محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
سفر رويا يوحنا الإنجيلي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11
هنا نسمع عن الرعود السبعة التي تكلمت ولم نعرف ماذا قالت، فالله منع يوحنا من أن يذكر أو يسجل ما قالته هذه الرعود. ولأنها رعود فهي تشير لأخبار مزعجة وضربات مؤلمة توجه للناس في نهاية الأيام، وهدف الله من الضربات دائمًا هو أن يتوب الناس. وحتى لا يضطرب أولاد الله من هذه الأخبار نرى المسيح في صورة ملاك قوي واضعًا رجله اليمنى على البحر واليُسرى على الأرض، أي أنه مسيطر تمامًا على الأحداث فهو ضابط الكل. بل هو مزمع أن يطهر البحر والأرض من إبليس وأتباعه، فنحن سوف نرى في (رؤ1:13) أن هناك وحش طالع من البحر. وفي (رؤ11:13) نرى وحشًا آخر طالع من الأرض والمسيح الملاك القوي مزمع أن يسحق كليهما برجليه اللتين كعمودي نار.
وليس من حق أحد أن يتصور ما قالته الرعود السبعة، فالله لا يريد إعلان ما قالته. ولكن لماذا أعلن ذلك ليوحنا؟
يوحنا هو الأكثر حبًا للمسيح، والمحبة قادرة أن تكتشف ما لا يكشف لمن محبته قليلة، راجع تفسير (أف3: 19). لذلك كان يوحنا هو أول من عرف المسيح (يو7:21). وبنفس المفهوم ففي حادثة إحراق سدوم وعمورة لم يخفي الرب شيئًا عن إبراهيم. ولاحظ أن محبة يوحنا دفعته أن يتبع المسيح حتى الصليب، لذلك لم يحتاج يوحنا أن يقول له السيد المسيح اتبعني كما قال لبطرس (يو20،19:21).
والله لم يكشف ما قالته الرعود لنا حرصا علينا من الخوف والذعر، أما يوحنا الحبيب الذي يتبع يسوع شاعرا بمحبة يسوع العجيبة له، وهو قلبه مشتعل بمحبة يسوع فلن يخاف ولن يضطرب بسبب هذه الأخبار المزعجة. بل هو مستعد بسبب محبته أن يقبل من يد المسيح أي شيء مهما كان، واثقا في حبيبه المسيح أنه صانع خيرات، لا يصنع سوى الخير، شاعرا بأمان في يدي يسوع ضابط الكل، أما ناقصي المحبة فهم لن يحتملوا سماع الأخبار المزعجة لأنهم ببساطة غير واثقين في حماية الله لهم وسط هذه الضيقات.
قالت مريضة بمرض خطير لأب اعترافها في شهر مارس أنها ستموت يوم 16 أكتوبر (وخبر الموت لمعظم الناس هو رعد كالرعود السبعة). ولما سألها كيف عرفت هذا. قالت له: "لقد أخبرتني العذراء بأنني سوف أرتاح من آلامي في هذا اليوم". فأراد الأب الكاهن أن يطمئنها فقال لها: "إذًا سَتُشْفي من آلامك في هذا اليوم"، وكان رد المرأة التي أحبت الله "يا أبونا إنت فاكر إن أنا خايفة من الموت، أنا منتظرة هذا اليوم بفارغ صبر، فإذا كنت بافرح هنا بهذا المقدار فكم وكم سيكون فرحي في السماء، عمومًا فالراحة من الألم ليس معناها أن أعيش على الأرض ثانية بل أنني سأذهب للسماء".
ومعنى هذا الرد أن الحب الذي في قلبها لله جعلها لا تخاف من الرعود السبعة أي خبر الموت لأنها شاعرة أنها في يدي من تحبه سواء على الأرض أم في السماء، سواء في حياة أم في موت، في مرض أم في صحة. لمثل هؤلاء يعلن الله ما تقوله الرعود السبعة، أما لقليلي المحبة فلا يعلن لهم فهم لن يحتملوا.
ولأن هذه الأخبار ستجري في الأيام الأخيرة لهذه الأرض، ولأنه في أيام البوق السادس سيكون المتبقي لهذا العالم هو فترة قصيرة جدًا لينتهي نسمع عن السفر الصغير الذي يحوي مقاصد الله نحو العالم في نهاية الأيام.
ولأن قلب يوحنا مملوء حبا للمسيح وجد حينما أكل هذا السفر أنه كان حلوا في فمه فمقاصد الله دائمًا حلوة، وكل ما يعمله هو للخير، فقصد الله من هذه الآلام أن يتوب البعض، ولكن يوحنا شعر بأن جوفه صار مرا، وهذه المرارة سببها:
1. تأثره بسبب ما عرفه من آلام ستحدث للناس.
2. حزنه بسبب ما عرفه عن خطايا الناس وعنادهم في تلك الأيام.
