محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
سفر رويا يوحنا الإنجيلي: |
يبدأ سفر الرؤيا بكلمة إعلان وهذه مثل قول الله "هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله. وإبراهيم يكون أمة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع أمم الأرض. لأني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته مِن بعده أن يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا وعدلا لكي يأتي الرب لإبراهيم بما تكلم به" (تك18: 17-19). وحينما رأى يوحنا هذه الرؤيا كان المسيح قد تمم للكنيسة كل شيء، وأعد لها مكانا في السماء، في عرشه = أي أنها ستتمجد معه (يو 17: 5، 22). ولكن هذا المجد سيكون للكنيسة إذا غلبت في حروبها ضد أعدائها، واستمرت تحيا في بر، ولم تنخدع بإغراءات وخداعات العدو، ولم ترهب اضطهاده. والمسيح هنا يخبر الكنيسة بالحروب التي تنتظرها، ولكن هو بنفسه سيحارب عنها ويقودها للانتصار في كل معاركها حتى تصل للسماء وتتمجد. ولكن ليس كل ما ذكر في سفر الرؤيا مفهوم بالكامل، بل يحمل في طياته أسرارا لن تنكشف إلا في حينه، هي مكتوبة بالشفرة حتى يفهمها شعب المسيح في حينه ويرى فيها رسائل وإرشادات تعينهم على الخلاص في أوقات شدة آتية. والله لا يريد أن تنكشف هذه الأسرار وتُعرف الآن. وهذا كما أعمى الله الشيطان عمن هو المسيح فتم الصلب والخلاص "لأنهم لو عرفوا لما صلبوا رب المجد" (1كو2: 8). ولكن ما يعطي شعب الله الاطمئنان وسط هذه الأخبار الصعبة:-
1- إن الله يحب كنيسته كعريس لعروسه، ومن محبته بذل دمه لأجلها فهل هناك حب أعظم من هذا (يو15:13). (حينما يشككك إبليس في حب الله لك، تأمل في الصليب).
2- مَنْ يعلم المستقبل بهذه الصورة فهو قادر على التصرف وحماية شعبه. وهو يخبرنا فيزداد إيماننا عندما يحدث ما أخبرنا به ونطمئن (يو14: 29).
3- بحسب وعده فالكنيسة لن تقوى عليها أبواب الجحيم (مت 16: 18).
4- هو الذي يقود المعركة وهو الذي سينتصر، وما أنا سوى فرس هو يقوده. وما علينا سوى أن نظل ملتصقين به، وحينئذ نغلب (رؤ6: 2).
من هو المسيح عريس الكنيسة = أحبنا وقد غسلنا من خطايانا بدمه (رؤ 1: 5)....هو الله القوي غير المحدود (رؤ 1: 8). ولكننا نرى يوحنا حبيبه في ضيق، فكيف يحدث هذا مع كل هذا الحب وكل هذه القوة؟ يجيب بولس الرسول "إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه" (رو8: 17). فشركاء الألم هم شركاء المجد. غالبًا من يسأل هذا السؤال هو من ما زال فاهمًا أن العالم هو هدفه وأن المتعة هي الهدف من هذه الحياة، ولم يفهم أن الحياة هي في المجد الأبدي والأفراح المعدة لنا في السماء، أما العالم هنا ما هو إلا فترة إعداد للحياة السمائية. والسماء مشروحة هنا في سفر الرؤيا في الأصحاحات (رؤ 21، 22). والكنائس السبع هم إشارة لكل الكنيسة في كل مكان وزمان، فرقم 7 هو رقم الكمال. ثم نرى صورة للمسيح القوي= الذي يدك برجليه النحاسية إبليس وأتباعه. والديان (رؤ 1: 13) وهو سيدين أعداءه وأعداء كنيسته (رؤ 1: 15). فلماذا الخوف بعد كل ذلك؟!
