4).
4.
الموت ليس نهاية حياة بل بداية حياة من نوع جديد في الفردوس (الفردوس هو مكان النياح أي الراحة الكاملة *للنفس [لا هم ولا خوف ولا قلق]. *والجسد [لا ألام]. *والروح [الروح لا ترتاح سوى بالثبات في الله، وما كان يفصلها عن الله هي الخطية وهناك لا خطية]).5. وتحيا النفس في الفردوس في حالة الراحة هذه انتظارًا للمجيء الثاني ليكون المنتقلين مع المسيح في المجد السمائي. هؤلاء الأبرار كانوا أحياء في نظر الله وهم على الأرض لقداستهم، لذلك حين ماتوا بالجسد انتقلوا من حياة إلى حياة أمجد. كانوا يحيون في الكنيسة على الأرض كملوك، ليس ملكا أرضيًا، بل يملكون وعدًا بمجد سماوي. وبإيمانهم بهذا الوعد زهدوا في الخطية، فصاروا ملوكا أحرارا يملكون شهواتهم ولا تستعبدهم شهواتهم ولا أي شيء آخر. هم بالموت لم يتلاشوا بل انتقلوا من حياة إلى حياة أفضل، انتظارًا للمجيء الثاني حيث يذهبون للمجد الأبدي. أما رقم 1000 فيشير للسمائيات التي تعيشها الكنيسة الآن. وإيمان كنيستنا أن الملك الألفي هذا بدأ بتقييد الشيطان بعد الصليب، وتعيشه الكنيسة الآن. وحينما تنتقل نفس الآن تذهب إلى الفردوس حيث الراحة الكاملة. وتنتهي الألف سنة بإطلاق الشيطان لمدة 5,3 سنة. ويعقب هذا مباشرة مجيء المسيح الثاني للدينونة. وفي نهاية شرح هذا الإصحاح تجد رسومات توضيحية لموقع الألف سنة. وتجد شرحا كاملا لهذه الرسومات في شرح نبوة السبعين أسبوعا (يرجى الرجوع لتفسير الإصحاح التاسع من نبوة دانيال).
6. والأبرار الآن في الفردوس حيث هم الآن، أخذوا عربون المجد الأبدي الذي أعده الله لأولاده الأبرار، وقيل هنا عن عربون المجد الأبدي = رأيت عروشا = وكلمة عروش تشير للمجد الذي أصبحوا فيه في الفردوس الآن. ولكن هذه العروش ما هي سوى عربون للمجد الأبدي الذي قيل عنه "من يغلب يجلس معي في عرشي" وراجع تفسير رسالة لاودكية (رؤ3: 21)
7. يوحنا يرى النفوس لأنه هو أصلا كان في الروح (رؤ10:1 + 2:4). هذا الوضع (النفوس التي تُحسب حية في نظر الله والتي تنتقل سواء بالاستشهاد أو غيره) سيستمر حتى في أيام الوحش، فمن سيرفض الوحش سيكون في نظر الله حي = فَعَاشُوا = أي نالوا الحياة الحقيقية بإيمانهم بالمسيح، مع أن الوحش ظن أنه قتلهم. فالحياة الحقيقية فيها يحيا المؤمنين بالمسيح في محبة وفرح وسلام ... وهي ثمار الروح القدس (غل5: 22 ، 23).
8. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الأَمْوَاتِ فَلَمْ تَعِشْ = هذه عنا ونحن ما زلنا على الأرض . بَقِيَّةُ الأَمْوَاتِ هم الذين لم يؤمنوا بالمسيح أو من عاشوا في الشر رافضين التوبة. وقوله لَمْ تَعِشْ أي لم ينالوا الحياة الحقيقية. الأشرار محرومين من كل هذا أي ثمار الروح القدس (غل5: 22 ، 23)، والشيطان يخدعهم بالملذات الحسية التي ظنوها أفراحا، ولكن عاشوا حياتهم في عبودية فاقدين سلامهم. إذًا خلال الألف سنة هناك من يؤمن ويعيش ، وهذا حين يموت بالجسد الآن يصعد للسماء كنفس لها عرش في السماء . وهناك من يرفض الإيمان بالمسيح ، وهناك من يستمر في خطيته ويموت، ولا يتمتع بالحياة السمائية التي يحياها أولاد الله، أي لا يتمتع بالقيامة الأولى، ويحيا في ملكوت الله. هؤلاء هم أموات في نظر الله قيل عنهم هنا = لم تعش . فالخطية موت ، فلقد قيل عن الابن الضال "كان ميتا فعاش". فشروط أن يكون إنسان حيا في نظر الله:- 1) من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن (مر16: 16). 2) من آمن بي ولو مات فسيحيا. وكل من كان حيا وآمن بي فلن يموت إلى الأبد (يو11: 25 ، 26). 3) "كلا أقول لكم. بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لو13: 3).