آية 1 "ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ قَوِيًّا نَازِلًا مِنَ السَّمَاءِ، مُتَسَرْبِلًا بِسَحَابَةٍ، وَعَلَى رَأْسِهِ قَوْسُ قُزَحَ، وَوَجْهُهُ كَالشَّمْسِ، وَرِجْلاَهُ كَعَمُودَيْ نَارٍ،"
ملاكا:- ملاك معناها رسول أو مرسل، ولطالما أطلق الكتاب المقدس على المسيح "ملاك العهد" والمسيح كان يقول "الآب الذي أرسلني" (يو30:5) وهنا نفهم أن رسالته لنا نحن المؤمنين "لا تخافوا فانا ضابط الكل".
قويا = فمهما كانت قوة الأشرار فهو الأقوى فلماذا الخوف.
نازل من السماء = فهو السماوي الذي أتى إلينا على الأرض، وصعد للسماء ليعد لنا مكانًا. إذًا فمكاننا معه في السماء، فلماذا لا نحتمل بعض الآلام التي يسمح بها خصوصا أن ما تبقى من أيام على الأرض قليل.
متسربل بسحابة = لأننا لا نستطيع أن نعاين مجده، فالآن إذ نحن مازلنا في الجسد، لا نرى مجده. ودائما نرى أن السحاب يلازم حضور مجد الرب (راجع خر35،34:40) + (1مل11،10:8) + (أع9:1) + (مت30:24).
أبدية. ولاحظ أن يوحنا رأى قوس قزح بلون أخضر من قبل "وقوس قزح حول العرش في المنظر شبه الزمرد" (رؤ4: 3). فحينما يراه باللون الأخضر فهذا إعلان من الله أنه يريد حياة للبشر. ولكن هنا ومع أخبار الرعود السبعة فهو يريد أن يقول لا أريد هلاك أحد بل أن هذه الضربات لكم حتى لا يكون لكم هلاك أبدي، هذه تأديبات لعل الناس تتوب، الله دائما أبدا هو صانع خيرات، خلقنا لنحيا لا لنموت. وكل ما يسمح به هو أن يتم قصده ونحيا، حتى لو كان ما يسمح به هو رعود.
ووجهه كالشمس = هذا ما رآه يوحنا في (رؤ16:1) والمسيح هو نور من نور.
وَرِجْلاَهُ كَعَمُودَيْ نَارٍ = فيما سبق رأينا قدميّ المسيح من نحاس نقي كأنهما محميتان في أتون (رؤ1: 15). فالنحاس يشير للدينونة ومعنى دينونة الخطية هو خنق الخطية والتضييق عليها بعمل النعمة لكي نسلك في البر (راجع تفسير رؤ8: 3). والمسيح بقدميه النحاسيتين يدك أعداءه، وبهما ندك نحن العثرات، وكلما تلاشت محبة الخطية فينا نلتهب بمحبته. ولكن يلاحظ هنا اختفاء النحاس وتظهر الرجلان كعموديّ نار. فهذه الأيام الأخيرة هي محاولات نهائية من الله محب البشر للتطهير قبل النهاية، والتطهير يكون بنار الضربات التي شبهها هنا بالرعود.
آية 2 "وَمَعَهُ فِي يَدِهِ سِفْرٌ صَغِيرٌ مَفْتُوحٌ. فَوَضَعَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْبَحْرِ وَالْيُسْرَى عَلَى الأَرْضِ،"
سفر صغير = لأن نهاية الأيام قد اقتربت والدينونة قد اقتربت. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). وهذا السفر فيه أحكام وإعلانات وأخبار ستحدث في نهاية الأيام وهذا السفر ليس كالسفر المختوم من داخل ومن وراء. فهذا يعني أنه مملوء أحداثًا، فهو تاريخ الكنيسة منذ نشأتها، أما هذا فسفر صغير.
مفتوح = وليس مختوم رؤ1:5 فالأمور أصبحت واضحة لأولاد الله الذين سيفهمون تمامًا في هذه الأيام مقاصد الله وخطة الله، هؤلاء قال عنهم دانيال "والفاهمون يضيئون" (دا3:12).
آية 3، 4 "وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ كَمَا يُزَمْجِرُ الأَسَدُ. وَبَعْدَ مَا صَرَخَ تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ بِأَصْوَاتِهَا. وَبَعْدَ مَا تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ بِأَصْوَاتِهَا، كُنْتُ مُزْمِعًا أَنْ أَكْتُبَ، فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلًا لِيَ: «اخْتِمْ عَلَى مَا تَكَلَّمَتْ بِهِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ وَلاَ تَكْتُبْهُ»."
صرخ بصوت عظيم = هي صرخة إنذار أخيرة لهؤلاء الذين لا يريدون أن يرتدعوا، وهذه تعني قداسة الله التي لا تقبل الخطية، وتشير لحب الله الذي لا يريد هلاك البشر. وها هو يسمح بآلام تعلنها هذه الرعود السبعة لعل الناس تتوب.
