علامات نهاية الزمان
وردت هذه العلامات في أناجيل متى ومرقس ولوقا ويستحسن دراستها مجمعة فهي تتكامل معًا لتتضح الصورة.
الآيات (مت24):-" ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَمَضَى مِنَ الْهَيْكَلِ، فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ لِكَيْ يُرُوهُ أَبْنِيَةَ الْهَيْكَلِ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا تَنْظُرُونَ جَمِيعَ هذِهِ؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ ههُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ!». وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلاَمِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟» فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:«انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوب وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا. لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذِهِ كُلُّهَا، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ. لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ. وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ. حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيق وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي. وَحِينَئِذٍ يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى. «فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُب الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا، وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجعْ إِلَى وَرَائِهِ لِيَأْخُذَ ثِيَابَهُ. وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ، لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ. وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ. حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ. «وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ. اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ. وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ الْفُلْكَ، وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ وَأَخَذَ الْجَمِيعَ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. حِينَئِذٍ يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، يُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ. اِثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ عَلَى الرَّحَى، تُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى. «اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ. وَاعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي السَّارِقُ، لَسَهِرَ وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ. فَمَنْ هُوَ الْعَبْدُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الطَّعَامَ فِي حِينِهِ؟ طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا! اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ. وَلكِنْ إِنْ قَالَ ذلِكَ الْعَبْدُ الرَّدِيُّ فِي قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ. فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ الْعَبِيدَ رُفَقَاءَهُ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ السُّكَارَى. يَأْتِي سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لاَ يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لاَ يَعْرِفُهَا، فَيُقَطِّعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ الْمُرَائِينَ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ. "
هنا يتنبأ الرب يسوع أو قل يصدر حكما كديان بإدانة هيكل اليهود. كان كمن ينفض غبار رجليه ضد ذلك البيت وتلك المدينة التي رفضته فتركهم خرابًا (مت10: 14). وهذا ما حدث فقد خربت المدينة والهيكل حتى كان من يرى أثار الخراب يتشكك أن هذا المكان كان به حياة (يوسيفوس المؤرخ اليهودي). ولقد تحدثت كتابات اليهود عن آلام حروب ومجاعات تقع على اليهود، وحالة من الفساد الداخلي لليهود قبل مجيء المسيا، ولكن لم تذكر هذه الكتابات اليهودية أي شيء عن خراب الهيكل أو أن أورشليم سيتم تدميرها. ولكن كانت هناك أصوات قليلة تكلمت عن هذا المصير للهيكل ولكن دون أن يربطوا هذا بمجيء المسيا في مجده. وشبهوا آلام إسرائيل قبل مجيء المسيا بآلام المرأة قبل الولادة. بل تحدثت الكتابات اليهودية عن مجد المسيا المنتظر في الهيكل. وقال آخرون خلال فترة الحصار الأخير بأن الله سينقذ المدينة والهيكل بطريقة إعجازية.
أراء اليهود القدماء:- أن المسيح يولد ولن يعرف معاصريه "من أين هو" وهذا يؤيد ما جاء في (يو7: 27) ويظهر ويؤدي عمله ثم يختفي لمدة 45 يومًا. ثم يظهر ثانية ليدمر أعداءه "أدوم والقوة الرومانية التي هي الوحش الرابع في نبوة دانيال، وقال بعض الربيين لا بل هم أولاد إسماعيل". ويفدي إسرائيل ويجمعهم من كل أنحاء المسكونة بإعجاز إلى أرضهم بشرط توبتهم. وبحسب المدراش فكل إسرائيلي مختون سيفرج عنه من جهنم ويقوم الأموات بحسب السلطة الممنوحة للمسيا من الله ليقيم الأموات. ويقوم الأموات الذين ماتوا ودفنوا في أرض إسرائيل، هؤلاء يقومون في أرض إسرائيل، ومن مات خارجها يتدحرج بآلام شديدة في ممرات تحت الأرض ليصل إلى أرض إسرائيل ويقوم فيها. المهم أن الكل سيقومون في أرض فلسطين. ويصاحب هذا إعلان بصوت البوق العظيم. لكننا نجد أفكارا عجيبة عن مجيء المسيا بعضها بتفسير عجيب للنبوات وبعضها لا يدري أحد مصدرها. ولهم أراء عجيبة عن اختفاء المسيح ثم ظهوره ليسود سلام ويختفي الموت وتصبح إسرائيل سيدة العالم كله وتحل مكان الدولة الرومانية. وتبنى أورشليم بحجارة ضخمة يقتلعها الملائكة ويزينون أورشليم بحجارة كريمة.
ووسط كل هذه الأفكار كان سؤال التلاميذ للرب عن هذه الأيام.
الآيات (1-2): "ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَمَضَى مِنَ الْهَيْكَلِ، فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ لِكَيْ يُرُوهُ أَبْنِيَةَ الْهَيْكَلِ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «أَمَا تَنْظُرُونَ جَمِيعَ هذِهِ؟ اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يُتْرَكُ ههُنَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ!»"
ثم خرج يسوع ومضى من الهيكل= هو خرج من الهيكل ليتركه لهم خرابًا إذ هم نجسوه. وبعد أن أصدر حكمه المخيف بالويلات عليهم (ص23). وكان اليهود يفتخرون بجمال الهيكل= فتقدم تلاميذه لكي يروه أبنية الهيكل. ولكن ما قيمة جمال المباني والرب قد خرج. وبنفس المفهوم تكلم حزقيال قبل خراب الهيكل الأول على يد نبوخذ نصًّر (حز18:10-19+ 22:11-23). وهكذا هيكل الجسد إن فارقه روح الرب يباغته روح نجس (1صم14:16) لذلك نصلي "روحك القدوس لا تنزعه مني" (مز11:51) فنحن هيكل الله والروح القدس يسكن فينا (1كو16:3). وكان اليهود يتطلعون للهيكل بكونه علامة ملكهم، وعظمة أبنيته علامة عظمتهم، لهذا أراد التلاميذ بفخر أن يُروا السيد عظمة الهيكل. ولكن السيد تنبأ لهم بأن لا يترك ههنا حجر على حجر لا ينقض. وكان هذا لأن اليهود اهتموا بعظمة الهيكل الخارجية وتركوا تطهير قلوبهم (أر4:7). وكان هدم الهيكل القديم إعلانًا لبدء بناء الهيكل الجديد أي الكنيسة (أر10:1). وهذا ما يعمله الروح القدس في سر المعمودية أنه يحطم الإنسان العتيق ليقيم فينا الإنسان الجديد الذي هو على صورة خالقنا. وكان الهيكل عظيمًا بالفعل، فالهيكل نفسه كان صغيرًا، أمّا صالاته وأروقته وأبراجه التي كانت تحيط به جعلته من أعظم المباني الفخمة في العالم. استخدمت فيه حجارة يزيد طولها على 20 قدم. وصفوف أعمدته التي قطعت من الرخام المجزع يتكون كل منها من قطعة واحدة طول كل منها أكبر من 37 قدم في ارتفاعها. له ثمانية أبواب بعضها مطلي بالذهب والبعض الآخر بالفضة. والتاسع واسمه باب الجميل مُغَطَّى بالنحاس الجميل بصورة مدهشة. وكل هذا الجمال حطَّمه تيطس سنة 70 م. ثم أراد يوليانوس الجاحد أن ينقض هذه النبوة فرفع الأساس القديم وأحضر مواد بناء جديدة فخرجت نار والتهمت الكل فكان أن يوليانوس تمم النبوة بالأكثر إذ رفع الأساس.
آية (3): "وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تَقَدَّمَ إِلَيْهِ التَّلاَمِيذُ عَلَى انْفِرَادٍ قَائِلِينَ: «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ عَلاَمَةُ مَجِيئِكَ وَانْقِضَاءِ الدَّهْرِ؟»"
من على جبل الزيتون يظهر الهيكل واضحًا. والتلاميذ في إعجاب أشاروا للسيد عليه، فقال لهم أنه سيخرب. أخطأ التلاميذ إذ ظنوا أن خراب الهيكل هو علامة على نهاية العالم. ولم يفهموا أنه لا بُد ويخرب علامة على انتهاء العهد اليهودي وأنه يبطل لتبدأ الكنيسة. وكان لا بُد لقيام الكنيسة أن يقوم المسيح، ولكي يقوم المسيح لا بُد وأن يموت أي يُهدم هيكله الجسدي (يو18:2-21). ولقد عبر التلاميذ بسؤالهم عما يدور في أذهان كل البشر عن اشتياقهم لمعرفة المستقبل. ولكن السيد لم يحدد أزمنة مكتفيًا بتقديم العلامات حتى لا يخدعهم المسحاء الكذبة. وما هي علامة مجيئك وانقضاء الدهر= التلاميذ كانوا مقتنعين أن يسوع هو المسيا، وكانوا متوقعين مجده المستقبل في نهاية العالم ليُدْخِل العصر المسياني الأبدي.
تصف النبوات عادة حادثًا قريبًا وترمز بهذا الوصف إلى أحداث بعيدة وهكذا جاءت نبوات المسيح هنا لتصف خراب أورشليم على يد تيطس وفي نفس الوقت تشير لأحداث بعيدة أي نهاية العالم. والرب تنبأ عن كلاهما فامتزجت النبوتان. خصوصًا أن سؤال التلاميذ كان خطأ فهم سألوا عن علامات خراب الهيكل ونهاية العالم وكان اعتقادهم الخاطئ أن الحدثين هم حدث واحد ولذلك جاءت نبوات المسيح هنا بطريقة مدهشة لكلا الحدثين فهي متفقة مع خراب أورشليم القريب ومع أحداث نهاية العالم في المستقبل البعيد. لذلك علينا أن نفهم كيف نطبق النبوة في كل حدث.
الآيات (4-5): "فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ: «انْظُرُوا! لاَ يُضِلَّكُمْ أَحَدٌ. فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: أَنَا هُوَ الْمَسِيحُ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ."
العلامة الأولى:- وهي قيام المضلين والمسحاء الكذبة. فاليهود رفضوا المسيح الحقيقي، وكانوا في انتظار مسيح آخر، وهذا دفع البعض أن يدعوا أنهم هم المسيح ويخدعوا الناس بعجائب كاذبة كما فعل سيمون الساحر، وهذا حدث فعلًا قبل خراب الهيكل وسيتكرر في نهاية الأيام.
الآيات (6-8): "وَسَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا. لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذِهِ كُلُّهَا، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ. لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ. وَلكِنَّ هذِهِ كُلَّهَا مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ."
العلامة الثانية والثالثة:- حروب/ مجاعات وأوبئة وزلازل. لا عجب أن يسبق مجيء المسيح كل هذه الآلام فعدو الخير كلما يدرك أن الرب قد اقترب مجيئه تزداد حربه ضد المؤمنين لكي يقتنص منهم بقدر ما يستطيع، ولهذا يطلب المسيح أن نسهر فنزداد قوة على احتمال هذه الآلام. فهدف عدو الخير من إثارة الحروب والأوبئة.. إلخ هو إثارة رعب المؤمنين فيرتبكون خائفين على حياتهم الزمنية ولكن من يرتبك يخسر أفراحه خاصة الفرح بمجيء المسيح والمجد المنتظر. وهذا ما حدث قبل خراب أورشليم أيضًا أن كانت هناك حروب كثيرة وأخبار حروب.
الآيات (9-10): "حِينَئِذٍ يُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى ضِيق وَيَقْتُلُونَكُمْ، وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنْ جَمِيعِ الأُمَمِ لأَجْلِ اسْمِي. وَحِينَئِذٍ يَعْثُرُ كَثِيرُونَ وَيُسَلِّمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَيُبْغِضُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا."
العلامة الرابعة:- الحرب التالية التي سيثيرها عدو الخير هي الاضطهاد لأولاد الله، فيرتد كثيرين من الذين كانت علاقتهم بالله علاقة سطحية بلا عمق مثل النباتات التي بلا جذور هذه تحترق من الشمس إذ لا تجد ماءً يرويها فهي بلا جذور عميقة، ومن لهم عمق في حياتهم الروحية يعطيهم الروح القدس التعزية. والمرتدون من المؤمنين يسلمون إخوتهم المؤمنين، ربما من خوفهم وربما غيرة وحسد. وربما لنقص المحبة في تلك الأيام. وربما من كثرة الضيقات مع عدم وجود تعزية (للأشرار) ما عاد أحد يحتمل إخوته (يع9:5).
الآيات (11-14): "وَيَقُومُ أَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ كَثِيرُونَ وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. وَلِكَثْرَةِ الإِثْمِ تَبْرُدُ مَحَبَّةُ الْكَثِيرِينَ. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. وَيُكْرَزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ هذِهِ فِي كُلِّ الْمَسْكُونَةِ شَهَادَةً لِجَمِيعِ الأُمَمِ. ثُمَّ يَأْتِي الْمُنْتَهَى."
العلامة الخامسة والسادسة:- لقد بدأ عدو الخير بخلق جو عام قابض من حروب وزلازل.. إلخ. ليسحب المؤمن من الحياة الداخلية العميقة ثم يصوب إليه حربًا شخصية من اضطهاد لأجل المسيح ثم نجد هنا الهجوم على الإيمان والعقيدة لتنحرف بعيدًا عن مسار الملكوت. مثل ظهور أنبياء كذبة كما حدث فعلًا بعد صعود المسيح وحتى خراب أورشليم فقد ظهر مسحاء كذبة كثيرين جمعوا حولهم أتباعًا كثيرين. وفي أيامنا الأخيرة ظهرت مئات البدع والفلسفات الملحدة المضللة التي تشكك في الله، بل وفلسفات تتستر تحت رداء الدين. وثمار هذه الفلسفات والبدع الارتداد والفتور وتبرد محبة الكثيرين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولقد تعاظم الشر قبل خراب أورشليم وزادت جاذبية الشر ممّا أضعف احتمال الكثيرين عن احتمالهم للاستشهاد. إذًا فالعلامة السادسة هي الارتداد والفتور أمّا السابعة أن تصل الشهادة للجميع. وقبل خراب أورشليم كان التلاميذ قد وصلوا فعلًا إلى غالبية العالم المعروف.
