← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33 - 34 - 35 - 36 - 37 - 38 - 39 - 40 - 41 - 42
الأَصْحَاحُ العِشْرُونَ
(1) داود يصارح يوناثان بما في قلب شاول (ع1-9)
(2) عهد يوناثان لداود (ع10-17)
(3) الخطة التي وضعها يوناثان لداود (ع18-23)
(4) غضب شاول من يوناثان (ع24-34)
(5) لقاء داود ويوناثان ثم فراقهما (ع35-42)
1 فَهَرَبَ دَاوُدُ مِنْ نَايُوتَ فِي الرَّامَةِ, وَجَاءَ وَقَالَ قُدَّامَ يُونَاثَانَ: «مَاذَا عَمِلْتُ وَمَا هُوَ إِثْمِي وَمَا هِيَ خَطِيَّتِي أَمَامَ أَبِيكَ حَتَّى يَطْلُبَ نَفْسِي؟» 2 فَقَالَ لَهُ: «حَاشَا. لاَ تَمُوتُ. هُوَذَا أَبِي لاَ يَعْمَلُ أَمْرًا كَبِيرًا وَلاَ أَمْرًا صَغِيرًا إِلَّا وَيُخْبِرُنِي بِهِ. وَلِمَاذَا يُخْفِي عَنِّي أَبِي هَذَا الأَمْرَ؟ لَيْسَ كَذَا». 3 فَحَلَفَ أَيْضًا دَاوُدُ وَقَالَ: «إِنَّ أَبَاكَ قَدْ عَلِمَ أَنِّي قَدْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ, فَقَالَ: لاَ يَعْلَمْ يُونَاثَانُ هَذَا لِئَلَّا يَغْتَمَّ. وَلَكِنْ حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ وَحَيَّةٌ هِيَ نَفْسُكَ إِنَّهُ كَخَطْوَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَ الْمَوْتِ». 4 فَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: «مَهْمَا تَقُلْ نَفْسُكَ أَفْعَلْهُ لَكَ». 5 فَقَالَ دَاوُدُ لِيُونَاثَانَ: «هُوَذَا الشَّهْرُ غَدًا حِينَمَا أَجْلِسُ مَعَ الْمَلِكِ لِلأَكْلِ. وَلَكِنْ أَرْسِلْنِي فَأَخْتَبِئَ فِي الْحَقْلِ إِلَى مَسَاءِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ. 6 وَإِذَا افْتَقَدَنِي أَبُوكَ, فَقُلْ: قَدْ طَلَبَ دَاوُدُ مِنِّي طِلْبَةً أَنْ يَرْكُضَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ مَدِينَتِهِ, لأَنَّ هُنَاكَ ذَبِيحَةً سَنَوِيَّةً لِكُلِّ الْعَشِيرَةِ. 7 فَإِنْ قَالَ: حَسَنًا. كَانَ سَلاَمٌ لِعَبْدِكَ. وَلَكِنْ إِنِ اغْتَاظَ غَيْظًا, فَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ أُعِدَّ الشَّرُّ عِنْدَهُ. 8 فَتَعْمَلُ مَعْرُوفًا مَعَ عَبْدِكَ, لأَنَّكَ بِعَهْدِ الرَّبِّ أَدْخَلْتَ عَبْدَكَ مَعَكَ. وَإِنْ كَانَ فِيَّ إِثْمٌ فَاقْتُلْنِي أَنْتَ, وَلِمَاذَا تَأْتِي بِي إِلَى أَبِيكَ؟» 9 فَقَالَ يُونَاثَانُ: «حَاشَا لَكَ! لأَنَّهُ لَوْ عَلِمْتُ أَنَّ الشَّرَّ قَدْ أُعِدَّ عِنْدَ أَبِي لِيَأْتِيَ عَلَيْكَ, أَفَمَا كُنْتُ أُخْبِرُكَ بِهِ؟»
ع1:
بالرغم من رؤية داود لشاول وسط الأنبياء يسبح الله ويمجده، إلاّ أنه لم يطمئن له وفضّل الهروب لمعرفته بما في قلب شاول، فنزل من نايوت القريبة من الرامة إلى الرامة حيث قابل فيها يوناثان، وفتح قلبه معه وسأله باستنكار، ماذا صنعت لأبيك ولماذا يغتاظ منى وما هي جريمتى التي بسببها يطلب قتلى؟!
