محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
سفر رويا يوحنا الإنجيلي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21
الويلات الثلاث هي الأبواق الثلاث الأخيرة من السبعة الأبواق، وهي إنذارات بضربات شديدة في نهاية الأيام لعل الناس يتوبوا.
الويل الأول:- هو البوق الخامس = وهو عبارة عن حرب فكرية إلحادية تعذب الناس إذ يتركون الله فيصيرون بلا تعزية وسط ضيقات هذا العالم. وكما نعلم أن المصدر الوحيد للتعزية الحقيقية هو الله. فمن ينكر الله وينفصل عنه يكون كمن يُصِّر على أن الجراح يجرى له جراحة بدون مخدر. ضيقات هذا العالم كثيرة ومؤلمة، فكيف يواجهها هؤلاء الملحدين بدون التعزيات الإلهية. لذلك قيل عنهم "يطلب الناس الموت ولا يجدونه" (الآية6). لذلك فإن هؤلاء الملحدين ظنوا أنهم تحرروا من الله ومن وصاياه، بل قل أنهم صدقوا الشيطان الذي أوحى لهم بهذه الفكرة أن ينكروا وجود الله. لكن حقيقة الأمر أن الشيطان الذي يستمتع بأن يرى عذاب البشر، خدعهم، وصار يستمتع بعذابهم إذ صاروا بدون تعزيات وسط ألام هذا العالم.
الويل الثاني:- هو البوق السادس= وهو عبارة عن حرب مادية تتقاتل فيها الجيوش والأمم، هنا نرى الشيطان يحرك قادة الدول فيتخذون قرارات خاطئة ينتج عنها حروب دموية مدمرة ويكون القتلى كثيرين جدًا. (هلك في الحرب العالمية الثانية 50 مليونًا بالإضافة للدمار الشديد. وهذا كمثال) وينتهي البوق السادس بظهور الوحش (ضد المسيح) وخلال فترة تواجده تزداد الآلام بشدة وتزداد الحروب بصورة أشد. وبهذا يستمتع عدو الخير بهذه الألام التي أصابت البشر. ولكن المؤمن الذى هو في حضن الله فهذا تكون له حماية وتعزية. لذلك فعدو الخير سبق وحَرَمَ من ألحد من هذه التعزيات.
الويل الثالث:- هو البوق السابع = وفيه ألام مرعبة قال عنها رب المجد أنها "الرعود السبعة" ولكن الله لم يُرِدْ أن يكشف عنها (رؤ4:10). وقد أخبرنا الله أن هناك ضربات رهيبة ضد الوحش (ضد المسيح) قال عنها الجامات السبعة (إصحاحى 16،15). وفى أيام البوق السابع (رؤ7:10) "يتم أيضاً سر الله". ويظهر الله للدينونة فيرتعب كل إنسان تبع الشيطان وإستغرق في خطيته (رؤ8:21).
ولكن أولاد الله لايخشون من هذه الأحداث ولا أى أحداث أخرى، فأولاً نحن نقشنا على كفه (إش16:49)، وهو القوى ضابط الكل الذي يسيطر على الأرض والبحر (رؤ2:10)، وبحسب وعده "إن نسيت الأم رضيعها فأنا لا أنساكم" (إش15:49).
الآيات 1-12 "ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ الْخَامِسُ، فَرَأَيْتُ كَوْكَبًا قَدْ سَقَطَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، وَأُعْطِيَ مِفْتَاحَ بِئْرِ الْهَاوِيَةِ. فَفَتَحَ بِئْرَ الْهَاوِيَةِ، فَصَعِدَ دُخَانٌ مِنَ الْبِئْرِ كَدُخَانِ أَتُونٍ عَظِيمٍ، فَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ وَالْجَوُّ مِنْ دُخَانِ الْبِئْرِ. وَمِنَ الدُّخَانِ خَرَجَ جَرَادٌ عَلَى الأَرْضِ، فَأُعْطِيَ سُلْطَانًا كَمَا لِعَقَارِبِ الأَرْضِ سُلْطَانٌ. وَقِيلَ لَهُ أَنْ لاَ يَضُرَّ عُشْبَ الأَرْضِ، وَلاَ شَيْئًا أَخْضَرَ وَلاَ شَجَرَةً مَا، إِلاَّ النَّاسَ فَقَطِ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ خَتْمُ اللهِ عَلَى جِبَاهِهِمْ. وَأُعْطِيَ أَنْ لاَ يَقْتُلَهُمْ بَلْ أَنْ يَتَعَذَّبُوا خَمْسَةَ أَشْهُرٍ. وَعَذَابُهُ كَعَذَابِ عَقْرَبٍ إِذَا لَدَغَ إِنْسَانًا. وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ سَيَطْلُبُ النَّاسُ الْمَوْتَ وَلاَ يَجِدُونَهُ، وَيَرْغَبُونَ أَنْ يَمُوتُوا فَيَهْرُبُ الْمَوْتُ مِنْهُمْ. وَشَكْلُ الْجَرَادِ شِبْهُ خَيْل مُهَيَّأَةٍ لِلْحَرْبِ، وَعَلَى رُؤُوسِهَا كَأَكَالِيلَ شِبْهِ الذَّهَبِ، وَوُجُوهُهَا كَوُجُوهِ النَّاسِ. وَكَانَ لَهَا شَعْرٌ كَشَعْرِ النِّسَاءِ، وَكَانَتْ أَسْنَانُهَا كَأَسْنَانِ الأُسُودِ، وَكَانَ لَهَا دُرُوعٌ كَدُرُوعٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَصَوْتُ أَجْنِحَتِهَا كَصَوْتِ مَرْكَبَاتِ خَيْل كَثِيرَةٍ تَجْرِي إِلَى قِتَال. وَلَهَا أَذْنَابٌ شِبْهُ الْعَقَارِبِ، وَكَانَتْ فِي أَذْنَابِهَا حُمَاتٌ، وَسُلْطَانُهَا أَنْ تُؤْذِيَ النَّاسَ خَمْسَةَ أَشْهُرٍ. وَلَهَا مَلاَكُ الْهَاوِيَةِ مَلِكًا عَلَيْهَا، اسْمُهُ بِالْعِبْرَانِيَّةِ «أَبَدُّونَ»، وَلَهُ بِالْيُونَانِيَّةِ اسْمُ «أَبُولِّيُّونَ». الْوَيْلُ الْوَاحِدُ مَضَى هُوَذَا يَأْتِي وَيْلاَنِ أَيْضًا بَعْدَ هذَا".