آية (15): "«فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ قَائِمَةً فِي الْمَكَانِ الْمُقَدَّسِ لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ-"
في العبارات السابقة حدثنا السيد عن نهاية الهيكل وخراب أورشليم بطريقة خفية، أما هنا فيتحدث علانية. والمسيح هنا يدعوهم لقراءة سفر دانيال (دا 27:9+ 11:12). ليتأكدوا من توقف الذبيحة وبالتالي من خراب الهيكل. رجسة الخراب= هناك عدة آراء بخصوصها:-
1. تشير للجيوش الرومانية الجبارة ومعها أصنامها التي أحاطت بأورشليم لتخربها وهذا ما أشار إليه الرب نفسه (لو20:21) في المكان المقابل في إنجيل لوقا. ونلاحظ أن الجيش الروماني حاصر أورشليم فترة ثم رأى تيطس أن أورشليم هذه لا تستحق تعطيل الجيوش الرومانية كل هذه الفترة فقرر أن يقوم بمحاولة أخيرة وإذا فشلت ينسحب. وفي ذات ليلة تسلل بعض الجنود الرومان من على أسوار أورشليم ودخلوا إلى الهيكل الملاصق للسور ووضعوا النسر الروماني على الهيكل فتنبه اليهود وطردوهم فانسحب تيطس. واستيقظ المسيحيين صباحًا ليجدوا النسر الروماني على الهيكل (وهذا نجاسة في المكان المقدس أي الهيكل) فتذكروا هذه الآية ونفذوا ما بعدها إذ هربوا من أورشليم فورًا إلى الجبال المحيطة بأورشليم وإلى لبنان وإلى بلدة اسمها بيلا. أما اليهود فأقاموا الاحتفالات بهروب الرومان. ولكن ما حدث أن تيطس بعد مسيرة ساعات قليلة تقابل مع نجدة رومانية بأوامر من قيصر أن يدمر أورشليم فعاد ثانية لحصارها وكان حصارًا بشعًا وصل أن أكلت الأمهات أطفالهن. ثم قتل تيطس 1.2مليون، أمّا المسيحيين فنجوا. وهكذا حال النبوات لا يمكن فهمها إلاّ حين يكون لها فائدة، ويأتي وقت تنفيذها.
2. تشير هذه الرجسة إلى ما سيحدث أيام ضد المسيح أو الوحش (الدجال)، والسيد أعطانا علامات كاملة عن هذا الدجال لنكتشفه. ويسميه السيد رجسة لأنه يأتي ضد الله ويدَّعي أنه الله، وينشر رجاساته في كل مكان وبسرعة، وهو سيدمر الأرض بالحروب والقتل. وسيقبله اليهود ويأخذونه إلى الموضع المقدس الذي يصلون فيه. والله يطلب من شعبه أن يهرب إلى الجبال أيضًا في هذه المرة. ولكن كما قلنا فالنبوة لن نفهم كيف ننفذها إلاّ في حينه (رؤ12: 6) وهنا يشير لموضع مُعَّدٌ في البرية حيث يعول الله الهاربين. ليفهم القارئ= يا من تقرأ إفهم وإهرب. وهذا ما حدث سنة 70 م. وسيتكرر في نهاية الأيام. علينا أن نحفظ ما هو مكتوب في الكتاب المقدس فكله إرشادات ماذا نعمل وإلى أين نذهب في تلك الأيام، وسنفهم المعاني في حينه.
3. رجسة الخراب التي قال عنها دانيال النبي:-
And for the overspreading of abominations he shall make it desolate
والمعنى أن الخراب التام آتٍ لا محالة إذ أن الرجاسات قد انتشرت على مدى واسع. وقوله " على جناح" في العربية فهي تشير لسرعة الانتشار. فكانت عند القدماء الطيور بأجنحتها هي رمز للسرعة وقال هذا ملاخي النبي عن سرعة انتشار الإيمان بالمسيح " تشرق شمس البر وفي أجنحتها الشفاء" (ملا 4: 2) ومعني كل هذا أن علامة واضحة للخراب الآتي هو انتشار الرجاسات والخطية في العالم. وهذا ما نراه الآن. وهذا ما حدث قبل خراب أورشليم سنة 70 م. فلقد قام ثوار ضد الرومان واحتلوا الهيكل وجعلوه مركزا لهم وارتكبوا في الهيكل كل أعمال الفوضى والزنا وقتلوا الكهنة، وقتلوا الرومان. وبسبب هذا أحاطت الجيوش الرومانية بقيادة تيطس بأورشليم ودمرتها.
الآيات (16-20): "فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُب الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا، وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجعْ إِلَى وَرَائِهِ لِيَأْخُذَ ثِيَابَهُ. وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ وَلاَ فِي سَبْتٍ،"
عاد الجيش الروماني لحصار أورشليم بعد ساعات يقدرها البعض بحوالي 6 ساعات من انسحابه، فلو حدث أي تباطؤ من أي مسيحي في تنفيذ ما طلبه المسيح بالهروب لكان قد قاسَى آلام الحصار ثم هلك مع اليهود. والمسيح طلب من المؤمنين في أورشليم أن يتركوها إلى الجبال فالرومان سيدمروها تمامًا. والذي على السطح فلا ينزل ليأخذ من بيته شيئًا= فكانت درجات سُلَّمْ البيوت تعمل من الخارج على جوانب البيت. ولا وقت لدخول البيت ليأخذوا أمتعة تعوقهم. والذي في الحقل فلا يرجع إلى ورائه ليأخذ ثيابه= والثياب المقصود بها الرداء الخارجي. وويلٌ للحبالى= فهن لن يستطعن أن يسرعوا في الهرب. وصلوا لكي لا يكون هربكم في شتاء ولا في سبت ففي الشتاء يكون الجو باردًا والنهار قصير. وفعلًا كان هروبهم في الربيع. واليهود حددوا أقصى مسافة للسير يوم السبت بألفي خطوة أي نحو ميلين. والمعنى أن صلوا حتى لا تكون أمامكم عوائق تمنع هربكم. ممّا سبق نرى أن السيد المسيح يرسم صورة واضحة لكل مؤمن تشير لضرورة هربه في أسرع وقت وبلا إبطاء. وهذا الكلام له مفهوم روحي ينطبق على الأيام الأخيرة التي نبه السيد في آية (12) أن فيها ستبرد محبة الكثيرين. فكيف لا تبرد محبة المؤمنين، هنا نجد الإجابة
الذين في اليهودية=
(المؤمنين في الكنيسة)، |
يهربوا للجبال=(يطلبوا
أن يعيشوا في السماويات)
والمرضعات=(من
يكونوا سبب عثرة للآخرين) |
الآيات (21-22): "لأَنَّهُ يَكُونُ حِينَئِذٍ ضِيقٌ عَظِيمٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْعَالَمِ إِلَى الآنَ وَلَنْ يَكُونَ. وَلَوْ لَمْ تُقَصَّرْ تِلْكَ الأَيَّامُ لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ تُقَصَّرُ تِلْكَ الأَيَّامُ."
هذا يتفق مع (دا 1:12+ يؤ2:2). وفي حصار أورشليم، كانت المجاعة قد وصلت أن أكلت الأمهات أبنائهن وانتشرت الأوبئة من الجثث المتعفنة. هذا غير الصراعات الداخلية ضد بعضهم. ولقد قُتِلَ نحو 2مليون يهودي ما بين المجاعة وبين سيف تيطس وبيع حوالي مليون كعبيد. ولكن لأجل المختارين تقصر تلك الأيام= لعل بعض اليهود بسبب هذه الضيقات آمنوا بالمسيح، ولأجلهم أنقص الله مدة الحصار الذي كان حوالي 5أشهر. وقيل أن تيطس نسب نجاحه إلى معونة إلهية.
وفي الأيام الأخيرة سيصنع الدجال سمة لأتباعه (رؤ16:13) ولا يقدر أحد أن يشتري أو يبيع إلاّ من له هذه السمة. وستكون ضيقة عظيمة، لذلك فستهرب الكنيسة التي رفضت السمة إلى البرية. لم يخلص جسد= كما هلك كثيرين أيام تيطس بسيفه، هكذا في الأيام الأخيرة سيثير الوحش إضطهادًا دمويًا ضد الكنيسة. وهذا نراه في مواصفات الوحش ودمويته (رؤ13: 2، 7، 15، 17) . والله سيقصر الأيام= حتى لا ييأس أولاده.
الدجال هو اسم الشهرة ولكنه اسم خاطئ، والإسم الدقيق هو ضد المسيح ANTI CHRIST. أو الوحش.
الآيات (23-27): "حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ وَيُعْطُونَ آيَاتٍ عَظِيمَةً وَعَجَائِبَ، حَتَّى يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ. فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ: هَا هُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ! فَلاَ تَخْرُجُوا. هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. لأَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ، هكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ."
انتشر الأنبياء الكذبة قبل خراب أورشليم سنة 70 م. وسوف يوجدون بكثرة في أيام ضد المسيح. والمسيح يحذرنا حتى لا ننخدع بهم، فهم سيفعلون عجائب بواسطة عدو الخير، لذلك علينا أن لا ننخدع بالعجائب ونجري وراءها، فالشيطان قادر على عمل عجائب (رؤ13:13-15). ها هو في البرية= يدعو أتباعه للاجتماع به، ويلتف حوله كثيرون. يدَّعي صورة التقوى. والبرية أي في العلن. ها هو في المخادع= يتسلل للقلب عن طريق نشر أفكاره الخبيثة سرًا. إذًا البرية والمخادع= أي لا تصدقوه إن أتى علنًا أو سرًا. ولكن نفهم أن البرية تشير للحياة القفرة من الإيمان والخروج عن إيمان الكنيسة. أما المخادع فتعني العمل في الظلمة بعيدًا عن نور الحق.
والمسيح لن يأتي في مجيئه الثاني هكذا سرًا بل كالبرق= [1] هو نور [2] لا يحتاج إلى من يعلن عنه بل يُنظر في لحظة في العالم كله [3] يأتي من السماء [4] يأتي فجأة [5] مجيئه الثاني لن يكون معه آيات أو معجزات بل سيأتي في الأعالي من السماء يشرق على كل المسكونة ليحملنا من أرجاء العالم ويرفعنا للسماء، وليدين كل العالم.
آية (28): "لأَنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الْجُثَّةُ، فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ."
لأنه حيثما تكن الجثة فهناك تجتمع النسور= هي نبوة عن خراب أورشليم السريع حيث أسرع الجنود الرومان (وكان رمز الدولة الرومانية هو النسر) نحو فريستهم من اليهود، فاليهود صاروا في نظر الله جثة وعليهم أن لا ينتظروا مخلصًا لهم فقد عينهم الله للهلاك، فصاروا كجثة في نظر الله وهذه الجثة سيلتهمها نسور الرومان سريعًا، وهذا ما سيحدث في الأيام الأخيرة حيث يكون الأشرار كجثة تشبع من لحومها الجوارح (رؤ17:19-21). وهذا ما قيل أيضًا عن جيوش الأشرار التي تحارب شعب الله في الأيام الأخيرة (حز17:39-20). فالوحش وكل تابعيه ما هم إلا جثة في نظر الله بسبب شرورهم وبسبب قبولهم لعمل الشيطان فيهم. والنسور هنا هم الملائكة الذين سيأتون مع المسيح (مت31:25). ولاحظ قوله لأنه وسبق قوله أن المسيح سيأتي كالبرق. إذًا المعنى أن المسيح سيأتي لأنه أعطى كل واحد فرصته، فمن بحريته اختار أن يكون جثة تعمل بها الشياطين، يدينه المسيح وتهجم عليه النسور. كأن الله يقول كفى هجومًا على كنيستي.
آية (29): "«وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ، وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ."
هذه الأمور ستتحقق بلا شك حرفيًا قبل مجيء السيد المسيح الأخير، وإننا نسمع اليوم عن بعض الإنفجارات الشمسية وإظلام أجزاء منها (بقع شمسية) وهذا سيتزايد في فترة الدجال. ونحن نعلم أن الأرض وسماء الكواكب التي حولنا ستزول صورتها الحالية لتظهر الصورة الجميلة التي ستكون للأرض الجديدة والسماء الجديدة التي سيكون رب المجد شمسها (رؤ1:21+ 5:22 + رو 8: 21). وروحيًا فالشمس تشير للمسيح، والقمر للكنيسة والنجوم هم جبابرة الكنيسة وقادتها. وفي أيام ضد المسيح حين تبرد محبة الكثيرين فإن نور الإيمان ينطفئ وكثير من القادة والجبابرة يسقطون ويعملون لحسابه، وإذ يرتد كثيرون عن الإيمان فإن نور القمر ينطفئ. وكل خاطئ الآن يقبل أفكار العالم ينطفئ نور الإيمان في قلبه. وفي هذا التفسير الروحي يكون معنى تظلم الشمس= المسيح لم يعد معروفًا فالهرطقات والخطايا شوهت المعرفة. والقمر أي كنائس كثيرة ما عادت منارات للناس، ببساطة لان القمر لا يضيء من نفسه بل من نور الشمس ، فان كانت هذه الكنائس ما عادت تعرف المسيح المعرفة الصحيحة فكيف تضئ للآخرين.
الآيات (30-31): "وَحِينَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِي السَّمَاءِ. وَحِينَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ، وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَاب السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوق عَظِيمِ الصَّوْتِ، فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا."
هذه عن الأيام الأخيرة فبعد ما سبق يأتي المسيح للدينونة وسط موكب ملائكي. والملائكة تجمع القديسين لمكانهم في السماء. وستظهر في السماء علامته قبل مجيئه وهي علامة الصليب. فيفرح المؤمنون الذين كانوا يشتهون هذه اللحظة "كما قال القديس يوحنا آمين تعال أيها الرب يسوع" أما غير المؤمنين فينوحون= حينئذ تنوح جميع قبائل الأرض= وأسماهم قبائل الأرض إذ هم عاشوا يبحثون عن لذات الأرض وهذا في مقابل المؤمنين الذين عاشوا حياتهم على الأرض وكأنهم في السماء (أف6:2) فهم الآن سيكملون أفراحهم السماوية. والسحاب يشير إمّا للقديسين الذين يأتون مع المسيح (عب1:12+ أش1:19) وهذه الأخيرة عن العذراء مريم. وإمّا يشير لاحتجاب مجده عن الأشرار (أع9:1-11). أي السحاب يحجب مجد المسيح عن الأشرار كما يحجب السحاب نور الشمس.
الآيات (32-34): "فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقَهَا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذَا كُلَّهُ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ."
هذه الأقوال يقولها المسيح يوم الثلاثاء صباحًا.وقد توجه إلى الهيكل صباحًا مع تلاميذه وفي الطريق رأوا التينة اليابسة والتي كانت علامة على نهاية الدولة اليهودية، وحينما رآها التلاميذ تعجبوا. والآن ومازالت هذه القصة في أذهانهم تثير تساؤلاتهم نجد المسيح يشير مرة أخرى إلى شجرة التين أنها لا بُد وستعود للاخضرار قبل نهاية العالم، إشارة لأن اليهود سيعودون ويكونون ثانية مملكتهم استعدادًا لقبولهم ضد المسيح وسيكون قبولهم له خرابًا لهم ولدولتهم ولأورشليم ثانية (إذًا هذه العلامات لخراب أورشليم تنطبق على خرابها لأول مرة سنة 70 م. على يد تيطس وخرابها نهائيًا في أيام نهاية العالم). ولكن تجمع اليهود سيكون له هدف آخر، أن هناك بقية مؤمنة ستدرك مع الأحداث أن المسيح الذي رفضوه وصلبوه هو المسيا المنتظر فيؤمنوا به، وأن ضد المسيح هذا هو الشر نفسه مجسدًا، فيرفضوه ويكون إيمان اليهود هو علامة النهاية (رو25:11-26). إلاّ أننا أيضًا يمكن أن نفسر قول المسيح هنا، أنه كما تعرفون أن الصيف قريب إذا لاحظتم أن أوراق شجرة التين تصبح خضراء، فأنتم سيمكنكم أن تميزوا النهاية من العلامات التي أعطيتها لكم. الصيف= الضيقة العظيمة (آية21).