ع2: أجاب يوناثان المحب باستنكار أيضًا بأن هذا لن يحدث أبدًا، وحتى يطمئن قلب داود قال له أن أباه شاول يخبره بكل أموره وأفكاره مهما صغرت، فإذا كان يريد قتله فلابد أنه سيخبره.
ع3:
حى هو الرب وحية هي نفسك: تعبير قسم للتأكيد.أكد داود كلامه ليوناثان بقسم حتى يصدقه، بأن أباه صمم على قتله ولا يفصله عن الموت سوى خطوة واحدة، ولكنه يعلم أيضًا مدى حب وصداقة يوناثان له، ولهذا قرر إخفاء هذا الأمر بالذات عنه حتى لا يحزن قلبه، وكذلك حتى لا يمنعه من قتله.
ع4: أراد يوناثان أن يعبر عن حبه ووفائه لداود وأن يطمئن قلبه أيضًا، فقال له مهما تطلب منى فإياه أفعله وأعدك به.
ع5: عندما قال يوناثان لداود بأنه سينفذ كل ما يطلبه منه، بدأ "داود" بالفعل يطلب من يوناثان مساعدته في خطته. فقد كان اليهود يحتفلون برؤوس الشهور كأعياد روحية لهم (عد28: 11-15)، فيقدمون الذبائح ويصنعون الولائم وبالطبع كان الملك يعد وليمة شهرية يأكل منها كل قادته ورجاله ومنهم داود، فطلب داود من يوناثان أن يختبئ لمدة ثلاثة أيام في أحد الحقول ولا يحضر وليمة أبيه.
ع6: وإذا سأل الملك عن داود ومكانه الخالى، يجيب يوناثان بأنه سمح له بالذهاب إلى بيت أبيه في قرية بيت لحم حتى يقدم مع أسرته الذبيحة التي اعتاد أهله أن يقدموها كل سنة، وبالفعل كان هذا من عادات العشائر اليهودية أن يقدموا تذكارات في رؤوس الشهور.
ع7: فإذا كانت إجابة أبيك هي الموافقة والرضا كانت هذه علامة سلام وأنه لا يضمر لى شرًا، أما إذا هاج واغتاظ واشتد به الغضب، فاعلم أن أباك أراد بى شرًا، أي قتلى.
ع8:
أدخلت عبدك معك: شكر من داود لاتضاع يوناثان ابن الملك ودخوله في عهد مع عبده داود؛ وهذا اتضاع من داود أيضًا لأنه تناسى أنه الملك وتذكر فقط أنه عبد ليوناثان.وبهذا يا يوناثان تكون قدمت لى معروفًا جليلًا إذ أنقذت دمًا بريئًا من يد أبيك وخاصة أنك صديقى والرب شهد على عهد صداقتنا، أما إذا كنت ترانى مذنبًا أو مستحقًا للموت، فاقتلنى أنت بدلًا من أن تسلمنى لأبيك.
ع9: مرة أخرى يجيب يوناثان داود قائلًا "حاشا لك" ومعناها إننى أمنعك أن تقول هذا الكلام عن نفسك من أنك صانع شر، ولكن يا صديقى أتظن أننى لو علمت أن هناك خطرًا يتهددك من جهة أبى، أكنت أخفيه عنك ؟!؟!. أي طمأنه أنه لن يموت.
