محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
سفر رويا يوحنا الإنجيلي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
أفسس:- كنيسة المحبة التي أسسها المسيح (برجاء مراجعة موضوع أهمية المحبة عند القديس يوحنا في نهاية تفسير رسالة يوحنا الأولى). ولأن الله محبة، والله هو الحياة، فالكنيسة التي بلا محبة هي كنيسة ميتة فهي منفصلة عن الله. ومثل هذه الكنيسة يزحزحها المسيح، أي يتخلى عنها لأنها هي التي تركته أولًا. وهكذا كل نفس بلا محبة هي ميتة (1يو3: 14) . هذا يشبه قطع العضو الميت من الجسم (المصاب بالغرغرينا Gangrene) قبل أن يموت الإنسان كله . والغرغرينا تحدث لعضو بالجسم لو إنقطع عنه الدم فيموت هذا العضو ويجب بتره، ولا علاج طبى لهذه الحالة. ولكن نشكر الله على سر الإفخارستيا، فالعضو الميت (الإنسان الخاطئ) حين يتناول جسد الرب ودمه يعود للحياة "يُعْطَى لمغفرة الخطايا وحياة أبدية لمن يتناول منه". فنحن بالمعمودية نصير أعضاء في جسد المسيح "لِأَنَّنَا أَعْضَاءُ جِسْمِهِ، مِنْ لَحْمِهِ وَمِنْ عِظَامِهِ" (أف5: 30). إذًا بينما أنه لا يوجد علاج للغرغرينا الجسدية نجد أن الرب أعطانا الإفخارستيا دواءً شافيا للغرغرينا الروحية، فلا نُقطع من جسد المسيح.
سميرنا:- تمثل أسمى درجات المحبة وهي درجة الأغابي `agapy وهي بذل الذات، وهذا معنى الصليب، فالمسيح بذل حياته من أجل البشر. ووصية المسيح لكل من يريد أن يصير تلميذًا له أن يحمل صليبه ويتبعه (لو14: 27) أي يصل إلى درجة بذل ذاته في المحبة، والمحبة حياة، فيثبت في المسيح (يو15: 9)، وهذا هو وضع كنيسة سميرنا، التي وصلت للموت حبا في المسيح. ولهذا لم يوجه لها المسيح أي لوم، بل نجد تاريخيا أن المسيحية نمت وانتشرت في العالم في فترات الاستشهاد. فالكنيسة المملوءة محبة هي كنيسة حية بالمسيح الذي فيها. والكنيسة الحية تنمو مثل أي جسد حيّ.
برغامس:- هي عكس كنيسة سميرنا تمامًا. فنحن أمام موقفين:-
1- إما تكون الكنيسة مملوءة حبًا للمسيح فهي إذًا حية وتنمو، مثل كنيسة أفسس.
2- أو يبدأ دخول محبة العالم أو الاقتران بالعالم، فلا يصير القلب بالكامل للمسيح.
الموقف الثاني هو عكس ما يطلبه الكتاب الذي يقول "يا ابني أعطني قلبك" (أم23: 26). وهذا يبدأ دائمًا بعدم وضوح الرؤيا لإرادة الله، إذ نعطي تفسيرات خاطئة بمفاهيم عالمية لوصايا الكتاب فيحدث التشويش، ويكون هذا لتبرير ما أريده أنا وليس ما يريده الله (وهذا بالضبط معنى كلمة خطية). أما الطريق الصحيح فهو ما دلنا عليه بولس الرسول "قارنين الروحيات بالروحيات" (1كو2: 13). وهذا معنى أن المسيح يظهر هنا بأنه له السيف الماضي ذو الحدين. والسيف هو كلمة الله القادرة على أن تفصل بوضوح بين ما هو حق وما هو خداع (عب4: 12). ومن لا يفعل ويجتهد في أن يعرف الحق ويتبعه ويحيا، فهذا يبدأ في الانفصال وعدم الثبات في المسيح، وهذا هو طريق الموت. أما من يغذي نفسه بكلمة الله فيميز الحق، فهذا يثبت في المسيح = يأكل من المن المُخْفَى ويحيا أبديًا.
ثياتيرا:- الانحدار ازداد هنا، فنجد أن الإنسان رفض أن يكمل طريق (القلب كله لله) فازداد بعدًا عن الله، وللأسف فمثل هذا الإنسان يحاول أن يسكن ضميره بأن يختفي وراء شكليات ومظهريات العبادة، صارت العبادات كأنها مسرحية = ثياتيرا، وهذا كان موقف الكتبة والفريسيين الذين تمسكوا بالشكليات كوصية السبت تاركين أثقل الناموس، أي المحبة والرحمة فهم في حالة ابتعاد كامل عن الله. لذلك فالمسيح يظهر هنا بعينين كلهيب نار، فهو يعرف ما في قلوبهم وأنهم كالقبور المبيضة من الخارج. هنا وصلت الأمور إلى حدود صعبة جدًا (الملح بدأ يفسد).
ساردس:- هنا ازداد الانحدار حتى بدأ الروح ينطفئ. والمسيح هنا يقول "أنا مستعد أن أملأ من يأتي إليَّ ثانية بالروح فيحيا ولا يمحى اسمه من سفر الحياة الأبدية". أما من يرفض فهو أمام الله ميت مع أنه في نظر الناس حيّ. وطبعا مع استمرار التدهور انتشرت الخطية والابتعاد عن الله، وبالتالي يحدث الموت الروحي، فالابتعاد عن الله هو الانفصال عن الحياة. وصارت البقية الحية هم القلة = ساردس.