لا يمضي هذا الجيل
= الجيل يقدر بحوالي 40-50 سنة. وهذه الآية خاصة بخراب أورشليم. ولقد خربت أورشليم فعلًا بعد المسيح بحوالي 37 سنة، وربما يشير هذا إلى إنقضاء سنوات قليلة بعد تكوين أورشليم والدولة اليهودية في نهاية الأزمان ليأتي ضد المسيح إليها كعلامة للنهاية، والجيل الذي رأى تكوين إسرائيل أو عودة إسرائيل للوجود سيرى نهايتها، كما أن الجيل الذي رأى المسيح رأى خراب أورشليم على يد تيطس.الآيات (35-36): "اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ."
المعنى أنه لا يصح أن نجهد أنفسنا في تحديد السنة أو الشهر الذي يأتي فيه المسيح، فالمسيح لا يريد أن يعلنه فالمسيح يعلن وينفذ ما يريده الآب، ولكن الإرادة واحدة والمعرفة واحدة. فلنتضع ولا نحاول أن نعلم ما أغلق المسيح معرفته على الإنسان. وما طلبه المسيح منّا بدلًا من تحديد الأزمنة هو أن نسهر وتكون مستعدين (42، 44) وأن لا ننخدع بأي ضلالة خارج الكنيسة.
الآيات (37-39): "وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. لأَنَّهُ كَمَا كَانُوا فِي الأَيَّامِ الَّتِي قَبْلَ الطُّوفَانِ يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَتَزَوَّجُونَ وَيُزَوِّجُونَ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ نُوحٌ الْفُلْكَ، وَلَمْ يَعْلَمُوا حَتَّى جَاءَ الطُّوفَانُ وَأَخَذَ الْجَمِيعَ، كَذلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ."
الطوفان أتى فهلك الأشرار ونجا نوح وهكذا ستأتي أحداث النهاية فيهلك الأشرار وينجو كل من يوجد في الكنيسة (الفلك) ثابتًا مؤمنًا. ونلاحظ أن الأكل والشرب والزواج ليسوا في حد ذاتهم شرًا. ولكن المقصود أن من يستغرقه العالم بشهواته وينسى الله والدينونة يهلك (في19:3+ رو18:16+ تي12:1+ رو17:14).
الآيات (40-41): "حِينَئِذٍ يَكُونُ اثْنَانِ فِي الْحَقْلِ، يُؤْخَذُ الْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ الآخَرُ. اِثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ عَلَى الرَّحَى، تُؤْخَذُ الْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ الأُخْرَى."
والمقصود أن واحد يؤخذ للمجد، وواحد للدينونة. قد يكون اثنان أصدقاء. ولكن أحدهما يحيا في قداسة، في السماويات، والآخر يحيا في الشر تستغرفه هموم الأرض وغناها، فهو من قبائل الأرض (آية30) وحينما تأتي هذه الساعة يفترق كلٌ منهما للأبد. فهما أمام العالم سِيَّان من ناحية المظهر ولكنهم في طبيعتهم الروحية مختلفان. إذًا لنسهر ونهتم بحياتنا الروحية فهي التي تحدد مصيرنا.
الآيات (42-51): "«اِسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ فِي أَيَّةِ سَاعَةٍ يَأْتِي رَبُّكُمْ. وَاعْلَمُوا هذَا: أَنَّهُ لَوْ عَرَفَ رَبُّ الْبَيْتِ فِي أَيِّ هَزِيعٍ يَأْتِي السَّارِقُ، لَسَهِرَ وَلَمْ يَدَعْ بَيْتَهُ يُنْقَبُ. لِذلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ. فَمَنْ هُوَ الْعَبْدُ الأَمِينُ الْحَكِيمُ الَّذِي أَقَامَهُ سَيِّدُهُ عَلَى خَدَمِهِ لِيُعْطِيَهُمُ الطَّعَامَ فِي حِينِهِ؟ طُوبَى لِذلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُ يَجِدُهُ يَفْعَلُ هكَذَا! اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ يُقِيمُهُ عَلَى جَمِيعِ أَمْوَالِهِ. وَلكِنْ إِنْ قَالَ ذلِكَ الْعَبْدُ الرَّدِيُّ فِي قَلْبِهِ: سَيِّدِي يُبْطِئُ قُدُومَهُ. فَيَبْتَدِئُ يَضْرِبُ الْعَبِيدَ رُفَقَاءَهُ وَيَأْكُلُ وَيَشْرَبُ مَعَ السُّكَارَى. يَأْتِي سَيِّدُ ذلِكَ الْعَبْدِ فِي يَوْمٍ لاَ يَنْتَظِرُهُ وَفِي سَاعَةٍ لاَ يَعْرِفُهَا، فَيُقَطِّعُهُ وَيَجْعَلُ نَصِيبَهُ مَعَ الْمُرَائِينَ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ."
الرب يدعونا أن نستعد لمجيئه كعبد ينتظر سيده. ويدعو رسله وخدامه أن يكونوا أمناء على ما تسلموه من وزنات. ولنلاحظ أن كل مالنا هو أمانة إستودعها الله لنا وما نحن سوى وكلاء ولا بُد أن نكون أمناء. وأمّا من يحسب ما عِنَدهُ ملكًا له وإنغمس في ملذاته بدعوى أن من حقه أن يستمتع بما عنده فمثل هذا يُحَسبْ غير أمينًا فيما ائتمنه الله عليه. العبد الحكيم= هو من يستعد لأبديته. لا يدع بيته ينقب= كانت حيطان البيوت تبنى من الطين المجفف أي الطوب اللبن، أي تبنى وتترك حتى تجف، ولذلك كان من عادة اللصوص أن ينقبوا الحيطان ويدخلوا. المطلوب منّا قبل أن نهتم بزيادة مواردنا المالية والاهتمام بصحتنا ومستقبلنا على هذه الأرض أن نهتم بمستقبلنا السماوي وننمو روحيًا وتزداد ثمارنا الروحية، وهذا لا يلغي ذاك ولكن الأولوية لحياتنا الأبدية. فيوم مغادرة العالم يأتي فجأة= السارق. السهر= الانتباه لخلاص النفس بالتوبة. والجهاد بطول العشرة مع الله لتنمو محبتنا لله. فلنسأل أنفسنا كل لحظة... ماذا لو أتى المسيح الآن.. هل أنا مستعد.. وهذا هو السهر. هزيع= اليهود يقسمون الليل إلى أربع أقسام، كل قسم= 3 ساعات ويسمونه هزيع. ويبدأ الهزيع الأول الساعة 6 مساءً.
" وَفِيمَا هُوَ خَارِجٌ مِنَ الْهَيْكَلِ، قَالَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ تَلاَمِيذِهِ: «يَا مُعَلِّمُ، انْظُرْ! مَا هذِهِ الْحِجَارَةُ! وَهذِهِ الأَبْنِيَةُ!» فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ:«أَتَنْظُرُ هذِهِ الأَبْنِيَةَ الْعَظِيمَةَ؟ لاَ يُتْرَكُ حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ». وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تُجَاهَ الْهَيْكَلِ، سَأَلَهُ بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ عَلَى انْفِرَادٍ: «قُلْ لَنَا مَتَى يَكُونُ هذَا؟ وَمَا هِيَ الْعَلاَمَةُ عِنْدَمَا يَتِمُّ جَمِيعُ هذَا؟» فَأَجَابَهُمْ يَسُوعُ وَابْتَدَأَ يَقُولُ:«انْظُرُوا! لاَ يُضِلُّكُمْ أَحَدٌ. فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: إِنِّي أَنَا هُوَ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ. فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَبِأَخْبَارِ حُرُوبٍ فَلاَ تَرْتَاعُوا، لأَنَّهَا لاَبُدَّ أَنْ تَكُونَ، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ. لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ، وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ زَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَاضْطِرَابَاتٌ. هذِهِ مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ. فَانْظُرُوا إِلَى نُفُوسِكُمْ. لأَنَّهُمْ سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَتُجْلَدُونَ فِي مَجَامِعَ، وَتُوقَفُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ، مِنْ أَجْلِي، شَهَادَةً لَهُمْ. وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَزَ أَوَّلًا بِالإِنْجِيلِ فِي جَمِيعِ الأُمَمِ. فَمَتَى سَاقُوكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ، فَلاَ تَعْتَنُوا مِنْ قَبْلُ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ وَلاَ تَهْتَمُّوا، بَلْ مَهْمَا أُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَبِذلِكَ تَكَلَّمُوا. لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلِ الرُّوحُ الْقُدُسُ. وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ. وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنَّ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ، قَائِمَةً حَيْثُ لاَ يَنْبَغِي. لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، وَالَّذِي عَلَى السَّطْحِ فَلاَ يَنْزِلْ إِلَى الْبَيْتِ وَلاَ يَدْخُلْ لِيَأْخُذَ مِنْ بَيْتِهِ شَيْئًا، وَالَّذِي فِي الْحَقْلِ فَلاَ يَرْجِعْ إِلَى الْوَرَاءِ لِيَأْخُذَ ثَوْبَهُ. وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! وَصَلُّوا لِكَيْ لاَ يَكُونَ هَرَبُكُمْ فِي شِتَاءٍ. لأَنَّهُ يَكُونُ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ ضِيقٌ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ مُنْذُ ابْتِدَاءِ الْخَلِيقَةِ الَّتِي خَلَقَهَا اللهُ إِلَى الآنَ، وَلَنْ يَكُونَ. وَلَوْ لَمْ يُقَصِّرِ الرَّبُّ تِلْكَ الأَيَّامَ، لَمْ يَخْلُصْ جَسَدٌ. وَلكِنْ لأَجْلِ الْمُخْتَارِينَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمْ، قَصَّرَ الأَيَّامَ. حِينَئِذٍ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: هُوَذَا الْمَسِيحُ هُنَا! أَوْ: هُوَذَا هُنَاكَ! فَلاَ تُصَدِّقُوا. لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، لِكَيْ يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا. فَانْظُرُوا أَنْتُمْ. هَا أَنَا قَدْ سَبَقْتُ وَأَخْبَرْتُكُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ. «وَأَمَّا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ بَعْدَ ذلِكَ الضِّيقِ، فَالشَّمْسُ تُظْلِمُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ، وَنُجُومُ السَّمَاءِ تَتَسَاقَطُ، وَالْقُوَّاتُ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابٍ بِقُوَّةٍ كَثِيرَةٍ وَمَجْدٍ، فَيُرْسِلُ حِينَئِذٍ مَلاَئِكَتَهُ وَيَجْمَعُ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ، مِنْ أَقْصَاءِ الأَرْضِ إِلَى أَقْصَاءِ السَّمَاءِ. فَمِنْ شَجَرَةِ التِّينِ تَعَلَّمُوا الْمَثَلَ: مَتَى صَارَ غُصْنُهَا رَخْصًا وَأَخْرَجَتْ أَوْرَاقًا، تَعْلَمُونَ أَنَّ الصَّيْفَ قَرِيبٌ. هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَاعْلَمُوا أَنَّهُ قَرِيبٌ عَلَى الأَبْوَابِ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ هذَا كُلُّهُ. اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. «وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ. اُنْظُرُوا! اِسْهَرُوا وَصَلُّوا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَكُونُ الْوَقْتُ. كَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ تَرَكَ بَيْتَهُ، وَأَعْطَى عَبِيدَهُ السُّلْطَانَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَأَوْصَى الْبَوَّابَ أَنْ يَسْهَرَ. سْهَرُوا إِذًا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَأْتِي رَبُّ الْبَيْتِ، أَمَسَاءً، أَمْ نِصْفَ اللَّيْلِ، أَمْ صِيَاحَ الدِّيكِ، أَمْ صَبَاحًا. لِئَلاَّ يَأْتِيَ بَغْتَةً فَيَجِدَكُمْ نِيَامًا! وَمَا أَقُولُهُ لَكُمْ أَقُولُهُ لِلْجَمِيعِ: اسْهَرُوا». "
آية (3): "وَفِيمَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ، تُجَاهَ الْهَيْكَلِ، سَأَلَهُ بُطْرُسُ وَيَعْقُوبُ وَيُوحَنَّا وَأَنْدَرَاوُسُ عَلَى انْفِرَادٍ:"
على إنفراد= العلامات والأسرار لا تكشف للجميع بل لخاصته الأحباء على إنفراد. وهو يريد أن يطمئن تلاميذه، أنها أيام صعبة لكنهم في يده محفوظين، يكشف لهم أنه عالم بكل شيء، وهذا يعطينا اطمئنان فلا شيء خارج عن معرفته ولا عن سلطانه، وهو وحده القادر أن يحفظنا فنحن في يده يحملنا خلال هذه الآلام. وبالنسبة لموضوع الهيكل فهو كان كل شيء في قلوب اليهود وأي مساس به يعتبرونه علامة غضب الله عليهم، لذلك حينما طلب منهم تيطس أن يسلموا المدينة ظنوا أن الله يخلصهم كما كان يفعل في القديم، فرفضوا تسليمه لتيطس إلى أن سقطت المدينة وكان تيطس يقدر الجمال وأراد الاحتفاظ بالهيكل كقطعة فنية ولكن جنوده الذين أرهقهم الحصار أشعلوا فيه النار انتقامًا من اليهود ولكن كان هذا تنفيذًا لنبوة السيد المسيح مخالفين أوامر تيطس. وهذا الهيكل ليس هو هيكل سليمان، فهيكل سليمان حطمه نبوخذ نصًّر سنة 586ق.م. وأعاد بناءه زربابل ويشوع بعد العودة من السبي سنة 536 ق.م. وكان أضخم من هيكل سليمان ولكن هيكل سليمان كان أفخم. وقد بدأ هيرودس ترميم الهيكل سنة 20ق.م. واستمر هذا الترميم 46سنة (يو20:2) بل يقول التاريخ أن أعمال الترميم استمرت حتى سنة 63 م. وموقع الهيكل الآن الحرم الشريف أو قبة الصخرة في القدس الشرقية كما يقول اليهود.