هي رسائل خاصة بكل كنيسة، ولكل نفس من أفراد الكنيسة... لكنها تعبر عن نبوة تاريخية بكل تاريخ الكنيسة. كيف أسسها المسيح وأحبها كعروس له= أفسس. وما ستتعرض له من اضطهادات واستشهاد = سميرنا. ثم مراحل ضعف تحل بها إذ تبدأ في أن تجد لها سندا تتكل عليه غير عريسها = برغامس. وتتمادى في ضعفها إذ أحبت العالم الحاضر = ثياتيرا. والنتيجة الطبيعية للحياة المظهرية أن الكنيسة تقل عدديًا "ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر" (2تى 4: 10) = ساردس. يزداد الابتعاد عن الله حتى يكاد الخادم الحقيقي الأمين أن ييأس والمسيح يشجعه أن يكمل عمله، وفي الرسالة نشعر أن رب المجد سيعمل على تجميع الإخوة المنشقون ليتحدوا = فيلادلفيا. ويكون هذا الاتحاد استعدادًا لفترة الضيقة العظيمة = لاودكية.
نرى هنا السماء مفتوحة لمن يغلب ويظل ملتصقا بالمسيح عريسه. ونرى اهتمام وفرح الطغمات السمائية بالخلاص الذي عمله رب المجد لكنيسته. وأن الله يريد لنا الحياة الأبدية في السماء. والله مهتم بأن الروح يملأ كل واحد ليجدد طبيعته (رؤ 4: 5، 6) فيليق بهذا المكان المعد. واهتمام الله بكل ما يحدث لكنيسته (رؤ 5: 1).
هنا نرى ماذا سوف يواجه الكنيسة من حروب وأين يذهب من يغلب:-
1) المسيح يقود كنيسته لتغلب بعد أن غلب هو بصليبه = الفرس الأبيض.
2) طالما هناك غلبة، إذًا هناك أعداء. والأعداء يقودهم إبليس. وهنا يشن حرب دموية = الفرس الأحمر.
3) إبليس له أساليب متنوعة. وهنا نرى حرب هرطقة، تشويش في الإيمان الصحيح = الفرس الأسود.
4) هذه حرب مزدوجة = هي خداع إيماني ومن يرفض يقتل وبوحشية = الحصان الأخضر المائل للصفرة.
5) الختم الخامس = هنا نرى مكان راحة الأبرار الذين احتملوا الألم في صبر. ونرى شهوتهم ليوم المجد.
6) الختم السادس = هنا نرى صورة عكسية لمن ظن نفسه قويا فحارب كنيسة المسيح.
الأصحاح السابع عبارة عن = رسالة يطمئن الله بها شعبه المختوم (المملوء بالروح) أنه لن يصيبهم ضرر من الضربات، والروح يعزي. وأن المخَلَّصين في السماء الذين برَّرَهُم المسيح بدمه لا حصر لهم.
الختم السابع = هو عن أحداث النهاية، والله في محبته يعطي إنذارات للأشرار. لعلهم يتوبون. وهذه الإنذارات يسميها هنا أبواق. فالبوق يستخدم للإنذار كما في الحروب، ويستخدم في استقبال الملوك، والآن فالمسيح على الأبواب. وهذا إنذار للكل بأن يوم الدينونة قد اقترب. وللأسف فهم سيعاندون (رؤ 9: 20) ولا يتوبوا. ونفهم أن هذه الأبواق تشمل حروب رهيبة = البوق السادس. وتشمل تخلي الله عن البشر المعاندين المعجبون بأنفسهم وبعقولهم وفلسفاتهم فقالوا أنه لا اله، بل هم الآلهة (الفلسفات الإلحادية) = البوق الخامس. والله تركهم لفلسفاتهم فتعذبوا عذابات شديدة، وكان ذلك لعلهم يتوبون (وهذا ما حدث فعلا مع أبو الوجودية سارتر، إذ تاب في آخر ساعات عمره وطلب قسيس ليعترف له قبل أن يموت ولقد حدث هذا فعلًا). وضربات في الطبيعة لعل الناس تخاف وتتوب كما هو الحال في الأبواق الأربعة الأولى.
وكم هو مُعَزّي أن نسمع أن هنا شفاعات تُرفع عن الكنيسة أمام العرش (رؤ 8: 3) فالله لا ينسانا ومسيحنا هو شفيعنا، هو الملاك الذي وقف أمام المذبح ومعه مبخرة، ولكن شفاعته لِمَنْ يصلي = "مع صلوات القديسين".