البوق الخامس (الويل الأول)
فرأيت كوكبا قد سقط من السماء إلى الأرض = وهذا الكوكب إما أن يكون:-
1. رئيس ديني كبير وفي سقوطه يجذب معه الكثيرين.
2. الشيطان، هذا الذي سقط من السماء وصار تحت الأرض "رأيت الشيطان ساقطًا" (لو18:10). وقد أعطي أن يجرب الساكنين على الأرض، ولكن الشيطان ليس حرا أن يجربنا كيفما يشاء، بل في حدود يسمح بها الله (راجع قصة أيوب، فالله كان يحدد للشيطان الحدود التي يجرب بها أيوب).
3. ملاك نزل من السماء، ليعطي سماح لإبليس أن يجرب الساكنين على الأرض في الحدود التي يحددها الله. ولاحظ أن الشيطان كان محبوسا بعد الصليب والآن فالملاك، يطلق يده ويفك السلسلة التي تقيده في حدود معينة.
وأعطي مفتاح بئر الهاوية = الهاوية في نظر أناس العهد القديم هي حفرة بلا قرار(1) يلقى فيها أعداء الرب. والمعنى، إما أن الملاك سمح لإبليس إن ينشر ضلالاته في الحدود التي سمح بها الله. أو أن الله سمح للشيطان بهذا. إذًا المفتاح هو إطلاق حرية إبليس ليفعل في الحدود المعينة.
فصعد دخان = هو أفكار الشياطين، هي حرب فكرية وقد تكون:-
1. أفكار إلحادية كالشيوعية والماركسية والوجودية وهذه تنكر وجود الله. وهذه سمح بها الله، فالناس تضخمت ذواتهم ودخلوا في كبرياء. فسمح لهم الله بهذه الفلسفات التي تتكلم عن وجود الذات وإلغاء وجود الله.
2. وقد تكون أفكار دينية مشوهة كمن إعتبروا أن الإنجيل يحوى أساطير لم تحدث فعلا، بل كتبها موسى ليخيف الناس فلا يخطئوا.
3. وقد تكون أفكار لعزل المسيح عن الناس وهذه تنادى أن الدين هو مجرد سلوك أخلاقى وأداب اجتماعية، ولا داعى للإيمان بالله ولا المسيح ولا حاجة للفداء، ولا حاجة لنا لذكر المعجزات ولا الصليب. ويقدمون المسيحية في ألفاظ منمقة وعبارات ناعمة خلاصتها عزل الإله المحب عن شعبه. فهم يتكلمون عن الأخلاق والمعاملات الطيبة بين الناس، ولكن لا ذكر للمسيح. وما هذا إلا إلحاد مستتر. هؤلاء أرادوا عزل المسيح عن حياة الناس. ولكن:- أ) بدون المسيح لا خلاص "فبدون سَفْكِ دَمٍ لَا تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ" (عب9: 22) ومهما كانت الأخلاق فهي لا تفيد شيئا في قضية خلاص الإنسان. ب) وإذا إختفت صورة الإله المحب عن عيوننا فإننا سنعانى بالتأكيد من آلام فظيعة، هذا هو الويل الأول. فمن دون الله لن يتحمل إنسان آلام هذا العالم. بمعزل عن الله قد يندفع الإنسان إلى الإنتحار، وهذا ما يريده إبليس تماما... ألم يأتوا للمسيح بإنسان ، يدفعه الشيطان إلى إلقاء نفسه في النار. وقال رب المجد عن الشيطان أنه كان قتالا للناس منذ البدء (يو44:8).
4. إبليس يقف وراء كل هذه المحاولات الشيطانية لعزل المسيح عن الإنسان. فبهذا يضمن هلاك الإنسان فلا غفران للخطايا ولا خلاص سوى بدم المسيح. ولنلاحظ أن عمل الروح القدس في المؤمن هو التعزية (يو26:15) "متى جاء الروح القدس المعزى"، ومن ثمار الروح "الصبر وطول الأناة والفرح والسلام". لذلك فمن يعزل نفسه عن الله يحرم من هذه الثمار فيتألم ألما فظيعا مع كل مضايقة تأتيه من الخارج. وهكذا نرى الشيطان يعزل أولاد الله عن إلههم ثم يهاجمهم فلا يجدوا سندا لهم في هذه الضيقات إذ سبق إبليس وعزلهم عن الله.
فإظلمت الشمس = لقد انحجبت رؤية المسيح شمس البر عن هؤلاء الذين عزلوا أنفسهم بقبولهم لهذه الأفكار الشيطانية، وانحجب عنهم نور المعرفة السماوية وسادهم حيرة وقلق. وذلك لأن الناس أحبوا الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة.