رَأَيْتُ عُرُوشًا = هذه خاصة بنفوس الشهداء الذين سُفِكَت دماءهم فعلًا، وأيضًا القديسين الذين قدموا أجسادهم ذبيحة حية "صالبين الجسد مع الأهواء والشهوات" (غل5: 24).
وَأُعْطُوا حُكْمًا =
1.
يرتاحون ويفرحون لأحكام المسيح ضد الأشرار، وسيكون لهم نفس رأي المسيح فهكذا قال الآباء الرسل في مجمع أورشليم "قد رأى الروح القدس ونحن" (أع15: 28). هنا نرى أن الرسل بكامل حريتهم رأوا كذا وكذا..، ووجدوا أن رأيهم متفقا مع روح الله. وهكذا كلما يثبت أحد في المسيح نجد أن رأيه يتفق مع رأي الله، أما الخطاة فتجدهم رافضين لأحكام الله.2. برفضهم للخطية في أثناء حياتهم على الأرض سيدينون من كان يسقط فيها، إذ كان للطرفين نفس الظروف. هم سيحكمون على الأشرار بشهادتهم عليهم. القديسون يدينون العالم أي يشهدوا عليه (1كو 2:6) +(دا22:7).
وملكوا = لقد جعلنا الله ملوكا وكهنة (رؤ6:1) (يملكون ميراث سماوي).
وَسَيَمْلِكُونَ مَعَهُ أَلْفَ سَنَةٍ = (هي نفس فترة تقييد الشيطان) هنا يملك القديسون وعودا بميراث سماوي، ويملكون بركات مادية وروحية. وبإيمانهم القوي يزهدون في ملذات العالم إذ قد اختبروا التعزيات السماوية. لذلك يملك القديسون على إرادتهم ويخضعونها لإرادة الله. لذلك هم أحرار تماما من أي عبودية لأي أحد ولأي شيء أو لأي شهوة. وهكذا الملوك في ممالكهم غير خاضعين لإنسان بل كل الشعب تحت سلطانهم. لذلك قال الوحي عن الأبرار أنهم ملوكًا.
هؤلاء يقولون مع المرنم "معك لا أريد شيئا في الأرض" (مز73: 25). ومن لا يريد شيئًا ولا يشتهي شيئًا بسبب شبعه بالمسيح فهذا يصير أكثر من ملك، إذ لا يشعر أنه محروما من شيء. مثل هذا يشعر أنه إمتلك كل شيء إذ أن المسيح له "أنا لحبيبي وحبيبي لى" (نش6: 3) وهذا ما قاله القديس بطرس "لَيْسَ لِي فِضَّةٌ وَلَا ذَهَبٌ، وَلَكِنِ ٱلَّذِي لِي فَإِيَّاهُ أُعْطِيكَ: بِٱسْمِ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ ٱلنَّاصِرِيِّ قُمْ وَٱمْشِ". لذلك قال القديس أغسطينوس "جلست فوق قمة العالم عندما صرت لا أريد شيئًا ولا أشتهي شيئًا".
ومتى انتهت حياة هؤلاء الأبرار الأحرار على الأرض يذهبون للفردوس، وهناك يملك القديسون عربون المجد الأبدي إذ سيكون لهم عروش قبل أن يرثوا المجد الأبدي هناك. وبعد المجيء الثاني سيملكون نصيبا في الوطن الأبدي، ويكون مكانهم مع المسيح في عرشه (رؤ3: 21)، وهو "ميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل" (1بط1: 4).
