* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21
الأَصْحَاحُ الثَّامِنُ عَشَرَ
(1) اتهام أيوب بالكبرياء والعناد (ع1-4)
(2) عقاب الأشرار (ع5-21)
1 فَأَجَابَ بِلْدَدُ الشُّوحِيُّ وَقَالَ: 2 «إِلَى مَتَى تَضَعُونَ أَشْرَاكًا لِلْكَلاَمِ؟ تَعَقَّلُوا وَبَعْدُ نَتَكَلَّمُ. 3 لِمَاذَا حُسِبْنَا كَالْبَهِيمَةِ، وَتَنَجَّسْنَا فِي عُيُونِكُمْ؟ 4 يَا أَيُّهَا الْمُفْتَرِسُ نَفْسَهُ فِي غَيْظِهِ، هَلْ لأَجْلِكَ تُخْلَى الأَرْضُ، أَوْ يُزَحْزَحُ الصَّخْرُ مِنْ مَكَانِهِ؟
: جمع شرك، أي فخ، أو مصيدة.
ينتقد بلدد في بداية كلامه الثاني أيوب وصديقيه أليفاز وصوفر، بأن كلامهم غير سليم، وكأنهم يضعون أشراكًا لا تمسك شيئًا أثناء كلامهم، ولا يصلون إلى أية نتيجة.
وسنلاحظ أن بلدد في خطابه الثاني قد ازداد قسوة عن خطابه الأول، مثل صديقه أليفاز. بينما نرى أيوب يزداد ثباتًا في إيمانه وإحساسًا بالله الذي سيعطيه راحة بعد هذه الحياة.
يتهم بلدد أيضًا أيوب وصديقيه بالجهل، ويطلب منهم أن يفكروا بالمنطق حتى يستطيع أن يتفاهم معهم. وهذا معناه أن بلدد لم يفهم شيئًا مما قاله أيوب، ويتهم أيوب وصديقيه بأن كل كلامهم فارغ وبلا معنى.
ع3: يواصل بلدد اتهاماته لأيوب وصديقيه، فيوبخهم بأنهم اعتبروه بلا فهم كالبهيمة؛ مع أن أيوب لم يقل هذا، بل قال لأصدقائه أنهم مخادعين وغير حكماء وقساة.
ع4: عاتب أيوب الله بأنه يفترسه ويصوب سهامه نحوه (أي 16: 9؛ 12)، فيرد عليه بلدد هنا بأنه يفترس نفسه في غضبه، أي أن الله لم يفترس أيوب، بل افترس أيوب نفسه.
ويضيف بلدد في توبيخه لأيوب، فيتهمه بالكبرياء ويقول له: هل نخلى الأرض ونغير قوانين الله، أو نزحزح الصخر من مكانه لأجلك. أى أنه إذا كان من المستحيل تغيير نظام الأرض، أو زحزحة الصخر، كذلك لا يمكن تغيير قوانين الله، التي تقضى بضرورة عقاب الشرير بالمصائب المختلفة. ولكنك يا أيوب ترفض الاقتناع والخضوع لله.