من الدخان خرج جراد = الجراد يتلف كل شيء، هو يعلن الحرب على كل شيء أخضر ويترك وراءه كل شيء خربا. وهذه الأفكار والمبادئ المضلة التي ستملأ الأرض في تلك الأيام ستدمر حياة الناس (يؤ2:2-4). البداية أن الإنسان أراد أن يشعر بنفسه مستقلا عن الله في كبرياء وإعجاب بالذات، ولما أطلق الشيطان قدم للناس أفكار وفلسفات كلها إحساس وإعجاب بالذات مثل "إن كان هناك إله، فكيف أطيق أن لا أكون إلها" وهم عزلوا هذا الإله حتى لا يتحكم فيهم بحسب فكرهم فقالوا "لقد حكمنا على الله بالموت وأقمنا الكنائس قبورا له" و"أبانا الذي في السموات إبق هناك".
وكل هذا لشعورهم أن الله يتحكم فيهم فقالوا "إن الله جالس في برج عاجي ويتحكم فينا بوصاياه دون أن يشعر باحتياجنا".
إذًا هم عزلوا الله عن حياتهم... فهل نالوا بهذا السلام؟!
تقابل إنسان مؤمن مع إنسانة غير مؤمنة، شيوعية، وكان ذلك في موسكو خلال شهور الصيف، حيث كانت الحدائق آية في الروعة والجمال.
وكانا في حوارهما الدائم حول الله تكرر هذه الإنسانة الغير مؤمنة بالله، أنه لا يوجد إله، ولا توجد حياة بعد الموت. وكان إذا أكد المؤمن إيمانه بذلك تتهمه بالجنون وبأنه إنسان غير سوي وغير طبيعي، وأنه حين يموت سيفاجأ بأن كل ما تصوره على الأرض إنما كان وهما، فلن يجد إلهًا ولا مسيحًا، بل ستكون نهايته في بطن الدود. وكان يرد أنه إن لم أجد الله بعد موتي فلن أخسر شيئًا، لكن ماذا عنك أنت، ماذا لو وجدت الله بعد موتك، حينئذ ستكون عقوبتك شديدة بسبب كل ما قلتيه عنه.
وفي يوم جلسا في إحدى الحدائق وأخذ هو يعبر عن انبهاره بهذا الجمال، فقالت هي وماذا ترى من جمال في هذا.. أنا لا أرى في هذه الحدائق سوى الموت، فبعد شهور يأتي الثلج ويموت كل شيء ! فسألها سؤالا مفاجئا... إذ كان يعرف أن لها ابنة تحبها لدرجة العبادة. وكان سؤاله...
ماذا تفعلين لو ماتت ابنتك فصرخت بشكل هستيري حتى لا يكرر السؤال، وبعد أن هدأت كرر السؤال وكررت الصراخ الهستيري. وأمام إصراره قالت لو ماتت ابنتي سأنتحر، إذ لا أقوى على الحياة بدونها وكان رده... وهذا هو الفرق بيني وبينك... بيني أنا الإنسان المؤمن وبينك كإنسانة غير مؤمنة، فأنا بإيماني أرى الحياة من خلال الموت، فإذا مات أحد أحبائي سأحزن ولكن ليس لدرجة الانتحار، فعندي رجاء أنني سأراه ثانية في السماء. وأما أنت فبسبب عدم إيمانك فأنت ترين الموت من خلال الحياة، لذلك فأنت لا تستطيعين أن تفرحي بجمال الطبيعة حولك، بل تتوقعين موتها، فأنت غير قادرة على أن تتمتعي بالحياة والجمال من حولك ولا بهذه الحدائق الجميلة والسبب أن فكرة الموت تعذبك وتسيطر عليك لأن إيمانك أنه لا حياة بعد الموت... لذلك تفكرين في الانتحار.
فمن هو الأسعد حالا يا ترى أنا أم أنت. وبفرض أنه لا يوجد إله ولا حياة أخرى حقيقية، فمن هو الأسعد حالا. هل أعطاك عدم إيمانك حلا لمشاكلك، هل أعطاك السعادة... الواضح أنه زاد غمك وحزنك.وبعد هذا الحوار امتنعت عن الحديث في العقائد والدين.
فهؤلاء الملحدون حكموا على أنفسهم بالعدم، وهو فكر يعذب الإنسان، فمن لم يختبر المسيح يعيش في عذاب هذه الأفكار، بل إن سارتر وألبير كامي كانوا يرددون أن هذا الوجود لا فائدة منه، وهذه الحياة لا تستحق سوى الانتحار. ولعل حادثة الانتحار الجماعي في جويانا، إذ انتحر 900 شخص دفعوا للانتحار من قائد مجنون يسمى الأب جونز، هي تأكيد أن رفض المسيح، وعدم معرفة الله سببا حالة من الفراغ الروحي، وعدم الحصول على تعزية إلهية وبالتالي كان هذا الفراغ الروحي سببا في آلام فظيعة تدفع للجنون. وهذا تأكيد لما قيل هنا أن الناس ستطلب الموت ولا تجده إذًا البوق الخامس وهو الويل الأول، هو بداية إطلاق الشيطان، وستكون حربه ضد البشر حربا فكرية وضلالات تعزل الإنسان عن الله، ثم ينفرد إبليس بهذا الإنسان ليعذبه. ولن يجد هذا الإنسان راحة سوى في رجوعه لله. وهذا ما دفع سارتر أبو الفلسفة الوجودية إلى أن يطلب كاهنا للاعتراف قبل أن يموت، وحينما سمعت صديقته سيمون دى بوفوار أنه طلب كاهنًا قالت "لقد جُنَّ، إنه بهذا يهدم كل فلسفته التي بناها"!