وكان سؤال التلاميذ أو لفت نظر السيد للهيكل وعظمته، هي محاولة منهم لكي يتأكدوا أن السيد حين طهَّر الهيكل كان قصده أن يكون مركز ملكه الأرضي من خلاله يملك على كل العالم، ولكن إجابة المسيح جاءت لتخيب أمالهم الأرضية ولكي تفتح أمام أذهانهم أن الهيكل الأرضي لا بُد أن يخرب حتى يقوم الهيكل السمائي. بل أن العالم كله سينتهي ليبدأ الإنسان يحيا الحياة الأبدية. كان هدف المسيح رفع أنظارهم من النظرة المادية للأفكار الروحية وأننا غرباء على هذه الأرض. المسيح أراد أن يسحب قلوبهم للهيكل السماوي [1] المسيح يؤسس هيكله الآن الذي هو الكنيسة [2] كل منا هو هيكل للروح القدس ونحن حجارة حيَّة في هذا الهيكل (1كو16:3 + 1بط5:2) [3] ما نحصل عليه هنا هو عربون حياتنا السماوية في الأبدية. [4] حتى يقيم المسيح فينا هيكله السماوي ينبغي أن يهدم هيكل جسدنا العتيق. [5] حتى تقوم الكنيسة كان ينبغي أن ينتهي دور العبادة اليهودية بهدم هيكلها فطالما أتى المرموز إليه بطل الرمز. [6] هذا ما يحدث في المعمودية حيث يحطم الروح القدس إنساننا القديم لكي لا يكون له أثر في حياتنا، فإن سلكنا بروح الله يقوم في داخلنا إنسان جديد روحي على شكل جسد المسيح، وإن عادت قلوبنا تطلب الشر الذي في العالم نكون كامرأة لوط ونفقد بهاء ملكوت الرب فينا. لذلك علينا أن نحيا كأموات أمام الخطية (رو11:6+ كو5:3).
وفيما هو جالس على جبل الزيتون
= الزيتون يشير للزيت وهذا يشير للروح القدس الذي سيؤسس الهيكل الجديد الذي هو الكنيسة جسد المسيح.
آية (6): "فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: إِنِّي أَنَا هُوَ! وَيُضِلُّونَ كَثِيرِينَ."
الآيات (7-8): "فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَبِأَخْبَارِ حُرُوبٍ فَلاَ تَرْتَاعُوا، لأَنَّهَا لاَبُدَّ أَنْ تَكُونَ، وَلكِنْ لَيْسَ الْمُنْتَهَى بَعْدُ. لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ، وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ زَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَاضْطِرَابَاتٌ. هذِهِ مُبْتَدَأُ الأَوْجَاعِ."
حدث هذا فعلًا قبل خراب أورشليم سنة 70 م. فقد إلتهبت المملكة الرومانية بنار الحروب في الفترة ما بين صعود المسيح وخراب الهيكل. منها الحرب التي إشتعلت في الإسكندرية سنة 38 م. بين المصريين واليهود المقيمين فيها، والحرب التي نشبت في سلوكية ومات فيها 50.000 يهودي، كما حدث هياج شديد بين اليهود وبين السامريين. وحدثت مجاعات كالتي تنبأ عنها أغابوس (أع28:11) وحدثت سنة 49 م. وتفشى وباء في روما مات بسببه 30.000 سنة 65 م. وحدثت زلازل في كريت سنة 46 م. وفي روما سنة 51 م. وفي أورشليم سنة 67 م. وهكذا فكثير من هذه الأحداث ستتكرر قبل مجيء المسيح الثاني وبصورة أصعب، حتى يلهي الشيطان أولاد الله عن حياتهم الداخلية باهتماماتهم الزمنية، إمّا باللهو أو بالخوف والقلق. بل أن كل من يحاول أن يقترب من الله يلهيه إبليس إمّا بلذات العالم أو بالمشاكل فيضطرب. والسيد يطالبنا بالصبر "الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص" (آية 13) ويطالبنا بأن لا نهتم ولا نخاف (لو9:21) فهو سيعطينا ما نحتاجه (آية 11) ويطالبنا بأن نسهر (آية 35) وقوله يصبر إلى المنتهى، أي لأقصى حد أي احتمال كامل. عمومًا الله يسمح بالآلام لعلها تخيف الناس فيتوبوا عن شرورهم.
آية (9): "فَانْظُرُوا إِلَى نُفُوسِكُمْ. لأَنَّهُمْ سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَتُجْلَدُونَ فِي مَجَامِعَ، وَتُوقَفُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ، مِنْ أَجْلِي، شَهَادَةً لَهُمْ."
فانظروا إلى نفوسكم= أي مهما اشتدت الضيقة، وحتى لو كان مصدرها الملوك والولاة، أو من المقربين منّا كالأولاد والآباء، أو من الحروب والزلازل والمجاعات أو الاضطهاد.. فإن سر القوة أو الضعف يتوقف على أعماق النفس الداخلية. فعلينا أن نعلم أن السلام الداخلي لا يتوقف على الظروف الخارجية، بل هو عطية إلهية تملأ القلب (مز1:27-3). فإذا حدث ورأينا في داخل نفوسنا أي اضطراب فالسبب ليس الظروف الخارجية، بل أن الله لا يملك على القلب، فلو كان لنا بصيرة داخلية لرأينا أن عين الرب علينا يحيطنا برعايته وعنايته ومحبته فكيف نضطرب، أمّا لو انغلقت البصيرة الداخلية لن نرى سوى الضيقات الروحية فنرتعب [راجع موضوع إليشع وجحزي (2مل16:6-17)]. والبصيرة الروحية تنفتح إذا امتلأ الإنسان من الروح القدس الذي يدرب الحواس (عب14:5) والروح القدس أيضًا هو الذي يعطينا ما نتكلم به.
آية (14): "فَمَتَى نَظَرْتُمْ «رِجْسَةَ الْخَرَابِ» الَّتِي قَالَ عَنْهَا دَانِيآلُ النَّبِيُّ، قَائِمَةً حَيْثُ لاَ يَنْبَغِي. - لِيَفْهَمِ الْقَارِئُ - فَحِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ،"
ليفهم القارئ= هي عبارة قصيرة من كاتب الإنجيل لتكون علامة للهروب.
آية (22): "لأَنَّهُ سَيَقُومُ مُسَحَاءُ كَذَبَةٌ وَأَنْبِيَاءُ كَذَبَةٌ، وَيُعْطُونَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ، لِكَيْ يُضِلُّوا لَوْ أَمْكَنَ الْمُخْتَارِينَ أَيْضًا."
لو أمكن المختارين أيضًا= قوله لو أمكن معناه أن عدو الخير سيحاول مع القديسين ويحاول خداعهم، وربما يشكوا ولكن إلى حين، فالله لن يترك مختاريه ومعنى لو أمكن أن عدو الخير لن يمكنه أن يخدعهم.
آية (32): "«وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ."
ولا الابن
= هذه كمن يسأل أب اعتراف عن خطايا إنسان فسيقول لا أعرف. أو حين تسأل مدرس عن إمتحان وضعه. إذًا هو لا يعرفه معرفة من يبيح بالأمر. وقطعًا هو يعرف فكل ما للآب هو للابن (يو10:17) والابن هو حكمة الآب (1كو24:1) والآب رأى أنه ليس في صالحنا أن يخبرنا بهذا الميعاد فمن يعرف سوف يحيا حياة الاستهتار وينسى حياة السهر والجهاد. والقديس يوحنا ذهبي الفم يفسرها بأن المسيح يمنعهم من سؤاله هذا السؤال [هذه مثل قول الرب ما أعرفكن (مت25: 12) فهو يعرفهم قطعًا ولكن عدم المعرفة تشير لعدم الثبات في المسيح، وبالتالي تعني لن تدخلوا معي..] وذلك أيضًا كما قيل في المزمور الأول عن الأبرار "لأن الرب يعرف طريق الأبرار أما طريق الأشرار فتهلك" (مز1: 6) ، والمعنى في هذه الآية أنه يفرح بطريق الأبرار ويبارك لهم طريقهم. ولكن نفهم القول أيضًا على أن الآب يريد. وما يريده الآب ينفذه الابن والروح القدس. فالآب مثلًا يريد أن الجميع يخلصون. فالابن نفذ الفداء، والروح القدس يقود الكنيسة ويقود كل نفس للخلاص. هذا اتفاق داخل المشورة الثالوثية. ومعنى أن الآب يعرف والابن لا يعرف. أن الآب لا يريد الإعلان، فالإبن ينفذ ما يريده الآب ولن يعلن. وهذا قاله المسيح بطريقة أخرى. أن ما يسمعه عند الآب يقوله (يو26:8). وبنفس المفهوم يقال هذا عن الروح القدس (يو13:16).
وبتفصيل أكثر:
"وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ الْمَلاَئِكَةُ الَّذِينَ فِي السَّمَاءِ، وَلاَ الابْنُ، إِلاَّ الآبُ" (مر13: 32). "وَأَمَّا ذلِكَ الْيَوْمُ وَتِلْكَ السَّاعَةُ فَلاَ يَعْلَمُ بِهِمَا أَحَدٌ، وَلاَ مَلاَئِكَةُ السَّمَاوَاتِ، إِلاَّ أَبِي وَحْدَهُ" (مت24: 36).
فهل حقًا لا يعرف المسيح ابن الله اليوم والساعة؟!
لإجابة هذا السؤال يجب أن نفهم الآتي.
1) كلمة يعرف لها عدة معانٍ في الكتاب المقدس:-
"لم أعرفكم قط" (مت7: 23) مع أنه يعرف أنهم أشرار. إذًا لا يعرف هنا تعني عدم موافقته ورضاه عن طريقهم وأفعالهم.
"لأن الرب يعلم (يعرف - سبعينية) طريق الأبرار، أما طريق الأشرار فتهلك" (مز1: 6). وقوله هنا يعلم أو يعرف تعني موافقته ورضاه عنهم.
وأيضا كلمة المعرفة تشير للإتحاد. فكلمة يعرف تعني في لغة الكتاب المقدس "الوحدة أو الإتحاد" الذي ينتج عنه فعل أو حياة. وهناك 3 مستويات لهذه المعرفة:-
1) على مستوى جسدي :- آدم يعرف حواء ... فتلد قايين. فحين يقول "عرف آدم حواء إمرأته" (تك 1:4) فهذا يعني أنهما صارا جسدًا واحدًا، أي اتحد بها جسديًا. وهذه المعرفة أو هذا الإتحاد يكون له ثمر. فلقد أنجبت قايين، لذلك يقول "وعرف آدم حواء امرأته فحبلت وولدت قايين".
2) على مستوى لاهوتي:- الآب يعرف الابن أي هما واحد. وحين يريد الآب أن يعمل إنسان حي (تك1 : 26) يخلقه الابن (تك2: 7). وهكذا قيل "ليس أحد يعرف الابن إلا الآب ولا أحد يعرف الآب إلا الابن" (مت11: 27) لأنهما في وحدة = لاهوت واحد. وهذه تساوي تمامًا "أنا في الآب والآب فيَّ" (يو 10:14). وتساوي "أنا والآب واحد" (يو 30:10) . وهي وحدة بين الآب والابن ينتج عنها خلقة أحياء. الآب يريد، والابن قوة الله وحكمته (1كو1: 24) ينفذ إرادة الآب فيخلق الإنسان.
3) علاقة الإتحاد بين المسيح وكنيسته:- الابن يعرف الإنسان أي يتحد به، فيحيا الإنسان أبديا. ويقول السيد المسيح في صلاته الشفاعية "وهذه هي الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي أرسلته" (يو 3:17)، فهذا يعني أن المسيح يعطينا أن نتحد به. فالمعرفة تعني إتحاد ينتج عنه حياة، فالمسيح يوحدنا فيه لنكون أحياء فهو الحياة الأبدية. والإتحاد به أشار إليه المسيح في صلاته الشفاعية (يو 21:17-26). ونفهم هذا من قول بولس الرسول "وأوجد فيه... لأعرفه...." (في 8:3-10) فالثبات فيه والإتحاد به يعني معرفته. وصرنا نعرف الآب من خلال إتحادنا بالمسيح.
* "أمَّا أَنَا فَإِنِّي الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي، كَمَا أَنَّ الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ" (يو10: 14 ، 15). وهنا نرى وحدة لاهوتية بين الآب والابن "الآبَ يَعْرِفُنِي وَأَنَا أَعْرِفُ الآبَ". ووحدة بين الابن وبيننا بالجسد "وَأَعْرِفُ خَاصَّتِي وَخَاصَّتِي تَعْرِفُنِي".
* وإذا فهمنا أن المعرفة تعني الوحدة، إذًا حين يقول المسيح للأشرار في اليوم الأخير لا أعرفكم يكون المقصود أنهم في حياتهم على الأرض لم يكونوا في وحدة مع المسيح، بل كانوا يعملون لحساب أنفسهم. والآن هو لا يريد أن يتحد بهم. وهذا معناه الموت الأبدي فالمسيح هو الحياة الأبدية.
نفهم إذًا أن كلمة يعرف تعني وحدة ينتج عنها فعل والعكس فكلمة لا يعرف ينتج عنها لا فعل فإن قيل آدم لم يعرف حواء فلن يكون هناك قايين |
2) الآب والابن في وحدة
تم التعبير عن هذه الوحدة بين الآب والابن بعدة طرق في الكتاب المقدس. رأينا أن الوحدة تم التعبير عنها بكلمة المعرفة، ويتم التعبير عنها أيضًا بكلمة الحب. إذًا المحبة والمعرفة كلاهما تعبير عن الوحدة.
لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الابْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ (يو5: 20) + لكن ليفهم العالم أني أحب الآب وكما أوصاني الآب هكذا أفعل (يو14: 31).
الله محبة والوحدة بين الآب والابن تم التعبير عنها بأن الآب يحب الابن، والابن يحب الآب. هذا التعبير ناشئ من طبيعة الله، فالله محبة. الآب ينبع محبة تنسكب في الابن، والابن ينبع محبة تنسكب في الآب. وهذا يعني أن الآب في الابن والابن في الآب. والآيات التالية تشير لهذه الوحدة بين الآب والابن:-
1. "الآب يحب الابن" (يو5: 20). و"الابن يحب الآب" (يو14: 31) . هنا تعبير عن الوحدة بين الآب والابن بلغة المحبة التي هي طبيعة الله. فالآب في الابن والابن في الآب بالمحبة.
2. "لا أحد يعرف الآب الا الابن ولا أحد يعرف الابن الا الآب" (مت 11: 27).
3. "أنا في الآب والآب فيَّ" (يو14: 10). [مَنْ رآني فقد رأى الآب]: "اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الآبَ" (يو14: 9).
4. "أنا والآب واحد" (يو10: 30). "كل ما للآب هو لي" (يو16: 15).
5. "وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ، وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي، وَأَنَا مُمَجَّدٌ فِيهِمْ" (يو17: 10).
6. "والكلمة كان عند الله، وكان الكلمة الله" (يو1: 1).
7. "الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر" (يو1: 18).
8. "لكي يكرم الجميع الابن كما يكرمون الآب" (يو5: 23).
واضح مما سبق المساواة الكاملة بين الآب والابن وأنهما واحد. وقد فهم اليهود الذين يسمعون كلمات الرب يسوع أنه يعادل نفسه بالله فأرادوا أن يرجموه (يو5: 18 + 10: 31). وكون أن كل ما للآب هو للابن فهذا يعني أن معرفة الآب هي نفسها معرفة الابن. والرب يسوع أعطانا علامات اليوم والساعة (مت24). فهل من يعرف العلامات لا يعرف اليوم والساعة.
