* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16
اَلأَصْحَاحُ الْخَامِسُ وَالثَّلاَثُونَ
في حديث أليهو الأول (أي 33) لأيوب كان يوجهه له وحده، وفى حديثه الثاني (أي 34) وجهه لأيوب وأصدقائه، ولم يرد أيوب على أليهو في المرتين، فتكلم أليهو في حديثه الثالث لأيوب عما يلي:
يعاتب أيوب؛ لأنه تشكك في فائدة حياة البر.
الله غير محتاج لصلاح الإنسان، وكل إنسان مسئول عن عمله، خيرًا كان أم شرًا.
الله يطيل أناته ولا يستجيب سريعًا؛ لأن الضيقة لم تكمل عملها في الإنسان الذي في الضيقة.
(1) الإنسان مسئول عن عمله (ع1-8)
(2) لماذا لا يستجيب الله؟ (ع9-16)
1 فَأَجَابَ أَلِيهُو وَقَالَ: 2 «أَتَحْسِبُ هذَا حَقًّا؟ قُلْتَ: أَنَا أَبَرُّ مِنَ اللهِ. 3 لأَنَّكَ قُلْتَ: مَاذَا يُفِيدُكَ؟ بِمَاذَا أَنْتَفِعُ أَكْثَرَ مِنْ خَطِيَّتِي؟ 4 أَنَا أَرُدُّ عَلَيْكَ كَلاَمًا، وَعَلَى أَصْحَابِكَ مَعَكَ. 5 اُنْظُرْ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَأَبْصِرْ، وَلاَحِظِ الْغَمَامَ. إِنَّهَا أَعْلَى مِنْكَ. 6 إِنْ أَخْطَأْتَ فَمَاذَا فَعَلْتَ بِهِ؟ وَإِنْ كَثَّرْتَ مَعَاصِيَكَ فَمَاذَا عَمِلْتَ لَهُ؟ 7 إِنْ كُنْتَ بَارًّا فَمَاذَا أَعْطَيْتَهُ؟ أَوْ مَاذَا يَأْخُذُهُ مِنْ يَدِكَ؟ 8 لِرَجُل مِثْلِكَ شَرُّكَ، وَلابْنِ آدَمٍ بِرُّكَ.
يعاتب أليهو أيوب لأنه برر نفسه أكثر من الله. والحقيقة أن أيوب لم يقل أبدًا أنا أبر من الله، ولكنه أظهر أنه عاش بالبر طوال حياته، وعاتب الله أنه نزع حقه (أي 27: 2). فكأنه يداين الله ويظهر أنه أبر من الله. هذا ما استنتجه أليهو.
كذلك انتظر أيوب مجازاة مادية لحياة البر، فوجد العكس التجارب والضيقات. ونسى أن المجازاة يمكن أن تكون في الحياة الأخرى، أو بعد حين، أي لن ينال مكافأته عن البر إلا بعد سنينًا كثيرة. وأيضًا نسى أيوب أن المجازاة يمكن أن تكون روحية، بسلام في قلبه وإحساس بوجود الله معه.
ويقول أيوب ماذا أنتفع إذا تخلصت من خطاياى (ع3) بحسب الترجمة اليسوعية، أي لا ينتفع إذا ترك خطاياه وعاش بالبر، والمقصود النفع المادي، وكما قلنا ليس ضروريًا المكافأة المادية، ويمكن أن تكفى المكافأة الروحية.
ع4، 5: يوجه أليهو كلامه لأيوب وكذلك لأصدقائه ويقول لأيوب أنظر إلى السموات والسحاب فتلاحظ الآتي:
أنها أسمى منك فلا تستطيع أن تفهم كل ما فيها، فكيف تفهم الله، الذي هو أسمى منها؟ وكيف تعرف تدابيره وحكمته؟
الله هو خالق السموات وما فيها، فهل تستطيع أنت أن تخلق مثلها؟ إن كنت لا تستطيع فلا تتكلم عن الله الخالق؛ لأنه أسمى منك جدًا.