† إن شعرت بالشر في مكان ما أو خطية ستسقط فيها إذا ذهبت إلى هذا المكان أو قابلت أناس معينين، فاهرب وابتعد حتى لا تسقط في الخطية فهذه حكمة وقوة وليس ضعفًا، فالمهم أن تحفظ نفسك في نقاوة وسلام.
10 فَقَالَ دَاوُدُ لِيُونَاثَانَ: «مَنْ يُخْبِرُنِي إِنْ جَاوَبَكَ أَبُوكَ شَيْئًا قَاسِيًا؟» 11 فَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: «تَعَالَ نَخْرُجُ إِلَى الْحَقْلِ». فَخَرَجَا كِلاَهُمَا إِلَى الْحَقْلِ. 13 وَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: «يَا رَبُّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ, مَتَى اخْتَبَرْتُ أَبِي مِثْلَ الآنَ غَدًا أَوْ بَعْدَ غَدٍ, فَإِنْ كَانَ خَيْرٌ لِدَاوُدَ وَلَمْ أُرْسِلْ حِينَئِذٍ فَأُخْبِرَهُ, 13 فَهَكَذَا يَفْعَلُ الرَّبُّ لِيُونَاثَانَ وَهَكَذَا يَزِيدُ. وَإِنِ اسْتَحْسَنَ أَبِي الشَّرَّ نَحْوَكَ, فَإِنِّي أُخْبِرُكَ وَأُطْلِقُكَ فَتَذْهَبُ بِسَلاَمٍ. وَلْيَكُنِ الرَّبُّ مَعَكَ كَمَا كَانَ مَعَ أَبِي. 14 وَلاَ وَأَنَا حَيٌّ بَعْدُ تَصْنَعُ مَعِي إِحْسَانَ الرَّبِّ حَتَّى لاَ أَمُوتَ, 15 بَلْ لاَ تَقْطَعُ مَعْرُوفَكَ عَنْ بَيْتِي إِلَى الأَبَدِ, وَلاَ حِينَ يَقْطَعُ الرَّبُّ أَعْدَاءَ دَاوُدَ جَمِيعًا عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ». 16 فَعَاهَدَ يُونَاثَانُ بَيْتَ دَاوُدَ وَقَالَ: «لِيَطْلُبِ الرَّبُّ مِنْ يَدِ أَعْدَاءِ دَاوُدَ». 17 ثُمَّ عَادَ يُونَاثَانُ وَاسْتَحْلَفَ دَاوُدَ بِمَحَبَّتِهِ لَهُ لأَنَّهُ أَحَبَّهُ مَحَبَّةَ نَفْسِهِ.
عاد داود يسأل يوناثان، ولكن من يخبرنى ويعلمنى إن كانت إجابة شاول تحمل شرًا، ولكن قبل أن يجيبه يوناثان بشئ طلب منه أن يخرجا معًا خارج المدينة إلى الحقل والمقصود إلى مكان خلاء.
يا رب إله إسرائيل: قسم في صيغة صلاة.
بدأ يوناثان كلامه لداود محدثًا الله، أي ليُشهد الله على صدق كلامه ليطمئن داود، وهو أسلوب يشبه القسم، وكان محتوى الكلام أنه في الغد وأثناء وليمة الملك في رأس الشهر إذا علم أن شاول يحب داود ويتمنى له الخير فإنه سوف يخبره بذلك، أما إذا لم يخبره يفعل الله بيوناثان كل شر "يفعل ويزيد"، أما إذا شعر أن أباه يضمر له الشر ويريد بالفعل قتله، فسوف يخبره أيضًا ويدعه يهرب من وجهه. ودعا أن يكون الرب معه وينصره كما كان مع أبيه في أوائل أيامه وأعطاه النصرة على أعدائه.