إذًا الآب والابن هما واحد وكل ما للآب هو للابن إذًا هو يعلم اليوم والساعة قطعا. |
3) كيف شرح السيد المسيح فكرة التطابق في الفكر والمعرفة بين الأقانيم الثلاثة
هذا ما نراه واضحًا في الآيات التالية:
"فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لاَ يَقْدِرُ الابْنُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْ نَفْسِهِ شَيْئًا إِلاَّ مَا يَنْظُرُ الآبَ يَعْمَلُ. لأَنْ مَهْمَا عَمِلَ ذَاكَ فَهذَا يَعْمَلُهُ الابْنُ كَذلِكَ" (يو5: 19).
"لأَنَّ الآبَ يُحِبُّ الابْنَ وَيُرِيهِ جَمِيعَ مَا هُوَ يَعْمَلُهُ، وَسَيُرِيهِ أَعْمَالًا أَعْظَمَ مِنْ هذِهِ لِتَتَعَجَّبُوا أَنْتُمْ" (يو5: 20).
لكن ليفهم العالم أني أحب الآب وكما أوصاني الآب هكذا أفعل (يو14: 31).
"واما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بامور اتية" (يو16: 13).
* رأينا في النقطة السابقة أن الآب والابن في وحدة. وأن كل ما للآب هو للإبن. أما التطابق في الفكر فقد شرحه الرب يسوع بأن الابن يرى عمل الآب ويسمع الآب. فالآب والابن واحد وكل ما يعمل الآب يراه الابن وحده أي يعرفه معرفة التطابق. والابن يرى تمامًا فكر الآب ويعرف ما يريده الآب تمامًا. وهل هناك من يرى إرادة الآب إلا ابنه الوحيد "الذي هو قوة الله وحكمة الله" (1كو1: 24) وأنه الله المتجسد، وهو ينفذ إرادة الآب ويستعلنها فهو قوة الآب الذي ينفذ إرادته والتي هي نفسها إرادة الابن إذ هما واحد. الابن يحول الإرادة إلى فعل.
* وعموما فحين يتكلم المسيح عن أعمال يقول ما أراه، وحين يتكلم عن أقوال يقول ما أسمع أو ما يسمعه الروح القدس. والفعلان يحب ويريه جاءا بصيغة الحاضر المستمر فهما عملان مستمران لا ينقطعان.
والروح القدس أيضًا يسمع الآب وما يريده الآب أن يصل لنا، يقوم الروح القدس بتوصيله لنا. وأيضًا عن الروح القدس قال الرب يسوع أن الروح يسمع. وهل من يعرف فكر الآب إلا روح الآب أي الروح القدس "لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق الله. لأن مَن مِن الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الانسان الذي فيه. هكذا أيضًا أمور الله لا يعرفها أحد إلا روح الله (1كو2: 10 ، 11).
إذًا الآب والابن والروح القدس غير منفصلين: فالإبن ينظر كل ما للآب ويسمع كل ما عند الآب، وهكذا الروح القدس. إذًا الآب والابن والروح القدس لهم فكر واحد وإرادة واحدة ومشيئة واحدة: ونفهم أن قول الرب يسوع أنه لا يقدر (يو5: 19) لا تشير للعجز بل لأن المشيئة واحدة والإرادة واحدة، فالابن يقدر أن يفعل كل شيء، إلا أن تكون له إرادة منفصلة في العمل عن إرادة أبيه فهما واحد وإرادتهما واحدة. بل هو يترجم ما يراه أي يعرفه معرفة التطابق في الإرادة، إلى فعل وعمل.
ولكن يجب أن نفهم أن هناك تمايز بين الأقانيم الثلاثة. أي أن هناك عمل أو وظيفة لكل أقنوم. ويمكن أن نقول أن أقنوم الإرادة هو أقنوم الآب أما أقنومي التنفيذ فهما أقنومي الابن والروح القدس. وهذا نراه في الإنسان .. وكتشبيه بسيط لتقريب الصورة نراه في الإنسان، فما يريده العقل تقوم اليدان بتنفيذه. أو أن ما يدور في العقل يعبر عنه اللسان. ونسمع في سفر إشعياء هذا النص عن المشورة الثالوثية "الآن السيد الرب أرسلني وروحه" (إش48: 16). فالآب يريد. والابن ينفذ. فالآب يريد أن الجميع يخلصون، والابن يقدم الفداء. والروح القدس يجدد الخليقة. فهناك إتفاق في الرأي ولكن لكل أقنوم عمله.
أمثلة على ذلك:-
1. الله قرر أن يخلق الإنسان "قال الله نعمل الإنسان على صورتنا" (تك1: 26). "وجبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض" - (الرب الإله هو يهوه ابن الله الذي به كان كل شيء) - ونفخ في أنفه نسمة حياة (نرى هنا الروح القدس يعطي حياة للجسد الذي جبله الابن) (تك2: 7).
2. الله يقرر خلاص الإنسان فهو "يريد أن جميع الناس يخلصون" (1تى2: 4). فيتجسد الابن ليفدي الإنسان، ويحل الروح القدس على جسد المسيح يوم المعمودية ليحيي كل من يعتمد.
3. نرى تطبيق واضح لهذا في (سفر حزقيال37).
4. "أَنَا لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ مِنْ نَفْسِي شَيْئًا. كَمَا أَسْمَعُ أَدِينُ، وَدَيْنُونَتِي عَادِلَةٌ، لأَنِّي لاَ أَطْلُبُ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي" (يو5: 30). قوله كما أسمع أدين= تعني إستحالة الانفصال بين الأقنومين في الرأي أو العمل وتشير للاتفاق التام. هي إشارة لمعرفة تامة لفكر الآب لذلك يقول دينونتي عادلة= فهو لا يطلب شيئًا لنفسه. ما دام هناك تساوي مطلق فهذه تشير أن لهما إرادة واحدة، ولكن الآب يريد والابن ينفذ ويعلن لنا أي يستعلن إرادة الآب، فهو وحدهُ الذي يعرف مشيئة الآب "الله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبَّر" (يو1: 18).
فالآب هو الله غير المنظور وأعماله هي إرادة غير منظورة، والابن هو الله المنظور، ويعمل الأعمال المنظورة. والابن لا يعمل شيئًا ما لم يكن الآب يريده فإرادتهما واحدة. كما يكون في قلبي مشاعر تترجمها يدي إلى خطاب مكتوب. فالقلب والعقل واليد يعملون معًا. الابن لا يقدر أن يعمل من نفسه شيئًا إلاّ ما ينظر الآب يعمل= أي أعمال الابن غير منفصلة عن أعمال الآب. هذا القول لا يلغى سلطان الابن بل يعلن وحدة الإرادة التي لا تنفصم. ينظر= يرى فكر الآب فهو فكره وعقله، فهو يرى - أي يعرف ما يريده الآب فيعمله. تعني المعرفة المستمرة والرؤية الواضحة للآب فهما واحد. وجاءت في المضارع. أمّا حينما يقول وأنا ما سمعته منه (يو 38:8) أو أتكلم بما رأيت (يو 26:8) فهذه تشير لان ما يعمله المسيح هو قرار وتخطيط أزلي. وحينما يقول وَسَيُرِيهِ أَعْمَالًا أَعْظَمَ فهو يشير لأعمال سيعملها في المستقبل.
وبنفس الأسلوب فلكي يقول السيد المسيح لليهود أنهم في توافق مع فكر الشيطان ويعملون ما يريده الشيطان قال لهم "أنتم تعملون ما رأيتم عند أبيكم" (يو38:8). وكان المسيح يقصد أن أبيهم هو إبليس القتال (يو44:8) لأنهم يريدون أن يقتلوا المسيح (يو40:8) إذًا عبارة "تعملون ما رأيتم" أو "أعمل ما رأيت" تشير للتطابق التام في الفكر والعمل.
من كل ما سبق نفهم أن الآب والابن واحد، وهناك تطابق في الفكر والمعرفة. وتم التعبير عن هذا التطابق بقول الرب يسوع "ما أراه عند الآب" ولكن الآب هو أقنوم الإرادة والابن هو أقنوم التنفيذ. فما يراه الابن عند الآب يفعله أو يعلنه. والتطابق في الفكر موصوف أيضا بكلمة أعرف التي تعني الوحدة كما رأينا التي ينتج عنها تنفيذ. الآب والابن لهما نفس الفكر ويعملون نفس الأعمال ولكن أعمال وأقوال الآب غير منظورة وأقوال وأعمال الابن هي منظورة. الآب هو أقنوم الإرادة والابن هو أقنوم التنفيذ والفعل، لذلك قامت إحدى الترجمات الفرنسية بترجمة الآية "في البدء كان الكلمة" هكذا "في البدء كان الفعل verb". وأرى أنها ترجمة صحيحة، فالابن هو الخالق، ولذلك جاءت الآية التالية "به كان كل شيء". فإرادة الآب يترجمها الابن إلى فعل.
إذًا القول الابن يعرف يعني وحدة الفكر والإرادة. الآب يريد والابن يستعلن إرادة الآب والقول لا يعرف يعني الآب لا يريد، والابن يترجم لا إرادة الآب إلى لا إعلان |
ويصبح قول الرب يسوع فلا يعلم بهما أحد .... ولا الابن إلا الآب (مر13: 32).
أنه حينما يقول الابن أنه لا يعرف، فهذا لا يفهم منه جهل المسيح باليوم، بل المعنى أنه كأن الابن لم يرى الميعاد في فكر الآب أو كأنه لم يسمع الميعاد. ومرة أخرى فكلمتي يرى ويسمع يعنيان التطابق في الفكر. لكن لأن الآب لا يريد الإعلان، فإن الابن أقنوم التنفيذ لن يعلن. ولاحظ أيضًا أن الابن لا يريد الإعلان. أما قول الرب يسوع ولا ملائكة السموات فيعني حقيقة أن الملائكة يجهلون اليوم والساعة. فهناك فرق بين الابن الوحيد الجنس، الواحد مع أبيه وبين الملائكة المخلوقين.
وتكون كلمة يعرف تعني التطابق والوحدة المعرفية ولكن للآب هي الإرادة وللإبن هي الإعلان. وكلمة لا أعرف هي أن الآب لا يريد وللإبن هي لا يعلن، لا أعرف هي أيضًا تطابق ولكن بالنسبة للآب هي اللاإرادة وللإبن هي اللاإعلان. ببساطة حينما يريد عقل الإنسان إخفاء أمر ما - فاللسان لن ينطق به.
وأما حين يريد الآب أن يعلن عن شيء يعطي للابن أن يعلن كما جاء في (رؤ1: 1) "إعلان يسوع المسيح، الذي أعطاه إياه الله، ليري عبيده ما لا بد أن يكون عن قريب، وبينه مرسلا بيد ملاكه لعبده يوحنا".
لماذا لا يريد الله إعلان اليوم والساعة؟
1. حتى لا نعتمد على أننا نعرف أن الميعاد ما زال بعيدا ونؤجل التوبة.
2. إنتقال كل شخص من هذه الحياة قد يأتي في أي لحظة، فمن يؤجل التوبة سيهلك.
3. هذا اليوم يأتي كلص أي فجأة، إذًا علينا أن نكون مستعدين "لانكم أنتم تعلمون بالتحقيق أن يوم الرب كلص في الليل هكذا يجيء" (1تس5: 2). أما المستعد فهو في نور ولا يخاف "وأما أنتم أيها الإخوة فلستم في ظلمة حتى يدرككم ذلك اليوم كلص" (1تس5: 4).
4. لكن الله أعطانا علامات واضحة على اقتراب الأيام الأخيرة، حتى نثق حينما تحدث أن مَنْ يعرف ما سيحدث قبل ألاف السنين، يعرف كيف يحمي أولاده خلال هذه الأحداث، فنؤمن ونطمئن. وهذا ما قاله الرب يسوع "وقلت لكم الآن قبل أن يكون، حتى متى كان تؤمنون" (يو 14: 29).
واضح أن الابن لا ينطبق عليه هذا الكلام فلماذا يخفي الآب الميعاد عنه؟
وإذا كان الله يكشف لإبراهيم عن أسراره
"هل أخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله" (تك18: 17)
فهل يخفي شيء عن ابنه الذي هو عقله وحكمته ومتحد معه؟!
آية (34-35): "كَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ تَرَكَ بَيْتَهُ، وَأَعْطَى عَبِيدَهُ السُّلْطَانَ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ عَمَلَهُ، وَأَوْصَى الْبَوَّابَ أَنْ يَسْهَرَ. اِسْهَرُوا إِذًا، لأَنَّكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ مَتَى يَأْتِي رَبُّ الْبَيْتِ، أَمَسَاءً، أَمْ نِصْفَ اللَّيْلِ، أَمْ صِيَاحَ الدِّيكِ، أَمْ صَبَاحًا."
سافر
= صعد إلى السماء بعد أن أتم الفداء. ترك بيته= كنيسته. أوصى البواب= الإنجيلي متى أسماه العبد الأمين الحكيم، فهو يكلم اليهود ويرسم لهم الصورة التي ينبغي أن يكون عليها رؤساء الكهنة والكهنة واللاويين الذين ائتمنهم الله على تعليم الشعب. ومرقس يكلم الرومان فيرسم لهم صورة البواب الذي يحرس منزل أحد النبلاء الرومان، وكل من التشبيهين يكمل الآخر، فالوكيل الأمين يشير لعمل الخدام في إشباع الناس بأمانة، وسهر الحراس والبوابين يشير لليقظة الأمينة. أمساء أم نصف الليل أم صياح الديك أم صباحًا= هذا هو التقسيم الروماني لليل.