ولكنه كان صادقا مع نفسه في نهاية حياته، وأعلن أنه لم يجد راحة إلا في المسيح. وكان هذا عكس فيلسوف فرنسي آخر قبل سارتر بعشرات السنين ظل يحارب المسيح كل عمره، ولما دنت ساعته قال "أخيرًا انتصرت أيها الناصري المصلوب".
كما لعقارب = هي لذعات الآلام النفسية لمن شعر أنه بلا تعزية سماوية ولكن شكرا لله، فهذه الآلام لا تصيب المؤمنين ولا تضرهم. بسبب تعزيات الروح القدس لهم. ففي (رؤ1:7-3) نجد أن الملائكة لم تترك الرياح تهب (هي هذه الضربات) قبل أن يتم ختم عبيد الله (والختم هو حلول الروح فينا) فهناك إذًا تعزيات لأولاد الله وسط ضيقات هذا العالم تجعلهم قادرين على الاحتمال. ولاحظ الرمز في سفر الرؤيا فالجراد يأكل الخضرة، لكن هنا نجده يضر كل شيء إلا الخضرة سواء عشب أو شجرة. إذًا هو ليس جراد حقيقي بل هي أفكار فلسفية تدمر حياة الناس لكنها لا تصيب أولاد الله لأن الروح القدس يعلمهم كل شيء.. (يو26:1) لذلك سيرفضوا هذه الأفكار. إذن الجراد ينتصر على من ليس لهم ختم الله على جباههم.
عشب الأرض = هم المؤمنين المبتدئين، فحتى هؤلاء يهتم الله بهم أولًا. فهو لا يقصف قصبة مرضوضة ولا يطفئ فتيلة مدخنة.
ولا شيئًا أخضر = هم المتقدمين في الإيمان نسبيًا.
ولا شجرة = هم أصحاب القامات العالية في الإيمان، هم القديسون وكل هؤلاء لهم الروح القدس = ختم الله على جباههم. وهو يعطيهم:
1. تعليما صحيحا به يرفضون كل الآراء المضللة.
2. تعزيات وسط الضيقات التي في العالم.
إذًا هو سر ما فيهم من خضرة وحيوية، وأنهم لم يذبلوا وسط ضيقات هذا العالم. فالروح القدس هو الماء الذي يروي جذور هذه الأشجار والنباتات أي المؤمنين فلا يموتوا. وهو الندى المتساقط على أوراقها فلا تتأذى من حر الشمس (أي ضيق التجارب).
لا يقتلهم بل يتعذبوا = هذه الضربات لا تقتل بل تعذب النفس، فهي ليست حربا حقيقية بين جيوش وبأسلحة. بل هي ضيقات شديدة بلا تعزية كحر الشمس حين يقع على نبات بلا ماء يرطبه فيصفر ويذبل. وهذه الضربة ضربة البوق الخامس مختلفة عن ضربة البوق السادس الذي نرى فيه حروبا مميتة ودما يسيل وثلث الناس يموتون (لاحظ أن ضحايا الحرب العالمية الثانية 50 مليونًا).
خمسة أشهر = هي عمر الجراد، أي أن هذه الضربة لها زمن محدد وستنتهي بعده. وهذا ما رأيناه في سقوط الشيوعية، وما ظهر لكل العالم عن فشل هذه النظرية، بل هي تركت دولها في فقر لا مثيل له. وخمسة أشهر هي 150 يومًا كأيام الطوفان، الذي أعقبه حياة جديدة لأولاد الله. ونحن ننتظر حياة جديدة بعد نهاية هذا العالم.
كعذاب عقرب إذا لدغ إنسانًا = عذاب مستمر وأنين مستمر، وهذا ما نراه من استمرار شكوى غير المؤمنين من كل شيء، إذ لا يجدون ما يعزيهم.
لاحظ أن العقرب حين يلدغ إنسانا يفرغ فيه السم الذي يوجد في حمته (ذنبه) وينتج عن هذا:- أ) ألم مرعب. ب) وفي النهاية موت. ولاحظ قول بولس الرسول عن فاعلية فداء المسيح "أَيْنَ شَوْكَتُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ غَلَبَتُكِ يَا هَاوِيَةُ (1كو15: 55). فكلمة شوكة هنا هي (sting) بالإنجليزية وتعني حمة العقرب المملوءة سمًا. والمسيح بانتصاره على الخطية وعلى الموت أفرغ هذه الحمة من السم (الخطية) فما عاد الموت موتا بل هو إنتقال لأن "لنا الحياة هي المسيح" (فى1: 21) والمسيح يعطينا حياته الأبدية (رو6: 9). ولكن ما زال الموت مؤلما. حقا الموت مؤلم وقال عنه القديس بولس الرسول "آخر عدو يبطل هو الموت" (1كو15: 26). ولكنه لا يقود لليأس، بل *لنا رجاء في لقاء أحبائنا المنتقلين في السماء. *وأيضًا ترافقنا تعزيات الروح القدس. ولذلك كله قال القديس بولس الرسول "لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ" (1تس4: 13) فهو حزن يشوبه الرجاء والتعزية.
سيطلب الناس الموت ولا يجدونه = هذا يحدث حينما تتبدد أمال الإنسان وأمانيه ويكون إنسانًا بلا تعزية فيهرب الموت منه. وليس المعنى أنه لن يكون موت في تلك الأيام، بل سيشتهي الناس الموت في يأس من هذه الحياة من الغلاء والأمراض الفتاكة والانفجار السكاني والظروف المناخية السيئة والظلم الاجتماعي وانعدام فرص العمل والسكن.