فيلادلفيا:- مع استمرار الانحدار يدخل الخدام الأمناء في حالة حزن شديد، ولقد عبَّر بولس الرسول عن هذه الحالة بقوله "من يضعف وأنا لا أضعف" (2كو11: 29). ولكن تحدث هنا مشكلة للخادم الأمين الحزين على ما يراه من انصراف المخدومين عن محبة الله، وهي أنه ييأس فيكف عن الخدمة معللًا ذلك بأنه لا فائدة فلا أحد يهتم، ولا أحد يريد الله، وهذا ما وصل إليه إيليا وقال "فبقيت أنا وحدي..." (1مل19: 14). وهذا خطأ كبير أمام الله. قال أحدهم " إن كان المخدوم منحرفًا فلا داعي لخدمته... وإن كان قديسًا فهو لا يحتاج إلى خدمة...إذًا لا داعي للخدمة... وهذا بالضبط ما يريده إبليس". ومعنى كلام المسيح هنا... أنه عليك أيها الخادم أن تخدم بلا ملل ولا يأس وأنا سأتدخل في الوقت المناسب، فالكنيسة هي كنيستي أنا، وأنا لن أفشل.
لاودكية:- نرى هنا استمرار حالة الانحدار إلى أسفل، وابتعاد الناس عن الله ومراعيه الخضراء الدسمة. يسعون وراء العالم ظانين أن فيه شبعًا، بينما هم يجرون وراء سراب مخادع في برية هذا العالم، تاركين الله، يعطون له القفا لا الوجه بينما هو ينبوع الماء الحقيقي، ويسعون وراء أبار مشققة لا تضبط ماء، أي أنهم يحاولون إشباع شهواتهم الجسدية (إر2: 13، 24، 27). وهذا هو حال الناس هذه الأيام. وهذا ما أخبرنا به السيد المسيح من قبل أنه "بسبب كثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين، وأنه في مجيئه الثاني سيندر وجود مؤمنين حقيقيين به" (مت24: 12 + لو18: 8). ولأن الله خلق الإنسان حرًا على صورته، والله لن يُغَيِّر أو يتراجع عن عطيته، نجده هنا يُخَيِّر الإنسان إما أن يستمر ثابتا فيه فيحيا. أو مصرًا على الانصراف والابتعاد عن الله، وأمام هذا الإصرار يعطي الرب مثل هذا الإنسان ما يريده، أي أن يتحرر من المسيح تمامًا ليعمل ما يريده، أي يسمح بالانفصال عنه فلا يعود ثابتا فيه وهذا معنى أنه يتقيأه = أي يخرجه من جسده، فبالمعمودية "صرنا أعضاء جسده من لحمه ومن عظامه، وحياته فينا" (أف5: 30 + فى1: 21). وإذا انفصل المسيح عن أحد يموت هذا الإنسان، فالمسيح هو القيامة والحياة (يو11: 25). ورسالة لاودكية هي دعوة لكل إنسان أن يجاهد ليمتلئ بالروح فتنفتح عيناه ويرى الباطل فيتركه (أي شهوات العالم)، ويرى الحق الذي هو المسيح فيلتصق به فيحيا.
هذه الرسالة تضع أمام كل إنسان طريقين هما الحق والباطل وهذا ما عمله موسى أيضًا مع شعب إسرائيل (تث30: 10-20) وخَيَّر الشعب بين الموت والحياة.
وأنظر للحق الذي يعلنه الله هنا " يتعشى معنا هنا ونتعشى معه هناك "وأين؟! في عرشه إذ لنا مكان فيه أعده لنا، ونكون فيه للأبد "فحيثما يكون هو نكون نحن أيضًا" (يو14: 2 – 6). ونتعشى معه = تعزيات حقيقية لنا هنا على الأرض وسط ضيقات هذا العالم. ونتعشى معه هناك = وهو معي = مجد أبدي وفرح لا ينطق به في السماء.
الخلاصة:- نحن أمام طريقين:-
1- إما أن نسلك في المحبة (أفسس) وننمو فيها حتى بذل أنفسنا (سميرنا) فنحيا أبديًّا.
2- أو نبدأ في خلط الأمور وينقسم القلب ما بين الله والعالم (برغامس) وهذا مستحيل، فالله لن يقبل هذا الوضع.
ومن يختار الطريق الثاني يبدأ في الانهيار والانحدار لأسفل، وتجد مثل هذا الإنسان يُسَكِّن ضميره بأن يحيا في شكليات العبادة (ثياتيرا). والنتيجة معروفة مسبقا وهي عدم القدرة على الثبات على هذا الوضع، فينصرف الكثيرين عن الله وتتبقى قلة (ساردس).
ومع الانحدار يبدأ للأسف حالة يأس وفتور وبالتالي ضعف الخدام (فيلادلفيا). ولولا رحمة الله ولطفه على كنيسته، خصوصا في بشاعة الهجوم المتوقع على الكنيسة في أيام ضد المسيح (لاودكية)، يسمح الله قبل تلك الأيام بأن تتجمع الكنائس المنشقة = (مرحلة فيلادلفيا = محبة الإخوة) لتواجه الكنيسة هذا الوحش وهي متحدة.
يا رب ليأتي ملكوتك.......آمين تعال أيها الرب يسوع.
وأنظر محبة الله العجيبة في إعلان ما هو حق... فبعد نهاية رسالة لاودكية يرى القديس يوحنا "بابًا مفتوحا في السماء". وهذا الباب مفتوح أمام كل من يختار طريق الثبات في محبة المسيح.
← تفاسير أصحاحات السفر: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير الرؤيا 4 |
قسم
تفاسير العهد الجديد القمص أنطونيوس فكري |
تفسير الرؤيا 3 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hakr34a