" وَإِذْ كَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ عَنِ الْهَيْكَلِ إِنَّهُ مُزَيَّنٌ بِحِجَارَةٍ حَسَنَةٍ وَتُحَفٍ، قَالَ: «هذِهِ الَّتِي تَرَوْنَهَا، سَتَأْتِي أَيَّامٌ لاَ يُتْرَكُ فِيهَا حَجَرٌ عَلَى حَجَرٍ لاَ يُنْقَضُ». فَسَأَلُوهُ قَائِلِينَ:«يَا مُعَلِّمُ، مَتَى يَكُونُ هذَا؟ ومَا هِيَ الْعَلاَمَةُ عِنْدَمَا يَصِيرُ هذَا؟» فَقَالَ: «انْظُرُوا! لاَ تَضِلُّوا. فَإِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ بِاسْمِي قَائِلِينَ: إِنِّي أَنَا هُوَ! وَالزَّمَانُ قَدْ قَرُبَ! فَلاَ تَذْهَبُوا وَرَاءَهُمْ. فَإِذَا سَمِعْتُمْ بِحُرُوبٍ وَقَلاَقِل فَلاَ تَجْزَعُوا، لأَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ هذَا أَوَّلًا، وَلكِنْ لاَ يَكُونُ الْمُنْتَهَى سَرِيعًا». ثُمَّ قَالَ لَهُمْ:«تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ زَلاَزِلُ عَظِيمَةٌ فِي أَمَاكِنَ، وَمَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ. وَتَكُونُ مَخَاوِفُ وَعَلاَمَاتٌ عَظِيمَةٌ مِنَ السَّمَاءِ. وَقَبْلَ هذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، وَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَامِعٍ وَسُجُونٍ، وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَوُلاَةٍ لأَجْلِ اسْمِي. فَيَؤُولُ ذلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً. فَضَعُوا فِي قُلُوبِكُمْ أَنْ لاَ تَهْتَمُّوا مِنْ قَبْلُ لِكَيْ تَحْتَجُّوا، لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا. وَسَوْفَ تُسَلَّمُونَ مِنَ الْوَالِدِينَ وَالإِخْوَةِ وَالأَقْرِبَاءِ وَالأَصْدِقَاءِ، وَيَقْتُلُونَ مِنْكُمْ. وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنَّ شَعْرَةً مِنْ رُؤُوسِكُمْ لاَ تَهْلِكُ. بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ. وَمَتَى رَأَيْتُمْ أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً بِجُيُوشٍ، فَحِينَئِذٍ اعْلَمُوا أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ خَرَابُهَا. حِينَئِذٍ لِيَهْرُبِ الَّذِينَ فِي الْيَهُودِيَّةِ إِلَى الْجِبَالِ، وَالَّذِينَ فِي وَسْطِهَا فَلْيَفِرُّوا خَارِجًا، وَالَّذِينَ فِي الْكُوَرِ فَلاَ يَدْخُلُوهَا، لأَنَّ هذِهِ أَيَّامُ انْتِقَامٍ، لِيَتِمَّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ. وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! لأَنَّهُ يَكُونُ ضِيقٌ عَظِيمٌ عَلَى الأَرْضِ وَسُخْطٌ عَلَى هذَا الشَّعْبِ. وَيَقَعُونَ بِفَمِ السَّيْفِ، وَيُسْبَوْنَ إِلَى جَمِيعِ الأُمَمِ، وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ الأُمَمِ، حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ الأُمَمِ. «وَتَكُونُ عَلاَمَاتٌ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ، وَعَلَى الأَرْضِ كَرْبُ أُمَمٍ بحَيْرَةٍ. اَلْبَحْرُ وَالأَمْوَاجُ تَضِجُّ، وَالنَّاسُ يُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنْ خَوْفٍ وَانْتِظَارِ مَا يَأْتِي عَلَى الْمَسْكُونَةِ، لأَنَّ قُوَّاتِ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. وَحِينَئِذٍ يُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا فِي سَحَابَةٍ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. وَمَتَى ابْتَدَأَتْ هذِهِ تَكُونُ، فَانْتَصِبُوا وَارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ».وَقَالَ لَهُمْ مَثَلًا:«اُنْظُرُوا إِلَى شَجَرَةِ التِّينِ وَكُلِّ الأَشْجَارِ. مَتَى أَفْرَخَتْ تَنْظُرُونَ وَتَعْلَمُونَ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَنَّ الصَّيْفَ قَدْ قَرُبَ. هكَذَا أَنْتُمْ أَيْضًا، مَتَى رَأَيْتُمْ هذِهِ الأَشْيَاءَ صَائِرَةً، فَاعْلَمُوا أَنَّ مَلَكُوتَ اللهِ قَرِيبٌ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لاَ يَمْضِي هذَا الْجِيلُ حَتَّى يَكُونَ الْكُلُّ. اَلسَّمَاءُ وَالأَرْضُ تَزُولاَنِ، وَلكِنَّ كَلاَمِي لاَ يَزُولُ. «فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً. لأَنَّهُ كَالْفَخِّ يَأْتِي عَلَى جَمِيعِ الْجَالِسِينَ عَلَى وَجْهِ كُلِّ الأَرْضِ. اِسْهَرُوا إِذًا وَتَضَرَّعُوا فِي كُلِّ حِينٍ، لِكَيْ تُحْسَبُوا أَهْلًا لِلنَّجَاةِ مِنْ جَمِيعِ هذَا الْمُزْمِعِ أَنْ يَكُونَ، وَتَقِفُوا قُدَّامَ ابْنِ الإِنْسَانِ».وَكَانَ فِي النَّهَارِ يُعَلِّمُ فِي الْهَيْكَلِ، وَفِي اللَّيْلِ يَخْرُجُ وَيَبِيتُ فِي الْجَبَلِ الَّذِي يُدْعَى جَبَلَ الزَّيْتُونِ. وَكَانَ كُلُّ الشَّعْبِ يُبَكِّرُونَ إِلَيْهِ فِي الْهَيْكَلِ لِيَسْمَعُوهُ. "
آية (5): "وَإِذْ كَانَ قَوْمٌ يَقُولُونَ عَنِ الْهَيْكَلِ إِنَّهُ مُزَيَّنٌ بِحِجَارَةٍ حَسَنَةٍ وَتُحَفٍ، قَالَ:"
حجارة حسنة= كانت بعضها تصل أحجامه إلى 45×12×18 قدم. ومعظمها كانت ارتفاعها ⅓ 37 قدم. والأثر الباقي منه حائط المبكَى. وتحف= أتى بها العابدين من كل أنحاء العالم. وكان الهيكل من الرخام وبعضه مطلي بالذهب فكان كأنه جبل ثلجي ومنظره غاية في الروعة. واليهود كانوا يتصورون أن المسيا حين يأتي سيجعل الهيكل مقرا له وكأن التلاميذ يتصورون هذا، أن هذا سيكون مقر المسيح معلمهم حين يملك.
الآيات(12-19): "وَقَبْلَ هذَا كُلِّهِ يُلْقُونَ أَيْدِيَهُمْ عَلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، وَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَامِعٍ وَسُجُونٍ، وَتُسَاقُونَ أَمَامَ مُلُوكٍ وَوُلاَةٍ لأَجْلِ اسْمِي. فَيَؤُولُ ذلِكَ لَكُمْ شَهَادَةً. فَضَعُوا فِي قُلُوبِكُمْ أَنْ لاَ تَهْتَمُّوا مِنْ قَبْلُ لِكَيْ تَحْتَجُّوا، لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَمًا وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا. وَسَوْفَ تُسَلَّمُونَ مِنَ الْوَالِدِينَ وَالإِخْوَةِ وَالأَقْرِبَاءِ وَالأَصْدِقَاءِ، وَيَقْتُلُونَ مِنْكُمْ. وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنَّ شَعْرَةً مِنْ رُؤُوسِكُمْ لاَ تَهْلِكُ. بِصَبْرِكُمُ اقْتَنُوا أَنْفُسَكُمْ."
العالم سيكون في ضيق الحروب والمجاعات والزلازل والأوبئة، أمّا المؤمنين فسيكونون في ضيق بسبب إيمانهم بالمسيح. بل أن الاضطهاد سيكون من الأقرباء. والفرق أن من في العالم سيكونون في خوف وهم، أمّا المؤمنين فسيكونون في فرح (أع41:5)
آية (20): "وَمَتَى رَأَيْتُمْ أُورُشَلِيمَ مُحَاطَةً بِجُيُوشٍ، فَحِينَئِذٍ اعْلَمُوا أَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ خَرَابُهَا."
في متى ومرقس قال رجسة الخراب. وهنا يقول أورشليم محاطة بجيوش، وهذا تحديد واضح. حدث أيام تيطس وسيحدث ثانية. والمعنيان متكاملان، فالجيش هي التي خربت أورشليم والهيكل.
آية (22): "لأَنَّ هذِهِ أَيَّامُ انْتِقَامٍ، لِيَتِمَّ كُلُّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ."
لأن هذه أيام انتقام= بسبب دم المسيح الذي صار كفارة للعالم، صار علة دينونتهم. ونلاحظ أن حصار أورشليم كان لإنذارهم لعلهم يتوبون.
آية (23): "وَوَيْلٌ لِلْحَبَالَى وَالْمُرْضِعَاتِ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ! لأَنَّهُ يَكُونُ ضِيقٌ عَظِيمٌ عَلَى الأَرْضِ وَسُخْطٌ عَلَى هذَا الشَّعْبِ."
ويلٌ للحبالى والمرضعات= بسبب الحصار والمجاعة أكلت الأمهات أطفالهن.
آية (24): "وَيَقَعُونَ بِفَمِ السَّيْفِ، وَيُسْبَوْنَ إِلَى جَمِيعِ الأُمَمِ، وَتَكُونُ أُورُشَلِيمُ مَدُوسَةً مِنَ الأُمَمِ، حَتَّى تُكَمَّلَ أَزْمِنَةُ الأُمَمِ."
يسبون إلى جميع الأمم= وهذا غير ما حدث أيام سبي بابل، ففي سبي بابل ذهبوا إلى مكان واحد هو بابل. وقد باع تيطس الباقين أحياء كعبيد فتشتتوا في كل مكان.
أورشليم تظل مدوسة من الأمم، يحتلونها ويسكنون فيها. حتى تكمل أزمنة الأمم= أي الحقبة التي أعطيت للأمم التي يتاح فيها أن يقبلوا الإنجيل. ثم يعود بقية شعب اليهود للإيمان (رو25:11-26).
آية (25): "«وَتَكُونُ عَلاَمَاتٌ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ، وَعَلَى الأَرْضِ كَرْبُ أُمَمٍ بحَيْرَةٍ. اَلْبَحْرُ وَالأَمْوَاجُ تَضِجُّ،"
وعلى الأرض كرب أممٍ بحيرة
= في نهاية الأيام إذ تجتمع أمة اليهود ويأتي ضد المسيح وسيتبعونه وكلهم رجاء كاذب في ملك عالمي، سيخيب رجاءهم فيه وسيعتريهم كرب وحيرة من الأحداث المخيفة، وهم بلا عزاء إلهي كالمؤمنين. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). والبحر والأمواج يشيرون للعالم المضطرب كالبحر. بل هذا ما حدث في زلزال جنوب شرق آسيا فعلًا. أمواج تسونامي تضرب الناس بارتفاع 10-20 مترًا وبسرعات مخيفة.
آية (26): "وَالنَّاسُ يُغْشَى عَلَيْهِمْ مِنْ خَوْفٍ وَانْتِظَارِ مَا يَأْتِي عَلَى الْمَسْكُونَةِ، لأَنَّ قُوَّاتِ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ."
قوات السموات تتزعزع= هذه قد تشير إلى:-
1) المؤمنين الذين هم في حالة سماوية سيضطربون مماّ يحدث من اضطهاد.
2) السماء تفرح بخاطئ واحد يتوب، فكم يحدث للسماويين من اضطراب ناتج عن ارتداد المؤمنين الذين على الأرض.
3) ربما تشير فعلًا لاضطرابات في الكواكب وتساقط النجوم (مت29:24) استعدادًا لكي يكون هناك سماء جديدة وأرض جديدة.
آية (28): "وَمَتَى ابْتَدَأَتْ هذِهِ تَكُونُ، فَانْتَصِبُوا وَارْفَعُوا رُؤُوسَكُمْ لأَنَّ نَجَاتَكُمْ تَقْتَرِبُ»."
فإنتصبوا
= بفخر وفرح وإعتزاز فالمسيح سيتمجد وتتمجدون معه. ويوم هلاك الأشرار اقترب. وإنتصبوا أي اثبتوا لأن كلما اقتربت الأيام من نهايتها زادت الشدائد، فتحملوا بثبات فالفَجر قريب. ولاحظ أن أبونا السماوي ستزداد تعزياته لنا خلال هذه الضيقات.آية (34): "«فَاحْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ لِئَلاَّ تَثْقُلَ قُلُوبُكُمْ فِي خُمَارٍ وَسُكْرٍ وَهُمُومِ الْحَيَاةِ، فَيُصَادِفَكُمْ ذلِكَ الْيَوْمُ بَغْتَةً."
فإحترزوا= الارتداد وارد ولذلك فالتحذير مهم. خُمار= تترجم خلاعة وتترجم شَرَهْ. والإحتراز يكون بالسهر والصلاة فهذا اليوم يأتي فجأة.
آية (38): "وَكَانَ كُلُّ الشَّعْبِ يُبَكِّرُونَ إِلَيْهِ فِي الْهَيْكَلِ لِيَسْمَعُوهُ."
كان جبل الزيتون مفروشًا بخيام الجليليين وغيرهم الذين أتوا للفصح.
(مت25 - مت1:26-2)
سبق وأعطى المسيح علامات النهاية وعلامة اقتراب الملكوت وهنا يعطينا مفاهيم حيَّة للملكوت. هو استمر في حديثه السابق ليحدد من الذي يدخل هذا الملكوت.
(مت1:25-13): "«حِينَئِذٍ يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ عَشْرَ عَذَارَى، أَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَخَرَجْنَ لِلِقَاءِ الْعَرِيسِ. وَكَانَ خَمْسٌ مِنْهُنَّ حَكِيمَاتٍ، وَخَمْسٌ جَاهِلاَتٍ. أَمَّا الْجَاهِلاَتُ فَأَخَذْنَ مَصَابِيحَهُنَّ وَلَمْ يَأْخُذْنَ مَعَهُنَّ زَيْتًا، وَأَمَّا الْحَكِيمَاتُ فَأَخَذْنَ زَيْتًا فِي آنِيَتِهِنَّ مَعَ مَصَابِيحِهِنَّ. وَفِيمَا أَبْطَأَ الْعَرِيسُ نَعَسْنَ جَمِيعُهُنَّ وَنِمْنَ. فَفِي نِصْفِ اللَّيْلِ صَارَ صُرَاخٌ: هُوَذَا الْعَرِيسُ مُقْبِلٌ، فَاخْرُجْنَ لِلِقَائِهِ! فَقَامَتْ جَمِيعُ أُولئِكَ الْعَذَارَى وَأَصْلَحْنَ مَصَابِيحَهُنَّ. فَقَالَتِ الْجَاهِلاَتُ لِلْحَكِيمَاتِ: أَعْطِينَنَا مِنْ زَيْتِكُنَّ فَإِنَّ مَصَابِيحَنَا تَنْطَفِئُ. فَأَجَابَتِ الْحَكِيمَاتُ قَائِلاتٍ: لَعَلَّهُ لاَ يَكْفِي لَنَا وَلَكُنَّ، بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ. وَفِيمَا هُنَّ ذَاهِبَاتٌ لِيَبْتَعْنَ جَاءَ الْعَرِيسُ، وَالْمُسْتَعِدَّاتُ دَخَلْنَ مَعَهُ إِلَى الْعُرْسِ، وَأُغْلِقَ الْبَابُ. أَخِيرًا جَاءَتْ بَقِيَّةُ الْعَذَارَى أَيْضًا قَائِلاَتٍ: يَا سَيِّدُ، يَا سَيِّدُ، افْتَحْ لَنَا! فَأَجَابَ وَقَالَ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُنَّ: إِنِّي مَا أَعْرِفُكُنَّ. فَاسْهَرُوا إِذًا لأَنَّكُمْ لاَ تَعْرِفُونَ الْيَوْمَ وَلاَ السَّاعَةَ الَّتِي يَأْتِي فِيهَا ابْنُ الإِنْسَانِ."