الموت الثاني = الزج في جهنم.
هؤلاء الألفيون تصوروا أن فترة الألف سنة هي فترة نعيم أرضي، فيها الشيطان مقَيَّد، فلا توجد خطايا. بل هي فترة أكل وشرب وملذات ... إلخ.
ولكن إذا فهمنا أن الأبدية وهي بلا نهاية وأنها بلا أكل ولا شرب لأننا لن نجوع ولن نعطش (رؤ16:7) فما فائدة أن نأكل ونشرب كثيرا لمدة 1000 سنة. فهذه الألف سنة بالنسبة للأبدية تساوي صفرًا.
آية 7 "ثُمَّ مَتَى تَمَّتِ الأَلْفُ السَّنَةِ يُحَلُّ الشَّيْطَانُ مِنْ سِجْنِهِ".
حين يحل الشيطان من سجنه تزداد الخطية، ويزداد الوجع، لعل البعض يتوبون. على أننا لا يجب أن نفزع حينما نسمع أن الشيطان سيحل من سجنه. ففي قصة قايين كان الشيطان محلولا وغير مقيد، ومع هذا نسمع قول الله لقايين "عند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها" (تك7:4) فإن كان قايين يستطيع أن يسود على الخطية، أفلا نستطيع نحن ذلك ونحن قد حل فينا الروح القدس بعد المعمودية والميرون، ونحن الآن نتناول من جسد الرب ودمه. ولنا وعد أنه "حيث كثرت الخطية ازدادت النعمة جدًا" (رو20:5).
آيات 8-10 "وَيَخْرُجُ لِيُضِلَّ الأُمَمَ الَّذِينَ فِي أَرْبَعِ زَوَايَا الأَرْضِ: جُوجَ وَمَاجُوجَ، لِيَجْمَعَهُمْ لِلْحَرْبِ، الَّذِينَ عَدَدُهُمْ مِثْلُ رَمْلِ الْبَحْرِ. فَصَعِدُوا عَلَى عَرْضِ الأَرْضِ، وَأَحَاطُوا بِمُعَسْكَرِ الْقِدِّيسِينَ وَبِالْمَدِينَةِ الْمَحْبُوبَةِ، فَنَزَلَتْ نَارٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مِنَ السَّمَاءِ وَأَكَلَتْهُمْ. وَإِبْلِيسُ الَّذِي كَانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ وَالْكِبْرِيتِ، حَيْثُ الْوَحْشُ وَالنَّبِيُّ الْكَذَّابُ. وَسَيُعَذَّبُونَ نَهَارًا وَلَيْلًا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ".
هذه الآيات تفهم بطريقتين 1) حرفية؛ 2) روحية:-
1) التفسير الأول: حرب دموية حول أورشليم:-
أن الشيطان الذي هو قتال للناس منذ البدء (يو 44:8) هولا يرتاح سوى لمنظر الدماء والخراب، حينما يحل من سجنه سيثير حربًا رهيبة يجتمع لها ملوك من المشرق من جوج وماجوج (جوج هو الملك وماجوج هي الأرض التي يحكمها). وربما هذه الحرب هي التي حدثنا عنها حزقيال في إصحاحات (39،38) جوج وماجوج رئيس روش (قد تكون روسيا) ماشك (قد تكون موسكو) وتوبال (حز2:38). عمومًا روش وماشك وتوبال كانت قبائل موقعها حول بحر قزوين. وهناك من قال أنها ليست روسيا ودولها بل هي الصين. عمومًا نلاحظ أن روش وماشك وتوبال كانت قبائل موقعها حول بحر قزوين.
وربما كانت هذه المعركة هي المشار لها باسم هرمجدون (رؤ16: 16).