ع14، 15: بعد أن تعهد يوناثان بإخبار داود بما في قلب شاول ووعده بمساعدته على الهرب في حالة غضب أبيه، يطلب الآن عهدًا من صديقه "داود"، وهو أنه عندما يعطيه الله المُلك ويصير صاحب نفوذ، لا يبقى فقط على يوناثان ويعد بعدم قتله، بل أيضًا عليه أن يرعى كل نسل يوناثان وبيته في حالة انفراده بالسلطة بعد أن يقضى الله على كل أعدائه.
ع16:
ليطلب الرب: معناها لينتقم الرب.أعاد يوناثان كلامه المطمئن لداود بأن يعطيه عهد السلام والأمان بل أنه طلب أيضًا في صورة دعاء أن ينتقم الله من كل أعداء داود.
ع17: وجعل يوناثان "داود" يقسم أيضًا بمحبتهما وأن يحافظ على وعده ناحية يوناثان وأهل بيته، وقد فعل داود هذا، وتعبير "أحبه محبته لنفسه" يرى البعض أنه يصف مشاعر يوناثان ويرى الآخرون أنه يصف مشاعر داود نحو يوناثان، والجمع بين الرأيين هو الأفضل، إذ أحب الرجلان بعضهما بعضًا بشدة، كما ستكشف الأحداث التالية.
يلاحظ أن يوناثان "أعاد" على داود العهد، وذلك لأنه كان معروفًا في ذلك الزمان أنه عندما يأتي الحكم لملك جديد ليس من نسل الملك القديم فأن أول ما كان يفعله الملك الجديد هو التخلص من كل بقية أسرة الملك السابق.
ويلاحظ هنا إيمان يوناثان بأن الله مع داود وسيصير هو الملك بعد أبيه لذا طلب منه أن يهتم بنسله من بعده.
† ما أجمل معاهدات الحب بين الناس ... بين كل زوجين أو أخين أو صديقين بأن يقدم كل منهما محبة للآخر، فهذا يشجع على تقديم المحبة وثباتها، فالحب هو الذي يحطم مؤامرات إبليس ومشاكله التي يختلقها كل يوم، فيلتمس كل واحد العذر للآخر ويسامحه بل يشفق عليه ويسانده.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
18 وَقَالَ لَهُ يُونَاثَانُ: «غَدًا الشَّهْرُ فَتُفْتَقَدُ لأَنَّ مَوْضِعَكَ يَكُونُ خَالِيًا. 19 وَفِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ تَنْزِلُ سَرِيعًا وَتَأْتِي إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي اخْتَبَأْتَ فِيهِ يَوْمَ الْعَمَلِ, وَتَجْلِسُ بِجَانِبِ حَجَرِ الاِفْتِرَاقِ. 20 وَأَنَا أَرْمِي ثَلاَثَةَ سِهَامٍ إِلَى جَانِبِهِ كَأَنِّي أَرْمِي هَدَفًا. 21 وَحِينَئِذٍ أُرْسِلُ الْغُلاَمَ قَائِلًا: اذْهَبِ الْتَقِطِ السِّهَامَ. فَإِنْ قُلْتُ لِلْغُلاَمِ: هُوَذَا السِّهَامُ دُونَكَ فَجَائِيًا, خُذْهَا. فَتَعَالَ لأَنَّ لَكَ سَلاَمًا. لاَ يُوجَدُ شَيْءٌ. حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ. 22 وَلَكِنْ إِنْ قُلْتُ هَكَذَا لِلْغُلاَمِ: هُوَذَا السِّهَامُ دُونَكَ فَصَاعِدًا. فَاذْهَبْ لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَطْلَقَكَ. 23 وَأَمَّا الْكَلاَمُ الَّذِي تَكَلَّمْنَا بِهِ أَنَا وَأَنْتَ فَهُوَذَا الرَّبُّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ إِلَى الأَبَدِ».
غدا الشهر: أي وليمة الملك لأول الشهر.
حجر الافتراق: هو مكان وعلامة والمقصود المكان الذي نفترق فيه ويعلمه كلانا.