أخذ المسيح المثل من عادة يهودية، فكان العريس يأتي مع أصدقائه ليأخذ العروس ومعها صديقاتها العذارى اللواتي يضئن الطريق بالمصابيح. وتقرأ الكنيسة فصل هذا الإنجيل في صلاة نصف الليل، ليتذكر كل من يصلي أنه يجب أن يكون مستعدًا لانتظار العريس، مهتمًا أن يكون كإحدى العذارى الحكيمات. ويبدأ المثل بقوله حينئذ= أي أن السيد بعد أن أنهى حديثه عن العلامات الخاصة بالمجيء الثاني يريد أن يشير أن هذا المثل لهو استمرار لحديثه الخطير.. ليميز كل سامع هل هو من الحكيمات أو هو من الجاهلات ليعرف هل نصيبه هو الملكوت أم سيقف خارجًا. ومن ملَّك المسيح على قلبه هنا، سيملك المسيح عليه في ملكوته، أي يكون نصيبه ملكوت السموات= العُرس. (راجع قطع نصف الليل). وفيما يلي محاولة لشرح رموز هذا المثل.
العريس= هو الرب يسوع.
العذارى= هن جماعة النفوس المؤمنة أي الكنيسة. وعمل العذارى أن يستقبلن العريس بنور الإيمان والرجاء والمحبة. ولقب العذراوية لا ينطبق عادة على المتزوجين، ولكن المقصود بهذا التعبير، طهارة النفس الكاملة. وبولس الرسول في (2كو2:11) يقول خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح، وهو يكلم كل أهل كورنثوس، متزوجين وغير متزوجين. المقصود هنا أن النفس لا تعرف لها إلهًا سوى المسيح وغير متعبدة لأي شهوة عالمية، بل متحررة من كل خطية. العذراء تكون مكرسة لعريسها فقط، ونحن صرنا مكرسين للمسيح بواسطة سر الميرون. ولذلك تمثل الكنيسة كلها بعشر عذارى.
عشر= عدد كامل يرمز للكنيسة كلها، التي اجتازت المعمودية ودهنت بزيت الميرون.
الحكيمات= من ملأن آنيتهن أي قلوبهن بزيت النعمة، أي يمتلئ القلب بالروح القدس فتستنير النفس بالرب وتتمسك بحبه. عندما تنشأ علاقة بين المسيح والنفس، تقدم النفس عبادة حارة ولكن هناك من يحزن الروح القدس ويطفئه. فنحن في الميرون نحصل على نعمة محددة، بجهادنا تزيد (لذلك يقول إمتلئوا بالروح) وباستهتارنا تقل (لذلك يقول لا تطفئوا الروح).
الجاهلات= تركن القلب فارغاَ ونسين حقيقة مجيء الرب ولهون بمحبة العالم. هذا لمن لا يجاهد . هؤلاء لهم المسيحية الإسمية، أمّا القلب فخالي من المحبة. هؤلاء أطفأن الروح.
نعسن= هل على المؤمن ألاّ ينام؟ قطعًا ليس هذا هو المقصود. ولكن الحكيمات ينعسن وهم ممتلئون سلامًا حقيقيًا "فالرب يعطي لأحبائه نومًا" قال عنه سفر النشيد "أنا نائمة وقلبي مستيقظ". أمّا الجاهلات فهن يتمتعن بسلام مزيف قال عنه النبي (أر12:5+ 13:6-14+ 11:8+ حز6:13، 10). وراجع أيضًا (مز2:127+ نش2:5). بالنسبة للجاهلات فهن نسين أن الرب سيأتي فلهون في العالم. ولكن علينا أن لا تفارقنا حقيقة أن الرب قادم بل يأتي فجأة. نعسن ونمن= إذًا هذًا إشارة للموت.
المصابيح= هي حياتي. وهناك من حياته مستنيرة وصار نورًا للعالم. وهناك من يسلك في شهوات هذا العالم خاضعًا لسلطان الظلمة.
صراخ=أصوات الملائكة بالبوق الأخير تنادي للأبرار بالخلاص وللأشرار بالدينونة.
الزيت= هو نعمة الروح القدس، وهذه نأخذها في سر الميرون، ولكن من يجاهد يمتلئ لذلك يقول بولس الرسول (امتلأوا بالروح (أف5: 18) + إضرم موهبة الله التي فيك بوضع يدي، وهذه الأخيرة قالها لتلميذه تيموثاوس) ويحذرنا من أن نقاوم الروح القدس بأن لا نتجاوب مع دعوته لنا بالتوبة... لا تحزنوا الروح.. لا تطفئوا الروح. وبجهادنا في صلواتنا واصوامنا.... تنسكب النعمة فينا. ومن لا يجاهد تنطفئ النعمة التي فيه. فنحن إذًا من خلال جهادنا إمّا نملأ مصابيحنا أو نطفئها. ولاحظ أن الجاهلات كان لهن رغبة أن يدخلن لكنهن لم يدخلن لأنهن لم يسمعن لصوت ابن الله ولم يجاهدن بل هن نعسن، فالرغبة وحدها لا تكفي. ونلاحظ أنهن أخطأن إذ تصورن أنه يمكنهن الحصول على الزيت في أي وقت والسبب بسيط أن النفس التي تعودت على الاستهتار والتراخي يصعب عليها أن تقوم فجأة وتبدأ الجهاد. لذلك يطلب المسيح منا السهر، أي عدم التراخي حتى تكون آنيتنا مملوءة زيتًا بصفة مستمرة.
الباعة= المسيح هو المصدر الوحيد وهو يبيع مجانًا (يو37:7-39+ رؤ17:3-18+ رؤ17:22+ أش1:55) والمسيح أعطانا وسائط النعمة وهي بلا ثمن. لكن لا فرصة للشراء من هذه العطية المجانية سوى في هذه الحياة. أمّا العذارى الجاهلات فأردن أن يشترين بعد فوات الأوان، بعد مجيء العريس= بعد أن نغادر نحن هذه الحياة، أو يأتي العريس فجأة في مجيئه الثاني.
بَلِ اذْهَبْنَ إِلَى الْبَاعَةِ وَابْتَعْنَ لَكُنَّ = هذا القول ليس للسخرية ولكن لإظهار أن الامتلاء من الزيت مسئولية كل شخص ولا يوجد من يملأ الآنية إلا جهاد واستعداد كل شخص.
إنطفأت مصابيح الجاهلات= كان الواجب على كل نفس أن تضرم هذه الموهبة التي أخذتها من الله (2تي6:1). ولكن الجاهلات خدعن أنفسهن معتمدات على أن لهن المواعيد أو هن قادرات على أن يمتلئن في أي وقت. ولكن الرياء سريعًا ما ينكشف وهو لا يدوم. والذين أهملوا نعمة روح الله سينكشفون في نور الرب.
أعطينا من زيتكن= هذا خطأ فلا يوجد إنسان قادر أن يعطيني الامتلاء، فهذا يعتمد على جهادي الشخصي، ولا وسيلة سوى طلب الامتلاء من المسيح (يو37:7-39+ 2تي6:1).
لا يكفينا وإياكن= لا يوجد إنسان له قداسة تزيد عن حاجته... إذًا لا توجد بدعة زوائد فضائل القديسين. وهنا نرى ضلال ذاك الذي إدعى من سنوات قليلة أنه يملأ من ينفخ فيهم ليمتلئوا بالروح، وتكون علامة إمتلائهم أن يسقطوا على الأرض فاقدون للوعي.
نصف الليل= ساعة لا ينتظره فيها أحد، ويكون الناس في أضعف درجات الاستعداد.
إني ما أعرفكن= ما يحدث مع العذارى هو امتداد لما مارسوه على الأرض، فالحكيمات يتمتعن بالحياة الجديدة كحياة شركة وإتحاد مارسنها على الأرض مع العريس، أما الجاهلات فلا خبرة لهن بالعريس، فهن عشن على الأرض خارج أبواب هذه الشركة حتى وإن كان لهن منظر الحياة التعبدية.
مصابيح= من امتلأ بالروح سيظهر هذا في حياته وأعماله ويكون نورًا للعالم، (دا12: 3) ، ويرى الناس أعماله ويمجدوا الآب الذي في السموات (مت16:5+ لو35:12).
أغلق الباب= ثبات القرار، فما عاد الأبرار يخرجون، ولا الأشرار ولا الشيطان يدخلون.
والمستعدات دخلن= وصاروا في أمان، لا يستطيع أحد أن يخطفهن.
رقم 5= يشير للحواس الخمسة وأصابع اليد الخمسة وأصابع القدم الخمسة أي يشير لمسئولية الإنسان، فالحواس هي التي أتعرف بها على العالم، وأنا مسئول عن كل ما يدخل إلى القلب عن طريق حواسي الخمسة، فهناك من يقدس سمعه رافضًا أن يسمع أي شيء يدنسه، وهناك من يفتح أذنه لسماع أي شيء فيتدنس، هذه مسئوليتي، وهناك من يستعمل لسانه في التسبيح فيتقدس قلبه، وهناك من يستعمل لسانه في الذم والنم والشتيمة والكذب.. إلخ فيدنس قلبه (يع5:3) وأصابع اليد تشير لأعمالي وأصابع القدم تشير لاتجاهاتي وأنا المسئول عنهما. إلاّ أن رقم 5 يشير للنعمة، فالمسيح أشبع 5000 من 5 خبزات. والمعنى أن من يجاهد ليضبط ويقدس حواسه وأعماله واتجاهاته يمتلئ ويشبع من النعمة ويملأ مصباحه فيكون مستعدًا للقاء العريس.
(مت14:25-30): "«وَكَأَنَّمَا إِنْسَانٌ مُسَافِرٌ دَعَا عَبِيدَهُ وَسَلَّمَهُمْ أَمْوَالَهُ، فَأَعْطَى وَاحِدًا خَمْسَ وَزَنَاتٍ، وَآخَرَ وَزْنَتَيْنِ، وَآخَرَ وَزْنَةً. كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ. وَسَافَرَ لِلْوَقْتِ. فَمَضَى الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَتَاجَرَ بِهَا، فَرَبحَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ. وَهكَذَا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ، رَبِحَ أَيْضًا وَزْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ. وَأَمَّا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ فَمَضَى وَحَفَرَ فِي الأَرْضِ وَأَخْفَى فِضَّةَ سَيِّدِهِ. وَبَعْدَ زَمَانٍ طَوِيل أَتَى سَيِّدُ أُولئِكَ الْعَبِيدِ وَحَاسَبَهُمْ. فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلًا: يَا سَيِّدُ، خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا. فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. ثُمَّ جَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَتَيْنِ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، وَزْنَتَيْنِ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا وَزْنَتَانِ أُخْرَيَانِ رَبِحْتُهُمَا فَوْقَهُمَا. قَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ الأَمِينُ! كُنْتَ أَمِينًا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ. ثُمَّ جَاءَ أَيْضًا الَّذِي أَخَذَ الْوَزْنَةَ الْوَاحِدَةَ وَقَالَ: يَا سَيِّدُ، عَرَفْتُ أَنَّكَ إِنْسَانٌ قَاسٍ، تَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ تَزْرَعْ، وَتَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ تَبْذُرْ. فَخِفْتُ وَمَضَيْتُ وَأَخْفَيْتُ وَزْنَتَكَ فِي الأَرْضِ. هُوَذَا الَّذِي لَكَ. فَأَجَابَ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ وَالْكَسْلاَنُ، عَرَفْتَ أَنِّي أَحْصُدُ حَيْثُ لَمْ أَزْرَعْ، وَأَجْمَعُ مِنْ حَيْثُ لَمْ أَبْذُرْ، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَضَعَ فِضَّتِي عِنْدَ الصَّيَارِفَةِ، فَعِنْدَ مَجِيئِي كُنْتُ آخُذُ الَّذِي لِي مَعَ رِبًا. فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ يُعْطَى فَيَزْدَادُ، وَمَنْ لَيْسَ لَهُ فَالَّذِي عِنْدَهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ. وَالْعَبْدُ الْبَطَّالُ اطْرَحُوهُ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ."
← يرجى مراجعة مثل الأمناء (لو19 : 12 – 27) فالمثلان متكاملان.
مثل العذارى يتحدث عن انتظار الرب والامتلاء من النعمة ومثل الوزنات يتحدث عن الأعمال. والسيد هنا يوضح أن هناك حساب على أعمالنا والوزنات التي بين أيدينا. والإنسان المسافر هو المسيح الذي صعد للسماء، والمال الذي سلمه لعبيده هو كل ما أعطانا من مواهب روحية وعطايا روحية ومواهب جسدية ونفسية، نجاهد بها في حياتنا لنربح بها لله. فالمسيح أعطانا جسده ودمه، وأرسل لنا الروح القدس، وأسس لنا كنيسة بأسرارها وأعطى كل واحد مواهب وعطايا حسب احتياجه وعلى قدر طاقته. هناك مَنْ أخذ خمسة وهناك مَنْ أخذ اثنين وهناك مَنْ أخذ واحدة، فهو لا يبخل على أحد بعطاياه، ولا يحابي أحدًا على حساب آخر، لكنه يعرف طاقة كل واحد ويوزع بحسب طاقة كل واحد. فما قدمه لنا الله من مواهب قدمها بحكمة، فهو يعرف ما يناسب كل عضو لخلاص وخدمة الكنيسة (أف7:4). وهذا يدفعنا ألا نَتَكَبَّر على أصحاب المواهب الأقل ولا نحسد أصحاب المواهب الأكثر، إنما نشكر صاحب المواهب.. يكفي أنها من يديه (1 كو 12: 4-6) لكن الكل يأخذ (1بط10:4).والله كما يتضح من هذا المثل سيحاسب كل واحد بقدر ما أخذ.
الوزنات= مالنا/ مواهبنا/ وقتنا/ صحتنا/ نفوذنا/ معرفتنا/ تعليمنا/ محبتنا/ إمكانياتنا العقلية والجسدية العضلية ومشاعرنا/ ذاكرتنا/ قوتنا.
سافر للوقت= ترك كل واحد بحريته.
(آية19): وبعد زمان طويل= أي بعد انتهاء زمان هذه الحياة. والقصد من هذه العبارة أن طول المدة قد يدفعنا للتكاسل ظنا أن هناك متسع من الوقت.
أقيمك على الكثير = [في هذه الحياة لنرى مثال من حياة مثلث الرحمات البابا الأنبا شنودة الذي بدأ خدمته بأمانة في سن الـ17 سنة فأخذ ما هو أكثر وصار مُدَرِّسًا في الإكليريكية، ولأمانته صار أسقفًا ولأمانته صار بطريركًا. ولنأخذ مثالًا آخر يجيب على سؤال هل تنطبق هذه الآية على الحياة الأخرى - لنرى الإجابة في ما يفعله الآن مثلث الرحمات البابا كيرلس السادس فلأمانته في حياته على الأرض. ها هو حتى الآن بعد نياحته بعشرات السنين ما زال بمعجزاته التي لا تنتهي يتمجد اسم الله]. في ضوء هذا نفهم قول الرب: فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لِلَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ = من هو صاحب العشر وزنات؟ هو من كان له خمس وزنات وتاجر بهم وربح خمس أخرى فصار عنده عشر وزنات. فما معنى أنهم يضيفوا لهذا العبد الأمين وزنة إلى وزناته وقد إنتهت حياته على الأرض وها هو هنا أمام الرب يسوع الديان يسأله عن أمانته فيما أعطاه له من وزنات؟
1. في أثناء حياة هذا العبد الأمين على الأرض، كلما كان أمينا يعطيه الله وزنات أكثر يمجد بها إسمه القدوس، وهذا رأيناه بوضوح في حياة البابا الأنبا شنودة.