† لا تندفع في حكمك على الآخرين واتهامهم بالخطايا؛ لئلا تكون أنت نفسك ساقطًا في الخطية وحكمك غير سليم. لكن على العكس اتضع وارفع قلبك بالصلاة لله، واخضع لأب اعترافك والمرشدين الروحيين، فتحمى نفسك من الضلال.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
5 «نَعَمْ! نُورُ الأَشْرَارِ يَنْطَفِئُ، وَلاَ يُضِيءُ لَهِيبُ نَارِهِ. 6 النُّورُ يُظْلِمُ فِي خَيْمَتِهِ، وَسِرَاجُهُ فَوْقَهُ يَنْطَفِئُ. 7 تَقْصُرُ خَطَوَاتُ قُوَّتِهِ، وَتَصْرَعُهُ مَشُورَتُهُ. 8 لأَنَّ رِجْلَيْهِ تَدْفَعَانِهِ فِي الْمِصْلاَةِ فَيَمْشِي إِلَى شَبَكَةٍ. 9 يُمْسِكُ الْفَخُّ بِعَقِبِهِ، وَتَتَمَكَّنُ مِنْهُ الشَّرَكُ. 10 مَطْمُورَةٌ فِي الأَرْضِ حِبَالَتُهُ، وَمِصْيَدَتُهُ فِي السَّبِيلِ. 11 تُرْهِبُهُ أَهْوَالٌ مِنْ حَوْلِهِ، وَتَذْعَرُهُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ. 12 تَكُونُ قُوَّتُهُ جَائِعَةً وَالْبَوَارُ مُهَيَّأٌ بِجَانِبِهِ. 13 يَأْكُلُ أَعْضَاءَ جَسَدِهِ. يَأْكُلُ أَعْضَاءَهُ بِكْرُ الْمَوْتِ. 14 يَنْقَطِعُ عَنْ خَيْمَتِهِ، عَنِ اعْتِمَادِهِ، وَيُسَاقُ إِلَى مَلِكِ الأَهْوَالِ. 15 يَسْكُنُ فِي خَيْمَتِهِ مَنْ لَيْسَ لَهُ. يُذَرُّ عَلَى مَرْبِضِهِ كِبْرِيتٌ. 16 مِنْ تَحْتُ تَيْبَسُ أُصُولُهُ، وَمِنْ فَوْقُ يُقْطَعُ فَرْعُهُ. 17 ذِكْرُهُ يَبِيدُ مِنَ الأَرْضِ، وَلاَ اسْمَ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْبَرِّ. 18 يُدْفَعُ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلْمَةِ، وَمِنَ الْمَسْكُونَةِ يُطْرَدُ. 19 لاَ نَسْلَ وَلاَ عَقِبَ لَهُ بَيْنَ شَعْبِهِ، وَلاَ شَارِدَ فِي مَحَالِّهِ. 20 يَتَعَجَّبُ مِنْ يَوْمِهِ الْمُتَأَخِّرُونَ، وَيَقْشَعِرُّ الأَقْدَمُونَ. 21 إِنَّمَا تِلْكَ مَسَاكِنُ فَاعِلِي الشَّرِّ، وَهذَا مَقَامُ مَنْ لاَ يَعْرِفُ اللهَ».
واصل بلدد كلامه القاسى نحو أيوب، معلنًا له مجموعة عقوبات تأتى على الأشرار: 1- انطفاء نوره بمعنى إنه إن كان له نور، أي فضيلة وسلوك حسن ولو قليل، فهو سيزول مثل لهيب نار يضئ، أو سراج معلق في أعلى الخيمة، هذا كله نور مؤقت ولابد أن ينطفئ. هكذا أيضًا نور الأشرار لابد أن ينتهى؛ لأنه ليس نابعًا من قلب نقى، بل هو مظهر خارجي فقط.
وبهذا التوبيخ الذي قدمه بلدد لإظهار عقاب الأشرار يمنع أيوب من الاعتراض على الاتهام الأول المذكور في (ع3، 4).
وكلام بلدد يعنى أن المصائب التي حلت بأيوب حتى يكاد يموت من قسوة المرض، هذا شيء طبيعي لأنه عاقبة الأشرار.
وانطفاء النور لا يعنى فقط زوال الفضيلة والمظهر الحسن، بل يعنى أيضًا فشله في نجاحات الحياة وموته السريع.
حبالته: مصيدة مصنوعة من الحبال تمسك بعقب الحيوان وتلتف حوله وبجذب الحبل يتعلق الحيوان من رجله ويسهل التحكم فيه.
مطمورة: مدفونة.