آية 5 "وَالْمَلاَكُ الَّذِي رَأَيْتُهُ وَاقِفًا عَلَى الْبَحْرِ وَعَلَى الأَرْضِ، رَفَعَ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ،"
رَفَعَ يَدَهُ = هي صورة القسم وفي هذا إشارة لخطورة ما يعلنه وهو نهاية الأيام، ونهاية الشر، ونهاية الصراع بين الكنيسة وقوى الشر، وانتهاء فرص التوبة، وخضوع كل الخليقة لله. وَاقِفًا عَلَى الْبَحْرِ وَعَلَى الأَرْضِ = مسيحنا هو ضابط الكل فلماذا الخوف من الرعود.
آية 6 "وَأَقْسَمَ بِالْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ، الَّذِي خَلَقَ السَّمَاءَ وَمَا فِيهَا وَالأَرْضَ وَمَا فِيهَا وَالْبَحْرَ وَمَا فِيهِ: أَنْ لاَ يَكُونَ زَمَانٌ بَعْدُ!"
أن لا يكون زمان بعد = هذه تعني إما أن أيام الأرض انتهت والدينونة ستبدأ أو أن الأحداث التي في السفر الصغير ستحدث سريعًا دون أن يطيل الله أناته على البشر.
آية 7 "بَلْ فِي أَيَّامِ صَوْتِ الْمَلاَكِ السَّابعِ مَتَى أَزْمَعَ أَنْ يُبَوِّقَ، يَتِمُّ أَيْضًا سِرُّ اللهِ، كَمَا بَشَّرَ عَبِيدَهُ الأَنْبِيَاءَ."
البوق السابع يعلن نهاية الأيام ونهاية دولة الشر وضد المسيح (الوحش أو الدجال).
آية 8 "وَالصَّوْتُ الَّذِي كُنْتُ قَدْ سَمِعْتُهُ مِنَ السَّمَاءِ كَلَّمَنِي أَيْضًا وَقَالَ: «اذْهَبْ خُذِ السِّفْرَ الصَّغِيرَ الْمَفْتُوحَ فِي يَدِ الْمَلاَكِ الْوَاقِفِ عَلَى الْبَحْرِ وَعَلَى الأَرْضِ»."
هو صوت ملاك كان يرافق يوحنا.
آية 9 "فَذَهَبْتُ إِلَى الْمَلاَكِ قَائِلًا لَهُ: «أَعْطِنِي السِّفْرَ الصَّغِيرَ». فَقَالَ لِي: «خُذْهُ وَكُلْهُ، فَسَيَجْعَلُ جَوْفَكَ مُرًّا، وَلكِنَّهُ فِي فَمِكَ يَكُونُ حُلْوًا كَالْعَسَلِ»."
كله = أي يدرك ويستوعب ويعرف ما فيه ليعلنه للبشر.
آية 10 "فَأَخَذْتُ السِّفْرَ الصَّغِيرَ مِنْ يَدِ الْمَلاَكِ وَأَكَلْتُهُ، فَكَانَ فِي فَمِي حُلْوًا كَالْعَسَلِ. وَبَعْدَ مَا أَكَلْتُهُ صَارَ جَوْفِي مُرًّا."
فكان في فمي حلوا كالعسل = كلمة الله حلوة ومقاصده دائمًا حلوة فهو صانع خيرات. وسبق كل من إرميا وحزقيال وداود أن قالوا نفس الشيء (أر16:15) + (حز1:3-3) + (مز103:119). فكل ما يسمح به الله دائمًا هو للخير، وهذا هو ما يفهمه كل من يحب الله ويدرك مقاصده. وحتى هذه الآلام التي تحدثت بها الرعود السبعة، أو الموجودة في السفر الصغير إنما هي لخير البشر، أي هدفها توبتهم.
بعدما أكلته صار جوفي مُرًّا = هناك كما قلنا احتمالين: الأول هو تأثر يوحنا بما سمعه من آلام ستحدث للبشر، والاحتمال الثاني هو تأثره بعناد الناس وإصرارهم على عدم التوبة (رؤ20:9). وكلا الأمرين صحيح.
آية 11 "فَقَالَ لِي: «يَجِبُ أَنَّكَ تَتَنَبَّأُ أَيْضًا عَلَى شُعُوبٍ وَأُمَمٍ وَأَلْسِنَةٍ وَمُلُوكٍ كَثِيرِينَ»."
بعد أن فهم يوحنا ما في السفر الصغير عليه أن يعلن ما فهمه وما سيحدث في الأيام الأخيرة. وهذا ما سيفعله في بقية السفر.
← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الرؤيا 11 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير الرؤيا 9 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/bbnk37q