ولاحظ فهؤلاء لا يؤمنون بأن هناك حياة أخرى بعد الموت، وهم مرعوبين من فكرة الموت. إذ هم بلا أمل في الحياة، وبلا أمل في حياة أخرى بعد الموت. وكيف يحتمل بشر كل هذا إن لم يكن له ختم الله على جبهته؟ أي مملوء من الروح القدس الذي يعطي العزاء والصبر والاحتمال، بل ويعطي العين المفتوحة على المجد المعَّد في السماء (1كو2: 9 - 12) وهذا يُعطي عزاء للمتألم. وهنا نرى أن الله لا يسمح بموتهم لعلهم يتوبون ويرجعون كما رجع سارتر.
شِبْهُ خَيْل مُهَيَّأَةٍ لِلْحَرْبِ
= كانت الخيل هي أداة الحرب في تلك الأزمنة. ونحن أمام حرب يشنها الشيطان ضد الإنسان ليخربه عقليًا وروحيًا ونفسيًا. ولاحظ العكس فأبناء الله ورأسهم المسيح يقودهم في حرب ضد الشيطان ومملكته وأبواب الجحيم لن تقوى على هذه الحرب (مت 16: 18).وعلى رؤوسها كأكاليل = لم يقل أكاليل بل كأكاليل، فهي توهم الناس بالنصرة، هي مخادعة تبدو في صورة ملوك لها أكاليل ذهبية، تصنع لنفسها هالة من العظمة لتسيطر على عقول وقلوب البشر، وتُصَيِّر الإنسان عبدًا لها، والناس ينخدعون كما انخدع مئات الملايين بهذه الفلسفات وظنوا أن فيها الخلاص من الظلم الاجتماعي. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). "قال ماركس أن المقهورين والمظلومين قد اخترعوا فكرة الله حتى يسكنوا آلامهم الناشئة من الظلم الواقع عليهم. ولكن حين تطبق نظريتي الاقتصادية ستنتهي تمامًا فكرة وجود الله دون حاجة لمقاومة للكنيسة أو اضطهاد لها. ولكن كان هذا عكس ما فعلته الشيوعية إذ نُشِرَت النظرية باضطهاد الكنيسة وقتل المسيحيين".
شعر كشعر النساء = شعر النساء علامة جمالهن، أي أن هذه الفلسفات لها منظر يبدو جميلا، ولها منظر الحنان فالفلسفات الإلحادية الماركسية ادعت أنها تتعاطف مع الفقراء وأنها تهتم بإزالة أوجاعهم والظلم الواقع عليهم. والوجودية ألَّهَت الإنسان.
أسنانها كأسنان الأسود = مع أن لها منظر جميل ومنظر فيه حنان لكنها تخفي في باطنها وحشية، وهي مفترسة تجذب بنعومتها لكي تفترس:
1. من رفض إتباع النظرية واستمر في إيمانه اضطهدوه وقتلوا الكثيرين.
2. من سار وراءهم تركته نظريتهم الإلحادية محطما بلا رجاء في حياة هنا أو في الأبدية. فهم ينكرون وجود أبدية.
لَهَا دُرُوعٌ كَدُرُوعٍ مِنْ حَدِيدٍ
= مرة ثانية لم يقل دروع بل كدروع، فهي ليست قوية بالفعل، بل تبدو هكذا [قيل عن دول الشيوعية أنها دول الستار الحديدي ثم انهار كل شيء فجأة]. الحقيقة أن أولاد الله والكنيسة قادرون على الصمود أمامها، ورأيت بعيني، المسيحية في روسيا والكتلة الشيوعية في أقوى حالاتها واضطهادها للمسيحيين أن المسيحية كانت في حالة قوة وثبات، وكان ذلك في بداية السبعينيات من القرن الماضي، أي في قمة ازدهار الشيوعية، ومرت الأيام وانتهت الشيوعية التي كان لها كدروع من حديد وانتصرت المسيحية، "فهو خرج غالبا ولكي يغلب".وجوهها كوجوه الناس = لها مظهر التعقل والحكمة، هي ضربة عقلانية، والناس الذين يستخدمهم إبليس يعملان على نشر هذه المبادئ على أنها أمل الإنسان في نظام اجتماعي بلا ظلم، وعدل اجتماعي يسود الناس، حينما يستغنون عن وجود الله وسطهم. صوت أجنحتها = لقد شنوا حربا على الكنيسة وعلى المؤمنين وحاولوا أن يغرقوا العالم كله بفلسفتهم الشيطانية.
لها أذناب كشبه العقارب = إيذاؤها في أذنابها، ، والأذناب (الحُمَّاتْ) كما قلنا سابقا هي تحمل السم، والسم يشير للخطية. ومن يسلك في طريق الخطية فاصلا نفسه عن المسيح سيتألم من لدغة العقرب، وفي النهاية سيموت ويكون بلا رجاء ولا تعزية. أي في آخر الأمر من يسلك في طريقها (طريق هذه الفلسفات الإلحادية) ويصدقها تكون آخرته الموت، أي يحيا في عذاب كلدغة العقرب ثم ينتهي به الأمر للموت الأبدي.
لها ملاك الهاوية = هو الشيطان = ملكا عليها = هم يأتمرون بأمره.
اسمه بالعبرانية وباليونانية = هذه الفلسفات تسود على اليهود وعلى الأمم على السواء، فالشيطان يعمل بكل قوته ليهلك الجميع وكثير من هؤلاء الفلاسفة كانوا يهودا.أبدون وأبوليون = معناهما المهلك.
إذا الويل الأول هو حرب فكرية يطلق فيها الشيطان لكن في حدود حرب فكرية ضد البشر. أما الويل الثاني فهو حروب فعلية يهلك فيها الملايين، وفيها يطلق الشيطان لإثارة الملوك والرؤساء وفي نهايتها ينطلق ضد المسيح وتقوم في أيامه حروبًا رهيبة. وسيكون ضد المسيح هذا تجسيمًا للشيطان نفسه.
