* تأملات في كتاب
أيوب: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26
الأَصْحَاحُ الثَّالِثُ
(1) لعن يوم ميلاده (ع1-9)
(2) تمنيه الموت (ع11-19)
(3) ضيقة من حياته المعذبة (ع20-26)
1 بَعْدَ هذَا فَتَحَ أَيُّوبُ فَاهُ وَسَبَّ يَوْمَهُ، 2 وَأَخَذَ أَيُّوبُ يَتَكَلَّمُ فَقَالَ: 3 «لَيْتَهُ هَلَكَ الْيَوْمُ الَّذِي وُلِدْتُ فِيهِ، وَاللَّيْلُ الَّذِي قَالَ: قَدْ حُبِلَ بِرَجُل. 4 لِيَكُنْ ذلِكَ الْيَوْمُ ظَلاَمًا. لاَ يَعْتَنِ بِهِ اللهُ مِنْ فَوْقُ، وَلاَ يُشْرِقْ عَلَيْهِ نَهَارٌ. 5 لِيَمْلِكْهُ الظَّلاَمُ وَظِلُّ الْمَوْتِ. لِيَحُلَّ عَلَيْهِ سَحَابٌ. لِتَرْعَبْهُ كَاسِفَاتُ النَّهَارِ. 6 أَمَّا ذلِكَ اللَّيْلُ فَلْيُمْسِكْهُ الدُّجَى، وَلاَ يَفْرَحْ بَيْنَ أَيَّامِ السَّنَةِ، وَلاَ يَدْخُلَنَّ فِي عَدَدِ الشُّهُورِ. 7 هُوَذَا ذلِكَ اللَّيْلُ لِيَكُنْ عَاقِرًا، لاَ يُسْمَعْ فِيهِ هُتَافٌ. 8 لِيَلْعَنْهُ لاَعِنُو الْيَوْمِ الْمُسْتَعِدُّونَ لإِيقَاظِ التِّنِّينِ. 9 لِتُظْلِمْ نُجُومُ عِشَائِهِ. لِيَنْتَظِرِ النُّورَ وَلاَ يَكُنْ، وَلاَ يَرَ هُدُبَ الصُّبْحِ،
: لعن وشتم.
لعل أيوب قد رأى نظرات الإدانة في أعين أصدقائه، كما سيظهر من كلامهم فيما بعد، وهذا ضايقه جدًا؛ لأنه كان متألمًا جسديًا ونفسيًا وروحيًا. إذ كانت آلامه الجسدية كثيرة، كما ذكرنا في (أي 2: 7)، بالإضافة إلى آلامه النفسية، لفقدانه جميع أبنائه وبناته، وقيام زوجته وأصدقائه عليه. أما آلامه الروحية، فكانت لشعوره بالظلم من الله رغم بره وتقواه.
إن سب أيوب ليوم ميلاده (يومه) يعنى ما يلي:
تناسيه وإنكاره لخيرات الله التي تمتع بها طوال حياته الماضية، وهذا شر وجحود وإنكار لجميل الله.
اعتراضه وتمرده على الله الذي سمح له بهذه الضيقات، ويقصد بها منفعته.
لم يجدف على الله صراحة.
لم يحاول إنهاء حياته بالانتحار.
وقد سقط في هذا الخطأ قديسون آخرون مثل إرميا الذي سب يوم مولده أيضًا (ار20: 14) ولكنه لم يجدف أيضًا على الله.
ولعل أيوب يكون قد بارك وأثنى على يوم مولده أيام رخائه، ولكنه الآن يسب يوم مولده لضيقه الشديد. وهذا بالطبع خطأ من أيوب.
ع3: تمنى أيوب أن يهلك يوم وليلة ميلاده، أي لا يكون بين أيام التاريخ، وهذا معناه ضيق أيوب الشديد من ميلاده في هذه الحياة.
ع4-6: كاسفات النهار: من كسوف الشمس أى تنحجب الشمس ويظلم النهار.
الدجى: سواد الليل.
تمنى أيوب أيضًا أن يكون يوم ميلاده مظلمًا لا تشرق عليه شمس، أي لا يضئ عليه الله من السماء بنور. فيكون هذا اليوم محذوفًا من تاريخ الأرض ومغضوبًا عليه أيضًا من السماء؛ لأن أيوب ولد فيه، واضطر أن يقابل كل هذه الآلام. لأن أيوب شعر وسط آلامه أن نور حياته قد انطفأ وفقد كل لذة للحياة، أي صارت مظلمة في نظره.