اقترح يوناثان على داود أن يختفى عن مائدة أبيه أول يومين في الشهر، وهما اليومان اللذان يقدم فيهما شاول الوليمة لرجاله، وبالطبع سوف يلاحظ الجميع بما فيهم شاول غياب داود، وفى اليوم الثالث تأتى إلى هذا المكان الذي سوف نفترق عنه الآن وعلامته هذا الحجر.
فجائيًا: تأتى يا غلام نحو يوناثان لالتقاط السهام.
وأنا أخرج كأنى أتنزه وأصطاد بعض الحيوانات وأرمى بقوسى ثلاثة سهام، وكأنى أريد أن أصيب هدفًا، ثم أرسل الغلام الذي يتبعنى لالتقاطها، وسوف استخدم معه أسلوبًا كأنه شفرة لتفهمها أنت يا داود، فإذا قلت للغلام بصوت تسمعه أنت ها هي السهام قريبة تعالى لتأخذها، تفهم أنت أن الأمور على ما يرام ولن يصيبك شيء فتخرج من مخبأك، وأكد كلامه بقسم هو حى هو الرب أنه سيفعل ما قاله.
ع22: أما إذا قلت للغلام أن السهام قد ذهبت بعيدًا عنك نحو الأمام فابتعد لتلتقطها وتأتى بها، فهذا معناه أنك يا داود في خطر وعليك الهرب والرب يطلقك في طريقك ويعطيك سلامه.
ع23: أراد يوناثان أن يطمئن قلب "داود" فجعل الرب شاهدًا على كلامه أنه لا يخونه، بل أن العهد الذي قطعه على نفسه هو عهد أبدى.
† إهتم بإنقاذ كل ما هو في ضيقة واظهر له المحبة وساعده قدر طاقتك، فحينئذ تنال بركات من الله وينقذك من كل ضيقة وتنال رحمة في اليوم الأخير.
24 فَاخْتَبَأَ دَاوُدُ فِي الْحَقْلِ. وَكَانَ الشَّهْرُ, فَجَلَسَ الْمَلِكُ عَلَى الطَّعَامِ لِيَأْكُلَ. 25 فَجَلَسَ الْمَلِكُ فِي مَوْضِعِهِ حَسَبَ كُلِّ مَرَّةٍ عَلَى مَجْلِسٍ عِنْدَ الْحَائِطِ. وَقَامَ يُونَاثَانُ وَجَلَسَ أَبْنَيْرُ إِلَى جَانِبِ شَاوُلَ, وَخَلاَ مَوْضِعُ دَاوُدَ. 26 وَلَمْ يَقُلْ شَاوُلُ شَيْئًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لأَنَّهُ قَالَ: «لَعَلَّهُ عَارِضٌ. غَيْرُ طَاهِرٍ هُوَ. إِنَّهُ لَيْسَ طَاهِرًا». 27 وَكَانَ فِي الْغَدِ الثَّانِي مِنَ الشَّهْرِ أَنَّ مَوْضِعَ دَاوُدَ خَلاَ, فَقَالَ شَاوُلُ لِيُونَاثَانَ ابْنِهِ: «لِمَاذَا لَمْ يَأْتِ ابْنُ يَسَّى إِلَى الطَّعَامِ لاَ أَمْسِ وَلاَ الْيَوْمَ؟» 28 فَأَجَابَ يُونَاثَانُ شَاوُلَ: «إِنَّ دَاوُدَ طَلَبَ مِنِّي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ 29 وَقَالَ: أَطْلِقْنِي لأَنَّ عِنْدَنَا ذَبِيحَةَ عَشِيرَةٍ فِي الْمَدِينَةِ, وَقَدْ أَوْصَانِي أَخِي بِذَلِكَ. وَالآنَ إِنْ وَجَدْتُ نِعْمَةً فِي عَيْنَيْكَ فَدَعْنِي أُفْلِتُ وَأَرَى إِخْوَتِي. لِذَلِكَ لَمْ يَأْتِ إِلَى مَائِدَةِ الْمَلِكِ». 