2- التردد: العقوبة الثانية التي يضيفها بلدد أن الشرير -ويقصد أيوب- يعاقبه الله أيضًا بأنه يكون مترددًا في قرارته. فيقول أن خطواته تصير قصيرة؛ لأنه يخاف أن يتقدم في حياته فلا ينجح ولا يحقق ما يتمناه.
3- تخلى الله عنه: العقوبة الثالثة للشرير هي ترك الله له لأفكاره ومشورته الخاصة، فتبعده عن الله وتسقطه في خطايا ومشاكل بلا حصر. فهو لا يطلب الله ولا ينال إرشاد من أحد فيعانى متاعب كثيرة. وبالطبع كل مشوراته مادية، شهوانية ليس لها علاقة بالله، فلا يحقق هذه الشهوات، وإن حقق شيئًا منها تزول سريعًا، بالإضافة إلى أن الله يلقيه في العذاب الأبدي نتيجة شره ومشوراته الخاطئة. فهكذا تصرعه مشورته أي يتعذب إلى الأبد.
4- سقوطه في مشاكل: العقوبة الرابعة للشرير هي سقوطه في مشاكل لسلوكه الشرير. هذه المشاكل يشبهها بلدد بالمصلاة والتي إن حاول القيام والتخلص منها يعود ويسقط في فخ آخر؛ لأن أفكاره دائمًا ردية، أي أنه لا ينجو من غضب الله، وينتقل من خطية لأخرى، فيندفع بنفسه نحو الشر الذي تعوده. وإن حاول التخلص بعد ذلك من الخطية لا يستطيع؛ لأن قلبه قد تعلق بها، فكأنه يمشى إلى شبكة. ويشبه أيضًا بلدد المشاكل بالحبالة المدفونة والمخبأة في الأرض لاصطياد الحيوانات، فيسقط الشرير في مشاكل مختفية لا يتوقعها، وإن سار في طريقه العادي يتعرض لفخاخ كثيرة.
مما سبق يظهر أن الشيطان يضع فخاخًا كثيرة، بأنواع مختلفة لإسقاط البشر، يسقط فيها بسهولة الأشرار، أما الأبرار فينجيهم الله.
ع11:
5- الخوف: لسقوط الشرير في خطايا كثيرة يفقد سلامه، وعندما يسمع عن مشاكل المحيطين به ينزعج ويرتعب ويشعر أنه سيسقط فيها.
وهو من ناحية أخرى لا يثق فيمن حوله ويظن أن الكل سيسئ إليه. وهو بهذا يشير إلى أيوب الذي أعتبر أصدقاءه ضده. وإذ يحيا في خوف وذعر، يفقد القدرة على الحركة والتقدم، أي أن الخوف يكاد يشله.
وخوف الشرير في حياته هو عربون لخوفه وارتعابه إلى الأبد في العذاب المعد له.
: الخراب والهلاك.
6- الضعف: العقوبة السادسة للشرير هي أن تكون قوته ضعيفة جدًا، ويعبر عنها هنا بأنها جائعة، أي قوة هزيلة لا تستطيع أن تفعل شيئًا. وما يظنه في نفسه قوة يكتشف أنه جائع إليها، أي لا يعتمد عليه.
ولأنه ضعيف فالخراب ينتظره سريعًا، أي لا يستطيع أن يدافع عن ممتلكاته وإن بقيت معه تتلف. والبوار يأكله حتى يفنيه، ويهجم عليه الموت بكل قدراته، أي المرض والفقر وابتعاد الناس عنه. والبكر هو الأقوى وله نصيب ضعفين عن باقي الأبناء. والمقصود ببكر الموت، أن أقوى قدرات الموت تهجم على الشرير لتخربه. وبالطبع يقصد بلدد في كل هذا أيوب وما حدث له من ضيقات.
: الأهوال جمع هول وهو المصيبة الفظيعة ويقصد بملك الأهوال الموت، أو الشيطان.
يذر: ينثر ويُرش.