لقد تمنى أيوب أن يكون يوم ميلاده مظلمًا، فيغطى نهاره الضباب الكثيف، وتنحجب الشمس بكسوف كامل، بل يصير مرعبًا، كما يقبل الموت على إنسان. أما ليله فيظل أسودًا لا يضيئه القمر أو النجوم، بل تمنى أيوب أن يكون هذا اليوم حزينًا، ويا ليته يحذف من أيام السنة.
ع7: أيضًا اشتاق أيوب أن تكون ليلة ميلاده عاقرة لا تلد أيامًا أخرى بعدها، وتخلو من الهتاف وآلات الطرب وكل مظاهر الفرح، فهي ليلة حزينة جدًا بسبب ميلاده فيها.
ع8: طلب أيضًا أيوب أن يكون يوم ميلاده ملعونًا بين الأيام، بل ليجتمع كل من يلعن يومًا لحدوث تجربة له فيه وكل الندابات اللاتي يرثين لوفاة إنسان في يوم ما، فليأت الكل، وليلعنوا يوم ميلاد أيوب.
وأيضًا صيادى التنين (التمساح)، الذين يحاولون استفزازه بلعنه عندما يصطادونه، إذ كانوا يظنون أن هذا يساعد على إضعافه، فيسهل عليهم اصطياده. ليأت هؤلاء ايضًا ويجتمعوا ليلعنوا يوم ميلاده. بالإضافة إلى أنه كان يوجد اعتقاد بأنه يوجد تنين قادر أن يبتلع الشمس، وكان السحرة يهددون بإيقاظه ليبتلع الشمس. فأيوب يتمنى أن يكون السحرة قد فعلوا هذا في يوم ميلاده ليكون مظلمًا.
ع9: عشائه: أول الظلام من الغروب إلى العشاء.
هدب: طرف، أي بداية.
يؤكد هنا أيضًا طلبه أن يكون يوم ميلاده مظلمًا، فَتُحْجَب فيه نجوم المساء ويختفى أيضًا فجره، أي يظل ظلام ليله مستمرًا ولا يظهر له فجر.
† ليتك تتمنى ألا يولد الشر في حياتك وتبتعد عن أسبابه، فتحيا في نقاوة، وتحفظ نقاوتك بكثرة الصلوات والتأمل والشكر.
← وستجد تفاسير أخرى هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت لمؤلفين آخرين.
10 لأَنَّهُ لَمْ يُغْلِقْ أَبْوَابَ بَطْنِ أُمِّي، وَلَمْ يَسْتُرِ الشَّقَاوَةَ عَنْ عَيْنَيَّ. 11 لِمَ لَمْ أَمُتْ مِنَ الرَّحِمِ؟ عِنْدَمَا خَرَجْتُ مِنَ الْبَطْنِ، لِمَ لَمْ أُسْلِمِ الرُّوحَ؟ 12 لِمَاذَا أَعَانَتْنِي الرُّكَبُ، وَلِمَ الثُّدِيُّ حَتَّى أَرْضَعَ؟ 13 لأَنِّي قَدْ كُنْتُ الآنَ مُضْطَجِعًا سَاكِنًا. حِينَئِذٍ كُنْتُ نِمْتُ مُسْتَرِيحًا 14 مَعَ مُلُوكٍ وَمُشِيرِي الأَرْضِ، الَّذِينَ بَنَوْا أَهْرَامًا لأَنْفُسِهِمْ، 15 أَوْ مَعَ رُؤَسَاءَ لَهُمْ ذَهَبٌ، الْمَالِئِينَ بُيُوتَهُمْ فِضَّةً، 16 أَوْ كَسِقْطٍ مَطْمُورٍ فَلَمْ أَكُنْ، كَأَجِنَّةٍ لَمْ يَرَوْا نُورًا. 17 هُنَاكَ يَكُفُّ الْمُنَافِقُونَ عَنِ الشَّغْبِ، وَهُنَاكَ يَسْتَرِيحُ الْمُتْعَبُون. 18 الأَسْرَى يَطْمَئِنُّونَ جَمِيعًا، لاَ يَسْمَعُونَ صَوْتَ الْمُسَخِّرِ. 19 الصَّغِيرُ كَمَا الْكَبِيرُ هُنَاكَ، وَالْعَبْدُ حُرٌّ مِنْ سَيِّدِهِ.