30 فَحَمِيَ غَضَبُ شَاوُلَ عَلَى يُونَاثَانَ وَقَالَ لَهُ: «يَا ابْنَ الْمُتَعَوِّجَةِ الْمُتَمَرِّدَةِ, أَمَا عَلِمْتُ أَنَّكَ قَدِ اخْتَرْتَ ابْنَ يَسَّى لِخِزْيِكَ وَخِزْيِ عَوْرَةِ أُمِّكَ؟ 31 لأَنَّهُ مَا دَامَ ابْنُ يَسَّى حَيًّا عَلَى الأَرْضِ لاَ تُثْبَتُ أَنْتَ وَلاَ مَمْلَكَتُكَ. وَالآنَ أَرْسِلْ وَأْتِ بِهِ إِلَيَّ لأَنَّهُ ابْنُ الْمَوْتِ هُوَ». 32 فَأَجَابَ يُونَاثَانُ شَاوُلَ أَبَاهُ: «لِمَاذَا يُقْتَلُ؟ مَاذَا عَمِلَ؟» 33 فَوَجَّهَ شَاوُلُ الرُّمْحَ نَحْوَهُ لِيَطْعَنَهُ. فَعَلِمَ يُونَاثَانُ أَنَّ أَبَاهُ قَدْ عَزَمَ عَلَى قَتْلِ دَاوُدَ. 34 فَقَامَ يُونَاثَانُ عَنِ الْمَائِدَةِ بِحُمُوِّ غَضَبٍ وَلَمْ يَأْكُلْ خُبْزًا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنَ الشَّهْرِ, لأَنَّهُ اغْتَمَّ عَلَى دَاوُدَ, لأَنَّ أَبَاهُ قَدْ أَخْزَاهُ.
جاء أول الشهر ونفَّذ داود خطة يوناثان واختفى عن مائدة الملك، التي جلس فيها في مكانه المعتاد، وجهه نحو مدخل القاعة وظهره نحو الحائط على رأس المائدة، وكذلك جلس أبنير رئيس جيشه، أما يوناثان فكان قائمًا، ربما للترحيب بالرجال عند دخولهم، ولم يحضر داود الوليمة.
ع26: في اليوم الأول لاحظ شاول اختفاء داود ولكنه لم يعلق بشئ بل التمس له العذر وقال في نفسه لعل داود لم يأتِ بسبب أي عذر طارئ أو لعله لم يكن طاهرًا جسديًا (وهذا أحد شروط التقدم والأكل من الذبيحة المقدمة إلى الله) (لا7: 19-21).
ع27: وفى اليوم الثاني من الوليمة ظل مكان داود خاليًا، فسأل شاول ابنه يوناثان عن سر اختفاء داود وغيابه عن الوليمة في اليومين. ويظهر احتقار شاول لداود فلم يذكره باسمه بل قال "ابن يسى". ولم يكن سؤاله محبة له بل لينتهز فرصة ليقتله.
فدعنى أفلت: إسمح لى بالتخلف عن الوليمة والذهاب إلى بيت لحم.
أجاب يوناثان أبيه بنفس الكلام الذي اتفق مع داود أن يقوله (ع5، 6)، بأنه ذهب لبيت لحم حيث يقدم أبوه ذبيحة عن كل العشيرة وأنه سمح له بالذهاب ......
ع30: اشعلت إجابة يوناثان الغضب والغيظ الشديد في قلب شاول، الذي لم يستطع أن يخفى غيظه بل انفجر شاتمًا ابنه يوناثان واصفًا إياه أنه غير مطيع ومتمرد، وكشتيمة نسب هذه الصفات لأمه كأنه وارثًا إياها منها، وقال له أنه باختياره داود كصديق لصيق له إنما اختار لنفسه من سيكون سببًا في عاره وعار أسرته كلها.