معسكر القديسين والمدينة المحبوبة = هي أورشليم. هي محبوبة لماضيها وليس لحاضرها. حيث يسكن ضد المسيح فيها، في أيام هذه المعركة. ويسميها معسكر القديسين ليس بسبب اليهود الذين فيها طبعًا، ولكن لأن هناك مؤمنين كثيرين أدركوا زيف ضد المسيح وآمنوا بالمسيح الحقيقي. وفي سنة 1992 كان هناك أكثر من 60000 يهودي قد آمنوا بالمسيح، ويسمون أنفسهم اليهود الماسيانيين Massianic Jews. ووصل تعدادهم في سنة 2015 إلى 350000. ونهاية هذه الجيوش ستكون بيد الله. ولكن في نفس الوقت سيهلك الوحش والنبي الكذاب في بحيرة النار. وينقذ الله المؤمنين من هذه الحرب الجهنمية.
2) تُفْهَم هذه الآيات روحيًّا: اضطهاد ضد المسيح للكنيسة:-
أي أن الوحش وأنصاره جوج وماجوج سيستخدمون كل طرق القسوة والعنف والخداع والتضليل للفتك بالقديسين.
في هذا التفسير لا تكون المدينة المحبوبة هي أورشليم بالذات، ولكنها تكون إشارة ورمز للكنيسة عمومًا. ولكن الله سيساند الشاهدين الأمينين إيليا وأخنوخ الموجودين بأورشليم، بنار الروح القدس التي تحرق أضاليل ضد المسيح وتساند الإيمان. والأرجح أن كلا التفسيرين صحيح فهناك حرب مادية ستحدث وحرب روحية ضد الكنيسة. ونهاية هذه الحروب هلاك الوحش في البحيرة المتقدة بالنار وتمجيد الكنيسة. ونلاحظ أننا نجد هلاك إبليس والوحش والتابعين له في الآيات التالية:-
1. إلقاء إبليس في البحيرة المتقدة بالنار. (رؤ 10:20).
2. إلقاء الوحش والنبي الكذاب في البحيرة المتقدة بالنار. (رؤ 20:19).
3. كل مَنْ لم يوجد مكتوبًا في سفر الحياة ألقى في البحيرة. (رؤ15:20).
آية 11 "ثُمَّ رَأَيْتُ عَرْشًا عَظِيمًا أَبْيَضَ، وَالْجَالِسَ عَلَيْهِ، الَّذِي مِنْ وَجْهِهِ هَرَبَتِ الأَرْضُ وَالسَّمَاءُ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُمَا مَوْضِعٌ!"
ثُمَّ رَأَيْتُ عَرْشًا عَظِيمًا أَبْيَضَ = عرش المسيح يشير لمجده. وقارن مع (رؤ3: 21). وهذا ما قاله الرب يسوع بنفسه "ومتى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة القديسين معه فحينئذ يجلس على كرسي مجده = العرش العظيم الأبيض. ويجتمع أمامه جميع الشعوب فيميز بعضهم من بعض كما يميز الراعي الخراف من الجداء" (مت25: 31 ، 32). الخراف هم من سيكونوا ثابتين في المسيح، هؤلاء لن يدانوا فهم في المسيح (رو8: 1). والجداء هم من ليسوا ثابتين في المسيح، وهؤلاء يدانوا لأن خطاياهم ستكون ظاهرة وتدينهم. لذلك قال لنا الرب يسوع "اثبتوا فيَّ وأنا فيكم" (يو15: 4). ويقول القديس بولس الرسول "المسيح فيكم رجاء المجد. الذي ننادي به منذرين كل إنسان، ومعلمين كل إنسان، بكل حكمة، لكي نحضر كل إنسان كاملا في المسيح يسوع" (كو1: 27 ، 28). فالذي في المسيح يُعتبر كاملا ولا يُدان.
إذًا هذا المجيء هو للدينونة. هنا نرى صورة للمسيح الآتي للدينونة عَرْشًا عَظِيمًا = إشارة لعظمته وجلاله وملكه على الكل، والكل خاضع له:- *إما برغبتهم عن حب وهذا لأولاد الله. *أو بخضوعهم رغما عن إرادتهم "أضع أعدائك موطئا لقدميك" هذا عن الشيطان ومن تبعه (مز110: 1).
أبيض = إشارة لعدالة حكمة وبره وقداسته.