ع10:
كل تمنيات أيوب ضد يوم ميلاده (ع3-9) كانت بغرض انغلاق بطن أمه عن ميلاده، إما بعدم تكوينه أصلًا في بطنها، أو موتها فلا تلده، أو موته داخل بطنها، وبهذا يتخلص أيوب من آلامه الحالية، أي لا توجد؛ لأنه هو نفسه غير موجود.
ع11، 12: تمنى أيوب أن يموت إما بعد اكتمال نموه كجنين وموته في الرحم، أو موته بعد ولادته مباشرة، أو لو عاش أيامًا قليلة تسنده ركبتا أمه لترضعه بثدييها، وهكذا يموت وهو رضيع؛ لعدم وجود طعام، أو مساندة من أمه، فتنتهي حياته قبل أن يعى شيئًا، وبالتالي لا يقابل أي آلام في حياته.
وتمنى أيوب أن يموت في إحدى هذه المراحل وهي: إما بموته داخل الرحم، أو موته بعد الولادة مباشرة، أو بعد أن ساندته ركبتا أمه، وأخيرًا بعد أن تغذى قليلًا من ثدىَّ أمه. ولأن الخطية هي موت، لذا فمراحل الموت الأربعة هي مراحل سقوط الإنسان في الخطية وهي:
الخطية في القلب (الموت داخل الرحم).
الخطية الفعلية بالكلام، أو بالعمل (الموت بعد الولادة).
التعود على الخطية (الموت على الركب).
النمو في الخطية (الموت بعد الرضاعة).
: مدفون.
يظهر أيوب في هذه الآيات أن موته أفضل من حياته؛ إذ أنه لو كان قد مات كان سيستريح ويضطجع بدون آلام ويستطيع أن ينام بعد أن فارقه النوم وتبتعد عنه الأحلام المزعجة. ويتمنى أيوب الموت لما يلي:
سكوته وراحته مع عظماء الأرض، مثل الملوك، الذين استطاعوا أن يبنوا مقابر عظيمة لهم كالأهرامات الموجودة في مصر.
راحته مع أغنياء الأرض، الذين ماتوا بعد امتلاكهم الذهب الكثير والفضة. فهؤلاء كانوا يدفنون معهم ممتلكاتهم من الفضة والذهب لحفظ كرامتهم، أما أيوب فكان نائمًا على الرماد كفقير، بلا أية ممتلكات ولا كرامة أرضية.
راحته مع الذين ماتوا سقطًا، أي أجنة لم يكتمل نموها وسقطت من رحم الأم، فلم يروا نور العالم، وبالتالي لم يعانوا من آلام الحياة.
بطلان لكلام المنافقين؛ لأنه لم يعد هناك حاجة للنفاق.
راحة للمتعبين من آلام الحياة جميعها.
بطلان كلام الظالمين والساخرين وبالتالي راحة لكل من عانوا من السجن، أو الأسر في حياتهم.
راحة للصغار من تحكم الكبار فيهم، فلا يوجد من يتحكم في أحد، صغيرًا كان أم كبيرًا.
راحة للعبيد من تحكم سادتهم فيه.
†
إذا جاهدت في الموت عن العالم وسحب قلبك من تعلقاته تستطيع حينئذ أن تستريح من كل ظلم، فلا يكون له تأثير عليك وتتخلص من كل اضطراب، فتكون لك كرامة عظيمة من خلال علاقتك العميقة مع الله.