وكان أليفاز قد قال نفس الكلام لأيوب (أي 22: 12-14).
ع6-8: يبين أليهو لأيوب أنه إن أخطأ، أو أكثر من أخطائه، فهذا لن يؤذى الله، بل خطأ الإنسان يأتي على رأسه، ونتيجته عقاب الإنسان.
أما الله فكامل ولا يتأثر بما يفعله الإنسان. ولذا لا تقول يا أيوب ما فائدة البر، فتسلك أنت في الشر؛ لأن شرك سيأتى على رأسك. والحق يقال أن هذا عتاب زائد لأيوب، الذي عاش في البر طوال حياته؛ ولم يفكر أن يسلك في الشر. ولكنه يناقش قضية أخرى، ويرد على أصدقائه، الذين يقولون له: أن تجاربك بسبب شرك، فيبين أنه عاش بالبر، والتجارب ليست دليلًا على شر الإنسان، بل هي من الله لفائدة الإنسان وتزكيته.
من ناحية أخرى الله لا يستفيد من بر الإنسان، فبر الإنسان يفيد من حوله من البشر، وشر الإنسان يضر أيضًا البشر، الذين مثله وليس الله. بالإضافة إلى أن بر الإنسان يزكيه أمام الله، وشره يؤذيه ويسبب له العقاب الإلهي.
† تأمل في الطبيعة والسماء؛ لتدرك عظمة الله، فتمجده، وتخضع له في كل شيء، فهو يحبك ويدبر لك الخير دائمًا، حتى لو لم تفهمه، أو بدا صعبًا عليك، لكن في النهاية ستستفيد منه.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
9 «مِنْ كَثْرَةِ الْمَظَالِمِ يَصْرُخُونَ. يَسْتَغِيثُونَ مِنْ ذِرَاعِ الأَعِزَّاءِ. 10 وَلَمْ يَقُولُوا: أَيْنَ اللهُ صَانِعِي، مُؤْتِي الأَغَانِيِّ فِي اللَّيْلِ، 11 الَّذِي يُعَلِّمُنَا أَكْثَرَ مِنْ وُحُوشِ الأَرْضِ، وَيَجْعَلُنَا أَحْكَمَ مِنْ طُيُورِ السَّمَاءِ؟ 12 ثَمَّ يَصْرُخُونَ مِنْ كِبْرِيَاءِ الأَشْرَارِ وَلاَ يَسْتَجِيبُ. 13 وَلكِنَّ اللهَ لاَ يَسْمَعُ كَذِبًا، وَالْقَدِيرُ لاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ. 14 فَإِذَا قُلْتَ إِنَّكَ لَسْتَ تَرَاهُ، فَالدَّعْوَى قُدَّامَهُ، فَاصْبِرْ لَهُ. 15 وَأَمَّا الآنَ فَلأَنَّ غَضَبَهُ لاَ يُطَالِبُ، وَلاَ يُبَالِي بِكَثْرَةِ الزَّلاَّتِ، 16 فَغَرَ أَيُّوبُ فَاهُ بِالْبَاطِلِ، وَكَبَّرَ الْكَلاَمَ بِلاَ مَعْرِفَةٍ».
شعر أيوب أن أصدقاءه ظلموه باتهاماتهم الزور، فأجابه أليهو بأن صراخ المظلومين، وخاصة من أساء إليهم، الأقوياء والأعزاء، لا يسمعه أحد، ولا يجدون نجدة وإنقاذًا من هذا الظلم؛ لأنهم لم يصرخوا إلى الله خالقهم وصانعهم، والله قادر أن يعزى قلوبهم براحة وفرح، كما تفعل الأغانى في قلب من يرددها في هدوء الليل، ويعطى أيضًا أولاده أن يسبحوه بترانيم وتسابيح جميلة في الليل، تعزى قلوبهم، مهما كانت الضيقات التي يعانون منها.
فأليهو يدافع عن الله، ويقول أن الله لا يهمل صراخ المظلومين إذا صرخوا إليه، أما إذا توجعوا وتألموا ولم يلتجئوا إليه، فلن يستفيدوا.