الذي من وجهه هربت الأرض والسماء = ربما المقصود الإشارة لتهيب المثول قدام الديان. والأرض تشير للمخلوقات الأرضية، والسماء تشير للمخلوقات السمائية. الكل في حالة تهيب من يوم الدينونة. وربما تشير الآية لزوال السماء والأرض بشكلهما الحالي كما ورد في (رؤ1:21) + (أش17:65) فلن نحتاج للأرض ولا للسماء بشكلهما الحالي، ولن نعود لحياتنا المادية ثانية. ولاحظ أن الله لعن الأرض بسبب خطية آدم، إذ قال له الله "ملعونة الأرض بسببك" (تك3: 17). ولكن بعد المجيء الثاني ستختفي هذه اللعنة، وقارن مع (رو8: 18 – 22).
وقد يكون المعنى أن المقصود بالأرض هم هؤلاء الأشرار الذين قيل عنهم "وملوك الأرض والعظماء والأغنياء والأمراء والأقوياء وكل عبد وكل حر، أخفوا أنفسهم في المغاير وفي صخور الجبال، وهم يقولون للجبال والصخور: أسقطي علينا وأخفينا عن وجه الجالس على العرش وعن غضب الخروف، لأنه قد جاء يوم غضبه العظيم. ومن يستطيع الوقوف" (رؤ6: 15 – 17). والمقصود بالسماء الشياطين المتمردين الذين كانوا في السماء وسقطوا منها. وقال بولس الرسول عن الشيطان الساقط من السماء "رئيس سلطان الهواء" (أف2: 2). كل هؤلاء الذين تمردوا على الله، مَنْ كانوا مِن البشر على الأرض أو الشياطين - هؤلاء لم يحتملوا وجه الله الغاضب حين جاء في مجده للدينونة. هؤلاء يطلبون أن تغطيهم الجبال من وجه الجالس على العرش أي من وجه المسيح الظاهر في مجده كديان، وهذا معنى هروب السماء والأرض.
أولاد الله (الخراف) حين يظهر المسيح في مجده ينعكس عليهم مجده فيفرحون. أما الأشرار (الجداء) سيظهر لهم مجد الله ولكن كقاضٍ طالبا القصاص ولن يحتملوا غضبه. وهذا رأيناه مع موسى وإيليا. فالله كان يتكلم مع موسى "ويُكلِّم الرب موسى وجها لوجه كما يكلم الرجل صاحبه" (خر33: 11). ولكن بسبب شرور الشعب ظهر الله بوجه أرعبهم حتى أن موسى نفسه إرتعب (عب12: 21)، فهو لم يتعود على هذا الوجه الغاضب منه. وطلب الشعب من موسى أن لا يكلمهم الله ثانية لئلا يموتوا. وهكذا إيليا تعرف على صوت الله "المنخفض الخفيف" الذي تعود عليه (1مل19: 12).
لذلك حين يظهر الله بمجده، يكون هناك موقف من اثنين. مع الخراف يكون حنونا عليهم ولا دينونة عليهم، وينعكس مجده عليهم ويفرحوا أبديًا. أما الجداء فيكون الله في مجده مرعبا لهم فيقولون للجبال أن تغطيهم من وجه الديان العادل.
يوم الدينونة
هناك من يهرب إلى الله أي يجري إليه في حب وفرح واشتياق،
وهناك من يهرب من الله في رعب.
والأغلب أن هذا هو الرأي الأرجح.
آية 13،12 "وَرَأَيْتُ الأَمْوَاتَ صِغَارًا وَكِبَارًا وَاقِفِينَ أَمَامَ اللهِ، وَانْفَتَحَتْ أَسْفَارٌ، وَانْفَتَحَ سِفْرٌ آخَرُ هُوَ سِفْرُ الْحَيَاةِ، وَدِينَ الأَمْوَاتُ مِمَّا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي الأَسْفَارِ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِمْ. وَسَلَّمَ الْبَحْرُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِ، وَسَلَّمَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِمَا. وَدِينُوا كُلُّ وَاحِدٍ بِحَسَبِ أَعْمَالِهِ."