الآيات 13-21 "ثُمَّ بَوَّقَ الْمَلاَكُ السَّادِسُ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا وَاحِدًا مِنْ أَرْبَعَةِ قُرُونِ مَذْبَحِ الذَّهَبِ الَّذِي أَمَامَ اللهِ، 14 قَائِلًا لِلْمَلاَكِ السَّادِسِ الَّذِي مَعَهُ الْبُوقُ: «فُكَّ الأَرْبَعَةَ الْمَلاَئِكَةَ الْمُقَيَّدِينَ عِنْدَ النَّهْرِ الْعَظِيمِ الْفُرَاتِ». 15 فَانْفَكَّ الأَرْبَعَةُ الْمَلاَئِكَةُ الْمُعَدُّونَ لِلسَّاعَةِ وَالْيَوْمِ وَالشَّهْرِ وَالسَّنَةِ، لِكَيْ يَقْتُلُوا ثُلْثَ النَّاسِ. 16 وَعَدَدُ جُيُوشِ الْفُرْسَانِ مِئَتَا أَلْفِ أَلْفٍ وَأَنَا سَمِعْتُ عَدَدَهُمْ. 17 وَهكَذَا رَأَيْتُ الْخَيْلَ فِي الرُّؤْيَا وَالْجَالِسِينَ عَلَيْهَا، لَهُمْ دُرُوعٌ نَارِيَّةٌ وَأَسْمَانْجُونِيَّةٌ وَكِبْرِيتِيَّةٌ، وَرُؤُوسُ الْخَيْلِ كَرُؤُوسِ الأُسُودِ، وَمِنْ أَفْوَاهِهَا يَخْرُجُ نَارٌ وَدُخَانٌ وَكِبْرِيتٌ. 18 مِنْ هذِهِ الثَّلاَثَةِ قُتِلَ ثُلْثُ النَّاسِ، مِنَ النَّارِ وَالدُّخَانِ وَالْكِبْرِيتِ الْخَارِجَةِ مِنْ أَفْوَاهِهَا، 19 فَإِنَّ سُلْطَانَهَا هُوَ فِي أَفْوَاهِهَا وَفِي أَذْنَابِهَا، لأَنَّ أَذْنَابَهَا شِبْهُ الْحَيَّاتِ، وَلَهَا رُؤُوسٌ وَبِهَا تَضُرُّ. 20 وَأَمَّا بَقِيَّةُ النَّاسِ الَّذِينَ لَمْ يُقْتَلُوا بِهذِهِ الضَّرَبَاتِ، فَلَمْ يَتُوبُوا عَنْ أَعْمَالِ أَيْدِيهِمْ، حَتَّى لاَ يَسْجُدُوا لِلشَّيَاطِينِ وَأَصْنَامِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَجَرِ وَالْخَشَبِ الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُبْصِرَ وَلاَ تَسْمَعَ وَلاَ تَمْشِيَ، 21 وَلاَ تَابُوا عَنْ قَتْلِهِمْ وَلاَ عَنْ سِحْرِهِمْ وَلاَ عَنْ زِنَاهُمْ وَلاَ عَنْ سَرِقَتِهِمْ".
نرى هنا رقم 4 يتردد كثيرا (أربعة قرون المذبح + الأربعة ملائكة المقيدين + الأربعة ملائكة المعدون للساعة) ورقم 4 يشير لكل العالم وللعمومية، فهي إذا حرب عالمية ستشمل كل العالم ولكنها بسماح من الله. فالله هو الذي يحرك الملائكة، والملائكة يسمحون بما يسمح به الله، مهم جدًا أن نفهم أن الشيطان ليس حرا حرية مطلقة (راجع قصة أيوب أي 12:1 + 6:2)
مذبح الذهب = إشارة للمسيح شفيعنا عند الآب. أربعة قرون المذبح = أي شفاعته قوية، فالقرن رمز القوة عند رعاة الأغنام. ورقم 4 هنا يشير إلى أن شفاعة المسيح تشمل كل العالم، أي كل من يؤمن به في كل العالم.
فمع شدة الضربات إلا أننا نرى أن كل من يرجع ويتوب يجد الأحضان الإلهية مفتوحة له. ولكن لنلاحظ أيضًا أن السيد المسيح الذي يشفع في البشر هو نفسه الذي تصدر منه الأوامر بالضربات، فلقد رآه يوحنا متمنطقا عند ثدييه بمنطقة من ذهب، وهذه ملابس القضاة (رؤ13:1) هو الديان (يو27:5).
الذي أمام الله = فالمسيح هو شفيعنا والوسيط الوحيد كشفيع كفاري لنا لدى الآب.
النَّهْرِ الْعَظِيمِ الْفُرَاتِ
= ربما يعني هذا أن مركز الحرب العالمية هذه يكون في أرض العراق أو تبدأ الحرب من عنده، أو حول نهر الفرات عموما، ولكن المعنى الروحي أن نهر الفرات كان يروي مملكة بابل. وبابل رمز الخطية والتمرد على الله في الكتاب المقدس ويكون المعنى أن هذه الحرب بسبب الشر الذي في العالم. ولنفهم أن هناك عريسين وعروستين في الكتاب المقدس. العروس الأولى هي الكنيسة وعريسها هو المسيح. والثانية هي بابل مملكة الشر والتعدي على الله وعريسها هو الشيطان. الْمُعَدُّونَ لِلسَّاعَةِ وَالْيَوْمِ = إذا لا شيء يحدث بالصدفة، بل أن كل شيء معد من قبل الله ضابط الكل. فلماذا الخوف ونحن في يد إله قدير يعلم كل شيء وقد أخبرنا منذ آلاف السنين عما سيحدث، وهو أيضًا أبونا وجعلنا أولاده، إذًا هو قادر أن يحمينا بل هو يريد هذا.يقتل ثلث الناس = أي عدد عظيم سيهلك في هذه الحرب. فالآلات الحربية في هذه الأيام صارت مهلكة. ويقتل الثلث، لعل الثلثين يستيقظوا ويتوبوا.