وفي الأصحاح العاشر يعطي المسيح بنفسه الإنذار الأخير. ولم نعرف ماذا سيحدث تمامًا. ولكن هو أخبرنا أنها ستكون أحداث صعبة ولكن لماذا الخوف، ونحن نراه هنا واقفا على البحر والأرض= فهو ضابط الكل لا شيء يحدث هو لا يريده. ونحن في يده وهو يحبنا وهو القوي (راجع الأصحاح الأول).
ونرى هنا في الأصحاح الحادي عشر أحداث النهاية في أورشليم وحرب الوحش ضد الكنيسة، والله يساند كنيسته بشاهدين لهما سلطان على الوحش... ثم النهاية.
والسؤال التقليدي.... لماذا يسمح الله بهذه الحروب الوحشية على كنيسته عروسه إن كان يحبها هكذا؟!!
الإجابة... هي أن نذكر حال الكنيسة في هذه الأيام... ولنراجع ما قيل عن حال كنيسة ساردس وفيلادلفيا ولاودكية. فالكنيسة عروس المسيح هي التي أصابها الفتور وتركت المسيح عريسها. وها هو يؤدبها كما أدب الأب ابنه الضال إذ ترك بيت أبيه فعاد. والله يريد عودة عروسه قبل أحداث النهاية.
البوق السابع: هنا نهاية العالم. وهنا يدخل من كانوا في انتظار هذا اليوم إلى المجد (رؤ 6: 9-11).
نرى هنا صورة تقليدية لحرب إبليس ضد الكنيسة عروس المسيح، بل هو أراد أن يبتلع المسيح رأس الكنيسة المولود كإنسان. لكنه بعد أن مات، قام وصعد للسماء (رؤ 12: 5). وكيف يعد الله لكنيسته مخرجا من كل ضربات هذا العدو، بل يجعل من أتباع العدو من يعين" المرأة " = الكنيسة (رؤ 12: 6). وانتصار الله الدائم عليه (رؤ 12: 10). ونرى هنا في الأصحاح (رؤ 13) تفصيلًا عن أعداء الكنيسة في الأيام الأخيرة. وهما وحشين لهما مواصفات وقوة وحيل إبليس...الحرب الدموية = وحش البحر. وحروب الخداعات = وحش الأرض. وكثيرون إما ينخدعون أو يخافون أو هم وجدوا ضالتهم فيما يقدمه لهم الوحش من تسهيلات للخطايا. لذلك يعلن لنا مسيحنا تفاصيل ما سيحدث بل يرسم هنا صورة لخداعاته ويعطينا علامات لنعرفه ورقمًا 666 يحمل اسمه فنعرفه ولا ننخدع.
صورتين متضادتين بهما يشجعنا عريسنا الغيور علينا أن نَثبُت (رؤ 14: 1-5) فنرى هنا الغالبين مع العريس في السماء. والأخرى إنذارات لمن ما زال لم يتخذ قرارًا بالثبات مع المسيح. ونرى يوم الدينونة الرهيب الذي يفصل فيه ملائكة الله بين القمح والزوان وعقاب الزوان (رؤ 14: 14-20).
لماذا نسمي الخطايا خداعات العدو؟ هو يصور لنا لذة الخطية ويخفي عنا آلامها. أليس هذا ما حدث مع شعب إسرائيل بعد خروجهم من مصر إذ جعلهم الشيطان يتذكرون لذة قدور اللحم. وأنساهم آلام العبودية والسياط.
وهذا ما نراه هنا... لقد انساق الناس وراء الوحش وظنوا أنهم وجدوا فيه تحقيقا لشهواتهم وملذاتهم. ولكن..... نرى الآن لسعات آلام الخطية. فهناك جامات تصب غضب الله على مملكة الوحش، فيمرض الناس وتندر المياه الصالحة للشرب، بل يموت كثيرين وتظلم مملكة هذا الوحش وتحدث حروب رهيبة قبل النهاية.
فالله قدوس وعادل لا يقبل الخطية. هو الذي يعطي النعم والبركات، المياه والطعام والصحة و..... إلخ. فلماذا يعطي كل هذا لخطاة أشرار، إذن لا بُد وأن يمنعها عنهم وإلا يكون راضيًا عما يفعلونه. ولا يمكن أن نجبر الله أن يبارك للأشرار "فالله لا يُشمَخ عليه" (غل6: 7). والله أيضًا في محبته يمنع هذه البركات حتى نكره الخطية فنتوب... فنخلص وهذه هي إرادة الله (1تى2: 4).