20 «لِمَ يُعْطَى لِشَقِيٍّ نُورٌ، وَحَيَاةٌ لِمُرِّي النَّفْسِ؟ 21 الَّذِينَ يَنْتَظِرُونَ الْمَوْتَ وَلَيْسَ هُوَ، وَيَحْفُرُونَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ مِنَ الْكُنُوزِ، 22 الْمَسْرُورِينَ إِلَى أَنْ يَبْتَهِجُوا، الْفَرِحِينَ عِنْدَمَا يَجِدُونَ قَبْرًا! 23 لِرَجُل قَدْ خَفِيَ عَلَيْهِ طَرِيقُهُ، وَقَدْ سَيَّجَ اللهُ حَوْلَهُ. 24 لأَنَّهُ مِثْلَ خُبْزِي يَأْتِي أَنِينِي، وَمِثْلَ الْمِيَاهِ تَنْسَكِبُ زَفْرَتِي، 25 لأَنِّي ارْتِعَابًا ارْتَعَبْتُ فَأَتَانِي، وَالَّذِي فَزِعْتُ مِنْهُ جَاءَ عَلَيَّ. 26 لَمْ أَطْمَئِنَّ وَلَمْ أَسْكُنْ وَلَمْ أَسْتَرِحْ، وَقَدْ جَاءَ اَلرُّجْزُ».
يتعجب أيوب أن يهبه الله نور يوم جديد، فيحيا ويقاسى الآلام المريرة، والشقاوة في هذه الحياة، أى أنه يتمنى الموت سريعًا؛ ليتخلص من آلامه. فأيوب يطلب الموت باشتياق أكثر ممن يحفر في الأرض بحثًا عن كنز. فذاك يحفر باهتمام مع أنه لا يصل إلى شيء، وأيوب يشتاق للموت ولا يجده. فهو يرى أن سروره وفرحه الكامل يكون إذا وجد طريقه إلى القبر، أي موته. أنه لا يريد الانتحار، ولكنه يتمنى أن يموت بيد الله. وهذا يبين إيمان أيوب، وأيضًا تذمره الشديد، فقد بدأ أيوب هنا يخطئ بشفتيه في هذا الإصحاح، على خلاف ما حدث في الإصحاح الثاني، حيث لم يخطئ بأية كلمة.
: أحاط.
زفرتى: من الزفير ويقصد التنهد.
الزجر: الغضب الشديد.
يظهر أيوب في الآيات التالية أسباب معاناته وهي:
أن أيوب يرى نفسه رجلًا أخفى الله عنه طريقه إلى الموت، فلم يعرفه متى يموت ويخلص من آلامه، بل أحاطه بآلام كثيرة ويريده أن يحيا في هذه الآلام (ع23).
يعبر عن كثرة تنهداته بأنها مستمرة معه مثل طعامه اليومى، وكان يئن ويتنهد أثناء أكله الطعام، مما يجعله يترك الأكل من شدة الألم. ويعبر عن استمرار التنهدات فيشبهها بالمياه المنسكبة، أي المتصلة بلا انقطاع.
كان أيوب حريصًا طوال حياته من الخطأ حتى لا يسقط فيه، بل كان أيضًا يقدم ذبائح عن أولاده؛ لعل أحدهم يكون قد سقط سهوًا في أي خطأ، وبهذا كان يحمى نفسه من نتائج الشر، ولكن للأسف رغم كل حرصه وارتعابه من الشر جاءت عليه كل هذه الآلام (ع25).
لم يتعلق أيوب بالماديات وكان مستمرًا في جهاده الروحي وتمسكه بإرضاء الله، ومع هذا أتى عليه الغضب الإلهي (ع26).
† إن الضيقات التي تمر بك هي بسماح من إلهك الذي يريد خيرك، فلا تتذمر عليه. اطلب معونته، فيسندك وقدر ما تتعود أن تتحدث مع الله في الصلاة يعطيك هدوءًا، فلا تنزعج من الضيقات. والله يستخدم الضيقات وسيلة ليكشف لك عن حكمته وبركاته، فتخرج من الضيقة باختبارات جديدة، وعلاقة أعمق معه ويزداد سلامك وقوتك.
← تفاسير أصحاحات أيوب: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16 | 17 | 18 | 19 | 20 | 21 | 22 | 23 | 24 | 25 | 26 | 27 | 28 | 29 | 30 | 31 | 32 | 33 | 34 | 35 | 36 | 37 | 38 | 39 | 40 | 41 | 42
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير أيوب 4 |
قسم
تفاسير العهد القديم الموسوعة الكنسية لتفسير العهد الجديد: كنيسة مارمرقس بمصر الجديدة |
تفسير أيوب 2 |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/bible/commentary/ar/ot/church-encyclopedia/job/chapter-03.html
تقصير الرابط:
tak.la/jppkx92