مربضه: مكان راحته واستقراره ونومه.
7- عدم الاستقرار: العقوبة السابعة للشرير هي أن يفقد مكان سكناه وهي الخيمة هنا، ولا يكون له مكان استقرار، أو أي ممتلكات يعتمد عليها، وبعد أن يتجرد من كل شيء يؤخذ إلى الموت.
ويمكن أن ترمز الخيمة إلى جسد هذا الإنسان الشرير، فانقطاعه عن جسده يكون بموته، ويترك كل ما اعتمد عليه من شهوات مادية. ويجد نفسه في طريق الموت وهو مخيف جدًا للأشرار؛ لأنهم لم يفعلوا الصلاح في حياتهم، فينتظرهم العذاب الأبدي، الذي يفوق كل تخيل في فظاعته.
وحتى مسكن الشرير يسلب منه ويستولى عليه غيره ويسكن فيه. لأن هذا الشرير قد ظلم غيره وامتلك ممتلكات كثيرة بالظلم. وفى النهاية يتعرض للهلاك. ويقصد برش الكبريت على مكان استقراره اشتعال النار في مسكنه وهلاكه، كما حدث مع أهل سدوم وعمورة. ولعل بلدد يشير إلى النار التي أكلت الغنم والغلمان التي لأيوب (أي 1: 16). وقد يقصد بسكن "من ليس له" في خيمته، بسكن الخطية فيه، فالله خلق الإنسان نقيًا والخطية غريبة عنه ولكن لشره سكنت فيه؛ لذلك يساق إلى الموت.
: الأرض، أو اليابسة تمييزًا لها عن البحر.
عقب: أي خلف ويقصد به أبناء يأتون بعد أبيهم ويتحدثون عنه.
شارد: ضال وتائه.
8- فقدان ذكره: العقوبة الثامنة هي نسيان نسبه وعائلته، فلا يكون له اسم معروف بين الناس، خاصة وأنه بانتهاء حياته ينتهى ذكره ونسله أيضًا يهلك، فلا يعود أحد يتكلم عنه.
وإن كان الشرير قد يبس أصله، أي ليس له حياة نقية على الأرض، فتيبس فروعه، أي لا يكون له مكان في الأبدية.
وينتقل الشرير من النور، أي الحياة على الأرض بكل ضجيجها إلى الظلمة، أي الموت ويطرد من المسكونة، أي أن الأرض التي يسكنها البشر تتخلص منه بموته؛ لأنه ملأ الأرض شرًا، فهو غير محبوب من الناس.
ويطرد من المسكونة يقصد بها أيضًا انقطاع تلذذه بالحياة، مثل أن يسقط في المرض، أو القلق، أو الهم، فلا يعود يتذوق حلاوة الدنيا.
والخلاصة لا يكون هناك نسل يذكر اسمه، فينقطع ذكره في الأرض كلها.
ع20، 21: خلاصة القول أن الشرير يعاقب عقوبات كثيرة يتعجب من هولها كل البشر، سواء القدماء، أي الشيوخ الذين عاشوا حتى رأوا حياته، وكذلك المتأخرون أيضًا يتعجبون، وهم النسل الآتي بعده ورأوه في نهاية حياته، أو سمعوا عنه بعد موته.
وهذا التعجب لا يقتصر على عقوبات الشرير في الأرض ولكن يمتد بالأكثر إلى الأبدية، حيث العذاب الدائم.
هذه العقوبات هي المحكوم بها من الله على مساكن الأشرار ومكانتهم في الأرض، فكل هذا لابد أن يبيد ويهلك.
† تأمل نتائج الخطية حتى تبتعد عنها، بل وترفضها بكل ما يتصل بها، فيتكون في داخلك مخافة الله، فتحيا في نقاوة وتتمتع بمحبته.
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 19 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أيوب 17 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/job/chapter-18.html
تقصير الرابط:
tak.la/m3b56x4