2. وبعد انتقال هذا العبد الأمين أيضًا يعطيه الله أن يعمل ويمجد إسم الله القدوس، وهذا ما نراه الآن في الكثير من المعجزات التي يصنعها البابا الأنبا كيرلس. فهؤلاء الشهداء والقديسين تاجروا بوزناتهم الخمس وهم على الأرض، فحصلوا على خمس أُخر، بل أضيفت لهم وزنة أخرى وربما وزنات أُخِذت من غير الأمناء على ما كان لهم من وزنات، وصاروا يمجدون الله بكل هذه الوزنات.
3. وهذا أيضاً يفسر المعجزات الكثيرة التي يقوم بها القديسون الذين إنتقلوا ولكنهم ما زالوا يعملون حتى الآن ويمجدوا إسم الله القدوس.
4. والعكس فهناك من يستغل وزناته أو مواهبه في الخطية، أمثلة:- إنسان له أموال كثيرة يستعملها في الخطية، أو إنسان ذكي جداً ويستخدم ذكاءه في تدبير الشرور والمؤامرات - ولنا مثال في ذلك يهوذا التلميذ الخائن، الذي إختاره المسيح لموهبته في إدارة الأموال فسرق أموال الصندوق بدلاً من أن يمجد الله بهذه الموهبة. بل إزداد جشعه للأموال فباع سيده.
رد صاحب الوزنة الواحدة على سؤال سيده عما فعله بوزنته رد كله جفاء يدل على عدم فهمه لواجباته كعبد مستأمن على وكالة، ورده كان فيه عدم محبة لسيده وجهل مطبق وعدم رغبة في العمل. بل أيضا هو ظن أن خدمة الله فيها مشقة ولم يختبر الفرح الذي إختبره كل الذين يعملون في خدمة الرب هو خاف من المخاطرة وأن يخسر ولا يكسب. وكيف يخسر إن كان الله شريكا لنا في كل عمل؟
1. هذا يدل على جهل بسيده الذي لا ينسى تعب من يقدم كأس ماء.
2. وأي عمل خدمة للسيد لا يفشل ولا يضيع [فالرب وعد بأنه شريك معنا في كل عمل بل أننا لا يمكن أن نقدر أن نعمل بدونه]. وهكذا تعلمنا من القديس بولس الرسول أن ننهي كل إجتماع لنا بالبركة الرسولية "نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ، وَمَحَبَّةُ ٱللهِ، وَشَرِكَةُ ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ مَعَ جَمِيعِكُمْ. آمِينَ" (2كو14:13). فنحن لنا شريك في كل عمل هو الروح القدس. بل يقول لنا الرب يسوع أننا بدونه لا نقدر أن نعمل شيئاً (يو5:15). فهو [العامل فينا أن نريد وأن نعمل] (فى13:2).
3. بل أن هذا العبد هو الخسران لأن من يعمل في كرم الرب يختبر فرحا عظيما في خدمته. الله خلقنا لكي نفرح (جنة عَدْنْ تعني جنة الفرح). وبالخطية طردنا من الجنة وهذا يعني حرماننا من حياة الفرح. والمسيح ربنا بفدائه أعاد لنا هذا الفرح "فَأَنْتُمْ كَذَلِكَ، عِنْدَكُمُ ٱلْآنَ حُزْنٌ. وَلَكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ، وَلَا يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ" (يو22:16). والرسول يطلب منا أن نفرح في الرب "إِفْرَحُوا فِي ٱلرَّبِّ كُلَّ حِينٍ، وَأَقُولُ أَيْضًا: ٱفْرَحُوا" (ف4:4). ولكن الفرح هنا على الأرض جزئي، لأن العالم فيه ضيق ووضع في الشرير (يو33:16 + 1يو19:5). والفرح الذي نحصل عليه هنا هو عربون ما سنحصل عليه في الأبدية. فقصد الله لا يسقط أبداً. ولذلك نسمع هنا قول الرب يسوع للعبد الأمين "اُدْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ" (مت 25: 21، 23). فالله خلقنا لكي نفرح فلابد أن نفرح في النهاية فهذا قصد الله. وكل من يعمل مع الله يختبر هذا الفرح الذي إختبره آدم في الجنة -فهي جنة الفرح- حينما كان الله شريكا له في كل عمل، ولاحظ قول الوحي عن هذه الشركة بين الله وآدم [يحضر له الحيوانات ليرى ماذا يدعوها]: "وَجَبَلَ ٱلرَّبُّ ٱلْإِلَهُ مِنَ ٱلْأَرْضِ كُلَّ حَيَوَانَاتِ ٱلْبَرِّيَّةِ وَكُلَّ طُيُورِ ٱلسَّمَاءِ، فَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ لِيَرَى مَاذَا يَدْعُوهَا، وَكُلُّ مَا دَعَا بِهِ آدَمُ ذَاتَ نَفْسٍ حَيَّةٍ فَهُوَ ٱسْمُهَا" (تك19:2).
والله ينتظر من كل منّا أن يعمل بأمانة فيربح نفوس للمسيح ويشهد له ويكون سببًا لمجد الله الآب (مت16:5). ومن يربح هنا دخل إلى فرح سيده، بل نال الوزنة التي أهملها العبد الكسلان. أمّا صاحب الوزنة إذ أهمل وعاش عاطلًا فهو ليس فقط لم يربح وزنة أخرى وإنما هو سقط في خطية أخرى، فالخطية تلد خطية، وهنا نجد أن هذا العبد البطال اتهم سيده بالقسوة والظلم، وهي عادة قديمة، إذ حينما أخطأ آدم نسب لله الخطأ "المرأة التي أعطيتني.." فحياة الكسل والبطالة خطية وهذه سلمته لخطية أخرى وهي اتهام سيده بالقسوة.. وهذه سلمته لخطية الخوف. فكل خطية تبدو بسيطة وغير هامة تقود إلى خطايا أخطر، لذا وجب أن نقاوم كل خطية مهما بدت بسيطة. وهذا ما نبه الله قايين إليه فخطية قايين الأولى الحسد وهذا أسلمه للغضب وهذا أسلمه للتفكير في القتل وهذا أسلمه للتنفيذ وبعد ذلك أيضًا تبجح على الله قائلًا "أحارسٌ أنا لأخي" ثم هرب من الله نهائيًا. لذلك ومن بداية الطريق نبه قايين قائلًا "إن لم تحسن فعند الباب خطية رابضة وإليك اشتياقها وأنت تسود عليها" ولو كان قايين قد توقف عند أول خطية بسيطة ما حدث بعد ذلك كل هذا.
تحصد حيث لا تزرع= هذا كذب لأن سيده أعطاه كما أعطى لرفقائه.
إنسان قاسٍ= هنا نرى تمرده واتهامه الظالم لسيده.
خفت= لو كان يحب سيده ما كان قد خاف، فالمحبة تطرد الخوف. ولو خاف حقيقة لكان قد عمل واستيقظ من كسله. ولكنه هنا يمثل من يعتذر دائمًا أنه غير قادر على حفظ وصايا الله بينما هو لو حاول لوجد أن نعمة الله تسنده، أو من يعتذر عن أي خدمة لله بدعوى أنه غير قادر ولو حاول لوجد أن الله يسنده. خفت هذه ضد ما قاله الرسول بولس "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني".
عرفت أنك إنسان قاسٍ= بالعكس فهو لم يعرفه، هو لم يعرف الله، هذه تصورات قلبه لأن عينه مغلقة بسبب خطاياه. بل هو صار كحواء وصدَّق كذب الشيطان ولم يصدق الله. وهذه عادة الشيطان أن يُصوِّر لنا الله على أنه إله قاسٍ.
إخفاء الوزنة= مثل من يحافظ على صحته ويرفض الخدمة لئلاّ يُرهق.
من له يعطي ويزاد= فكل من يتاجر بمواهب الروح يعطي له أكثر وتزداد له البركات الروحية بفيض. وداود أخذ وزنات شاول حين ثبت أن شاول غير أمين في وزناته. أما من ليس له محبة الله، ويسلك في شهواته فالله يحرمه من مواهبه فهو لا يستحقها.
إدخل إلى فرح سيدك= هو دخول العرس الأبدي.
اطرحوه إلى الظلمة الخارجية= هو اختار الظلمة الداخلية بخطاياه وكان أعمى لا يرى الرب فكان نصيبه هو ما اختاره لنفسه على الأرض، فلن يرى نور الله، وتكون له الظلمة الخارجية بعيدًا عن نور الله كما اختار لنفسه على الأرض الظلمة الداخلية. الظلمة الخارجية أي خارجًا عن أورشليم السماوية التي ينيرها الرب يسوع (رؤ5:22) = العذاب الأبدي. وإن كان هذا مصير من اعاد الوزنة كما هي فما مصير من احرق وزنته مثلًا فالتدخين يحرق وزنتين، المال والصحة. وهكذا الخمر والمخدرات والملاهي البطالة والزنا.... إلخ.
التفسير الرمزي:
صاحب الخمس وزنات يشير لِمَنْ قَدَّس حواسه وأعماله واتجاهاته، فربح خمس وزنات أُخَر أي حواسه الداخلية التي يتصل بها بالسماء. وصاحب الوزنتين يشير لمن عاش في محبة فرقم (2) يشير لتجسد المسيح الذي أتى ليجعل الاثنين واحدًا وكان عمله بمحبة عجيبة، لذلك قدًّم السامري الصالح درهمين علامة محبته للجريح. والأرملة التي قدمت فلسين علامة محبتها لله وللمحتاجين. وفي قبر المسيح وُجِدَ ملاكين علامة محبة السمائيين مع الأرضيين إذًا هذا يشير لمن أحب الله والناس فهذا تضاعفت محبته لله وللناس، أمّا صاحب الوزنة التي دفنها في التراب فيشير لإنسان أناني متقوقع حول ذاته محب لذاته فقط، غير مرتبط بحب الله ولا الناس، إنسان أرضي لم يستطع أن يرتفع نحو السماء حيث الحب، بل عاش في الأرضيات ولذات العالم الترابي يشبع لذاته وشهواته من اللذات الترابية ويفسد نفسه ويخنقها إذ يدفنها في شهوات الجسد الترابي فلا ينتفع روحيًا وحتى جسده يهلك فيفقد السماء والأرض معًا.
الصيارفة= حيث تستخدم الأموال في التجارة لتربح. وهؤلاء يشيرون للمرشدين الروحيين الذين كانوا سيرشدونه لأن يقدم خدمات بمحبة للآخرين، فيربح نفس لله= ربا.
(مت31:25-46): "«وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ، فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ. وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ، فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي، رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ. لأَنِّي جُعْتُ فَأَطْعَمْتُمُونِي. عَطِشْتُ فَسَقَيْتُمُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَآوَيْتُمُونِي. عُرْيَانًا فَكَسَوْتُمُونِي. مَرِيضًا فَزُرْتُمُونِي. مَحْبُوسًا فَأَتَيْتُمْ إِلَيَّ. فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ غَرِيبًا فَآوَيْنَاكَ، أَوْ عُرْيَانًا فَكَسَوْنَاكَ؟ وَمَتَى رَأَيْنَاكَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا فَأَتَيْنَا إِلَيْكَ؟ فَيُجِيبُ الْمَلِكُ وَيَقوُل لَهُمْ: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ فَعَلْتُمُوهُ بِأَحَدِ إِخْوَتِي هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي فَعَلْتُمْ. «ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ: اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ، لأَنِّي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمُونِي. عَطِشْتُ فَلَمْ تَسْقُونِي. كُنْتُ غَرِيبًا فَلَمْ تَأْوُونِي. عُرْيَانًا فَلَمْ تَكْسُونِي. مَرِيضًا وَمَحْبُوسًا فَلَمْ تَزُورُونِي. حِينَئِذٍ يُجِيبُونَهُ هُمْ أَيْضًا قَائِلِينَ: يَا رَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا أَوْ عَطْشَانًا أَوْ غَرِيبًا أَوْ عُرْيَانًا أَوْ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا وَلَمْ نَخْدِمْكَ؟ فَيُجِيبُهُمْ قِائِلًا: الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: بِمَا أَنَّكُمْ لَمْ تَفْعَلُوهُ بِأَحَدِ هؤُلاَءِ الأَصَاغِرِ، فَبِي لَمْ تَفْعَلُوا. فَيَمْضِي هؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ وَالأَبْرَارُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ»."
المسيح ابن الإنسان يأتي في مجده للدينونة (يو22:5). ويعطي المجد للإنسان البار ويلقي الأشرار في عذاب أبدي. وهو يهب هذا المجد لمن قدموا حبًا للصغار كما لو كانوا يقدمونه للمسيح. فالعذاب هو لغير المؤمنين أو للمؤمنين غير الرحماء.
(آية32): الخراف بيضاء تشير للبر (رؤ14:7+ أش18:1+ مز7:51). أمّا الجداء فلونها أسود وهذا اللون يشير للخطية (أر23:13). ونحن كلنا خطاة تميزنا خطيتنا باللون الأسود ولكن من تطهر بدم المسيح يبيض فيصير على يمين المسيح وهذه تأتي بالمعمودية والتوبة المستمرة والثبات في المسيح وتناول جسده ودمه. الجداء= من سبق وأسماهم عذارى جاهلات. الخراف= العذارى الحكيمات.
(آية 34): نرى هنا أن الملكوت معَّدْ للإنسان منذ تأسيس العالم. رثوا= ولم يقل خذوا فهم أبناء يرثون مجد أبيهم وليسوا غرباء.
(آية41): النار الأبدية هذه معدة لإبليس وملائكته. ولاحظ أنه لم يقل يا ملاعين أبي كما سبق وقال يا مباركي أبي، فهم السبب في لعنتهم وليس الآب. إذًا الله لم يُعِّدْ النار الأبدية للإنسان بل للشيطان، ولكن من يختار بنفسه أن يكون ابنًا للشيطان يذهب معه للنار الأبدية (يو44:8+ 1يو10:3)
(مت1:26، 2): "وَلَمَّا أَكْمَلَ يَسُوعُ هذِهِ الأَقْوَالَ كُلَّهَا قَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: «تَعْلَمُونَ أَنَّهُ بَعْدَ يَوْمَيْنِ يَكُونُ الْفِصْحُ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ لِيُصْلَبَ»."
هنا نرى السيد يعين ويتنبأ عن يوم موته.
بعد يومين يكون الفصح وابن الإنسان يسلم ليصلب= لقد صار ابن الإنسان فصحنا الحقيقي وكان الفصح رمزًا له.
* انظر أيضًا: ترتيب وقراءات أسبوع الآلام.
8-
يوم الأربعاء من أحداث أسبوع
الآلام |
تفسير العهد الجديد |
7-5-
يوم الثلاثاء من أحداث أسبوع
الآلام: 5- فلسا الأرملة الفقيرة، رفض اليهود للمسيح |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/za9ytsx