ع31:
خزى عورة أمك: يظن شاول أنه إن لم يقتل داود، سيصير ملكًا، ومن صفات الملوك الأشرار أن يأخذوا زوجات الملك القديم ويجعلوهن سرارى فيضطجعوا معهن.استمر شاول في توبيخه ليوناثان وقال أنه طالما كان "داود" حيًا فسيصير هو الملك القادم، وبالتالي لن ترث أنت الملك والحكم وستضيع المملكة من أسرتنا، ولا حل لنا إلاّ أنك تأتى "بداود" إلى هنا حتى يقابل مصيره المحتوم وهو الموت.
† هكذا يعمى الغضب وشهوة الامتلاك الإنسان عن الإرادة الإلهية، وكأن شاول قادر بمكائده أن يغير قصد الله وترتيبه، فلا تدع غضبك يحكمك ولا تأخذ قرارًا أثناء غضبك لأن غضب الإنسان لا يصنع بر الله.
ع32: ظل يوناثان على عهد صداقته ووفائه لصديقه داود فلم يخيفه غضب أبيه بل ظل يدافع عن صديقه موضحًا أنه لم يفعل رديًا حتى يموت.
ع33:
صابى الرمح: أي وجه الرمح ناحيته.عندما سمع شاول دفاع يوناثان عن داود، اغتاظ بالأكثر ولم يستخدم كلمات هذه المرة، بل أخذ الرمح وحاول توجيهه ناحية يوناثان لقتله، فعلم يوناثان وتأكد أن نية أبيه كانت قتل داود والتخلص منه.
ع34: ولهذا قام يوناثان غاضبًا من أبيه وترك مكان الوليمة دون أن يأكل منها شيئًا، وحزن على صديقه داود جدًا من المتاعب التي سينتظرها من أبيه وغضب أيضًا من أبيه لأجل قلبه الممتلئ شرًا.
35 وَكَانَ فِي الصَّبَاحِ أَنَّ يُونَاثَانَ خَرَجَ إِلَى الْحَقْلِ إِلَى مِيعَادِ دَاوُدَ وَغُلاَمٌ صَغِيرٌ مَعَهُ. 36 وَقَالَ لِغُلاَمِهِ: «ارْكُضِ الْتَقِطِ السِّهَامَ الَّتِي أَنَا رَامِيهَا». وَبَيْنَمَا الْغُلاَمُ رَاكِضٌ رَمَى السَّهْمَ حَتَّى جَاوَزَهُ. 37 وَلَمَّا جَاءَ الْغُلاَمُ إِلَى مَوْضِعِ السَّهْمِ الَّذِي رَمَاهُ يُونَاثَانُ, نَادَى يُونَاثَانُ وَرَاءَ الْغُلاَمِ: «أَلَيْسَ السَّهْمُ دُونَكَ فَصَاعِدًا؟» 38 وَنَادَى يُونَاثَانُ وَرَاءَ الْغُلاَمِ: «اعْجَلْ. أَسْرِعْ. لاَ تَقِفْ». فَالْتَقَطَ غُلاَمُ يُونَاثَانَ السَّهْمَ وَجَاءَ إِلَى سَيِّدِهِ. 39 وَالْغُلاَمُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ شَيْئًا, وَأَمَّا يُونَاثَانُ وَدَاوُدُ فَكَانَا يَعْلَمَانِ الأَمْرَ. 40 فَأَعْطَى يُونَاثَانُ سِلاَحَهُ لِلْغُلاَمِ الَّذِي لَهُ وَقَالَ لَهُ: «اذْهَبِ. ادْخُلْ بِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ». 41 اَلْغُلاَمُ ذَهَبَ وَدَاوُدُ قَامَ مِنْ جَانِبِ الْجَنُوبِ وَسَقَطَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى الأَرْضِ وَسَجَدَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. وَقَبَّلَ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ, وَبَكَى كُلٌّ مِنْهُمَا مَعَ صَاحِبِهِ حَتَّى زَادَ دَاوُدُ. 42 فَقَالَ يُونَاثَانُ لِدَاوُدَ: «اذْهَبْ بِسَلاَمٍ لأَنَّنَا كِلَيْنَا قَدْ حَلَفْنَا بِاسْمِ الرَّبِّ قَائِلَيْنِ: الرَّبُّ يَكُونُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ نَسْلِي وَنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ». فَقَامَ وَذَهَبَ, وَأَمَّا يُونَاثَانُ فَجَاءَ إِلَى الْمَدِينَةِ.