إن كان هذا عتاب من أليهو لأيوب، فالحقيقة أن أيوب قد صرخ إلى الله، ولكن أليهو فهم من حوار أيوب مع أصدقائه هذا المعنى الغريب أن الإنسان يصرخ ولا يستجيب الله. أما أيوب فلم يصرخ في الهواء، بل صرخ إلى الله، ولكنه لم ينل تعزية بعد، وهذا لتكمل الضيقة عملها فيه، ولكن فيما بعد سينال بركة عظيمة، كما سيظهر في الأصحاح الأخير من السفر.
ع11: إن الوحوش، أو الطيور عندما تتألم تصرخ، ولكن الإنسان يتميز عن الحيوانات، بأنه يصرخ إلى الله، فهو أحكم منها؛ لأجل روح الله التي فيه.
ويمكن أن يصرخ في صلوات إلى الله، تائبًا عن خطاياه، أو شاكرًا ومسبحًا له.
هذا ما ينبغى أن يفعله الإنسان أن يصرخ إلى الله، ولكن إن لم يفعل فهو يتدنى إلى مستوى الحيوانات، بل يمكن أن تصير الحيوانات أحكم منه، مثل معرفة الثور لقانيه، والحمار لمعلف صاحبه (اش1: 3)، ومثل نشاط النملة الذي يحتاج الإنسان أن يتعلمه منها (أم6: 6).
ع12، 13: يوضح أليهو صورة من صور انحراف صلوات الإنسان، وهي أن يصرخ إلى الله من أجل الضيقات التي تمر به، ولكن ليس باتضاع وتقديم توبة، طالبًا مراحمه، وبالطبع فالله لا يستجيب لصرخاته.
يمكن أيضًا - من أجل كبرياء هذا الإنسان - أن يصرخ، متذمرًا على الله، وأيضًا لا يأخذ هذا شيئًا من الله، من أجل كبريائه وتذمره.
هذه الصرخات إلى الله صرخات كاذبة؛ لأنها لا تعنى الاتضاع، أو التوبة، أو قبول التجربة من الله وشكره عليها، ولذا فالله لا يستجيب لها.
ع14-16: إن أيوب قال أن الله لا يسمعنى ولا يستجيب لى، فعاتبه أليهو هنا وقال له إن دعواك ومشكلتك من يوم صليت هي معروضة أمام الله، ولكن لم يكمل الزمان المناسب لإصدار الحكم فيها، فأصبر وأنتظر حكم الله العادل والحنون.
وطول أناة الله تختار الوقت المناسب لحل المشاكل، كما أنك تنتفع جدًا من طول أناة الله عليك؛ كإنسان خاطئ، فهو لا يغضب عليك بسبب خطاياك، بل يصبر ويعطيك فرصة للتوبة؛ لأنه يحبك. إذن فطول أناة الله خير لك، لأنه لو تسرع وحكم عليك حسبما تريد، فإنه سيعاقبك على كل كلمة شريرة قلتها.
وهكذا نرى أن أليهو الذي استعرض في بداية الأصحاح موضوعات عامة، انتقل هنا في نهاية الأصحاح، ووجه حديثًا مباشرة لأيوب، فهو يبغى منفعته وخلاص نفسه.
ع16:
فغر: فتح.الخلاصة قالها أليهو في نهاية الأصحاح؛ إن حوارات أيوب وكلامه مع أصدقائه. كانت تحوى كلامًا بلا فائدة؛ هو كلام باطل.
† إن كنت تحاسب نفسك، تستطيع أن تحيا حياة التوبة، فتصير صلواتك مقبولة أمام الله، فيستجيب لك ويدبر احتياجاتك؛ لأنك ابنه فإذا أخطأت في حقه أسرع بالرجوع إليه؛ لأنه يحبك وينتظر صلواتك.
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 36 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أيوب 34 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/job/chapter-35.html
تقصير الرابط:
tak.la/rgrjj7x