والنهاية ستسقط مملكة الشر في العالم ويسميها هنا بابل (19). كما انسحق تمثال نبوخذ نصر الذي رآه في حلمه وهذا التمثال يمثل كل ممالك العالم التي قاومت الله وشعبه، وصارت كعُصافة البيدر فحملتها الريح (دا2: 35) وآخر هذه الممالك هي مملكة الوحش [أي الثامن (رؤ 17: 11)]. وهذا بعينه ما قاله بولس الرسول عن مملكة الوحش (2تس2: 1-11).
وفي الأصحاح (17) يحدد الله زمن مجيء الوحش وقيام مملكته ومن سوف يدعمه ويسانده. ويصور مملكة الشر في العالم عبر العصور بكونها امرأة تحاول أن تغوى عبيد الله على الشر. وهي تستمد قوتها من هؤلاء الملوك الأرضيين الذين سريعًا ما يزولون. وأيضًا سريعًا ما تنتهي كل ممالك الأرض. وتخرب بابل = مملكة الشر.
هنا نرى صورة مؤلمة للخراب المزمع أن يحدث للعالم. وعلى كل مَنْ لا زال متمسكا به واضعا آماله فيه أن يضع هذا الأصحاح أمام عينيه.
نجد هنا عشاءين: أحدهما أعده المسيح لأحبائه ليفرحوا به ويشبعوا به للأبد. والآخر هو نصيب الشيطان ممن قبلوا من يده كل خداعاته.
الآيات 1 -16:- العشاء الأول:- هو لمن فتح الباب للمسيح الذي كان واقفا يقرع عليه [(رؤ3) رسالة لاودكية] وقبل دخول المسيح ونال هذا العشاء على الأرض مع المسيح (= تعزيات المسيح لأحبائه وسط ضيقات هذا العالم). وهذا العشاء الأول هو الشبع بشخص المسيح في السماء.
الآيات 17 -21:- العشاء الثاني:- هو للشياطين (الطيور) التي استولت على الأشرار الذين سبق وأخذوا من يده الخطايا التي عرضها عليهم. (لذلك قال المسيح "رئيس هذا العالم آتٍ وليس له فيَّ شيء" فلقد قال من قبل "مَنْ مِنكم يبكتني على خطية " (يو 8: 46 + يو 14: 30). وكل من يثبت في المسيح يحسب كاملا (كو1: 28). لذلك يطلب المسيح "اثبتوا فيَّ" (يو15: 4). أما من ظل يأخذ من الشيطان فسيكون مديونًا له، وتأتي لحظة الموت فيطلب الشيطان ما له ولن يكون لهذا الإنسان ما يعطيه للشيطان، فيقبض الشيطان عليه ويصبح مِلكا له، وهذا هو عشاءه = الأشرار الذين خدعهم الشيطان سيكونون معه في البحيرة المتقدة بالنار.
هنا نرى أننا الآن في الألف سنة. ورقم 1000 هو رقم السمائيات. وتكون فيها سلطة الشيطان مقيدة. ومع هذا التقييد وضعف الشيطان يسقط كثيرون تاركين المسيح. ونسمع أن الله سيترك الشيطان ويحله من قيده فتزداد قوة إغراءاته على إسقاط الناس. وهذا ليس ليجرب الله الناس، فالله هو فاحص القلوب والكُلى (رؤ2: 23). لكن هذا ليختبر الناس بأنفسهم لسعات سياط الخطية، فأمام إصرار الناس على الخطية غير مصدقين أن الله منعهم عنها لمصلحتهم، فالله يجعلهم يُجرِّبون فيتألموا فيتوبوا فيخلصوا وهذه هي إرادة الله.
هنا نرى السماء حيث يسكن الله وسط شعبه وكنيسته. هنا نصيب كل مَنْ يغلب.
آمين تعال أيها الرب يسوع.
← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22
الفهرس |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير الرؤيا 22 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9t25a4z