مئتا مئتا ألف وأنا سمعت عددهم = هي إذًا حرب عالمية يشترك فيها جيوش كثيرة. ولكن كون يوحنا يقول أنه سمع عددهم فلربما يكون هذا الرقم له معنى في تلك الأيام. ولربما نسمع في تلك الأيام فعلا أن عدد الجيوش المتحاربة هو 200 مليون جندي، وحينما نسمع هذا الرقم يكون هذا علامة على اقتراب ظهور ضد المسيح.
الخيل في الرؤيا.... دروع إسمانجونية وكبريتية ونارية = هذا تعبير عن آلات الحرب الرهيبة التي تطلق نيرانا مدمرة (المدافع) ولها دروع إسمانجونية. والإسمانجوني هو لون السماء. ولعل هذا تعبيرا عن الصواريخ والطائرات المدمرة والتي تلقي نيرانًا = كبريتية ولكن كيف يعبر يوحنا عن هذه الآلات الحربية من 2000 سنة؟
هو استخدم الألفاظ السائدة في عصره، إذ كانت آلة الحرب وسلاح الحرب في أيامه هي الخيل ومن فتكها شبهها برؤوس الأسود.
سلطانها هو في أفواهها = من فوهة المدفع تخرج النيران والكبريت المدمر.
وفي أذنابها = القنابل المدمرة في بطن الطائرات لذلك شبه أذنابها بالحيات المهلكة.
ولها رؤوس وبها تضر = فالصواريخ الآن تحمل رؤوسا مدمرة (نووية وكيماوية وجرثومية) تضر وتقتل.
وهدف الله من هذه الضربات أن يتوب الناس، ولكن للأسف فهم لم يتوبوا، لذلك هم شابهوا فرعون وشعب المصريين الذين إذ أصابتهم الضربات لم يتوبوا ولم يطلقوا شعب إسرائيل. وهذا ما يسمى بعناد مصر أو خطية مصر "تدعى روحيًا سدوم ومصر" (رؤ8:11) أي أن خطيتهم في ذلك الزمان هي نفس خطية مصر أي العناد مع الضربات وعدم تقديم توبة.
يسجدون للشياطين = والآن نرى الكثيرين يتعبدون للمال والمادة، والملذات الشهوانية. فالشيوعيون يتعبدون للمادة والوجوديون يتعبدون للذات الإنسانية(2). وعموما فكثيرون يتعبدون للمال والجنس. وهذا هو الإلحاد المعاصر. لم يعد أحد يتعبد لأوثان، ولكن الشيطان وراء الصراع والتعبد للمال وتجارة الجنس في كل العالم. بل هناك الآن عبادة للشيطان.
أصنام الذهب والفضة والنحاس والحجر والخشب = هذه العبارة هي عبارة تتكرر كثيرا في العهد القديم، وتشير فعلا في العهد القديم لعبادة الأوثان. فكانوا يصنعون أصنامهم من الحجر والخشب والنحاس وكانوا يجملونها ويزينونها بالفضة والذهب. أما الآن فلا يوجد من لا يزال يعبد أصناما من حجر وخشب. أما أصنام هذه الأيام فهي الذات والمال والقوة والشهوات الجنسية بل والشذوذ الجنسي الذي أصبح مطلبا عالمياَ بل علامة على احترام حرية الإنسان. ولما تمادى البشر في السعي وراء هذه الأصنام الجديدة سمح الله للشيطان أن يجربهم بأن يعطيهم كل ما منعهم الله عنه، ليدركوا بأنفسهم أن أصنامهم هذه ليس من ورائها إلاّ الخراب النفسي والمادي، فيدركوا حكمة الله في تحريم هذه الأصنام، وأن الله لم يكن مُقيِّدا لحريتهم حينما منعها بل كان يرشدهم لطريق الفرح ولطريق السماء في النهاية. ولنرى أمثلة على ذلك:-
الصنم الأول:- الذات
خلق الله الإنسان على صورته وأراد له أن يكون مخلوقا سعيدا يحيا في فرح " جنة عَدْنْ " = المعنى عالم رائع الجمال يحيا فيه الإنسان في فرح، ولكن من خلال الإتحاد بالله والثبات فيه وليس بالانفصال عنه. ولكن منذ البداية إنساق آدم وحواء إلى غواية إبليس بأن يطلبا أن يكونا مثل الله ! والسؤال لماذا يا آدم، ألم يخلقك الله على صورته فماذا تريد أكثر؟ هنا تكمن مشكلة الذات فآدم بل كل من يسقط في هذه الخطية حتى الآن هو يريد أن يرتفع بالانفصال عن الله وفي تنافس مع الله، ولسان حاله يقول " أنا وليس الله " وألم تكن هذه سقطة الشيطان نفسه (إش14: 13، 14). وقد أسقط فيها آدم " تكونان كالله " (تك3: 5) وستكون هي نفس خطية الوحش = ضد المسيح في نهاية الأيام (2تس2: 4 + رؤ13: 4). وكما رأينا فهذه هي نفس خطية ونفس أفكار فلاسفة الإلحاد المعاصر الذين أنكروا أصلا وجود آلهة وقال أحدهم " كيف يكون هناك إله وأطيق أنا أن لا أكون إلها ". ولذلك كان البوق الخامس أو الويل الأول، إذ قال الله دعهم يجربون ما أرادوه في قلوبهم " ليعطك حسب قلبك ويتمم كل رأيك " (مز20: 4) وسمح للشيطان بأن يكون وراء هذه الفلسفات التي أنكرت وجود إله، أراد الإنسان أن يكون مثل الله بالانفصال عن الله، فوصل به الغرور إلى إنكار وجود إله، وقالوا " أن وجود إله يلغي وجودي أنا، إذًا فلنحكم على الله بالموت لأوجد أنا ". وماذا كانت النتيجة سوى العذاب النفسي والآلام التي مثل لدغات العقارب. لقد كانوا بلا تعزيات فالله وحده مصدر هذه التعزيات. وحقا ماذا يفعل إنسان وحده دون مساندة إلهية أمام طوفان المشاكل والآلام التي تواجه الإنسان، بل ماذا يفعل وكيف يقابل فكرة الموت التي هي في نظرهم فناء.
