إننا نبني كنائسنا متجهة إلى الشرق. ونصلي ونحن متجهون إلى الشرق، لأن الشرق يوجه قلوبنا إلى تأملات نعتز بها، حتى أصبح بالنسبة إلينا رمزًا. وأيضًا من أجل أهمية الشرق في فكر الله كذلك، فإن كان الله قد اهتم به، فلنهتم به نحن أيضًا...
1) قبل أن يخلق الله الإنسان، أعد الله الشرق كمصدر للنور. ورأَى الله النور أنه حسن وفي لغتنا نقول عن ظهور الشمس أنه شروقها. وأصبحت عبارة تشرق الشمس أي تظهر من الشرق، أي تنير. والشمس خلقت في اليوم الرابع قبل خلق الإنسان في اليوم السادس (تك1).
وشروق الشمس رمز للسيد المسيح ونوره. وقد سُمِيَ الرب "شمس البر" وقيل "تشرق شمس البر، والشفاء في أجنحتها" (ملاخي2:4).
2) وقبل خلق الإنسان أيضًا، غرس له الله جنة عدن شرقًا (تك8:2). ووضعه فيها، وهناك أيضًا كانت شجرة الحياة، وكانت الحياة الأولى للإنسان قبل الخطية، وجنة عدن ترمز إلى الفردوس الذي نتطلع إليه.
وصار اتجاه الإنسان إلى الشرق، يرمز لتطلعه إلى الفردوس الذي حرمته منه الخطية، ويرمز لتطلعه إلى شجرة الحياة.
3) ونلاحظ أيضًا أن السيد المسيح وُلِدَ في بلاد الشرق، والمجوس رأوا نجمه في المشرق (مت2:2).
وكان هذا النجم يرمز إلى الإرشاد الإلهي. ولما تبعه المجوس قادهم إلى الرب. ما أجمل هذا التأمل!
4) والمسيح الذي وُلِدَ في الشرق، ونجمه في المشرق، شبهت أمه العذراء بباب في المشرق (حزقيال 44: 1، 2).
5) وهكذا نرى أن الخلاص قد أتَى إلى العالم من المشرق. فالمسيح صُلِبَ أيضًا في بلاد المشرق، وهناك بذل دمه عن غفران خطايا العالم كله.
6) وفي المشرق بدأت الديانة والكنيسة. في الشرق أورشليم، مدينة الملك العظيم، وفيه تأسست أول كنيسة في العالم. ومن الشرق امتدت رسالة الإنجيل، إلى العالم كله. وفيه سالت دماء أول شهيد في المسيحية.
7) كذلك الكتاب المقدس تحدث كثيرًا عن أن مجد الله في المشرق.
ففي (أش15:24) "في المشارق مجدوا الرب" وفي سفر حزقيال نبوءة عن مجيء المسيح في مجده من المشرق. يقول "وإذا مجد إله إسرائيل جاء عن طريق المشرق، وصوته كصوت مياه كثير، والأرض أضاءت من مجده" (حز43: 1، 2).
8) لذلك فإن غالبية اللاهوتيين يقولون:
"إن المجيء الثاني سيكون من المشرق وكما صعد هكذا يأتي" (أع11:1). ففي نبوءة زكريا (14: 3، 4). أن "الرب تقف قدماه في ذلك اليوم على جبل الزيتون الذي قدام أورشليم من المشرق".
9) الكلام عن المشرق جميل وذكرياته حلوة:
في حزقيال (47: 1-9) يتكلم عن "أنهار حياة في المشرق" وفي (2مل13: 17) يتكلم في الشرق عن "سهم خلاص الرب" وفي (أش15:24) "في المشارق مجدوا الله".
10) إن الذكريات لها في القلب تأثير:
ولها مفعولها الروحي في النفس. ويعجبني أن دانيال النبي حينما تحدَّى العِبادات الوثنية، وصعد إلى عليته ليصلي، فتح الطاقة التي تطل على أورشليم، وركع وصلَّى (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)... حقًا إن الله موجود في كل مكان، ولكن الاتجاه إلى أورشليم في الشرق كان له معنى وتأثير عميق في القلب، والذكريات تعطي القلب أهمية لأمكنة معينة، تثير ذكراها عواطف مقدسة.
11) إننا لسنا عقلًا صِرفًا في عبادتنا: فالحواس تعمل، وتتأثر، وتؤثر في مشاعر الروح. ومثال ذلك. أننا نصلي ونرفع نظرنا إلى فوق، بينما الله موجود في كل مكان... ولكن النظر إلى فوق، يحرك في قلوبنا مشاعر روحية تعطي لصلاتنا عمقًا خاصًا. كذلك الاتجاه إلى الشرق...
والمسيح نفسه، في أكثر من مناسبة، نظر إلى فوق، مع أن الآب فيه وهو في الآب. ولكن النظر إلى فوق له دلاله خاصة...
12) ونحن حينما ننظر إلى الشرق، إنما نتجه إلى المذبح الموجود في الشرق، لأن الذبيحة لها في قلوبنا الروحية، والمسيح فصحنا، كان ذبيحة في الشرق.
13) وفي المعمودية، بطريقة رمزية أيضًا، يتجه المعمد وإشبينه نحو الغرب لجحد الشيطان، ثم يتجهان إلى الشرق لتلاوة قانون الإيمان، وبهذا يشعر أنه في المعمودية ينتقل من الغرب إلى الشرق، أي من الظلمة إلى النور.
14) ونحن نسأل: لماذا يحارب البروتستانت الشرق بكل ما يحمل من رموز ومن معانٍ روحية وتأملات وذكريات مقدسة، تسندها نصوص من الكتاب المقدس. ولا يوجد في ذلك أي خطأ عقيدي يثير الغيرة المقدسة؟!
إكرام الصليب |
في الحوار اللاهوتي اللاهوت المقارن -1 |
الرعاية
والتوبة في الكنيسة |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/sxmxab6