الكل يدان صغارا وكبارا. وانفتحت أسفار = فيها أسماء البشر مع أعمالهم. سفر الحياة = فيه أسماء المؤمنين الغالبين الذين ينتظرون المجازاة. ودين الأموات = أي الأشرار الذين قُضِيَ عليهم بالموت الأبدي، أما الأبرار فلا دينونة عليهم (رو2،1:8).
وَسَلَّمَ الْبَحْرُ الأَمْوَاتَ الَّذِينَ فِيهِ = البحر هو إشارة للعالم. والذين فيه هم الذين سيكونون أحياء بالجسد يوم مجيء الرب للدينونة، لكنهم يحيون في الشر والخطية لذلك أسماهم الأموات = كما قال المسيح لملاك ساردس "لك اسم أنك حي وأنت ميت" (رؤ3: 1). وهؤلاء يُسَلَّمون للدينونة.
وسلم الموت والجحيم الأموات الذين فيهما = هؤلاء هم الذين كانوا قد ماتوا بالجسد قبل مجيء يوم الرب وذهبوا للجحيم. والجحيم هو مكان انتظار الأشرار وهنا الجحيم يسلم من فيه لينقلوا إلى جهنم (المكان الأبدي للأشرار).
الْمَوْتُ = هو الشيطان الذي له سلطان الموت، وفي يده الأشرار الموتى روحيا، فهو يُغري الناس بخطايا كثيرة، ومن يتبعه يموت. إذ يقول القديس بولس الرسول "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضًا كذلك فيهما، لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت، أي إبليس" (عب2: 14). ولأن المسيح لم يقبل من يده خطية (يو8: 46) قال: "رئيس هذا العالم يأتي وليس له في شيء" (يو14: 30).
وَالْجحيم = هو الهاوية أي الذين كانوا قد ماتوا وذهبوا إلى الجحيم.
هنا نرى الدينونة، وهذا هو ما سبق رب المجد وقال عنه "لا تتعجبوا من هذا، فإنه تأتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات إلى قيامة الحياة، والذين عملوا السيئات إلى قيامة الدينونة" (يو5: 28 ، 29).
آية 14 "وَطُرِحَ الْمَوْتُ وَالْهَاوِيَةُ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ. هذَا هُوَ الْمَوْتُ الثَّانِي."
1. أن كل من كانوا في الموت (الأشرار الأحياء عند مجيء الرب الثاني)، أو في الهاوية التي هي الجحيم (الأشرار الذين ماتوا قبل مجيء الرب الثاني). كل هؤلاء يكون مصيرهم في بحيرة النار، كمكان أبدي، يكونون فيه منفصلين عن الله وهذا هو الموت الثاني. فهم قد اختاروا لأنفسهم وهم أحياء على الأرض هذا الطريق. كانوا أمواتا روحيا وانتقلوا من موت إلى موت.
2. وقد تعني أن الشيطان قد طرح في بحيرة النار. فالشيطان هو موت في مقابل الحياة التي هي الله كقول رب المجد "أنا هو القيامة والحياة" (يو11: 25).
3. وهناك تفسير ثالث أنه لا موت ولا جحيم للأبرار فيما بعد، فمن كان له القيامة الأولى لن يعود ويكون له موت ثان. فآخِر عدو يبطل هو الموت. وهنا يتكلم عن الموت كشخص، وطرحه في بحيرة النار، يعني أنه لا يعود هناك موت. والطرح في جهنم والانفصال الأبدي عن الله أسماه الكتاب الموت الثاني (رؤ2: 11). هذا لمن اختار الموت الأول أي الخطية وهو على الأرض. واضح من هذا الكلام الأسلوب الرمزي للسفر.
آية 15 "وَكُلُّ مَنْ لَمْ يُوجَدْ مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ طُرِحَ فِي بُحَيْرَةِ النَّارِ."
نحن تكتب أسماؤنا في سفر الحياة يوم المعمودية. ومَنْ يغلب ويحيا حياة التوبة يحتفظ بثيابه بيضاء فلا يمحى اسمه من سفر الحياة (رؤ5:3).
← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الرؤيا 21 |
قسم تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير الرؤيا 19 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/z45m4kp