الصنم الثاني:- القوة
كانت إرادة الله السلام والمحبة، وأراد الإنسان أن يظهر قوته ويسيطر فأثار الحروب، وقال الله دعهم يجربون ويلات الحروب فكان الويل الثاني.
الصنم الثالث:- المال والجنس والشذوذ الجنسي
أراد الله للإنسان أن يحيا في طهارة وقداسة " إني أنا الرب إلهكم فتتقدسون وتكونون قديسين لأني أنا قدوس. ولا تنجسوا أنفسكم " (لا11: 44) + " لأن هذه هي إرادة الله قداستكم. أن تمتنعوا عن الزنا " (1تس4: 3). وماذا تكون مكافأة من يقدس نفسه مبتعدا عن خطايا النجاسة؟ يقول القديس بولس الرسول " اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب " (عب12: 14). فالقداسة هي أن يتخصص ويتكرس الإنسان لله القدوس مبتعدا عن شهوات الجسد النجسة، ومثل هذا الإنسان يثبت في الله ولا ينفصل عنه فيراه، فيختبر حياة الفرح والسلام التي أرادها الله للإنسان منذ البدء. أما من يسلك في النجاسة فلا يمكن أن يظل ثابتا في الله القدوس إذ " لا شركة بين النور والظلمة..... " (2كو6: 14 – 18). ولكن ماذا طلب البشر . طلبوا الاستمتاع بشهوات الجسد، وظنوا أن الله حين يطلب منهم الامتناع عما ينجس أجسادهم أن الله بهذا يقيد حرياتهم. وماذا طلب الإنسان أيضًا؟ المال... وصار المال إله هذا الدهر. فماذا يفعل الله؟ سمح الله بالويل الثالث وهو ظهور ضد المسيح. وهذا صارت مملكته تُدعى "تُدعى روحيا سدوم ومصر" (رؤ11: 8). وهذا يعني أن الخطية السائدة في هذه المملكة هي الشذوذ الجنسي وهي خطية سدوم، والعناد (رؤ9: 20، 21)، فمع إزدياد ضربات الله أصر البشر على الاستمرار في خطاياهم، وكانت هذه خطية فرعون والمصريين.
ونرى الله لا ييأس من البشر بل يظل يؤدب حتى النهاية لعل أحدا يفهم ويتوب، فنسمع في الإصحاح العاشر عن آلام أخرى أسماها الرعود، وهذه تصيب العالم كله الذي قبل ضد المسيح (رؤ 10: 11). ولماذا قبل العالم ضد المسيح هذا؟ لأنه سهَّلَ لهم ما أرادوا وقَنَّنَه لهم، وصارت أمور الحياة سهلة لِمَنْ يتبعه (رؤ13: 17). ولكن أين الفرح والسلام؟ لقد خدع الشيطان البشر إذ صَوَّرَ لهم أن الملذات الحسية هي بديل للفرح الذي يعطيه الله وحده وليس له مصدر سوى الله (يو16: 22). وكانت آخر محاولات الله لتأديب الإنسان هي ضربات الجامات والعجيب أنهم كانوا يعضون ألسنتهم من الوجع بسبب هذه الجامات ولكنهم لم يتوبوا (رؤ16) .
التي لا تستطيع أن تبصر = عجبا على من يتصور أن المال أو القوة البشرية أو أي خطية قادرة أن تسعده أو تخلصه من ضيقته.
ولا عن سحرهم = تشمل كل من يتعامل مع الأحجبة والتعاويذ وقارئي البخت وما يقال له الطالع وحظك اليوم، وقراءة الفنجان والكف.... إلخ أو من يتعامل مع الأعمال أو من يفك الأعمال.
المؤمن لا يعرف حلا لمشاكله سوى اللجوء لله وللكنيسة التي وضع الله فيها سبعة أسرار محيية.
ونلاحظ أنه في أيام ضد المسيح سيخدع هذا الشخص قلوب البسطاء بأعمال سحر عجيبة (راجع رؤ13) فينجذبون له. إذًا علينا من الآن أن نلتصق بالله وبالكنيسة ولا نصدق أي أعمال شيطانية بل لا نصدق ولا نجري وراء الخوارق التي لم تعلن الكنيسة أنها معجزات حقيقية من قبل الله.
← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الرؤيا 10 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير الرؤيا 8 |
_____
(1) توضيح من الموقع: بلا قرار، أي عظيمة العُمق.
(2) توضيح من الموقع: "الوجودية" هي تيار فلسفي يميل إلى الحرية التامة في التفكير بدون قيود ويؤكد على تَفّرُّد الإنسان، وأنه صاحب تفكير وحرية وإرادة واختيار ولا يحتاج إلى موجه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7hfvp55