في صباح اليوم الثالث من الشهر، خرج يوناثان إلى مكان الحقل المتفق عليه مع داود ومعه سهامه وقوسه وفتى صغير السن لجمع السهام، وأمر الغلام الذي معه أن يبدأ في الجرى، ولكن قذف يوناثان سهمه بقوة فجاوز السهم الصبى وسقط في مكان أبعد منه. ولعله أخذ غلامًا صغيرًا حتى لا يفهم الخطة المتفق عليها بينه وبين داود المختبئ.
ع37، 38: نادى يوناثان على الصبى بصوت مرتفع حتى يسمع داود بأن السهم ذهب أبعد من الصبى وتكلم بنفس الكلمات التي اتفق عليها مع داود في (ع22)، ثم أمر الصبى بأن يعود بالسهم ويأتى به إليه. ويلاحظ في كلام يوناثان مع الغلام أنه أمره بثلاثة أوامر "أعجل، أسرع، لا تقف"، وهي كلها كلمات موجهة لداود ليفهم بها ما عليه أن يفعل، أي يسرع في الهرب من وجه شاول الذي يريد قتله.
ع39، 40: بالطبع لم يفهم الغلام شيئًا من كل هذا الكلام الذي كان مقصود به داود، ثم أعطى الغلام قوسه وسهامه وأمره بالعودة وذلك حتى يقابل صديقه داود منفردًا.
ع41: خرج داود من المكان المختبئ فيه وتقدم نحو يوناثان صديقه وسجد أمامه ثلاث مرات اعترافًا منه بفضل يوناثان في الحفاظ على حياته، واحترامًا من داود ليوناثان لأنه ولىّ العهد، متناسيًا تمامًا أنه ممسوح من الله ملكًا، وهذا يوضح اتضاعه الشديد وعدم استغلاله للصداقة القوية مع يوناثان، ثم حضن كل منهما صاحبه وبكى، وزاد داود في بكائه على بكاء يوناثان، ربما لأن ظروفه كانت أقسى من ظروف صاحبه، فعليه منذ الآن الهرب والاختباء من بطش شاول.
ع42: بعد وقت قليل تكلم يوناثان وقال لداود عليه أن يهرب ويذهب بعيدًا، ودعا له أن ترافقه سلامة الله، وذكره بكل ما قالاه وأقسما عليه أمام الله بأنه هو الشاهد على ما دار بينهما، وكيف أن كل منهما أعطى عهد سلام لصديقه ولكل نسله من بعده. وعاد يوناثان بعد هذه الأحداث للمدينة أما داود فبدأ رحلة هروبه.
† المحبة تدفعك لأن تنبه الآخرين للأخطار التي يمكن أن تهاجمهم حتى يحترسوا منها خاصة حروب الشيطان وكل شيء يبعدهم عن الله، فإن سمعوا منك كسبت نفوسهم وإن لم يسمعوا تظل تصلى من أجلهم حتى يرشدهم الله ولكن لابد أن تحذرهم فأنت مسئول أمام الله عن ذلك.
← تفاسير أصحاحات صموئيل الأول: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير صموئيل الأول 21 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير صموئيل الأول 19 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/samuel1/chapter-20.html
تقصير الرابط:
tak.la/ws6ha7a